█ هديه ﷺ الجهاد والمغازي والسرايا والبعوث لما كان ذروةَ سَنَامِ الإسلام وقُبته ومنازِلُ أهله أعلى المنازل الجنة كما لهم الرفعة الدنيا فهم الأَعلَونَ الدُّنيَا وَالآخِرَةِ رسول الله الذروة العُليا منه واستولى أنواعه كُلها فجاهد حق جهاده بالقلب والجِنَانِ والدّعوة والبيان والسيف والسِّنَانِ وكانت ساعاته موقوفةً بقلبه ولسانه ويده ولهذا أرفع العَالَمِينَ ذكراً وأعظمهم عند قدراً وأمره تعالى بالجهاد من حين بعثه وقال { وَلَوْ شِلْنَا لبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا فَلَا تُطلع الكَفِرِينَ وجهدهم به جهادًا كبيرًا } فهذه سورة مكية أمر فيها بجهاد الكفار بالحجة والبيان وتبليغ القرآن وكذلك جهاد المنافقين إنما هو بتبليغ الحجة وإلا تحت قهر أهل قال يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَهِدِ الْكُفَارَ وَالْمُنَفِقِينَ وَاغلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ فجهاد أصعب وهو خواص الأمة وورثةِ الرُّسل والقائمون أفراد العالم والمشاركون فيه والمعاونون عليه وإن كانوا هم الأقلين عدداً كتاب زاد المعاد هدي خير العباد (كامل) مجاناً PDF اونلاين 2024 تأليف ابن قيم الجوزية خمسة مجلدات يتناول الفقه وأصوله والسيرة والتاريخ وذكر سيرة الرسول غزواته وحياته وبيّن معيشته وعباداته ومعاملته لأصحابه وأعدائه وقد ألف هذا الكتب أثناء السفر ولم تكن معه أية مصادر ينقل منها ما يحتاج إليه أحاديث وأقوال وآراء تتعلق بمواضيع الكتاب ومع ذلك فقد ضمن كتابه نبوية الصحاح والسنن والمعاجم والسير وأثبت كل حديث الموضوع الذي يخصه مع العلم أن القيم يحفظ مسند الإمام أحمد بن حنبل يضم أكثر ثلاثين
❞ غزوة وادي القُرى ..
ثُم إنصرف رسول الله ﷺ من خيبر إلى وادي القُرى ، وكان بها جماعةٌ من اليهود ، وقد انضاف إليهم جماعة من العرب ، فلما نزلوا استقبلهم يهود بالرمي ، وهم على غير تعبئة ، فقُتِلَ مِدْعَم مولى رسول الله ﷺ ، فقال الناس : هنيئاً له الجنة ، فقال النبي ﷺ ( كَلَّا والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، إِنَّ الشَّمْلَةَ الَّتِي أَخَذْهَا يَوْمَ خَيْبَرَ مِنَ المَغَانِمَ ، لَمْ تُصِبْهَا المَقَاسِمُ لتَشْتَعِلُ عَلَيْهِ نَاراً ) ، فلما سمع بذلك الناس ، جاء رجل إلى النبي ﷺ بِشِرَاكِ أو شِرَاكين ، فقال النبي ﷺ ( شِرَاكَ مِنْ نَارٍ أَوْ شراكان مِنْ نارٍ ) فعبأ رسول الله ﷺ أصحابه للقتال ، وصفهم ، ودفع لواءه إلى سعد بن عبادة ، وراية إلى الحباب بن المنذر ، ورايةً إلى سهل بن حنيف ، وراية إلى عباد بن بشر ، ثم دعاهم إلى الإسلام ، وأخبرهم أنهم إن أسلموا أحرزوا أموالهم ، وحقنوا دماءهم وحسابهم على الله ، فبرز رجل منهم ، فبرز إليه الزبير بن العوام ، فقتله ، ثم برز آخر ، فقتله ، ثم برز آخر ، فبرز إليه علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقتله ، حتى قُتل منهم أحد عشر رجلاً ، كلما قُتِلَ منهم رجلٌ ، دعا من بقي إلى الإسلام ، وكانت الصلاة تحضر ذلك اليوم ، فيصلي ﷺ بأصحابه ، ثم يعود فيدعوهم إلى الإسلام وإلى الله ورسوله ، فقاتلهم حتى أمسوا ، وغدا عليهم ، فلم ترتفع الشمس قيد رمح حتى أعطوا ما بأيديهم ، وفتحها عنوة ، وغنمه الله أموالهم ، وأصابوا أثاثاً ومتاعاً كثيراً ، وأقام رسول الله ﷺ بوادي القرى أربعة أيام ، وقسم ما أصاب على أصحابه بوادي القُرى ، وترك الأرض والنخل بأيدي اليهود ، وعاملهم عليها ، فلما بلغ يهود تيماء ما واطأ عليه رسول الله ﷺ أهل خيبر وفدك ووادي القُرى ، صالحوا رسول الله ﷺ ، وأقاموا بأموالهم ، فلما كان زمن عمر الخطاب رضي الله عنه ، أخرج يهود خيبر وفدك ، ولم يُخرج أهل تيماء ووادي القُرى ، لأنهما داخلتان في أرض الشام ، ويرى أن ما دون وادي القُرى إلى المدينة حِجاز ، وأن ما وراء ذلك من الشام وانصرف رسول الله ﷺ راجعاً إلى المدينة . ❝
❞ كان ﷺ يتيمم بضربة واحدة للوجه والكفين ، ولم يصح عنه إنه تيمم بضربتين ، ولا إلى المرفقين ، وكان يتيمم بالأرض التي يصلي عليها ، ترابا كانت أو سبخة أو رملا ، وصح عنه إنه قال ( حيثما أدركت رجلا من امتي الصلاة ، فعنده مسجده وطهوره ) ، وأما ما ذكر في صفة التيمم من وضع بطون أصابع يده اليسرى على ظهور اليمني ، ثم إمرارها إلى المرفق ، ثم إدارة بطن كفه على بطن الذراع ، وإقامة إبهامه اليسرى كالمؤذن ، إلى أن يصل إلى إبهامه اليمني ، فيطبقها عليها ، فهذا مما يعلم قطعاً أن النبي ﷺ لم يفعله ، ولا علمـه أحـدا مـن أصـحـابـه ، ولا أمـر بـه ، ولا استحسنه ، وهذا هديه ، إليه التحاكم ، ولم يصح عنه التيمم لكل صلاة ولا أمر به ، بل أطلق التيمم وجعله قائما مقام الوضوء ، وهذا يقتضي أن يكون حُكمه حَكَمَه ، إلا فيما إقتضى الدليل خلافه . ❝
❞ قبسات من غزوة تبوك ..
ثُمَّ إن أبا خَيثَمَة رجع بعد أن سار رسول الله ﷺ أياماً إلى أهله في يوم حار ، فوجد امرأتين له في عريشين لهما في حائطه ، قد رشت كُل واحدة منهما عريشها وبرَّدَتْ له ماء وهيأت له فيه طعاماً ، فلما دخل قام على باب العريش ، فنظر إلى امرأتيه وما صنعتا له ، فقال رسول الله ﷺ في الضَّح ( الشمس ) والريح والحر ، وأبو خيثمة في ظل بارد ، وطعام مهياً وامرأة حسناء في ماله مقيم ؟ ما هذا بالنَّصَفِ ثم قال والله لا أدخل عريش واحدة منكما حتى الحق برسول الله ، فهيئا لي زاداً ، ففعلتا ، ثم قدم ناضحه ، فارتحله ، ثم خرج في طلب رسول الله ﷺ حتى أدركه حين نزل تبوك ، وقد كان أدرك أبا خيثمة عُمير بن وهب الجمحي في الطريق يطلب رسول الله ، فترافقا حتى إذا دنوا من تبوك ، قال أبو خيثمة لعمير بن وهب : إن لي ذنباً ، فلا عليك أن تتخلف عني حتى آتي رسول الله ﷺ ففعل ، حتى إذا دنا مِن رسول الله ﷺ وهو نازل بتبوك ، قال الناس : هذا راكب على الطريق مقبل ، فقال رسول الله ﷺ ( كُنْ أَبَا خَيْثَمَةَ ) ، قالوا : يارسول الله هو والله أبو خيثمة ، فلما أناخ أقبل ، فسلم على رسول الله ﷺ ، فقال له رسول الله ﷺ ( أَوْلى لَكَ يَا أَبَا خَيْثَمَة ) ، فأخبر رسول الله ﷺ خبره ، فقال له رسول الله ﷺ خَيْراً ودعا له بخير . ❝