█ هديه ﷺ عند دخوله إلى منزله لم يكن ليفجأ أهله بغتةً يتخوَّنُهم ولكن كان يدخل علم منهم بدخوله وكان يُسَلِّمُ عليهم إذا دخل بدأ بالسؤال أو سأل عنهم وربما قال ( هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ غَدَاءِ؟ ) سكت حتى يحضر بين يديه ما تيسر وثبت عنه أنه لأَنَسِ إِذَا دَخَلْتَ عَلَى أَهْلِكَ فَسَلّمْ يَكُنْ بَرَكَةً عَلَيْكَ وَعَلى ) وفي السنن وَلَجَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَلْيَقُلْ : اللهم إنِّي أَسْأَلُكَ خَيْرَ المَوْلَج وَخَيْرَ المَخْرَج بسم اللهِ وَلَجْنَا وَعَلَى اللَّهِ رَبنا تَوَكَّلْنَا ثُمَّ لِيُسَلّمْ أَهْلِهِ وفيها ثَلَاثَةٌ كُلُّهُمْ ضَامِنٌ رَجُلٌ خَرَجَ غَازِياً سَبِيلِ فَهُوَ حَتَّى يَتَوفَّاهُ فَيُدْخِلَهُ الجَنَّةَ أَوْ يَرُدَّهُ بِمَا نَالَ أَجْرٍ وَغَنِيمَةٍ وَرَجُلٌ رَاحَ إِلى المَسْجِدِ دَخَلَ بِسَلَامٍ وصح كتاب زاد المعاد هدي خير العباد (كامل) مجاناً PDF اونلاين 2024 من تأليف ابن قيم الجوزية خمسة مجلدات يتناول الفقه وأصوله والسيرة والتاريخ وذكر فيه سيرة الرسول غزواته وحياته وبيّن معيشته وعباداته ومعاملته لأصحابه وأعدائه وقد ألف هذا الكتب أثناء السفر ولم تكن معه أية مصادر ينقل منها يحتاج إليه أحاديث وأقوال وآراء تتعلق بمواضيع الكتاب ومع ذلك فقد ضمن كتابه نبوية الصحاح والسنن والمعاجم والسير وأثبت كل حديث الموضوع الذي يخصه مع العلم أن القيم يحفظ مسند الإمام أحمد بن حنبل يضم أكثر ثلاثين
❞ قدوم وفد بني سعد هُذَيْم مِن قُضاعة على رسول الله ﷺ ..
قال الواقدي عن أبي النعمان عن أبيه من بني سعد هذيم : قدمت على رسول الله ﷺ وافداً في نَفَرِ من قومي ، وقد أوطأ رسول الله ﷺ البلاد غلبة وأداخَ العرب والناسُ صِنفان : إما داخل في الإسلام راغب فيه ، وإما خائف من السيف ، فنزلنا ناحية من المدينة ، ثم خرجنا نوم المسجد حتى انتهينا إلى بابه فنجد رسول الله ﷺ يُصلي على جنازة في المسجد ، فقمنا ناحية ولم ندخل مع الناس في صلاتهم حتى نلقى رسول الله ﷺ ونبايعه ، ثم انصرف رسول الله ﷺ ، فنظر إلينا فدعا بنا فقال ( مَنْ أَنْتُم ؟ ) فقلنا : من بني سعد هذيم ، فقال ( أمسلِمُونَ أَنْتُمْ ؟ ) قلنا : نعم ، قال ﷺ ( فَهَلًا صَلَّيتُم عَلَى أَخِيكُمْ ؟ ) قلنا : يا رسول الله ! ظننا أنَّ ذلك لا يجوز لنا حتى تبايعك ، فقال رسولُ اللهِ ﷺ ( أَيْنَمَا أَسْلَمْتُم فانتُم مُسْلِمُون ) ، قالوا : فأسلمنا وبايعنا رسول الله ﷺ على الإسلام ، ثم انصرفنا إلى رحالنا قد خلفنا عليها أصغرنا ، فبعث رسول الله ﷺ في طلبنا ، فأُتي بنا إليه ، فتقدم صاحبنا إليه ، فبايعه على الإسلام ، فقلنا : یا رسول الله ! إنه أصغرنا وإنه خادِمُنا ، فقال ﷺ ( أَصْغَرُ القَوْمِ خَادِمُهُم ، بَارَكَ اللَّهُ عَلَيْهِ ) ، قال : فكان واللَّهِ خيرنا ، وأقرأنا للقرآن لدعاء رسول الله ﷺ له ، ثم أمَّرَهُ رسول الله ﷺ علينا ، فكان يؤمنا ، ولما أردنا الانصراف ، أمر بلالاً فأجازنا بأواقٍ من فضة لكل رجل منا ، فرجعنا إلى قومنا ، فرزقهم الله الإسلام . ❝
