█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ من بلاغة اللغة العربية أن العرب كانت تنزل الجن مراتب:
فإذا أرادوا أن يذكروا الجن بصفة عامة قالوا: جن.
فإن سكن مع الناس قالوا: عامر.
وإن تعرض للصبيان قالوا: أرواح.
فإذا خبث قالوا: شيطان.
أما المارد فهو من عُتاة الشياطين.
فإن زاد عنه في القوة قالوا: عفريت.
أما الأبالسة فهم من نسل إبليس وجنوده وهو نوع من الجن وشياطين الوسوسة الذين يغوون بني آدم.
و القرين، وهو شيطان كافر، مهمته الاقتران بالإنسان من الميلاد حتى الممات لإغوائه، ولا يفارقه أبداً حتى الموت، وتنتهي المهمة بموت الإنسي ولا يُعلم أين يذهب بعد ذلك.
الظاهر والله أعلم أن القرين مختلف عن جند إبليس الذي يبثهم كل يوم لإغواء الناس، فإبليس يبث سراياه ثم يعودون إليه بعد ذلك فهؤلاء لا يلازمون الإنسان دائماً، أما القرين فهو مقترن به لا يفارقه أبداً.
والغول في لغة العرب هو الجان إذا تبدى بالليل، وذلك أنّها كانت تتراءى لهم في الليالي وأوقات الخلوات.
وكانوا يطلقون اسم القطرب على الذكور منهم.
أما أبو فانوس فهو الغول الذي يُرى في الصحراء على شكل نور وعندما تقترب منه يختفي.
وبالنسبة لِـ ˝السعالي˝ فهم سحرة الجن.
نوماً هانئاً 😊 . ❝
❞ إن للخلوات تأثيرات تبين في الجِلوة ، كم من مؤمن بالله يحترمه عند الخلوات حذرا من عقابه ، أو رجاء ثوابه ، أو إجلالا له ، فيكون بذلك الفعل كأنه طرح عودا هنديا على مجمر فيفيح طيبه فيستنشقه الخلائق ، ولا يدرون أين هو ، وعلى مقدار زيادة دفع ذلك المحبوب المتروك يزيد طيبه ،ويتفاوت تفاوت العود ، فترى عيون الخلق تُعظم هذا الشخص وألسنتهم تمدحه ولا يعرفون لِم ، ولا يقدرون عن وصفه لبعدهم عن حقيقة معرفته ، وقد تمتد هذه الأرابيح بعد الموت ، منهم من يذكر بالخير مدة ويُنسى ، ومنهم يُذكر مائة عام ثم يُخفى أثره ، ومنهم أعلام يبقى ذكراهم أبدا . ❝
❞ الصالحة من النساء هي التي إذا ضبطت انضبطت، وإذا قطعت عنها الذرائع أمسكت. والفاسدة هي التي إذا ضبطت لم تنضبط، وإذا حيل بينها وبين الأسباب التي تسهل الفواحش تحيلت في أن تتوصل إليها بضروب من الحيل. والصالح من الرجال من لا يداخل أهل الفسوق ولا يتعرض إلى المناظر الجالبة للأهواء، ولا يرفع طرفه إلى الصور البديعة الصنعة، ويتصدى للمشاهد المؤذية، ويحب الخلوات المهلكات والصالحان من الرحال والنساء كالنار الكامنة في الرماد لا تحرق من جاورها إلا بأن تحرك والفاسقان كالنار المشتعلة تحرق كل شيء. وأما امرأة مهملة ورجل متعرض فقد هلكا وتلفا. ولهذا حرم على المسلم الالتذاذ بسماع نغمة امرأة أجنبية. وقد جعلت النظرة الأولى لك والأخرى عليك . ❝
❞ إنّ الإنسان جسم وروح، وهو قلب وعقل وعواطف وجوارح، لا يسعد ولا يفلح ولا يرقى رقياً مُتَّزِناً عادلاً حتى تنمو فيه هذه القُوى كلها نمواً متناسباً لائقاً بها، ويتغذى غذاء صالحاً، ولا يمكن أن توجد المدنية الصالحة البتة إلا إذاساد وسط ديني خلقي عقلي جسدي يمكن فيه للإنسان بسهولة أن يبلغ كماله الإنساني، وقد أثبتت التجربة أنه لا يكون ذلك إلا إذا كانت قيادة الحياة وإدارة دفة المدنية بيد الذين يؤمنون بالروح والمادة، ويكونون أمثلة كاملة في الحياة الدينية والخلقية، وأصحاب عقول سليمة راجحة، وعلوم صحيحة نافعة؛ فإذا كان فيهم نقص في عقيدتهم أو في تربيتهم عاد ذلك النقص في مدنيتهم، وتضخم وظهر في مظاهر كثيرة، وفي أشكال متنوعة.
