█ قَبَسات من غزوة تَبوك وقام عُلبَة بن زيد فصلى الليل وبكي وقال : اللهم إنك قد أمرت بالجهاد ورغبت فيه ثم لم تجعل عندي ما أتقوى به مع رسولك ﷺ ولم يد يحملني عليه وإني أتصَدَّق كُل مسلم بكُل مَظْلِمَةٍ أصابني فيها مال أو جسد عِرض أصبحَ الناس فقال النبي ( أين المُتَصَدِّقُ هذِهِ اللَّيْلَة ) فلم يقُم إليه أحد قال أَيْنَ فَلْيَقُمْ فَقَام عُلبة فأخبره أَبْشِرُ فَوالذي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَقَدْ كُتِبَتْ الزَّكَاةِ المتقبلة كتاب زاد المعاد هدي خير العباد (كامل) مجاناً PDF اونلاين 2024 تأليف ابن قيم الجوزية خمسة مجلدات يتناول الفقه وأصوله والسيرة والتاريخ وذكر سيرة الرسول غزواته وحياته وبيّن هديه معيشته وعباداته ومعاملته لأصحابه وأعدائه وقد ألف هذا الكتب أثناء السفر تكن معه أية مصادر ينقل منها يحتاج أحاديث وأقوال وآراء تتعلق بمواضيع الكتاب ومع ذلك فقد ضمن كتابه نبوية الصحاح والسنن والمعاجم والسير وأثبت كل حديث الموضوع الذي يخصه العلم أن القيم كان يحفظ مسند الإمام أحمد حنبل يضم أكثر ثلاثين
❞ ويقول كعب بن مالك: لبثت بعد ذلك عشر ليالٍ حتى كَمُلَت لنا خمسون ليلة من حين نهى رسول الله ﷺ و عن كلامنا ، فلما صليت صلاة الفجر صُبحَ خمسين ليلة على سطح بيت من بيوتنا ، بينا أنا جالس على الحال التي أذكر الله تعالى ، وقد ضاقت علي نفسي ، وضاقت علي الأرض بما رحُبت ، سمعت صوت صارخ أوفى على جبل سَلع بأعلى صوته يا كعب بن مالك أبشر ، فخررتُ ساجداً ، فعرفت أن قد جاء فرج من الله ، وآذن رسول الله ﷺ بتوبة الله علينا حين صلى الفجر ، فذهب الناسُ يبشروننا ، وذهب قبل صاحبي مبشرون ، وركض إليَّ رجل فرساً ، وسعى ساع من أسلم ، فأوفى على ذروة الجبل ، وكان الصوتُ أسرع من الفرس ، فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني ، نزعتُ له ثوبيَّ فكسوتُه إياهما ببشراء ، والله ما أملك غيرهما ، واستعرتُ ثوبين ، فلبستهما ، فانطلقت إلى رسول الله ﷺ فتلقاني الناسُ فوجاً فوجاً يهنئوني بالتوبة يقولون : ليهنك توبه الله عليك ، قال كعب : حتى دخلت يُهرول حتى صافحني وهناني ، والله ما قام إلي رجل المهاجرين غيره ، ولست أنساها لطلحة ، فلما من سلمتُ على رسول الله ﷺ ، قال وهو يَبْرُقُ وجهه من السرور ( أَبْشِرْ بِخَيْر يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ ) ، قال : قلتُ: أمن عندك يا رسول الله ، أم من عند الله ؟ قال ﷺ ( لَا بَلْ مِنْ عِنْدِ اللهِ ) ، وكان رسول الله ﷺ إذا سُرِّ استنار وجهه حتى كأنه قطعة قمر ، وكنا نعرف ذلك منه فلما جلستُ بين يديه ، قلت : يا رسول الله ! إن من توبتي أن انخلع من مالي صدقة إلى الله ، وإلى رسوله ﷺ ، فقال ( أمسكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ ) ، قلت : فإني أُمْسِك سهمي الذي بخيبر ، فقلتُ : يا رسول الله إن الله إنما نجاني بالصدق ، وإن من توبتي ألا أحدث إلا صدقاً ما بقيتُ ، فوالله ما أعلم أحداً من المسلمين أبلاه الله الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله ﷺ إلى يومي هذا ما أبلاني ، والله ما تعمدت بعد ذلك إلى يومي هذا كذباً ، وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقيتُ ، فوالله ما أنعم الله على نعمة قط بعد أن هداني للإسلام ، أعظم في نفسي من صدقي رسول الله ﷺ ، أن لا أكون كذبته فأهْلِكَ كما هَلَكَ الَّذِينَ كَذَبُوا ، وقال كعب : وكان تخلفنا أيُّها الثلاثة من أمر أولئك الذين قَبِلَ منهم رسول الله ﷺ حين حلفوا له ، فبايعهم ، واستغفر لهم ، وأرجأ أمرنا حتى قضى الله فيه ، فبذلك قال الله { وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِفُوا } ، وليس الذي ذكر الله مما خُلفنا عن الغزو ، وإنما هو تخليفه إيَّانا ، وإرجاؤه أمرنا عمن حلف له واعتذر إليه فقبل منه . ❝
❞ الفتح الأعظم ...
