❞ إكزافير:بشري من المستقبل ذو ملامح حادة وشعر طويل يغطي الأسلاك المتداخلة في عنقه، تختلف بنيته عن مازن ورفاقه بسبب تعديلات جينية على مدى عقود للبشر في المستقبل، فهو أطول بمرتين علي الأقل منهم، وذراعاه بطول جسده أحدهما آلي، ويستطيع التحكم بالأشياء بأفكاره. ❝ ⏤حمزة فهد زايد
❞ إكزافير:بشري من المستقبل ذو ملامح حادة وشعر طويل يغطي الأسلاك المتداخلة في عنقه، تختلف بنيته عن مازن ورفاقه بسبب تعديلات جينية على مدى عقود للبشر في المستقبل، فهو أطول بمرتين علي الأقل منهم، وذراعاه بطول جسده أحدهما آلي، ويستطيع التحكم بالأشياء بأفكاره . ❝
❞ إن الحب كقيمة مطلقة سرٌ كبيرٌ من اسرار الدنيا ، لا يعيه إلا الإنسان المحظوظ النقي القادر دوماً على تجديد شباب قلبه بالعطاء والتسامح.
يبدأ الإنسان منا حياته متدفقاً بالحب والحنان والتفاؤل والثقة ثم يجف هذا النبع العاطفي في قلبه كلما كبر ، ويتحول مع الزمن إلى عجوز أناني بخيل لا يحس إلا مصلحته ولا يجري إلا خلف منفعته ، والسبب أن أحلامه الصغيرة وعواطفه الصافية تصطدم مرة بعد مرة بما يخيب أمله ويزلزل ثقته في الدنيا وفي الناس
-يتعثر الإنسان في مشوار حياته ومع تكرار العثرات والتجارب الفاشلة لا يجد في قلبه رصيداً يغطي هذا الفشل ، ويحفظ له ابتسامته وتفاؤله فيفقد النضارة ويجف ويقسو ، ويتحول سخطه إلى سخط على الدنيا كلها
والسبب أنه لم يجد كفايته من الحنان ، لم يجده في الدنيا ولم يجده في قلبه فأفلس .
والدليل على هذا أن القلب الكبير لا يحدث له هذا الجفاف مهما كبر وشاخ لأنه يجد في نفسه القدرة على بذل الحنان دائماً مهما حدث له ومهما تلقى من صدمات . وبهذه القوة وحدها يسترد حب الناس الذي فقده ويسترد ثقته في الدنيا. ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ إن الحب كقيمة مطلقة سرٌ كبيرٌ من اسرار الدنيا ، لا يعيه إلا الإنسان المحظوظ النقي القادر دوماً على تجديد شباب قلبه بالعطاء والتسامح.
يبدأ الإنسان منا حياته متدفقاً بالحب والحنان والتفاؤل والثقة ثم يجف هذا النبع العاطفي في قلبه كلما كبر ، ويتحول مع الزمن إلى عجوز أناني بخيل لا يحس إلا مصلحته ولا يجري إلا خلف منفعته ، والسبب أن أحلامه الصغيرة وعواطفه الصافية تصطدم مرة بعد مرة بما يخيب أمله ويزلزل ثقته في الدنيا وفي الناس
يتعثر الإنسان في مشوار حياته ومع تكرار العثرات والتجارب الفاشلة لا يجد في قلبه رصيداً يغطي هذا الفشل ، ويحفظ له ابتسامته وتفاؤله فيفقد النضارة ويجف ويقسو ، ويتحول سخطه إلى سخط على الدنيا كلها
والسبب أنه لم يجد كفايته من الحنان ، لم يجده في الدنيا ولم يجده في قلبه فأفلس .
والدليل على هذا أن القلب الكبير لا يحدث له هذا الجفاف مهما كبر وشاخ لأنه يجد في نفسه القدرة على بذل الحنان دائماً مهما حدث له ومهما تلقى من صدمات . وبهذه القوة وحدها يسترد حب الناس الذي فقده ويسترد ثقته في الدنيا . ❝
أنا حاكم لا شريك له على بيت أنيق ..
