❞ حوار مع صديقي الملحد
قال صاحبي : - موقفك اليوم سيكون صعباً ، فعليك أن تثبت أن خلق الإنسان جاء على طريقة جلا جلا .. أمسك الخالق قطعة طين ثم
عجنها في يده و نفخ فيها فإذا بها آدم وهو كلام تخالفك فيه بشدة علوم التطور التي تقول : إن صاحبك آدم جاء نتيجة سلسلة من الأطوار الحيوانية السابقة ، و أنه ليس مقطوع الصلة بأفراد عائلته من الحيوانات ، و أنه و القرود أولاد عمومة يلتقون معاً في سابع جد .. و أن التشابه الأكيد في تفاصيل البنية التشريحية للجميع يدل على أنهم جميعاً أفراد أسرة واحدة .
قلت و أنا أستعد لمعركة علمية دسمة :- دعني أصحح معلوماتك أولاً فأقول لك إن الله لم يخلق آدم على طريقة جلا جلا ..
ها هنا قطعة طين ننفخ فيها فتكون آدم .. فالقرآن يروي قصة مختلفة تماماً عن خلق آدم، قصة يتم فيه الخلق على مراحل و أطوار و زمن إلهي مديد ، والقرآن يقول إن الإنسان لم يخرج من الطين مباشرة ، وإنما خرج من سلالة جاءت من الطين : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ } 12/ سورة المؤمنون
وأن الإنسان في البدء لم يكن شيئاً يذكر :{ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا } 1/ سورة الإنسان
وأن خلقه جاء على أطوار ..{مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا . وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا } 13/14 سورة نوح { وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ } 11/ سورة الأعراف
{ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ . فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ } 71/72 سورة ص
معنى ذلك أن هناك مراحل بدأت بالخلق ثم التصوير .. ثم التسوية ثم النفخ .." وثم " بالزمن الإلهي معناها ملايين السنين : { إِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ } 47/ سورة الحج
انظر إلى هذه المراحل الزمنية للخلق في سورة السجدة .. يقول الله سبحانه إنه : { وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ .ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ . ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ } 7/ 9 سورة السجدة .
في البدء كان الطين ، ثم جاءت سلالة من ماء مهين هي البدايات الأولى للإنسان التي لم تكن شيئاً مذكوراً ، ثم التسوية و التصوير ، ثم نفخ الروح التي بها أصبح للإنسان سمع و بصر و فؤاد .. و أصبح آدم ..
فآدم إذن نهاية سلسلة من الأطوار و ليس بدءاً مطلقاً على طريقة جلا جلا ..
{ وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا } 17/ سورة نوح
هنا عملية إنبات بكل ما في الإنبات من أطوار و مراحل و زمن .. و لكن اللغز الحقيقي هو .. ماذا كانت تلك المراحل بالضبط ، و ماذا كانت تلك الأطوار ؟
هل كل شجرة الحياة من أب واحد .. هي كلها من الطين بحكم التركيب الكيميائي .. و كلها تنتهي بالموت إلى أصلها الترابي .. هذه حقيقة ..
و لكننا نقصد من كلمة " أب " شيئاً أكثر من الأصل الطيني .. و السؤال هو هل تولدت من الطين خلية أولى تعددت و أنجبت كل تلك الأنواع و الفصائل النباتية و الحيوانية بما في ذلك الإنسان ؟
أم أنه كانت هناك بدايات متعددة .. بداية تطورت إلى نباتات ، و بداية تطورت إلى فرع من فروع الحيوان ، كالإسفنج مثلاً ، و بداية أخرى خرج منها فرع آخر كالأسماك ، و بداية خرجت منها الزواحف ، و بداية خرجت منها الطيور ، و بداية خرجت منها الثدييات ، و بداية خرج منها الإنسان ، و بذلك يكون للإنسان جد منفصل ، و يكون لكل نوع جد خاص به ؟
إن التشابه التشريحي للفروع و الأنواع و الفصائل لا ينفي خروج كل نوع من بداية خاصة ، و إنما يدل هذا التشابه التشريحي في الجميع على وحدة الخالق ، و أن صانعها جميعاً واحد ، لأنه خلقها جميعاً من خامة واحدة و بأسلوب واحد و بخطة واحدة .. هذه هي النتيجة الحتمية .
و لكن خروجها كلها من أب واحد ليس نتيجة محتمة لتشابهها التشريحي .. فوسائل المواصلات تتشابه فيما بينها العربة و القطار و الترام و الديزل كلها تقوم على أسس هندسية و تركيبة متشابهة ، دالة بذلك على أنها جميعاً من اختراع العقل البشري .. و لكن هذا لا يمنع أن كل صنف منها جاء من أب مستقل و من فكرة هندسية مستقلة ..
كما أننا لا يصح أن نقول إن عربة اليد تطورت تلقائياً بحكم القوانين الباطنة فيها إلى عربة حنطور ، ثم إلى عربة فورد ثم إلى قطار ، ثم إلى ديزل .
فالواقع غير ذلك .. و هو أن كل طور من هذه الأطوار جاء بطفرة ذهنية في عقل المخترع ، و قفزة إبداع في عقل المهندس ، لم يخرج نوع من آخر .. مع أن الترتيب الزمني قد يؤيد فكرة خروج نوع من نوع .. و لكن ما حدث كان غير ذلك فكل نوع جاء بطفرة إبداعية من العقل المخترع ، و بدأ مستقلاً .
و هذه هي أخطاء داروين و المطبات و الثغرات التي وقع فيها حينما صاغ نظريته .
و دعنا نتذكر معاً ما قال داروين في كتابه " أصل الأنواع " :
كان أول ما اكتشفه داروين في أثناء رحلته بالسفينة " بيجل " هي الخطة التشريحية الواحدة التي بنيت عليها كل الفصائل الحيوانية ..
فالهيكل العظمي واحد في أغلب الحيوانات الفقرية : الذراع في القرد هو نفس الجناح في الطائر ، هو نفس الجناح في الخفاش ، كل عظمة هنا تقابلها عظمة تناظرها هناك مع تحورات طفيفة ، لتلائم الوظيفة ، فالعظام في الطيور رقيقة و خفيفة و مجوفة و هي مغطاة بالريش .. ثم نجد رقبة الزرافة الطويلة بها سبع فقرات ، و رقبة الإنسان سبع فقرات ، و رقبة القنفذ التي لا تذكر من فرط قصرها هي الأخرى بها سبع فقرات ، و هناك خمس أصابع في يد الإنسان ، و نجد نفس التخميس في أصابع القرد ، و الأرنب ، و الضفدعة ، و السحلية ..
