: - 4 -
داخل سيارة الماظة لم يكن الوضع كما كان عليه قبل الظهور المفاجئ لنهاوند ، كان الماظة يقود فى صمت و بجانبه كان يجلس الجزيرى
كـ صنم .. لا ينطق و لا يحرك ساكناً.. فقط جفنه يمارس وظيفته و هذا كان الدليل الوحيد على أن الجزيرى ما زال على قيد الحياة ، حاول الماظة الأطمئنان على صديقه الذى أثار قلقه و لكن دون جدوى ، لم يستغرق الماظة وقتاً طويلاً للوصول لفيلته .. ركن سيارته و هو ينظر للجزيرى و قال له متصـعباً : طيش شباب يا صديقى و مصيره يعقل ..
تعالى ندخل نضرب فنجانين قهوة من البن المخصوص بتاعى ..
نزل الماظة و تبعه الجزيرى بخطوات ثقيلة و كأنه منوم مغناطيسياً و قبل أن يصل الماظة لبوابة الفيلا الرئيسية الضخمة الفخمة ، فتح هاتفه و أستخدم أبلكيشن خاص بالأكرة الديجيتال المثبتة بهذا الباب و تمكن من خلاله من فتح الأكرة فدخل الأثنان بمجرد وصولهما للبوابة ..
و بسقفة بسيطة مفتعلة من الماظة تم أضاءة الأنوار
و دبت الحياة فى الفيلا ..
كان - السمارت هوم سيستم - هو النظام الدارج فى فيلات الجانب الشرقى ، دخل الماظة مكتبه برفقة الجزيرى و بنفس السقفة البسيطة تم أنارة المكتب بالكامل و تشغيل التكييف و عودة الحياة للمكان تأهباً لراحة و رفاهية أصحاب المكان ..
هنا تمتم الجزيرى بوجه شاحب و قال :
نظام السمارت هوم بيسمع كلامنا أكتر من عيالنا ..
و من غير ما نتكلم كمان ..
و الله و طمرت فيه المصاريف أكتر من خلفتنا !!
لم يتوقع الماظة خروج هذه الكلمات المرحة من هذا الوجه العبوس
فأنفجر فى الضحك ..
طلب منه الجزيرى أن يتناقشوا فى العمل و فيما حضروا من أجله ، حاول الماظة مع الجزيرى فى تلطيف الوضع بينه و بين نهاوند ، لكن تكشمت ملامح الجزيرى و قال فى صرامة لقد تبرأت منه ولا أرغب
فى فتح هذا الموضوع المنتهى مرة أخرى ..
من سمات رجال الأعمال .. فن أستثمار الوقت و عدم ضياعه فيما لا يفيد و بالأحرى عندما يكونون ناجحين أمثال الماظة و الجزيرى ..
قال الماظة مخاطباً الجزيرى و هو يرشف من فنجان القهوة :
كانت تراودنى فكرة بعد أدخال الروبوتات فى مصنعك و لم تسنح الفرصة لمناقشتها معك و لكن جاء أوانها ..
نظر له الجزيرى فى أهتمام و قال له : عظيم البن الكولومبى دة !
و طلب من الماظة أن يستعرض فكرته ..
الماظة : لابد من تخصيص مكان يتم فيه إعداد دورات تدريبية على يد خبراء يابانيين لأحتراف صيانة الروبوتات تحسباً لأى أعطال ستحدث للروبوتات ، و بدلاً من أستغراق وقتاً طويلاً لصيانتها من قبل الشركة الموردة .. يحترف شباب المدينة هذه المهارة .. هذا سيجدى نفعاً كبيراً لمصانع و شركات المدينة و سيحل نسبة
ليست بهينة من مشكلة البطالة التى ضربت ( مدينتنا ) ..
رد الجزيرى و قد بدأت الفكرة تختمر برأسه :
الفكرة جيدة لكن التكلفة لن تكون كذلك ..
أنهى الماظة فنجانه ثم قال للجزيرى :
تكلفة الدورات التدريبية سيتحملها المواطنيين الراغبين فى شغل الوظيفة التى سينالوها بعد تخطى أختبار هذه الدورات .. أما بالنسبة لتخصيص مركز للصيانة و تهيئته لمثل هذه الوظيفة الجديدة بتفرعاتها و صرف مرتبات شهرية للموظفين .. هذا سيتم مناصفة بين رجال أعمال المدينة الذين قاموا بأستبدال العنصر البشرى بروبوت و هذا مقابل
صيانات دورية شهرية لكل الروبوتات العاملة بكياناتهم ..
رد الجزيرى و بدأ يهيمن عليه التردد : مجرد صيانة الروبوتات قد لا يحفز الكثير من رجال الأعمال للفكرة .. فالروبوتات مازالت حديثة
و بحالة الزيرو .. ما الذى يدفعهم لهذه التضحية ؟
رد الماظة دون تردد : هذه التضحية المادية البسيطة أهون من التضحية بالكيانات نفسها .. اليوم تمكنت القوات الأمنية من السيطرة على الوضع و أحتواء الموقف , ناهيك عن التهديدات الأمنية من التدخلات الخارجية .. غدا لا يعلم أحداً ماذا ستكون العواقب أن لم نقدم حلولاً سريعة ، حتى لو رُفضت لكنها ستكون بمثابة مسكنات للمواطنين .. أو قد تلاقى الفكرة قبولاً فتحقق إقبالاً و تكون علاجاً شافياً للمدينة ..
و أضيفك من الشعر بيت .. أنا أخطط لأن تتطور مراكز الصيانة لمراكز تصنيع روبوتات جديدة لتصبح هذه الروبوتات فيما بعد واحدة من صادرات ( مدينتنا ) و فى المستقبل القريب !
******************
سقطت الكرة عن عمد فى ملعب رجال الأعمال ، كان يتحتم عليهم جميعاً تكوين فريقاً واحداً لمجابهة مشكلة البطالة التى فرضوها على المدينة دون عمد .. و كان يتحتم عليهم أيضاً أحراز هدفاً فى وقتاً مبكراً قبل الوصول للوقت الضائع فيضيع معه الجميع ..
تواصل الماظة هاتفياً أثناء أجتماعه بالجزيرى بمجموعة رجال أعمال المدينة بحكم معرفته بهم جميعاً منذ أن أبتاعوا منه منشئاتهم و فيلاتهم ..
أخبرهم أن غداً سيتم عقد أجتماع عاجل مع جميع رجال أعمال المدينة فى مكتب الجزيرى بمصنعه و أكد عليهم أهمية الحضور ..
و بالفعل فى اليوم التالى و فى مكتب الجزيرى تم عقد أجتماع مغلق و تم فيه طرح مشكلة البطالة فى ( مدينتنا ) بأبعادها الخطيرة و ضرورة ألتزامهم بالوعد الذى أخذوه على أنفسهم أمام القيادات الأمنية ، لحسن الحظ لم يكن لديهم أى أفكار أو أى حلول للموقف المفاجئ الذى تورطوا فيه , لذلك كان الطريق ممهداً أمام الماظة لعرض الفكرة الوحيدة لديهم فى الأجتماع ، رغم أقتناع الكثير من الحاضرين لكن خرج عليهم بعض المتمردين و بشدة على تحمل مرتبات شهرية دون الإستفادة القريبة من هذه التكاليف ، هذا ما توقعه الجزيرى و قد أخبر به الماظة بالأمس .. لذلك جائت لحظة تدخله و كانت حاسمة فجذب أنتباه الحاضرين أن جميعهم ساهم فيما وصل إليه الوضع الراهن لذلك عليهم تحمل أعباء تجاوز هذه المحنة ، كما أخبرهم الجزيرى أن هذا الحل لا يتسبب فى الخسارة بل فى المكسب البعيد و قد يكون أتقانه السبب
فى فتح طاقة القدر و الخير للجميع ..
ما بين مؤيد و معارض و بعد أن طالت المباحثات و المداولات ..