ليس لي ثانٍ في دولتي الصغيرة الجميلة . أستطيع أن أصحى متى شئت .. و أنام متى شئت .. و أخلع ثيابي .. و أغني .. و أُطرقع مفاصلي .. و أشرب الماء أو العرقسوس أو الويسكي كما يحلو لي ...
ليس على أكتافي شئ سوى رأسي ... لا مسئوليات .. لا هموم .. لا مطالب .. لا واجبات .. فأنا أعزب .. كلمة جميلة حلوة .. هذه الكلمة .. أعزب ..
لقد تذكرتها و أنا أحلق ذقني .. و أنظر إلى وجهي في المرآة .
فصفرت بفمي نشيد المارسيليز إحتفالا بالحرية المطلقة التي أعيش فيها .. و الإمبراطورية الواسعة التي أحكمها .. و التي تتألف من ثلاث غرف و صالة و حمام أنيق بالقيشاني ..
سوف أنام الليلة ملء أجفاني .. تحلم بي كل عانس و يحسدني كل زوج .. و تجعل مني بنات السادسة عشرة محوراً لمغامراتهن .. و يحمل همي الخادم و البواب و الجيران .. و لا أحمل أنا سوى إبتسامة و اسعة ساخرة معها آخر نكتة من نكت الموسم ..
يقولون إن حياة الأعزب تعاسة .. و وِحدة و فراغ .. و فشل .. و هذه خرافة خلقها الأزواج لأنهم فشلوا في أن يكونوا عُزاباً ناجحين .
و مثلها .. حكاية البيت الدافئ .. و الأولاد الذين يمدون بقاء الزوج على الأرض .. و الزوجة التي تضئ ظلام الوحدة مثل القنديل . و حديث آخر الليل الذي يتقاسم فيه الزوجان المسرات و الهموم ..
كل هذه إعلانات مثل الإعلانات التي تروج بيع الصابون و ملح كروشن و الأسبرو .
أما الواقع فهو شئ آخر غير هذه الإعلانات .. فالبيت قد لا يدخله الدفء بالمرة .. و الإبن قد لا يمد أجل أبيه .. و ربما أخذ أجله .. و الزوجة قد تكون نكداً .. و حديث آخر الليل غالبا ما تحول إلى مراجعة للحسابات تنتهي بخناقة و بأن يعطي كل واحد ظهره لصاحبه و وجهه للحائط ..
خذوا الحكمة من أفواه المتزوجين .
إن من عادتي أن أترك ملعب الزوجية ينزل فيه أصدقائي .. و أكتفي بالتهليل على كل هدف يصيبه أي واحد من الاثنين ..
و مازلت أشكر الله على هذه النصاحة . و أشعر بالتلذذ و أنا أتأمل وجهي في المرآة .. و أجر عليه الموس و أحلقه بعناية قطعة قطعة .. و أبحث عن ينابيع النصاحة في عيني . و أصفر بصوت مرح يخرج من نافوخي .. و أقول أنا حر .. أنا أعزب ..
السبت :
دفتر يومياتي يقول إني محجوز على الغذاء و العشاء لمدة أسبوع مقدما ..
إني على حق في إلغاء المطبخ من شقتي .. فما الداعي للمطبخ ما دمت أتغذى في أقرب مطعم و أتعشى عند أقرب صديق .. و أغسل ثيابي عند أقرب مكوجي .. و أعود للبيت لأنام ..
لقد قالت لي صديقتي اليوم :
ــ أنت رجل مضيع للوقت .. أنت موزع على طول الشارع الذي تسكن فيه بين البقالين و الحلاقين و المكوجية و المطاعم و المخابز ..
إن بيتك ليس بيتاً .. إنه مجرد سرير سفاري .. جراج .. خيمة كشافة .. تتزود بالتموين من كل رصيف ..
أنت متشرد ..
و فهمت من كلامها أن تُلمِح لي بالزواج بأسلوب ماكر مهذب .. فقلت لها بهدوء :
_ أنا رجل عصري . لا أضع ثروتي في البيت تحت البلاطة .. و إنما أساهم بها في كل البنوك .. أيكون هذا تضييعاً لي .. !
