█ حصرياً جميع الاقتباسات من أعمال المؤلِّف ❞ أبو منصور الثعالبي ❝ أقوال فقرات هامة مراجعات 2024 ❰ له مجموعة الإنجازات والمؤلفات أبرزها الكناية والتعريض للثعالبي الإعجاز والإيجاز فقه اللغة وسرُّ العربية المنتحل الناشرين : دار النفائس للنشر والتوزيع المكتبة التوفيقية قباء للطباعة والنشر المطبعة التجارية بالاسكندرية ❱
عبد الملك بن محمد بن إسماعيل (350 هـ - 429 هـ / 961 1038م) الذي يُعرف بأبي منصور الثعالبي النيسابوري، أديب عربي فصيح عاش في نيسابور وضلع في النحو والأدب وأمتاز في حصره وتبيانه لمعاني الكلمات والمصطلحات.
كان الثعالبي واعية كثير الحفظ، فعرف بحافظ نيسابور، وأوتي حظا من البيان بزَّ فيه أقرانه، فلقب بجاحظ زمانه، وعاش بنيسابور حجَّة فيما يروي، ثقة فيما يحدِّث، مكينا في علمه، ضليعا في فنه، فقصد إليه القاصدون، يضربون إليه آباط الإبل، بعد أن سار ذكره في الآفاق سير المثل.
نقتطف هنا جُمَلا نعته بها أعلام الأدب وأصحاب التواليف السائرة.
"كان في وقته راعي تلعات العلم، وجامع أشتات النثر والنظم، رأس المؤلفين في زمانه، والمصنفين بحكم أقرانه، طلعت دواوينه في المشارق والمغارب، طلوع النجم في الغياهب، وتآليفه أشهر مواضع، وأبهر مطالع، وأكثر من أن يستوفيها حدٌّ أو وصف، أو يوفي حقوقها نظم أو رصف".
"هو جاحظ نيسابور، وزبدة الأحقاب والدهور، لم تر العيون مثله، ولا أنكرت الأعيان فضله، وكيف ينكر وهو المزن يحمد بكل لسان، وكيف يستر وهو الشمس لا تخفى بكل مكان".
"كان يلقب بجاحظ زمانه، وتصانيفه الأدبية كثيرة إلى الغاية".
"وأما أبو منصور عبد الملك بن محمد بن إسماعيل الثعالبي فإنه كان أديبا فاضلا، فصيحا بليغا"
"وأبو منصور هذا يعيش إلى وقتنا هذا، وهو فريد دهره، وقريع عصره، ونسيج وحده، وله مصنفات في العلم والأدب، نشهد له بأعلى الرتب".
قلبي رهَينٌ بنسابور عند أخٍ * ما مثله حين تَستَقري البلاد أخُ
له صحائف أخلاق مهذبةٍ * من الحِجا والعلا والظرف تُنتَسَخُ
كُتْبُ القَر يضِ لآلي * نُظِمَتْ على جِيدِ الوجودْ
فَضلُ اليتيمة بينها * فضل اليتيمة في العقودْ
ومنها:
أبيات أشعار اليتيمة * أبيات أفكار قديمةْ
ماتوا وعاشت بعدهم * فلذاك سميت اليتيمةْ
سَحَرتَ الناس في تأليف "سحرك" * فجاء قلادةً في جيد دهركْ
وكم لك من معانٍ في معان * شواهد عند ما تعلو بقدركْ
وُقِيتَ نوائب الدنيا جميعاً * فأنت اليوم حافظ أهل عصركْ
كان أبو منصور الثعلبي * أبرع في الآداب من ثعلبِ
ليت الردى قدَّمني قبله * لكنه أروغ من ثعلبِ
يطعن من شاء من الناس بالـ*ـموت [بالموت] كطعن الرمح بالثعلبِ
هذه طائفة من القول تدلك على مكانة الثعالبي عند المتقدمين، نجتزئ بها، ونقف عندها. ثم لعل في هذه الطُّرفة التي جرت بينه وبين سهل بن المرزبان ما يعطيك صورة عن الثعالبي شاعرا:
قال الثعالبي: قال لي سهل بن المرزبان يوما: إن من الشعراء من شَلْشَل، ومنهم من سَلْسَل، ومنهم من قَلْقَل، ومنهم من بَلْبَل {يريد بمن شلشل: الأعشى في قوله:
وقد أروح إلى الحانوت يتبعني * شاوٍ مِشَلٌ شَلولٌ شُلْشُلٌ شَوِلُ
وبمن سلسل: مسلم بن الوليد في قوله:
سُلَّتْ وسُلَّتْ ثم سُلَّ سَليلها * فأتى سَليلُ سَليلها مَسْلولا
وبمن قلقل: المتنبي في قوله:
فقَلْقَلْتُ بالهمِّ الذي قَلْقَل الحَشا * قَلاقل عيسٍ كلهن قَلاقِلُ}