لكن فى نهاية المطاف أقتنع جميع الحاضرين من رجال الأعمال من خطورة الموقف الذى يمرون به و من ضرورة تقديم حل سريع
حتى لو كان فنكوشاً ..
*******************
التكنولوجيا سلاح ذو حدين و بالأحرى عالم الأنترنت ، فعلى سبيل المثال لا الحصر .. الواتس آب .. جروبات الواتس آب تمكنك من مخاطبة عدد هائل من الناس و بأقل مجهود ، و تتمكن من أخبارهم بما تريد وقت ما ترغب و دون فرض قيود عليهم بألزامهم بالحضور
فى مكان و زمان محددان ..
عند أستخدام الحد النافع لسلاح الأنترنت داخل ( مدينتنا ) يصبح الأمر سهلاً ، قام الماظة بتسخير جروب الواتس الخاص بالمدينة ليكون المايك الذى يخاطب من خلاله مواطنى ( مدينتنا ) لتصل الرسالة لآلاف المواطنين من قاطنى المدينة ..
نوه أولاً الماظة على الجروب أنه فى خلال ساعة سوف يتم أذاعة فيديو تم تسجيله من قبل رجال أعمال المدينة يتم فيه شرح الأتجاه الجديد الذى يسعون فيه لتحقيق التوازن فى المدينة قدر المستطاع ..
وبالفعل بعد حوالى ساعة كان ٩٠٪ من أعضاء الجروب ينتظرون على أحر من الجمر مشاهدة هذا الفيديو الذى توقعوا
أن يكون لهم طوق النجاة ..
تم تشيير الفيديو على الجروب و تم النقر عليه ألاف النقرات من آلاف الأشخاص المتلهفين لمشاهدة الفيديو ..
كان الآلاف يتابعون فى نهم و كأنهم يشاهدون المبارة الفاصلة لصعود منتخب مصر لكأس العالم !!
أنتهى عرض الفيديو و تمثل الوضع بين أعضاء الجروب و كأنهم معتقلين سياسيين فمن وجد فى نفسه القدرة على التقدم للدورات و شغل هذه الوظيفة كمن حصل على عفو رئاسى و عاد للحياة ، و من لم تتناسب أمكانياته سواء المادية أو المهنية مع هذه الفكرة عاد معبئاً بخيبة الأمل لمحبسه النفسى مرة أخرى و لكنه كان يترك بصمته الغاضبة
فى كومنت على الجروب ..
كان يتابع رجال الأعمال تطورات الأحداث بين المواطنين .. ما بين داعمين للفكرة و ما بين محبطين لها ، حتى داعمى الفكرة أنشقوا لمن رحب بها على حالها و لمن أرتبط ترحيبه بها إذا تحولت الدورات
لدورات مدعمة ..
حالة تخبط و أنقسامات ضربت مواطنى المدينة و لكن ماحدث كان بمثابة صمام أمان لرجال أعمال ( مدينتنا ) لأن فى التفرقة سيادة و سيطرة !
*****************
لم يخطئ المتنبى عندما قال ( مصائب قوم عند قوم فوائد ) ..
لم يكن محمود من المتضررين مما حدث فى مصانع و شركات الجانب الشرقى و لكنه سيكون من المنتفعين من الضرر الذى لحق بهم ..
كان محمود أول المتقدمين بتسجيل أسمائهم فى أستمارة الألتحاق بالدورات كما قام بأرسال الـ ( سى فى ) الخاص به على الأميل المذكور فى أخر الفيديو الذى قلب جروب المدينة رأساً على عقب ..
هو يدخر مبلغاً مالياً ليعينه على تكاليف الزواج حين يأتي النصيب و لكن نصيبه من العمل جاء أولاً ، فكان المبلغ المالى سنداً له ليبادر بتسجيل أسمه فى الدورة و يحجز له مكاناً فى حياته الجديدة ..
دبت الحماسة فى عروق محمود فأنتعش الأمل بداخله ، جائت هذه الدورات بمثابة طوق النجاة من الغرق فى بحر الفشل .. هذه الوظيفة فى صميم مجاله و ستنمى من مهاراته و يشعر أنه سيحقق فيها ذاته ..
تقمص محمود دور الطالب الذى موعد أمتحانه النهائى قد أقترب و عليه مراجعة كل ما مضى من دراسة و التجهيز و الأستعداد
للأختبار النهائى الذى سيرسم مستقبله ..
أعتكف محمود فى غرفته أياماً حتى تمكن من الأنتهاء من مراجعة ما درسه فى هندسة البرمجيات و مجال البرمجة و كل ما يخص هذا العالم .. بعد أن أنهى محمود الجانب النظرى كان عليه أن يمارس الشق العملى بل و يبرع فيه على سبيل التدرب ليثبت لنفسه أنه جدير بهذه الوظيفة الجديدة ، كان الجانب العملى بالنسبة له هو
أستعادة صفحته ( موطن الفاشلين ) ..
حاول محمود مراراً وتكراراً فك شفرة الحماية لصفحته المسلوبة لكن بائت كل محاولاته بالفشل ، لم ييئس محمود و حاول فى اليوم التالى و لكنه لم ينجح أيضاً و لكنه أحتفظ بأصراره لأيام حتى جاء يوم تمكن فيه من فك الشفرة و الأستحواذ على الصفحة و فرض سيطرته عليها مرة أخرى ..
أصيب محمود بنشوة النصر .. و ظل يردد فى همس :
لقد فعلتها .. لقد فعلتها ..
عزم محمود على تغيير أسم الصفحة من ( موطن الفاشلين )
لــ ( معاً نصنع النجاح ) ..
و كتب فى مقدمة الصفحة بالبنط العريض :
لكى تنهض لا بد من أن تسقط أولاً ..
*************
الفكرة المطروحة فى الفيديو المذاع على جروب ( مدينتنا ) نجحت فى تفتيت كتلة الغضب إلى بروتونات موجبة مجبورة و إلكترونات سالبة مقهورة ، كان محمود و أمثاله ممن سجلوا أسمائهم فى الدورات المقترحة يقومون بدور البروتونات ، أما من فقدوا المقدرة و لم تسمح لهم أمكانياتهم بالتسجيل و الألتحاق بهذه الدورات هم من يمثلون الألكترونات السالبة الغاضبة ، و هم شريحة عريضة من مواطنين ( مدينتنا ) و قرروا التعبير عن غضبهم مبدئياً على الجروب , بتوجيه رسالة صريحة لرجال أعمال المدينة أنهم يطالبون بفرصة تناسب أمكانياتهم و تتوافق مع ظروفهم و ليس شرطاً أن تخدم مصالحهم الشخصية
كـ فكرة مراكز صيانة الروبوتات ..
**********************
وصلت الرسالة لرجال الأعمال و الذين بدورهم كانوا يتابعون الموقف بشغف لرصد ردود الأفعال ، كان المأزق الذى وقعت فيه المدينة لا يحتمل البطء أو التطويل و لسوء الحظ لم يمتلك رجال الأعمال فى خزائن أفكارهم أى حلول أخرى فى هذه الفترة القصيرة ، لكن كان عليهم صد الإتهام المصوب إليهم من قبل إلكترونات المدينة و أن يتنصلوا أيضاً من مسئولية توفير فرصة ثانية مناسبة فى هذا التوقيت ..
لذلك أقترح رجال الأعمال بعد عقد أجتماع أخر و كان طارئاً ، فتح باب أستقبال أفكار مشاريع و سيتم عرضها على لجنة متخصصة و هذه اللجنة لها رؤيتها و من خلالها ستحدد المشاريع المثمرة و التى يمكن دعمها من قبل رجال أعمال المدينة لتنفيذها على أرض الواقع
مقابل نسبة من أرباح المشروع ستذهب لصالح
الداعمين من رجال أعمال ( مدينتنا ) ..
كان لهذا التصريح فى فيديو ثاني على جروب ( مدينتنا ) أثر بالغ على شريحة المعترضين .. فـ للوهلة الأولى شعروا أنهم تائهين هائمين على وجوههم و لكنهم أدركوا أن عليهم أن يشتغلوا على أنفسهم جيداً الفترة المقبلة بعد أن نجح رجال أعمال المدينة في
إسقاط و إبقاء الكرة فى ملعب هؤلاء المعترضين ..