❞ هديه ﷺ في زيارة القبور
كان ﷺ إذا زار قبور أصحابه يزورها للدعاء لهم ، والترحم عليهم ، والاستغفار لهم ، وهذه هي الزيارة التي سنها لأمته وشرعها لهم ، وأمرهم أن يقولوا إذا زاروها ( السَّلامُ عَليكُم أَهْلَ الدِّيارِ مِنَ المُؤمِنِينَ وَالمُسْلِمِينَ ، وَإِنَّا إِن شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لاحِقُونَ ، نَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمُ العَافِيَةَ) ، وكان هديه ﷺ أن يقول ويفعل عند زيارتها من جنس ما يقوله عند الصلاة على الميت ، من الدعاء والترحم ، والاستغفار ، فَأبَى المشركون إلا دعاء الميت والإشراك به ، والإقسام على الله به وسؤاله الحوائج ، والاستعانة به ، والتوجه إليه ، بعكس هديه ، فإنه هدي توحيد وإحسان إلى الميت ، وهدي هؤلاء شرك وإساءة إلى نفوسهم وإلى الميت وهم ثلاثة أقسام : إما أن يدعوا الميت ، أو يدعوا به ، أو عنده ، ويرون الدعاء عنده أوجب وأولى من الدعاء في المساجد ، ومن تأمل هدي رسول الله ﷺ وأصحابه ، تبيَّن له الفرق بين الأمرين وبالله التوفيق ، وكان من هديه ، تعزية أهل الميت ، ولم يكن من هديه أن يجتمع للعزاء ، ويُقرأ له القرآن ، لا عند قبره ولا غيره ، وكُلُّ هذا بدعة حادثة مكروهة ، وكان من هديه السكون والرضى بقضاء الله ، والحمد الله ، والاسترجاع ، ويبرأ ممن خرَّق لأجل المُصيبة ثيابه ، أو رفع صوته بالندب ، والنياحة ، أو حلق لها شعره ، وكان من هديه ﷺ أن أهل الميت لا يتكلفون الطعام للناس ، بل أمر أن يصنع الناس لهم طعاماً يُرسلونه إليهم ، وهذا من أعظم مكارم الأخلاق والشيم ، والحمل عن أهل الميت ، فإنهم في شغل بمصابهم عن إطعام الناس ، وكان من هديه ، ترك نعي الميت ، بل كان ينهى عنه ، ويقول ( هو من عمل الجاهلية ) ، وقد كرِه حذيفة أن يُعلم به أهله الناس إذا مات وقال : أخاف أن يكون من النعي . ❝
❞ أمر الله تعالى عباده أن يُجاهدوا فيه حق جهاده ، كما أمرهم أن يتقوه حق تقاته ، وكما أن حق تقاته أن يُطاع فلا يعصى ، ويُذكَرَ فلا يُنسى ، ويُشكر فلا يُكفر ، فحق جهاده أن يُجاهِدَ العبد نفسَه لِيُسْلِم قلبه ولسانه وجوارحه لله ، فيكون كله لله ، وبالله لا لنفسه ، ولا بنفسه ، ويُجاهد شيطانه بتكذيب وعده ، ومعصية أمره ، وارتكاب نهيه ، فإنه يَعِدُ الأمانِيَّ ، ويُمَنِّي الغُرور ، ويَعِدُ الفقر ، ويأمرُ بالفحشاء ، وينهى عن التقى والهدى ، والعفة والصبر ، وأخلاق الإيمان كُلها ، فجاهده بتكذيب وعده ، ومعصية أمره ، فينشأ له من هذين الجهادين قوة وسلطان ، وعُدَّة يُجاهد بها أعداء الله في الخارج بقلبه ولسانه ويده وماله ، لتكونَ كلمة الله هي العليا . ❝