فقالت في غيظ :
ــ و تساهم بحبك في كل القلوب .. أليس كذلك .. إنك تحاول أن تضمن الواحدة بعقد علاقة مع أخرى .. و لكنك تخسر الإثنين ، لإنك تخسر الثقة .. إن كل شئ في حياتك لا يبعث على الثقة .. و أنت نفسك لا تثق بنفسك ..
و دمعت عيناها .. و أردفت في يأس :
ــ إنك تجعل الإخلاص مستحيلاً .. ثم تبكي لأنك لا تجد الإخلاص .. ألست رجلاً مغفلاً ..
فقلت في ضيق :
_ إن الإخلاص يولد من نفسه و لا يولد بالحقن و المواثيق .. أنا رجل واقعي لا أطلب من الطبيعة البشرية أكثر مما تستطيع أن تعطيه ..
ــ إن الغلب عندك طبيعة .. أنت غلبان .
و شعرت بالغيظ .. ربما لأني غلبان فعلاً .. و لكني لم أجب بكلمة .. و قالت هي بعد فترة :
_ أريد أن أعرف .. ماذا تريد من وراء هذا كله .. في مقابل أي شئ تعيش هذه الحياة ؟
و أجبت في يقين :
_ أريد أن أحتفظ بحريتي ..
_ بالضبط تريد أن تحتفظ بحريتك .. مجرد إحتفاظ .. لأنك لا تفعل بها شيئــاً .
و رفعت صوت الراديو ليغطي على صوتها .. و فاض بي الضيق .
إن المرأة تفقد نصف جمالها حين تلمح بالزواج .. و تفقد النصف الآخر حينما تتحدث عن الفلسفة و المنطق .. و خصوصاً إذا كان كلامها في محله ..
الأحد :
تيقظت متأخراً هذا الصباح .. و فتحت نصف عين على شعاع الشمس الذي يداعب وسادتي .. ثم عدت فأغلقتهما .. و بدأت أفكر من حيث انتهينا في الليلة الماضية .
ماذا أريد من هذا كله ؟
حريتي ..
و ماذا أفعل بحريتي ..
إني أرفض إختيار طريق لأنه يقيدني .. و أفضل البقاء في مفترق الطرق .. أعاني الحرية و لا أمارسها .
أهو احساس بالمسئولية .. أم جبن .. أم تغفيل ..إني دائماً أكتشف أني مثالي من حيث أظن أني واقعي .
إن الواقعية لا تقف في مفترق الطرق أبداً ..
الواقعية لا تعلق إمكانياتها .. و إنما تثب و تعمل ..
و أنا أعلق كل شئ على مشجب ..
و رفعت السماعة لأطلب صديقتي ..فقالت لي إنها خطبت إلى إبن عمها .. و تمنت لي أياما طيبة ..
و وضعت السماعة في سكون .. و تلفَتَّ حولي .. و لأول مرة إكتشفت أن في شقتي صراصير .. و أن العنكبوت يتدلى من جدرانها ..
و تذكرت أن المكوجي قد أخذ كل القمصان للغسيل و لم يحضرها و أن كل الصحون قذرة .. و أحسست أني أكسل من أن أنظف صحناً .. فأرسلت البواب ليشتري لي صحناً جديداً ..
ثم زعقت عليه بعد قفز بضع درجات على السلم ..
_ إستنى عندك .. خد اشتري لي قميص كمان علشان ما عنديش قمصان ..
و أغلقت الباب .. و عدت أتمشى في الصالة .. ثم بدأت أدير البيك آب .. و وضعت أسطوانتي المحببة .
و وقفت في النافذة .. و لكن البيك آب ظل يخشخش ..
و اكتشفت بعد مدة أن طبقات من التراب واقفة في حلقه ..
و لا أدري لماذا تذكرت حكاية الإمبراطورية الواسعة التي أحكمها في تلك اللحظة .. و أحسست أني إمبراطور فعلاً . و لكن إمبراطور على خرابة .
الإثنين :
ذهبت في زيارة فرج .. و هو صديق قديم أعرفه من عشرين عاماً .. و وجدته يدخن الجوزة وسط أولاده الخمسة .. و كان أكبر أولاده يمص عوداً من القصب و يضع المصاصة في طربوشه .. و أصغرهم يقف وسط الغرفة بالفانلة و اللباس .. يلوح بذراعيه الرفيعتين ..
