█ تابع لغزوة حُنين قال ابن إسحاق : فحدثني عاصم بن عمر قتادة عن عبد الرحمن جابر أبيه الله قال لما استقبلنا وادي حنين انحدرنا وادٍ من أودية تهامة أجوف خطوط إنما ننحدر فيه انحداراً وفي عماية الصبح وكان القوم سبقونا إلى الوادي فكَمَنُوا لنا شعابه وأَحْنائه ومضايقه قد أجمعوا وتهيؤوا وأعدوا فوالله ما راعنا ـ ونحن منحطون إلَّا الكتائب شدُّوا علينا شَدَّة رجل واحد وانشمر الناسُ راجعين لا يَلْوِي أحد منهم وانحاز رسول ﷺ ذات اليمين ثم ( أَيْنَ أَيُّهَا النَّاسُ؟ هَلُمَّ إِلَيَّ أنا رَسُولُ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ) وبقي مع نفر المهاجرين والأنصار وأهل بيته وفيمن ثبت معه أبو بكر وعمر ومن أهل علي والعباس وأبو سفيان الحارث وابنه والفضل العباس وربيعة وأسامة زيد وأيمن أم أيمن وقُتِل يومئذ ورجل هوازن جمل له أحمر بيده راية سوداء رأس رمح طويل أمام وهوازن خلفه إذا أدرك طعن برمحه وإذا فاته رفع رمحه لمن وراءه فاتبعوه فبينا هو كذلك إذ أهوى عليه أبي طالب الأنصار يُريدانه فأتى مِنْ كتاب زاد المعاد هدي خير العباد (كامل) مجاناً PDF اونلاين 2024 تأليف قيم الجوزية خمسة مجلدات يتناول الفقه وأصوله والسيرة والتاريخ وذكر سيرة الرسول غزواته وحياته وبيّن هديه معيشته وعباداته ومعاملته لأصحابه وأعدائه وقد ألف هذا الكتب أثناء السفر ولم تكن أية مصادر ينقل منها يحتاج إليه أحاديث وأقوال وآراء تتعلق بمواضيع الكتاب ومع ذلك فقد ضمن كتابه نبوية الصحاح والسنن والمعاجم والسير وأثبت كل حديث الموضوع الذي يخصه العلم أن القيم كان يحفظ مسند الإمام أحمد حنبل يضم أكثر ثلاثين
❞ وبعد رجوع الرسول ﷺ من غزوة الطائف أحرم من الجعْرَانَةِ بعمرة ، وكان داخلاً إلى مكة ، وهذه هي السنة لمن دخلها من طريق الطائف وما يليه ، وأما ما يفعله كثير ممن لا علم عندهم من الخروج من مكة إلى الجعرانة ليحرم منها بعمرة ، ثم يرجع إليها ، فهذا لم يفعله رسول الله ﷺ ، ولا أحد من أصحابه البتة ، ولا استحبه أحد من أهل العلم ، وإنما يفعله عوام الناس ، زعموا أنه اقتداء بالنبي ﷺ وغلطوا ، فإنه ﷺ إنما أحرم منها داخلاً إلى مكة ، ولم يخرج منها إلى الجعرانة ليحرم منها ، فهذا لون ، وسنته لون ، وبالله التوفيق . ❝
❞ لما كثر المدعون للمحبة ، طولِبوا بإقامة البينة على صحة الدعوى ، فلو يُعطى الناس بدعواهم ، لإدَّعى الخَلِيُّ حِرْفَةَ الشَّجِي، فتنوع المدعون في الشهود ، فقيل : لا تثبت هذه الدعوى إلَّا بِبينةٍ { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ } ، فتأخر الخلقُ كُلُّهم ، وثبت أتباع الرسول ﷺ في أفعاله وأقواله وهديه وأخلاقه ، فطُولِبوا بعدالة البَيِّنة ، وقيل : لا تُقبَلُ العدالة إلَّا بتزكية { يُجهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائم } ، فتأخر أكثر المدعين للمحبة ، وقام المجاهدون ، فقيل لهم : إن نفوس المحبين وأموالهم ليست لهم ، فسلموا ما وقع عليه العقد ، ف { إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنةَ } ، وعقد التبايع يُوجِبُ التسليم من الجانبين ، فلما رأى التجارُ عظمة المشتري وقَدْرَ الثمن ، وجَلالَةَ قَدْرِ مَن جرى عقد التبايع على يديه ، ومقدار الكتاب الذي أثبت فيه هذا العقد ، عرفوا أن للسلعة قدراً وشأناً ليس لغيرها من السلع ، فرأوا مِن الخُسران البين والغَبْنِ الفاحش أن يبيعوها بثمن بَخْسٍ دَرَاهِمَ معدودة ، تذهب لذَّتُهَا وشهوتُهَا، وتبقى تَبِعَتُهَا وحسرتها ، فإن فاعل ذلك معدود في جملة السفهاء ، فعقدوا مع المشتري بيعةَ الرّضوان رضى واختياراً من غير ثبوت خيار ، وقالوا : والله لا نَقِيلُكَ ولا نَسْتَقِيلُكَ فلما تم العقد ، وسلموا المبيع ، قيل لهم : قد صارت أنفسكم وأموالكم لنا ، والآن فقد رددناها عليكم أوفر ما كانت وأضعاف أموالكم معها { وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا في سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ } ، لم نبتع منكم نفوسكم وأموالكم طلباً للربح عليكم ، بل ليظهر أثر الجود والكرم في قبول المعيب والإعطاء عليه أجل الأثمان ، ثم جمعنا لكم بين الثمن والمثمن ، تأمل قصة جابر بن عبد الله وقد اشترى منه بعيره ، ثم وفاه الثَمَنَ وزادَهُ ، ورَدَّ عليه البعير ، وكان أبوه قد قُتِلَ مع النبي صلى الله عليه وسلم في وقعة أحد ، فذكره بهذا الفعل حال أبيه مع الله ، وأخبره أنَّ الله أحياه ، وكلمهُ كَفَاحاً وقَالَ ( يَا عَبْدِي تَمَنَّ عَلَيَّ ) ، سبحان مَنْ عَظُمَ جوده وكرمه أن يُحيط به علم الخلائق ، فقد أعطى السلعة ، وأعطى الثمن ، ووفق لتكميل العقد ، وقبل المبيع على عيبه ، وأعاض عليه أجل الأثمانَ ، واشترى عبده نفسه بماله ، وجمع له بين الثمن والمُثَمَّنِ ، وأثنى عليه ، ومدحه بهذا العقد ، وهو سبحانه الذي وفقه له ، وشاءه منه . ❝
❞ كانَ ﷺ إِذا ودَّع أصحابه في السفر يقول لأحدهم ( أَسْتَوْدِعُ الله دِينَكَ وَأَمَانَتَكَ ، وَخَواتِيمَ عَمَلِكَ ) ، وجاء إليه رجل وقال : يا رسولَ اللهِ : إِنِّي أُريدُ سَفَراً، فَزَوِّدْني ، فقال ﷺ زَوَّدَكَ اللهُ التَّقْوَى ، قال : زِدْنِي قال ﷺ : وَغَفَرَ لَكَ ذَنْبَكَ ، قال : زدني ، قال ﷺ : ويَسَّرَ لَكَ الخَيْرَ حَيْثُمَا كُنْتَ ، وقال له رجل : إني أريد سفراً ، فقالﷺ : أُوصِيكَ بتَقْوَى الله ، والتَّكْبِيرِ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ ، فلما ولى ، قال ﷺ : اللَّهُمَّ ازْوِ لَهُ الأَرْضَ ، وَهَوْنَ عَلَيْهِ السَّفَرَ . ❝