*******************
أنتفع خالد مثل صديقه محمود من الزوبعة التى ظهرت فى ( مدينتنا ) و أنطبقت عليه أيضاً المقولة الشهيرة للمتنبى
( مصائب قوم عند قوم فوائد) ..
خالد يمتلك محل فى الجانب الغربى لبيع الأعلاف و الحاصلات الزراعية لكن سخونية الأسعار وصلت لدرجة الغليان فكانت
تكوى الجميع و لا تبرد .. مما أضعف الحركة الأقتصادية و ضرب الكساد الجانب الغربى و أصاب الركود المدينة بأكملها ..
تلفت أغلب البضاعة فى محل خالد و الباقى خسر فى ثمنه قبل أن يصيبه التلف و أصبح خالد فى عداد العاطلين ..
الفيديو الثاني الذى شيره رجال أعمال المدينة على الجروب كان له الفضل فى أن يدب الأمل و يجرى فى عروق آلاف المحبطين
و كان خالد واحداً منهم ..
لقد تقدم آلاف المواطنين بآلاف الأفكار لألاف المشاريع !!
كادت اللجنة المتخصصة و التى كونها فريق رجال أعمال المدينة لفحص أفكار المشاريع المرسلة و فلترتها ، أن تعلن أنسحابها من هذه المهمة لضعف الكثير من أفكار المشاريع المُرسلة و هناك الأكثر من الأفكار التى تخدم أصحابها و لن تجدى نفعآ للمدينة ، حتى سقطت فكرة مشروع خالد فى أياد اللجنة و هى التى دفعتهم لأن يتراجعوا عن ما كانوا ينوون ..
خالد خريج كلية زراعة بتقدير أمتياز و لكن عاكسته الظروف المفتعلة لأن يتعين معيداً بها و لكنه قدم مشروع تخرج كامل أبهر به أساتذته و لكن لم ينال تطبيقه عملياً أى أهتمام وقتها ..
دون أن يتكبد خالد عناء التخطيط لفكرة مشروع .. فقط أخرج نسخة من مشروع التخرج من درج مكتبه و أرسله على الأميل المذكور فى الفيديو ..
فحصت اللجنة مشروع خالد و الذى يوضح كيفية أستصلاح الأراضى الصحراوية لزراعتها من خلال تكرير مياه الصرف الصحى لأستخدامها فى الرى و كيفية أختيار البذور السليمة لتحقيق جودة المحصول و أوضح فى مشروعه المفصل ما يمكن زراعته فى الأرض الصحراوية مثل : البرسيم و الشعير و القمح و بعض الخضروات مثل الطماطم و الباذنجان .. و ركز خالد فى مشروعه على زراعة القمح ، فبجانب تكرير مياه الصرف الصحى للرى و أختيار البذور السليمة لم ينس أهمية إضافة السماد مثل الأسمدة النيتروجينية و الأسمدة الفوسفورية و أسمدة البوتاسيوم لضمان جودة محصول القمح ..
سبب جذب مشروع خالد لأنتباه اللجنة المتخصصة هو أن المشروع تنطبق مواصفاته على أرض المدينة التى يقطنون بها .. ما أكثر الأراضى الصحراوية داخل المدينة وخارجها مما يسهل تنفيذ فكرة مشروع خالد ، كما أنها أيضاً ستحتاج فى تنفيذها لعدداً هائلاً من المواطنين مما يبتلع نسبة ضخمة من البطالة فى المدينة .. كما أن نجاحها له بعد آخر جوهرى و هو تحقيق الأكتفاء الذاتى لـ ( مدينتنا ) من القمح ، العالم مقبل الفترة القادمة على أزمة قمح عالمية .. فيمكن الإستفادة من
فائض المحصول و تصديره لخارج المدينة ..
******************
تبدلت حالة محمود من شخصاً مفعماً بالفشل و اليأس لشخصاً أخر مشحوناً بطاقة أيجابية و ذلك بعد التسجيل فى الدورات المُعلنة ، و أرتفع معدل طاقته الإيجابية أكثر بعد أستعادة صفحته المُهكرة ..
تمكن محمود من إدارة حالته النفسية مرة أخرى و التحكم فيها ، هو الآن يسعى لأدارة حالته العاطفية و يسعى جاهداً للتحكم فيها .. لكن هذا لا يوقف رغبته الجامحة فى تناول هاتفه و فتح المحادثة الخاصة بجميلة و لاحظ محمود ظهور النقطة الخضراء بجانب أسمها لكن تحجمت رغبته الجامحة بمجرد أن فتح المحادثة .. و فقط ظل ينظر لها ساهماً !
ظهرت جملة فجأة مرسلة من جميلة و قد نجحت
فى أنتشال محمود من شروده ..
كتبت جميلة : مبرووك رجوع الصفحة .. و مبروك تغيير أسمها ..
لم يتوقع محمود الرسالة لأنه هو الذى يبادر بالمراسلة فى كل مرة ، لكن يبدو أن طاقته الإيجابية تجذب له كل ما هو أيجابى
فى الفترة الراهنة وفقاً لقانون الجذب ..
أخبرها أنه قام بالتسجيل فى الدورات التى يدعمها والدها و مجموعة رجال أعمال المدينة كما أخبرها أنه أستعد لها كى يكون في كامل فورمته المهنية .. كان يحكى و يستفيض دون أن يشعر ، جميلة كانت تقرأ كل كلماته فى إهتمام دون أن تقاطعه ..
محمود كان يشعر بالأرتياح و هو يسرد لها ما قام به الفترة الماضية و جميلة كانت تشعر بالأهتمام و الرغبة فى سماع المزيد ..
توقف محمود عن الكتابة فسألته جميلة : ماذا بك ؟؟
كتب لها محمود على أستحياء :
لقد طلبت منك سابقاً قبل ان أعرف أسمك ان أرى صورتك و قد رفضتى .. هل بعد أن عرفت أنك جميلة الجزيرى يحق لى أن أعيد طلبى ؟
و لو فعلت .. هل سيتغير موقفك ؟؟
لحظة صمت طالت دون أن يكتب الطرفان لبعضهما .. بدأ القلق يتسلل لقلب محمود فهو لا يرغب إطلاقاً فى أن يخسر هذه العلاقة ..
تفاجأ محمود بأرسال جميلة لصورتها !
لم يتوقع محمود المفاجأة .. و لم يتوقع الصورة عندما رآها ..
سطعت جميلة فى الصورة أمام ناظري محمود الذى لم يتوقع
أن يصل جمالها إلى هذه الدرجة !
كاد وهج جمالها أن يضئ الصورة ..
مما أجبر محمود كعادة جميلة معه أن تتركه يحملق لشاشة هاتفه
و عيناه مفتوحتان عن أخرهما ..
*******************
. ❝ ⏤محمد حسن عبد الجابر
الفصل الرابع
- 4 -
داخل سيارة الماظة لم يكن الوضع كما كان عليه قبل الظهور المفاجئ لنهاوند ، كان الماظة يقود فى صمت و بجانبه كان يجلس الجزيرى
كـ صنم .. لا ينطق و لا يحرك ساكناً.. فقط جفنه يمارس وظيفته و هذا كان الدليل الوحيد على أن الجزيرى ما زال على قيد الحياة ، حاول الماظة الأطمئنان على صديقه الذى أثار قلقه و لكن دون جدوى ، لم يستغرق الماظة وقتاً طويلاً للوصول لفيلته .. ركن سيارته و هو ينظر للجزيرى و قال له متصـعباً : طيش شباب يا صديقى و مصيره يعقل ..
تعالى ندخل نضرب فنجانين قهوة من البن المخصوص بتاعى ..