و كانت نونا الصغيرة تخرج لسانها .. ثم تقفز على الكراسي و تؤذن .
و كان فرج وسط هذه الهوسة يضحك و يكركر بقلب طليق و بين حين و آخر يفرغ الطربوش من مصاصة القصب في صينية على الأرض قائلاً في حنان :
_ بقه كده يا ولد يا تنتون .. تحط الزبالة في طربوش أبوك ثم يضحك ..
_ عفاريت الولاد دول .. عفاريت ..
و طول الزيارة كنت أفكر في سؤال واحد .
كيف أضيق بهذا الصراخ و لا أكاد أحتمله دقيقة واحدة .. و كيف إحتمله فرج عشر سنوات .. و هو يضحك .
أهناك سر بين الأب و أولاده .. يجعل كل شئ محتملاً ..
سر لا يفهمه الأعزب ..
ربما .. أنا لم أجرب على كل حال .
الخميس :
بعد ليلة حمراء .. جسمي مثل مدينة اكتسحها زلزال .. أعضائي تهدمت .. عظامي مثل أعمدة معبد .. إنهارت .. و انهار فوقها السقف .
إني أسأل نفسي .. أهذه هي اللذة .. أهذه هي السعادة التي يتزوج من أجلها الناس ؟
مجانين ..
إني لا أجد فيها سبباً أتزوج من أجله .
إنها مجرد رغبة حمقاء .. لا شأن لي بها .. الطبيعة تدفعني إليها و تشوقني و ترغمني .. فأسعى إليها كما يسعى النمل .. و أمارسها في غباء ثم أفيق على لا شئ .. و لا تبقي من النار الموقدة إلا مجاملات فاترة ..
خمس دقائق فقط ..
كيف أتزوج من أجل خمس دقائق ..
السبت :
سألت نفسي .. ما هو الحب .. و بعد تفكير طويل اكتشفت أن الحب هو أن يبقى شئ بعد الخمس دقائق .. هو أن تبقى في النفس حاجات تدفع الإثنين على البقاء معا .
الحب هو رغبة بين الإثنين لا تستنفذها الطبيعة .. رغبة شخصية لكل منهما في الآخر .. ليس لكونه ذكراً .. و لا لكونها أنثى .. و لكن لكونه فلان .. و لكونها فلانة .. و لكونهما مشدودان بخيط من الفضول و الدهشة و الإعجاب .. كل منهما يحب أن يصغى إلى صوت الآخر .. حتى و لو لم يكن يتكلم .. يصغى إلى صوت وجوده ..
فكرت في هذه العبارات ثم ضحكت .. يالي من شاعر و تذكرت أخي و هو يقول لي كل يوم :
_ إلى متى تظل أعزب .. متى تفكر في الزواج .
و هو لا يدري أني أعزب لأني أفكر في الزواج .. أقتله تفكيراً كل يوم .. و أفكر في الحب و أقتله تفكيراً .. ثم أقتل نفسي من كثرة التفكير في نفسي .. ثم لا يبقى بعد هذا إلا أشباح و رغبات .. و شبح آخر أحمق ثرثار هو أنا .. لا يفتأ يسأل .. و يسأل .. يسأل لماذا .. و كيف .. و متى .. و أين
.. و إلى أين ..
. ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ حيــاة الأعـزب . . .
الجمعة :
أنا حاكم لا شريك له على بيت أنيق ..
ليس لي ثانٍ في دولتي الصغيرة الجميلة . أستطيع أن أصحى متى شئت .. و أنام متى شئت .. و أخلع ثيابي .. و أغني .. و أُطرقع مفاصلي .. و أشرب الماء أو العرقسوس أو الويسكي كما يحلو لي ...
ليس على أكتافي شئ سوى رأسي ... لا مسئوليات .. لا هموم .. لا مطالب .. لا واجبات .. فأنا أعزب .. كلمة جميلة حلوة .. هذه الكلمة .. أعزب ..
لقد تذكرتها و أنا أحلق ذقني .. و أنظر إلى وجهي في المرآة .
