📘 ❞ اختلاف المفسرين .. أسبابه وضوابطه ❝ كتاب ــ أحمد محمد الشرقاوي

كتب علوم القرآن - 📖 ❞ كتاب اختلاف المفسرين .. أسبابه وضوابطه ❝ ــ أحمد محمد الشرقاوي 📖

█ _ أحمد محمد الشرقاوي 0 حصريا كتاب اختلاف المفسرين أسبابه وضوابطه 2024 وضوابطه: الاختلاف لغة ضد الاتفاق والاختلاف والمخالفة أن يأخذ كل واحد طريقا غير طريق الآخر حاله أو قوله ولقد ذكر بعض العلماء فروقا بين الاختلاف والخلاف ؛ منها الخلاف أعم من الضد لأن ضدين مختلفين وليس والاختلاف يستند إلي دليل أما فإنه لا وفي يكون الطريق مختلفا والمقصود واحدا فكلاهما مختلف وقال بعضهم : يستعمل قول بُني علي فيما عليه والذي أراه قد يراد به التنوع وقد التضاد وكذلك يرد لأحد المعنيين من ذلك الشاعر وليس خلاف جاء معتبرا *** إلا خلافا له حظ النظر أنواعه الاختلاف التفسير: نوعان تنوع وهو المحمود واختلاف تضاد المذموم وفيما يلي بيان : أولا المذموم وقد تعريفه الإتقان بأنه ما يدعو فيه أحد الشيئين إلى فهو لأنه مجال للاختلاف وذلك كاختلاف الفرق الضالة المنحرفة عن أهل السنة والجماعة حيث فسروا القرآن بما يتوافق مع أهوائهم ومعتقداتهم الفاسدة مخالفين بذلك ورد تفاسير وهنا بد الترجيح الآراء لبيان الحق •من هو شائع كالمعتزلة والرافضة وغيرهم •ومنه يعتقد المفسر رأيا مخالفا لرأي فيفسر الكريم وفقا لهذا الرأي ويصرف اللفظ مراده تفسير المعتزلة لقوله تعالى ( وجوه يومئذ ناضرة ربها ناظرة يري استحالة الرؤية الآخرة وبناء رأيهم الباطل فإنهم يؤولون الآيات بتعسف وتكلف وينكرون الأحاديث الصحيحة الصريحة التي تخالف أهواءهم ففسر ) بمعنى نِـعَـم جمع نعمة حتى يصرفون معناه الظاهر الذي يفيد تنعم المؤمنين برؤية رب العالمين فأول المعنى تأويلا غريبا فقالوا { }أي مترقبة ومنتظرة كما تقول أنا فلان ناظر يصنع بي •أيضا اعتماد الموضوعات والإسرائيليات العقل والنقل واعتبارها أصلا التفسير مما يتناقض الصحيح الوارد أيضا مجرد معرفته باللغة والمسارعة بظاهر العربية دون الرجوع أصول وأدواته يؤدي كثرة الغلط • كمن فسر وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها بأن المراد كانت والصحيح الآية " آية أي حجة باهرة ومعجزة ظاهرة بدليل السياق قال وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ نُرْسِلُ تَخْوِيفًا )(1) •ومنها ترك للمعنى وتعويلهم معانٍ أصل لها أدنى صلة بالآيات فعل ابن عربي تفسيره وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلا )(2)قال "واذكر اسم ربك أنت اعرف نفسك ولا تنسها فينسك الله وفي هذا القول الضلال والزيغ يخفي • وتارة غرض صحيح فيطلب دليلا ويستدل عليه يعلم أنه أريد فيحمل النص يحتمل ويتعسف ويتكلف مثاله يرمز القلب القاسي بفرعون فيقول سورة النازعات( اذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ)(3) ويشير قلبه ويوميء وهذا الجنس يستعمله الوعاظ المقاصد الحسنة تحسينا للكلام وترغيبا للمستمع وإثارة ممنوع لمخالفته لظواهر النصوص ومقاصدها •ومن سهل التستري (وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ )(4)حيث نفى الأصيل يدل ظاهر وأثبت معنى آخر ليس دلالة فقال لم الأكل الحقيقة وإنما أراد مساكنة الهمة لغيره ومن أسباب دالا أكثر فهو مشترك لفظي فيصرفه يتناسب كتفسير الكتاب مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَي رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ )(5)علي علما اللوح المحفوظ دَآبَّةٍ الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ) و نفس السورة (وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَسْقُطُ وَرَقَةٍ وَلَا حَبَّةٍ ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ رَطْبٍ يَابِسٍ كِتَابٍ مُّبِينٍ)(6) •ومن الخطأ معرفة اشتقاق الكلمة يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَـئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً )(7)قالوا ينادي إنسان باسم أمه والصواب الإمام الأم قال الزمخشري "بإمامهم بمن ائتموا نبي أومقدم الدين دين بدع التفاسير أم وأن الناس يدعون يوم القيامة بأمهاتهم آبائهم مراعاة لحق عيسى السلام وليت شعري أيهما أبدع ؟ أصحة لفظه بهاء حكمته ‍ ‍‍‍‍‍‍‍‍؟ علاقة بالآية قريب بعيد العرب الضحك بالحيض فقد ذهب فضحكت أي: فحاضت 0 •قال هود وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ )(8) القرطبي: [ مجاهد وعكرمة: حاضت وكانت آيسة تحقيقا للبشارة وأنشد اللغويون : * وإني لآتي العرس عند طهورها وأهجرها يوما إذا تك ضاحكا وضحك الأرانب فوق الصفا كمثل دم الجوف اللقـــــا والعرب ضحكت الأرنب أنكر اللغويين كلام وقال الجمهور: المعروف الحيض اللغة بمستقيم وأنكر الفراء أسمعه ثقة كناية *وقال بن المنير زعم ضحكها حيضها ويبعد التأويل أنها قالت بعد قَالَتْ يَا وَيْلَتَي أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَـذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ * قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ )(9)فلو كان قبل بشارتها لما تعجبت إذ عجب حمل تحيض والحيض العادة علامة إمكان الحمل والرأي المختار إليه جمهور هنا حقيقته وسببه الفرح والتعجب فرحت حين سمعت الملائكة الكرام يخبرون إبراهيم بأمر نجاة لوط آمن معه وهلاك المكذبين المعرضين دعوته وتعجبت حال الهالكين كيف يتمادون ويصرون الانحلال قرب هلاكهم فالأولي بهم يتوبوا فوات الأوان ثانيا المحمود أما التلازم عرفه السيوطي يوافق الجانبين القراءة النوع مفيد فهم وفيه إثراء وله عديدة نذكرها ونورد أمثلة عليها ونبين الضوابط والقواعد نتعامل •أسبابه : 1 التعبير : كأن يعبر مفسر الواحد بعبارات شتى تدور كلها حول تكتمل صورته ويستقر الأذهان يفسر بمعان متنوعة لكنها محور واحد:وبعض بمثال بلازمه •مثال تفسيرهم الأنعاموَذَكِّرْ بِهِ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا دُونِ وَلِيٌّ شَفِيعٌ وَإِن تَعْدِلْ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَا أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُواْ كَسَبُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ كَانُواْ يَكْفُرُونَ )(10) فعن عباس رضي عنهما {أن تبسل} قال: تفضح {أبسلوا} فضحوا وعنه تسلم {أبسلوا كسبوا} أسلموا بجرائرهم وسأله نافع الأزرق له: أخبرني عز وجل تبسل يعني تحبس نفسه كسبت النار وهل تعرف ذلك؟ نعم زهيرا يقول: وفارقتك برهان فكاك الوداع وقلبي مبسل علقا وعن قتادة نفس} تؤخذ فتحبس فكل هذه المعاني الرهن والحبس والفضيحة متلازمة تناقض بينها الأمثلة :اختلافهم الروم فَأَمَّا آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ) الضحاك عنه {في روضة يحبرون}: جنة يكرمون {يحبرون} وعن ينعمون يحيي أبي كثير يحبرون} لذة السماع الجنة الأوزاعي وكل هم السعادة والحبور والتنعم فكلها وكلها يسهل الجمع •ومثال نقله الدر المنثور {وبشر المخبتين} المطمئنين عمرو أوس المخبتون الذين يظلمون واذا ظلموا ينتصروا المتواضعين السدي الوجلين عبد مسعود رأي الربيع خثيم رأيتك ذكرت المخبتين ‏ وكل الصفات والأحوال مجتمعة المخبتين •ومثال للصراط المستقيم بعضهم: بالصراط هاهنا أربعة أقوال أحدها روي طالب مرفوعا والثاني الإسلام قاله وابن والحسن أبو العالية والثالث الهادي رواه صالح وبه والرابع نقل " كتب علوم مجاناً PDF اونلاين لعلوم فوائد عظيمة وآثار إيجابية الفرد والمجتمع معاً فبفضل العلوم مثلا يستطيع المسلم تدبر وفهم آياته واستنباط غاياته ومقاصده وأحكامه وبدون الاطلاع يصعب تكوين كامل وشامل لكتاب لأننا حينها نعرف النزول أحكام النسخ مكامن الإعجاز ومن كذلك التسلح بمعرفتها يساعد محاججة المسلمين ومجادلتهم بالتي هي أحسن والدفاع الشبهات تثار حوله بتنوعها وغناها وبما تشتمل المعارف والفنون اللغوية والكلامية تساهم تطوير ثقافة فتسمو بروحه وتغذي عقله وتهذب ذوقه وترقى سماء العلم وفضاء المعرفة فالقرآن خير الكون والاطلاع علومه بطريقة بأخرى واجب مسلم ومسلمة لذلك فإن القسم يحتوى ومباحث قرآنية عامة تتحدث الكريم) وتدابيره , اسألة واجوبة وتأملات دراسات تهدف الدراسات القرآنية وخدمة الباحثين فيها