نزل الماظة و تبعه الجزيرى بخطوات ثقيلة و كأنه منوم مغناطيسياً و قبل أن يصل الماظة لبوابة الفيلا الرئيسية الضخمة الفخمة ، فتح هاتفه و أستخدم أبلكيشن خاص بالأكرة الديجيتال المثبتة بهذا الباب و تمكن من خلاله من فتح الأكرة فدخل الأثنان بمجرد وصولهما للبوابة ..
و بسقفة بسيطة مفتعلة من الماظة تم أضاءة الأنوار
و دبت الحياة فى الفيلا ..
كان - السمارت هوم سيستم - هو النظام الدارج فى فيلات الجانب الشرقى ، دخل الماظة مكتبه برفقة الجزيرى و بنفس السقفة ....... [المزيد]
: - 8 -
تأسيس مستر سولى للفرع الثامن لشركة الأخطبوط فى مصر كان مبنى على خبرات سابقة و أسس مدروسة و خطوات منظمة فكان اللعب فى هذا الليفل بأحترافية و كأن تأسيس الفروع السابقة بمثابة التدريبات و التأهيل للعب فى الدور النهائى و هو تأسيس الفرع الثامن فى مصر ..
أدى المؤتمر السكندرى النتائج المرجوة منه .. لا يترك مارك تلميذ مستر سولى شيئاً يحدث هباءً , كان يخطط مع مستر سولى لكل شئ لدرجة تفقدهما متعة معايشة اللحظات الراهنة بسبب أدراكهما للسيناريو كامل لما سيحدث , لذلك حقق المؤتمر أقبال كبير و هجوم أستفسارات الكثير ممن حضر المؤتمر أو شاهده أون لاين و هو يتابع القادة وكلاً منهم يستعرض كيفية تحقيق الثراء السريع و ماهى ألية تحقيق المليون جنيه فى أقل من سنة مما أصاب المتابعين بالأنبهار و الرغبة فى ذات اللحظة لتحقيق الحلم الذى يرونه درباً من دروب الخيال ..
سقط الكثير من الأعضاء الفاشلين كأوراق شجر بالية من شجرة التسويق الألكترونى مما أوحى بأنهيار الفرق التسويقية للعديد من القادة المتواجدون فى الفرق التسويقية للقادة الثلاثة للمثلث .. لكن المؤتمر أحرز فارقاً واضحاً فكان داعماً للفرق التسويقية لتغذيته لهم بعدد ضخم من راغبى الأنضمام لحلم الثراء السريع ..
بشكل يبدو نمطى لسولى و مارك تم تكرار تجربة المؤتمر فى أكثر من محافظة منها المحافظات الريفية و أخرى صعيدية و أيضاً الساحلية و توغلت شركة الأخطبوط و مدت أذرعها العديدة لتتوغل و تتشعب فى كل مكان مما أدى لأن يكون الأقبال من مختلف الثقافات و المستويات مما يحقق أحد أهداف الشركة الأساسية و يحقق النجاح أيضاً لهدف الشركة الجلى و هو دعم كيان الشركة من خلال أمدادها بأعضاء جدد ليعوضوا الأماكن الخالية التى أفتعلها الأعضاء الفاشلين الراحلين ..
و يضخوا عدداً للفرق ينشط الدورة التسويقية لجسد الشركة ..
بجانب المؤتمرات كان يقوم بعض القادة الناجحين و الذين يمتلكون أعداداً هائلة من الأعضاء الفعالين فى فرقهم بتسجيل فيديوهات تحفيزية عن كيفية النجاح و أساليب تحقيقه
و نماذج واقعية لمن نجحوا فى تحقيق الحلم و كان لذلك أثر أيجابى واضح بعد رفع هذه الفيديوهات على مواقع التواصل الأجتماعى و تداولها .. لم يتكاسل أيضاً مثلث القادة عن تشيير بوستات أيجابية بأستمرار عن تطوير الذات و لذة طعم النجاح و كيفية تنفيذ ذلك عن طريق المرور
خلال البوابة السحرية .. بوابة كيان الأخطبوط لتحقيق الأحلام ..
كان لكل ذلك الفضل فى أن تترسخ جذور الشجرة التسويقية للفرع الثامن و ترعرت فروعها بعد أن كادت الشجرة أن تسقط على رأس من غرسوها ..
نجح بالفعل نضال و حازم و فريدة فى أن يحقق كلاً منهم حلم المليون جنيهاً فى فترة وجيزة ليس فقط ذلك بل طمحوا و طمعوا فى تحقيق المليون الثانى و فعلوها و تقمصت الملايين دور النداهة و ظلت تنده على راغبيها من قادة المثلث و القادة فى فرقهم و تسحبهم الى جوف المجهول ..
*****************************************
الغضب .. الطمع .. الشهوة ..
أذا لم يتوفر بداخل كل بشرى ديمر التحكم في هذه الغرائز كديمر الأضاءة فقد سلم نفسه للهلاك ..
عندما سلم طارق العايق نفسه لغريزة الشهوة سالفاً لأن تتملكه و تقوده
كانت النتيجة أنها ساقته فى النهاية للهلاك ..
كذلك فريدة و نضال و حازم سلموا أنفسهم لغريزة الطمع .. فهل الديمر الأنسانى بداخلهم مازال يعمل أم أصابه التلف ؟! هل سيكون مصيرهم كمصير العايق أم سيتمكنوا من تدارك العطل الذى أصاب الديمرات الخاصة بغرائزهم ؟!
بين الحين و الأخر كان ينتاب مثلث القادة نوبات من الشرود حول أستيائهم من الوضع العام لا سيما بعد أن بدأوا يشعرون بعد أحرازهم المليون الثالث بأكتفائهم المادى الى حد كبير !
لقد رضخوا لفكرة شركة الأخطبوط و أنصاعوا لنظامها و مشوا فى هداها بعد أن أمطرت عليهم سماء الأحلام بالخير الوفير و المال الغزير كان هذا على حساب بضعة تضحيات فى بعض أفكارهم و مبادئهم و تنحى أنسانيتهم جانباً فى أجازة مؤقتة على أعتقاد منهم أن كل شئ سيعود على ما يرام مرة أخرى ..
على صعيد أخر فقد لجأ بعض المتضررين من الأنضمام لكيان الأخطبوط من الطبقة المعتدلة فكرياً و توجهوا لجهاز حماية المستهلك بحجة أبتياعهم منتجات أمكانياتها أقل من قيمتها المادية كما أنهم ليسوا فى حاجة أليها و عرضوا على المسئولين فى الجهاز نموذجاً من العقد الألكترونى المحرر بينهم و بين الشركة ظناً منهم أنها ورقة قانونية تأمنهم !
و فعلوا ذلك بعد فشلهم فى أجتذاب أعضاء جدد و ضمهم لفرقهم التسويقية و عدم تمكنهم من تحقيق عمولات مرتفعة فشعروا أنهم بذلك تم النصب عليهم و قد ضاعت نقودهم التى ألقوا بها فى أبتياع باقات الشركة المتنوعة ..
لكن بكل حسم أقر كل من أطلع على نموذج العقد الألكترونى
أنه يدينهم و لا يدين الشركة فى شئ !
لقد مضوا فى كامل وعيهم على هذا العقد الهزلى الغير معترف به قانونياً أنهم أبتاعوا المنتجات المذكورة فى العقد بهذه القيمة المادية و قد أستلموها بالفعل و ذلك بمحض أرادتهم كما يتضمن العقد بند يفيد أنضمامهم لفريق عمل شركة الأخطبوط لكن هذا لا يطور من الأمر فى شئ ..
أكد لهم المسئولين بجهاز حماية المستهلك أن ليس بأمكانهم أتخاذ أى أجراء فى مثل حالتهم لأن لا يوجد أى مسألة قانونية على الشركة لكنهم ألقوا على هذه المجموعة الشاكية بوابل من اللوم و التوبيخ على أنجرافهم خلف أطماعهم و سقوطهم فريسة سهلة المضغ لمحترفى النصب الشبكى .. ثم طلب المسئولين نسخة من هذا العقد الألكترونى ليحتفظوا به لحين أستخدامه ..