و فترة الحمل في الحوت و القرد و الإنسان تسعة أشهر ، و فترة الإرضاع في الجميع سنتان ، و فقرات الذيل في القرد نجدها في الإنسان متدامجة ملتصقة فيما يسمى بالعُصعُص ، و نجد عضلات الذيل قد تحورت في الإنسان إلى قاع متين للحوض ..
ثم نجد القلب بغرفه الأربع في الحصان و الحمار و الأرنب و الحمامة و الإنسان ، و نفس الخطة في تفرع الشرايين و الأوردة ..
ثم نجد نفس الخطة في الجهاز الهضمي : البلعوم ثم المعدة .. ثم " الاثنى عشر " .. ثم الأمعاء الدقيقة .. ثم الأمعاء الغليظة .. ثم الشرج و الجهاز التناسلي : نفس الخصية ، و المبيض ، و قنوات الخصية ، و قنوات المبيض ..
و كذلك الجهاز البولي : نفس الكلية ، و الحالب ، و حويصلة البول ..
و الجهاز التنفسي : القصبة الهوائية و الرئتين ، و نجد أن الرئة في البرمائيات هي نفس كيس العوم في السمكة .
كان طبيعياً بعد هذا أن يتصور داروين أن الحيوانات كلها أفراد أسرة واحدة تفرقت بهم البيئات فتكيفت كل فصيلة مع بيئتها ..
الحوت في المنطقة الجليدية لبس معطفاً من الشحم .. و الدببة لبست الفراء .. و إنسان الغابة في الشمس الإستوائية أسودّ جلده فأصبح كالمظلة الواقية ليقيه الشمس .. و سحالي الكهوف ضمرت عيونها لأنها لا تجد لها فائدة في الظلام فأصبحت عمياء في حين نجد سحالي البراري مبصرة ..
و الحيوانات التي نزلت الماء طورت أطرافها إلى زعانف .. و التي غزت الجو طورت أطرافها إلى أجنحة .. و زواحف الأرض طورت أطرافها إلى أرجل .
ثم ألا يحكي الجنين القصة ؟
ففي مرحلة من مراحل نموه نراه يتنفس بالخياشيم ثم تضمر الخياشيم و تظهر فيه الرئتان ، و في مرحلة نجد له ذيلاً يضمر الذيل و يختفي ، و في مرحلة نراه يكتسي بالشعر ثم ينحسر بعد ذلك الشعر عن جسمه .
ثم ألا تحكي لنا طبقات الصخور بما حفظت لنا من حفريات قصة متسلسلة الحلقات عن ظهور و اختفاء هذه الأنواع الواحد بعد الآخر من الحيوانات البسيطة وحيدة الخلية ، إلى عديدة الخلايا ، إلى الرخويات ، إلى القشريات ، إلى الأسماك ، إلى البرمائيات ، إلى الزواحف ، إلى الطيور ، إلى الثدييات .. و أخيراً إلى الإنسان ..
و لقد أصاب داروين و أبدع حينما وضع هذه المقدمة القيمة في التشابه التشريحي بين الحيوانات و أصاب حينما قال بالتطور .
و لكنه أخطأ حينما حاول أن يفسر عملية الإرتقاء ، و أخطأ حينما حاول أن يتصور مراحل هذا الإرتقاء و تفاصيله .
كان تفسير داروين لعملية الإرتقاء أنه يتم بالعوامل المادية التلقائية وحدها ، حيث تتقاتل الحيوانات بالناب و المخلب في صراع الحياة الدموي الرهيب فيموت الضعيف و يكون البقاء دائماً للأصلح .. تلك الحرب الناشبة في الطبيعة هي التي تفرز الصالح و القوي و تشجعه .. و تبقي على نسله .. و تفسح أمامه سبل الحياة ..
و إذا كانت هذه النظرية تفسر لنا بقاء الأقوى فإنما لا تفسر لنا بقاء الأجمل ، فإن الجناح المنقوش لا يمتاز بأي صلاحيات مادية أو معاشية عن الجناح الأبيض ، و ليس أكفأ منه في الطيران .. و إذا قلنا إن الذكر يفضل الجناح المنقوش ، في التزاوج ، فسوف نسأل و لماذا ؟ .. ما دام هذا النقش لا يمثل أي مزيد من الكفاءة ؟
و إذا دخل تفضيل الأجمل في الحساب فإن النظرية المادية تنهار من أساسها ..
و تبقى النظرية بعد ذلك عاجزة عن تفسير لماذا خرج من عائلة الحمار شيء كالحصان .. و لماذا خرج من عائلة الوعل شيء رقيق مرهف و جميل كالغزال .. مع أنه أقل قوة و أقل إحتمالاً ..
كيف نفسر جناح الهدهد و ريشة الطاووس و موديلات الفراش بألوانها البديعة و نقوشها المذهلة ..
و نحن هنا أمام يد مصور فنان يتفنن و يبدع .. و لسنا أمام عملية غليظة كصراع البقاء و حرب المخلب و الناب ..
و الخطأ الثاني في نظرية التطور جاء بعد ذلك من أصحاب نظرية الطفرة .. و الطفرات هي الصفات الجديدة المفاجئة التي تظهر في النسل نتيجة تغيرات غير محسوبة في عملية تزاوج الخلية الأنثوية و الخلية الذكرية و لقاء الكروموسومات لتحديد الصفات الوراثية ..
و أحياناً تكون هذه الصفات الجديدة صفات ضارة كالمسوخ و التشوهات ، و أحياناً تكون طفرات مفيدة للبيئة الجديدة للحيوان كأن تظهر للحيوان الذي ينزل الماء أرجل مبططة .. فتكون صفة جديدة مفيدة .. لأن الأرجل المبططة أنسب للسباحة ، فتشجع الطبيعة هذه الصفة و تنقلها إلى الأجيال الجديدة ، و تقضي على الصفة القديمة لعدم صلاحيتها ، و بذلك يحدث الإرتقاء و تتطور الأرجل العادية إلى أرجل غشائية ..
و خطأ هذه النظرية أنها أقامت التطور على أساس الطفرات و الأخطاء العشوائية .. و أسقطت عملية التدبير و الإبداع تماماً ..
و لا يمكن أن تصلح هذه الطفرات العشوائية أساساً لما نرى حولنا من دقة و إبداع و إحكام في كل شيء ..
