📘 ❞ عمرو بن العاص الأمير المجاهد ❝ كتاب ــ منير محمد الغضبان اصدار 1999

كتب السير و المذكرات - 📖 ❞ كتاب عمرو بن العاص الأمير المجاهد ❝ ــ منير محمد الغضبان 📖

█ _ منير محمد الغضبان 1999 حصريا كتاب عمرو بن العاص الأمير المجاهد 2024 المجاهد: السهمي القرشي الكناني (47 ق هـ أو 45 575م 577م 43 664م) صحابي وقائد عسكري مسلم وأحد القادة الأربعة الفتح الإسلامي للشام لمصر وأول والٍ مصر بعد فتحها كان من سادة قريش الجاهلية فأبوه هو وائل وكان يحترف التجارة فقد كان يسافر بتجارته إلى الشام واليمن ومصر والحبشة كما فرسان أرسلته أصحمة النجاشي ملك الحبشة ليرد عليهم هاجر المسلمين بلاده حضر غزوة بدر مع ضد ثم أحد الخندق ولمّا عادت مكة صلح الحديبية ذهب عند فوجده اعتنق الإسلام فاعتنق هناك يد السنة الثامنة للهجرة أخذ سفينة متجهًا المدينة المنورة فالتقى الطريق بخالد الوليد وعثمان طلحة فدخل ثلاثتهم صفر عام 8 معلنين إسلامهم وحينها قال الرسول: "إن قد ألقت إلينا أفلاذ كبدها" بعد إسلامه أرسله النبي سرية ذات السلاسل جمادي الآخرة سنة أخرى لهدم صنم سواع رمضان فتح وفي شهر ذي الحجة بعثه ملكي عمان جيفر وعباد ابني الجلندي بكتاب يدعوهما وبعد عيَّنه واليًا الزكاة والصدقات بها وظل سنتين تقريبًا حتى وفاة استعمله أبو بكر قائدًا عسكريًا حروب الردة وجَّهه لفتح فلسطين رأس ستة سبعة آلاف مقاتل فبدأ المناوشات والتقى تحت قيادة خالد معركة أجنادين وشارك فحل وحصار دمشق الميمنة اليرموك سبسطية ونابلس واللد ونواحيها ويبنى وعمواس وبيت جبرين هبط جنوبًا ففتح رفح وعسقلان غزة عهد أبي وحاصر قيسارية وبدأ حصار بيت المقدس انضم إليه عبيدة الجراح فأصبح ولما أُصيب طاعون عمواس استخلفه عرض الخليفة عمر الخطاب وطلب السماح له بالمسير إليها فسار العريش وصل الفرما سار بلبيس وفتح خلال سيره سنهور وتنيس عُمر المدد فأرسل فرقة بقيادة الزبير العوام سيطروا إقليم الفيوم وعسكر عين شمس جرت حصن بابليون سقط أيديهم 21 ربيع الآخر 20 وأعطى أهل الأمان الإسكندرية وحاصرها وانتهى باتفاق وخرج منها البيزنطيون 1 محرم أهلها وأصبح أوّل وأنشأ مدينة الفسطاط وبنى فيها أول جامعٍ عُرف باسمه لاحقًا عزله عثمان عفان عن ولايةِ 24 مقتل طالب بالثأر لدمه صف معاوية سفيان قادة قواته وقعة صفين وممثل طرف التحكيم المعركة وتولى ولاية مرة توفي ليلة عيد الفطر وله العمر ثمانية وثمانون عاماً