❞ الماسونية (الجزء الثاني)
كنا قد توقفنا في الحلقة السابقة عند مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم والذي عاش 895، أول قائد من البشر حارب إبليس وجنوده وهزمهم، وهو أول من استخرج المعادن وقطع الأشجار وبنى المدائن (مدينة بابل - السوس الأقصى)، وأول من لبس التاج، ويقال أنه ملك الأقاليم السبعة(إقليم الهند - إقليم بابل - إقليم الحجاز - إقليم مصر - إقليم الترك - إقليم الصين - إقليم الروم)؛ فقد جاب الأرض لينشر العدل ودين الله.
ثم جاء من بعده ابنه يارد والذي كما ذكر في سفر التكوين يعد في المرتبة السابعة من حيث أطول الأعمار حيث توفى عن عمر 962 عام وقد أنجب أخنوخ أو أنس الله (سيدنا إدريس).
سيدنا إدريس هو أول من خط بالقلم وقد أنزل عليه ثلاثون صحيفة، وهو أول من خاط الثياب ولبسها وأول من نظر لعلم النجوم وتحديد المواقيت وعلم الناس الزراعة، وهو النبي الثالث بعد آدم وشيث عليهما السلام، ويقول الله عز وجل عنه في كتابه الكريم (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا (56) وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (57)).
كما عُرف عن سيدنا إدريس أنه اشتهر ببناء المعابد وقام ببناء 188 معبد وقيل بناهم بيده وهذا أثبته الطبري وابن كثير وغيرهم.
لكن أكثر ما أثار جدلا بين الناس هو التشابه الكبير جداً بين نبي الله إدريس
والإله الفرعوني أوزوريس، حيث أكدت عدة المصادر على أن أوزوريس هو أول من علم الناس الكتابة والزراعة، وذلك ما ذكر في بردية (تورينو) والتي تعتبر المصدر الرئيسي لحكام مصر القديمة، كما ذكر في كتاب (الجبتانا) لمؤلفه المؤرخ المصري مانيتون السمنودي والذي يقول في كتابه (أن ملوكا من الآلهة حكموا مصر قبل ملوك من البشر وأزوريس كان قبل الأخير منهم وهو من علمهم الزراعة وفنون البناء وأسلوب الحياة كما صورته النقوش المصرية وهو راقد وعيدان الزرع تبرز من جسده) وذكر أيضا أنه كان يتلقى التعاليم من السماء، كما ذكر في الأسطورة القديمة التي وصلت إلينا عن قصة إيزيس وأوزوريس والتي ورد أن (كان أوزوريس ملكاً عادلاً يحكم مصر، وكان شعبه يحبه كثيراً؛ لأنه كان محباً للخير، ولأنه علم شعبه الزراعة وحب الخير، ونشر العدل والعيش الكريم في فترة حكمه، وكان مقره في الوجه البحري، الأمر الذي أثار غيرة أخاه ست، وزرع حقداً في قلبه، وأشعل رغبة التخلص منه بأي طريقة ليترأس الحكم مكانه، لذا فكر بمؤامرة لقتل أخيه وأخذ عرش حكم مصر، جهز ست تابوتاً ذهبياً مرصعاً بالألماس على مقاس أوزوريس تماماً، وجهز وليمةً كبيرة دعا فيها أشخاص كثر، وأوهمهم أنه جهز هذا التابوت ليهديه لأي شخصٍ يناسب مقاسه، فجرب الجميع التابوت بالتناوب حتى جاء دور أوزوريس، فنام في التابوت الذي صنع خصيصاً له، وأغلق ست التابوت بمساعدة أعوانه، وربطه، ورماه في نهر النيل، فمات أوزوريس غرقاً، وتولى ست الحكم مكانه. لم ترضَ زوجة أوزوريس إيزيس بمصير زوجها، ولم تقف مكتوفة الأيدي لتترك زوجها يغرق، بل بحثت عن التابوت الذهبي حتى عثرت عليه في جبل بيبلوس، ولكن ست وجد جثة زوجها قبلها، وقطعها إلى أربع عشرة قطعةً، وفي بعض الروايات ست عشرة قطعة، وفرق القطع، ووضع كل قطعة في مكان حتى لا تتمكن إيزيس من إيجادها، ولكنها تمكنت من تجميع كل قطع وأشلاء زوجها، واستعانت بالسحر من إعادة الروح إلى زوجها لفترة وجيزة، وحملت منه بابنها حورس بالاستعانة بالسحر كذلك، ولكن كان من الصعب على أوزوريس أن يعيش كحياته السابقة، لذا عاش كملك على ممكلة الأموات. اختبأت إيزيس في أحراش الدلتا وبقيت بعيدة عن الأعين حتى انتهت فترة حملها ووضعت ابنها حورس، وربته بالسر مستعينة بالقوى حتى كبر وأصبح رجلاً قوياً، وعادت بعدها إلى الوادي عند ست حتى تطالب بإعادة عرش أوزوريس الذي أصبح من حق ابنه حورس الشرعي، وحصلت العديد من المعارك بين حورس وست بسبب العرش، وانتهت بانتصار حورس مع مساعدة من القوى. انتهت الأسطورة بمحاكمة القوى لست، وأدانته على أفعاله الدنيئة، ومنحت عرش الحكم للوريث الشرعي له حورس، بينما أصبح ست حاكماً على الصحراء، وبقي أوزوريس حاكماً في مملكة الموتى لرفضه العودة إلى الأرض بسبب انتشار الشر فيها ورفع إلى السماء، وهذا ما ذكر في (متون الأهرام) والتي تصف موت أوزوريس تفصيلا وهي من أقدم النصوص الجنائزية في العالم.
ومؤخرا في عصرنا الحالي اكتشف الباحث الأثري الدكتور وسيم السيسي عن مخطوطة والتي تتحدث عن أوزوريس ورحلته للسماء وتعليمه للمصريين كافة العلوم وصرح أن أوزوريس هو سيدنا إدريس بكل التطابق في الأحداث،
لكن كان النبأ الأغرب هو ما قاله مفتي الجمهورية السابق الشيخ علي جمعة والذي قال: أن سيدنا إدريس أول من بنى الأهرامات وكان يحكم مصر في عصور ما قبل الطوفان ولأنه كان ملكاً عادلاً وعلمهم الكثير من العلوم والهندسة، خلده المصريون كعادة البشر وبنوا له تمثال (أبو الهول) تخليداً لذكراه.
كما ذُكر في كتاب النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة للمؤرخ ابن تغري بردي أن سيدنا إدريس استطاع أن يتوقع الطوفان من حركة النجوم فقرر أن يشيد بناء لحماية الحضارة المصرية القديمة فكان (الهرم الأكبر) ولكن نفى ذلك العديد من المختصين وأكدوا أن أول بناء هرمي هو هرم (زوسر) وأن سيدنا إدريس ليس من بنى الهرم الأكبر أو الأهرامات عموما.
بحر الشيطان هو ذلك البحر الواقع على ضفاف الساحل الجنوبي لليابان والذي قيل عنه أنه شديد الخطورة بل قيل عنه بالمعنى الحرفي أنه مميت، ولا يوجد من لم يسمع عن تلك المنطقة بالمحيط الأطلسي التي دوماً ما تختفي بها السفن والقوارب والطائرات المارة بجواره أو عبره دون أن يظهر لها أثر فيما بعد، وللعديد من القرون فقد اليابانيون الصينيون بمياه (منومي) وهي مياه بحر الشيطان عشرات الطائرات والسفن دون مبرر مقنع لذلك.
وكما يعرف باسم بحر الشيطان فإنه يحمل كذلك اسم (مثلث التنين) وقد تم تحديد موقع بكونه يقع على بعد مائة كيلو متر مربع جنوب مدينة طوكيو، والسبب فب تسميته مثلث التنين ما ورد من أساطير يابانية قديمة تروي عن مجموعة من التنانين كانت تعيش على السواحل اليابانية فيما سبق.
وقد تحدث المؤلف (تشارلز بيرليتز) حول خسائر اليابان لخمس من سفنها العسكرية بالإضافة إلى مائة من العلماء الذين تتجهوا لتلك المنطقة من أجل دراستها كل ذلك قد حدث في غضون عامين فقط وهي الفترة ما بين عام (1952م، 1954م)، وقد افترض العالم (ساندرسون) أن التيارات الباردة والساخنة التي تمر في بحر الشيطان ومنطقة مثلث برمودا تتضمن نقاط ساخنة من الظواهر الغير مبررة والتشوهات الفيزيائية الغريبة التي ينسب إليها إليها غالباً تلك الانحرافات الكهرومغناطيسية، خلق تلك الانحرافات الكهرومغناطيسية دوامات تجذب الأدوات والأشياء التي تمر بجانبها مما يؤدي إلى اختفائها.
تعود تسميته إلى ما يزيد عن ثلاث آلاف عام بل إن شهرته قد تعود إلى الفترة ما قبل الإبحار في المحيط الأطلنطي، وقد تم التحدث عنه بالكتب الصينية واليابانية وفي التبت أيضاً، كما يوجد بعض الأساطير تنسب إلى المملكة اليابانية ( SUNG )، والمملكة الصينية القديمة (YUAN) والتي تعد من أقدم الممالك الصينية.
كما ورد الحديث عن بحر الشيطان بأساطير قديمة يعود تاريخها إلى ما قبل تسعمائة عام قبل الميلاد والتي تحدثت عن تنين يعيش بتلك المنطقة من البحر داخل مبنى موجود أسفل جزيرة صفيرة الحجم بمقاطعة (kiangsu).
وكان هناك تصريحات من حراس الحكومة اليابانية والوزراء مثل تصريح رئيس قوات حرس الحدود اليابانية قائلاً (إن منطقة فرموزا التي بالقرب من اليابان وسواحل الفلبين تتميز باختلال قوى الجاذبية بها شأنها في ذلك شأن منطقة برمودا، ولذا وجب التنويه بإحاطة الحذر لجميع السفن والقوارب التي تمر من تلك المنطقة بأن تأخذ جميع الاحتياطات نحو هذا الخطر المحيط بالمنطقة)، كما كتبت بعضاً من الصحف اليابانية مثل صحيفة أساهي ولكن لم تلقى تلك الكتابات صدى بالعالم الغربي إلا أن وكالة رويترز العالمية نشرت العديد من التقارير حول اختفاء السفن والطائرات في بحر الشيطان.