إن البعوضة تضع بيضها في المستنقع .. و كل بيضة تأتي إلى الوجود مزودة بكيسين للطفو .. من أين تعلمت البعوضة قوانين أرشميدس لتزود بيضها بهذه الأكياس الطافية ؟
و أشجار الصحارى تنتج بذوراً مجنحة تطير مع الرياح أميالاً و تنتثر في مساحات واسعة بلا حدود .. من أين تعلمت أشجار الصحارى قوانين الحمل الهوائي لتصنع لنفسها هذه البذور المجنحة ، التي تطير مئات الأميال بحثاً عن أراض ملائمة للإنبات ؟
و هذه النباتات المفترسة التي تصطنع لنفسها الفخاخ و الشراك الخداعية العجيبة لتصيد الحشرات و تهضمها و تأكلها بأي عقل استطاعت أن تصطنع تلك الحيل ؟
نحن هنا أمام عقل كلي يفكر و يبتكر لمخلوقاته و يبدع لها أسباب الحيل.. لا يمكن تصور حدوث الإرتقاء بدون هذا العقل المبدع : { الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى } 50/ سورة طـه .
و العقبة الثالثة أمام نظرية داروين .. هي ما اكتشفناه الآن بإسم الخريطة الكروموسومية .. أو خريطة الجينات .. و نحن نعلم الآن أن لكل نوع حيواني خريطة كروموسومية خاصة به، و يستحيل أن يخرج نوع من نوع بسبب اختلاف هذه الخريطة الكروموسومية .
نخلص من هذا إلى أن نظرية داروين تعثرت .. و إذا كان التشابه التشريحي بين الحيوانات حقيقة متفق عليها ، و إذا كان التطور أيضاً حقيقة ، فإن مراحل هذا التطور و كيفياته ما زالت لغزاً ..
هل كانت هناك بدايات مستقلة أم أن بعض الفروع تلتقي عند أصول واحدة ؟
و التطور وارد باللفظ الصريح في القرآن .. كما أن مراحل الخلق و التصوير و التسوية و نفخ الروح واردة ..
و لكن لم يستقر العلم على نظرية ثابتة لتلك المراحل بعد .. و إذا عدنا لسورة السجدة التي تحكي عن الله أنه :
{ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ . ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ . ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ } 7 / 9 سورة السجدة
فإن معنى الآية صريح في أن البدايات الأولى للإنسان التي جاء منها آدم فيما بعد ، و هي تلك التي جاء نسلها من ماء مهين ، لم يكن لها سمع و لا أبصار و لا أفئدة ..
و إنما جاءت هذه الأبصار و الأسماع و الأفئدة بعد نفخ الروح و هي آخر مراحل خلق آدم ..
هي إذن بدايات أشبه بالحياة الحيوانية المتخلفة : { هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا } 1/ سورة الإنسان .
هو تفسير لا يختلف كثيراً عن العلوم التي تتحدث عنها .. و لكن نفس الآية قد تعني معنى آخر هو أطوار الجنين داخل الرحم و كيف يتخلق من بدايات لا سمع فيها و لا بصر ثم يأتي نفخ الروح في هذه المضغة في الشهر الرابع فتستوي خلقاً آخر ..
آيات الخلق إذن متشابهات و القرآن يحمل أكثر من وجه من وجوه التفسير .. و الحقيقة بعد هذا ما زالت لغزاً .. و لا يستطيع أحد أن يدعي أنه كشف الحقيقة .. و السؤال ما زال مفتوحاً للبحث ، و كل ما جاء به العلم فروض ..
و ربما كانت أرجح الآراء أن التسوية المذكورة في القرآن { خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ . فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ } 7/8 سورة الانفطار . كانت تسوية سلالية بشيء أشبه بالهندسة الوراثية و أن الأمر ليس تطوراً كما يقول داروين و لكنه تطوير يحدث بتدخل و فعل إلهي لإعداد الحشوة الحية ( و هي في أصل المنشأ من الطين ) لتستقبل نفخة الروح و حلول النفس فيها لتكون آدم ..
ثم النفس و حكايتها هي سؤال آخر أكثر ألغازاً .. هل يكون للنفس تصوير في القوالب الطينية فتكون لها تجسدات متعداة و تاريخ و تطور هي الأخرى ؟
أم أنها على حالها من علم الله بها منذ الأزل . . الله أعلم . .
و الموضوع كله عماء . . و ربما كان أفضل فهم لعملية التطور أنها كانت تطويراً بفعل فاعل و بذات مبدعة خلاّقة و لم تكن تطوراً تلقائياً كما تصورها داروين و صحبِه و لم تكن مراحل متروكة للصدفة ..
و إنما كانت تخليقاً مراداً و مخطط خالق قادر حكيم.. و إنها هندسة وراثية لمهندس عظيم ليس كمثله شيء . . و ما جاء في القرآن هو أصدق صورة لما حدث . . و القطع في هذه القضية مستحيل . . و ما زال القرآن يفرض نفسه بلا بديل . .
من كتــاب / حوار مع صديقي الملحد
للدكتور/ مصطفى محمود رحمه الله. ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ حوار مع صديقي الملحد
قال صاحبي : - موقفك اليوم سيكون صعباً ، فعليك أن تثبت أن خلق الإنسان جاء على طريقة جلا جلا . أمسك الخالق قطعة طين ثم
عجنها في يده و نفخ فيها فإذا بها آدم وهو كلام تخالفك فيه بشدة علوم التطور التي تقول : إن صاحبك آدم جاء نتيجة سلسلة من الأطوار الحيوانية السابقة ، و أنه ليس مقطوع الصلة بأفراد عائلته من الحيوانات ، و أنه و القرود أولاد عمومة يلتقون معاً في سابع جد . و أن التشابه الأكيد في تفاصيل البنية التشريحية للجميع يدل على أنهم جميعاً أفراد أسرة واحدة .
قلت و أنا أستعد لمعركة علمية دسمة :- دعني أصحح معلوماتك أولاً فأقول لك إن الله لم يخلق آدم على طريقة جلا جلا .