فصفرت بفمي نشيد المارسيليز إحتفالا بالحرية المطلقة التي أعيش فيها .. و الإمبراطورية الواسعة التي أحكمها .. و التي تتألف من ثلاث غرف و صالة و حمام أنيق بالقيشاني ..
سوف أنام الليلة ملء أجفاني .. تحلم بي كل عانس و يحسدني كل زوج .. و تجعل مني بنات السادسة عشرة محوراً لمغامراتهن .. و يحمل همي الخادم و البواب و الجيران .. و لا أحمل أنا سوى إبتسامة و اسعة ساخرة معها آخر نكتة من نكت الموسم ..
يقولون إن حياة الأعزب تعاسة .. و وِحدة و فراغ .. و فشل .. و هذه خرافة خلقها الأزواج لأنهم فشلوا في أن يكونوا عُزاباً ناجحين .
و مثلها .. حكاية البيت الدافئ .. و الأولاد الذين يمدون بقاء الزوج على الأرض .. و الزوجة التي تضئ ظلام الوحدة مثل القنديل . و حديث آخر الليل الذي يتقاسم فيه الزوجان المسرات و الهموم ..
كل هذه إعلانات مثل الإعلانات التي تروج بيع الصابون و ملح كروشن و الأسبرو .
أما الواقع فهو شئ آخر غير هذه الإعلانات .. فالبيت قد لا يدخله الدفء بالمرة .. و الإبن قد لا يمد أجل أبيه .. و ربما أخذ أجله .. و الزوجة قد تكون نكداً .. و حديث آخر الليل غالبا ما تحول إلى مراجعة للحسابات تنتهي بخناقة و بأن يعطي كل واحد ظهره لصاحبه و وجهه للحائط ..
خذوا الحكمة من أفواه المتزوجين .
إن من عادتي أن أترك ملعب الزوجية ينزل فيه أصدقائي .. و أكتفي بالتهليل على كل هدف يصيبه أي واحد من الاثنين ..
و مازلت أشكر الله على هذه النصاحة . و أشعر بالتلذذ و أنا أتأمل وجهي في المرآة .. و أجر عليه الموس و أحلقه بعناية قطعة قطعة .. و أبحث عن ينابيع النصاحة في عيني . و أصفر بصوت مرح يخرج من نافوخي .. و أقول أنا حر .. أنا أعزب ..
السبت :
دفتر يومياتي يقول إني محجوز على الغذاء و العشاء لمدة أسبوع مقدما ..
إني على حق في إلغاء المطبخ من شقتي .. فما الداعي للمطبخ ما دمت أتغذى في أقرب مطعم و أتعشى عند أقرب صديق .. و أغسل ثيابي عند أقرب مكوجي .. و أعود للبيت لأنام ..
لقد قالت لي صديقتي اليوم :
ــ أنت رجل مضيع للوقت .. أنت موزع على طول الشارع الذي تسكن فيه بين البقالين و الحلاقين و المكوجية و المطاعم و المخابز ..
إن بيتك ليس بيتاً .. إنه مجرد سرير سفاري .. جراج .. خيمة كشافة .. تتزود بالتموين من كل رصيف ..
أنت متشرد ..
و فهمت من كلامها أن تُلمِح لي بالزواج بأسلوب ماكر مهذب .. فقلت لها بهدوء :
_ أنا رجل عصري . لا أضع ثروتي في البيت تحت البلاطة .. و إنما أساهم بها في كل البنوك .. أيكون هذا تضييعاً لي .. !
فقالت في غيظ :
ــ و تساهم بحبك في كل القلوب .. أليس كذلك .. إنك تحاول أن تضمن الواحدة بعقد علاقة مع أخرى .. و لكنك تخسر الإثنين ، لإنك تخسر الثقة .. إن كل شئ في حياتك لا يبعث على الثقة .. و أنت نفسك لا تثق بنفسك ..
و دمعت عيناها .. و أردفت في يأس :
ــ إنك تجعل الإخلاص مستحيلاً .. ثم تبكي لأنك لا تجد الإخلاص .. ألست رجلاً مغفلاً ..