تبلغ المساحة التي يشغلها بحر الشيطان حوالي (500000 ميل مربع على الأقل)، بالمنطقة التي تعد أكثر احتمالية للتعرض إلى العواصف العنيفة والضربات التي قد تصيب الطائرات والسفن وتتسبب في اختفائها دون سابق إنذار، أكبر أضلاعه من جزيرة يوكوهاما اليابانية شمالاً، بجزيرة جوام بالفلبين جنوباً مروراً بجزيرة أيوجيما، بينما الضلع الأصغر يمتد من جنوب جزيرة جوام إلى مجموعة من الجزر ذات المساحة الصغيرة المعروفة باسم جزر مارينا من الاتجاه الشمالي.
بينما ثالث الأضلع فيمتد من جنوب جزر مارينا حتى جزر يوكوهاما من الناحية الشمالية، وقد وردت العديد من التقارير المختلفة حول مساحة بحر الشيطان وحجمه ولكن التقرير الأخير الذي تم اعتماده هو ما تم وضعه عام (1950م)، وهو ما أشار إلى أن موضع الخطر في تلك لمنطقة يبدأ من على بعد سبعون ميل أي ما يعادل مائة وعشرة كيلو متر من ساحل اليابان الشرقي، والتي تنتهي على بعد ثلاثمائة ميل أي ما يعادل أربعمائة وثمانون كيلومتراً من الساحل الياباني.
لعل الحادثة الأشهر والتي وقعت في بحر الشيطان هو ما حدث من اختفاء مفاجئ وغير مبرر لحاملتي الطائرات اليابانيتين (شكوكو، تايهو)، واللتان كانتا تحملان على متنهما أعداد من الطائرات الحربية كبيرة قبيل الحرب التي كانت قد نشبت بين اليابان والفلبين، إذ كان ذلك الاختفاء مريباً جداً فلم يتم العثور على أي أثر لتلك الحاملات أو ما كانت تحمله من طائرات.
كما تسبب بحر الشيطان في حادثة هي الأبشع من بين مثيلاتها فيما يتعلق بالطيران المدني على مر العصور والتاريخ حينما تعرضت طائرة تتبع الخطوط الجوية الكورية KAL Flight للقصف من قبل القوات السوفيتية وهو ما نتج عنه مقتل كافة الركاب الذين كانوا على متنها والبالغ عددهم مائتان تسعة وستون راكب، وقد نتج ذلك القصف بسبب ما أصاب الملاحة البحرية من شلل عند مرور الطائرة بمنطقة بحر الشيطان وهو ما جعل سيرها يصبح عشوائياً خارج عن السيطرة إلى أن دخلت بالمجال السوفيتي عن طريق الخطأ مما أدى إلى قصفها من قبل أجهزة الدفاع السوفييتي حينما ظنت أنها طائرة تجسس.
ما الرابط بين الماسونية وما ورد في الحلقتين السابقتين
هذا ما سنعرفه إن شاء الله في الحلقة القادمة.
#فوازير #وطن_العرب #أروى_وجيه #أساطير #بين_الحقيقة_والأساطير. ❝ ⏤مجموعة من المؤلفين
❞ الماسونية (الجزء الثاني)
كنا قد توقفنا في الحلقة السابقة عند مهلائيل بن قينان بن أنوش بن شيث بن آدم والذي عاش 895، أول قائد من البشر حارب إبليس وجنوده وهزمهم، وهو أول من استخرج المعادن وقطع الأشجار وبنى المدائن (مدينة بابل - السوس الأقصى)، وأول من لبس التاج، ويقال أنه ملك الأقاليم السبعة(إقليم الهند - إقليم بابل - إقليم الحجاز - إقليم مصر - إقليم الترك - إقليم الصين - إقليم الروم)؛ فقد جاب الأرض لينشر العدل ودين الله.
ثم جاء من بعده ابنه يارد والذي كما ذكر في سفر التكوين يعد في المرتبة السابعة من حيث أطول الأعمار حيث توفى عن عمر 962 عام وقد أنجب أخنوخ أو أنس الله (سيدنا إدريس).
سيدنا إدريس هو أول من خط بالقلم وقد أنزل عليه ثلاثون صحيفة، وهو أول من خاط الثياب ولبسها وأول من نظر لعلم النجوم وتحديد المواقيت وعلم الناس الزراعة، وهو النبي الثالث بعد آدم وشيث عليهما السلام، ويقول الله عز وجل عنه في كتابه الكريم (وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا (56) وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (57)).
كما عُرف عن سيدنا إدريس أنه اشتهر ببناء المعابد وقام ببناء 188 معبد وقيل بناهم بيده وهذا أثبته الطبري وابن كثير وغيرهم.
لكن أكثر ما أثار جدلا بين الناس هو التشابه الكبير جداً بين نبي الله إدريس
والإله الفرعوني أوزوريس، حيث أكدت عدة المصادر على أن أوزوريس هو أول من علم الناس الكتابة والزراعة، وذلك ما ذكر في بردية (تورينو) والتي تعتبر المصدر الرئيسي لحكام مصر القديمة، كما ذكر في كتاب (الجبتانا) لمؤلفه المؤرخ المصري مانيتون السمنودي والذي يقول في كتابه (أن ملوكا من الآلهة حكموا مصر قبل ملوك من البشر وأزوريس كان قبل الأخير منهم وهو من علمهم الزراعة وفنون البناء وأسلوب الحياة كما صورته النقوش المصرية وهو راقد وعيدان الزرع تبرز من جسده) وذكر أيضا أنه كان يتلقى التعاليم من السماء، كما ذكر في الأسطورة القديمة التي وصلت إلينا عن قصة إيزيس وأوزوريس والتي ورد أن (كان أوزوريس ملكاً عادلاً يحكم مصر، وكان شعبه يحبه كثيراً؛ لأنه كان محباً للخير، ولأنه علم شعبه الزراعة وحب الخير، ونشر العدل والعيش الكريم في فترة حكمه، وكان مقره في الوجه البحري، الأمر الذي أثار غيرة أخاه ست، وزرع حقداً في قلبه، وأشعل رغبة التخلص منه بأي طريقة ليترأس الحكم مكانه، لذا فكر بمؤامرة لقتل أخيه وأخذ عرش حكم مصر، جهز ست تابوتاً ذهبياً مرصعاً بالألماس على مقاس أوزوريس تماماً، وجهز وليمةً كبيرة دعا فيها أشخاص كثر، وأوهمهم أنه جهز هذا التابوت ليهديه لأي شخصٍ يناسب مقاسه، فجرب الجميع التابوت بالتناوب حتى جاء دور أوزوريس، فنام في التابوت الذي صنع خصيصاً له، وأغلق ست التابوت بمساعدة أعوانه، وربطه، ورماه في نهر النيل، فمات أوزوريس غرقاً، وتولى ست الحكم مكانه. لم ترضَ زوجة أوزوريس إيزيس بمصير زوجها، ولم تقف مكتوفة الأيدي لتترك زوجها يغرق، بل بحثت عن التابوت الذهبي حتى عثرت عليه في جبل بيبلوس، ولكن ست وجد جثة زوجها قبلها، وقطعها إلى أربع عشرة قطعةً، وفي بعض الروايات ست عشرة قطعة، وفرق القطع، ووضع كل قطعة في مكان حتى لا تتمكن إيزيس من إيجادها، ولكنها تمكنت من تجميع كل قطع وأشلاء زوجها، واستعانت بالسحر من إعادة الروح إلى زوجها لفترة وجيزة، وحملت منه بابنها حورس بالاستعانة بالسحر كذلك، ولكن كان من الصعب على أوزوريس أن يعيش كحياته السابقة، لذا عاش كملك على ممكلة الأموات. اختبأت إيزيس في أحراش الدلتا وبقيت بعيدة عن الأعين حتى انتهت فترة حملها ووضعت ابنها حورس، وربته بالسر مستعينة بالقوى حتى كبر وأصبح رجلاً قوياً، وعادت بعدها إلى الوادي عند ست حتى تطالب بإعادة عرش أوزوريس الذي أصبح من حق ابنه حورس الشرعي، وحصلت العديد من المعارك بين حورس وست بسبب العرش، وانتهت بانتصار حورس مع مساعدة من القوى. انتهت الأسطورة بمحاكمة القوى لست، وأدانته على أفعاله الدنيئة، ومنحت عرش الحكم للوريث الشرعي له حورس، بينما أصبح ست حاكماً على الصحراء، وبقي أوزوريس حاكماً في مملكة الموتى لرفضه العودة إلى الأرض بسبب انتشار الشر فيها ورفع إلى السماء، وهذا ما ذكر في (متون الأهرام) والتي تصف موت أوزوريس تفصيلا وهي من أقدم النصوص الجنائزية في العالم.
ومؤخرا في عصرنا الحالي اكتشف الباحث الأثري الدكتور وسيم السيسي عن مخطوطة والتي تتحدث عن أوزوريس ورحلته للسماء وتعليمه للمصريين كافة العلوم وصرح أن أوزوريس هو سيدنا إدريس بكل التطابق في الأحداث،
لكن كان النبأ الأغرب هو ما قاله مفتي الجمهورية السابق الشيخ علي جمعة والذي قال: أن سيدنا إدريس أول من بنى الأهرامات وكان يحكم مصر في عصور ما قبل الطوفان ولأنه كان ملكاً عادلاً وعلمهم الكثير من العلوم والهندسة، خلده المصريون كعادة البشر وبنوا له تمثال (أبو الهول) تخليداً لذكراه.
كما ذُكر في كتاب النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة للمؤرخ ابن تغري بردي أن سيدنا إدريس استطاع أن يتوقع الطوفان من حركة النجوم فقرر أن يشيد بناء لحماية الحضارة المصرية القديمة فكان (الهرم الأكبر) ولكن نفى ذلك العديد من المختصين وأكدوا أن أول بناء هرمي هو هرم (زوسر) وأن سيدنا إدريس ليس من بنى الهرم الأكبر أو الأهرامات عموما.
