حين تتكئ الروح على حنينٍ لا يفنى، تصبح كلُّ لحظةٍ انتظارًا، أشبه بممرٍ ضيّق لا نهاية له.
أجلس كل مساء، أبحث في وجه القمر عن ملامحك، وأنتظر أن تهبّ نسمة تحمل شيئًا منك، عطرك، صوتك، أو حتى بعض حضورك الخافت.
هل تعلم كم من المرات تحدثتُ إليك في صمتي؟ وكم مرةٍ أخبرتك في خيالي بكل ما لم يُقَل؟
أصبحتُ أحفظ تفاصيلك أكثر مما أحفظ نفسي، أعرف ارتعاشة صوتك حين تهمس، وارتباكك حين تصمت.
أحببتك في لحظاتك العادية، في ضحكتك العابرة، في نظراتك اللامبالية، حتى في غيابك الذي لا يرحم.
أدرك أن الحب ليس دائمًا احتضانًا ولقاء، أحيانًا يكون غيابًا مؤلمًا، لكنه صادق، حيّ، نابض تحت جِلدي.
تمنيتُ لو أني كنتُ قادرًا على جعلك تبقى، لكنّ البقاء لا يُمنَح، بل يُختار، وقد اخترتَ الرحيل.
ومع ذلك، لم أكرَهك يومًا، ولم أعاتبك كثيرًا، لأن المحبة التي في قلبي، أوسع من أن تُختصر في لوم.
أنا لستُ بخير، لكنني لستُ منكسِرًا، فقط أتعلم كيف أعيش بنصف قلب، وكيف أتنفس بنصف روح.
كل صباح، أرتّب الحنين بداخلي، وأزرع الصبر في صدري، وأمضي نحو يومٍ يشبهك... هادئ، غامض، ومؤلم.
أكتبُ إليك لا لأُعاتب، بل لأقول إن الحب لا ينتهي، هو فقط يتخذ شكلاً آخر، أكثر صمتًا، وأقل وضوحًا.
أحبك حتى وأنت بعيد، حتى وأنت لا تدري، حتى وإن نسيتني، ما زلتُ أحتفظ بك في أكثر زواياي دفئًا.
لم أعد أبحث عنك، لكنك لم تفارقني، وكل الذين مرّوا بعدك، لم يكونوا إلا ظلك.
كل ليلة، أراك في أحلامي، تعود، تضحك، وتقول: \"تأخرتُ، لكنني لم أنسَ الطريق.\"
أفيق، فأجدك وهمًا من نور، وحقيقةً من وجع، وذكرى لا تموت.
أنا لا أريدك أن تعود، أريد فقط أن أشفى منك، أن أراك في قلبي دون أن تؤلمني.
هل تذكر حين قلتَ إنّ الحب لا يخذل؟ كنتَ على حق، لكن الناس هم من يفعلون.
ورغم كل ما كان، ما زلتُ ممتنة لك، لأنك جعلتني أعرف كيف يبدو الحب النقي، حتى وإن كان ناقصًا.
علمتني كيف يكون الانتماء لروحٍ واحدة، ولو كانت لا تنتمي إليّ.
واليوم، أكتب لأتعافى، لا لأسترجع، أكتب لأفرغ ما لم أستطع قوله حين كنت هنا.
وإن سألتني يومًا عنك، سأبتسم، وأقول: \"كان جميلًا كالأحلام، لكنه مرّ كالعابرين.\"
ولن أندم، لأنك كنت فصلًا من فصولي، حتى وإن انتهت حكايتنا دون نهاية.
سأظل أكتبك، ليس لأنك عدت، بل لأنك بقيت حيث لا يراك أحد: بين الحروف، وبين نبضي.
فبعض الغياب لا يُعاقَب، بل يُحتفى به، لأنه علّمنا الصبر، وعرّفنا أنفسنا أكثر.
وها أنا، أقف من جديد، بثباتٍ يشبهك، وحنينٍ لا يخذلك، وعينٍ ما زالت تبحث عنك في اللاشيء.
ربما نلتقي، وربما لا، لكن في كلا الحالتين، سأبقى أدعو لك، لأنك كنت يومًا أغلى أمانيّ.