فقلت في ضيق :
_ إن الإخلاص يولد من نفسه و لا يولد بالحقن و المواثيق .. أنا رجل واقعي لا أطلب من الطبيعة البشرية أكثر مما تستطيع أن تعطيه ..
ــ إن الغلب عندك طبيعة .. أنت غلبان .
و شعرت بالغيظ .. ربما لأني غلبان فعلاً .. و لكني لم أجب بكلمة .. و قالت هي بعد فترة :
_ أريد أن أعرف .. ماذا تريد من وراء هذا كله .. في مقابل أي شئ تعيش هذه الحياة ؟
و أجبت في يقين :
_ أريد أن أحتفظ بحريتي ..
_ بالضبط تريد أن تحتفظ بحريتك .. مجرد إحتفاظ .. لأنك لا تفعل بها شيئــاً .
و رفعت صوت الراديو ليغطي على صوتها .. و فاض بي الضيق .
إن المرأة تفقد نصف جمالها حين تلمح بالزواج .. و تفقد النصف الآخر حينما تتحدث عن الفلسفة و المنطق .. و خصوصاً إذا كان كلامها في محله ..
الأحد :
تيقظت متأخراً هذا الصباح .. و فتحت نصف عين على شعاع الشمس الذي يداعب وسادتي .. ثم عدت فأغلقتهما .. و بدأت أفكر من حيث انتهينا في الليلة الماضية .
ماذا أريد من هذا كله ؟
حريتي ..
و ماذا أفعل بحريتي ..
إني أرفض إختيار طريق لأنه يقيدني .. و أفضل البقاء في مفترق الطرق .. أعاني الحرية و لا أمارسها .
أهو احساس بالمسئولية .. أم جبن .. أم تغفيل ..إني دائماً أكتشف أني مثالي من حيث أظن أني واقعي .
إن الواقعية لا تقف في مفترق الطرق أبداً ..
الواقعية لا تعلق إمكانياتها .. و إنما تثب و تعمل ..
و أنا أعلق كل شئ على مشجب ..
و رفعت السماعة لأطلب صديقتي ..فقالت لي إنها خطبت إلى إبن عمها .. و تمنت لي أياما طيبة ..
و وضعت السماعة في سكون .. و تلفَتَّ حولي .. و لأول مرة إكتشفت أن في شقتي صراصير .. و أن العنكبوت يتدلى من جدرانها ..
و تذكرت أن المكوجي قد أخذ كل القمصان للغسيل و لم يحضرها و أن كل الصحون قذرة .. و أحسست أني أكسل من أن أنظف صحناً .. فأرسلت البواب ليشتري لي صحناً جديداً ..
ثم زعقت عليه بعد قفز بضع درجات على السلم ..
_ إستنى عندك .. خد اشتري لي قميص كمان علشان ما عنديش قمصان ..
و أغلقت الباب .. و عدت أتمشى في الصالة .. ثم بدأت أدير البيك آب .. و وضعت أسطوانتي المحببة .
و وقفت في النافذة .. و لكن البيك آب ظل يخشخش ..
و اكتشفت بعد مدة أن طبقات من التراب واقفة في حلقه ..
و لا أدري لماذا تذكرت حكاية الإمبراطورية الواسعة التي أحكمها في تلك اللحظة .. و أحسست أني إمبراطور فعلاً . و لكن إمبراطور على خرابة .
الإثنين :
ذهبت في زيارة فرج .. و هو صديق قديم أعرفه من عشرين عاماً .. و وجدته يدخن الجوزة وسط أولاده الخمسة .. و كان أكبر أولاده يمص عوداً من القصب و يضع المصاصة في طربوشه .. و أصغرهم يقف وسط الغرفة بالفانلة و اللباس .. يلوح بذراعيه الرفيعتين ..
و كانت نونا الصغيرة تخرج لسانها .. ثم تقفز على الكراسي و تؤذن .
و كان فرج وسط هذه الهوسة يضحك و يكركر بقلب طليق و بين حين و آخر يفرغ الطربوش من مصاصة القصب في صينية على الأرض قائلاً في حنان :
_ بقه كده يا ولد يا تنتون .. تحط الزبالة في طربوش أبوك ثم يضحك ..
_ عفاريت الولاد دول .. عفاريت ..
