❞ القصة بطلها طبيب شاب عمره ٢٤ سنة يعيش حياة خاملة عادية.. يذهب إلى المستشفى بحكم العادة.. ويعالج المرضى بمقتضى الروتين.. يعود فى فتور إلى البيت حيث يجد أمه.. وأمه تتولى كل أموره.. وترتب له حياته ومواعيده وتختار له أصدقاءه وصديقاته وهى حينما تلاحظ أنه يبدأ يميل لواحدة من هؤلاء الصديقات ويهتم بها، تذم فيها لتصرفه عنها.. وهو أحياناً يثور ولكن ثورته تنتهى باعتذار وقبلة على جبين أمه.. وإحساس بالندم.. ثم تعود الحياة لتتكرر فاترة يوما بعد يوم. وهو في طريق عودته إلى البيت كل يوم في المترو يلتقى في الديوان بحلقة من الموظفين يتحدثون ويدخنون.. وحديثهم في العادة لا يخرج عن ثلاثة أشياء.. العلاوات.. وأزمة المساكن.. ومزاج المدير.. يوما بعد يوم يسمع هذا الحديث.. ويشعر في أعماقه أن هؤلاء الناس ميتون في الحقيقة لا يعيشون.. وأنه مثلهم میت.. لا يعيش وفي إحدى الليالي يحلم بهذا الحلم الغریب.. إنه واقف يتفرج على تمثال من الرخام وإلى جواره امرأة في يدها أزميل تنحت من الرخام تمثالا لرجل. ولكن الرجل الرخام ما يكاد يستوی کاملا حتى تدب فيه الحياة فيتحرك في ثورة إلى المرأة التي تنحته فيقتلها.. ثم يستدير إلى الطبيب ويجري خلفه.. يهرب الطبيب مذعورا يطارده التمثال ثم يشتبك الاثنان في صراع مميت وتخطر للطبيب فكرة.. أنه إذا استطاع أن يجرجر ذلك الوحش إلى الداخل حيث تجلس أمه فقد تستطيع أن تساعده وهو يجرى فعلا ويدخل به إلى غرفة الأم.. ولكن الشيء الذي يدهشة أن أمه تنظر إليه بلا مبالاة وتكاد لا تلحظ وتنصرف إلى ثرثرتها مع ضيوفها.. يهمس الطبيب في نفسه.. هكذا كنت أقول دائما .. لا أحد يهمه أمرى.. لا أحد يمكن أن أعتمد عليه سوی تفسی.. ويبتسم في راحة ويستيقظ الحلم صورة مشروحة بالصور للمشكلة.. إن الطبيب في أعماقه يشعر أنه مسخوط على هيئة تمثال رخام.. وأنه ولا يعيش.. أن أمه هي التي نحتت منه هذه الصورة المتحركة التي يراها الناس.. وهو في نفس الوقت يكره أن يكون صنيعة أمه وأن يكون ملك يمينها.. ويعبر عن هذه الكراهية في الحلم بثورة التمثال على صانعه وقتله.. ولكن الصراع في الحقيقة ليس بينه وبين أمه بقدر ما هو بينه وبين نفسه إنه منقسم في الحلم إلى صورتين.. التمثال والمتفرج، وهو يشتبك مع نفسه في النهاية.. مع نفسه الثائرة الساخطة.. في محنة عذابه.. يفكر في أنه ربما لو أنه دخل إلى غرفة الأم ليشكو لها.. ربما استطاعت أن تجد له مخرجا.. ولكن ما يكاد يدخل عليها حتى يلاحظ أنها لا تكاد تدرك وأنها منهمكة في الثرثرة مع ضيوفها.. وهنا همس إلى نفسه.. أو يهمس إليه عقله الباطن في الحقيقة.. لم أقل لك أن لا أحد يهمه أمرك.. وأن الحل هو أن تعتمد على نفسك. وهو يبتسم في راحة.. قد شعر أنه وجد طريقه أخيرا... ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ القصة بطلها طبيب شاب عمره ٢٤ سنة يعيش حياة خاملة عادية. يذهب إلى المستشفى بحكم العادة. ويعالج المرضى بمقتضى الروتين. يعود فى فتور إلى البيت حيث يجد أمه. وأمه تتولى كل أموره. وترتب له حياته ومواعيده وتختار له أصدقاءه وصديقاته وهى حينما تلاحظ أنه يبدأ يميل لواحدة من هؤلاء الصديقات ويهتم بها، تذم فيها لتصرفه عنها. وهو أحياناً يثور ولكن ثورته تنتهى باعتذار وقبلة على جبين أمه. وإحساس بالندم. ثم تعود الحياة لتتكرر فاترة يوما بعد يوم.