كانت هناك محاولات شتى من الفاشلين و المفصولين من شركة الأخطبوط منها محاولات مماثلة للذهاب لجهاز حماية المستهلك و منها محاولات أخرى لمجموعات عديدة ذهبت لأقسام الشرطة لتحرير محاضر فى شركة الأخطبوط و القادة الذين ورطوهم فى الأنضمام لكيان الأخطبوط .. لكن تأتى النتائج مماثلة و يخبر الضباط مقدمى البلاغات أن موقف الشركة القانونى سليم جداً فلها سجل تجارى و بطاقة ضريبية و تم أنضمامهم برغبتهم للشركة و ما حدث معهم جوابه : أن القانون لا يحمى المغفلين و الطماعين !!
و هناك مجموعة من المنشقين الفاشلين قد أكتفوا بالدعاء و الحسبنة على الشركة و أثروا الصمت و عدم الذهاب لأى جهة مسئولة لأنهم يعلمون أنه سيكون دون فائدة و سيقعون فى مواقف محرجة و يعرضون أنفسهم للتنمر و وصمهم بالمغفلين ..
و هناك مجموعة من فئة المعتدلين فكرياً قررت الأنتقام على طريقتهم الخاصة من خلال أنشاء جروبات و صفحات ألكترونية تشين و تدين كيان الأخطبوط و تصفه بأنه الكذبة الكبيرة و الوهم الأعظم و يحذرون الناس من أن يسقطون فى مصيدة الأخطبوط و قاموا بتشيير بوستات و تسجيل فيديوهات كلها تحذيرية بغرض الأساءة لسمعة الشركة لتوعية المواطنين لأنتباههم لمثل هذه الشركات و ما تفعله من غسيل للعقول و سلب ما فى الجيوب و قد أنضم لهذه الجروبات و هذه الصفحات عدد هائل من المتضررين من شركة الأخطبوط و ممن كان ينوى الأنضمام لفرق الأخطبوط لكنه تعثر أولاً فى هذه الجبهة المضادة التحذيرية ..
لقد أحدثت هذه الجروبات و الصفحات المعادية لشركة الأخطبوط أثرأً سيئاً مدوياً ألقى بظلاله على كثير من رواد المواقع الخاصة بالتسويق الألكترونى و المتابعين داخل نطاق هذه الأحداث ..
و عليه كان لا بد من أتخاذ موقف فورى من مثلث القادة و عدد من القادة الناجحين و رد فعل على نفس المنوال و بنفس السلاح الذى تمت محاربتهم به .. تم تكثيف تسجيل الفيديوهات التحفيزية لقصص متعددة لأعضاء نجحوا و أصبحوا قادة و حققوا حلم المليون جنيهاً و أليات تحقيق ذلك و مفاتيح النجاح التى عند أتباعها فلا نسبة للفشل لتحقيق المراد و لا يخلو كل فيديو من هذه الفيديوهات الملهمة للنجاح من تلميحات أن الشجرة المثمرة لا بد من قذفها بالحجارة من قبل الفاشلين الذين يريدون تحقيق الحلم على عجلة دون أن يبذلوا أى مجهود كما فعل الناجحون من تحقيق أهدافهم كاملة و لكن بعد كفاح مضنى تحملوه و قد نجحوا فى نهاية المطاف .. و تم أيضاً تكثيف تشيير البوستات الأيجابية و أصبحت بصفة يومية فبدأت الحرب و أشتعلت و لابد من الكد و العمل للحفاظ على الفرق التسويقية و التى أصبح لها الفضل فى أن تضخ عمولات بأرقاماً ضخمة للكثير من قادة الفرق التسويقية .. على الجانب الأخر كانت تجتذب الصفحات المضادة الضحايا الجدد و تسجل لهم و ترفع الفيديوهات فكان المواطن البسيط الذى يرغب فى الأنضمام لهذه المنظومة ليصبح واحداً من أصحاب الملايين كما يشاهد تعصف به الحيرة و التخبط من الأمر فلا يعلم أين الحقيقة فمنهم من يتعظ من هذه الصفحات الهجومية و يرهب الأقدام و خوض التجربة و منهم من يقرر أن يخوض المغامرة ليحكم بنفسه و يلقى بنفسه فى أحضان التجربة .. أستمر الصراع و رغم تأثير هذه الجبهة المضادة على سير العمل بكيان الأخطبوط ألا أن القادة الناجحين أستمروا فى حربهم و نجحوا فى ضم أعداد جديدة هائلة أكبر من المنشقين عنهم و صمدوا و نجحوا و أكملوا مسيرتهم التسويقية رغم العوائق و العواقب التى لم تنتهى و لكنهم تمكنوا من تجاوزها و سحقها ..
**********************************************
عندما تراكمت البلاغات فى أقسام الشرطة عن تعرض مواطنين لعمليات نصب أثر التسويق الشبكى لأكثر من شركة تسويق ألكترونى تقوم بأمتصاص ما فى جيوب المواطنين و كذلك تكررت الشكاوى فى جهاز حماية المستهلك فى ذات الموضوع فقد عزم أحد النائبين عن واحدة من المناطق السكنية التى تعرض فيها مجموعة كبيرة للنصب الألكترونى بعد أن طلبوا مقابلته و هو النائب الأنتخابى عن دائرتهم و توسلوا له لأن يساعدهم لوقف مثل هذه المهازل التى تحدث دون تجريمها و دون أن تتمكن جهة قانونية من أيقافها !!
و عليه فقد قرر هذا النائب طرح هذه القضية فى مجلس النواب لمناقشتها و محاولة أيجاد حلول أو أقرار قانون لتجريم النصب الألكترونى ليكون
أول قانون يحمى المغفلين !!
***************************************
على المقهى القريب من منزل فريدة كان يجلس طارق العايق و لكن هذه المرة لم يكن بمفرده بل بصحبة أصدقاء السوء طأش و حرنوش و اللذان كانا معه فى شقته يوم أن كان يتزين قبل النزول للذهاب ليلقى مصيره فى
محل - وشم و رسم -
فى هذه المرة كان العايق قد أصبح على دراية تامة بمعظم مواعيد ذهاب و أياب فريدة لمنزلها و قد صح توقعه و نزلت فريدة أمام ناظريه من منزلها متجهة لسيارتها لتتولى قيادتها و تتجه لمقصدها ..
كان الوقت مناسب للعايق لأن يتبعها فى هذا التوقيت المسائى يلازمه طأش و حرنوش .. أستقلوا سيارة كانت تقف بجوار المقهى و قد وفروها لمثل هذه المهمة كما أحضر العايق معه زجاجة ممتلئة بماء النار لغرض ما فى نفسه ..
ما أن تحركت سيارة فريدة و هى بداخلها حتى تحركت السيارة المأجورة خلفها بداخلها العايق و رفاقه ..
************************************
لم يمنع ظهور عيب خلقى فى رحم نسمة و الذى تسبب فى حرمانها من الحمل و أن تصبح أم من أستمرار العلاقة بين حازم و نسمة
على نفس درجة الحب التى بدأوا عليها و ذلك فى السنوات الأولى لزواجهما ..
لكن سُنة الحياة من ضغوطات العمل اليومية و الأحداث الروتينية أصاب الحياة الزوجية بين الأثنان بالفتور و مما ساعد على ضرب أساس الترابط الأسرى أن ليس هناك أطفال ليدعموا الرباط بينهما كما أن ظروف عملهما كانت تجعلهما يقضيان أياماً لم يلتقيا ببعضهما !!
نسمة لا تعلم شيئاً عن حازم منذ الفترة القريبة الماضية , فهى لا تعلم أن حازم قدم أستقالته فى الجريدة و تركها !
و ذلك بعد التحذير العنيف الثانى الذى وجهه له عاطف المنزلاوى رئيس التحرير فلم يتقبله حازم و هو فى الواقع الجديد لم يكن بحاجة لعمله فى الجريدة و أصبح فى غنى عن العمل تحت تعنت و تحكم مدراء العمل ..