و طول الزيارة كنت أفكر في سؤال واحد .
كيف أضيق بهذا الصراخ و لا أكاد أحتمله دقيقة واحدة .. و كيف إحتمله فرج عشر سنوات .. و هو يضحك .
أهناك سر بين الأب و أولاده .. يجعل كل شئ محتملاً ..
سر لا يفهمه الأعزب ..
ربما .. أنا لم أجرب على كل حال .
الخميس :
بعد ليلة حمراء .. جسمي مثل مدينة اكتسحها زلزال .. أعضائي تهدمت .. عظامي مثل أعمدة معبد .. إنهارت .. و انهار فوقها السقف .
إني أسأل نفسي .. أهذه هي اللذة .. أهذه هي السعادة التي يتزوج من أجلها الناس ؟
مجانين ..
إني لا أجد فيها سبباً أتزوج من أجله .
إنها مجرد رغبة حمقاء .. لا شأن لي بها .. الطبيعة تدفعني إليها و تشوقني و ترغمني .. فأسعى إليها كما يسعى النمل .. و أمارسها في غباء ثم أفيق على لا شئ .. و لا تبقي من النار الموقدة إلا مجاملات فاترة ..
خمس دقائق فقط ..
كيف أتزوج من أجل خمس دقائق ..
السبت :
سألت نفسي .. ما هو الحب .. و بعد تفكير طويل اكتشفت أن الحب هو أن يبقى شئ بعد الخمس دقائق .. هو أن تبقى في النفس حاجات تدفع الإثنين على البقاء معا .
الحب هو رغبة بين الإثنين لا تستنفذها الطبيعة .. رغبة شخصية لكل منهما في الآخر .. ليس لكونه ذكراً .. و لا لكونها أنثى .. و لكن لكونه فلان .. و لكونها فلانة .. و لكونهما مشدودان بخيط من الفضول و الدهشة و الإعجاب .. كل منهما يحب أن يصغى إلى صوت الآخر .. حتى و لو لم يكن يتكلم .. يصغى إلى صوت وجوده ..
فكرت في هذه العبارات ثم ضحكت .. يالي من شاعر و تذكرت أخي و هو يقول لي كل يوم :
_ إلى متى تظل أعزب .. متى تفكر في الزواج .
و هو لا يدري أني أعزب لأني أفكر في الزواج .. أقتله تفكيراً كل يوم .. و أفكر في الحب و أقتله تفكيراً .. ثم أقتل نفسي من كثرة التفكير في نفسي .. ثم لا يبقى بعد هذا إلا أشباح و رغبات .. و شبح آخر أحمق ثرثار هو أنا .. لا يفتأ يسأل .. و يسأل .. يسأل لماذا .. و كيف .. و متى .. و أين
.. و إلى أين ..
. ❝
❞ بيوت الموضة أسسها الشياطين خنثت الرجال وأفسدت الحريم
بقلم د محمد عمر
لحظة من فضلك فقد فاض الكيل ولم يعد هناك مجال للتحمل من فرط ما نراه من خلل سلوكي وانحراف أخلاقي وفساد اعتقادي تحت مسمي هذه الموضة التي أصل لها الشياطين
فلما تجد شابا في العشرينات أو الثلاثينات يرتدي بنطال به شباك أو قطع علي فخذه أو علي ركبته قد يصل إلي 10 ×10 سم مربع
إما تحته رقعة من قماش السروال الأبيض هذا إن كان لديه بقايا حياء وإما عليه شبكة من الخيوط يظهر من بينها لحم الفخذ الأبيض إن وصل إلي درجة انعدام الحياء
ولما أسأله لم ترتدي مثل هذا يقول لك الموضة وكأنه يريد أن يستكملها بقوله (يا أيها الرجل المغفل الرجعي المتخلف)
فما بالكم لو كانت شابة في نفس السن أو أصغر وهي تكشف لحم فخذها وبنطالها به قطعين علي الأقل إن لم يكن أكثر فهل هذه تعد موضة أم أنها انعدام الأدب ليس عند الشاب أو الفتاة وحدهما إنما هو انعدام الأدب عندها وعند أبيها وأمها وكل من انتسب إليها إذ أنهم لو كان عندهم من الحياء قدر أنملة لاستحوا من كشف سوءة بنتهم وابنهم لكنها بيوت الموضة التي أسسها الشياطين فخنثت الرجال وأفسدت عقول الحريم.
