ولما انقضت الحرب في بدر ، أقبلَ رسولُ الله ﷺ حَتَّى... 💬 أقوال محمد ابن قيم الجوزية 📖 كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد (كامل)
- 📖 من ❞ كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد (كامل) ❝ محمد ابن قيم الجوزية 📖
█ ولما انقضت الحرب بدر أقبلَ رسولُ الله ﷺ حَتَّى وَقَفَ عَلَى القَتْلَى فقال ( بِئْسَ عَشيرة النبي كُنتُمْ لِنَبِيكُم كَذَّبْتُمُونِي وصَدَّقَني النَّاسُ وخذَلْتَموني ونَصَرني وأَخْرَجْتُموني وأواني ) ثم أمر بهم فسُحِبوا إلى قَليبٍ مِن قُلب فطرِحوا فيه وقف عليهم يا عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ ويا شَيْبَةَ رَبِيعَة فلانُ فُلانُ هَل وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمْ رَبُّكُم حَقَّاً فَإِنِّي وَجَدْتُ وَعَدَنِي رَبِّي عُمَرُ بنُ الخطاب : رَسُولَ اللَّهِ ! ما تُخَاطِبُ مِنْ أقوام قَدْ جَيْفُوا؟ فقالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ وَلَكِنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ الجَوابَ أقام رسول بِالعَرْصَةِ ثَلاثاً وَكَانَ إِذا ظَهَرَ قَوْمٍ أَقَامَ بِعَرْصَتِهِم ثلاثاً ارتحل مؤيداً منصوراً قرير العين بنصر له ومعه الأسارى والمغانم فلما كان بالصفراء قسم الغنائم وضرب عُنُقَ النَّضْرِ بن الحارث كلدة ثُمَّ لما نَزَلَ بِعِرْقِ الظَّبْيَةِ ضرب عُنُق عُقبَةَ أبي معيط ودخل المدينة مظفراً قد كتاب زاد المعاد هدي خير العباد (كامل) مجاناً PDF اونلاين 2025 من تأليف ابن قيم الجوزية خمسة مجلدات يتناول الفقه وأصوله والسيرة والتاريخ وذكر سيرة الرسول غزواته وحياته وبيّن هديه معيشته وعباداته ومعاملته لأصحابه وأعدائه وقد ألف هذا الكتب أثناء السفر ولم تكن معه أية مصادر ينقل منها يحتاج إليه أحاديث وأقوال وآراء تتعلق بمواضيع الكتاب ومع ذلك فقد ضمن كتابه نبوية الصحاح والسنن والمعاجم والسير وأثبت كل حديث الموضوع الذي يخصه مع العلم أن القيم يحفظ مسند الإمام أحمد حنبل يضم أكثر ثلاثين
❞ ولما انقضت الحرب في بدر ، أقبلَ رسولُ الله ﷺ حَتَّى وَقَفَ عَلَى القَتْلَى فقال ( بِئْسَ عَشيرة النبي كُنتُمْ لِنَبِيكُم ، كَذَّبْتُمُونِي ، وصَدَّقَني النَّاسُ ، وخذَلْتَموني ، ونَصَرني النَّاسُ ، وأَخْرَجْتُموني ، وأواني النَّاسُ ) ، ثم أمر بهم ، فسُحِبوا إلى قَليبٍ مِن قُلب بدر ، فطرِحوا فيه ، ثم وقف عليهم ﷺ فقال ( يا عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ ، ويا شَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَة ، ويا فلانُ ، ويا فُلانُ ، هَل وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمْ رَبُّكُم حَقَّاً ، فَإِنِّي وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِي رَبِّي حَقَّاً ، فقال عُمَرُ بنُ الخطاب : يا رَسُولَ اللَّهِ ! ما تُخَاطِبُ مِنْ أقوام قَدْ جَيْفُوا؟ فقالَ ﷺ ( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ ، وَلَكِنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ الجَوابَ ) ، ثم أقام رسول الله ﷺ بِالعَرْصَةِ ثَلاثاً ، وَكَانَ إِذا ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ أَقَامَ بِعَرْصَتِهِم ثلاثاً ، ثم ارتحل مؤيداً منصوراً ، قرير العين بنصر الله له ، ومعه الأسارى والمغانم ، فلما كان بالصفراء ، قسم الغنائم ، وضرب عُنُقَ النَّضْرِ بن الحارث بن كلدة، ثُمَّ لما نَزَلَ بِعِرْقِ الظَّبْيَةِ ، ضرب عُنُق عُقبَةَ بن أبي معيط ، ودخل النبي ﷺ المدينة مؤيداً مظفراً منصوراً قد خافه كُل عدو له المدينة وحولها ، فأسلم بشر كثير من أهل المدينة ، وحينئذ دخل عبد الله بن أبيِّ المُنافق وأصحابه في الإسلام ظاهراً ، وجملة من حضر بدراً من المسلمين ثلاثمئة وبضعة عشر رجلا ، من المهاجرين ستة وثمانون ، ومن الأوس أحدٌ وستون ، ومن الخزرج مئة وسبعون ، وإنما قل عدد الأوس عن الخزرج ، وإن كانوا أشدَّ منهم ، وأقوى شوكة ، وأصبر عند اللقاء ، لأن منازلهم كانت في عوالي المدينة ، وجاء النفير بغتةً ، وقال النَّبِيُّ ﷺ وقتها ( لا يَتْبَعُنَا إِلَّا مَنْ كَانَ ظَهْرُهُ حَاضِراً ) ، فاستأذنه رِجالٌ ظُهورهم في عُلو المدينة أن يستأني بهم حتى يذهبوا إلى ظهورهم ، فأبى ﷺ ، ولم يَكُن عَزْمُهُم عَلَى اللّقَاءِ ، ولا أعدُّوا لَهُ عُدته ، ولا تأهبوا له أهبته ، ولكن جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد . واستشهد من المسلمين يومئذ أربعة عشر رجلاً من المهاجرين ، وستة من الخزرج ، واثنان من الأوس ، وفرغ رسول الله ﷺ من شأن بدر والأسارى في شوال. ❝
❞ ولما انقضت الحرب في بدر ، أقبلَ رسولُ الله ﷺ حَتَّى وَقَفَ عَلَى القَتْلَى فقال ( بِئْسَ عَشيرة النبي كُنتُمْ لِنَبِيكُم ، كَذَّبْتُمُونِي ، وصَدَّقَني النَّاسُ ، وخذَلْتَموني ، ونَصَرني النَّاسُ ، وأَخْرَجْتُموني ، وأواني النَّاسُ ) ، ثم أمر بهم ، فسُحِبوا إلى قَليبٍ مِن قُلب بدر ، فطرِحوا فيه ، ثم وقف عليهم ﷺ فقال ( يا عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ ، ويا شَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَة ، ويا فلانُ ، ويا فُلانُ ، هَل وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمْ رَبُّكُم حَقَّاً ، فَإِنِّي وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِي رَبِّي حَقَّاً ، فقال عُمَرُ بنُ الخطاب : يا رَسُولَ اللَّهِ ! ما تُخَاطِبُ مِنْ أقوام قَدْ جَيْفُوا؟ فقالَ ﷺ ( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ ، وَلَكِنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ الجَوابَ ) ، ثم أقام رسول الله ﷺ بِالعَرْصَةِ ثَلاثاً ، وَكَانَ إِذا ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ أَقَامَ بِعَرْصَتِهِم ثلاثاً ، ثم ارتحل مؤيداً منصوراً ، قرير العين بنصر الله له ، ومعه الأسارى والمغانم ، فلما كان بالصفراء ، قسم الغنائم ، وضرب عُنُقَ النَّضْرِ بن الحارث بن كلدة، ثُمَّ لما نَزَلَ بِعِرْقِ الظَّبْيَةِ ، ضرب عُنُق عُقبَةَ بن أبي معيط ، ودخل النبي ﷺ المدينة مؤيداً مظفراً منصوراً قد خافه كُل عدو له المدينة وحولها ، فأسلم بشر كثير من أهل المدينة ، وحينئذ دخل عبد الله بن أبيِّ المُنافق وأصحابه في الإسلام ظاهراً ، وجملة من حضر بدراً من المسلمين ثلاثمئة وبضعة عشر رجلا ، من المهاجرين ستة وثمانون ، ومن الأوس أحدٌ وستون ، ومن الخزرج مئة وسبعون ، وإنما قل عدد الأوس عن الخزرج ، وإن كانوا