وإن سألتني كيف أراك الآن؟ سأقول: \"أراك طيفًا في مرآة قلبي، لا يشيخ، ولا يختفي.\"
سلامٌ عليك في بعدك، في قربك، في كل دعاءٍ أرسله دون أن تسأل، وفي كل لحظةٍ كنتَ فيها الحياة ذاتها.
دمتَ بخيرٍ وإن لم تعد لي، ودمتُ بخيرٍ وإن لم أكن لك، فالحب لا يعني الامتلاك، بل البقاء على الدعاء.
وها أنا الآن، أطوي هذه الصفحة، لا لأنك نسيت، بل لأنني بدأت أتذكّر نفسي.
ومن قلبي، الذي أحبك بصدق، أقول: كن سعيدًا، ولو بعيدًا عني، فقد كنتَ الأثر الأجمل في وقتي الصعب.
وأعدك، أنني في كل مرةٍ أراك فيها في الذاكرة، سأبتسم، لا لأنك راجعتني، بل لأنك كنتَ يومًا سببًا لنبضي.
وداعًا لا يعني النهاية، بل بداية لحبٍ آخر، ربما لذاتي، ربما لله، أو ربما لما سيأتي...
لكنك كنت أول من أيقظ فيّ هذا الشعور العميق، ولهذا ستبقى، مهما ابتعدنا، أول نبضة حب في قلبي.
وكلما سُئلت: هل ما زلتَ تحب؟ سأجيب: أنا أحب، ولكن بصمت.
وأخيرًا، إن اجتمعت الأرواح يومًا، فسيعرفك قلبي من النظرة الأولى، لأنك كنت فيه دائمًا، حتى في الغياب.
فنم مطمئنًا، في دعائي، في كتابتي، وفي قلبٍ لا يزال لك وطنًا، رغم كل الفقد.
ك: جنى محمد جوهر. ❝ ⏤الكاتبة /جنى محمد جوهر
❞ سلامٌ على من سكن الدعاء
حين تتكئ الروح على حنينٍ لا يفنى، تصبح كلُّ لحظةٍ انتظارًا، أشبه بممرٍ ضيّق لا نهاية له.
أجلس كل مساء، أبحث في وجه القمر عن ملامحك، وأنتظر أن تهبّ نسمة تحمل شيئًا منك، عطرك، صوتك، أو حتى بعض حضورك الخافت.
هل تعلم كم من المرات تحدثتُ إليك في صمتي؟ وكم مرةٍ أخبرتك في خيالي بكل ما لم يُقَل؟
أصبحتُ أحفظ تفاصيلك أكثر مما أحفظ نفسي، أعرف ارتعاشة صوتك حين تهمس، وارتباكك حين تصمت.
أحببتك في لحظاتك العادية، في ضحكتك العابرة، في نظراتك اللامبالية، حتى في غيابك الذي لا يرحم.
أدرك أن الحب ليس دائمًا احتضانًا ولقاء، أحيانًا يكون غيابًا مؤلمًا، لكنه صادق، حيّ، نابض تحت جِلدي.
تمنيتُ لو أني كنتُ قادرًا على جعلك تبقى، لكنّ البقاء لا يُمنَح، بل يُختار، وقد اخترتَ الرحيل.
ومع ذلك، لم أكرَهك يومًا، ولم أعاتبك كثيرًا، لأن المحبة التي في قلبي، أوسع من أن تُختصر في لوم.
أنا لستُ بخير، لكنني لستُ منكسِرًا، فقط أتعلم كيف أعيش بنصف قلب، وكيف أتنفس بنصف روح.
كل صباح، أرتّب الحنين بداخلي، وأزرع الصبر في صدري، وأمضي نحو يومٍ يشبهك.. هادئ، غامض، ومؤلم.
أكتبُ إليك لا لأُعاتب، بل لأقول إن الحب لا ينتهي، هو فقط يتخذ شكلاً آخر، أكثر صمتًا، وأقل وضوحًا.
أحبك حتى وأنت بعيد، حتى وأنت لا تدري، حتى وإن نسيتني، ما زلتُ أحتفظ بك في أكثر زواياي دفئًا.
لم أعد أبحث عنك، لكنك لم تفارقني، وكل الذين مرّوا بعدك، لم يكونوا إلا ظلك.