بحر الشيطان هو ذلك البحر الواقع على ضفاف الساحل الجنوبي لليابان والذي قيل عنه أنه شديد الخطورة بل قيل عنه بالمعنى الحرفي أنه مميت، ولا يوجد من لم يسمع عن تلك المنطقة بالمحيط الأطلسي التي دوماً ما تختفي بها السفن والقوارب والطائرات المارة بجواره أو عبره دون أن يظهر لها أثر فيما بعد، وللعديد من القرون فقد اليابانيون الصينيون بمياه (منومي) وهي مياه بحر الشيطان عشرات الطائرات والسفن دون مبرر مقنع لذلك.
وكما يعرف باسم بحر الشيطان فإنه يحمل كذلك اسم (مثلث التنين) وقد تم تحديد موقع بكونه يقع على بعد مائة كيلو متر مربع جنوب مدينة طوكيو، والسبب فب تسميته مثلث التنين ما ورد من أساطير يابانية قديمة تروي عن مجموعة من التنانين كانت تعيش على السواحل اليابانية فيما سبق.
وقد تحدث المؤلف (تشارلز بيرليتز) حول خسائر اليابان لخمس من سفنها العسكرية بالإضافة إلى مائة من العلماء الذين تتجهوا لتلك المنطقة من أجل دراستها كل ذلك قد حدث في غضون عامين فقط وهي الفترة ما بين عام (1952م، 1954م)، وقد افترض العالم (ساندرسون) أن التيارات الباردة والساخنة التي تمر في بحر الشيطان ومنطقة مثلث برمودا تتضمن نقاط ساخنة من الظواهر الغير مبررة والتشوهات الفيزيائية الغريبة التي ينسب إليها إليها غالباً تلك الانحرافات الكهرومغناطيسية، خلق تلك الانحرافات الكهرومغناطيسية دوامات تجذب الأدوات والأشياء التي تمر بجانبها مما يؤدي إلى اختفائها.
تعود تسميته إلى ما يزيد عن ثلاث آلاف عام بل إن شهرته قد تعود إلى الفترة ما قبل الإبحار في المحيط الأطلنطي، وقد تم التحدث عنه بالكتب الصينية واليابانية وفي التبت أيضاً، كما يوجد بعض الأساطير تنسب إلى المملكة اليابانية ( SUNG )، والمملكة الصينية القديمة (YUAN) والتي تعد من أقدم الممالك الصينية.
كما ورد الحديث عن بحر الشيطان بأساطير قديمة يعود تاريخها إلى ما قبل تسعمائة عام قبل الميلاد والتي تحدثت عن تنين يعيش بتلك المنطقة من البحر داخل مبنى موجود أسفل جزيرة صفيرة الحجم بمقاطعة (kiangsu).
وكان هناك تصريحات من حراس الحكومة اليابانية والوزراء مثل تصريح رئيس قوات حرس الحدود اليابانية قائلاً (إن منطقة فرموزا التي بالقرب من اليابان وسواحل الفلبين تتميز باختلال قوى الجاذبية بها شأنها في ذلك شأن منطقة برمودا، ولذا وجب التنويه بإحاطة الحذر لجميع السفن والقوارب التي تمر من تلك المنطقة بأن تأخذ جميع الاحتياطات نحو هذا الخطر المحيط بالمنطقة)، كما كتبت بعضاً من الصحف اليابانية مثل صحيفة أساهي ولكن لم تلقى تلك الكتابات صدى بالعالم الغربي إلا أن وكالة رويترز العالمية نشرت العديد من التقارير حول اختفاء السفن والطائرات في بحر الشيطان.
تبلغ المساحة التي يشغلها بحر الشيطان حوالي (500000 ميل مربع على الأقل)، بالمنطقة التي تعد أكثر احتمالية للتعرض إلى العواصف العنيفة والضربات التي قد تصيب الطائرات والسفن وتتسبب في اختفائها دون سابق إنذار، أكبر أضلاعه من جزيرة يوكوهاما اليابانية شمالاً، بجزيرة جوام بالفلبين جنوباً مروراً بجزيرة أيوجيما، بينما الضلع الأصغر يمتد من جنوب جزيرة جوام إلى مجموعة من الجزر ذات المساحة الصغيرة المعروفة باسم جزر مارينا من الاتجاه الشمالي.
بينما ثالث الأضلع فيمتد من جنوب جزر مارينا حتى جزر يوكوهاما من الناحية الشمالية، وقد وردت العديد من التقارير المختلفة حول مساحة بحر الشيطان وحجمه ولكن التقرير الأخير الذي تم اعتماده هو ما تم وضعه عام (1950م)، وهو ما أشار إلى أن موضع الخطر في تلك لمنطقة يبدأ من على بعد سبعون ميل أي ما يعادل مائة وعشرة كيلو متر من ساحل اليابان الشرقي، والتي تنتهي على بعد ثلاثمائة ميل أي ما يعادل أربعمائة وثمانون كيلومتراً من الساحل الياباني.
لعل الحادثة الأشهر والتي وقعت في بحر الشيطان هو ما حدث من اختفاء مفاجئ وغير مبرر لحاملتي الطائرات اليابانيتين (شكوكو، تايهو)، واللتان كانتا تحملان على متنهما أعداد من الطائرات الحربية كبيرة قبيل الحرب التي كانت قد نشبت بين اليابان والفلبين، إذ كان ذلك الاختفاء مريباً جداً فلم يتم العثور على أي أثر لتلك الحاملات أو ما كانت تحمله من طائرات.
كما تسبب بحر الشيطان في حادثة هي الأبشع من بين مثيلاتها فيما يتعلق بالطيران المدني على مر العصور والتاريخ حينما تعرضت طائرة تتبع الخطوط الجوية الكورية KAL Flight للقصف من قبل القوات السوفيتية وهو ما نتج عنه مقتل كافة الركاب الذين كانوا على متنها والبالغ عددهم مائتان تسعة وستون راكب، وقد نتج ذلك القصف بسبب ما أصاب الملاحة البحرية من شلل عند مرور الطائرة بمنطقة بحر الشيطان وهو ما جعل سيرها يصبح عشوائياً خارج عن السيطرة إلى أن دخلت بالمجال السوفيتي عن طريق الخطأ مما أدى إلى قصفها من قبل أجهزة الدفاع السوفييتي حينما ظنت أنها طائرة تجسس.
ما الرابط بين الماسونية وما ورد في الحلقتين السابقتين
هذا ما سنعرفه إن شاء الله في الحلقة القادمة.
#فوازير#وطن_العرب#أروى_وجيه#أساطير#بين_الحقيقة_والأساطير. ❝
❞ الإلكترونيات الصناعية أو الإلكترونيات الاستطاعية (بالإنجليزية: Power Electronics ) هي تطبيق العناصر الإلكترونية ذات الحالة الصلبة في التحكم وتحويل الطاقة الكهربائية.[1][2][3] إنها أيضا تشير إلى مواد بحثية في الهندسة الكهربائية والالكترونية والتي تتعامل مع التصميم، التحكم، الحساب والتكامل لأنظمة معالجة الطاقة الالكترونية غير الخطية والمتغيرة زمنياً.
أول جهاز عالي الطاقة يعتمد الالكترونيات الصناعية كان جهاز Mercury-arc valve أما في الأنظمة الحديثة يتم تحويل الطاقة من خلال أنظمة تبديل نصف ناقلة مثل الديودات ، الثايرستورات، والترانزستورات.
في الأجهزة المنزلية هناك المحول AC/DC أو مايسمى المقوم هو جهاز الإلكترونيات الصناعية المثالي في العديد من الأجهزة الإلكترونية مثل التلفاز ، الحواسيب الشخصية، شاحن البطاريات، إلخ. تتراوح الاستطاعة الكهربائية في الإلكترونيات الصناعية من عشرات الواطات إلى عدة مئات من الواط. أما في الصناعية فتعتبر أجهزة تغيير السرعة أو (الإنفرتر الصناعي) من الأجهزة التي تعتمد الإلكترونيات الصناعية للتحكمبالمحركات التحريضية. مجال الاستطاعة في هذه الأجهزة يبدأ من مئات قليلة من الواط إلى عشرات من الميغاواط.
يمكن تصنيف أجهزة تحويل الطاقة بالإلكترونيات الصناعية اعتمادا على نوع الطاقة الداخلة والخارجة لهذا الجهاز.
• من AC إلى DC (مقوم)
• من DC إلى AC (إنفرتر)
• من DC إلى DC (مبدل DC to DC)
• من AC إلى AC (مبدل AC to AC)
الدائرة الإلكترونية هي مسار مغلق من المكونات الإلكترونية الموصولة فيما بينها ويمكن للتيار الكهربائي المرور عبرها وهي المكون الأساسي لكل الأجهزة الإلكترونية.[1][2][3]
تعد الدارات الإلكترونية electronic circuits أساس النظم الإلكترونية التي تستخدم في مجالات هندسية شتى مثل التحكم والقياس ومعالجة الإشارة. ويعد الثنائي ذو الوصلة والترانزيستور الوسيلتين الفعالتين الأساسيتين في تركيب أي دارة إلكترونية.
تتكون الدائرة الإلكترونية بشكل أساسي من مقاومة(resistor) ومكثف (capacitor) وترانزستور (transistor) والكثير من المكونات الأخرى التي تجتمع لتكون الدائرة الإلكترونية.
يتم تدريس علم الإلكترونيات في العديد من الجامعات في مختلف أنحاء العالم، وهو علم يعنى بتفاعل عناصر الدائرة الإلكترونية مع بعضها البعض.
تتدرج الدوائر الإلكترونية من دائرة بسيطة تمثل مصدر فرق جهد ومقاومة مثل (بطاريه وضوء صغير) إلى دوائر معقدة تحتاج إلى عدة مهندسين وساعات من العمل لتحليلها مثل اللوحة الرئيسية للكميوتر.
يعتمد تحليل الدوائر الإلكترونية على قانون رئيسي هو:
V=I.R
أو فرق V الجهد يساوي المقاومة (R) في التيار(I).