أستقل حازم بحياته المهنية و لكن يبدو أنه لم يكتفى بذلك فقد بدأ يستقل بحياته الشخصية أيضاً بعد أن تأقلم على قضاء حياة زوجية تقريباً من طرف واحد ..
أصبح حازم حراً يشعر أنه تحرر من كل القيود فجأة و قرر أن يمارس الرذيلة مع الفتيات الجميلات اللواتى يقعن فى طريقه و كان يصدهن فيما سبق لكنه قرر مواربة باب المتعة و يتصيد منهن من تشتهى له نفسه ..
كان حازم فى شقته القديمة مقر تجمعه مع أصدقائه و لكنه ليس مع أصدقائه هذه المرة .. هو برفقة فتاة ليل ممشوقة القوام أحتقانها جنسياً يطفح على تصرفاتها كانت تبادله تدخين سجائر الحشيش دون توقف .. راقت له أكثر بعد ما دخن الكثير من مخدر الحشيش و الذى له الفضل فى أن يقوم بدور فاتح للشهية الجنسية و هذا من سماته حيث يقوم الحشيش بتزويد فلتر نسائى بأعين المحششين يجعلهم يرون النساء بعد التعاطى أشهى كثيراً مما قبله !
تأججت نشوته الجنسية فجذب الغانية من خصرها فألتصقا جسميهما و بدأ حازم فى وصلة من القبلات و هو يجتذب شفتها العليا تارة بين شفتيه و تارة شفتها السفلى و يعض عليهما و بدأت الأنسيابية تصيب جسديهما و ما أن دخلا فى حالة الأندماج العاطفى حتى رن هاتف حازم الذى نسى أن يضعه
على الوضع الصامت , تجاهل حازم الرنين و كأنه لايسمعه على أمل أن يصمت الهاتف بعد الأتصال الأول لكن لم يحدث ذلك فلم يصمت الهاتف و لم يمل المتصل و عاود الهاتف الرنين فى ألحاح مما أرغم حازم على تناول هاتفه فوجد سعيد هو المتصل المزعج فظن أنه يتصل به ليسهر معه فى الشقة فحاول أن يهمل أتصاله و شرع فى ضبط الهاتف على الوضع الصامت لكن عاود سعيد الأتصال بينما حازم يغير وضع الهاتف فلمس أصبعه رمز السماعة الخضراء بالخطأ ففتح المكالمة و بدأت على دون رغبة من حازم ..
رد حازم على سعيد فى أستياء و أقتضاب لكن تحدث سعيد فى هلع و بدا على صوته الأنزعاج مما أفزع حازم فصرخ فيه و سأله ما الأمر فأجابه سعيد فى أسى و أخبره أن مازن تعرض لحادث قتل فصُعق حازم و طلب منه أن يشرح له كيف حدث ذلك فأخبره سعيد أن بعد هجوم مجموعة من الأشخاص عليه حسب رواية شهود العيان و أنهالوا عليه بالضرب المبرح قام أحدهم و كان ممسكاً بمطوة قرن غزال طعنه بها فأخترقت طبقات بطنه و أستقرت بأحشائه ثم سقط بعدها مغشياً عليه و تم نقله لمستشفى خاص و التى تعمل بها الدكتورة نسمة زوجته و بما أنها تعرفت عليه فقد تولت أحتجازه فى قسم الطوارئ و قامت بتوصية الأطباء المختصين لمتابعة حالته الصحية و محاولة أنقاذه قدر أستطاعتهم و هم يقومون الأن بأجراء ما يمكن فعله و أخبره سعيد أنه ينتظر مع جوزيف فى صالة الأنتظار يتضرعون الى الله
بالدعاء لأن يبقيه على قيد الحياة نظراً لخطورة حالته الصحية ..
لملم حازم أشيائه فى عجلة و قد أصابه الذعر و الهلع .. سألته الغانية عن سبب تخبطه فقام بطردها ثم توجه كالمجنون الى المستشفى راجياً من الله أن يمد فى عمر صديقه مازن و لا يحرمه من لقائه به مرة أخرى ..
************************************************
كانت فريدة تقود سيارتها فى أنسجام تام و هى تستمع للموسيقى المحببة لها كانت على طريق المحمودية الجديد بعد أن تحول الطريق ليشبه الطريق الدولى أو الطرق السريعة الممهدة للسفر .. بينما هى تقود على سرعة متوسطة و الطريق مفتوح أمامها و شاسع و شبه خالى من السيارات لكنها وجدت سيارة ملاكى تزاحمها السير فى محاولة لتضييق الطريق عليها مما أجبرها على التهدئة ثم أيقاف سيارتها !
تسلل الذعر لقلب فريدة و قد تشبثت بالصاعق الكهربائى التى أخرجته من حقيبتها و هى تحاول أستيعاب الموقف .. نزل شابان من السيارة لكن لا يبدو الأجرام على مظهرهما كانت برفقتهما امرأة سمراء البشرة ممتلئة بعض الشئ ملفوفة فى عباية سوداء اللون تبدو ملامحها غليظة و توحى طلتها للوهلة الأولى و كأنها ساحرة ملعونة !
أقتحم الشابان السيارة على فريدة والتى بدورها أغلقت السنتر لوك للسيارة ورفعت زجاج الأبواب فأقتربت المرأة المسترجلة و قربت وجهها حتى كاد أن يلتصق بزجاج النافذة مما أصاب فريدة بالذعر أكثر و أرتعدت فرائصها أثر الرعب الذى تمر به دون أن تجد تفسيراً لما يحدث معها !
كان يتابع المشهد من قبل تصاعده العايق فى السيارة و التى كانت تتبع سيارة فريدة و قد عبأها دخان الحشيش المتصاعد من السجائر الملفوفة التى يتعاطوها .. لكنه تفاجأ بحدوث تطورات فى الخطة لم تكن فى حساباتهم .. لقد توقف فى تخفى هو و رفاقه عن قرب من دائرة الأحداث بمثابة التعدى على سيارة فريدة و أجبارها على أيقاف سيارتها .. كان العايق و طأش و حرنوش يراقبون الوضع حتى يصدر لهم العايق تعليمات بالتدخل و كيفية التدخل ..
أشتد الحصار على فريدة فى محاولة لأرهابها من الثلاثة حتى حاول أحدهم تهشيم زجاج الباب الأمامى المجاور لفريدة لأجبارها على النزول و هى تصرخ فيهم لأن يبتعدوا عنها و هى تظن معرفتها بهذان الشابان لكن رهبة الموقف تفقدها تركيزها .. كانت محاولات بائسة منها للمقاومة فتمت المواجهة و هجمت المرأة الشنقيطة على فريدة لكن تمكنت الأخيرة من دس الصاعق الكهربائى فى صدرها من الرعب فأرتجفت المرأة و سقطت أرضاً فحاول الشابان التعدى على فريدة و هنا قد صدرت التعليمات من العايق فكانوا فى ثوان معدودة فى مركز دائرة الأحداث و قد تمكنوا من السيطرة على الشابان فأنتابت فريدة مزيج من المشاعر المتنوعة مشاعر الرعب و الدهشة و الفرحة !
أعتدى العايق و رفاقه على الشابان و طلب العايق منهما أن يخبروهم من هما و ماذا يبغون من فريدة ولماذا أعتدوا عليها ؟
كانت فريدة أكثر تحفزاً لسماع أجابتهما و التى جائت صادمة لفريدة .. لقد فعلوا ذلك بداعى الأنتقام منها لأنها السبب فى أستدراجهم و أقناعهم بالأنضمام لفريقها التسويقى من أجل تحقيق حلم المليون جنيه و لكنهم أكتشفوا فى النهاية أن هذا الحلم ما هو الا وهم كبير لذلك قرروا الأنتقام من فريدة و تأديبها من خلال أذاقتها علقة موت على يد هذه المرأة التى صعقتها كهربائياً !