كل ليلة، أراك في أحلامي، تعود، تضحك، وتقول: ˝تأخرتُ، لكنني لم أنسَ الطريق.˝
أفيق، فأجدك وهمًا من نور، وحقيقةً من وجع، وذكرى لا تموت.
أنا لا أريدك أن تعود، أريد فقط أن أشفى منك، أن أراك في قلبي دون أن تؤلمني.
هل تذكر حين قلتَ إنّ الحب لا يخذل؟ كنتَ على حق، لكن الناس هم من يفعلون.
ورغم كل ما كان، ما زلتُ ممتنة لك، لأنك جعلتني أعرف كيف يبدو الحب النقي، حتى وإن كان ناقصًا.
علمتني كيف يكون الانتماء لروحٍ واحدة، ولو كانت لا تنتمي إليّ.
واليوم، أكتب لأتعافى، لا لأسترجع، أكتب لأفرغ ما لم أستطع قوله حين كنت هنا.
وإن سألتني يومًا عنك، سأبتسم، وأقول: ˝كان جميلًا كالأحلام، لكنه مرّ كالعابرين.˝
ولن أندم، لأنك كنت فصلًا من فصولي، حتى وإن انتهت حكايتنا دون نهاية.
سأظل أكتبك، ليس لأنك عدت، بل لأنك بقيت حيث لا يراك أحد: بين الحروف، وبين نبضي.
فبعض الغياب لا يُعاقَب، بل يُحتفى به، لأنه علّمنا الصبر، وعرّفنا أنفسنا أكثر.
وها أنا، أقف من جديد، بثباتٍ يشبهك، وحنينٍ لا يخذلك، وعينٍ ما زالت تبحث عنك في اللاشيء.
ربما نلتقي، وربما لا، لكن في كلا الحالتين، سأبقى أدعو لك، لأنك كنت يومًا أغلى أمانيّ.
وإن سألتني كيف أراك الآن؟ سأقول: ˝أراك طيفًا في مرآة قلبي، لا يشيخ، ولا يختفي.˝
سلامٌ عليك في بعدك، في قربك، في كل دعاءٍ أرسله دون أن تسأل، وفي كل لحظةٍ كنتَ فيها الحياة ذاتها.
دمتَ بخيرٍ وإن لم تعد لي، ودمتُ بخيرٍ وإن لم أكن لك، فالحب لا يعني الامتلاك، بل البقاء على الدعاء.
وها أنا الآن، أطوي هذه الصفحة، لا لأنك نسيت، بل لأنني بدأت أتذكّر نفسي.
ومن قلبي، الذي أحبك بصدق، أقول: كن سعيدًا، ولو بعيدًا عني، فقد كنتَ الأثر الأجمل في وقتي الصعب.
وأعدك، أنني في كل مرةٍ أراك فيها في الذاكرة، سأبتسم، لا لأنك راجعتني، بل لأنك كنتَ يومًا سببًا لنبضي.
وداعًا لا يعني النهاية، بل بداية لحبٍ آخر، ربما لذاتي، ربما لله، أو ربما لما سيأتي..
لكنك كنت أول من أيقظ فيّ هذا الشعور العميق، ولهذا ستبقى، مهما ابتعدنا، أول نبضة حب في قلبي.
وكلما سُئلت: هل ما زلتَ تحب؟ سأجيب: أنا أحب، ولكن بصمت.
وأخيرًا، إن اجتمعت الأرواح يومًا، فسيعرفك قلبي من النظرة الأولى، لأنك كنت فيه دائمًا، حتى في الغياب.
فنم مطمئنًا، في دعائي، في كتابتي، وفي قلبٍ لا يزال لك وطنًا، رغم كل الفقد.