ودفن قرب المقطم بالدهاء والذكاء والفطنة قبل وبعده وُصف بأدهى العرب "داهية العرب" اشتهر ببلاغته وفصاحته ورصانة شعره الخطب الكثير وروى عدداً قليلاً الأحاديث النبوية تبلغ حوالي أربعين حديثًا عزله توفي الخلافة 23 عيّن عبد الله سعد السرح خراج بقاء الجيش والإدارة فاختلف وعبد فكتب يقول: «إن عمرا كسر الخراج» وكتب عمرو: حيلة الحرب» أن ينصرف وجعل واختلف المؤرخون عزل فيعتقد البعض أنها بداية خلافة بينما ابن الأثير 26 وقال الطبري أنه اعتزل 27 مقتل وموقعة صفين منمنمة فارسية تصور عاد وقيل بل بفلسطين قصره المسمى (العجلان) قُتِل 18 35 خرج متوجها نحو وقال: «والله يا ما يقيم فيدركه قتل هذا الرجل إلا ضربه عز وجل بذل لم يستطع نصره فليهرب» وسار معه ابناه ومحمد بعده حسان ثابت ووصل وبايع 36 وامتنع وأهل بيعة علي وقالوا لا نبايع يقتص قتلة موقعة الجمل بعث جرير البجلي يدعوه للبيعة فاستشار ورؤوس فأبوا البيعة فاستعد لغزو وأخذ يستنفر الجند وجهز جيشًا بالنخيلة بالقرب الكوفة وعندما علم بتحرك جيش العراق جمع مستشاريه أعيان فبايعوا الطلب بدم والقتال وقد قام بتجهيز وعقد الألوية وقام خطيباً يحرضهم فقال: فرقوا جمعهم وأوهنوا شوكتهم وفلوا حدهم إن البصرة مخالفون لعلي وترهم وقتلهم تفانت صناديدهم وصناديد يوم وإنما شرذمة قليلة ومنهم خليفتكم فالله حقكم تضيعوه دمكم تبطلوه » وساروا خيول كلها واستمر القتال شهرًا وما دخل المحرم بادر الفريقان الموادعة والهدنة طمعاً الصلح عادت الحرب كانت عليه واشتد بين الطرفين تقدم البداية رأى عمار ياسر تقهقر وأصحابه وتقدم خصومه يستحثهم وتوجه النصر لأهل معاوية: «لئن نحن التقينا غدًا لتميلن الروم ذرارينا ونسائنا ولتميلن فارس وذراريهم يبصر ذوو الأحلام والنهى لأصحابه: «اربطوا المصاحف أطراف القنا» اقترح ربط القنا إشارة لتحكيم القرآن وقَبِل وقف ووافق ورجع وعلّق آمالاً إزالة الخلاف «أنا أولى بذلك» التحكيم اتفق فوكل حكمًا عنده ووكل أبا موسى الأشعري مقر اجتماع الحكمين دومة الجندل 37 الموافق 658م جاء قصة العديد الروايات التي يختلف عليها والجماعة والشيعة فالعديد هذه يعتقد إما ضعيفة موضوعة؛ والعكس أيضًا ذكر تاريخه نص الوثيقة: العاص بسم الرحمن الرحيم هذا تَقاضى عليُّ ومعاوية سفيان؛ قاضى عليٌّ ومَن معهم مِن شيعتهم المؤمنين والمسلمين وقاضى إنَّا نَنزل حكم وكتابه ولا يجمع بيننا غيرُه وإنَّ فاتحته خاتمته