█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ ولما كان العاطِسُ قد حصلت له بالعُطاس نعمة الله ومنفعة بخروج الأبخرة المحتقنة في دماغه التي لو بقيت فيه أحدثت له أدواءٌ عَسِرَةٌ ، شُرعَ له حمد الله على هذه النعمة مع بقاء أعضائه على التئامها وهيئتها بعد هذه الزلزلة التي هي للبدن كزلزلة الأرض لها ، ولهذا يقال : سَمّته وشَمَّته بالسين والشين فقيل : هما بمعنى واحد ، قاله أبو عبيدة وغيره ، قال : وكل داع بخير ، فهو مُشمِّتُ ومُسَمِّتُ ، وقيل : بالمهملة دعاء له بحسن السَّمتِ وبعوده إلى حالته من السكون والدعة ، فإن العطاس يحدث في الأعضاء حركة وانزعاجاً ، وبالمعجمة : دعاء له بأن يصرف الله عنه ما يُسمِّتُ به أعداءه ، فسمته : إذا أزال عنه الشماتة ، كقرد البعير : إذا أزال قُرادَه عنه ، وقيل : هو دعاء له بثباته على قوائمه في طاعة الله ، مأخوذ من الشوامت ، وهي القوائم ، وقيل : هو تشميت له بالشيطان ، لإغاظته بحمدِ الله على نعمة العُطاس ، وما حصل له به من محاب الله ، فإن الله يُحبه ، فإذا ذكر العبدُ اللهَ وَحَمِدَه ، ساء ذلك الشيطان من وجوه منها : نفس العطاس الذي يُحبُّه الله ، وحمد الله عليه ، ودعاء المسلمين له بالرحمة ، ودعاؤه لهم بالهداية ، وإصلاح البال وذلك كله غائظ للشيطان ، محزن له ، فتشميتُ المؤمن بغيظ عدوه وحزنه وكآبته ، فسمي الدعاء له بالرحمة تشميتاً له ، لما في ضمنه من شماتته بعدوه ، وهذا معنى لطيف إذا تنبه له العاطسُ والمُشمت إنتفعا به وعَظُمَتْ عندهما منفعة نعمة العطاس في البدن والقلب ، وتبين السِّرُّ في محبة الله له ، فلله الحمد الذي هو أهله كما ينبغي لكريم وجهه وعزّ جلاله . ❝