ها هنا قطعة طين ننفخ فيها فتكون آدم . فالقرآن يروي قصة مختلفة تماماً عن خلق آدم، قصة يتم فيه الخلق على مراحل و أطوار و زمن إلهي مديد ، والقرآن يقول إن الإنسان لم يخرج من الطين مباشرة ، وإنما خرج من سلالة جاءت من الطين : ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن سُلَالَةٍ مِّن طِينٍ ﴾ 12/ سورة المؤمنون
وأن الإنسان في البدء لم يكن شيئاً يذكر :﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا ﴾ 1/ سورة الإنسان
وأن خلقه جاء على أطوار .﴿مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا . وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا ﴾ 13/14 سورة نوح ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ ﴾ 11/ سورة الأعراف
﴿ إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ . فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ ﴾ 71/72 سورة ص
معنى ذلك أن هناك مراحل بدأت بالخلق ثم التصوير . ثم التسوية ثم النفخ ." وثم " بالزمن الإلهي معناها ملايين السنين : ﴿ إِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ ﴾ 47/ سورة الحج
انظر إلى هذه المراحل الزمنية للخلق في سورة السجدة . يقول الله سبحانه إنه : ﴿ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ .ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ . ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ ﴾ 7/ 9 سورة السجدة .
في البدء كان الطين ، ثم جاءت سلالة من ماء مهين هي البدايات الأولى للإنسان التي لم تكن شيئاً مذكوراً ، ثم التسوية و التصوير ، ثم نفخ الروح التي بها أصبح للإنسان سمع و بصر و فؤاد . و أصبح آدم .
فآدم إذن نهاية سلسلة من الأطوار و ليس بدءاً مطلقاً على طريقة جلا جلا .
﴿ وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا ﴾ 17/ سورة نوح
هنا عملية إنبات بكل ما في الإنبات من أطوار و مراحل و زمن . و لكن اللغز الحقيقي هو . ماذا كانت تلك المراحل بالضبط ، و ماذا كانت تلك الأطوار ؟
هل كل شجرة الحياة من أب واحد . هي كلها من الطين بحكم التركيب الكيميائي . و كلها تنتهي بالموت إلى أصلها الترابي . هذه حقيقة .
و لكننا نقصد من كلمة " أب " شيئاً أكثر من الأصل الطيني . و السؤال هو هل تولدت من الطين خلية أولى تعددت و أنجبت كل تلك الأنواع و الفصائل النباتية و الحيوانية بما في ذلك الإنسان ؟
أم أنه كانت هناك بدايات متعددة . بداية تطورت إلى نباتات ، و بداية تطورت إلى فرع من فروع الحيوان ، كالإسفنج مثلاً ، و بداية أخرى خرج منها فرع آخر كالأسماك ، و بداية خرجت منها الزواحف ، و بداية خرجت منها الطيور ، و بداية خرجت منها الثدييات ، و بداية خرج منها الإنسان ، و بذلك يكون للإنسان جد منفصل ، و يكون لكل نوع جد خاص به ؟
إن التشابه التشريحي للفروع و الأنواع و الفصائل لا ينفي خروج كل نوع من بداية خاصة ، و إنما يدل هذا التشابه التشريحي في الجميع على وحدة الخالق ، و أن صانعها جميعاً واحد ، لأنه خلقها جميعاً من خامة واحدة و بأسلوب واحد و بخطة واحدة . هذه هي النتيجة الحتمية .
و لكن خروجها كلها من أب واحد ليس نتيجة محتمة لتشابهها التشريحي . فوسائل المواصلات تتشابه فيما بينها العربة و القطار و الترام و الديزل كلها تقوم على أسس هندسية و تركيبة متشابهة ، دالة بذلك على أنها جميعاً من اختراع العقل البشري . و لكن هذا لا يمنع أن كل صنف منها جاء من أب مستقل و من فكرة هندسية مستقلة .
كما أننا لا يصح أن نقول إن عربة اليد تطورت تلقائياً بحكم القوانين الباطنة فيها إلى عربة حنطور ، ثم إلى عربة فورد ثم إلى قطار ، ثم إلى ديزل .
فالواقع غير ذلك . و هو أن كل طور من هذه الأطوار جاء بطفرة ذهنية في عقل المخترع ، و قفزة إبداع في عقل المهندس ، لم يخرج نوع من آخر . مع أن الترتيب الزمني قد يؤيد فكرة خروج نوع من نوع . و لكن ما حدث كان غير ذلك فكل نوع جاء بطفرة إبداعية من العقل المخترع ، و بدأ مستقلاً .
و هذه هي أخطاء داروين و المطبات و الثغرات التي وقع فيها حينما صاغ نظريته .
و دعنا نتذكر معاً ما قال داروين في كتابه " أصل الأنواع " :
كان أول ما اكتشفه داروين في أثناء رحلته بالسفينة " بيجل " هي الخطة التشريحية الواحدة التي بنيت عليها كل الفصائل الحيوانية .
فالهيكل العظمي واحد في أغلب الحيوانات الفقرية : الذراع في القرد هو نفس الجناح في الطائر ، هو نفس الجناح في الخفاش ، كل عظمة هنا تقابلها عظمة تناظرها هناك مع تحورات طفيفة ، لتلائم الوظيفة ، فالعظام في الطيور رقيقة و خفيفة و مجوفة و هي مغطاة بالريش . ثم نجد رقبة الزرافة الطويلة بها سبع فقرات ، و رقبة الإنسان سبع فقرات ، و رقبة القنفذ التي لا تذكر من فرط قصرها هي الأخرى بها سبع فقرات ، و هناك خمس أصابع في يد الإنسان ، و نجد نفس التخميس في أصابع القرد ، و الأرنب ، و الضفدعة ، و السحلية .
و فترة الحمل في الحوت و القرد و الإنسان تسعة أشهر ، و فترة الإرضاع في الجميع سنتان ، و فقرات الذيل في القرد نجدها في الإنسان متدامجة ملتصقة فيما يسمى بالعُصعُص ، و نجد عضلات الذيل قد تحورت في الإنسان إلى قاع متين للحوض .
ثم نجد القلب بغرفه الأربع في الحصان و الحمار و الأرنب و الحمامة و الإنسان ، و نفس الخطة في تفرع الشرايين و الأوردة .
ثم نجد نفس الخطة في الجهاز الهضمي : البلعوم ثم المعدة . ثم " الاثنى عشر " . ثم الأمعاء الدقيقة . ثم الأمعاء الغليظة . ثم الشرج و الجهاز التناسلي : نفس الخصية ، و المبيض ، و قنوات الخصية ، و قنوات المبيض .
و كذلك الجهاز البولي : نفس الكلية ، و الحالب ، و حويصلة البول .
