█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ ثم نقض العهد بنُو النضير ، وكان ذلك بعد بدر بستة أشهر ، وسبب ذلك أنه ﷺ خرج إليهم في نفرِ من أَصْحَابه ، وكلمهم أن يُعينُوهُ في دِية الكِلابِينِ اللَّذِيْنِ قتلَهُمَا عَمرُو بنُ أُمِّيَّة مْرِي فقالوا : نفعلُ يا أبا القاسم ، اجلس ها هنا نَقْضِي حاجتك ، وخلا بعضُهم ببعض ، وسول الشيطانُ الشقاء الَّذِي كُتِبَ عليهم ، فتآمروا بقتله ﷺ ، وقالوا : أيكم يأخذ هذه الرحا ويصعد ، فيُلقيها على رأسه يَشْدَخُه بها ؟ فقال أشقاهم عمر بن جحاش : أنا ، فقال لهم سلامُ بْنُ مِشْكم : لا تفعلوا فوالله ليُخَبِّرن بما هممتُم به ، وإنه لنقض العهد الذي بيننا وبينه ، وجاء الوحي على الفور إليه ﷺ من ربه تبارك وتعالى بما هموا به ، فنهض ﷺ مسرعاً ، وتوجه إلى المدينة ، ولَحِقَهُ أصحابه ، فقالوا : نهضت ولم نَشْعُرْ بك ، فأخبرهم ﷺ بما همَّتْ يهود به ، وبعث إليهم رسولُ اللهﷺ ( أن اخرجُوا مِن المدينة ، ولا تساكِنُوني بها، وقد أجلتكم عشراً، فمن وجدتُ بعد ذلك بها ضَرَبْتُ عُنُقَهُ ) فأقاموا أياماً يتجهزُونَ ، وأرسل إليهم المنافِقُ عبد الله بن أبي : أن لا تَخْرُجُوا من دياركم ، فإن معي ألفين يدخُلونَ معكم حصنكم ، فيموتون دونكم ، وتنصُرُكم قريظة وحلفاؤكم من غَطفان ، وطَمِعَ رئيسهم حيي بن أخطب فيما قال له ، وبعث إلى رسول الله ﷺ يقول : إنا لا نَخْرُجُ مِن دِيَارِنَا ، فاصْنَعْ ما بَدَا لك ، فكبر رسول الله ﷺ وأصحابه ونهضُوا إليه وعلي بن أبي طالب يحمِل اللواء ، فلما انتهى إليهم ، قاموا على حصونهم يرمون وحلفاؤهم بالنبل والحجارة ، واعتزلتهم قريظة ، وخانهم ابن أبي غَطفان ، ولهذا شبه سبحانه وتعالى قصتهم ، وجعل مثلهم { كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ للْإِنسَانِ أكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِن بَرِى مِنكَ } ، فإن سورة الحشر هي سورة بني النضير ، وفيها مبدأ قصتهم ونهايتها ، فحاصرهُم رسولُ الله ﷺ ، وقَطَعَ نخلهم ، وحَرَّقَ ، فأرسلوا إليه : نحن نخرج عن المدينة ، فأنزلهم على أن يخرجوا عنها بنفوسهم وذراريهم ، وأن لهم ما حَمَلَتِ الإبلُ إِلَّا السلاح ، وقبض النبي ﷺ الأموال والحَلْقَةَ ، وهي السلاح ، وكانت بنو النضير خالصة لرسول الله ﷺ لنوائبه ومصالح المُسلمين ، ولم يُخمّسها لأن الله أفاءها عليه ، ولم يُوجِفِ المُسْلِمُونَ عَلَيْهَا بِخَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ ، وَخَمْسَ قُرَيْظَةَ ، قال مالك : خمس رسول الله ﷺ قريظة ، ولم يُخمس بني النضير ، لأن المسلمين لم يُوجِفُوا بخيلهم ولا ركابهم على بني النضير ، كما أوجفوا على قريظة وأجلاهم إلى خيبر ، وفيهم حيي بن أخطب كبيرهم ، وقبض السلاح ، واستولى على أرضهم وديارهم وأموالهم ، فوجد من السلاح خمسين درعاً ، وخمسين بيضة ، وثلاثمائة وأربعين سيفاً ، وقال : هؤلاء في قَوْمِهِمْ بِمَنْزِلَةِ بني المُغِيرَةِ فِي قُرَيْشٍ وكانت قصتهم في ربيع الأول سنة أربع من الهجرة . ❝