ثنائي الوصلة - الديود PN junction-diode
في بداية اكتشاف أنصاف النواقل semiconductors مثل مادتي الجرمانيوم والسيليكون، وقبل الاكتشاف المخبري للترانزيستورات، كانت هناك العديد من المشاكل التي يجب التغلب عليها لصناعة هذه الثنائيات. استطاع المهندسون في منتصف الخمسينات حل معظم النقاط الحرجة لهذه المشكلات، والدخول بشكل فعال في تكنولوجيا الأجسام الصلبة solid-state.
يتشكل الثنائي من منطقتين متجاورتين من النوع p,n . تكون المنطقة n مليئة بالشحنات السالبة (إلكترونات electrons)، والمنطقة p مليئة بالشحنات الموجبة (ثقوب holes)، يفصل بين المنطقتين منطقة خالية من الشحنات تدعى بالمنطقة المحرمة أو الخالية deplation region، كما في الشكل(1).
بتطبيق انحياز(جهد مستمر) ، أي وصل النهاية الموجبة للمنبع المستمر إلى الطرف p للثنائي، والنهاية السالبة للمنبع إلى الطرف n يمكن للتيار أن يمر داخل الثنائي. من جهة أخرى فإن تطبيق انحياز عكسي ، أي وصل النهاية الموجبة للمنبع إلى الطرف n للثنائي والنهاية السالبة إلى الطرف p يمنع التيار من المرور عبر الثنائي.
لذا يستخدم الثنائي PN في تطبيقات عدة من أكثرها شيوعاً تقويم التيار المتناوب، أي السماح للتيار بالمرور باتجاه ومنعه من المرور بالاتجاه المعاكس. ❝ ⏤أشرف ماهر
❞ الإلكترونيات الصناعية أو الإلكترونيات الاستطاعية (بالإنجليزية: Power Electronics ) هي تطبيق العناصر الإلكترونية ذات الحالة الصلبة في التحكم وتحويل الطاقة الكهربائية.[1][2][3] إنها أيضا تشير إلى مواد بحثية في الهندسة الكهربائية والالكترونية والتي تتعامل مع التصميم، التحكم، الحساب والتكامل لأنظمة معالجة الطاقة الالكترونية غير الخطية والمتغيرة زمنياً.
أول جهاز عالي الطاقة يعتمد الالكترونيات الصناعية كان جهاز Mercury-arc valve أما في الأنظمة الحديثة يتم تحويل الطاقة من خلال أنظمة تبديل نصف ناقلة مثل الديودات ، الثايرستورات، والترانزستورات.
في الأجهزة المنزلية هناك المحول AC/DC أو مايسمى المقوم هو جهاز الإلكترونيات الصناعية المثالي في العديد من الأجهزة الإلكترونية مثل التلفاز ، الحواسيب الشخصية، شاحن البطاريات، إلخ. تتراوح الاستطاعة الكهربائية في الإلكترونيات الصناعية من عشرات الواطات إلى عدة مئات من الواط. أما في الصناعية فتعتبر أجهزة تغيير السرعة أو (الإنفرتر الصناعي) من الأجهزة التي تعتمد الإلكترونيات الصناعية للتحكمبالمحركات التحريضية. مجال الاستطاعة في هذه الأجهزة يبدأ من مئات قليلة من الواط إلى عشرات من الميغاواط.
يمكن تصنيف أجهزة تحويل الطاقة بالإلكترونيات الصناعية اعتمادا على نوع الطاقة الداخلة والخارجة لهذا الجهاز.
• من AC إلى DC (مقوم)
• من DC إلى AC (إنفرتر)
• من DC إلى DC (مبدل DC to DC)
• من AC إلى AC (مبدل AC to AC)
الدائرة الإلكترونية هي مسار مغلق من المكونات الإلكترونية الموصولة فيما بينها ويمكن للتيار الكهربائي المرور عبرها وهي المكون الأساسي لكل الأجهزة الإلكترونية.[1][2][3]
تعد الدارات الإلكترونية electronic circuits أساس النظم الإلكترونية التي تستخدم في مجالات هندسية شتى مثل التحكم والقياس ومعالجة الإشارة. ويعد الثنائي ذو الوصلة والترانزيستور الوسيلتين الفعالتين الأساسيتين في تركيب أي دارة إلكترونية.
تتكون الدائرة الإلكترونية بشكل أساسي من مقاومة(resistor) ومكثف (capacitor) وترانزستور (transistor) والكثير من المكونات الأخرى التي تجتمع لتكون الدائرة الإلكترونية.
يتم تدريس علم الإلكترونيات في العديد من الجامعات في مختلف أنحاء العالم، وهو علم يعنى بتفاعل عناصر الدائرة الإلكترونية مع بعضها البعض.
تتدرج الدوائر الإلكترونية من دائرة بسيطة تمثل مصدر فرق جهد ومقاومة مثل (بطاريه وضوء صغير) إلى دوائر معقدة تحتاج إلى عدة مهندسين وساعات من العمل لتحليلها مثل اللوحة الرئيسية للكميوتر.
يعتمد تحليل الدوائر الإلكترونية على قانون رئيسي هو:
V=I.R
أو فرق V الجهد يساوي المقاومة (R) في التيار(I).
ثنائي الوصلة - الديود PN junction-diode
في بداية اكتشاف أنصاف النواقل semiconductors مثل مادتي الجرمانيوم والسيليكون، وقبل الاكتشاف المخبري للترانزيستورات، كانت هناك العديد من المشاكل التي يجب التغلب عليها لصناعة هذه الثنائيات. استطاع المهندسون في منتصف الخمسينات حل معظم النقاط الحرجة لهذه المشكلات، والدخول بشكل فعال في تكنولوجيا الأجسام الصلبة solid-state.
يتشكل الثنائي من منطقتين متجاورتين من النوع p,n . تكون المنطقة n مليئة بالشحنات السالبة (إلكترونات electrons)، والمنطقة p مليئة بالشحنات الموجبة (ثقوب holes)، يفصل بين المنطقتين منطقة خالية من الشحنات تدعى بالمنطقة المحرمة أو الخالية deplation region، كما في الشكل(1).
بتطبيق انحياز(جهد مستمر) ، أي وصل النهاية الموجبة للمنبع المستمر إلى الطرف p للثنائي، والنهاية السالبة للمنبع إلى الطرف n يمكن للتيار أن يمر داخل الثنائي. من جهة أخرى فإن تطبيق انحياز عكسي ، أي وصل النهاية الموجبة للمنبع إلى الطرف n للثنائي والنهاية السالبة إلى الطرف p يمنع التيار من المرور عبر الثنائي.
لذا يستخدم الثنائي PN في تطبيقات عدة من أكثرها شيوعاً تقويم التيار المتناوب، أي السماح للتيار بالمرور باتجاه ومنعه من المرور بالاتجاه المعاكس. ❝
❞ وصف رواية المال الملعون (سلسلة ملف المستقبل) تأليف (نبيل فاروق)
(نور الدين)، (سلوى)، (رمزي)، (محمود) إنه الفريق الذي يختص كل شخص فيه بمجال معين يختلف عن الآخر ويجتمع الكل معا ليكونوا خليطا متماسكا يجتاز الصعاب والمحن.. ضابط المخابرات والطبيب النفسي ومهندسة الإتصالات وأخصائي علم الأشعة هؤلاء جميعا يصطحبون القراء إلى العديد من المغامرات المستقبلية.. عالم الفضاء ومدينة الأعماق و الثلوج الساخنة والشمس الزرقاء وزمن الدم، وغيرها من الملفات التى تسافر بنا إلى الغد ..إلى المستقبل.. جميعها قصص نجدها ونستمتع بمذاق المغامرة والخيال فيها في هذه السلسلة الشيقة لاغيرها.. سلسلة ملف المستقبل التي أبدع رواياتها الدكتور \"نبيل فاروق\"، وكان هذا الكتاب الذي بين يدينا إحدى حلقاتها. ❝ ⏤نبيل فاروق
❞ وصف رواية المال الملعون (سلسلة ملف المستقبل) تأليف (نبيل فاروق)
(نور الدين)، (سلوى)، (رمزي)، (محمود) إنه الفريق الذي يختص كل شخص فيه بمجال معين يختلف عن الآخر ويجتمع الكل معا ليكونوا خليطا متماسكا يجتاز الصعاب والمحن. ضابط المخابرات والطبيب النفسي ومهندسة الإتصالات وأخصائي علم الأشعة هؤلاء جميعا يصطحبون القراء إلى العديد من المغامرات المستقبلية. عالم الفضاء ومدينة الأعماق و الثلوج الساخنة والشمس الزرقاء وزمن الدم، وغيرها من الملفات التى تسافر بنا إلى الغد .إلى المستقبل. جميعها قصص نجدها ونستمتع بمذاق المغامرة والخيال فيها في هذه السلسلة الشيقة لاغيرها. سلسلة ملف المستقبل التي أبدع رواياتها الدكتور ˝نبيل فاروق˝، وكان هذا الكتاب الذي بين يدينا إحدى حلقاتها. ❝
❞ كان ذلك من زمن بعيد لست أذكره .. ربما كنت أدرج من الثالثة عشرة إلى الرابعة عشرة وربما قبل ذلك .. في مَطَالِعْ المراهقة .. حينما بدأت أتساءل في تمرد :
- تقولون إن الله خلق الدنيا لأنه لابد لكل مخلوق من خالق ولا بد لكل صنعة من صانع ولا بد لكل موجود من موجِد .. صدقنا وآمنا .. فلتقولوا لي إذن مَن خلق الله .. أم أنه جاء بذاته ؟! .. فإذا كان قد جاء بذاته وصحّ في تصوركم أن يتم هذا الأمر .. فلماذا لا يصح في تصوركم أيضاً أن الدنيا جاءت بذاتها بلا خالق وينتهي الإشكال .
كنت أقول هذا فتصفر من حولي الوجوه وتنطلق الألسُن تمطرني باللعنات وتتسابق إليّ اللكمات عن يمين وشمال .. ويستغفر لي أصحاب القلوب التقية ويطلبون لي الهدى .. ويتبرأ مني المتزمتون ويجتمع حولي المتمردون .. فنغرق معاً في جدل لا ينتهي إلا ليبدأ ولا يبدأ إلا ليسترسل .