و الجهاز التنفسي : القصبة الهوائية و الرئتين ، و نجد أن الرئة في البرمائيات هي نفس كيس العوم في السمكة .
كان طبيعياً بعد هذا أن يتصور داروين أن الحيوانات كلها أفراد أسرة واحدة تفرقت بهم البيئات فتكيفت كل فصيلة مع بيئتها .
الحوت في المنطقة الجليدية لبس معطفاً من الشحم . و الدببة لبست الفراء . و إنسان الغابة في الشمس الإستوائية أسودّ جلده فأصبح كالمظلة الواقية ليقيه الشمس . و سحالي الكهوف ضمرت عيونها لأنها لا تجد لها فائدة في الظلام فأصبحت عمياء في حين نجد سحالي البراري مبصرة .
و الحيوانات التي نزلت الماء طورت أطرافها إلى زعانف . و التي غزت الجو طورت أطرافها إلى أجنحة . و زواحف الأرض طورت أطرافها إلى أرجل .
ثم ألا يحكي الجنين القصة ؟
ففي مرحلة من مراحل نموه نراه يتنفس بالخياشيم ثم تضمر الخياشيم و تظهر فيه الرئتان ، و في مرحلة نجد له ذيلاً يضمر الذيل و يختفي ، و في مرحلة نراه يكتسي بالشعر ثم ينحسر بعد ذلك الشعر عن جسمه .
ثم ألا تحكي لنا طبقات الصخور بما حفظت لنا من حفريات قصة متسلسلة الحلقات عن ظهور و اختفاء هذه الأنواع الواحد بعد الآخر من الحيوانات البسيطة وحيدة الخلية ، إلى عديدة الخلايا ، إلى الرخويات ، إلى القشريات ، إلى الأسماك ، إلى البرمائيات ، إلى الزواحف ، إلى الطيور ، إلى الثدييات . و أخيراً إلى الإنسان .
و لقد أصاب داروين و أبدع حينما وضع هذه المقدمة القيمة في التشابه التشريحي بين الحيوانات و أصاب حينما قال بالتطور .
و لكنه أخطأ حينما حاول أن يفسر عملية الإرتقاء ، و أخطأ حينما حاول أن يتصور مراحل هذا الإرتقاء و تفاصيله .
كان تفسير داروين لعملية الإرتقاء أنه يتم بالعوامل المادية التلقائية وحدها ، حيث تتقاتل الحيوانات بالناب و المخلب في صراع الحياة الدموي الرهيب فيموت الضعيف و يكون البقاء دائماً للأصلح . تلك الحرب الناشبة في الطبيعة هي التي تفرز الصالح و القوي و تشجعه . و تبقي على نسله . و تفسح أمامه سبل الحياة .
و إذا كانت هذه النظرية تفسر لنا بقاء الأقوى فإنما لا تفسر لنا بقاء الأجمل ، فإن الجناح المنقوش لا يمتاز بأي صلاحيات مادية أو معاشية عن الجناح الأبيض ، و ليس أكفأ منه في الطيران . و إذا قلنا إن الذكر يفضل الجناح المنقوش ، في التزاوج ، فسوف نسأل و لماذا ؟ . ما دام هذا النقش لا يمثل أي مزيد من الكفاءة ؟
و إذا دخل تفضيل الأجمل في الحساب فإن النظرية المادية تنهار من أساسها .
و تبقى النظرية بعد ذلك عاجزة عن تفسير لماذا خرج من عائلة الحمار شيء كالحصان . و لماذا خرج من عائلة الوعل شيء رقيق مرهف و جميل كالغزال . مع أنه أقل قوة و أقل إحتمالاً .
كيف نفسر جناح الهدهد و ريشة الطاووس و موديلات الفراش بألوانها البديعة و نقوشها المذهلة .
و نحن هنا أمام يد مصور فنان يتفنن و يبدع . و لسنا أمام عملية غليظة كصراع البقاء و حرب المخلب و الناب .
و الخطأ الثاني في نظرية التطور جاء بعد ذلك من أصحاب نظرية الطفرة . و الطفرات هي الصفات الجديدة المفاجئة التي تظهر في النسل نتيجة تغيرات غير محسوبة في عملية تزاوج الخلية الأنثوية و الخلية الذكرية و لقاء الكروموسومات لتحديد الصفات الوراثية .
و أحياناً تكون هذه الصفات الجديدة صفات ضارة كالمسوخ و التشوهات ، و أحياناً تكون طفرات مفيدة للبيئة الجديدة للحيوان كأن تظهر للحيوان الذي ينزل الماء أرجل مبططة . فتكون صفة جديدة مفيدة . لأن الأرجل المبططة أنسب للسباحة ، فتشجع الطبيعة هذه الصفة و تنقلها إلى الأجيال الجديدة ، و تقضي على الصفة القديمة لعدم صلاحيتها ، و بذلك يحدث الإرتقاء و تتطور الأرجل العادية إلى أرجل غشائية .
و خطأ هذه النظرية أنها أقامت التطور على أساس الطفرات و الأخطاء العشوائية . و أسقطت عملية التدبير و الإبداع تماماً .
و لا يمكن أن تصلح هذه الطفرات العشوائية أساساً لما نرى حولنا من دقة و إبداع و إحكام في كل شيء .
إن البعوضة تضع بيضها في المستنقع . و كل بيضة تأتي إلى الوجود مزودة بكيسين للطفو . من أين تعلمت البعوضة قوانين أرشميدس لتزود بيضها بهذه الأكياس الطافية ؟
و أشجار الصحارى تنتج بذوراً مجنحة تطير مع الرياح أميالاً و تنتثر في مساحات واسعة بلا حدود . من أين تعلمت أشجار الصحارى قوانين الحمل الهوائي لتصنع لنفسها هذه البذور المجنحة ، التي تطير مئات الأميال بحثاً عن أراض ملائمة للإنبات ؟
و هذه النباتات المفترسة التي تصطنع لنفسها الفخاخ و الشراك الخداعية العجيبة لتصيد الحشرات و تهضمها و تأكلها بأي عقل استطاعت أن تصطنع تلك الحيل ؟
نحن هنا أمام عقل كلي يفكر و يبتكر لمخلوقاته و يبدع لها أسباب الحيل. لا يمكن تصور حدوث الإرتقاء بدون هذا العقل المبدع : ﴿ الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾ 50/ سورة طـه .