غضبت فريدة لأنحرافهما الفكرى و صرخت فيهما و قالت لهما أنهما فاشلان و غبيان و ليس من حقهما أن يعتديا عليها فهى لم تجبرهما على شئ لقد ألح كلاهما عليها لتقبلهما فى فريقها و كانا متكاسلان و يظنان أن
حلم المليون سيتحقق بمجرد التمنى دون كد أو تعب !!
ثم أذاق العايق و رفاقه الشابان علقة موت أثر أنفجار فريدة فيهما كانت كفيلة لأن تصرف الشياطين من رأسهما و أن يحملان هذه الشيطانة التى أحضروها معهما و يكوموها فى سيارتهما و كانا يجران أقدامهم فى وهن
و دخلا السيارة ثم هرولا بها من المكان ..
أختفى الشابان بسيارتهما و قد أبتلعهما الظلام و لم يتبق فى المكان غير فريدة و التى أصبحت فى مواجهة العايق و رفاقه ..
أستمر الصمت للحظات مع تبادل النظرات بين فريدة و العايق و تبادلا أيضاً الحوار ولكنه كان حوار ذهنى صامت .. كسرت فريدة حاجز الصمت و التوتر و أبدت أمتنانها للعايق و رفاقه لموقفهم الشهم و ظهورهم فى الوقت المناسب ..
طلب منها العايق أن توجه الشكر فيما بعد للشابان الهاربان و أكد لها أن ظهورهم لم يكن بمحض الصدفة و لكنها صدقت
حقاً بخصوص الوقت المناسب لحسن حظها !
عقدت فريدة حاجبيها و أصاب ملامحها طلاسم الغموض فى حين أحضر حرنوش زجاجة ماء النار من السيارة و ناولها للعايق أمام نظرات فريدة و قد أستشعرت بما تحويه هذه الزجاجة فحاولت الدفاع عن نفسها برفع الصاعق فى وجههم و قد أرتعدت فرائصها من الرعب بما يكفى فى هذا اليوم ..
طمأنها العايق و أكد لها أنه لن يؤذيها رغم أنه تتبعها خصيصاً لتنفيذ ذلك .. لكن بعد أن قام بحمايتها و التصدى للأعتداء عليها تبدد لديه دافع تشويه وجهها و لطمأنتها قام بسكب محتوى الزجاجة على جانب الطريق فنظرت فريدة و هى تتابع فى ذهول ما يفعله ماء النار و هو يذيب كل ما يصل أليه و حمدت الله فى سرها حمداً كثيراًعلى أن هذا السائل لم يلمس جلدها و أثنت على العايق كثيراً لتصديه للشابان و تخليه عن ما كان ينويه فقبل العايق ثنائها و طلب منها
أن تلجأ له فى حين تعرضها لأى تهديدات مستقبلية من قبل هؤلاء الفاشلين أو أمثالهم و أن تعتبره بمثابة صديقاً لها أن قبلت ذلك
فأضطرت فريدة لمجاملته و قالت له بالطبع ثم غادرت موقع الحدث ..
**************************
ترك حازم رسالة حزينة على جروب مثلث القادة تفيد أنه مشغول فى الفترة الراهنة لملازمته لصديقه مازن فى المستشفى الخاص و قد أصبح مازن نزيل بها نتيجة الحادث الذى تعرض له و دخل على أثره فى غيبوبة لا يعلم الأطباء متى سيفيق منها هذا أن ُكتبت له النجاة ..
ما أن قرأ نضال الرسالة حتى قام بالأتصال بحازم لمواساته لكن وجده نضال فى حالة يرثى لها و كان يتحدث و هو محطم الأعصاب حزناً على صديقه .. فأخبره نضال أنه سينتقل له ليكون بجانبه لمؤازرته فى محنته و يقدم له العون قدر أستطاعته فرفض حازم حتى لا يتكبد نضال عناء السفر لكن أصر نضال ..
لم يكتف نضال بذلك بل أتصل بفريدة و أخبرها حتى تتصل بحازم لمواساته بحكم رباط العمل الذى يجمع شملهم لكنه تفاجأ بطلبها .. لقد طلبت منه فريدة أن ترافقه السفر و يذهبان سوياً لتقضية الواجب !
كما طلبت منه فريدة أن كلاً منهما يسافر بسيارته و ستتبعه على الطريق .. عرض عليها نضال أنه لا داعى لسيارتين و واحدة تكفى لقضاء الغرض كانت هذه رغبة فريدة أيضاً على ما يبدو لكنها لم تجرؤ على أبداء ذلك و تمنعت فى بادئ الأمر لكن دون تعصب حتى وافقته على السفر بسيارته ..
قاد نضال سيارته و بجواره فريدة .. طال الصمت فترة و هما على الطريق الصحراوى نظراً لطبيعة شخصيتهما و التى تميل للصمت أكثر , لكن بحكم طباع الأناث قررت أن تتحدث فريدة و تكسر جو السكون لأشغال الوقت و لأشباع فضولها فسألت نضال عن عمق علاقته بحازم و التى لاحظتها يوم الأجتماع الأول و لم يخبرها بمعرفته بحازم فى عيد الميلاد و صارحته أن هذا قد أثار شكوكها ..
ضحك نضال على غير عادته و قد خطف نظرة لها و هو يقود فغضبت فريدة لضحكة نضال و هى تسأله فى أنفعال عن ما يضحك فى كلامها ؟!
فأجابها أنه تعرف على حازم يوم الأجتماع قبل مجيئها بدقائق و لم يسبق له معرفته حتى ذكره حازم و أخبره بعكس ذلك و أنه أجرى معه حواراً صحفياً يوم فوزه بلقب بطل الجمهورية و لهذا كان الفضل فى التألف الذى رأتهم عليه عند مجيئها ثم أبدى أندهاشه لأنها لم تسأله طوال الفترة السابقة
و سائت به الظن طيلة هذا الوقت !
أشارت الى أنها أنخرطت فى مشكلة كبيرة بعد الأجتماع تخص والدتها ثم توالت الأحداث و المؤتمرات و التدريبات الأون لاين مما لم يسنح للفرصة أن تولد لتحدثه بشأن هذا الأمر ..
سألها نضال من باب الأطمئنان عن مدى تطور المشكلة و أمكانية تدخله لحلها فأخبرته أنه قد ولى أمرها و تم حلها .. و ترطبت الأجواء بينهما و أنسجمت الكلمات و تحررت فريدة من تزمتها فى الحديث و نمت رغبتها فى أن تقص على نضال ماحدث معها من العايق و كيف أنقذها من قبضة الهلاك ..
أنزعج نضال و غضب و هو يستنكر هجوم بعض الأعضاء الفاشلين المنحرفين فكرياً عليها لأعتراض طريقها بهذه الهمجية .. أخبرها أن لا بد من موقف يؤخذ لحسم مثل هذه المهاترات .. كانت فريدة تتابع نضال
و هو ثائراً لما حدث معها معلناً رفضه التام لما تعرضت له !
كانت فريدة تنصت له و هى تخفى أحساساً نبت بداخلها و كادت أن تنساه ..
فرحت فريدة كمثل أى بنت عند وجود شخصاً أخر خارج نطاق الأسرة يُبدى خوفه و قلقه من أجلها ..
************************************
عندما وصل نضال و فريدة للمستشفى التى تتولى تقديم العناية لمازن وجد نضال حازم فى أستقباله و الذى تفاجأ بقدوم فريدة و رحب بهما فى أهتمام بالغ ..
داخل أحدى غرف المستشفى كان مازن مستلقياً على السرير و قد غرق فى غيبوبة لا يعلم مداها ألا الله و كان يجلس سعيد و جوزيف فى أحد أركان الغرفة و على مقعد بجوار السرير المستلقى عليه مازن كانت تجلس مروة زوجة مازن بوجه شاحب أثر القلق على زوجها و كان الطفل حمزة أبنه يجلس بجواره على الجانب الأخر ممسكاً بيد مازن و هو يحتضنها ..