نُحيي أحيا ونُميتُ أمات فما وجد الحكَمانِ وهما عبدالله قيس وعمرو عمِلَا به يجِدا فالسنَّة العادلة الجامعة غير المفرِّقة وأخذ الحَكَمان عليٍّ ومن الجندين العهود والميثاق والثقة الناس أنهما آمنانِ أنفسهما وأهلهما والأمَّة لهما أنصار الذي يتقاضيان وعلى الطائفتين كلتيهما عهدُ وميثاقه الصحيفة وأنْ وجبت قضيتهما المؤمنين؛ فإن الأمن والاستقامة ووضع السلاح بينهم أينما ساروا أنفسهم وأهليهم وأموالهم وشاهدهم وغائبهم يَحكما الأمَّة يردَّاها حرب فُرقة يعصيا وأجل القضاء وإن أحبَّا يؤخِّرا ذلك أخَّراه تراضٍ منهما وإن توفِّي أحَد الحكَمينِ فإنَّ أمير الشيعة يختار مكانه يألو المعدلة والقسط مكان يقضيان فيه عدلٌ الشام؛ رضيا وأحبَّا فلا يَحضرهما إلَّا أرادا ويأخذ الشهود ثم يكتبان شهادتهما وهم أنصارٌ مَن ترك وأراد إلحادًا وظلمًا اللهمَّ إنَّا نستنصرك العاص وذكر عساكر الوثيقة أُعلنت شعبان 38 659م فاجتمع إليهما ويروي بينهما كلامًا السر خالفه فقدم فتكلم وخلع عليًا تكلم فخلع وأثبت فتفرق الحكمان بايع القعدة علق القصة كثير الدمشقي «هذا يصح سند يرويه يوثق بروايته الإخباريين التالفين أمثال مخنف لوط يحيى» إسماعيل البخاري التاريخ الكبير رواية تخالف وتذكر وعمرًا اتفقا خلع وأن يعهدا بأمر الصحابة الذين توفى وهو راضٍ عنهم فروى حضين المنذر قال: لما أي فضرب فسطاطه قريبًا فسطاط فبلغ نبأه «إنه بلغني كذا وكذا فاذهب فانظر عنه فأتيته فقلت: أخبرني الأمر وليت أنت وأبو كيف صنعتما فيه؟ قالوا والله ولكن قلت لأبي موسى: ترى الأمر؟ أرى النفر رسول صلى وسلم قلت: فأين تجعلني أنا ومعاوية؟ يستعن بكما ففيكما معونة» يجلي الغامض ويظهر الحقائق حول الشخصية العظيمة, إنه العاص؛ واحد أساتذة التربية الإيمانية الوجود, ميزان الفاتحين بحيث يذكر عظام الأمة ويكون واحدًا منهم, البطولة والعبقرية الحربية حيث الامتداد الجغرافي يكاد يكون الفاتح الأول , حين يوضع عباقرة الحكم يضارعه الخلفاء الراشدين وحين الدهاة فهو الكبار دوخوا العالم بدهائهم وعبقريتهم وسخَّروا كله لنصرة الدين العظيم, رجال المبادئ أكبر البشرية تحويل واقع عملي وتطبيقها الأرض نموذجًا حيًّا للأجيال المتعاقبة لله دره جنديًّا مؤمنًا مدرسة الخالدين كتب السير المذكرات مجاناً PDF اونلاين هى تلك كتبها أصحابها أشخاص آخرون تجارب شخصيات رسمت وأسست قواعد هامة حياتنا تستوجب القراءة والتفكّر