فقال الثعالبي:
إني أخاف أن أكون رابع الشعراء { أراد قول الشاعر: الشعراء فاعلمنَّ أربعة * فشاعر يجري ولا يُجرى معه
وشاعر من حقه أن ترفعه * وشاعر من حقه أن تسمعه
وشاعر من حقه أن تصفعه}
ثم إني قلت بعد ذلك بحين:
وإذا البلابل أفصحت بلغاتها * فانفِ البلابل باحتساء بَلابِلِ
فكان بهذا رابع فحول ثلاثة لهم القدم الثابتة في الشعر، نعني الأعشى ومسلم بن الوليد والمتنبي: وما دمنا قد عرضنا للثعالبي الشاعر فما أولانا أن نذكر جملا مختارة من شعره، قال، وكتب بها إلى الأمير أبي الفضل الميكالي:
لك في المفاخر معجزات جمَّة * أبدا لغيرك في الورى لم تُجمَعِ
بحران بحر في البلاغة شابه * شعر الوليد وحسن لفظ الأصمعي
وتَرَسُّل الصابي يزين عُلوَّه * خط بن مقلة ذو المقام الأرفعِ
كالنور أو كالسحر أو كالبدر أو * كالوشي في برد عليه موشَّعِ
وإذا تَفَتَقَ نورُ شِعرك ناضِراً * فالحسن بين مصرَّعٍ ومُرَصَعِ
أرجلت أفراس الكلام ورُضتَ أف*ـراس [أفراس] البديع وأنت أمجد مبدعِ
ونقشت في مغنى الزمان بدائعاً * تُزري بآثار الربيع المُمرعِ
ومنها يصف فرسا أهداه إليه:
يا واهب الطَّرفِ الجواد كأنَّما * قد أنعلوه بالرِّياح الأربعِ
لا شيء أسرع منه إلا خاطري * في وصف نائلك اللطيف الموقِعِ
ولو أني أنصفت في إكرامه * لجلال مُهديه الكريم الألمعي
أقضمته حب الفؤاد لحبِّه * وجعلت وربطه سواد الأدمعِ
وخلعت ثم قطعت غير مضيِّعٍ * برد الشباب لجُلِّهِ والبُرقُعِ
ومن غزلياته الرقيقة:
سقطت لحين في الفراش لزمته * أضم إلى قلبي جناح مَهيضِ
وما مرض بي غير حبّي وإنما * أُدَلِّسُ منكم عاشقا بمريضِ
وقال الباخرزي: أنشدني والدي قال أنشدني -يريد الثعالبي- لنفسه:
عَرَكَتْنِي الأيام عرك الأديم * وتجاوزن بي مدى التقويمِ
وَغَضضن اللحاظ منِّيَ إلا * عن هلال يرنو بمقلة ريمِ
لحظهُ سُقْمُ كل قلبٍ صحيح * ثَغرُهُ بُرء كل جسم سقيمِ
وله أيضا فيما يتصل بالخَمريات:
هذه ليلة لها بهجة الطَّا * ووس حسنا والليل لون الغُدافِ
رقد الدهر فانتبهنا وسارقْـ*ناه [وسارقناه] حظا من السُّرور الشافي
بمُدامٍ صافٍ وخِلٍّ مُصافٍ * وحبيبٍ وافٍ وسَعدٍ موافي
وكتب إلى أبي نصر سهل بن المرزبان يحاجيه:
حاجيت شمس العلم في ذا العصر * نديم مولانا الأمير نصر
ما حاجة لأهل كلِّ مِصر * في كل دارٍ وبكل قُطر
ليست ترى إلا بُعيدَ العصر
فكتب إليه جوابه:
يا بحر آداب بغير جَزْرِ * وحظه في العلم غير نَزرِ
حزَرتُ ما قلت وكان حَزري * أن الذي عنيت دُهنُ البَزْرِ
يَعصُرُهُ ذو قوة وأزرِ
ونحن نذكر لك فيما يلي كتبه كتابا كتابا، معتمدين في هذا النقل على الصفدي، فقد انفرد من بين المراجع جميعها بذكر هذه الجملة الوفيرة وأكثر الظن أنه ليس للثعالبي بعد ما ذكره الصفدي شيء آخر، هذا على ما في الصفدي من اضطراب في الأسماء اضطررنا معه لمعارضة ما فيه بأصول أخرى، ثم الرجوع إلى الفهارس التي ألقت في روعنا شيئا من الظن، بأن من بين هذه الكتب ما ليس للثعالبي، كما أن منها المشترك في اسم واحد، على الرغم مما قمنا به من تحرير سريع. وقد يتسع غير هذا الموضع لهذا التحرير كاملا فيقطع الشك باليقين ويتضح المُشكل من أمرها ويبين، وها هي ذي:
أليف عبد الرحمان الثعالبي وليس أبو منصور الثعالبي* كتاب حجة العقل.