█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ تكملة هديه ﷺ في الحج
ثم رجع ﷺ إلى مِنى ، فخطب الناسَ خُطبة بليغة أعلمهم فيها بحرمة يوم النحر وتحريمه ، وفضله عند الله ، وحُرمة مكةَ عَلى جميع البلاد ، وأمرهم بالسَّمْع والطَّاعَةِ لِمَن قَادَهُم بِكِتَابِ الله ، وأمَرَ النَّاسَ بِأَخْذِ مَنَاسِكِهِمْ عَنه ، وقال ( لعَلِّي لا أَحُجُ بَعْدَ عَامِي هذا ) ، وعلمهم مناسكهم ، وأنزل المهاجرين والأنصار منازلهم ، وأمر الناسَ أَن لا يَرْجِعُوا بَعْدَهُ كُفَّاراً يَضْرِبُ بَعْضُهُم رِقَابَ بَعْضٍ ، وَأَمَرَ بِالتَّبْلِيغِ عَنْهُ ، وأَخْبَرَ أَنَّهُ رَبَّ مُبَلِّغ أَوْعَى مِنْ سَامِع ، وقال في خطبته ( لا يَجْنِي جَانٍ إِلَّا على نَفْسِه ) ، وأنزل المهاجرين عن يمين القبلة ، والأنصار عن يسارها ، والناس حولهم ، وفتح الله له أسماع الناس حتى سمعها أهلُ مِنى في منازلهم ، وقال في خطبته تلك ( اعْبُدُوا رَبَّكم، وصَلُّوا خَمْسَكُم، وَصُومُوا شَهْرَكُم ، وَأَطِيعُوا ذَا أَمْرِكُم ، تَدْخُلُوا جَنَّةَ رَبِّكُم ) ، وودع حينئذ الناس ، فقالوا : حجة الوداع ، وهناك سُئل عمن حلق قبل أن يرمي ، وعمن ذبح قبل أن يرمي ، فقا ( لا حَرَجَ ) قال عبد الله بن عمرو : ما رأيته ﷺ سئل يومئذ عن شيء إلا قال ( افْعَلُوا وَلَا حَرَجَ ) قال ابن عباس: إنه قيل له ﷺ في الذبح ، والحلق ، والرمي ، والتقديم ، والتأخير ، فقال ( لا
حَرَجَ ) ، ثم انصرف ﷺ إلى المَنْحَرِ بِمنى ، فنحر ثلاثاً وستين بدنة بيده ، وكان ينحرها قائمة ، معقولة يدها اليسرى ، وكان عدد هذا الذي نحره عدد سني عمره ﷺ ثم أمسك وأمر علياً أن يَنْحَر ما غَبَر من المئة ، ثم أمر علياً رضي الله عنه ، أن يتصدق بجلالها ولحومها وجلودها في المساكين ، وأمره أن لا يُعطِي الجَزار في جِزَارتها شيئاً منها ، وقال ( نَحْنُ نُعْطِيهِ مِن عِنْدِنَا ، وَقَالَ : مَنْ شاءَ اقْتَطَعَ ) ونحر رسول الله ﷺ بِمَنْحَرِهِ بِمنى ، وأعلمهم ( أن مِنِى كُلَّها مَنْحَرٌ ، وأَنَّ فِجَاجَ مَكَّةَ طَرِيقٌ وَمَنْحَرٌ ) وفي هذا دليل على أن النحر لا يختص بمنى ، بل حيث نحر من فجاج مكة أجزاه ، كما أنه لما وقف بعرفة قال ( وَقَفْتُ هَا هُنَا وَعَرَفَةُ كُلُّهَا مَوْقِفٌ ) ووقف بمزدلفة ، وقال ( وَقَفْتُ هاهنا وَمُزْدَلِفَةٌ كُلُّها موقف ) ، وسُئل ﷺ أن يُبنى له بِمَنى بِنَاءٌ يُظْلَّه مِنَ الحَرِّ ، فقال ( لَا ، مِنَى مُنَاخٌ لِمَنْ سَبَقَ إِلَيْهِ ) ، وفي هذا دليل على اشتراك المسلمين فيها ، وأن من سبق إلى مكان منها ، فهو أحق به حتى يرتحل عنه ، ولا يَمْلِكُه بذلك . ❝