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
اختلاف المفسرين .. أسبابه وضوابطه
كتاب

اختلاف المفسرين .. أسبابه وضوابطه

ــ أحمد محمد الشرقاوي

اختلاف المفسرين .. أسبابه وضوابطه
كتاب

اختلاف المفسرين .. أسبابه وضوابطه

ــ أحمد محمد الشرقاوي

عن كتاب اختلاف المفسرين .. أسبابه وضوابطه:

الاختلاف لغة ضد الاتفاق والاختلاف والمخالفة أن يأخذ كل واحد طريقا غير طريق الآخر في حاله أو قوله .
ولقد ذكر بعض العلماء فروقا بين الاختلاف والخلاف ؛ منها أن الخلاف أعم من الضد لأن كل ضدين مختلفين ، وليس كل مختلفين ضدين .
والاختلاف يستند إلي دليل ، أما الخلاف فإنه لا يستند إلي دليل .
وفي الاختلاف يكون الطريق مختلفا والمقصود واحدا ، أما الخلاف فكلاهما مختلف .
وقال بعضهم : الاختلاف يستعمل في قول بُني علي دليل ، والخلاف فيما لا دليل عليه
والذي أراه أن الاختلاف قد يراد به اختلاف التنوع وقد يراد به اختلاف التضاد وكذلك الخلاف قد يرد لأحد المعنيين .
من ذلك قول الشاعر

وليس كل خلاف جاء معتبرا *** إلا خلافا له حظ من النظر
أنواعه

الاختلاف في التفسير: نوعان : اختلاف تنوع وهو الاختلاف المحمود ، واختلاف تضاد وهو المذموم
وفيما يلي بيان ذلك :

أولا : الاختلاف المذموم

وقد جاء تعريفه في الإتقان بأنه ما يدعو فيه أحد الشيئين إلى خلاف الآخر .