ك: جنى محمد جوهر. ❝
❞ #أولًا:
عقلك الواعي يقوم بالتحليل، يعني هذا أنّه جزء منّا ينظر إلى المشاكل ويُحللها ويُحاول إيجاد حلول لها، إنّه الجزء الذي يتّخذ القرارت طوال اليوم.. ❝ ⏤آدم إيسون
❞
#أولًا:
عقلك الواعي يقوم بالتحليل، يعني هذا أنّه جزء منّا ينظر إلى المشاكل ويُحللها ويُحاول إيجاد حلول لها، إنّه الجزء الذي يتّخذ القرارت طوال اليوم. ❝
❞ إن التحويل الحقيقي لن يأتيك وأنت معلق في عواطف الاستسلام، مكبل بحبال خوفك وضعفك
وأصفاد ترددك. التحويل الحقيقي لن يأتيك وأنت مبرمج ذاتيًّا على ظرف “الانتظار”؛ انتظار من يؤذيك حينما يتخذ قرار أن يكف سادّا
يؤذيك. انتظار ما ينكر فضلك وتضحياتك، أن يجيء يوم ويشعرك بالامتنان والتقييم. انتظار من يقتلك بالتجاهل والإهمال، أن ينعم
عليك بنظرة عطف أو كلمة حب. وفي الخاتمة ماذا جنيت من الانتظار غير الحسرة والندامة؟ إن التحويل الحقيقي ينشأ من
داخلك، فهذا ما وعدنا الله به حالَما صرح في قرآنه العظيم : “إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ” [الرعد:11].}. ❝ ⏤على موسى
❞ إن التحويل الحقيقي لن يأتيك وأنت معلق في عواطف الاستسلام، مكبل بحبال خوفك وضعفك
وأصفاد ترددك. التحويل الحقيقي لن يأتيك وأنت مبرمج ذاتيًّا على ظرف “الانتظار”؛ انتظار من يؤذيك حينما يتخذ قرار أن يكف سادّا
يؤذيك. انتظار ما ينكر فضلك وتضحياتك، أن يجيء يوم ويشعرك بالامتنان والتقييم. انتظار من يقتلك بالتجاهل والإهمال، أن ينعم
عليك بنظرة عطف أو كلمة حب. وفي الخاتمة ماذا جنيت من الانتظار غير الحسرة والندامة؟ إن التحويل الحقيقي ينشأ من
داخلك، فهذا ما وعدنا الله به حالَما صرح في قرآنه العظيم : “إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ” [الرعد:11].}. ❝
❞ العبادةٌ حبٌّ وذلّ
«العبادة تتضمن كمال الحبّ ونهايته، وكمال الذلِّ ونهايته، فالمحبوب الذي لا يُعظَّم ولا يُذلُّ له لا يكون معبودًا، والمعظَّم الذي لا يحبُّ لا يكون معبودًا، ولهذا قال سبحانه وتعالى ﴿وَمِنَ النّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دونِ اللَّهِ أَندادًا يُحِبّونَهُم كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذينَ آمَنوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٦٥]». ❝ ⏤أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني
❞ العبادةٌ حبٌّ وذلّ
«العبادة تتضمن كمال الحبّ ونهايته، وكمال الذلِّ ونهايته، فالمحبوب الذي لا يُعظَّم ولا يُذلُّ له لا يكون معبودًا، والمعظَّم الذي لا يحبُّ لا يكون معبودًا، ولهذا قال سبحانه وتعالى ﴿وَمِنَ النّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دونِ اللَّهِ أَندادًا يُحِبّونَهُم كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذينَ آمَنوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ﴾ [البقرة: ١٦٥]». ❝
⏤
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني
❞ مجانين هؤلاء الذين يتخذون من المال هدفا" لحياتهم, فليس للإنسان إلا بطن واحدة يملؤها, وهو لن يستطيع أن يلبس إلا بدله واحدة كل مرة و أن يسكن إلا بيتا" واحدا" فى وقت واحد
فإذا زادت ثروته على حاجاته فلن تكون هذه الزيادة فى خدمته... بل سيكون هو الذى يعمل فى خدمتها..
مجانين يا عزيزي هؤلاء الناس الذين يتخذون المال هدفاً و الشهرة غاية و الطمع خلقاً و الغرور مركباً .. إنهم يعبئون الهواء في حقائب و يمسكون بالظل و ينقشون أسمائهم على الماء ..
إنها مسألة لا تقدم و لا تؤخر إذا اشتهرت بالطيبة و أنت في حقيقتك شرير .. فحقيقتك هي التي تلازمك , أما كلام الصحف فمصيره مثل مصير ورق التواليت و الناس يغيرون وجوههم كل يوم فلا تبحث عن قيمتك في وجوه الناس ..
