█ وعلى المؤمن أن يدعو إلى الإيمان ولكن لا يضره ألّا يستمع أحد ولا يكفر من حوله فهو يستطيع يكون مؤمناً أي نظام وفي بيئة لأن حالة قلبية والدين شعور وليس مظاهر والمبصر يباشر الإبصار ولو كان كل الموجودين عمياناً كتاب الاسلام ماهو؟ مجاناً PDF اونلاين 2024 الإسلام: ما هو؟ هو تأليف الدكتور مصطفى محمود يتحدث فيه عن مشكلة المسلمين اليوم وأنَّ علاقتهم فاترة بعقيدتهم أكثرنا " مسلم بطاقته الشخصية وعباداته الباردة فقط ننظر ممارساتنا وشعائرنا الدينية كواجبٍ ليس له طعم روح صلاتنا أصبحت مجرد حركاتٍ رياضية نؤديها لأننا نريد الله يسخط علينا علاقتنا بالقرآن الكريم تشبه بأي كتابٍ آخر نقرأه أحيانًا ونتأثر به ثم نتركه ونمضي دون جعله دستوراً حقيقيًا هذا الكتاب يخاطب روحك وعقلك وسواء كنت مسلمًا أم فأنتَ بحاجةٍ لقراءته كي تفهم الإسلام صدقًا ولماذا نصلي ؟ وما هي الروحية بالسماء
❞ هل سأل أحدكم نفسه عن كمية السباكة داخل جسمه .. مجموع المواسير داخل العمارة التي هي بدنه ، بما فيه من آلاف الوصلات و المجاري التي يجري فيها الدم و البول و الطعام و الفضلات و عوادم التنفس و الهضم .
هل يعلم أن طول مواسير الدم في جسمه تبلغ وحدها ثمانية آلاف ميل أي أطول بكثير من المسافة بين القاهرة و الخرطوم .. مواسير أكثر ليونة من الكاوتشوك ، و أكثر متانة من الحديد ، و أطول عمراً من الصلب الكروم ، و في بعضها صمامات لا تسمح بالسير إلا في اتجاه واحد .
ثم مواسير الهواء ابتداء من فتحة الأنف إلى الحلق إلى القصبة الهوائية إلى الشعب ثم الشعيبات التي تتفرع و تتفرع و تنقسم حتى تصل إلى أكثر من مليون غرفة هوائية في الرئتين .
ثم مواسير البول التي تجمع البول من الكليتين لتصب في الحوض ثم الحالب ثم المثانة ثم قناة الصرف النهائية .
ثم مواسير الطعام من الفم إلى البلعوم إلى المعدة إلى الاثنا عشر إلى الأمعاء الدقيقة .
ثم مواسير الفضلات من المصران الصاعد إلى المستعرض إلى الهابط إلى المستقيم إلى الشرج .
ثم ممرات الولادة و غرفها و دهاليزها و أنابيبها .
ثم مجاري المرارة و حوصلتها و مواسيرها .
ثم مجاري الليمف .. و مواقف الليمف و محطاته في الغدد الليمفية .
و هي مواسير تمر إلى جوارها الفضلات و تحميها شبكة من الأوعية الدموية و الأعصاب ، و جيوش من خلايا المقاومة تلتهم أي ميكروب يمكن أن يتسرب من هذه المواسير في طريق خاطئ إلى الجسم .
و أنابيب العرق .. و بلايين منها تشق الجلد و تفتح على سطحه لترطبه و تبرده بالعرق .
و أنابيب الدموع داخل حدقة العين تغسل العين و تجلوها .
و أنابيب التشحيم داخل جفن العين تفرز المواد الزيتية لتعطي العين تلك اللمعة الساحرة .
هذا الكم الهائل من السباكة الفنية الدقيقة المعجزة التي تعيش مائة سنة و لا تتلف ..
و إذا أصابها التلف أصلحت نفسها بنفسها .
نموذج من الهندسة الإلهية العظيمة التي أهداها الله للإنسان منحة مجانية منذ ميلاده و تولى صيانتها برحمته و عنايته .
فهل أدركنا هذه النعمة و هل قدرناها حق قدرها ...!
و كثير من الأمراض سببها أعطال و تلفيات في هذه السباكة .
الإسهال و الإمساك و الغازات و تطبل البطن ، هي أعطال و تلفيات في أنابيب صرف الفضلات و الزكام انسداد في منافذ الهواء داخل الأنف .
و الناسور هو ثقب في ماسورة الإخراج .