وتغيب عني تلك الأيام الحقيقة الأولى وراء ذلك الجدل .
إن زهوي بعقلي الذي بدأ يتفتح وإعجابي بموهبة الكلام ومقارعة الحجج التي انفردت بها .. كان هو الحافز دائماً .. وكان هو المشجِع .. وكان هو الدافع .. وليس البحث عن الحقيقة ولا كشف الصواب .
لقد رَفَضْتُ عبادة الله لأني إستغرقت في عبادة نفسي وأُعجبت بومضة النور التي بدأت تومض في فكري مع انفتاح الوعي وبداية الصحوة من مهد الطفولة .
كانت هذه هي الحالة النفسية وراء المشهد الجدلي الذي يتكرر كل يوم . وغابت عني أيضاً أصول المنطق وأنا أعالج المنطق .. ولم أدرك أني أتناقض مع نفسي إذ كيف أعترف بالخالق ثم أقول : ومن خلق الخالق فأجعل منه مخلوقاً في الوقت الذي أسميه خالقاً .. وهي السفسطة بعينها .
ثم إن القول بسبب أول للوجود يقتضي أن يكون هذا السبب واجب الوجود في ذاته وليس معتمداً ولا محتاجاً لغيره لكي يوجد . أما أن يكون السبب في حاجة إلى سبب فإن هذا يجعله واحدة من حلقات السببية ولا يجعل منه سبباً أول .
هذه هي أبعاد القضية الفلسفية التي إنتهت بأرسطو إلى القول بالسبب الأول والمحرك الأول للوجود .
ولم تكن هذه الأبعاد واضحة في ذهني في ذلك الحين .
ولم أكُن قد عرفت بعد من هو أرسطو ولا ما هي القوانين الأولى للمنطق والجدل .
واحتاج الأمر إلى ثلاثين سنة من الغرق في الكتب وآلاف الليالي من الخلوةِ والتأمل والحوار مع النفس وإعادة النظر ثُمَّ إعادة النظر في إعادة النظر ..
ثُمَّ تقليب الفكر على كل وجه لأقطع فيه الطريق الشائكة من ( الله والإنسان ) إلى ( لغز الحياة ) إلى ( لغز الموت ) إلى ما أكتب من كلمات على درب اليقين ، لم يكن الأمر سهلاً .. لأني لم أشأ أن آخذ الأمر مأخذاً سهلاً .
ولو أني أصغيت إلى صوت الفطرة وتركت البداهة تقودني لأعفيت نفسي من عناء الجدل .. ولقادتني الفطرة إلى الله ..
ولكنني جئت في زمن تَعَقّدِتْ فيه كل شيء وضَعِفَ صوت الفطرة حتى صار همساً وإرتفع صوت العقل حتى صار لجاجة وغروراً واعتداداً ..
والعقل معذور في إسرافه إذ يرى نفسه واقفاً على هرم هائل من المنجزات وإذ يرى نفسه مانحاً للحضارة بما فيها من صناعة وكهرباء وصواريخ وطائرات وغواصات وإذ يرى نفسه قد اقتحم البر والبحر والجو والماء وما تحت الماء .. فتصور نفسه القادر على كل شيء وزج نفسه في كل شيء وأقام نفسه حاكماً على ما يعلم وما لا يعلم .
وغرقت في مكتبة البلدية بطنطا وأنا صبي أقرأ لشبلي شميل وسلامة موسى وأتعرف على فرويد وداروين .
وشغفت بالكيمياء والطبيعة والبيولوجيا .. وكان لي معمل صغير في غرفتي أجضر فيه غاز ثاني أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكبريت وأقتل الصراصير بالكلور وأشرِّح فيه الضفادع ، وكانت الصيحة التي غمرت العالم هي .. العلم .. العلم .. العلم .. ولا شيء غير العلم !!
النظرة الموضوعية هي الطريق .
لنرفض الغيبيات ولنكُف عن إطلاق البخور وترديد الخرافات .
من يعطينا دبابات وطائرات ويأخذ منا الأديان والعبادات ؟؟
وكان ما يصلنا من أنباء العلم الغربي باهراً يخطف أبصارنا وكنا نأخذ عن الغرب كل شيء .. الكتب والدواء والملابس والمنسوجات والقاطرات والسيارات .. وحتى الأطعمة المعلبة .. حتى قلم الرصاص والدبوس والإبرة .. حتى نظم التعليم وقوالب التأليف الأدبي من قصة ومسرحية ورواية .. حتى ورق الصحف .
وحول أبطال الغرب وعبقرياته كنا ننسج أحلامنا ومُثُلِنا العليا .. حول باستير وماركوني ورونتجن وأديسون .. وحول نابليون وإبراهام لنكولن .. وكرستوفر كولمبس وماجلان .
كان الغرب هو التقدم ، وكان الشرق العربي هو التخلف والضعف والتخاذل والإنهيار تحت أقدام الإستعمار ، وكان طبيعيّاً أن نتصور أن كل ما يأتينا من الغرب هو النور والحق .. وهو السبيل إلى القوة والخلاص .
ودخلت كلية الطب لأتلقى العلوم بلغة إنجليزية وأدرس التشريح في مراجع إنجليزية وأتكلم مع أستاذي في المشفى باللغة الإنجليزية .. ليس لأن إنجلترا كانت تحتل القناة لكن لسبب آخر مشروع وعادل .. هو أن علم الطب الحديث كان صناعة غربية تماماً .. وما بدأه العرب في هذه العلوم أيام ابن سينا , كان مجرد أوليّات لا تفي بحاجات العصر .
وقد التقط علماء الغرب الخيط من حيث انتهى ابن سينا والباحثون العرب ثم استأنفوا الطريق بإمكانيات متطورة ومعامل ومختبرات وملايين الجنيهات المرصودة للبحث , فسبقوا الأولين من العرب والفُرس والعُجم , وأقاموا صرح علم الطب الحديث والفسيولوجيا والتشريح والباثولوجيا وأصبحوا بحق مرجعاً .
وتعلمت ما تعلمت في كتب الطب .. النظرة العلمية .. وأنه لا يصح إقامة حكم بدون حيثيات من الواقع وشواهد من الحس .
وأن العلم يبدأ من المحسوس والمنظور والملموس وأن العلم ذاته هو عملية جمع شواهد واستخراج قوانين ، وما لا يقع تحت الحس فهو في النظرة العلمية غير موجود ، وأن الغيب لا حساب له في الحكم العلمي .
بهذا العقل العلمي المادي البحت بدأت رحلتي في عالم العقيدة وبالرغم من هذه الأرضية المادية والإنطلاق من المحسوسات الذي ينكر كل ما هو غيب فإني لم أستطع أن أنفي أو أستبعد القوة الإلهية .
كان العلم يقدم صورة عن الكون بالغة الإحكام والإنضباط .. كل شيء من ورقة الشجر إلى جناح الفراشة إلى ذرة الرمل فيها تناسق ونظام وجمال الكون كله مبني وفق هندسة وقوانين دقيقة .
وكل شيء يتحرك بحساب من الذرة المتناهية في الصغر إلى الفلَك العظيم إلى الشمس وكواكبها إلى المجرة الهائلة التي يقول لنا الفَلك إن فيها أكثر من ألف مليون مجرة .
كل هذا الوجود اللامتناهي من أصغر إلكترون إلى أعظم جرم سماوي كنت أراه أشبه بمعزوفة متناسقة الأنغام مضبوطة التوزيع كل حركة فيها بمقدار .. أشبه بالبدن المتكامل الذي فيه روح .
كان العلم يمدني بوسيلة أتصور بها الله بطريقة مادية .
وفي هذه المرحلة تصورت أن الله هو الطاقة الباطنة في الكون التي تنظمه في منظومات جميلة من أحياء وجمادات وأراضٍ وسماوات .. هو الحركة التي كشفها العلم في الذرة وفي البروتوبلازم وفي الأفلاك ..
هو الحيوية الخالقة الباطنة في كل شيء ..أو بعبارة القديس توماس " الفعل الخالص الذي ظل يتحول في الميكروب حتى أصبح إنساناً ومازال يتحول وسيظل يتحول إلى ما لانهاية " .
والوجود كان في تصوري لامحدوداً لانهائياً . إذ لا يمكن أن يحد الوجود إلا العدم .. والعدم معدوم .. ومن هنا يلزم منطقياً أن يكون الوجود غير محدود ولانهائي .
ولا يصح أن نسأل .. مَن الذي خلق الكون . إذ أن السؤال يستتبع أن الكون كان معدوماً في البداية ثم وُجِد .. وكيف يكون لمعدوم كيان ؟! .
إن العدم معدوم في الزمان والمكان وساقط في حساب الكلام ولا يصح القول بأنه كان .
وبهذا جعلت من الوجود حدثاً قديماً أبدياً أزلياً ممتداً في الزمان لا حدود له ولا نهاية .
وأصبح الله في هذه النظرة هو الكل ونحن تجلياته .
الله هو الوجود .. والعدم قبله معدوم .
هو الوجود المادي الممتد أزلاً وأبداً بلا بدء وبلا نهاية .
وهكذا أقمت لنفسي نظرية تكتفي بالموجود .. وترى أن الله هو الوجود .. دون حاجة إلى افتراض الغيب والمغيبات .. ودون حاجة إلى التماس اللامنظور .
وبذلك وقعت في أسر فكرة وحدة الوجود الهندية وفلسفة سبينوزا .. وفكرة برجسون عن الطاقة الباطنة الخلاّقة ..
وكلها فلسفات تبدأ من الأرض .. من الحواس الخمس .. ولا تعترف بالمغيبات ، ووحدة الوجود الهندية تمضي إلى أكثر من ذلك فتلغي الثنائية بين المخلوق والخالق .. فكل المخلوقات في نظرها هي عيني الخالق .
وفي سفر اليوبانيشاد صلاة هندية قديمة تشرح هذا المعنى في أبيات رقيقة من الشعر ...
