█ قدوم وفد هَمْدَانَ عليه ﷺ وقَدِمَ وفدُ منهم : مالك بن النَّمَط ومالك أيفع وضِمام وعمرو فلقُوا رسول الله مرجعه من تبوك وعليهم مُقَطَّعَاتُ الْحِبَرَاتِ والعمائم العدنية الرواحل المَهْرِية والأَرْحَبِيَّة وذكروا له كلاماً حسناً فصيحاً فكتب لهم كتاباً أقطعهم فيه ما سألوه وأمَّرَ عليهم واستعمله أسلم قومه وقد روى البيهقي بإسناد صحيح حديث أبي إسحاق عن البراء أن النبي بعث خالد الوليد إلى أهل اليمن يدعوهم الإسلام قال فكنت فيمن خرج مع فأقمنا ستة أشهر فلم يُجيبوه ثم عليَّ طالب رضي عنه فأمره يُقْفل خالداً إلا رجلاً أحب يُعقِبَ علي فليُعقب معه فكنتُ عقب فلما دنونا القوم خرجوا إلينا فصلى بنا صفنا صفاً واحداً تقدم بين أيدينا وقرأ كتاب فأسلمت هَمْدَانُ جميعاً بإسلامهم قرأ الكتاب خَرَّ ساجداً رفع رأسه فقال ( السَّلَامُ عَلَى زاد المعاد هدي خير العباد (كامل) مجاناً PDF اونلاين 2024 تأليف ابن قيم الجوزية خمسة مجلدات يتناول الفقه وأصوله والسيرة والتاريخ وذكر سيرة الرسول غزواته وحياته وبيّن هديه معيشته وعباداته ومعاملته لأصحابه وأعدائه ألف هذا الكتب أثناء السفر ولم تكن أية مصادر ينقل منها يحتاج إليه أحاديث وأقوال وآراء تتعلق بمواضيع ومع ذلك فقد ضمن كتابه نبوية الصحاح والسنن والمعاجم والسير وأثبت كل الموضوع الذي يخصه العلم القيم كان يحفظ مسند الإمام أحمد حنبل يضم أكثر ثلاثين
❞ هديه ﷺ فيمن جَسَّ عليه
ثبت عنه ﷺ أنه قتل جاسوساً من المشركين ، وثبت عنه أنه لم يقتل حاطباً ، وقد جَسَّ عليه ، واستأذنه عمرُ في قتله فقال ﷺ ( وما يُدْرِيكَ لَعَلَّ الله اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فقال : اعْمَلُوا مَا شِئْتُم فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُم ) فاستدل به من لا يرى قتل المسلم الجاسوس ، كالشافعي وأحمد ، وأبي حنيفة رحمهم الله ، واستدل به مَنْ يرى قتله ، كمالك ، وابن عقيل من أصحاب أحمد - رحمه الله - وغيرهما قالوا : لأنه علل بعلة مانعة من القتل منتفية في غيره ، ولو كان الإسلام مانعاً من قتله ، لم يُعلل بأخص منه ، لأن الحكم إذا عُلل بالأعم ، كان الأخص عديم التأثير ، وهذا أقوى ، والله أعلم . ❝
❞ وكان ﷺ لا يأنَفُ مِن مؤاكلة أحدٍ صغيراً كان أو كبيراً ، حُراً أو عبداً ، أعرابياً أو مهاجراً ، حتى لقد روى أصحاب السنن عنه ﷺ أنه أخذ بيد مجذوم فوضعها معه في القصعة فقال ( كُلْ بِسْمِ اللَّهِ ثِقَةٌ بِاللَّهِ ، وَتَوَكَّلاً عَلَيْهِ ) ، وكان ﷺ يأمر بالأكل باليمين ، وينهي عن الأكل بالشمال ، ويقول ( إِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ ، وَيَشْرَبُ بِشِمَالِهِ) ، ومقتضى هذا تحريم الأكل بها ، وهو الصحيح ، فإن الآكل بِهَا ، إما شيطان ، وإما مشبه به ، وصح عنه ﷺ أنه قال الرجل أكل عنده ، فأكل بشماله ( كُلْ بِيَمِينِكَ ) ، فقال: لا أستطيع ، فقال ( لَا اسْتَطَعْتَ ) فما رفع يده إلى فيه بعدها ، فلو كان ذلك جائزاً ، لما دعا عليه بفعله ، وإن كان كِبْرُهُ حمله على ترك امتثال الأمر ، فذلك أبلغ في العصيان واستحقاق الدعاء عليه ، وأمر من شَكَوْا إليه أنهم لا يشبعُونَ ( أن يجتمعوا على طعامهم ولا يتفرَّقُوا ، وأن يذكروا اسمَ اللَّهِ عليه يُبارك لهم فيه ) ، وصح عنه ﷺ أنه قال ( إِنَّ اللَّهَ لَيرْضَى عَنِ العَبْدِ يَأْكُلُ الأكْلَةَ يَحْمَدُهُ عَلَيْهَا ، وَيَشْرَبُ الشَّرْبَةَ يَحْمَدُهُ عَلَيْهَا ) ، وروي عنه ﷺ أنه قال ( أَذِيبُو طَعَامَكُم بِذِكْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ والصَّلَاةِ ، ولا تَنَامُوا عَلَيْهِ فَتَقْسُوَ قُلُوبُكُم ) ، وأحرى بهذا الحديث أن يكون صحيحاً والواقع في التجربة يشهد به . ❝
❞ تابع لغزوة حُنين ..