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
عمرو بن العاص الأمير المجاهد
كتاب

عمرو بن العاص الأمير المجاهد

ــ منير محمد الغضبان

صدر 1999م
عمرو بن العاص الأمير المجاهد
كتاب

عمرو بن العاص الأمير المجاهد

ــ منير محمد الغضبان

صدر 1999م
عن كتاب عمرو بن العاص الأمير المجاهد:
عمرو بن العاص السهمي القرشي الكناني (47 ق هـ أو 45 ق هـ / 575م أو 577م - 43 هـ / 664م)، صحابي وقائد عسكري مسلم، وأحد القادة الأربعة في الفتح الإسلامي للشام، وقائد الفتح الإسلامي لمصر، وأول والٍ مسلم على مصر بعد فتحها.

كان عمرو من سادة قريش في الجاهلية، فأبوه هو العاص بن وائل السهمي، وكان يحترف التجارة، فقد كان يسافر بتجارته إلى الشام واليمن ومصر والحبشة. كما كان من فرسان قريش. أرسلته قريش إلى أصحمة النجاشي ملك الحبشة ليرد عليهم من هاجر من المسلمين إلى بلاده. حضر عمرو بن العاص غزوة بدر مع قريش ضد المسلمين، ثم حضر غزوة أحد، ثم غزوة الخندق. ولمّا عادت قريش إلى مكة بعد صلح الحديبية ذهب إلى الحبشة عند أصحمة النجاشي، فوجده اعتنق الإسلام، فاعتنق الإسلام هناك على يد النجاشي في السنة الثامنة للهجرة، ثم أخذ سفينة متجهًا إلى المدينة المنورة، فالتقى في الطريق بخالد بن الوليد وعثمان بن طلحة، فدخل ثلاثتهم المدينة المنورة في صفر عام 8 هـ معلنين إسلامهم. وحينها قال الرسول: "إن مكة قد ألقت إلينا أفلاذ كبدها".

بعد إسلامه أرسله النبي في سرية إلى ذات السلاسل في جمادي الآخرة سنة 8 هـ، ثم في سرية أخرى لهدم صنم سواع في رمضان سنة 8 هـ، بعد فتح مكة. وفي شهر ذي الحجة سنة 8 هـ، بعثه النبي إلى ملكي عمان جيفر وعباد ابني الجلندي بكتاب يدعوهما إلى الإسلام، وبعد إسلامهم عيَّنه النبي واليًا على الزكاة والصدقات بها، وظل هناك سنتين تقريبًا حتى وفاة النبي.

استعمله أبو بكر قائدًا عسكريًا في حروب الردة، ثم وجَّهه لفتح فلسطين على رأس ستة أو سبعة آلاف مقاتل. فبدأ المناوشات في فلسطين، والتقى تحت قيادة خالد بن الوليد في معركة أجنادين، وشارك في معركة فحل وحصار دمشق، وكان على رأس الميمنة في معركة اليرموك. ثم فتح سبسطية ونابلس، واللد ونواحيها ويبنى وعمواس وبيت جبرين، ثم هبط جنوبًا ففتح رفح، وعسقلان، وكان قد فتح غزة في عهد أبي بكر، وحاصر قيسارية، وبدأ حصار بيت المقدس ثم انضم إليه أبو عبيدة بن الجراح، فأصبح تحت قيادة أبي عبيدة. ولما أُصيب أبو عبيدة في طاعون عمواس استخلفه على الشام.

عرض عمرو على الخليفة عمر بن الخطاب فتح مصر وطلب السماح له بالمسير إليها، فسار إليها ففتح العريش، حتى وصل إلى الفرما، ثم سار إلى بلبيس، وفتح خلال سيره سنهور وتنيس. وطلب من عُمر المدد فأرسل له فرقة بقيادة الزبير بن العوام، ثم سيطروا على إقليم الفيوم. وعسكر في عين شمس، جرت معركة عين شمس، وحاصر حصن بابليون حتى سقط في أيديهم في 21 ربيع الآخر 20 هـ، وأعطى أهل مصر الأمان. ثم ذهب لفتح الإسكندرية، وحاصرها وانتهى باتفاق صلح، وخرج منها البيزنطيون في 1 محرم 21 هـ، وأعطى أهلها الأمان. وأصبح عمرو أوّل والٍ مسلم على مصر، وأنشأ مدينة الفسطاط، وبنى فيها أول جامعٍ في مصر عُرف باسمه لاحقًا.

عزله الخليفة عثمان بن عفان عن ولايةِ مصر سنة 24 هـ، وبعد مقتل عثمان طالب بالثأر لدمه، وكان في صف معاوية بن أبي سفيان، وأحد قادة قواته في وقعة صفين، وممثل طرف معاوية في التحكيم بعد المعركة. وتولى ولاية مصر مرة أخرى في عهد معاوية. توفي ليلة عيد الفطر سنة 43 هـ في مصر وله من العمر ثمانية وثمانون عاماً، ودفن قرب المقطم. عُرف عمرو بالدهاء والذكاء والفطنة قبل الإسلام وبعده، حتى وُصف بأدهى العرب أو "داهية العرب". كما اشتهر عمرو ببلاغته وفصاحته، ورصانة شعره، وله من الخطب الكثير. وروى عدداً قليلاً من الأحاديث النبوية تبلغ حوالي أربعين حديثًا.