إن الإله براهماً الذي يسكن قلب العالم يتحدث في همس قائلاً :
إذا ظن القاتل أنه قاتل ......
والمقتول أنه قتيل .........
فليسا يدريان ما خفي من أساليبي ....
حيث أكون الصدر لمن يموت ........
والسلاح لمن يقتل .......
والجناح لمن يطير ......
وحيث أكون لمن يشك في وجودي ......
كل شيء حتى الشك نفسه ....
وحيث أكون أنا الواحد .....
وأنا الأشياء .....
إنه إله يشبه النور الأبيض .. واحد .. وبسيط .. ولكنه يحتوى في داخله على ألوان الطيف السبعة ، وعشت سنوات في هذا الضباب الهندي وهذه الماريجوانا الصوفية ومارست اليوجا وقرأتها في أصولها وتلقيت تعاليمها على أيدي أساتذة هنود .
وسيطرَت عليَّ فكرة التناسخ مدة طويلة وظهرت روايات لي مثل ( العنكبوت ) و ( الخروج من التابوت ) ، ثم بدأت أفيق على حالة من عدم الرضا وعدم الإقتناع .
واعترفت بيني وبين نفسي أن هذه الفكرة عن الله فيها الكثير من الخلط . ومرة أخرى كان العلم هو دليلي ومنقذي ومرشدي ، عكوفي على العلم وعلى الشريحة الحية تحت الميكروسكوب قال لي شيئاً آخر .
وحدة الوجود الهندية كانت عبارة شعرية صوفية .. ولكنها غير صادقة ..
والحقيقة المؤكدة التي يقولها العلم أن هناك وحدة في الخامة لا أكثر .. وحدة في النسيج والسُنن الأولية والقوانين .. وحدة في المادة الأولية التي بُنيَ منها كل شيء .. فكل الحياة من نبات وحيوان وإنسان بنيت من تواليف الكربون مع الآيدروجين والأكسجين .. ولهذا تتحول كلها إلى فحم بالإحتراق .. وكل صنوف الحياة تقوم على الخلية الواحدة ومضاعفاتها .
ومرة أخرى نتعلم من الفلَك والكيمياء والعلوم النووية أن الكربون ذاته وكذلك جميع العناصر المختلفة جاءت من طبخ عنصر واحد في باطن الأفران النجمية الهائلة هو الآيدروجين .
الآيدروجين يتحول في باطن الأفران النجمية إلى هليوم وكربون وسليكون وكوبالت ونيكل وحديد إلى آخر قائمة العناصر وذلك بتفكيكه وإعادة تركيبه في درجات حرارة وضغوط هائلة ، وهذا يرد جميع صنوف الموجودات إلى خامة واحدة .. إلى فتلة واحدة حريرية غُزِل منها الكون في تفصيلات وتصميمات وطُرُز مختلفة .
والخلاف بين صنف وصنف وبين مخلوق ومخلوق هو خلاف في العلاقات الكيفية والكمية .. في المعادلة والشفرة التكوينية .. لكن الخامة واحدة .. وهذا سر الشعور بالنَسَب والقرابة والمصاهرة وصلة الرحم بين الإنسان والحيوان وبين الوَحش ومُروِضه وبين الأنف التي تشم والوهرة العاطرة وبين العين ومنظر الغروب الجميل .
هذا هو سر الهارموني والإنسجام ، إن كل الوجود أفراد أسرة واحدة من أب واحد ، وهو أمر لا يستتبع أبداً أن نقول إن الله هو الوجود , وأن الخالق هو المخلوق فهذا خلط صوفيّ غير وارد .
والأمر شبيه بحالة الناقد الذواقة الذي دخل معرضاً للرسم فاكتشف وحدة فنية بين جميع اللوحات .. واكتشف أنها جميعاً مرسومة على الخامة نفسها .. وبذات المجموعة الواحدة من الألوان , وأكثر من هذا أن أسلوب الرسم واحد .
والنتيجة الطبيعية أن يقفز إلى ذهن الناقد أن خالق جميع هذه اللوحات واحد . وأن الرسّام هو بيكاسو أو شاجال أو موديلياني .. مثلاً ، فالوحدة بين الموجودات تعني وحدة خالقها .
ولكنها لا تعني أبداً أن هذه الموجدات هي ذاتها الخالق ، ولا يقول الناقد أبداً إن هذه الرسوم هي الرسّام ، إن وحدة الوجود الهندية شطحة صوفيّة خرافية .. وهي تبسيط وجداني لا يصادق عليه العلم ولا يرتاح إليه العقل .
وإنما تقول النظرة العلمية المتأملة لظواهر الخلق والمخلوقات , إن هناك وحدة بينها .. وحدة أسلوب ووحدة قوانين ووحدة خامات تعني جميعها أن خالقها واحد لم يشرك معه شريكاً يسمح بأسلوب غير أسلوبه .
وتقول لنا أيضاً إن هذا الخالق هو عقل كلّي شامل ومحيط , يُلهم مخلوقاته ويهديها في رحلة تطورها ويسلّحها بوسائل البقاء , فهو يخلق لبذور الأشجار الصحراوية أجنحةً لتستطيع أن تعبر الصحاري الجرداء بحثاً عن ماء وعن ظروف إنبات موالية .
وهو يزود بيضة البعوضة بكيسين للطفو لتطفو على الماء لحظة وضعها ولا تغرق . وما كان من الممكن للبعوضة أن تدرك قوانين أرشميدس للطفو فتصنع لبيضها تلك الأكياس .
وإنما هو العقل الكلي الشامل المحيط الذي خلق .. هو الذي يزود كل مخلوق بأسباب حياته .. وهو خالق متعالٍ على مخلوقاته .. يعلم ما لا تعلم ويقدر على ما لا تقدر ويرى ما لا ترى ، فهو واحد أحد قادر عالم محيط سميع بصير خبير .. وهو متعال يعطي الصفات ولا تحيط به صفات .
* * *
والصلة دائماً معقودة بين هذا الخالق ومخلوقاته فهو أقرب إليها من دمها الذي يجري فيها ، وهو المبدِع الذي عزف الإبداع هذه المعزوفة الكونية الرائعة ، هو العادل الذي أحكم قوانينها وأقامها على نواميس دقيقة لا تخطئ ، وهكذا قدم لي العلم الفكرة الإسلامية الكاملة عن الله .
* * *
أما القول بأزلية الوجود لأن العدم معدوم والوجود موجود , فهو جدل لفظي لا يقوم إلا على اللعب بالألفاظ ، والعدم في واقع الأمر غير معدوم ، وقيام العدم في التصور والفكر ينفي كونه معدوماً .
والعدم هو على الأكثر نفي ٌ لما نعلم ولكنه نفياً مطلقاً مساوياً للمحو المطلق . وفكرة العدم المطلق فرضية مثل فرضية الصفر الرياضي .. ولا يصح الخلط بين الإفتراض والواقع ولا يصح تحميل الواقع فرضاً نظرياً , فنقول اعتسافاً إن العدم معدوم , ونعتبر أن هذا الكلام قضية وجودية نبني عليها أحكاماً في الواقع .. هذا تناقض صريح وسفسطة جدلية ، وبالمثل القول بأن الوجود موجود .. هنا نفس الخلط .. فالوجود تجريد ذهني والموجود واقع حسيّ ..
وكلمة العدم وكلمة الوجود تجريدات ذهنية كالصفر ،واللانهاية لا يصح أن نخلط بينها وبين الواقع الملموس المتعيَّن ،والكون الكائن المحدد أمام الحواس ،، الكون إذن ليس أزليا ً،، وإنما هو كون مخلوق كان لا بد له بدء بدليل آخرمن قاموس العلم هو ما نعرفه باسم القانون الثاني للديناميكا الحرارية ،، ويقرر هذا القانون أن الحرارة تنتقل من الساخن إلى البارد من الحرارة الأعلى إلى الحرارة الأدنى حتى يتعادل المستويان فيتوقف التبادل الحراري .
ولو كان الكون أبديا أزليا بدون ابتداء لكان التبادل الحراري قد توقف في تلك الآباد الطويلة المتاحة وبالتالي لتوقفت كل صور الحياة ولبردت النجوم وصارت بدرجة حرارة الصقيع والخواء حولها وانتهى كل شيء ،،إن هذا القانون هو ذاته دليل على أن الكون له بدء .
والقيامة الصغرى التي نراها حولنا في موت الحضارات وموت الأفراد وموت النجوم وموت الحيوان والنبات وتناهي اللحظات والحُقَبْ والدهور .. هي لمحة أُخرى تدلنا على القيامة الكبرى التي لابد أن ينتهي إليها الكون ..
إن العلم الحَق لم يكن أبداً مناقضاً للدين بل إنه دالٌ عليه مؤكَد بمعناه .
وإنما نصف العلم هو الذي يوقع العقل في الشبهة والشك ..
وبخاصة إن كان ذلك العقل مزهوّاً بنفسه معتدّاً بعقلانيته .. وبخاصة إذا دارت المعركة في عصر يتصور فيه العقل أنه كلّ شيء .. وإذا حاصرت الإنسان شواهد حضارة ماديّة صارخة تزأر فيها الطائرات وسفن الفضاء والأقمار الصناعيّة .. هاتفةً كلّ لحظة :
أنا المادة ....
أنا كل شيء ....
مقال / اللــــــّـــــه
من كتاب / رحلتي من الشك إلى الإيمان
للدكتور / مصطفى محمود ( رحمه الله ). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ كان ذلك من زمن بعيد لست أذكره . ربما كنت أدرج من الثالثة عشرة إلى الرابعة عشرة وربما قبل ذلك . في مَطَالِعْ المراهقة . حينما بدأت أتساءل في تمرد :
- تقولون إن الله خلق الدنيا لأنه لابد لكل مخلوق من خالق ولا بد لكل صنعة من صانع ولا بد لكل موجود من موجِد . صدقنا وآمنا . فلتقولوا لي إذن مَن خلق الله . أم أنه جاء بذاته ؟! . فإذا كان قد جاء بذاته وصحّ في تصوركم أن يتم هذا الأمر . فلماذا لا يصح في تصوركم أيضاً أن الدنيا جاءت بذاتها بلا خالق وينتهي الإشكال .