اسمع .. إن أفقر الفقراء اليوم يستطيع أن يركب عربة و يستقل قطاراً سريعا ً إلى بلده و كان أغنى أغنياء زمان لا يجد إلا حصاناً يحمله و يلقي به منهكاً مجهداً بعد سفر الأيام و الليالي ..
و أغنى أغنياء زمان كان يتباهى بأنه يستطيع أن يجلب فرقة راقصة مغنية تسليه هو و ضيوفه .. و أفقر فقراء اليوم يستطيع بضغطة على زرار أن يستعرض بضع فرق راقصة مغنية في بضع محطات تلهو و ترقص أمامه بالألوان في تلفزيون أو راديو بينما هو يرخي أهدابه لينام في راحة ..
صدقني أن الإنسان لا يشكو لحاجة مادية فهو اليوم أغنى و أكثر ترفاً من قارون الأمس .. و لكنه يشكو لأنه ينظر إلى ما في أيدي الآخرين .. من يركب عربة بالأجرة ينظر إلى من يركب عربة " ملاكي " .. و من عنده العربة الملاكي ينظر إلى من عنده العربتان .. و من عنده يخت ينظر إلى من عنده طائرة .. و صاحب الزوجة الجميلة لا ينظر إلى زوجته بل ينظر إلى زوجة جاره ..
إن كل ما نملكه يفقد قيمته و الأنظار في تحول دائم إلى ما يمتلكه الآخرون ..
إن حقيقة الأمر هو الحسد و العدوان و الحقد و ليس الفقر و لا الافتقار .. و سوف تزداد الشكوى كلما ازداد الناس غنى .. و يزداد الناس إحساساً بالفقر كلما ازداد ما يمتلكون لأن الغنى الفعلي هو حقيقة نفس و ليس حقيقة رصيد
و لأي شيء يشحذ الشحاذ إذا كان يضع كل الفكة ألوفاً مؤلفة من الجنيهات في جوالات و لا ينفق منها شيئاً ..
و لماذا جمع ما جمع ..و لمن كان يجمع ..
لا شيء سوى لذة السلب و العدوان و الإحساس بأنه أذكى ممن أعطاه و أنه ضحك عليه ..و ما ضحك في الواقع إلا على نفسه ..
ليتنا نتوقف عن الجري و اللهاث باحثين عن لحظة صدق لا نضحك فيها على أنفسنا .. لحظة صدق واحدة يا صاحبي أثمن من جميع اللآلئ .. لحظــة صــدق واحـــدة هــي الحيــــــــــاة
دعنى أحك لك قصة يا صديق ..
دعني أرجع بك خمسين سنة إلى الوراء ..
شاب طموح كانت تعشعش في رأسه أحلام كبيرة وكان متعجلا
يريد الثراء في أقصر وقت وبأي سبيل .
وكان له عم يحدثه عن باريس ويكلمه عن السفر والدكتوراه ..
ويقول له سوف أنفق عليك وأتكفل بك ..
وسافر الشاب إلى باريس ..
ولكنه كما قلت كان متعجلا ومشوار الدكتوراه كان أطول بكثير من خطوته .
وكان شارع البيجال أكثر جاذبية وأقل مشقة .
وبدأ صاحبنا دراسته من شارع البيجال من عند فتاة بار - المانية -
وطافت به مارجريت على علب الليل ، ونزلت به إلى عالم المخدرات .
ثم أخدته إلى ألمانيا وعرفته على شقيقها تاجر المخدرات في ميونخ
وأنفق عليه في بذخ خرافي وفتح أمامه أقصر الطرق إلى خزائن الأحلام !
وهكذا غدا صاحبنا عضوا عاملا في أكبر عصابة تهريب تعمل بين تركيا ولبنان وإسرائيل وأروبا والشمال الأفريقي ، واًصبح مليونيرا في شهور ثم قاتل قبل أن يمر عام واحد ، ثم مسجونا في مدريد ينام على الأسفلت ويتبول في برميل ، ثم هاربا تطارده المدافع الرشاشة والكلاب البوليسية ، ثم مسجونا من جديد في سجن برلين ورا عيون الكترونية وقضبان غليظة وأسوار مكهربة تجري هذه الاحداث مسرعة وتجري أحداث الحرب العالمية الثانية في موازاتها مسرعة الأخرى ..
والسنوات تمر حبلى بالكوارث .
وصاحبنا مسجون .