و العقبة الثالثة أمام نظرية داروين . هي ما اكتشفناه الآن بإسم الخريطة الكروموسومية . أو خريطة الجينات . و نحن نعلم الآن أن لكل نوع حيواني خريطة كروموسومية خاصة به، و يستحيل أن يخرج نوع من نوع بسبب اختلاف هذه الخريطة الكروموسومية .
نخلص من هذا إلى أن نظرية داروين تعثرت . و إذا كان التشابه التشريحي بين الحيوانات حقيقة متفق عليها ، و إذا كان التطور أيضاً حقيقة ، فإن مراحل هذا التطور و كيفياته ما زالت لغزاً .
هل كانت هناك بدايات مستقلة أم أن بعض الفروع تلتقي عند أصول واحدة ؟
و التطور وارد باللفظ الصريح في القرآن . كما أن مراحل الخلق و التصوير و التسوية و نفخ الروح واردة .
و لكن لم يستقر العلم على نظرية ثابتة لتلك المراحل بعد . و إذا عدنا لسورة السجدة التي تحكي عن الله أنه :
﴿ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ . ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلَالَةٍ مِّن مَّاء مَّهِينٍ . ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ ﴾ 7 / 9 سورة السجدة
فإن معنى الآية صريح في أن البدايات الأولى للإنسان التي جاء منها آدم فيما بعد ، و هي تلك التي جاء نسلها من ماء مهين ، لم يكن لها سمع و لا أبصار و لا أفئدة .
و إنما جاءت هذه الأبصار و الأسماع و الأفئدة بعد نفخ الروح و هي آخر مراحل خلق آدم .
هي إذن بدايات أشبه بالحياة الحيوانية المتخلفة : ﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا ﴾ 1/ سورة الإنسان .
هو تفسير لا يختلف كثيراً عن العلوم التي تتحدث عنها . و لكن نفس الآية قد تعني معنى آخر هو أطوار الجنين داخل الرحم و كيف يتخلق من بدايات لا سمع فيها و لا بصر ثم يأتي نفخ الروح في هذه المضغة في الشهر الرابع فتستوي خلقاً آخر .
آيات الخلق إذن متشابهات و القرآن يحمل أكثر من وجه من وجوه التفسير . و الحقيقة بعد هذا ما زالت لغزاً . و لا يستطيع أحد أن يدعي أنه كشف الحقيقة . و السؤال ما زال مفتوحاً للبحث ، و كل ما جاء به العلم فروض .
و ربما كانت أرجح الآراء أن التسوية المذكورة في القرآن ﴿ خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ . فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ ﴾ 7/8 سورة الانفطار . كانت تسوية سلالية بشيء أشبه بالهندسة الوراثية و أن الأمر ليس تطوراً كما يقول داروين و لكنه تطوير يحدث بتدخل و فعل إلهي لإعداد الحشوة الحية ( و هي في أصل المنشأ من الطين ) لتستقبل نفخة الروح و حلول النفس فيها لتكون آدم .
ثم النفس و حكايتها هي سؤال آخر أكثر ألغازاً . هل يكون للنفس تصوير في القوالب الطينية فتكون لها تجسدات متعداة و تاريخ و تطور هي الأخرى ؟
أم أنها على حالها من علم الله بها منذ الأزل . . الله أعلم . .
و الموضوع كله عماء . . و ربما كان أفضل فهم لعملية التطور أنها كانت تطويراً بفعل فاعل و بذات مبدعة خلاّقة و لم تكن تطوراً تلقائياً كما تصورها داروين و صحبِه و لم تكن مراحل متروكة للصدفة .
و إنما كانت تخليقاً مراداً و مخطط خالق قادر حكيم. و إنها هندسة وراثية لمهندس عظيم ليس كمثله شيء . . و ما جاء في القرآن هو أصدق صورة لما حدث . . و القطع في هذه القضية مستحيل . . و ما زال القرآن يفرض نفسه بلا بديل . .
من كتــاب / حوار مع صديقي الملحد
للدكتور/ مصطفى محمود رحمه الله. ❝
❞ فوائد الأعشاب
1-الزنجبيل
لعلاج الصداع والشقيقة
يعجن الزنجبيل المطحون قدر ملعقة صغيرة في فنجان زيت زيتون ويدلك منه مكان الألم مع شرب مغلي الزنجبيل مع النعناع، وحبة البركة من كل ملعقة صغيرة كالشاي.
لعلاج العشى الليلي:
يشرب كوب عصير جزر عليه نصف ملعقة زنجبيل مطحون مع إمرار مرود معجون زنجبيل بعسل نحل على العينين قبل النوم.
للدوخة ودوار البحر: تصنع أقراص من زنجبيل مطحون من سكر نبات مطحون ونشا بنسب 1:1 : 3 وتجفف في الظل ويستحلب قرص عند الشعور بالدوخة أو قبل السفر (القرص يكون في حجم الكرزة).
لتقوية النظر: يشرب عصيرجزر عليه ربع ملعقة صغيرة من زنجبيل مطحون غسل العينين بمغلي الشمر صباحا.
لعلاج بحة الصوت وصعوبة التكلم: تدهن الحنجرة بمعجون الزنجبيل والنعناع وزيت الزيتون بنسبة 1:1: 3 مع شرب مغلي الينسون محلى بسكر نبات أو مص سكر نبات.
لتطهير الحنجرة والقصبة الهوائية: نفس الطريقة السابقة مع مضغ البقدونس وشرب نقيع اللبان الدكر والعسل.
للتوتر العصبي: ينقع زهر الخزامى قدر ملعقة صغيرة في نصف كوب ماء مات المساء للصباح، ثم يصفى ويحلى بعسل نحل ويضاف إليه ربع ملعقة منا زنجبيل مطحون ويشرب عند اللزوم.
للأرق والقلق: يضرب كوب حليب ساخن عليه ربع ملعقة صغيرة من زنجبيل مطحون مع دهن الجسم بزيت زيتون ولا تنسى قراءة القران وذكر الله:{...ألا بذكر الله تطمئن القلوب}.. ❝ ⏤عبد الرحمن الهزاز
❞ فوائد الأعشاب
1-الزنجبيل
لعلاج الصداع والشقيقة
يعجن الزنجبيل المطحون قدر ملعقة صغيرة في فنجان زيت زيتون ويدلك منه مكان الألم مع شرب مغلي الزنجبيل مع النعناع، وحبة البركة من كل ملعقة صغيرة كالشاي.
لعلاج العشى الليلي:
يشرب كوب عصير جزر عليه نصف ملعقة زنجبيل مطحون مع إمرار مرود معجون زنجبيل بعسل نحل على العينين قبل النوم.
