█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ كان له ﷺ حزب يقرؤه ، ولا يُخِلُّ به ، وكانت قراءته ترتيلاً لا هَذَّاً ولا عجلة ، بل قراءة مفسرة حرفاً حرفاً ، وكان يُقَطَّعُ قراءته آية آية ، وكان يمد عند حروف المد ، فيمد الرحمن ويمد الرحيم ، وكان يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم في أول قراءته ، فيقول ( أعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّحِيمِ ) ، ورُبَّما كان يقول ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجيم من هَمْزِهِ وَنَفْخِهِ ، ونَفْسِهِ ) . وكان تعوذه قبل القراءة ، وكان ﷺ يُحبُّ أن يسمع القرآن من غيره ، وأمر عبد الله بن مسعود ، فقرأ عليه وهو يسمع ، وخَشَع لسماع القرآن منه ، حتى ذرفت عيناه ، وكان ﷺ يقرأ القرآن قائماً ، وقاعداً ، ومضطجعاً ، ومتوضئاً ، ومُحْدِثاً ، ولم يكن يمنعه من قراءته إلا الجنابة ، وكان ﷺ يتغنى به ، ويُرَجَّع صوته به أحياناً كما رجَّع يوم الفتح في قراءته إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مبيناً ، وحكى عبد الله بن مغفل ترجیعه ، آ آ آ ثلاث مرات ، وإذا جُمعت هذه الأحاديث إلى قوله ﷺ ( فزينوا القرآن بأصواتكم ) وقوله ( لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالقُرْآن ) وقوله ( ما أَذِنَ اللَّهُ لِشَيء ، كأَذَنِهِ لِنَبّي حَسَن الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بِالقُرْآن ) ، علمت أن هذا الترجيع منه ، كان اختياراً لا اضطراراً لهز الناقة له ، فإن هذا لو كان لأجل هزّ الناقة ، لما كان داخلاً تحت الاختيار ، فلم يكن عبد الله بن مغفل يحكيه ويفعله اختياراً ليُؤتسى به ، وهو يرى هز الراحلة له حتى ينقطع صوتُه ، ثم يقول : كان يُرجعُ في قراءته ، فنسب الترجيع إلى فعله ، ولو كان من هز الراحلة ، لم يكن منه فعل يسمى ترجيعاً ، وقد إستمع ليلة لقراءة أبي موسى الأشعري ، فلما أخبره بذلك ، قال لو كنت أعلم أنك تسمعه ، لحبرته لك تحبيرا ، أي حسنته بصوتي وزينته تزيينا ، وروى أبو داود في سننه عن عبد الجبار بن الورد ، قال : سمعت ابن أبي مليكة يقول : قال عبد الله بن أبي يزيد : مر بنا أبو لبابة ، فاتبعناه حتى دخل بيته ، فإذا رجل رثُّ الهيئة ، فسمعته يقول : سمعت رسول الله ﷺ يقول ( لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بالقرآن ) ، قال : فقلتُ لابن أبي مليكة : يا أبا محمد أرأيت إذا لم يكن حسن الصوت ؟ قال : يُحسنُه ما استطاع ) . ❝