والقنابل تتساقط على برلين .
والحلفاء يدخلون برلين من ثلاثة مواضع .
وكل شيء ينفجر من حوله ومن فوق رأسه ومن تحت رجليه
وينفجر السجن ويجد نفسه في العراء شبحآ يجري في الدخان والبارود .
هيكل عظمى لرجل متسول !
ويشاهد أمامه ألمانيا أخرى غير التي عرفها .
أنقاض وخراب وأشلاء وجوع .
ونساء تبيع الواحدة نفسها برغيف وسيجارة .
والكل ينهب ويسرق ويقتل .
وبنك الرايخ الألماني على الأرض .. البنك المركزي الألماني الذي كان
يضمن كل مؤسسات وشركات ألمانيا ويقرض الدول والجماعات ،
أصبح أعمدة من الخرسانة وحفرا وفجوات وأكواما من التراب
ولعل كثيرين قد فكروا مثله !
ولعل بعضهم سبقه .
إنها خبطة العمر ..
أن يعثر على خزينة محطمة في تلك الأنقاض ، وأن يملآ حقيبته بملايين
الفلوس ويحل كل مشاكلها في لحظة وإلى الأبد ..
إن الكل ينهب والكل يسرق والكل يقتل .
والجريمة هي القاعدة والجنون هو الدستور .
__
هل تصدق يا صاحبي ..
لقد عثر الرجل بالفعل على ضالته وملأ حقيبته بملايين الفلوس ، وعاد كالمجنون ليقرأ في الصباح مانشتات عريضة في جميع الصحف ، بإفلاس العملة وإلغاء الفلوس الألمانية !!
وهكذا تحولت الملايين في يده إلى صفر هكذا فجأة !
وفي غمضة عين وفقد الرجل عقله ..
البنك الذي كان يضمن العالم أصبح غير مضمون ..
لا حول ولا قوة إلا بالله ..
هذه جنازة تخرج من الشارع يا صاحبي .
تُرى جنازة من ؟!
من قال إن أحدا يستطيع أن يضمن أحدا ..
وهل تصور المرحوم الذي نشيعه الآن أنه سوف يعبر الشارع محمولا على الاكتاف ؟!
ولو أن الشاب بطل قصتنا لم يتعجل ولم يطلب الثراء بأي ثمن
لكان له شأن آخر ..
ولو أنه سار معنا وراء هذه الجنازة لرأى المقابر ملأى بألوف الموتى ممن كانوا متعجلين مثله ، ولم يصلوا إلى شيء ، ولربما تغير تفكيره .. ولربما اعتبر !!
أن مشكلة الإنسان أنه قليل الصبر ، وأنه يحاول أن يحصل على كل شيء
في التو واللحظة ، ولا سبيل إلى ذلك إلا بالجريمة !
هل تعرف لماذا لا نصبر ؟!
لأننا نقول دائماً لأنفسنا ..
و من يضمن لنا المستقبل إذا ضحينا بالحاضر .
و لا أحد يفكر بأن الله هو الضامن و أنه هو الحقيقة الوحيدة المؤكدة و أنه خالق الوجود و ضامنه .
إن بنك الرايخ الألمانى الذى كان يضمن العالم لم يستطع أن يضمن نفسه .
و لو امتلأت النفوس بهذا الإيمان لانحلت العقدة .. و لكن لا إيمان اليوم رغم كثرة المآذن .
إنها مجرد مصاحف مُدلاة على الصدور .
لكن الصدور نفسها ليس فيها شئ سوى رغبة مُحرِقة فى اغتنام لذة أو انتهاز مصلحة .
هيه يا صاحبى .. تُرَى هل اعتبرت .
من كتــاب / المسيــخ الدجــال
للدكتور/ مصطفى محمود (رحمه الله ). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ مجانين هؤلاء الذين يتخذون من المال هدفا˝ لحياتهم, فليس للإنسان إلا بطن واحدة يملؤها, وهو لن يستطيع أن يلبس إلا بدله واحدة كل مرة و أن يسكن إلا بيتا˝ واحدا˝ فى وقت واحد
فإذا زادت ثروته على حاجاته فلن تكون هذه الزيادة فى خدمته.. بل سيكون هو الذى يعمل فى خدمتها.