وهو في طريق عودته إلى البيت كل يوم في المترو يلتقى في الديوان بحلقة من الموظفين يتحدثون ويدخنون. وحديثهم في العادة لا يخرج عن ثلاثة أشياء. العلاوات. وأزمة المساكن. ومزاج المدير. يوما بعد يوم يسمع هذا الحديث. ويشعر في أعماقه أن هؤلاء الناس ميتون في الحقيقة لا يعيشون. وأنه مثلهم میت. لا يعيش وفي إحدى الليالي يحلم بهذا الحلم الغریب. إنه واقف يتفرج على تمثال من الرخام وإلى جواره امرأة في يدها أزميل تنحت من الرخام تمثالا لرجل.
ولكن الرجل الرخام ما يكاد يستوی کاملا حتى تدب فيه الحياة فيتحرك في ثورة إلى المرأة التي تنحته فيقتلها. ثم يستدير إلى الطبيب ويجري خلفه. يهرب الطبيب مذعورا يطارده التمثال ثم يشتبك الاثنان في صراع مميت وتخطر للطبيب فكرة. أنه إذا استطاع أن يجرجر ذلك الوحش إلى الداخل حيث تجلس أمه فقد تستطيع أن تساعده وهو يجرى فعلا ويدخل به إلى غرفة الأم. ولكن الشيء الذي يدهشة أن أمه تنظر إليه بلا مبالاة وتكاد لا تلحظ وتنصرف إلى ثرثرتها مع ضيوفها. يهمس الطبيب في نفسه. هكذا كنت أقول دائما . لا أحد يهمه أمرى. لا أحد يمكن أن أعتمد عليه سوی تفسی. ويبتسم في راحة ويستيقظ
الحلم صورة مشروحة بالصور للمشكلة. إن الطبيب في أعماقه يشعر أنه مسخوط على هيئة تمثال رخام. وأنه ولا يعيش. أن أمه هي التي نحتت منه هذه الصورة المتحركة التي يراها الناس. وهو في نفس الوقت يكره أن يكون صنيعة أمه وأن يكون ملك يمينها. ويعبر عن هذه الكراهية في الحلم بثورة التمثال على صانعه وقتله. ولكن الصراع في الحقيقة ليس بينه وبين أمه بقدر ما هو بينه وبين نفسه إنه منقسم في الحلم إلى صورتين. التمثال والمتفرج، وهو يشتبك مع نفسه في النهاية. مع نفسه الثائرة الساخطة. في محنة عذابه. يفكر في أنه ربما لو أنه دخل إلى غرفة الأم ليشكو لها. ربما استطاعت أن تجد له مخرجا. ولكن ما يكاد يدخل عليها حتى يلاحظ أنها لا تكاد تدرك وأنها منهمكة في الثرثرة مع ضيوفها. وهنا همس إلى نفسه. أو يهمس إليه عقله الباطن في الحقيقة. لم أقل لك أن لا أحد يهمه أمرك. وأن الحل هو أن تعتمد على نفسك. وهو يبتسم في راحة. قد شعر أنه وجد طريقه أخيرا. ❝