فهو اختلاف التضاد لأنه فيما لا مجال فيه للاختلاف وذلك كاختلاف الفرق الضالة المنحرفة عن أهل السنة والجماعة حيث فسروا القرآن بما يتوافق مع أهوائهم ومعتقداتهم الفاسدة ، مخالفين بذلك ما ورد في تفاسير أهل السنة والجماعة ، وهنا لا بد من الترجيح بين الآراء لبيان الحق .

•من ذلك ما هو شائع في تفاسير الفرق الضالة كالمعتزلة والرافضة وغيرهم .

•ومنه أن يعتقد المفسر رأيا مخالفا لرأي أهل السنة والجماعة ، فيفسر القرآن الكريم وفقا لهذا الرأي ويصرف اللفظ عن مراده : من ذلك تفسير بعض المعتزلة لقوله تعالى ( وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة ( حيث يري المعتزلة استحالة الرؤية في الآخرة ، وبناء علي رأيهم الباطل فإنهم يؤولون الآيات بتعسف وتكلف ، وينكرون الأحاديث الصحيحة الصريحة التي تخالف أهواءهم ؛ ففسر بعضهم ( إلى ) بمعنى ( نِـعَـم ) جمع نعمة ، حتى يصرفون اللفظ عن معناه الظاهر الذي يفيد تنعم المؤمنين برؤية رب العالمين في الآخرة . ، ، فأول بعضهم المعنى تأويلا غريبا فقالوا { إلى ربها ناظرة }أي مترقبة ومنتظرة ، كما تقول أنا إلي فلان ناظر ما يصنع بي .

•أيضا من أسبابه اعتماد بعض المفسرين علي الموضوعات والإسرائيليات التي تخالف العقل والنقل واعتبارها أصلا في التفسير مما يتناقض مع الصحيح الوارد في تفسير الآيات .

•ومنه أيضا اعتماد بعضهم علي مجرد معرفته باللغة والمسارعة إلي تفسير القرآن بظاهر العربية دون الرجوع إلي أصول التفسير وأدواته مما يؤدي إلي كثرة الغلط .

• وذلك كمن فسر قوله تعالى ( وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها ( بأن المراد به أن الناقة كانت مبصرة والصحيح في تفسير الآية : " وآتينا ثمود الناقة " آية مبصرة أي حجة باهرة ومعجزة ظاهرة بدليل السياق قال تعالى ( وَمَا مَنَعَنَا أَن نُّرْسِلَ بِالآيَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الأَوَّلُونَ وَآتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُواْ بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالآيَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا )(1)

•ومنها ترك بعضهم للمعنى الظاهر وتعويلهم علي معانٍ لا أصل لها وليس لها أدنى صلة بالآيات كما فعل ابن عربي في تفسيره لقوله تعالى ( وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلا )(2)قال "واذكر اسم ربك الذي هو أنت أي اعرف نفسك ولا تنسها فينسك الله " وفي هذا القول من الضلال والزيغ ما لا يخفي

• وتارة يكون له غرض صحيح فيطلب له دليلا من القرآن ويستدل عليه بما يعلم أنه ما أريد به فيحمل النص ما لا يحتمل ويتعسف ويتكلف في ذلك .
مثاله : من يرمز إلى القلب القاسي بفرعون ، فيقول قال الله تعالى في سورة النازعات( اذْهَبْ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ)(3) ويشير إلي قلبه ويوميء إلى أنه المراد بفرعون وهذا الجنس قد يستعمله بعض الوعاظ في المقاصد الحسنة تحسينا للكلام وترغيبا للمستمع وإثارة له وهو ممنوع لمخالفته لظواهر النصوص ومقاصدها .

•ومن ذلك أيضا ما ورد في تفسير سهل التستري في تفسير قوله تعالى (وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ )(4)حيث نفى المعنى الأصيل الذي يدل عليه ظاهر النص وأثبت معنى آخر ليس في النص أي دلالة عليه فقال : " لم يرد الله معنى الأكل في الحقيقة ، وإنما أراد معنى مساكنة الهمة لغيره " .