و احتباس البول و المغص الكلوي و آلام الكلى سببها أعطال في أنابيب صرف البول
إن تركيبات (( الصحي )) في جسمك هي التي تصنع لك صحتك بالفعل
بل هي صحتك ذاتها .. إن أي انقباض في ماسورة معوية يساوي صرخة مغص ، و أي ضيق في شريان القلب التاجي يساوي ذبحة ، و أي ضيق في ممرات الولادة يساوي إجهاضاً و أي انسداد في قنوات فالوب يساوي عقماً و أي انسداد في مجاري المرارة يساوي صفراء .
هذا غير مجاري الليمف و الدم و الغدد ، و هي تتنوع في الجسم بالآلاف ، و لكل غدة توصيلاتها و قنواتها و نظامها و دورها في صناعة الصحة التي نتمتع بها دون أن ندري أنها عملية تركيبية معقدة تشترك فيها مئات الأجهزة .
إن الصحة التي نشعر أنها مجرد استطراد لأمر عادي واقع .. ليست بالمرة أمراً عادياً و ليست مجرد واقع مألوف ، و إنما هي نتيجة تدبير محكم و ثمرة عمليات معقدة مرسومة بعناية و قصد . و إنما يحدث المرض حينما تتخلف هذه العناية و هي قلما تتخلف .. فإذا تخلفت فـلتشرح لنا أسرارها .. فما عرفنا معجزة الصحة إلا بدراسة المرض ، و ما عرفنا معجزة الحياة إلا بالموت .. و بأضدادها عُرِفـَت الأشياء .
وفي محاولاتنا البدائية في بيوتنا وعماراتنا التي نبنيها وهي مجرد ماكينات رمزية صغيرة لا تصل إلى واحد في المليون من العمارة البشرية ..
غرقنا في " شبر ميه " ..
طفحت مجاري القاهرة ، وتلوث البحر بعوادم المصانع ، واختنق النيل بالفضلات التي تُلقى فيه ، ووقفنا أمام السيفون التالف ننادي على سباك ، واختلط الساخن بالبارد والطاهر بالملوث ، وفشلنا في صناعة أصغر ماكيت سباكة لا تزيد مواسيره على بضعة أمتار ، وغرقنا في بانيو نصف متر ..
وهذه صناعتنا وتلك صناعته ..
وهذه سباكتنا وتلك سباكته ..
وهذه عمارتنا وتلك عمارته ..
وهذا خلقنا وذاك خلقه .
" فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ "
المؤمنون ( 14 )
و كأنما يتحدانا الله بصنعته المبهرة و آياته الخالدة في عمارة الجسم البشري :
{ قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً }الإسراء 88
و هو تحد ينسحب على كل آية من آيات الله .. في الكتاب .. أو في الآفاق ..
أو في أنفسكم .
و النفس كُبرى المعجزات .
مقال : الصانع العظيم
من كتاب : الإسلام .. ما هو ؟
للــدكتور : مصطفى محمود (رحمه الله ) . ❝
❞ من لم يؤدب شبابه لن يستطع أن يؤدب شيخوخته ومن لم يتمرس على كبح نفسه صبياً لن يقدر على ذلك كهلاً.. وسوف تتحول لذته فتصبح عين مهانته إذا طال به الأجل . ❝
❞ سألني صديقي و هو رجل كثير الشك :
- و ما السر في ثياب الإحرام البيضاء و ضرورة لبسها على اللحم و تحريم لبس المخيط .. و ما معنى رجم إبليس و الطواف حول الكعبة .. ألا ترى معي أنها بقايا وثنية ؟
قلت له : أنت لا تكتفي بأن تحب حبيبك حباً عذرياً أفلاطونياً ، و إنما تريد أن تعبر عن حبك بالفعل .. بالقبلة و العناق و اللقاء .. هل أنت وثني ؟
و بالمثل من يسعى إلى الله بعقله و قلبه .. يقول له الله : إن هذا لا يكفي .. لابد أن تسعى على قدميك .
و الحج و الطواف رمز لهذا السعي الذي يكتمل فيه الحب شعوراً و قولاً و فعلاً .
و هنا معنى التوحيد .
أن تتوحد جسداً و روحاً بأفعالك و كلماتك .
و لهذا نركع و نسجد في الصلاة و لا نكتفي بخشوع القلب .. فهذه الوحدة بين القلب و الجسد يتجلى فيها الإيمان بأصدق مما يتجلى في رجل يكتفي بالتأمل .
أما ثياب الإحرام البيضاء فهي رمز الوحدة الكبرى التي تذوب فيها الأجناس و يتساوى فيها الفقير و الغني .. المهراجا و أتباعه .