عزله
توفي عمر بن الخطاب، وتولى عثمان بن عفان الخلافة في ذي الحجة 23 هـ، وفي سنة 24 هـ عيّن عثمان عبد الله بن سعد بن أبي السرح على خراج مصر، مع بقاء عمرو على الجيش والإدارة في مصر، فاختلف عمرو وعبد الله، فكتب عبد الله بن سعد إلى عثمان يقول: «إن عمرا كسر الخراج»، وكتب عمرو: «إن عبد الله كسر على حيلة الحرب»، فكتب عثمان إلى عمرو أن ينصرف، وجعل عبد الله بن سعد واليًا لمصر. واختلف المؤرخون في سنة عزل عمرو، فيعتقد البعض أنها في سنة 24 هـ في بداية خلافة عثمان، بينما قال ابن الأثير أن عزل عمرو بن العاص كان سنة 26 هـ. وقال الطبري أنه اعتزل سنة 27 هـ.

مقتل عثمان وموقعة صفين

منمنمة فارسية تصور معركة صفين.
عاد عمرو إلى المدينة المنورة، وقيل بل اعتزل بفلسطين في قصره المسمى (العجلان). ولمّا قُتِل عثمان بن عفان في 18 ذي الحجة سنة 35 هـ، خرج عمرو بن العاص من المدينة متوجها نحو الشام وقال: «والله يا أهل المدينة ما يقيم بها أحد فيدركه قتل هذا الرجل إلا ضربه الله عز وجل بذل من لم يستطع نصره فليهرب» فسار وسار معه ابناه عبد الله ومحمد وخرج بعده حسان بن ثابت. ووصل إلى دمشق وبايع عمرو بن العاص معاوية بن أبي سفيان سنة 36 هـ. وامتنع معاوية وأهل الشام عن بيعة علي بن أبي طالب، وقالوا لا نبايع حتى يقتص من قتلة عثمان. وبعد موقعة الجمل بعث علي بن أبي طالب جرير بن عبد الله البجلي إلى معاوية يدعوه للبيعة، فاستشار معاوية عمرو بن العاص ورؤوس أهل الشام، فأبوا البيعة حتى يقتص من قتلة عثمان. فاستعد علي لغزو الشام، وأخذ يستنفر الجند، وجهز جيشًا وعسكر بالنخيلة بالقرب من الكوفة، وعندما علم معاوية بتحرك جيش العراق نحو الشام، جمع مستشاريه من أعيان أهل الشام، فبايعوا معاوية على الطلب بدم عثمان والقتال، وقد قام عمرو بن العاص بتجهيز الجيش، وعقد الألوية، وقام في الجيش خطيباً يحرضهم، فقال: «إن أهل العراق قد فرقوا جمعهم وأوهنوا شوكتهم، وفلوا حدهم، ثم إن أهل البصرة مخالفون لعلي قد وترهم وقتلهم، وقد تفانت صناديدهم وصناديد أهل الكوفة يوم الجمل، وإنما سار في شرذمة قليلة ومنهم من قد قتل خليفتكم، فالله الله في حقكم أن تضيعوه وفي دمكم أن تبطلوه.» وساروا إلى صفين، وكان عمرو بن العاص على خيول أهل الشام كلها. واستمر القتال شهرًا في صفين. وما إن دخل شهر المحرم، حتى بادر الفريقان إلى الموادعة والهدنة طمعاً في الصلح.