مجانين يا عزيزي هؤلاء الناس الذين يتخذون المال هدفاً و الشهرة غاية و الطمع خلقاً و الغرور مركباً . إنهم يعبئون الهواء في حقائب و يمسكون بالظل و ينقشون أسمائهم على الماء .
إنها مسألة لا تقدم و لا تؤخر إذا اشتهرت بالطيبة و أنت في حقيقتك شرير . فحقيقتك هي التي تلازمك , أما كلام الصحف فمصيره مثل مصير ورق التواليت و الناس يغيرون وجوههم كل يوم فلا تبحث عن قيمتك في وجوه الناس .
اسمع . إن أفقر الفقراء اليوم يستطيع أن يركب عربة و يستقل قطاراً سريعا ً إلى بلده و كان أغنى أغنياء زمان لا يجد إلا حصاناً يحمله و يلقي به منهكاً مجهداً بعد سفر الأيام و الليالي .
و أغنى أغنياء زمان كان يتباهى بأنه يستطيع أن يجلب فرقة راقصة مغنية تسليه هو و ضيوفه . و أفقر فقراء اليوم يستطيع بضغطة على زرار أن يستعرض بضع فرق راقصة مغنية في بضع محطات تلهو و ترقص أمامه بالألوان في تلفزيون أو راديو بينما هو يرخي أهدابه لينام في راحة .
صدقني أن الإنسان لا يشكو لحاجة مادية فهو اليوم أغنى و أكثر ترفاً من قارون الأمس . و لكنه يشكو لأنه ينظر إلى ما في أيدي الآخرين . من يركب عربة بالأجرة ينظر إلى من يركب عربة ˝ ملاكي ˝ . و من عنده العربة الملاكي ينظر إلى من عنده العربتان . و من عنده يخت ينظر إلى من عنده طائرة . و صاحب الزوجة الجميلة لا ينظر إلى زوجته بل ينظر إلى زوجة جاره .
إن كل ما نملكه يفقد قيمته و الأنظار في تحول دائم إلى ما يمتلكه الآخرون .
إن حقيقة الأمر هو الحسد و العدوان و الحقد و ليس الفقر و لا الافتقار . و سوف تزداد الشكوى كلما ازداد الناس غنى . و يزداد الناس إحساساً بالفقر كلما ازداد ما يمتلكون لأن الغنى الفعلي هو حقيقة نفس و ليس حقيقة رصيد
و لأي شيء يشحذ الشحاذ إذا كان يضع كل الفكة ألوفاً مؤلفة من الجنيهات في جوالات و لا ينفق منها شيئاً .
و لماذا جمع ما جمع .و لمن كان يجمع .
لا شيء سوى لذة السلب و العدوان و الإحساس بأنه أذكى ممن أعطاه و أنه ضحك عليه .و ما ضحك في الواقع إلا على نفسه .
ليتنا نتوقف عن الجري و اللهاث باحثين عن لحظة صدق لا نضحك فيها على أنفسنا . لحظة صدق واحدة يا صاحبي أثمن من جميع اللآلئ . لحظــة صــدق واحـــدة هــي الحيــــــــــاة
دعنى أحك لك قصة يا صديق .
دعني أرجع بك خمسين سنة إلى الوراء .
شاب طموح كانت تعشعش في رأسه أحلام كبيرة وكان متعجلا
يريد الثراء في أقصر وقت وبأي سبيل .
وكان له عم يحدثه عن باريس ويكلمه عن السفر والدكتوراه .
ويقول له سوف أنفق عليك وأتكفل بك .
وسافر الشاب إلى باريس .
ولكنه كما قلت كان متعجلا ومشوار الدكتوراه كان أطول بكثير من خطوته .
وكان شارع البيجال أكثر جاذبية وأقل مشقة .
وبدأ صاحبنا دراسته من شارع البيجال من عند فتاة بار - المانية -
وطافت به مارجريت على علب الليل ، ونزلت به إلى عالم المخدرات .
ثم أخدته إلى ألمانيا وعرفته على شقيقها تاجر المخدرات في ميونخ
وأنفق عليه في بذخ خرافي وفتح أمامه أقصر الطرق إلى خزائن الأحلام !
