█ «أعيشُ بين الغوائل» نعتصم بهم ولا نُدرك مدى شرهم نُريد التقرب منهم نعلم حقدهم علينا دائمًا أتساءل: ما السبب الذي يجعلهم يحبون الشر هكذا؟ لا أجد غير أنهم يجدون جلال أنفسهم يعتقدون أنه يرفعهم إلى مكانة عالية يعلمون أن المكانة العالية تأتي بالهمم واقدام الإرادة؛ فكل شخص لبيب يستطيع إثبات نفسه بدون إن يلجأ الغوائل أتمنى لو ينتهي المجتمع من وأن يصبح صالحًا؛ لأعيش بهِ بسلامٍ؛ بعيدًا عن گ إنجى محمد˝بنت الأزهر˝ كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ *˝عشقٌ مُميت˝*
في جوف الليل وسكونه، تتناثر الأفكار كأوراق الشجر اليابسة، التي تتطاير هنا وهناك، ولكن تَقع داخل ذكرياتها المؤلمة، لتتذكر تلك الحادثة التي تركت أثرًا في قلبها، شاردةٌ فيما حدث معها، تتجه نحو غرفتها مُحاولةً منها على الصمود، تترنح في مشيتها حتى تغلب عليها بكائها المرير، حتى لمست عبراتها وجنتيها وتهطُل بغزارة، تنظر في كل إتجاه كي تتفقد الطرقات، وفور دُلفها إلى غرفتها، تركل الباب بقدميها اليسرى، وتخر قوتها فتسقط أرضًا خلفه غير قادرة على السير، تستند برأسها على ركبتيها، وتتذكر ما حدث لها مُنذ سنواتٍ ولكنها تشعر أنه حدث مذ دقائق قليلة، كانت تركض بسرعةٍ فائقةٍ لتصل إلى من تحبه؛ لتخبره عن مدىٰ حبها، تعد الدقائق لتتحدث معه، ولكن دون جدوىٰ، فلم يكن الحديث مُنصفًا لقلبها الذي تعلق بالأمل وكأنه قشةً تحاول الطيران بها كالعصفور المبتهج؛ لتحل بها الصدمة أثناء حديثهما، تذكرت حينما عاد إلى المنزل وركضت عليه بلهفةٍ، متحدثةٌ بتوتر وهي تحتضنه: أين كنت؟ قلقت عليكَ، أُريد أن أخبرك بشيء ما، كل هذه الكلمات تفوهت بها في غضونٍ دقائق وهو لا يجيب عليها، حتى أخبرته بأنها تحبه بجنون؛ ليهبط يديها من على كتفه مُعنفًا إياها، وكانت الصدمة من نصيبها، باتت تحلم باعترافه لها ولم تكن تتوقع إنه لا يحبها، تسارعت دموعها بالهبوطِ عند سماعها لحديثه الغليظ؛ فكان يستهين بحبها النقي قائلًا: تحبينني ويقهقه أثناء كلماته المؤلمة، ليردف مرةً أخرى: ألم أجد غيرك لأحبها؟ من أنتِ لأحبك؟.
كانت هذه الكلمات تنزل على مسمعيها كالصاعقة التي تُدمر كل شيءٍ، تنظر له بقلبٍ ممزق ومنشق كليًا، وعيونٌ تلمع الدموع بها وتتحجر، محطمةٌ من حديثه الذي ذكرها به إنها مُجرد يتيمة وعائلته من عطفت عليها؛ فلو علم مدىٰ حبها له لم يفعل ذلك بها، حينها ركضت دون وعي وخرجت من البيت بأكمله تاركةً حبها وعشقها الذي أمات قلبها، لتتجه نحو محطة القطار، تريد أن تبتعد عن البلدة بأكملها، لا تعلم إلى أين تذهب؟ ولكن جرحها منه كان كالمنوم المغناطيسي، يحدفها عقلها إلى مصير لا تعرفه، وفور تحرك القطار من محله دفنت وجهها بين كفيها تاركةً دموعها وانشقاق قلبها خلفها، وكأنها شخصٌ آخر، تتماسك في حلمها ولم تنسى كلماته لها بإنها يتيمة وهناك الأفضل منها، نظر للنسب ولم ينظر لحبها، أمجنون هو؟ ليترك من تضحي بنفسها لتحميه من عقاب والده، ليترك من تعطيه مجهودها الدراسي من أجل حبها له، عملت على نفسها بجهدٍ كبير؛ كي تحصل على اسمًا كاسم عائلته، حتى بعد مرور الكثير من التعب والمشقة وصلت إلى ما تريد، بعد سنين من الذُلِ والخوف وقلة الأكل والقهر، يأتي الليل عليها غير قادرة على التماسك والصمود، فبرغم مرور سنواتٍ عديدةٍ لم تستطع إخراجه من قلبها، كانت تبكي طيلة الليل وتعمل طيلة النهار، حتى ظهرت من جديد في صفقة عمل بين شركتها وشركة والده؛ ظهرت شخصًا أخر؛ لتعلمه كبرياء الأنثي الذي كسرها من قبل، وعندما رأها لم يصدق عينه أهذه هي؟ من اشتاق قلبه إليها، وتدمرت أحواله في بعدها، ظهرت لتريح قلبه من جديد، ولكن دون جدوىٰ فهي الآن لا تراه، جلست على كرسها بشموخٍ لا يليق غير بها، ثم تحدثت في أمور العمل، تتحدث بثقة كبيرة وكأنها تعمل في هذا المجال منذ زمنٍ طويل، ينظر لها والده بفخرٍ فرغم كل شيء يعتبرها ابنته، لا يعلم لماذا رحلت؟ ولكن ما يعلمه أنه اشتاق إلى ابتسامتها الحنونة، لتذهب إليه بعد انتهائها محتضنةً أياه، تشعر بالأمان معه، سيلان من الدمع يصب على قميصه لينظر إليها ويجفف دموعها؛ لتنظر بعتابٍ إلى ذلك الشخص الذي يقف في جانب الغرفة غير قادرٍ على النظر إليها، فهو من دمر كل شيءٍ بغبائه، يريد أن يصلح كل شيء، وبعد محاولاتٍ عديدةٍ تحدثت بفراغ صبر: ألمَ أقل لك إنك مجرد صفحة ومزقتها من حياتي؟ ألمَ تقل إنك لا تحبني؟ وها أنا الآن أقول لكَ لا أحبك.
ثم ترجع للخلف عدة خطوات لتستدير نحو الباب وتخرج من المكان بأكلمه لتعود إلى بيتها مستسلمةً لقلبها الذي يعاند مع عقلها من جديد، ذلك القلب الذي ما زال يحبه، ولكن كبريائها يمنعها من النسيان والعودة إليه، باتت مُحاولاته بالفشل، وانتصر عقلها على قلبها؛ لتحظى بسلامٍ تام بعد سنين عُجاف دامت طويلًا كانت تُرهقها وتؤلمها، ولكن الآن لم تعد تلك اليتيمة؛ بل حققت حلمها وصارت صاحبة عمل كبير وتزوجت بمن يحبها وعوض قلبها عن التشتت الذي وقع عليه من قبل.
لـ/ إنجي محمد˝بنت الأزهر˝ . ❝
❞ *˝الخيانة˝*
قمر مضيء ليس هنالك شيءٌ ظاهرٌ سواه، سكون يستحوذ على المكان بأكمله، تترنح خطواتها للخلف قليلًا، فترتطم قدمها اليسرى بتلك المنضدة الهزيلة؛ لتسقط أرضًا وتصدر الأصوات العالية التي تدل على تهشمها كليًا، فيمثل قلبها الممزق بداخلها إلى أشلاءٍ صغيرة، تركض وعيناها تسيل كالشلالِ على وجنتيها غير مصدقة ما حدث، تركض وسط الطرقات المعتمة لا يضيئها سوى مصابيح السيارات، لتقف أحدهما مُعلنةً اصطدامها بجسدها الهشَّ، تستسلم لتلك الغيمة التي تظهر أمام مقلتاها، فيغشى عليها مُستسلمةً لأفكارها، لتتذكر ما رأته منذ قليل، إذا بحبيبها يُعانق رفيقتها، لترى كل شيءٍ أمامها باللون الأسود، تُريد نسيان ذلك المشهد من مُخيلتها، وبالرغم من ذلك فيُلاحقها في سباتها العميق الذي دام سنينًا؛ تفتح جفونها مرارًا وتكرارًا حتى تستطيع التعود على ذلك الضوء الذي اجتاح بندقيتها، لتستيقظ من غيبوبتها بعد مرور بضع سنين، لحظة تلو الأخرى تريد استيعاب حالتها، لتدلف ممرضة جميلة إلى الغرفة بابتسامةٍ مشرقة قائلة بتوجس خوفًا على حالتها الصحية: ما اسمك؟ اعتقادًا أنها فقدت ذاكرتها.