قال ابن إسحاق : فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة ، عن عبد الرحمن بن جابر ، عن أبيه جابر بن عبد الله ، قال : لما استقبلنا وادي حنين ، انحدرنا في وادٍ من أودية تهامة أجوف خطوط إنما ننحدر فيه انحداراً ، قال : وفي عماية الصبح ، وكان القوم سبقونا إلى الوادي ، فكَمَنُوا لنا في شعابه وأَحْنائه ومضايقه ، قد أجمعوا وتهيؤوا ، وأعدوا فوالله ما راعنا ـ ونحن منحطون ـ إلَّا الكتائب ، قد شدُّوا علينا شَدَّة رجل واحد ، وانشمر الناسُ راجعين لا يَلْوِي أحد منهم على أحد ، وانحاز رسول الله ﷺ ذات اليمين ، ثم قال ( إلى أَيْنَ أَيُّهَا النَّاسُ؟ هَلُمَّ إِلَيَّ أنا رَسُولُ الله أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ) ، وبقي مع رسول الله ﷺ نفر من المهاجرين والأنصار وأهل بيته ، وفيمن ثبت معه من المهاجرين أبو بكر وعمر ، ومن أهل بيته علي والعباس وأبو سفيان بن الحارث وابنه والفضل بن العباس ، وربيعة بن الحارث ، وأسامة بن زيد ، وأيمن ابن أم أيمن ، وقُتِل يومئذ ، قال : ورجل من هوازن على جمل له أحمر بيده راية سوداء في رأس رمح طويل أمام هوازن ، وهوازن خلفه ، إذا أدرك ، طعن برمحه ، وإذا فاته الناسُ رفع رمحه لمن وراءه فاتبعوه فبينا هو كذلك إذ أهوى عليه علي بن أبي طالب ، ورجل من الأنصار يُريدانه ، قال : فأتى علي مِنْ خَلْفِهِ ، فضرب عرقوبي الجمل ، فوقع على عجزه ، ووثب الأنصاري على الرجل ، فضربه ضربةً أطن قدمه بنصف ساقه ، فانجعف عن رحله ، قال : فاجتلد الناس ، قال : فوالله ما رجعت راجعة الناس من هزيمتهم حتى وجدوا الأسارى عند رسول الله ﷺ ، قال ابن إسحاق : ولما انهزم المسلمون ، ورأى مَن كان مع رسول الله ﷺ مِن جُفاة أهل مكة الهزيمة ، تكلم رجال منهم بما في أنفسهم من الضغنِ ، فقال أبو سفيان بن حرب : لا تنتهي هزيمتهم دون البحر ، وإن الأزلام لمعه في كنانته ، وصرخ جبلة بن الحنبل - وقال ابن هشام : صوابه كَلدَة : ألا بطل السِّحْرُ اليوم ، فقال له صفوان أخوه لأمه وكان بعد مشركاً : اسكت ، فضَّ الله فاك ، فوالله لأن يَرُبَّني رَجُلٌ مِن قريش ، أحبُّ إليَّ من أن يربني رجل من هوازن . ❝