و نحن نلبسها على اللحم .. كما حدث حينما نزلنا إلى العالم في لحظة الميلاد و كما سوف يحدث حينما نغادره بالموت .. جئنا ملفوفين في لفافة بيضاء على اللحم .. و نخرج من الدنيا بذات اللفة .
هي رمز للتجرد .. لأن لحظة اللقاء بالله تحتاج إلى التجرد كل التجرد .
و لهذا قال الله لموسى :
(( اخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوى )) .
هو التجرد المناسب لجلال الموقف .
و هذا هو الفرق بين لقاء لرئيس جمهورية .. و لقاء مع الخالق .
فنحن نرتدي لباس التشريفة لنقابل رئيس الجمهورية .
أما أمام الله فنحن لا شيء .. لا نكاد نساوي شيئاً .
و علينا أن نخلع كل ثياب الغرور و كل الزينة .
قال صديقي في خبث : و رجم إبليس ؟
قلت :
- أنت تضع باقة ورد على نصب تذكاري للجندي المجهول ، و تلقي خطبة لتحيته .. هل أنت وثني ؟
لماذا تعتبرني وثنياً إذا رشقت النصب التذكاري للشيطان بحجر و لعنته .. إنها نفس الفكرة .
إنها كلها رمزيات .
أنت تعلم أن النصب التذكاري مجرد رمز ، و أنه ليس الجندي .
و أنا أعلم أيضا أن هذا التمثال رمز ، و أنه ليس الشيطان .
و بالمثل السعي بين الصفا و المروة إلى حيث نبعت عين زمزم التي ارتوى منها إسماعيل و أمه هاجر .. هي إحياء ذكرى عزيزة و يوم لا يُنسى في حياة النبي و الجد اسماعيل و أمه المصرية هاجر .
و جميع شعائر ديانتنا ليست طقوساً كهنوتية بالمعنى المعروف ، و إنما هي نوع من الأفعال التكاملية التي يتكامل بها الشعور و التي تسترد بها النفس الموزعة وحدتها ..
إنها وسيلة لخلق إنسان موحد .. قوله هو فعله .. فالكرم لا معنى له إذا ظل تصريحاً شفوياً باللسان ، و إنما لابد أن تمتد اليد إلى الجيب ثم تنبسط في عطاء ليكون الكرم كرماً حقيقياً .. هل هذه الحركة وثنية أو طقساً كهنوتياً .
و بهذا المعنى ، شعائر الإسلام ليست شعائر ، و إنما تعبيرات شديدة البساطة للإحساس الديني .
و لهذا كان الإسلام هو الدين الوحيد الذي بلا طقوس و بلا كهنوت و بلا كهنة .
ألا تراهم أمامك أكثر من مليون يكلمون الله مباشرة بلا واسطة و يركعون على الأرض العراء حيث لا محاريب و لا مآذن و لا قباب و لا منابر و لا سجاجيد و لا سقوف منقوشة بالذهب و لا جدران من المرمر و الرخام .
لا شيء سوى العراء .
و نحن عراء .
و نفوسنا تعرت أمام خالقها فهي عراء .
و نحن نبكي .. كلنا نبكي .
و سكت صديقي و ارتفعت أصوات التلبية من مليون و خمسمائة ألف حنجرة .. لبيك اللهم لبيك .. لبيك لا شريك لك لبيك .
و كنت أعلم أن صديقي مازال بينه و بين الإيمان الحقيقي أشواط و مراحل و معراج من المعاناة.
مازال عليه أن يصعد فوق خرائب هذا البناء المنطقي الذي اسمه العقل و يستشرف على ينابيع الحقيقة في تدفقها البكر داخل قلبه .. حينئذ سوف يكف عقله عن اللجاجة و التنطع و يلزم حدوده و اختصاصه ، و يدرك أن الدين أكبر من مجرد قضية منطقية ، و أنه هو في ذاته منطق كل شيء .. و أن الله هو البرهان الذي نبرهن به على وجود الموجودات لأنه قيومها ( هو الذي أوجدها من العدم فهي موجودة به و بفضله ) ، فهو برهان عليها أكثر مما هي برهان عليه .. و كيف يكون العدم برهاناً على الوجود .. و كيف يكون المعدوم شاهداً على موجد الوجود .
إنها لجاجة العقل .. و هي سلسلة من الخرائب المنطقية لابد أن نمر بها في معراجنا للوصول إلى الحقيقة .. و هذا عيب العصر الذي يدّعي فيه العقل أنه كل شيء .
من كتــاب الإسلام ماهو؟
الدكتور مصطفى محمود رحمه الله . ❝