عادت الحرب على ما كانت عليه، واشتد القتال بين الطرفين، تقدم جيش معاوية في البداية، ولما رأى عمار بن ياسر تقهقر جيش علي وأصحابه، وتقدم خصومه، أخذ يستحثهم، حتى قُتِل، وتوجه النصر لأهل العراق على أهل الشام. وقال معاوية: «لئن نحن التقينا غدًا لتميلن الروم على ذرارينا ونسائنا، ولتميلن أهل فارس على أهل العراق وذراريهم، وإنما يبصر هذا ذوو الأحلام والنهى،» ثم قال لأصحابه: «اربطوا المصاحف على أطراف القنا». وقيل أن عمرو بن العاص هو من اقترح ربط المصاحف على أطراف القنا، في إشارة لتحكيم القرآن بين الطرفين. وقَبِل علي بن أبي طالب وقف القتال في صفين، ووافق على التحكيم، ورجع إلى الكوفة، وعلّق على التحكيم آمالاً في إزالة الخلاف، وقال: «أنا أولى بذلك».

التحكيم
اتفق الفريقان على التحكيم، فوكل معاوية عمرو بن العاص حكمًا من عنده، ووكل علي أبا موسى الأشعري حكمًا من عنده، وكان مقر اجتماع الحكمين في دومة الجندل في رمضان سنة 37 هـ الموافق 658م. وقد جاء في قصة التحكيم العديد من الروايات التي يختلف عليها أهل السنة والجماعة والشيعة، فالعديد من هذه الروايات يعتقد أهل السنة أنها إما ضعيفة أو موضوعة؛ والعكس أيضًا. وقد ذكر محمد بن جرير الطبري في تاريخه نص الوثيقة:

عمرو بن العاص بسم الله الرحمن الرحيم
هذا ما تَقاضى عليه عليُّ بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان؛ قاضى عليٌّ على أهل الكوفة ومَن معهم مِن شيعتهم من المؤمنين والمسلمين، وقاضى معاوية على أهل الشام ومَن كان معهم من المؤمنين والمسلمين.

