█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ ويقول كعب بن مالك: لبثت بعد ذلك عشر ليالٍ حتى كَمُلَت لنا خمسون ليلة من حين نهى رسول الله ﷺ و عن كلامنا ، فلما صليت صلاة الفجر صُبحَ خمسين ليلة على سطح بيت من بيوتنا ، بينا أنا جالس على الحال التي أذكر الله تعالى ، وقد ضاقت علي نفسي ، وضاقت علي الأرض بما رحُبت ، سمعت صوت صارخ أوفى على جبل سَلع بأعلى صوته يا كعب بن مالك أبشر ، فخررتُ ساجداً ، فعرفت أن قد جاء فرج من الله ، وآذن رسول الله ﷺ بتوبة الله علينا حين صلى الفجر ، فذهب الناسُ يبشروننا ، وذهب قبل صاحبي مبشرون ، وركض إليَّ رجل فرساً ، وسعى ساع من أسلم ، فأوفى على ذروة الجبل ، وكان الصوتُ أسرع من الفرس ، فلما جاءني الذي سمعت صوته يبشرني ، نزعتُ له ثوبيَّ فكسوتُه إياهما ببشراء ، والله ما أملك غيرهما ، واستعرتُ ثوبين ، فلبستهما ، فانطلقت إلى رسول الله ﷺ فتلقاني الناسُ فوجاً فوجاً يهنئوني بالتوبة يقولون : ليهنك توبه الله عليك ، قال كعب : حتى دخلت يُهرول حتى صافحني وهناني ، والله ما قام إلي رجل المهاجرين غيره ، ولست أنساها لطلحة ، فلما من سلمتُ على رسول الله ﷺ ، قال وهو يَبْرُقُ وجهه من السرور ( أَبْشِرْ بِخَيْر يَوْمٍ مَرَّ عَلَيْكَ مُنْذُ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ ) ، قال : قلتُ: أمن عندك يا رسول الله ، أم من عند الله ؟ قال ﷺ ( لَا بَلْ مِنْ عِنْدِ اللهِ ) ، وكان رسول الله ﷺ إذا سُرِّ استنار وجهه حتى كأنه قطعة قمر ، وكنا نعرف ذلك منه فلما جلستُ بين يديه ، قلت : يا رسول الله ! إن من توبتي أن انخلع من مالي صدقة إلى الله ، وإلى رسوله ﷺ ، فقال ( أمسكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ ، فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ ) ، قلت : فإني أُمْسِك سهمي الذي بخيبر ، فقلتُ : يا رسول الله إن الله إنما نجاني بالصدق ، وإن من توبتي ألا أحدث إلا صدقاً ما بقيتُ ، فوالله ما أعلم أحداً من المسلمين أبلاه الله الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله ﷺ إلى يومي هذا ما أبلاني ، والله ما تعمدت بعد ذلك إلى يومي هذا كذباً ، وإني لأرجو أن يحفظني الله فيما بقيتُ ، فوالله ما أنعم الله على نعمة قط بعد أن هداني للإسلام ، أعظم في نفسي من صدقي رسول الله ﷺ ، أن لا أكون كذبته فأهْلِكَ كما هَلَكَ الَّذِينَ كَذَبُوا ، وقال كعب : وكان تخلفنا أيُّها الثلاثة من أمر أولئك الذين قَبِلَ منهم رسول الله ﷺ حين حلفوا له ، فبايعهم ، واستغفر لهم ، وأرجأ أمرنا حتى قضى الله فيه ، فبذلك قال الله { وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِفُوا } ، وليس الذي ذكر الله مما خُلفنا عن الغزو ، وإنما هو تخليفه إيَّانا ، وإرجاؤه أمرنا عمن حلف له واعتذر إليه فقبل منه . ❝