كنت أقول هذا فتصفر من حولي الوجوه وتنطلق الألسُن تمطرني باللعنات وتتسابق إليّ اللكمات عن يمين وشمال . ويستغفر لي أصحاب القلوب التقية ويطلبون لي الهدى . ويتبرأ مني المتزمتون ويجتمع حولي المتمردون . فنغرق معاً في جدل لا ينتهي إلا ليبدأ ولا يبدأ إلا ليسترسل .
وتغيب عني تلك الأيام الحقيقة الأولى وراء ذلك الجدل .
إن زهوي بعقلي الذي بدأ يتفتح وإعجابي بموهبة الكلام ومقارعة الحجج التي انفردت بها . كان هو الحافز دائماً . وكان هو المشجِع . وكان هو الدافع . وليس البحث عن الحقيقة ولا كشف الصواب .
لقد رَفَضْتُ عبادة الله لأني إستغرقت في عبادة نفسي وأُعجبت بومضة النور التي بدأت تومض في فكري مع انفتاح الوعي وبداية الصحوة من مهد الطفولة .
كانت هذه هي الحالة النفسية وراء المشهد الجدلي الذي يتكرر كل يوم . وغابت عني أيضاً أصول المنطق وأنا أعالج المنطق . ولم أدرك أني أتناقض مع نفسي إذ كيف أعترف بالخالق ثم أقول : ومن خلق الخالق فأجعل منه مخلوقاً في الوقت الذي أسميه خالقاً . وهي السفسطة بعينها .
ثم إن القول بسبب أول للوجود يقتضي أن يكون هذا السبب واجب الوجود في ذاته وليس معتمداً ولا محتاجاً لغيره لكي يوجد . أما أن يكون السبب في حاجة إلى سبب فإن هذا يجعله واحدة من حلقات السببية ولا يجعل منه سبباً أول .
هذه هي أبعاد القضية الفلسفية التي إنتهت بأرسطو إلى القول بالسبب الأول والمحرك الأول للوجود .
ولم تكن هذه الأبعاد واضحة في ذهني في ذلك الحين .
ولم أكُن قد عرفت بعد من هو أرسطو ولا ما هي القوانين الأولى للمنطق والجدل .
واحتاج الأمر إلى ثلاثين سنة من الغرق في الكتب وآلاف الليالي من الخلوةِ والتأمل والحوار مع النفس وإعادة النظر ثُمَّ إعادة النظر في إعادة النظر .
ثُمَّ تقليب الفكر على كل وجه لأقطع فيه الطريق الشائكة من ( الله والإنسان ) إلى ( لغز الحياة ) إلى ( لغز الموت ) إلى ما أكتب من كلمات على درب اليقين ، لم يكن الأمر سهلاً . لأني لم أشأ أن آخذ الأمر مأخذاً سهلاً .
ولو أني أصغيت إلى صوت الفطرة وتركت البداهة تقودني لأعفيت نفسي من عناء الجدل . ولقادتني الفطرة إلى الله .
ولكنني جئت في زمن تَعَقّدِتْ فيه كل شيء وضَعِفَ صوت الفطرة حتى صار همساً وإرتفع صوت العقل حتى صار لجاجة وغروراً واعتداداً .
والعقل معذور في إسرافه إذ يرى نفسه واقفاً على هرم هائل من المنجزات وإذ يرى نفسه مانحاً للحضارة بما فيها من صناعة وكهرباء وصواريخ وطائرات وغواصات وإذ يرى نفسه قد اقتحم البر والبحر والجو والماء وما تحت الماء . فتصور نفسه القادر على كل شيء وزج نفسه في كل شيء وأقام نفسه حاكماً على ما يعلم وما لا يعلم .
وغرقت في مكتبة البلدية بطنطا وأنا صبي أقرأ لشبلي شميل وسلامة موسى وأتعرف على فرويد وداروين .
وشغفت بالكيمياء والطبيعة والبيولوجيا . وكان لي معمل صغير في غرفتي أجضر فيه غاز ثاني أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكبريت وأقتل الصراصير بالكلور وأشرِّح فيه الضفادع ، وكانت الصيحة التي غمرت العالم هي . العلم . العلم . العلم . ولا شيء غير العلم !!
النظرة الموضوعية هي الطريق .
لنرفض الغيبيات ولنكُف عن إطلاق البخور وترديد الخرافات .
من يعطينا دبابات وطائرات ويأخذ منا الأديان والعبادات ؟؟
وكان ما يصلنا من أنباء العلم الغربي باهراً يخطف أبصارنا وكنا نأخذ عن الغرب كل شيء . الكتب والدواء والملابس والمنسوجات والقاطرات والسيارات . وحتى الأطعمة المعلبة . حتى قلم الرصاص والدبوس والإبرة . حتى نظم التعليم وقوالب التأليف الأدبي من قصة ومسرحية ورواية . حتى ورق الصحف .
وحول أبطال الغرب وعبقرياته كنا ننسج أحلامنا ومُثُلِنا العليا . حول باستير وماركوني ورونتجن وأديسون . وحول نابليون وإبراهام لنكولن . وكرستوفر كولمبس وماجلان .
كان الغرب هو التقدم ، وكان الشرق العربي هو التخلف والضعف والتخاذل والإنهيار تحت أقدام الإستعمار ، وكان طبيعيّاً أن نتصور أن كل ما يأتينا من الغرب هو النور والحق . وهو السبيل إلى القوة والخلاص .
ودخلت كلية الطب لأتلقى العلوم بلغة إنجليزية وأدرس التشريح في مراجع إنجليزية وأتكلم مع أستاذي في المشفى باللغة الإنجليزية . ليس لأن إنجلترا كانت تحتل القناة لكن لسبب آخر مشروع وعادل . هو أن علم الطب الحديث كان صناعة غربية تماماً . وما بدأه العرب في هذه العلوم أيام ابن سينا , كان مجرد أوليّات لا تفي بحاجات العصر .
وقد التقط علماء الغرب الخيط من حيث انتهى ابن سينا والباحثون العرب ثم استأنفوا الطريق بإمكانيات متطورة ومعامل ومختبرات وملايين الجنيهات المرصودة للبحث , فسبقوا الأولين من العرب والفُرس والعُجم , وأقاموا صرح علم الطب الحديث والفسيولوجيا والتشريح والباثولوجيا وأصبحوا بحق مرجعاً .
وتعلمت ما تعلمت في كتب الطب . النظرة العلمية . وأنه لا يصح إقامة حكم بدون حيثيات من الواقع وشواهد من الحس .
وأن العلم يبدأ من المحسوس والمنظور والملموس وأن العلم ذاته هو عملية جمع شواهد واستخراج قوانين ، وما لا يقع تحت الحس فهو في النظرة العلمية غير موجود ، وأن الغيب لا حساب له في الحكم العلمي .
بهذا العقل العلمي المادي البحت بدأت رحلتي في عالم العقيدة وبالرغم من هذه الأرضية المادية والإنطلاق من المحسوسات الذي ينكر كل ما هو غيب فإني لم أستطع أن أنفي أو أستبعد القوة الإلهية .
كان العلم يقدم صورة عن الكون بالغة الإحكام والإنضباط . كل شيء من ورقة الشجر إلى جناح الفراشة إلى ذرة الرمل فيها تناسق ونظام وجمال الكون كله مبني وفق هندسة وقوانين دقيقة .
وكل شيء يتحرك بحساب من الذرة المتناهية في الصغر إلى الفلَك العظيم إلى الشمس وكواكبها إلى المجرة الهائلة التي يقول لنا الفَلك إن فيها أكثر من ألف مليون مجرة .
كل هذا الوجود اللامتناهي من أصغر إلكترون إلى أعظم جرم سماوي كنت أراه أشبه بمعزوفة متناسقة الأنغام مضبوطة التوزيع كل حركة فيها بمقدار . أشبه بالبدن المتكامل الذي فيه روح .
كان العلم يمدني بوسيلة أتصور بها الله بطريقة مادية .
وفي هذه المرحلة تصورت أن الله هو الطاقة الباطنة في الكون التي تنظمه في منظومات جميلة من أحياء وجمادات وأراضٍ وسماوات . هو الحركة التي كشفها العلم في الذرة وفي البروتوبلازم وفي الأفلاك .
هو الحيوية الخالقة الباطنة في كل شيء .أو بعبارة القديس توماس ˝ الفعل الخالص الذي ظل يتحول في الميكروب حتى أصبح إنساناً ومازال يتحول وسيظل يتحول إلى ما لانهاية ˝ .
والوجود كان في تصوري لامحدوداً لانهائياً . إذ لا يمكن أن يحد الوجود إلا العدم . والعدم معدوم . ومن هنا يلزم منطقياً أن يكون الوجود غير محدود ولانهائي .
ولا يصح أن نسأل . مَن الذي خلق الكون . إذ أن السؤال يستتبع أن الكون كان معدوماً في البداية ثم وُجِد . وكيف يكون لمعدوم كيان ؟! .
إن العدم معدوم في الزمان والمكان وساقط في حساب الكلام ولا يصح القول بأنه كان .
وبهذا جعلت من الوجود حدثاً قديماً أبدياً أزلياً ممتداً في الزمان لا حدود له ولا نهاية .
وأصبح الله في هذه النظرة هو الكل ونحن تجلياته .
الله هو الوجود . والعدم قبله معدوم .
هو الوجود المادي الممتد أزلاً وأبداً بلا بدء وبلا نهاية .
وهكذا أقمت لنفسي نظرية تكتفي بالموجود . وترى أن الله هو الوجود . دون حاجة إلى افتراض الغيب والمغيبات . ودون حاجة إلى التماس اللامنظور .
وبذلك وقعت في أسر فكرة وحدة الوجود الهندية وفلسفة سبينوزا . وفكرة برجسون عن الطاقة الباطنة الخلاّقة .
وكلها فلسفات تبدأ من الأرض . من الحواس الخمس . ولا تعترف بالمغيبات ، ووحدة الوجود الهندية تمضي إلى أكثر من ذلك فتلغي الثنائية بين المخلوق والخالق . فكل المخلوقات في نظرها هي عيني الخالق .
