█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ وبدا الصباح عليها بمعاني الرياض ، وعلى الرياض بمعانيها هي ، فاجتمع نشاط الكون ونشاط قلبي ، وتقتلت كما تتقتل..
وقالت ضاحكة : لا أحبك !
قلت : إن فيها ˝أحبك˝ وهذا يكفي !
قالت: وزادت في ضحكها : أعني أبغضك !
قلت : ولكنه بغض من تضحك كما أرى...!
قالت ، وزوت من وجهها وتكلفت العبوس قليلاً : أعني...
فابتدرتها أقول : إن تكلف وجهك ينطق بأنه لا يعني...!
فذهب بها الضحك مذهباً ظريفاً
وقالت : الآن قطع بك ، فلقد كنت أريد أن أقول ˝أعنى أحبك˝ فنفيتها أنت فانتفت !
قلت : بل الآن وصل بي..
ما دمت قد قلت ˝أعني أحبك˝
وأثبتها أنت فثبتت...
قالت واستطلق وجهها : إني والله أجد من سروري أن أعجزك ، ولكنك داهية لا تعجز ، ولا يزال في لسانك جواب ما أقوله وما لم أقله !
فقلت : وأنا والله أجد من سروري أن أقدر، ولكن هل أقدر على ما هو مقدر؟
إن بعض كلماتك هي الآن كلمات ، ولقد تكون غداً حوادث !
فاعترضتني قائلة : أنت تنظر في نور من خيالك مع نور الطبيعة ، فترى أشياء كثيرة غير الأشياء.
قلت : ولكنه هو النور الذي يقيد الطبيعة كلها بمنظر واحد..
قالت : أهو منظر جميل؟
قلت : بل الجمال بعضه...
قالت : وما عسى أن يكون باقيه إذا لم يكن الجمال إلا بعضه ؟
قلت : إن في قلبي كلاماً يُسمع من غير أن أتكلم به.
وفيه جواب سؤالك !
فاستضحكت وقالت : وعلى هذا فهمت من غير أن أفهم..
ألا قل لي ، لماذا تكون لغتك هكذا ؟
فقلت : لأن الحب يجعل كل سهل واضح في الأشياء غامضاً معقداً في النفس وهذا هو سره ، وبهذا يرتفع عن الإنسانية ويجنح إلى التأله ، وبسره وتألهه يخلق كل ما يمسه في صورة ثانية مع صورته التي تقوم به ، فيجعله بصورتيه من الكون ، ومن النفس العاشقة أيضا ً، وليس من شئ خُلق مرتين ، ولكن أشياء الحب كلها كذلك خلق ثم خلق.
مصطفي صادق الرافعي 🍀 . ❝