• ومن أسباب الخلاف أيضا أن يكون اللفظ دالا على أكثر من معنى في الحقيقة فهو مشترك لفظي ، فيصرفه المفسر عن المعنى الذي يدل عليه السياق إلى معنى آخر لا يتناسب مع السياق : وذلك كتفسير الكتاب في قوله تعالى ( مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَي رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ )(5)علي أنه القرآن الكريم علما بأن السياق في اللوح المحفوظ ( وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَي رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ )
و بدليل قوله تعالى في نفس السورة (وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ)(6)

•ومن أسباب الخلاف أيضا : الخطأ في معرفة اشتقاق الكلمة : وذلك كتفسير بعضهم لقوله تعالى ( يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُوْلَـئِكَ يَقْرَؤُونَ كِتَابَهُمْ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً )(7)قالوا ينادي علي كل إنسان باسم أمه . والصواب أنه الإمام وليس الأم .
قال الزمخشري في تفسيره : "بإمامهم بمن ائتموا به من نبي أومقدم في الدين أو كتاب أو دين ... ومن بدع التفاسير : أن الإمام جمع أم وأن الناس يدعون يوم القيامة بأمهاتهم دون آبائهم مراعاة لحق عيسى عليه السلام وليت شعري أيهما أبدع ؟ أصحة لفظه أم بهاء حكمته ‍ ‍‍‍‍‍‍‍‍؟ " .

•أيضا من أسباب الخلاف : ترك المعنى الظاهر إلى معنى آخر لا علاقة له بالآية من قريب أو من بعيد ، وليس له أصل صحيح في لغة العرب : من ذلك تفسير الضحك بالحيض فقد ذهب بعض العلماء إلى أن معنى ( فضحكت ) أي: ( فحاضت ) 0

•قال تعالى في سورة هود ( وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَقَ يَعْقُوبَ )(8) قال القرطبي: [ قال مجاهد وعكرمة: حاضت وكانت آيسة ، تحقيقا للبشارة وأنشد علي ذلك اللغويون :

* وإني لآتي العرس عند طهورها *** وأهجرها يوما إذا تك ضاحكا
وضحك الأرانب فوق الصفا *** كمثل دم الجوف اللقـــــا

والعرب تقول ضحكت الأرنب إذا حاضت ، وقد أنكر بعض اللغويين أن يكون في كلام العرب ضحكت بمعنى حاضت ، وقال الجمهور: الضحك المعروف ، وليس الضحك الحيض في اللغة بمستقيم وأنكر الفراء ذلك وقال لم أسمعه من ثقة ، وإنما هو كناية

*وقال الإمام أحمد بن المنير وهو يرد علي من زعم أن ضحكها بمعنى حيضها : ويبعد هذا التأويل أنها قالت بعد ( قَالَتْ يَا وَيْلَتَي أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَـذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ * قَالُواْ أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ رَحْمَتُ اللّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ )(9)فلو كان حيضها قبل بشارتها لما تعجبت إذ لا عجب في حمل من تحيض والحيض في العادة علامة على إمكان الحمل
والرأي المختار في تفسير ( فضحكت ) هو ما ذهب إليه جمهور المفسرين : أن الضحك هنا علي حقيقته ، وسببه الفرح والتعجب ، فرحت حين سمعت الملائكة الكرام يخبرون إبراهيم ( بأمر نجاة لوط ) ومن آمن معه وهلاك المكذبين به المعرضين عن دعوته وتعجبت من حال الهالكين ، كيف يتمادون في الضلال ويصرون علي الانحلال مع قرب هلاكهم ؛ فالأولي بهم أن يتوبوا إلي الله قبل فوات الأوان 0 .
ثانيا : الاختلاف المحمود

أما الاختلاف المحمود : فهو اختلاف التنوع أو التلازم وهو كما عرفه السيوطي في الإتقان : هو ما يوافق الجانبين كاختلاف وجوه القراءة وهذا النوع من الاختلاف مفيد في فهم المعنى وفيه إثراء له .

وله أسباب عديدة : نذكرها ونورد أمثلة عليها ونبين الضوابط والقواعد التي نتعامل بها .