ولما تجد الرجل يرتدي بنطال فضفاضا ينزل إلي أسفل حذاءه يجر من قمامة الشوارع رغم تحذير النبي من إسبال الإزار ثم تخرج علينا البنات والشابات بجنز من نوع الاسترتش المطاط لا ندري كيف دخلت فيه فهو يصور عجزها ويكشف سوءتها ويصور ساقها كأنها عارية وينتهي إلي نصف ساقها حتي يري الرجال بياض رجليها الذي يعلو فوق حدود جوربها فهل هذه تنتسب إلي فصيل الحريم أم أنها شيطانة متجسدة لا هم لها إلا الإغراء شأنها شأن الشياطين.
ولما تجد من النساء علي شواطئ البحار أشباه العرايا لا يرتدين إلا ما يسد ثغرها ويغطي هضابها فهل هذه خرجت من بيت فيه رجل يستحي ويغار من جنس الرجال الغيورين؟
ألا تعسا لهؤلاء البنات وأشد تعسا لآباءهم الذين أنجبوهم وتركوهم لتربية بيوت الزينة والموضة تربية الشياطين.
انتهي. ❝ ⏤محمد عمر عبد العزيز محمد
❞ بيوت الموضة أسسها الشياطين خنثت الرجال وأفسدت الحريم
بقلم د محمد عمر
لحظة من فضلك فقد فاض الكيل ولم يعد هناك مجال للتحمل من فرط ما نراه من خلل سلوكي وانحراف أخلاقي وفساد اعتقادي تحت مسمي هذه الموضة التي أصل لها الشياطين
فلما تجد شابا في العشرينات أو الثلاثينات يرتدي بنطال به شباك أو قطع علي فخذه أو علي ركبته قد يصل إلي 10 ×10 سم مربع
إما تحته رقعة من قماش السروال الأبيض هذا إن كان لديه بقايا حياء وإما عليه شبكة من الخيوط يظهر من بينها لحم الفخذ الأبيض إن وصل إلي درجة انعدام الحياء
ولما أسأله لم ترتدي مثل هذا يقول لك الموضة وكأنه يريد أن يستكملها بقوله (يا أيها الرجل المغفل الرجعي المتخلف)
فما بالكم لو كانت شابة في نفس السن أو أصغر وهي تكشف لحم فخذها وبنطالها به قطعين علي الأقل إن لم يكن أكثر فهل هذه تعد موضة أم أنها انعدام الأدب ليس عند الشاب أو الفتاة وحدهما إنما هو انعدام الأدب عندها وعند أبيها وأمها وكل من انتسب إليها إذ أنهم لو كان عندهم من الحياء قدر أنملة لاستحوا من كشف سوءة بنتهم وابنهم لكنها بيوت الموضة التي أسسها الشياطين فخنثت الرجال وأفسدت عقول الحريم.
ولما تجد الرجل يرتدي بنطال فضفاضا ينزل إلي أسفل حذاءه يجر من قمامة الشوارع رغم تحذير النبي من إسبال الإزار ثم تخرج علينا البنات والشابات بجنز من نوع الاسترتش المطاط لا ندري كيف دخلت فيه فهو يصور عجزها ويكشف سوءتها ويصور ساقها كأنها عارية وينتهي إلي نصف ساقها حتي يري الرجال بياض رجليها الذي يعلو فوق حدود جوربها فهل هذه تنتسب إلي فصيل الحريم أم أنها شيطانة متجسدة لا هم لها إلا الإغراء شأنها شأن الشياطين.
ولما تجد من النساء علي شواطئ البحار أشباه العرايا لا يرتدين إلا ما يسد ثغرها ويغطي هضابها فهل هذه خرجت من بيت فيه رجل يستحي ويغار من جنس الرجال الغيورين؟
ألا تعسا لهؤلاء البنات وأشد تعسا لآباءهم الذين أنجبوهم وتركوهم لتربية بيوت الزينة والموضة تربية الشياطين.
انتهي . ❝