فلما نزل رسول الله ﷺ مر الظهران ، نزله عشاء ، فأمر الجيش فأوقدوا النيران ، فأُوقدت عشرة آلاف نار ، وجعل رسول الله ﷺ على الحَرَسَ عُمَرَ بنَ الخطاب رضي الله عنه ، وركب العباس بغلة رسول الله ﷺ البيضاء ، وخرج يلتمس لعله يجد بعض الحطّابة ، أو أحداً يخبر قريشاً ليخرجوا يستأمنون رسول الله ﷺ قبل أن يدخلها عَنْوَةً ، قال : والله إني لأسير عليها إذ سمعت كلام أبي سفيان ، وبدیل بن ورقاء وهُما يتراجعان ، وأبو سفيان يقول : ما رأيتُ كالليلة نيراناً قط ولا عسكراً ، قال : يقول بديل : هذه واللَّهِ خزاعة حَمَشَتْهَا الحَرْبُ ، فيقول أبو سفيان : خُزاعة أقل وأذلُّ أن تكون هذه نيرانها وعسكرها قال فعرفتُ صوته ، فقلت : أبا حنظلة ! فعرف صوتي ، فقال : أبا الفضل ؟ قلت : نعم ، قال : مالك فداك أبي وأمي ؟ قال : قلتُ : هذا رسول الله ﷺ في الناس واصباحَ قُريش واللهِ ، قال : فما الحيلةُ فداك أبي وأمي ؟ قلت : والله لئن ظَفِرَ بكَ لَيَضْرِبَنَّ عُنقَكَ ، فاركب في عجز هذه البغلة حتى آتي بك رسول الله ، فاستأمنه لك ، فركب خَلْفي ورجع صَاحِبَاه قال فجئتُ به فكلما مررت به على نار من نيران المسلمين قالوا مَنْ هَذَا ؟ فإذا رأَوْا بغلةَ رسول الله ﷺ وأنا عليها ، قالوا : عم رسول الله ﷺ على بغلته حتى مررتُ بنارِ : عمر بن الخطاب فقال : من هذا ؟ وقام إليَّ ، فلما رأى أبا سفيان علي عَجزِ الدابة ، قال : أبو سفيان عَدُوٌّ الله ، الحمد لله الذي امْكَنَ مِنْكَ بغير عقد ولا عهد ، ثم خرج يشتد نحو رسول الله ﷺ ، وركضت البغلة ، فَسَبَقَتْ ، فاقتحمت عن البغلة ، فدخلت على رسول الله ﷺ ، ودخل عليه عُمَرُ ، فقال : يا رسول الله ! هذا أبو سفيان فدعني أضرب عنقه ، قال: قلتُ : يا رسول الله ﷺ إني قد أجرته ، ثم جلستُ إلى رسول الله ﷺ ، فأخذتُ برأسه ، فقلتُ : والله لا يُناجيه الليلة أحد دوني ، فلما أكثر عُمَرُ في شأنه، قلتُ : مهلاً يا عمر ، فوالله لو كان من رجال بني عدي بن كعب ما قُلْتَ مِثْلَ هذا ، قال : مهلاً يا عباس ، فوالله لإسْلامُكَ كَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ إِسْلامِ الخَطَّابِ لَوْ أَسْلَمَ ، وما بي إلَّا أَنِّي قَدْ عَرَفْتُ أَنَّ إِسْلَامَكَ كَانَ أَحبَّ إلى رسول الله ﷺ من إسلام الخطاب ، فقال رسول الله ﷺ ( اذْهَبْ بِهِ يا عبَّاسُ إِلى رَحْلِكَ ، فإذا أَصْبَحْتَ فَالتِني به ) ، فذهبت فلما أصبحتُ غدوتُ به إلى رسول الله ﷺ ، فلما راه رسول الله ﷺ قال ( وَيْحَكَ يَا أَبَا سُفْيَانَ ، أَلَمْ يَأْنِ لَكَ أَنْ تَعْلَمَ أَنْ لَا إِله إِلَّا الله ؟ ) قال : بأبي أنتَ وأمي ، ما أحلمك ، وأكرمك ، وأوصلك ، لقد ظننتُ أن لو كان مع الله إله غيره ، لقد أغني شيئاً بعد ، قال ﷺ ( ويحك يا أبا سفيان ، أَلَمْ يَأْنِ لَكَ أَنْ تَعْلَمَ أَنِّي رَسُولُ الله ؟ ) قال : بأبي أنت وأمي ، ما أحلمك وأكرمَكَ وأوصلك ، أما هذه فإن في النفس حتى الآن منها شيئاً ، فقال له العباس : ويحك أسلم ، واشهد أن لا إله إلَّا الله ، وأن محمداً رسول الله قبل أن تُضْرَبَ عنقُك ، فأسلم وشَهِدَ شهادة الحق ، فقال العباس : يا رسول الله ! إن أبا سفيان رَجُلٌ يُحِبُّ الفخر ، فاجعل له شيئاً ، قال ﷺ ( نَعَمْ مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبي سفيان ، فَهُوَ آمِنٌ ، ومَنْ أَغْلَقَ عَلَيْهِ بَابَهِ فَهُوَ آمِنٌ ، وَمَنْ دَخَلَ المَسْجِدَ الحَرام فَهُوَ آمن ) وأمر ﷺ العباس أن يحبس أبا سفيان بمضيق الوادي عند خطم الجبل حتى تَمُرَّ به جنود الله ، فيراها ، ففعل ، فمرَّتِ القبائل على راياتها ، كلما مرت به قبيلةٌ قال: يا عباس، مَنْ هذه؟ فأقول : سليم ، قال : فيقول : ما لي ولسليم ، ثم تمرُّ به القبيلة ، فيقول: يا عباس ! مَنْ هولاء ؟ فأقول : مُزَيْنَة ، فيقول : ما لي ومُزينة ، حتى نَفَدَتِ القبائل ، ما تَمُرُّ به قبيلة إِلَّا سألني عنها ، فإذا أخبرته بهم : قال : ما لي ولبني فلان حتى مر به رسول الله ﷺ في كتيبته الخضراء ، فيها المهاجرون والأنصار لا يُرى منهم الا الحدق من الحديد قال : سبحان الله يا عباس ، من هؤلاء ؟ قال : قلت : هذا رسول الله ﷺ في المهاجرين والأنصار ، قال : ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة ، ثم قال : والله يا أبا الفضل ! لَقَدْ أَصْبَحَ مُلْكُ ابن أخيك اليَوْمَ عظيماً ، قال : قلت يا أبا سفيان : إنها النبوة ، قال : فنعم إذاً ، قال : قلتُ : النَّجاء إلى قومك . ❝
❞ قدوم وفد الأزدِ على رسول الله ﷺ ..
وقدم على رسول الله ﷺ صُرَدُ بنُ عبد الله الأزدي ، فأسلم وحسن إسلامه في وفد من الأزد ، فأمَّرَه رسول الله ﷺ على من أسلم من قومه وأمره أن يُجاهد بمن أسلم من كان يليه من أهل الشرك من قبائل اليمن ، فخرج صُرَدُ يسير بأمر رسول الله ﷺ حتى نزل بِجُرَش ، وهي يومئذ مدينة مغلقة ، وبها قبائل من قبائل اليمن ، وقد ضوت إليهم خَنْعَمُ ، فدخلوها معهم حين سمعوا بمسير المسلمين إليهم ، فحاصروهم فيها قريباً من شهر وامتنعوا فيها ، فرجع عنهم قافلا ، حتى إذا كان في جبل لهم يقال له : شَكَرَ ، ظن أهل جُرَسٌ أنه إنما ولى عنهم منهزماً ، فخرجوا في طلبه حتى إذا أدركوه ، عطف عليهم ، فقاتلهم فقتلهم قتلاً شديداً ، وقد كان أهلُ جُرَش بعثُوا إلى رسول الله ﷺ رجلين منهم يرتادان وينظران ، فبينا هما عند رسول الله ﷺ عشية بعد العصر ، إذ قال رسول الله ﷺ ( بِأَيِّ بلادِ اللَّهِ شَكَر ؟ ) فقام الجُرشيان فقالا : يا رسول الله ! ببلادنا جبل يُقال له : كشر ، وكذلك تُسميه أهل جرش فقالﷺ إِنَّهُ لَيْسَ بِكَشَر ، ولكنه شَكَرَ ) ، قالا : فما شأنه يا رسول الله ؟ فقال ﷺ ( إِنَّ بُدْنَ اللَّهِ لتُنْحَرُ عِنْدَهُ الآن ) ، قال فجلس الرجلان إلى أبي بكر وإلى عثمان ، فقالا لهما : ويحكما إنَّ رسول الله ﷺ لينعى لكُما قومكما ، فقوما إليه فاسألاه أن يدعو الله أن يرفع عن قومكما ، فقاما إليه فسألاه ذلك ، فقال ﷺ ( اللَّهُمَّ ارْفَعْ عَنْهُمْ ) ، فخرجا من عند رسول الله ﷺ راجعين إلى قومهما ، فوجدا قومهما أصيبوا في اليوم الذي قال فيه رسول الله ﷺ ما قال وفي الساعة التي ذكر فيها ما ذكر ، فخرج وفد جُرش حتى قَدِمُوا على رسول الله ﷺ ، فأسلموا ، وحمى لهم حمى حول قريتهم . ❝