أشدَّ منهم ، وأقوى شوكة ، وأصبر عند اللقاء ، لأن منازلهم كانت في عوالي المدينة ، وجاء النفير بغتةً ، وقال النَّبِيُّ ﷺ وقتها ( لا يَتْبَعُنَا إِلَّا مَنْ كَانَ ظَهْرُهُ حَاضِراً ) ، فاستأذنه رِجالٌ ظُهورهم في عُلو المدينة أن يستأني بهم حتى يذهبوا إلى ظهورهم ، فأبى ﷺ ، ولم يَكُن عَزْمُهُم عَلَى اللّقَاءِ ، ولا أعدُّوا لَهُ عُدته ، ولا تأهبوا له أهبته ، ولكن جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد . واستشهد من المسلمين يومئذ أربعة عشر رجلاً من المهاجرين ، وستة من الخزرج ، واثنان من الأوس ، وفرغ رسول الله ﷺ من شأن بدر والأسارى في شوال. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ ولما انقضت الحرب في بدر ، أقبلَ رسولُ الله ﷺ حَتَّى وَقَفَ عَلَى القَتْلَى فقال ( بِئْسَ عَشيرة النبي كُنتُمْ لِنَبِيكُم ، كَذَّبْتُمُونِي ، وصَدَّقَني النَّاسُ ، وخذَلْتَموني ، ونَصَرني النَّاسُ ، وأَخْرَجْتُموني ، وأواني النَّاسُ ) ، ثم أمر بهم ، فسُحِبوا إلى قَليبٍ مِن قُلب بدر ، فطرِحوا فيه ، ثم وقف عليهم ﷺ فقال ( يا عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ ، ويا شَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَة ، ويا فلانُ ، ويا فُلانُ ، هَل وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمْ رَبُّكُم حَقَّاً ، فَإِنِّي وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِي رَبِّي حَقَّاً ، فقال عُمَرُ بنُ الخطاب : يا رَسُولَ اللَّهِ ! ما تُخَاطِبُ مِنْ أقوام قَدْ جَيْفُوا؟ فقالَ ﷺ ( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ ، وَلَكِنَّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ الجَوابَ ) ، ثم أقام رسول الله ﷺ بِالعَرْصَةِ ثَلاثاً ، وَكَانَ إِذا ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ أَقَامَ بِعَرْصَتِهِم ثلاثاً ، ثم ارتحل مؤيداً منصوراً ، قرير العين بنصر الله له ، ومعه الأسارى والمغانم ، فلما كان بالصفراء ، قسم الغنائم ، وضرب عُنُقَ النَّضْرِ بن الحارث بن كلدة، ثُمَّ لما نَزَلَ بِعِرْقِ الظَّبْيَةِ ، ضرب عُنُق عُقبَةَ بن أبي معيط ، ودخل النبي ﷺ المدينة مؤيداً مظفراً منصوراً قد خافه كُل عدو له المدينة وحولها ، فأسلم بشر كثير من أهل المدينة ، وحينئذ دخل عبد الله بن أبيِّ المُنافق وأصحابه في الإسلام ظاهراً ، وجملة من حضر بدراً من المسلمين ثلاثمئة وبضعة عشر رجلا ، من المهاجرين ستة وثمانون ، ومن الأوس أحدٌ وستون ، ومن الخزرج مئة وسبعون ، وإنما قل عدد الأوس عن الخزرج ، وإن كانوا أشدَّ منهم ، وأقوى شوكة ، وأصبر عند اللقاء ، لأن منازلهم كانت في عوالي المدينة ، وجاء النفير بغتةً ، وقال النَّبِيُّ ﷺ وقتها ( لا يَتْبَعُنَا إِلَّا مَنْ كَانَ ظَهْرُهُ حَاضِراً ) ، فاستأذنه رِجالٌ ظُهورهم في عُلو المدينة أن يستأني بهم حتى يذهبوا إلى ظهورهم ، فأبى ﷺ ، ولم يَكُن عَزْمُهُم عَلَى اللّقَاءِ ، ولا أعدُّوا لَهُ عُدته ، ولا تأهبوا له أهبته ، ولكن جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد . واستشهد من المسلمين يومئذ أربعة عشر رجلاً من المهاجرين ، وستة من الخزرج ، واثنان من الأوس ، وفرغ رسول الله ﷺ من شأن بدر والأسارى في شوال. ❝