لتنظر لها الفتاة بلا مبالاةٍ متحدثةً باسمها ثم قالت: كم من الوقت الذي استغرقته في نومي هنا؟ ألم يسأل عليَّ أحد؟
وقبل تفوه الممرضة بأي حرفٍ، يفتح الباب على مصراعيه؛ ليدلف إلى الغرفة ذلك الخائن وهو يتصرف بحنقةٍ وكأنه لم يكن السبب في حالتها؛ ليردف بسرعةٍ: وأخيرًا، استيقظتِ يا حبيبتي، مرت سنواتٌ عديدةٌ ولم أستطع العيش بدونك، لتنظر له بحسرةٍ عن ذلك الحب الذي أعطته له وهو لا يستحقه، ثم رمقته بحدقتاها وتفوهت بجملةٍ واحدة: لمَ فعلت بي هذا؟
ليصب العرق من وجهه بغزارةٍ، ثم لجم لسانه وتلعثم في حديثه ليحدثها بتوتر قائلًا مستجمعًا شتات نفسه: أ ن ا، ماذا فعلت أنا؟
وحين صدور ذلك السؤال من فمه، تلألأت العبرات في عينيها، مكررةً سؤالها عدة مرات، ينظر لها دون إجابة يحاول معرفة ما يدور في عقلها؛ ليقطع شروده شهقاتها المرتفعة، دموعٌ متحجرة طيلة الخمس سنوات، لتنهار باكيةً وتصرخ بهستيريا متفوهة من بين نحيبها: تسأل ماذا فعلت؟ ألم تخونني مع رفيقتي؟ ألم تستهن بي وتواعدها بالزواج؟ ألم تكن تلك السنوات التي تجمعنا كافية للتخلص مني؟ سؤال تلو الآخر تتفوه به بحرقةٍ، فهذا حبيبها رغم كل شيءٍ؛ لتجفف دموعها، ثم تعنفه على فعلته وتطلب منه أن يطلقها وحينما اعترض على ذلك القرار، فهو لا يريد تركها ويصرخ بها ويقول: لقد اقترفت خطئًا لا يغفر، ولكنني لم أفتعله منذ ذلك اليوم، قلقي عليكِ كان أكبر بكثير، لتعود إلى صراخها مجددًا مردفةً: اصمت، لا أتحمل حديثك، اغرب عن وجهي لا أُريد رؤيتك مجددًا، يحاول تهدئتها ولكن دون جدوىٰ، ليخرج مُسرعًا من تلك الغرفة التي خرت بها قواها، لتتثاقل قدمها، تستند على سريرها لتجلس عليه تاركةً العنان لنحيبها ودموعها، ثم بعد قليل تُحدث نفسها، وتعنف قلبها على حبها له، لتقرر بعد ذلك أن تقتلعه كالشجرة من حياتها، وكأنه صفحة فارغةً لم تكتب بها كلمات الحب سابقًا، تعمل على إسعاد نفسها ونسيان حبيبها الخائن، فرغم كل ذلك وتحبه، أهذا القلب مجنون أم ماذا؟ نعم فالقلب مجنون بحبه وذكرياته التي لا تفارقه، ولكنه فعلته شنيعة في حقها لا تستطيع نسيانها وعودتها له كما كانت من قبل.
لـ/ إنجي محمد˝بنت الأزهر˝ . ❝
❞ *˝أحببته فآذاني˝*
في ليلة من ليالي الشتاء القارس، كُنت أسير مع وحدتي والكثير من الخيبات المؤلمة، وأتذكر ذلك العشق الذي دام طويلًا ليرهقني، ثغرة خلف ثغرة حتى حدث الكثير وتهشم قلبي كُليًا، في يومٍ يملؤه الدجن الذي يبث الخوف في قلب من يراه، ظهر شخصًا من العدم؛ ليحتوي قلبي المُنهك الذي دمره العالم، شخصٌ يسود طبعه الحنان، رقيق القلب كالعصفور، يريد فعل كل شيءٍ من أجلي، يعمل جاهدًا كي يُسعدني، كان يُشعرني وكأنني ملكة متوجة على قلبه، يُحدثني ليلًا ونهارًا، يتساير معي دائمًا، يجلس بالساعات ونقص تفاصيل ما حدث أثناء يومنا، يُحاوطني دائمًا بالاهتمام، حتى افتعلنا الكثير من الذكريات الجميلة، التي كانت تجلعني أرفرف كالعصفور الطليق في السماء، ولكن في غضونٍ أيامٍ قليلة، أيقظني على ألمٍ شق قلبي ومزقه إلى أشلاءٍ صغيرة، حينما وقعت في حبه آذاني وكسر قلبي الهشَّ الضعيف الذي كان يقوى بوجوده، كان مصدر القوة التي أعيش من أجلها، ولكنه أصبح مصدر تألمي ووجعي الذي يجعلني أتمنى الموت في الليل، فقد تحول الحب لعشقٍ مُميت يدمرني ببطء، وعندما أستلقي على سريري وأضع رأسي على مخدتي، أبكي وكأن عينايَ كالشلالِ لا يتوقف أبدًا، أشعر وكأن كل شيءٍ يتحالف على إزهاق روحي وسيلان دموعي على وجنتي الهزيلة أثر حزني، كان يُحدثني عن حبه لي دائمًا، ونسي ما الذي يفعله المُحب ليكون سببًا في تدميري وفقدان ثقتي في الجميع! فسحقًا له ولمن يجعلني أشعر بالسوء؛ فمنذ خذلانه لي وأنا أعيش لنفسي فقط، دون حب، دون مشاعر، دون أي شيء، حتى لا أتاذى ثانيةً.
لـ/ إنجي محمد ˝بنت الأزهر˝ . ❝