وهكذا غدا صاحبنا عضوا عاملا في أكبر عصابة تهريب تعمل بين تركيا ولبنان وإسرائيل وأروبا والشمال الأفريقي ، واًصبح مليونيرا في شهور ثم قاتل قبل أن يمر عام واحد ، ثم مسجونا في مدريد ينام على الأسفلت ويتبول في برميل ، ثم هاربا تطارده المدافع الرشاشة والكلاب البوليسية ، ثم مسجونا من جديد في سجن برلين ورا عيون الكترونية وقضبان غليظة وأسوار مكهربة تجري هذه الاحداث مسرعة وتجري أحداث الحرب العالمية الثانية في موازاتها مسرعة الأخرى .
والسنوات تمر حبلى بالكوارث .
وصاحبنا مسجون .
والقنابل تتساقط على برلين .
والحلفاء يدخلون برلين من ثلاثة مواضع .
وكل شيء ينفجر من حوله ومن فوق رأسه ومن تحت رجليه
وينفجر السجن ويجد نفسه في العراء شبحآ يجري في الدخان والبارود .
هيكل عظمى لرجل متسول !
ويشاهد أمامه ألمانيا أخرى غير التي عرفها .
أنقاض وخراب وأشلاء وجوع .
ونساء تبيع الواحدة نفسها برغيف وسيجارة .
والكل ينهب ويسرق ويقتل .
وبنك الرايخ الألماني على الأرض . البنك المركزي الألماني الذي كان
يضمن كل مؤسسات وشركات ألمانيا ويقرض الدول والجماعات ،
أصبح أعمدة من الخرسانة وحفرا وفجوات وأكواما من التراب
ولعل كثيرين قد فكروا مثله !
ولعل بعضهم سبقه .
إنها خبطة العمر .
أن يعثر على خزينة محطمة في تلك الأنقاض ، وأن يملآ حقيبته بملايين
الفلوس ويحل كل مشاكلها في لحظة وإلى الأبد .
إن الكل ينهب والكل يسرق والكل يقتل .
والجريمة هي القاعدة والجنون هو الدستور .
__ هل تصدق يا صاحبي .
لقد عثر الرجل بالفعل على ضالته وملأ حقيبته بملايين الفلوس ، وعاد كالمجنون ليقرأ في الصباح مانشتات عريضة في جميع الصحف ، بإفلاس العملة وإلغاء الفلوس الألمانية !!
وهكذا تحولت الملايين في يده إلى صفر هكذا فجأة !
وفي غمضة عين وفقد الرجل عقله .
البنك الذي كان يضمن العالم أصبح غير مضمون .
لا حول ولا قوة إلا بالله .
هذه جنازة تخرج من الشارع يا صاحبي .
تُرى جنازة من ؟!
من قال إن أحدا يستطيع أن يضمن أحدا .
وهل تصور المرحوم الذي نشيعه الآن أنه سوف يعبر الشارع محمولا على الاكتاف ؟!
ولو أن الشاب بطل قصتنا لم يتعجل ولم يطلب الثراء بأي ثمن
لكان له شأن آخر .
ولو أنه سار معنا وراء هذه الجنازة لرأى المقابر ملأى بألوف الموتى ممن كانوا متعجلين مثله ، ولم يصلوا إلى شيء ، ولربما تغير تفكيره . ولربما اعتبر !!
أن مشكلة الإنسان أنه قليل الصبر ، وأنه يحاول أن يحصل على كل شيء
في التو واللحظة ، ولا سبيل إلى ذلك إلا بالجريمة !
هل تعرف لماذا لا نصبر ؟!
لأننا نقول دائماً لأنفسنا .
و من يضمن لنا المستقبل إذا ضحينا بالحاضر .
و لا أحد يفكر بأن الله هو الضامن و أنه هو الحقيقة الوحيدة المؤكدة و أنه خالق الوجود و ضامنه .
إن بنك الرايخ الألمانى الذى كان يضمن العالم لم يستطع أن يضمن نفسه .
و لو امتلأت النفوس بهذا الإيمان لانحلت العقدة . و لكن لا إيمان اليوم رغم كثرة المآذن .
إنها مجرد مصاحف مُدلاة على الصدور .
لكن الصدور نفسها ليس فيها شئ سوى رغبة مُحرِقة فى اغتنام لذة أو انتهاز مصلحة .
هيه يا صاحبى . تُرَى هل اعتبرت .