█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ قدوم وفد تُجَيب على رسول الله ﷺ ..
قَدِمَ عليه وقد تُجيب ( بطنٌ من كِندة ) ، وهم من السَّكُونِ ، ثلاثة عشر رجلاً قد ساقوا معهم صدقات أموالهم التي فرض الله عليهم ، فَسُرَّ رسول الله ﷺ بهم ، وأكرم منزلهم ، وقالوا يا رسول الله ! سقنا إليك حق الله في أموالنا فقال رسول الله ﷺ ( رُدُّوها ، فَاقْسِمُوها على فُقَرَائِكُم ) قالوا : يا رسول الله ! ما قدمنا عليك إلا بما فَضَل عن فقرائنا ، فقال أبو بكر : يا رسول الله ما وفَدَ مِن العرب بمثل ما وفد به هذا الحي من تُجيب ، فقال رسول الله ﷺ ( إِنَّ الهُدَى بِيَدِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَمَنْ أَرَادَ بِهِ خَيْراً شَرَحَ صَدْرَهُ للإيمَان ) ، وسألوا رسول الله ﷺ أشياء ، فكتب لهم بها ، وجعلوا يسألونه عن القرآن والسنن ، فازداد رسول الله ﷺ بهم رغبة ، وأمر بلالاً أن يُحسن ضيافتهم ، فأقاموا أياماً ، ولم يطيلوا اللبث فقيل لهم : ما يُعجبكم ؟ فقالوا : نرجع إلى من وراءنا فنخبرهم برؤيتنا رسول الله ﷺ وكلامنا إياه ، وما رد علينا ، ثم جاؤوا إلى رسول الله ﷺ يُودِّعُونه ، فأرسل إليهم بلالاً ، فأجازهم بأرفع ما كان يُجيز به الوفود ، قال ﷺ ( هَلْ بَقِيَ مِنْكُمْ أَحَدٌ ؟ ) قالوا : نعم غلام خلفناه على رحالنا هو أحدثنا سناً ، قال ﷺ ( أرسلوه إلينا ) ، فلما رجعوا إلى رحالهم قالوا للغلام : انطلق إلى رسول الله ﷺ فاقض حاجتك منه ، فإنا قد قضينا حوائجنا منه وودعناه ، فأقبل الغلام حتى أتى رسول الله ﷺ فقال : يا رسول الله ! إني امرؤ من بني أبْذى ، يقول : من الرهط الذين أتوك آنفاً ، فقضيت حوائجهم ، فاقض حاجتي يا رسول الله ، قال ﷺ (وما حاجتك؟ ) قالَ : إن حاجتي ليست كحاجة أصحابي ، وإن كانوا قَدِمُوا راغبين في الإسلام ، وساقوا ما ساقوا من صدقاتهم ، وإني والله ما أعملني من بلادي إلا أن تسأل الله عز وجل أن يغفر لي ويرحمني ، وأن يجعل غناي في قلبي ، فقال رسول الله ﷺ وأقبل إلى الغلام ( اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ وارْحَمْهُ ، وَاجْعَلْ غناه في قَلْبِهِ ) ، ثم أمر له بمثل ما أمر به لرجل من أصحابه ، فانطلقوا راجعين إلى أهليهم ، ثم وافوا رسول الله ﷺ في الموسم بمنى سنة عشر ، فقالوا : نحن بنو أبذى ، فقال رسول الله ﷺ ( ما فَعَلَ الغُلامُ الَّذِي أتاني مَعَكُم ؟ ) قالوا : يا رسول الله ! ما رأينا مثله قط ، ولا حُدثنا بأقنع منه بما رزقه الله لو أن الناس اقتسموا الدنيا ما نظر نحوها ولا التفت إليها ، فقال رسول الله ﷺ ( الحَمْدُ للهِ إني لأرْجُو أَنْ يَمُوتَ جَمِيعاً ) ، فقال رجل منهم : أو ليس يموتُ الرجلُ جميعاً يا رسول الله ؟ فقال رسول الله ﷺ ( تَشَعْبُ أَهْوَاؤه وهُمُومُه فِي أَوْدِيَةِ الدُّنْيَا ، فَلَعَلَّ أَجَلَهُ أَنْ يُدرِكَهُ فِي بَعْضٍ تِلْكَ الْأَوْدِيَةِ فلا يُبالي اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَيْها هَلَكَ ) ، قالوا : فعاش ذلك الغلامُ فينا على أفضل حال ، وأزهده في الدنيا ، وأقنعه بما رزق ، فلما توفي رسول الله ﷺ ، ورجع مَنْ رجع من أهل اليمن عن الإسلام ، قام في قومه ، فذكرهم فلم يرجع منهم أحد ، وجعل أبو بكر الصديق يَذْكُره ويسأل عنه حتى بلغه حاله ، وما قام به ، فكتب إلى زياد بن لبيد يوصيه به خيراً . ❝