وفي سفر اليوبانيشاد صلاة هندية قديمة تشرح هذا المعنى في أبيات رقيقة من الشعر ..
إن الإله براهماً الذي يسكن قلب العالم يتحدث في همس قائلاً :
إذا ظن القاتل أنه قاتل ...
والمقتول أنه قتيل .....
فليسا يدريان ما خفي من أساليبي ..
حيث أكون الصدر لمن يموت ....
والسلاح لمن يقتل ....
والجناح لمن يطير ...
وحيث أكون لمن يشك في وجودي ...
كل شيء حتى الشك نفسه ..
وحيث أكون أنا الواحد ...
وأنا الأشياء ...
إنه إله يشبه النور الأبيض . واحد . وبسيط . ولكنه يحتوى في داخله على ألوان الطيف السبعة ، وعشت سنوات في هذا الضباب الهندي وهذه الماريجوانا الصوفية ومارست اليوجا وقرأتها في أصولها وتلقيت تعاليمها على أيدي أساتذة هنود .
وسيطرَت عليَّ فكرة التناسخ مدة طويلة وظهرت روايات لي مثل ( العنكبوت ) و ( الخروج من التابوت ) ، ثم بدأت أفيق على حالة من عدم الرضا وعدم الإقتناع .
واعترفت بيني وبين نفسي أن هذه الفكرة عن الله فيها الكثير من الخلط . ومرة أخرى كان العلم هو دليلي ومنقذي ومرشدي ، عكوفي على العلم وعلى الشريحة الحية تحت الميكروسكوب قال لي شيئاً آخر .
وحدة الوجود الهندية كانت عبارة شعرية صوفية . ولكنها غير صادقة .
والحقيقة المؤكدة التي يقولها العلم أن هناك وحدة في الخامة لا أكثر . وحدة في النسيج والسُنن الأولية والقوانين . وحدة في المادة الأولية التي بُنيَ منها كل شيء . فكل الحياة من نبات وحيوان وإنسان بنيت من تواليف الكربون مع الآيدروجين والأكسجين . ولهذا تتحول كلها إلى فحم بالإحتراق . وكل صنوف الحياة تقوم على الخلية الواحدة ومضاعفاتها .
ومرة أخرى نتعلم من الفلَك والكيمياء والعلوم النووية أن الكربون ذاته وكذلك جميع العناصر المختلفة جاءت من طبخ عنصر واحد في باطن الأفران النجمية الهائلة هو الآيدروجين .
الآيدروجين يتحول في باطن الأفران النجمية إلى هليوم وكربون وسليكون وكوبالت ونيكل وحديد إلى آخر قائمة العناصر وذلك بتفكيكه وإعادة تركيبه في درجات حرارة وضغوط هائلة ، وهذا يرد جميع صنوف الموجودات إلى خامة واحدة . إلى فتلة واحدة حريرية غُزِل منها الكون في تفصيلات وتصميمات وطُرُز مختلفة .
والخلاف بين صنف وصنف وبين مخلوق ومخلوق هو خلاف في العلاقات الكيفية والكمية . في المعادلة والشفرة التكوينية . لكن الخامة واحدة . وهذا سر الشعور بالنَسَب والقرابة والمصاهرة وصلة الرحم بين الإنسان والحيوان وبين الوَحش ومُروِضه وبين الأنف التي تشم والوهرة العاطرة وبين العين ومنظر الغروب الجميل .
هذا هو سر الهارموني والإنسجام ، إن كل الوجود أفراد أسرة واحدة من أب واحد ، وهو أمر لا يستتبع أبداً أن نقول إن الله هو الوجود , وأن الخالق هو المخلوق فهذا خلط صوفيّ غير وارد .
والأمر شبيه بحالة الناقد الذواقة الذي دخل معرضاً للرسم فاكتشف وحدة فنية بين جميع اللوحات . واكتشف أنها جميعاً مرسومة على الخامة نفسها . وبذات المجموعة الواحدة من الألوان , وأكثر من هذا أن أسلوب الرسم واحد .
والنتيجة الطبيعية أن يقفز إلى ذهن الناقد أن خالق جميع هذه اللوحات واحد . وأن الرسّام هو بيكاسو أو شاجال أو موديلياني . مثلاً ، فالوحدة بين الموجودات تعني وحدة خالقها .
ولكنها لا تعني أبداً أن هذه الموجدات هي ذاتها الخالق ، ولا يقول الناقد أبداً إن هذه الرسوم هي الرسّام ، إن وحدة الوجود الهندية شطحة صوفيّة خرافية . وهي تبسيط وجداني لا يصادق عليه العلم ولا يرتاح إليه العقل .
وإنما تقول النظرة العلمية المتأملة لظواهر الخلق والمخلوقات , إن هناك وحدة بينها . وحدة أسلوب ووحدة قوانين ووحدة خامات تعني جميعها أن خالقها واحد لم يشرك معه شريكاً يسمح بأسلوب غير أسلوبه .
وتقول لنا أيضاً إن هذا الخالق هو عقل كلّي شامل ومحيط , يُلهم مخلوقاته ويهديها في رحلة تطورها ويسلّحها بوسائل البقاء , فهو يخلق لبذور الأشجار الصحراوية أجنحةً لتستطيع أن تعبر الصحاري الجرداء بحثاً عن ماء وعن ظروف إنبات موالية .
وهو يزود بيضة البعوضة بكيسين للطفو لتطفو على الماء لحظة وضعها ولا تغرق . وما كان من الممكن للبعوضة أن تدرك قوانين أرشميدس للطفو فتصنع لبيضها تلك الأكياس .
وإنما هو العقل الكلي الشامل المحيط الذي خلق . هو الذي يزود كل مخلوق بأسباب حياته . وهو خالق متعالٍ على مخلوقاته . يعلم ما لا تعلم ويقدر على ما لا تقدر ويرى ما لا ترى ، فهو واحد أحد قادر عالم محيط سميع بصير خبير . وهو متعال يعطي الصفات ولا تحيط به صفات .
**
والصلة دائماً معقودة بين هذا الخالق ومخلوقاته فهو أقرب إليها من دمها الذي يجري فيها ، وهو المبدِع الذي عزف الإبداع هذه المعزوفة الكونية الرائعة ، هو العادل الذي أحكم قوانينها وأقامها على نواميس دقيقة لا تخطئ ، وهكذا قدم لي العلم الفكرة الإسلامية الكاملة عن الله .
**
أما القول بأزلية الوجود لأن العدم معدوم والوجود موجود , فهو جدل لفظي لا يقوم إلا على اللعب بالألفاظ ، والعدم في واقع الأمر غير معدوم ، وقيام العدم في التصور والفكر ينفي كونه معدوماً .
والعدم هو على الأكثر نفي ٌ لما نعلم ولكنه نفياً مطلقاً مساوياً للمحو المطلق . وفكرة العدم المطلق فرضية مثل فرضية الصفر الرياضي . ولا يصح الخلط بين الإفتراض والواقع ولا يصح تحميل الواقع فرضاً نظرياً , فنقول اعتسافاً إن العدم معدوم , ونعتبر أن هذا الكلام قضية وجودية نبني عليها أحكاماً في الواقع . هذا تناقض صريح وسفسطة جدلية ، وبالمثل القول بأن الوجود موجود . هنا نفس الخلط . فالوجود تجريد ذهني والموجود واقع حسيّ .
وكلمة العدم وكلمة الوجود تجريدات ذهنية كالصفر ،واللانهاية لا يصح أن نخلط بينها وبين الواقع الملموس المتعيَّن ،والكون الكائن المحدد أمام الحواس ،، الكون إذن ليس أزليا ً،، وإنما هو كون مخلوق كان لا بد له بدء بدليل آخرمن قاموس العلم هو ما نعرفه باسم القانون الثاني للديناميكا الحرارية ،، ويقرر هذا القانون أن الحرارة تنتقل من الساخن إلى البارد من الحرارة الأعلى إلى الحرارة الأدنى حتى يتعادل المستويان فيتوقف التبادل الحراري .
ولو كان الكون أبديا أزليا بدون ابتداء لكان التبادل الحراري قد توقف في تلك الآباد الطويلة المتاحة وبالتالي لتوقفت كل صور الحياة ولبردت النجوم وصارت بدرجة حرارة الصقيع والخواء حولها وانتهى كل شيء ،،إن هذا القانون هو ذاته دليل على أن الكون له بدء .
والقيامة الصغرى التي نراها حولنا في موت الحضارات وموت الأفراد وموت النجوم وموت الحيوان والنبات وتناهي اللحظات والحُقَبْ والدهور . هي لمحة أُخرى تدلنا على القيامة الكبرى التي لابد أن ينتهي إليها الكون .
إن العلم الحَق لم يكن أبداً مناقضاً للدين بل إنه دالٌ عليه مؤكَد بمعناه .
وإنما نصف العلم هو الذي يوقع العقل في الشبهة والشك .
وبخاصة إن كان ذلك العقل مزهوّاً بنفسه معتدّاً بعقلانيته . وبخاصة إذا دارت المعركة في عصر يتصور فيه العقل أنه كلّ شيء . وإذا حاصرت الإنسان شواهد حضارة ماديّة صارخة تزأر فيها الطائرات وسفن الفضاء والأقمار الصناعيّة . هاتفةً كلّ لحظة :
أنا المادة ..
أنا كل شيء ..
مقال / اللــــــّـــــه
من كتاب / رحلتي من الشك إلى الإيمان
للدكتور / مصطفى محمود ( رحمه الله ). ❝
❞ #الخيال ليس هروبا من القبح، ومن الرعب ، ومن المظالم الإجتماعية ، وإنما هو بالضبط تصميم لبناء بديل ، هندسة فرضية لمجتمع أكثر انسجامًا مع انتظاراتنا الإنسانية والأخلاقية ✌. ❝ ⏤افونسو كروش
❞
#الخيال ليس هروبا من القبح، ومن الرعب ، ومن المظالم الإجتماعية ، وإنما هو بالضبط تصميم لبناء بديل ، هندسة فرضية لمجتمع أكثر انسجامًا مع انتظاراتنا الإنسانية والأخلاقية ✌