حازم قدم نضال و فريدة للحاضرين سريعاً و عرف الجميع ببعضهم ثم جلسوا وكان حازم يشرح لهما ما حدث لمازن و كيف لأحد المنحرفين فكرياً و هو أحد أعضاء الفريق التسويقى لدى مازن و واحداً من الفاشلين الذى لم يتمكن من أنجاز ما تم تكليفه به فوجد أن حلم المليون مجرد سراب و قد تم النصب عليه من قبل مازن لأنه هو الذى أستقطبه و ورطه فى هذه الشجرة !
و حسب مستويات التفكير الموزعة على عقول البشر فقد كان أدناها من نصيب هذا الفاشل الذى قرر أن ينتقم للخمسة ألاف جنيهاً الذى أبتاع بهم أقل باقة و فشل فى حتى تحقيق عمولة لتعويضهم ففعل فعلته الشنعاء هذه بمازن !!
ظهرت غلظة نضال على وجهه لما سمعه و أشتعل الغضب داخل فريدة لأسترجاعها الأحداث المماثلة و التى مرت بها منذ أيام قليلة ..
بينما كانوا يتجاذبون أطراف الحديث جائت طرقات على باب الغرفة ثم دخلت دكتورة نسمة لتطمئن على الوضع الصحى و العام فقدمها حازم لنضال و فريدة فرحبا بها و عندما قدمهما لزوجته أبدت نسمة أعجابها بهما لنشاطهما و طموحهما ثم خاطبت مروة و التى تجلس حزينة صامتة فحاولت طمأنتها ببعض المصطلحات الطبية الغير مفهومة لتقنعها أن الأمل فى أفاقة مازن كبير حسب تشخيص الأطباء الذين يتابعون حالته ..
سادت لحظات صمت قليلة قطعتها نغمة رنين هاتف نضال .. رد نضال فى هدوء لكنه أنزعج من صوت المتصل وهو سيد عصفورة و كان الذعر يغمر صوته !
سأله نضال عن ما أصابه فتلعثم سيد فبدأ نضال يخرج عن هدوئه رويداً رويداً فأخبره سيد أن أحد أقاربه و الذى أجتذبه و أقنعه أن يؤجل عملية الحقن المجهرى لزوجته و بمبلغ العملية يبتاع باقة و ينضم لفريق الثراء ليحقق كل أحلامه و يقوم بأجراء العملية فيما بعد لزوجته فى أفضل مستشفى متخصصة قد فشل فى تحقيق أى عمولات كما أنه خسر مبلغ العملية التى طالما حلما بها هو و زوجته التى أرهقته باللوم لما أرتكب من الهرولة خلف أطماعه و ضياعه لحلمها و عليه فلم يتحمل الرجل تأنيب الضمير و أعترف بتحمله لوزر فقدان المبلغ الذى أدخراه بعد كفاح مضنى و ضياع حلم الأنجاب و عليه فقد ترك رسالة على الواتس لقائده و الذى تسبب فى تورطه , تفيد أنه قرر الأنتحار و التخلص من تحمل ما لا يطيق به صبراً ..
و بعد أن قرأ سيد عصفورة القائد المسئول عن تدريب هذا الرجل رسالته أصابته كلمات الرجل بالهلع و سارع بالأتصال به فى لهفة ليسمع صوته فلم يجيبه لكنه أصطدم بالحقيقة المريرة ليجد الرجل قد نفذ كلماته !
تحول نضال أشبه بصنم لما سمعه من سيد و قد غمرته حالة من الأستياء و رفض هذا الكيان الذى يمثله و الذى يتم تشييده من أحجار كفاح الكادحين !
فريدة سألت نضال و كذلك حازم فور أنتهاء المحادثة ماذا حدث ؟!
لخص لهم نضال فحوى المحادثة فى أسى و عندما تناول الجزء الخاص بالحقن المجهرى و حلم الأنجاب لم يلحظ النظرة المتبادلة بين حازم و زوجته نسمة طبيبة النساء و التوليد و التى تعانى من عقبة الأنجاب فهو ليس على علم بهذا الأمر ليراعى عدم ذكر هذه الجزئية فى حديثه لكنه على علم بقراره الذى حسمه بداية من سماع ما حدث لفريدة من هجوم غوغائى بسبب شركة الأخطبوط مروراً بما حدث لمازن لنفس السبب و نهاية بما حدث
لبلديات سيد لذات السبب أيضاً و هو كيان الأخطبوط و حلم الثراء السريع !
أعلن نضال للحاضرين و هو يخص حازم و فريدة أنه لم ينوى التمادى فى هذه الجرائم التى يتسبب فيها كيان الأخطبوط و أخبرهم أنه قانع جداً بما حققه من ثروة و يكتفى بما وصل أليه و سينفصل عن الكيان ..
لقد كان حازم و فريدة مشحونان هما أيضاً بما يكفى من كيان الأخطبوط لما يشعرون جميعاً بأنهيار أنسانيتهم فى تماديهم فيما هم منساقين خلفه !
لذلك لم يتردد حازم و لا فريدة من تأييد نضال فى قراره و حسمهم هم الثلاثة لأنهاء ممارسة هذا العمل و الذى تحول لفزاعة بدأت فى الأنقلاب عليهم !
أجمع الثلاثة على عدم أستمرارهم فى كيان الأخطبوط و حان وقت الأستيقاظ من غفلتهم و الحفاظ على فتات ما بقى من أنسانيتهم و قرروا الأتصال بمارك لأبلاغ مستر سولى أنهم يعلنون أعتزالهم لهذه اللعبة و لن يرغبون فى العودة لملاعب التسويق الألكترونى مرة أخرى ..
رغم أن الجو العام كان لا يسمح بالدعابة لكن فعلتها نسمة و قالت لنضال و فريدة يبدو أننى حسدتكما على طموحكما و نشاطكما و لكنى أراه حسد محمود فأنا أوافقكم على قراركم و أرحب به ..
كان سعيد و جوزيف يتابعان ما يدور من أحداث و أتخاذ قرارات و كأنهما مسحوران فكان للقرار قوة السحر فى أن يصيب سعيد و جو بالتخبط و الحيرة من حسم قرارهما بخصوص أستمرارهما أو أنفصالهما عن كيان الأحلام ..
كانت سرعة حسم مثلث القادة لقرارهم ناتجة من تراكمات سابقة تورمت فى جوفهم فكانت أشبه بحمم تغلى فى قاع بركان و تستعد للأنطلاق
لتصيب مارك و مستر سولى ..
*************************************. ❝ ⏤محمد حسن عبد الجابر
الفصل الثامن
- 8 -
تأسيس مستر سولى للفرع الثامن لشركة الأخطبوط فى مصر كان مبنى على خبرات سابقة و أسس مدروسة و خطوات منظمة فكان اللعب فى هذا الليفل بأحترافية و كأن تأسيس الفروع السابقة بمثابة التدريبات و التأهيل للعب فى الدور النهائى و هو تأسيس الفرع الثامن فى مصر ..
أدى المؤتمر السكندرى النتائج المرجوة منه .. لا يترك مارك تلميذ مستر سولى شيئاً يحدث هباءً , كان يخطط مع مستر سولى لكل شئ لدرجة تفقدهما متعة معايشة اللحظات الراهنة بسبب أدراكهما للسيناريو كامل لما سيحدث , لذلك حقق المؤتمر أقبال كبير و هجوم أستفسارات الكثير ممن حضر المؤتمر أو شاهده أون لاين و هو يتابع القادة وكلاً منهم يستعرض كيفية تحقيق الثراء السريع و ماهى ألية تحقيق المليون جنيه فى أقل من سنة مما أصاب المتابعين بالأنبهار و الرغبة فى ذات اللحظة لتحقيق الحلم الذى يرونه درباً من دروب الخيال ..
سقط الكثير من الأعضاء الفاشلين كأوراق شجر بالية من شجرة التسويق الألكترونى مما أوحى بأنهيار الفرق التسويقية للعديد من القادة المتواجدون فى الفرق التسويقية للقادة الثلاثة للمثلث .. لكن المؤتمر أحرز ....... [المزيد]