❞ كان ﷺ إذا خطب ، احمرت عيناه وعلا صوتُه واشتد غضبه حتى كأَنَّه منذرُ جيش ، يقول(صَبَّحَكُمْ ومساكم ) ويقول ( بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ ، وَيَقْرُنُ بَيْنَ أَصْبُعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى ) ويقول ( أَمَّا بَعْدُ ، فإِنَّ خَيْرَ الحَدِيثِ كِتَابُ الله ، وَخَيْرَ الهذي هَدْيُ مُحَمَّدٍ ، وَشَرَّ الأمُورِ مُحْدَثَاتُها ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ ) ثم يقولُ ( أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ ، مَنْ تَرَكَ مَالاً فَلَأَهْلِهِ ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنَا أَوْ ضَيَاعاً ، فإليَّ وعلى) رواه مسلم. وفي لفظ : كانت خُطبة النبي ﷺ يَوْمَ الجُمُعَةِ ، يَحْمَدُ اللهِ ويُثْنِي عَلَيْهِ ، ثُمَّ يَقُولُ عَلَى أَثَرِ ذَلِكَ وَقَدْ عَلَا صَوْتُهُ فَذَكَرُه . وفي لفظ : يَحْمَدُ الله وَيُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُه ، ثُمَّ يَقُولُ ( مَنْ يَهْدِ اللَّهُ ، فَلا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ ، فَلاَ هَادِيَ لَهُ ، وَخَيْرُ الحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ ) . وفي لفظ للنسائي ، وكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ، وَكُلِّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ . وكان يقول في خطبته بعد التحميد والثناء والتشهد ( أَمَّا بَعْدُ ) . وكان يُقصِّرُ الخُطبة ، ويُطيل الصلاة ، ويُكثر الذكر ، ويقصد الكلمات الجوامع ، وكان يقول ( إِنَّ طُولَ صَلاةِ الرَّجُلِ وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ ، مَيْئَةٌ مِنْ فِقْهه) . وكان يُعَلِّمُ أصحابه في خُطبته قواعِدَ الإسلام ، وشرائعه ، ويأمرهم ، وينهاهم في خطبته إذا عَرَض له أمر أو نهي كما أمر الداخل وهو يخطب أن يصلي ركعتين ، ونهى المتخطي رقاب الناس عن ذلك ، وأمره بالجلوس ، وكان يقطع خطبته للحاجة تعْرِضُ ، أو السؤالِ مِنْ أَحَدٍ أصحابه فيجيبه ، ثم يعود إلى خُطبته فيتمها ، وكان ربما نزل عن المنبر للحاجة ، ثم يعودُ فَيُتِمُّها ، كما نزل لأخذ الحسن والحسين رضي الله عنهما فأخذهما ، ثم رَقِيَ بهما المنبر فأتم خطبته ، وكان يدعو الرجل في خطبته تعال يا فلان اجلس يا فلان صل يا فلان ، وكان يأمرهم بمقتضى الحال في خطبته ، فإذا رأى منهم ذا فاقة وحاجة ، أمرهم بالصدقة ، وحضهم عليها ، وكان يُشير بأصبعه السَّبَّابَة في خطبته عند ذكر الله تعالى ودعائه ، وكان يستسقي بهم إذا قَحَطَ المطرُ في خُطبته ، وكان يُمهِلُ يوم الجمعة حتى يجتمعَ الناسُ ، فإذا اجتمعوا ، خرج إليهم وحده من غير شاويش يصيح بين يديه ولا لبس طيلسان ، ولا طرحة ، ولا سواد ، فإذا دخل المسجد ، سلَّم عليهم ، فإذا صعد المنبر ، استقبل الناس بوجهه ، وسلَّم عليهم ، ولم يدع مستقبل القبلة ، ثم يجلس ويأخذ بلال في الأذان ، فإذا فرغ ، قام النبي ، فخطب من غير فصل بين الأذان والخطبة ، لا بإيراد خبر ولا منه ولا غيره ، ولم يكن يأخذ بيده سيفاً ولا غيره ، وإنما كان يعتمد على قوس أو عصاً قبل أن يتَّخذ المنبر ، وكان في الحرب يعتمد على قوس وفي الجمعة يعتمد على عصا. ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ كان ﷺ إذا خطب ، احمرت عيناه وعلا صوتُه واشتد غضبه حتى كأَنَّه منذرُ جيش ، يقول(صَبَّحَكُمْ ومساكم ) ويقول ( بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ ، وَيَقْرُنُ بَيْنَ أَصْبُعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالوُسْطَى ) ويقول ( أَمَّا بَعْدُ ، فإِنَّ خَيْرَ الحَدِيثِ كِتَابُ الله ، وَخَيْرَ الهذي هَدْيُ مُحَمَّدٍ ، وَشَرَّ الأمُورِ مُحْدَثَاتُها ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ ) ثم يقولُ ( أَنَا أَوْلَى بِكُلِّ مُؤْمِنٍ مِنْ نَفْسِهِ ، مَنْ تَرَكَ مَالاً فَلَأَهْلِهِ ، وَمَنْ تَرَكَ دَيْنَا أَوْ ضَيَاعاً ، فإليَّ وعلى) رواه مسلم. وفي لفظ : كانت خُطبة النبي ﷺ يَوْمَ الجُمُعَةِ ، يَحْمَدُ اللهِ ويُثْنِي عَلَيْهِ ، ثُمَّ يَقُولُ عَلَى أَثَرِ ذَلِكَ وَقَدْ عَلَا صَوْتُهُ فَذَكَرُه . وفي لفظ : يَحْمَدُ الله وَيُثْنِي عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُه ، ثُمَّ يَقُولُ ( مَنْ يَهْدِ اللَّهُ ، فَلا مُضِلَّ لَهُ ، وَمَنْ يُضْلِلْ ، فَلاَ هَادِيَ لَهُ ، وَخَيْرُ الحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ ) . وفي لفظ للنسائي ، وكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ ، وَكُلِّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ . وكان يقول في خطبته بعد التحميد والثناء والتشهد ( أَمَّا بَعْدُ ) . وكان يُقصِّرُ الخُطبة ، ويُطيل الصلاة ، ويُكثر الذكر ، ويقصد الكلمات الجوامع ، وكان يقول ( إِنَّ طُولَ صَلاةِ الرَّجُلِ وَقِصَرَ خُطْبَتِهِ ، مَيْئَةٌ مِنْ فِقْهه) . وكان يُعَلِّمُ أصحابه في خُطبته قواعِدَ الإسلام ، وشرائعه ، ويأمرهم ، وينهاهم في خطبته إذا عَرَض له أمر أو نهي كما أمر الداخل وهو يخطب أن يصلي ركعتين ، ونهى المتخطي رقاب الناس عن ذلك ، وأمره بالجلوس ، وكان يقطع خطبته للحاجة تعْرِضُ ، أو السؤالِ مِنْ أَحَدٍ أصحابه فيجيبه ، ثم يعود إلى خُطبته فيتمها ، وكان ربما نزل عن المنبر للحاجة ، ثم يعودُ فَيُتِمُّها ، كما نزل لأخذ الحسن والحسين رضي الله عنهما فأخذهما ، ثم رَقِيَ بهما المنبر فأتم خطبته ، وكان يدعو الرجل في خطبته تعال يا فلان اجلس يا فلان صل يا فلان ، وكان يأمرهم بمقتضى الحال في خطبته ، فإذا رأى منهم ذا فاقة وحاجة ، أمرهم بالصدقة ، وحضهم عليها ، وكان يُشير بأصبعه السَّبَّابَة في خطبته عند ذكر الله تعالى ودعائه ، وكان يستسقي بهم إذا قَحَطَ المطرُ في خُطبته ، وكان يُمهِلُ يوم الجمعة حتى يجتمعَ الناسُ ، فإذا اجتمعوا ، خرج إليهم وحده من غير شاويش يصيح بين يديه ولا لبس طيلسان ، ولا طرحة ، ولا سواد ، فإذا دخل المسجد ، سلَّم عليهم ، فإذا صعد المنبر ، استقبل الناس بوجهه ، وسلَّم عليهم ، ولم يدع مستقبل القبلة ، ثم يجلس ويأخذ بلال في الأذان ، فإذا فرغ ، قام النبي ، فخطب من غير فصل بين الأذان والخطبة ، لا بإيراد خبر ولا منه ولا غيره ، ولم يكن يأخذ بيده سيفاً ولا غيره ، وإنما كان يعتمد على قوس أو عصاً قبل أن يتَّخذ المنبر ، وكان في الحرب يعتمد على قوس وفي الجمعة يعتمد على عصا. ❝