للدوخة ودوار البحر: تصنع أقراص من زنجبيل مطحون من سكر نبات مطحون ونشا بنسب 1:1 : 3 وتجفف في الظل ويستحلب قرص عند الشعور بالدوخة أو قبل السفر (القرص يكون في حجم الكرزة).
لتقوية النظر: يشرب عصيرجزر عليه ربع ملعقة صغيرة من زنجبيل مطحون غسل العينين بمغلي الشمر صباحا.
لعلاج بحة الصوت وصعوبة التكلم: تدهن الحنجرة بمعجون الزنجبيل والنعناع وزيت الزيتون بنسبة 1:1: 3 مع شرب مغلي الينسون محلى بسكر نبات أو مص سكر نبات.
لتطهير الحنجرة والقصبة الهوائية: نفس الطريقة السابقة مع مضغ البقدونس وشرب نقيع اللبان الدكر والعسل.
للتوتر العصبي: ينقع زهر الخزامى قدر ملعقة صغيرة في نصف كوب ماء مات المساء للصباح، ثم يصفى ويحلى بعسل نحل ويضاف إليه ربع ملعقة منا زنجبيل مطحون ويشرب عند اللزوم.
للأرق والقلق: يضرب كوب حليب ساخن عليه ربع ملعقة صغيرة من زنجبيل مطحون مع دهن الجسم بزيت زيتون ولا تنسى قراءة القران وذكر الله:﴿..ألا بذكر الله تطمئن القلوب﴾. ❝
❞ هل سأل أحدكم نفسه عن كمية السباكة داخل جسمه .. مجموع المواسير داخل العمارة التي هي بدنه ، بما فيه من آلاف الوصلات و المجاري التي يجري فيها الدم و البول و الطعام و الفضلات و عوادم التنفس و الهضم .
هل يعلم أن طول مواسير الدم في جسمه تبلغ وحدها ثمانية آلاف ميل أي أطول بكثير من المسافة بين القاهرة و الخرطوم .. مواسير أكثر ليونة من الكاوتشوك ، و أكثر متانة من الحديد ، و أطول عمراً من الصلب الكروم ، و في بعضها صمامات لا تسمح بالسير إلا في اتجاه واحد .
ثم مواسير الهواء ابتداء من فتحة الأنف إلى الحلق إلى القصبة الهوائية إلى الشعب ثم الشعيبات التي تتفرع و تتفرع و تنقسم حتى تصل إلى أكثر من مليون غرفة هوائية في الرئتين .
ثم مواسير البول التي تجمع البول من الكليتين لتصب في الحوض ثم الحالب ثم المثانة ثم قناة الصرف النهائية .
ثم مواسير الطعام من الفم إلى البلعوم إلى المعدة إلى الاثنا عشر إلى الأمعاء الدقيقة .
ثم مواسير الفضلات من المصران الصاعد إلى المستعرض إلى الهابط إلى المستقيم إلى الشرج .
ثم ممرات الولادة و غرفها و دهاليزها و أنابيبها .
ثم مجاري المرارة و حوصلتها و مواسيرها .
ثم مجاري الليمف .. و مواقف الليمف و محطاته في الغدد الليمفية .
و هي مواسير تمر إلى جوارها الفضلات و تحميها شبكة من الأوعية الدموية و الأعصاب ، و جيوش من خلايا المقاومة تلتهم أي ميكروب يمكن أن يتسرب من هذه المواسير في طريق خاطئ إلى الجسم .
و أنابيب العرق .. و بلايين منها تشق الجلد و تفتح على سطحه لترطبه و تبرده بالعرق .
و أنابيب الدموع داخل حدقة العين تغسل العين و تجلوها .
و أنابيب التشحيم داخل جفن العين تفرز المواد الزيتية لتعطي العين تلك اللمعة الساحرة .
هذا الكم الهائل من السباكة الفنية الدقيقة المعجزة التي تعيش مائة سنة و لا تتلف ..
و إذا أصابها التلف أصلحت نفسها بنفسها .
نموذج من الهندسة الإلهية العظيمة التي أهداها الله للإنسان منحة مجانية منذ ميلاده و تولى صيانتها برحمته و عنايته .
فهل أدركنا هذه النعمة و هل قدرناها حق قدرها ...!
و كثير من الأمراض سببها أعطال و تلفيات في هذه السباكة .
الإسهال و الإمساك و الغازات و تطبل البطن ، هي أعطال و تلفيات في أنابيب صرف الفضلات و الزكام انسداد في منافذ الهواء داخل الأنف .
و الناسور هو ثقب في ماسورة الإخراج .
و احتباس البول و المغص الكلوي و آلام الكلى سببها أعطال في أنابيب صرف البول
إن تركيبات (( الصحي )) في جسمك هي التي تصنع لك صحتك بالفعل
بل هي صحتك ذاتها .. إن أي انقباض في ماسورة معوية يساوي صرخة مغص ، و أي ضيق في شريان القلب التاجي يساوي ذبحة ، و أي ضيق في ممرات الولادة يساوي إجهاضاً و أي انسداد في قنوات فالوب يساوي عقماً و أي انسداد في مجاري المرارة يساوي صفراء .
هذا غير مجاري الليمف و الدم و الغدد ، و هي تتنوع في الجسم بالآلاف ، و لكل غدة توصيلاتها و قنواتها و نظامها و دورها في صناعة الصحة التي نتمتع بها دون أن ندري أنها عملية تركيبية معقدة تشترك فيها مئات الأجهزة .
إن الصحة التي نشعر أنها مجرد استطراد لأمر عادي واقع .. ليست بالمرة أمراً عادياً و ليست مجرد واقع مألوف ، و إنما هي نتيجة تدبير محكم و ثمرة عمليات معقدة مرسومة بعناية و قصد . و إنما يحدث المرض حينما تتخلف هذه العناية و هي قلما تتخلف .. فإذا تخلفت فـلتشرح لنا أسرارها .. فما عرفنا معجزة الصحة إلا بدراسة المرض ، و ما عرفنا معجزة الحياة إلا بالموت .. و بأضدادها عُرِفـَت الأشياء .
وفي محاولاتنا البدائية في بيوتنا وعماراتنا التي نبنيها وهي مجرد ماكينات رمزية صغيرة لا تصل إلى واحد في المليون من العمارة البشرية ..
غرقنا في " شبر ميه " ..