•أسبابه :

1- اختلاف التعبير :

كأن يعبر كل مفسر عن المعنى الواحد بعبارات شتى تدور كلها حول هذا المعنى ، أو تكتمل بها صورته ويستقر المعنى في الأذهان ، أو أن يفسر بعضهم اللفظ بمعان متنوعة لكنها تدور في محور واحد:وبعض المفسرين قد يفسر المعنى بمثال عليه أو بلازمه .

•مثال ذلك تفسيرهم لقوله تعالى في سورة الأنعاموَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللّهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَا أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُواْ بِمَا كَسَبُواْ لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُواْ يَكْفُرُونَ )(10) فعن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله {أن تبسل} قال: تفضح. وفي قوله {أبسلوا} قال: فضحوا.وعنه في قوله {أن تبسل} قال: تسلم. وفي قوله {أبسلوا بما كسبوا} قال: أسلموا بجرائرهم.
وسأله نافع بن الأزرق : فقال له: أخبرني عن قوله عز وجل ( أن تبسل نفس ) ؟ قال: يعني أن تحبس نفسه بما كسبت في النار. قال: وهل تعرف العرب ذلك؟ قال: نعم، أما سمعت زهيرا وهو يقول:

وفارقتك برهان لا فكاك له يوم الوداع وقلبي مبسل علقا .
وعن قتادة في قوله {أن تبسل نفس} قال: تؤخذ فتحبس .
فكل هذه المعاني الرهن والحبس والفضيحة متلازمة لا تناقض بينها .

•ومن الأمثلة أيضا :اختلافهم في معنى قوله تعالى في سورة الروم ( فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ) فعن الضحاك رضي الله عنه قال {في روضة يحبرون}: في جنة يكرمون.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال {يحبرون} : يكرمون .وعن مجاهد رضي الله عنه قال: ينعمون.وعن يحيي بن أبي كثير قال: {في روضة يحبرون} أي لذة السماع في الجنة. وعن الأوزاعي قال {في روضة يحبرون} هو السماع .
وكل هذه المعاني بيان لما هم فيه من السعادة والحبور والتنعم فكلها تدور حول معنى واحد وكلها متنوعة لا تناقض بينها حيث يسهل الجمع بينها .

•ومثال ذلك أيضا : ما نقله السيوطي في الدر المنثور " عن مجاهد في قوله {وبشر المخبتين} قال: المطمئنين ، وعن عمرو بن أوس {وبشر المخبتين} قال: المخبتون، الذين لا يظلمون الناس، واذا ظلموا لم ينتصروا. وعن الضحاك رضي الله عنه {وبشر المخبتين} قال: المتواضعين.وعن السدي رضي الله عنه {وبشر المخبتين} قال: الوجلين. وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أنه كان إذا رأي الربيع بن خثيم قال: {وبشر المخبتين} وقال له: ما رأيتك إلا ذكرت المخبتين.‏
وكل هذه الصفات والأحوال مجتمعة في المخبتين

•ومثال ذلك أيضا : تفسيرهم للصراط المستقيم فقال بعضهم: " وفي المراد بالصراط هاهنا أربعة أقوال أحدها : أنه كتاب الله روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه مرفوعا .

والثاني أنه دين الإسلام قاله ابن مسعود وابن عباس والحسن و أبو العالية .
والثالث أنه الطريق الهادي إلي دين الله رواه أبو صالح عن ابن عباس وبه قال مجاهد .
والرابع أنه طريق الجنة نقل عن ابن عباس أيضا ."


الترتيب:

#2K

0 مشاهدة هذا اليوم

#27K

22 مشاهدة هذا الشهر

#31K

8K إجمالي المشاهدات
المتجر أماكن الشراء
أحمد محمد الشرقاوي ✍️ المؤلف
مناقشات ومراجعات
QR Code
أماكن الشراء: عفواً ، لا يوجد روابط مُسجّلة حاليا لشراء الكتاب من المتاجر الإلكترونية
نتيجة البحث