إنَّا نَنزل عند حكم الله عز وجل وكتابه، ولا يجمع بيننا غيرُه.
وإنَّ كتاب الله عز وجل بيننا من فاتحته إلى خاتمته، نُحيي ما أحيا، ونُميتُ ما أمات، فما وجد الحكَمانِ في كتاب الله عز وجل - وهما أبو موسى الأشعري عبدالله بن قيس، وعمرو بن العاص القرشي - عمِلَا به، وما لم يجِدا في كتاب الله عز وجل فالسنَّة العادلة الجامعة غير المفرِّقة.
وأخذ الحَكَمان من عليٍّ ومعاوية ومن الجندين من العهود والميثاق والثقة من الناس، أنهما آمنانِ على أنفسهما وأهلهما، والأمَّة لهما أنصار على الذي يتقاضيان عليه.
وعلى المؤمنين والمسلمين من الطائفتين كلتيهما عهدُ الله وميثاقه على ما في هذه الصحيفة، وأنْ قد وجبت قضيتهما على المؤمنين؛ فإن الأمن والاستقامة ووضع السلاح بينهم أينما ساروا على أنفسهم وأهليهم وأموالهم، وشاهدهم وغائبهم.
وعلى عبدالله بن قيس وعمرو بن العاص عهدُ الله وميثاقه أن يَحكما بين هذه الأمَّة، ولا يردَّاها في حرب ولا فُرقة حتى يعصيا.
وأجل القضاء إلى رمضان، وإن أحبَّا أن يؤخِّرا ذلك أخَّراه على تراضٍ منهما.
وإن توفِّي أحَد الحكَمينِ، فإنَّ أمير الشيعة يختار مكانه ولا يألو من أهل المعدلة والقسط.
وإن مكان قضيتهما الذي يقضيان فيه مكان عدلٌ بين أهل الكوفة وأهل الشام؛ وإن رضيا وأحبَّا فلا يَحضرهما فيه إلَّا من أرادا.
ويأخذ الحَكَمان من أرادا من الشهود.
ثم يكتبان شهادتهما على ما في هذه الصحيفة.
وهم أنصارٌ على مَن ترك ما في هذه الصحيفة، وأراد فيه إلحادًا وظلمًا.
اللهمَّ إنَّا نستنصرك على مَن ترك ما في هذه الصحيفة.
عمرو بن العاص
وذكر ابن عساكر أن هذه الوثيقة أُعلنت في شعبان سنة 38 هـ الموافق 659م، فاجتمع الناس إليهما، ويروي أنه كان بينهما كلامًا في السر خالفه عمرو بن العاص، فقدم أبو موسى فتكلم وخلع عليًا ومعاوية، ثم تكلم عمرو فخلع عليًا وأثبت معاوية، فتفرق الحكمان، بايع أهل الشام معاوية في ذي القعدة. علق على هذه القصة ابن كثير الدمشقي فقال: «هذا لا يصح سند به، ولا يرويه إلا من لا يوثق بروايته من الإخباريين التالفين، أمثال أبي مخنف لوط بن يحيى». وروى محمد بن إسماعيل البخاري في التاريخ الكبير رواية تخالف هذه القصة، وتذكر أن أبا موسى وعمرًا اتفقا على خلع عليًا ومعاوية وأن يعهدا بأمر الخلافة إلى أحد أعيان الصحابة الذين توفى النبي وهو راضٍ عنهم، فروى البخاري عن حضين بن المنذر قال: لما عزل عمرو معاوية جاء -أي حضين بن المنذر- فضرب فسطاطه قريبًا من فسطاط معاوية، فبلغ نبأه معاوية، فأرسل إليه فقال: «إنه بلغني عن هذا -أي عن عمرو- كذا وكذا، فاذهب فانظر ما هذا الذي بلغني عنه. فأتيته، فقلت: أخبرني عن الأمر الذي وليت أنت وأبو موسى ، كيف صنعتما فيه؟ قال: قد قال الناس في ذلك ما قالوا، والله ما كان الأمر على ما قالوا، ولكن قلت لأبي موسى: ما ترى في هذا الأمر؟ قال أرى أنه في النفر الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ. قلت: فأين تجعلني أنا ومعاوية؟ فقال: إن يستعن بكما ففيكما معونة».

يجلي الغامض ويظهر الحقائق حول هذه الشخصية العظيمة, إنه عمرو بن العاص؛ واحد من أساتذة التربية الإيمانية في الوجود, وهو في ميزان القادة الفاتحين بحيث لا يذكر عظام هذه الأمة إلا ويكون هو واحدًا منهم, وهو في البطولة والعبقرية الحربية من حيث الامتداد الجغرافي يكاد يكون هو الفاتح الأول , وهو حين يوضع مع عباقرة الحكم والإدارة لا يكاد يضارعه أحد بعد الخلفاء الراشدين ومعاوية , وحين يوضع مع الدهاة فهو أحد الأربعة الكبار الذين دوخوا العالم بدهائهم وعبقريتهم وسخَّروا هذا كله لنصرة هذا الدين العظيم, وحين يوضع مع رجال المبادئ فهو أكبر أساتذة البشرية في تحويل المبادئ إلى واقع عملي وتطبيقها على الأرض نموذجًا حيًّا للأجيال المتعاقبة. لله دره جنديًّا مؤمنًا في مدرسة الخالدين.
الترتيب:

#198

0 مشاهدة هذا اليوم

#22K

26 مشاهدة هذا الشهر

#34K

7K إجمالي المشاهدات
المتجر أماكن الشراء
منير محمد الغضبان ✍️ المؤلف
مناقشات ومراجعات
QR Code
أماكن الشراء: عفواً ، لا يوجد روابط مُسجّلة حاليا لشراء الكتاب من المتاجر الإلكترونية
نتيجة البحث