طفحت مجاري القاهرة ، وتلوث البحر بعوادم المصانع ، واختنق النيل بالفضلات التي تُلقى فيه ، ووقفنا أمام السيفون التالف ننادي على سباك ، واختلط الساخن بالبارد والطاهر بالملوث ، وفشلنا في صناعة أصغر ماكيت سباكة لا تزيد مواسيره على بضعة أمتار ، وغرقنا في بانيو نصف متر ..
وهذه صناعتنا وتلك صناعته ..
وهذه سباكتنا وتلك سباكته ..
وهذه عمارتنا وتلك عمارته ..
وهذا خلقنا وذاك خلقه .
" فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ "
المؤمنون ( 14 )
و كأنما يتحدانا الله بصنعته المبهرة و آياته الخالدة في عمارة الجسم البشري :
{ قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَـذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً }الإسراء 88
و هو تحد ينسحب على كل آية من آيات الله .. في الكتاب .. أو في الآفاق ..
أو في أنفسكم .
و النفس كُبرى المعجزات .
مقال : الصانع العظيم
من كتاب : الإسلام .. ما هو ؟
للــدكتور : مصطفى محمود (رحمه الله ). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ هل سأل أحدكم نفسه عن كمية السباكة داخل جسمه . مجموع المواسير داخل العمارة التي هي بدنه ، بما فيه من آلاف الوصلات و المجاري التي يجري فيها الدم و البول و الطعام و الفضلات و عوادم التنفس و الهضم .
هل يعلم أن طول مواسير الدم في جسمه تبلغ وحدها ثمانية آلاف ميل أي أطول بكثير من المسافة بين القاهرة و الخرطوم . مواسير أكثر ليونة من الكاوتشوك ، و أكثر متانة من الحديد ، و أطول عمراً من الصلب الكروم ، و في بعضها صمامات لا تسمح بالسير إلا في اتجاه واحد .
ثم مواسير الهواء ابتداء من فتحة الأنف إلى الحلق إلى القصبة الهوائية إلى الشعب ثم الشعيبات التي تتفرع و تتفرع و تنقسم حتى تصل إلى أكثر من مليون غرفة هوائية في الرئتين .
ثم مواسير البول التي تجمع البول من الكليتين لتصب في الحوض ثم الحالب ثم المثانة ثم قناة الصرف النهائية .
ثم مواسير الطعام من الفم إلى البلعوم إلى المعدة إلى الاثنا عشر إلى الأمعاء الدقيقة .
ثم مواسير الفضلات من المصران الصاعد إلى المستعرض إلى الهابط إلى المستقيم إلى الشرج .
ثم ممرات الولادة و غرفها و دهاليزها و أنابيبها .
ثم مجاري المرارة و حوصلتها و مواسيرها .
ثم مجاري الليمف . و مواقف الليمف و محطاته في الغدد الليمفية .
و هي مواسير تمر إلى جوارها الفضلات و تحميها شبكة من الأوعية الدموية و الأعصاب ، و جيوش من خلايا المقاومة تلتهم أي ميكروب يمكن أن يتسرب من هذه المواسير في طريق خاطئ إلى الجسم .
و أنابيب العرق . و بلايين منها تشق الجلد و تفتح على سطحه لترطبه و تبرده بالعرق .
و أنابيب الدموع داخل حدقة العين تغسل العين و تجلوها .
و أنابيب التشحيم داخل جفن العين تفرز المواد الزيتية لتعطي العين تلك اللمعة الساحرة .
هذا الكم الهائل من السباكة الفنية الدقيقة المعجزة التي تعيش مائة سنة و لا تتلف .
و إذا أصابها التلف أصلحت نفسها بنفسها .
نموذج من الهندسة الإلهية العظيمة التي أهداها الله للإنسان منحة مجانية منذ ميلاده و تولى صيانتها برحمته و عنايته .
فهل أدركنا هذه النعمة و هل قدرناها حق قدرها ..!
و كثير من الأمراض سببها أعطال و تلفيات في هذه السباكة .
الإسهال و الإمساك و الغازات و تطبل البطن ، هي أعطال و تلفيات في أنابيب صرف الفضلات و الزكام انسداد في منافذ الهواء داخل الأنف .
و الناسور هو ثقب في ماسورة الإخراج .
و احتباس البول و المغص الكلوي و آلام الكلى سببها أعطال في أنابيب صرف البول
إن تركيبات (( الصحي )) في جسمك هي التي تصنع لك صحتك بالفعل
بل هي صحتك ذاتها . إن أي انقباض في ماسورة معوية يساوي صرخة مغص ، و أي ضيق في شريان القلب التاجي يساوي ذبحة ، و أي ضيق في ممرات الولادة يساوي إجهاضاً و أي انسداد في قنوات فالوب يساوي عقماً و أي انسداد في مجاري المرارة يساوي صفراء .
هذا غير مجاري الليمف و الدم و الغدد ، و هي تتنوع في الجسم بالآلاف ، و لكل غدة توصيلاتها و قنواتها و نظامها و دورها في صناعة الصحة التي نتمتع بها دون أن ندري أنها عملية تركيبية معقدة تشترك فيها مئات الأجهزة .
إن الصحة التي نشعر أنها مجرد استطراد لأمر عادي واقع . ليست بالمرة أمراً عادياً و ليست مجرد واقع مألوف ، و إنما هي نتيجة تدبير محكم و ثمرة عمليات معقدة مرسومة بعناية و قصد . و إنما يحدث المرض حينما تتخلف هذه العناية و هي قلما تتخلف . فإذا تخلفت فـلتشرح لنا أسرارها . فما عرفنا معجزة الصحة إلا بدراسة المرض ، و ما عرفنا معجزة الحياة إلا بالموت . و بأضدادها عُرِفـَت الأشياء .
وفي محاولاتنا البدائية في بيوتنا وعماراتنا التي نبنيها وهي مجرد ماكينات رمزية صغيرة لا تصل إلى واحد في المليون من العمارة البشرية .
غرقنا في ˝ شبر ميه ˝ .
طفحت مجاري القاهرة ، وتلوث البحر بعوادم المصانع ، واختنق النيل بالفضلات التي تُلقى فيه ، ووقفنا أمام السيفون التالف ننادي على سباك ، واختلط الساخن بالبارد والطاهر بالملوث ، وفشلنا في صناعة أصغر ماكيت سباكة لا تزيد مواسيره على بضعة أمتار ، وغرقنا في بانيو نصف متر .