فإذا تغلبت جماعة لا تعبد إلا المادة وما إليها من لذة ومنفعة محسوسة، ولا تؤمن إلا بهذه الحياة، ولا تؤمن بما وراء الحس أثَّرت طبيعتها ومبادئها وميولها في وضع المدنية وشكلها، وطبعتها بطابعها، وصاغتها في قالبها، فكملت نواحٍ للإنسانية واختلت نواحٍ أُخرى أهم منها. عاشت هذه المدنية وازدهرت في الجصِّ والآجر، وفي الورق والقماش، وفي الحديد والرصاص، وأخصبت في ميادين الحروب وساحات القتال، وأوساط المحاكم ومجالس اللهو ومجامع الفجور، وماتت وأجدبت في القلوب والأرواح وفي علاقة المراة بزوجها، والولد بوالده والوالد بولده، والأخ بأخيه والرجل بصديقه، وأصبحت المدنية كجسم ضخم متورِّم يملأ العين مهابةً ورواءً، ويشكو في قلبه آلاماً وأوجاعاً، وفي صحته انحرافاً واضطراباً.
وإذا تغلبت جماعة تجحد المادة أو تهمل ناحيتها ولا تهتم إلا بالروح وما وراء الحس والطبيعة، وتعادي هذه الحياة وتعاندها، ذبلت زهرة المدنية، وهزلت القوى الإنسانية، وبدأ الناس -بتأثير هذه القيادة- يُؤْثِرُوْن الفرار إلى الصحاري والخلوات على المدن، والعزوبة على الحياة الزوجية، ويعذبون الأجسام حتى يضعف سلطانها فتتطهر الروح ويؤثرون الموت على الحياة، لينتقلوا من مملكة المادة إلى إقليم الروح ويستوفوا كَمَالَهُم هنالك؛ لأن الكمال في عقيدتهم لا يحصل في العالم المادي، ونتيجة ذلك أن تحتضر الحضارة وتخرب المدن ويختل نظام الحياة.
ولما كان هذا مضاداً للفطرة لا تلبث أن تثور عليه، وتنتقم منه بمادية حيوانية ليس فيها تسامح لروحانية وأخلاق، وهكذا تنتكس الإنسانية وتخلفها البهيمية والسبعية الإنسانية الممسوخة، أو تهجم على هذه الجماعة الراههبة جماعة مادية قوية فتعجز عن المقاومة لضعفها الطبيعي، وتستسلم وتخضع لها، أو تسبق هي-بما يعتريها من الصعوبات في معالجة أمور الدنيا- فتمد يد الاستعانة إلى المادية ورجالها وتسند إليهم أمور السياسة وتكتفي هي بالعبادات والتقاليد الدينية، ويحدث فصل بين الدين والسياسة فتضمحل الروحانية والأخلاق ويتقلص ظلها وتفقد سلطانها على المجتمع البشري والحياة العملية حتى تصير شبحاً وخيالاً أو نظرية علمية لا تأثير لها في الحياة، وتؤول الحياة مادية محضة.
وقلما خلت جماعة من الجماعات التي تولت قيادة بني جنسها من هذا النقص لذلك لم تزل المدنية متأرجحة بين مادية بهيميّة وروحانية ورهبانية، ولم تزل في اضطراب . ❝