█ وذكر ابن عائذ مغازيه أن رسول الله ﷺ نزل تبوك زمان قل ماؤها فيه فاغترف غَرفة بيده من ماء فمضمض بها فاه ثم بصقه فيها ففارت عينها حتى امتلات فهي كذلك الساعة قلت : صحيح مسلم أنه قال قبل وصوله إليها ( إِنَّكُم سَتَأْتُونَ غداً إِنْ شَاء اللَّهُ تَعَالَى عَيْنَ وإنَّكُم لَنْ تَأْتُوهَا حَتَّى يُضْحِيَ النَّهَارُ فمن جَاءَها فلا يَمَسنُ مِنْ مائِها شَيئاً آتي ) فجئناها وقَد سَبَقَ رَجُلانِ والعين مِثْلُ الشِّرَاكِ تَبِضُ بشيء فسألهما مسستما مائها شيئاً ؟ قالا نَعم فسبَّهُمَا النبي وقال لهما ما شاء يقول ثُمَّ غرفُوا العين قليلاً اجتمع شيء وغسل وجهه ويَدَيْه أعاده فجرت بماء منهمر استقى النَّاسُ يُوشِكَ يا مُعَاذُ إن طالت بك حياةٌ ترى ههنا قَدْ مُلىء جناناً كتاب زاد المعاد هدي خير العباد (كامل) مجاناً PDF اونلاين 2024 تأليف قيم الجوزية خمسة مجلدات يتناول الفقه وأصوله والسيرة والتاريخ سيرة الرسول غزواته وحياته وبيّن هديه معيشته وعباداته ومعاملته لأصحابه وأعدائه وقد ألف هذا الكتب أثناء السفر ولم تكن معه أية مصادر ينقل منها يحتاج إليه أحاديث وأقوال وآراء تتعلق بمواضيع الكتاب ومع ذلك فقد ضمن كتابه نبوية الصحاح والسنن والمعاجم والسير وأثبت كل حديث الموضوع الذي يخصه مع العلم القيم كان يحفظ مسند الإمام أحمد بن حنبل يضم أكثر ثلاثين
❞ الإقامة بين المشركين .
منع رسول الله ﷺ من إِقَامَةِ المُسْلِم بين المُشْرِكِينَ إِذَا قَدَرَ على الهِجْرَةِ من بينهم ، وقال ﷺ ( أنا بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ يُقِيمُ بَيْنَ أَظْهُرِ المُشْرِكِينَ ) ، قيل : یا رسُول اللَّهِ وَلِمَ؟ قَالَ ﷺ ( لا تراءى ناراهُمَا ) ، وقال ﷺ ( مَنْ جامع المُشْرِكَ وَسَكَنَ مَعَهُ فَهُوَ مِثْلُهُ ) ، وقال ﷺ ( لَا تَنْقَطِعُ الهِجْرَةُ حَتَّى تَنْقَطِعَ التَّوْبَةُ ، ولا تَنْقَطِعُ التَّوْبَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبها ) . ❝
❞ ولما كانت ليلة الدخول إلى خيبر ، قال ﷺ ( لأعْطِيَنَّ هَذِهِ الرَّايَةَ غَداً رَجُلاً يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ ، ويُحِبُّهُ اللهُ ورَسُولُهُ ، يَفْتَحُ اللَّه عَلَى يَدَيْهِ ) ، فبات الناسُ يدوكون أيهم يُعطاها ، فلما أصبح الناسُ ، غَدَوْا على رسول الله ﷺ كُلُّهم يَرْجُو أن يُعطاها ، فقالﷺ ( أَيْنَ عَلِيُّ بن أبي طالب ؟ فقالوا : يا رسُول الله ! هو يشتكي عينيه ، قال: فارْسِلُوا إِلَيْهِ ، فأتي به ، فبصق رسول الله ﷺ في عينيه ، ودعا لهُ ، فَبَرَأَ حتى كأن لم يَكُنْ به وَجَعٌ ، فأعطاه الراية ، فقال : يا رسول الله ! أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا ؟ قال ﷺ : انْفُذُ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِم ، ثُمَّ ادْعُهُم إلى الإسلام وأَخْبِرْهُم بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهُ فِيهِ ، فَوَاللَّهِ لأَنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلاً وَاحِداً ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ ) ، فخرج مَرْحَب وهو يرتجز ، فبرز إليه علي بن أبي طالب فضرب مَرْحَباً ، ففلق هامته ، وكان الفتح ، ولما دنا علي رضي الله عنه من حصونهم ، اطلع يهودي من رأس الحصن ، فقال : من أنت ؟ فقال : أنا علي بن أبي طالب ، فقال اليهودي : علوتُم وما أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى ، هكذا في صحيح مسلم ، أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه هو الذى قتل مَرْحَباً ، ثم خرج بعد مرحب أخوه ياسر ، فبرز إليه الزبير ، فقالت صفية أمه : يا رسول الله ! يقتل ابني ؟ قال ﷺ ( بَلْ ابنكِ يَقْتُلُهُ إِنْ شَاءَ الله ) ، فقتله الزبير . ❝
❞ كان له ﷺ حزب يقرؤه ، ولا يُخِلُّ به ، وكانت قراءته ترتيلاً لا هَذَّاً ولا عجلة ، بل قراءة مفسرة حرفاً حرفاً ، وكان يُقَطَّعُ قراءته آية آية ، وكان يمد عند حروف المد ، فيمد الرحمن ويمد الرحيم ، وكان يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم في أول قراءته ، فيقول ( أعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّحِيمِ ) ، ورُبَّما كان يقول ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجيم من هَمْزِهِ وَنَفْخِهِ ، ونَفْسِهِ ) . وكان تعوذه قبل القراءة ، وكان ﷺ يُحبُّ أن يسمع القرآن من غيره ، وأمر عبد الله بن مسعود ، فقرأ عليه وهو يسمع ، وخَشَع لسماع القرآن منه ، حتى ذرفت عيناه ، وكان ﷺ يقرأ القرآن قائماً ، وقاعداً ، ومضطجعاً ، ومتوضئاً ، ومُحْدِثاً ، ولم يكن يمنعه من قراءته إلا الجنابة ، وكان ﷺ يتغنى به ، ويُرَجَّع صوته به أحياناً كما رجَّع يوم الفتح في قراءته إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مبيناً ، وحكى عبد الله بن مغفل ترجیعه ، آ آ آ ثلاث مرات ، وإذا جُمعت هذه الأحاديث إلى قوله ﷺ ( فزينوا القرآن بأصواتكم ) وقوله ( لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالقُرْآن ) وقوله ( ما أَذِنَ اللَّهُ لِشَيء ، كأَذَنِهِ لِنَبّي حَسَن الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بِالقُرْآن ) ، علمت أن هذا الترجيع منه ، كان اختياراً لا اضطراراً لهز الناقة له ، فإن هذا لو كان لأجل هزّ الناقة ، لما كان داخلاً تحت الاختيار ، فلم يكن عبد الله بن مغفل يحكيه ويفعله اختياراً ليُؤتسى به ، وهو يرى هز الراحلة له حتى ينقطع صوتُه ، ثم يقول : كان يُرجعُ في قراءته ، فنسب الترجيع إلى فعله ، ولو كان من هز الراحلة ، لم يكن منه فعل يسمى ترجيعاً ، وقد إستمع ليلة لقراءة أبي موسى الأشعري ، فلما أخبره بذلك ، قال لو كنت أعلم أنك تسمعه ، لحبرته لك تحبيرا ، أي حسنته بصوتي وزينته تزيينا ، وروى أبو داود في سننه عن عبد الجبار بن الورد ، قال : سمعت ابن أبي مليكة يقول : قال عبد الله بن أبي يزيد : مر بنا أبو لبابة ، فاتبعناه حتى دخل بيته ، فإذا رجل رثُّ الهيئة ، فسمعته يقول : سمعت رسول الله ﷺ يقول ( لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بالقرآن ) ، قال : فقلتُ لابن أبي مليكة : يا أبا محمد أرأيت إذا لم يكن حسن الصوت ؟ قال : يُحسنُه ما استطاع ) . ❝