█ للصوم تأثير عجيب حفظ الجوارح الظاهرة والقوى الباطنة وحميتها عن التخليط الجالب لها المواد الفاسدة التي إذا استولت عليها أفسدتها استفراغ الرديئة المانعة من صحتها فالصوم يحفظ القلب والجوارح ويُعيد إليها ما استلبته منها أيدي الشهوات فهو أكبر العون التقوى كما قال تعالى ( يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُتب عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) ولما كان المقصود الصيام حبس النفس وفطامها المألوفات وتعديل قوتها الشهوانية لتستعد لطلب فيه غاية سعادتها ونعيمها وقبول تزكو به مما حياتها الأبدية ويكسر الجوع والظمأ حِدَّتِها وسَوْرتها ويُذكرها بحال الأكباد الجائعة المساكين وتضيق مجاري الشيطان العبد بتضييق الطعام والشراب وتحبس قوى الأعضاء استرسالها لحكم الطبيعة فيما يضرها معاشها ومعادها ويُسكنُ كُلَّ عضو وكُل قوة جماحه وتُلجم بلجامه لجام المتقين وجُنَّةُ المحاربين ورياضة الأبرار والمقربين وهو لرب العالمين بين سائر الأعمال فإن الصائم لا يفعل شيئاً وإنما يترك شهوته وطعامه وشرابه أجل معبوده ترك محبوبات كتاب زاد المعاد هدي خير العباد (كامل) مجاناً PDF اونلاين 2024 تأليف ابن قيم الجوزية خمسة مجلدات يتناول الفقه وأصوله والسيرة والتاريخ وذكر سيرة الرسول غزواته وحياته وبيّن هديه معيشته وعباداته ومعاملته لأصحابه وأعدائه وقد ألف هذا الكتب أثناء السفر ولم تكن معه أية مصادر ينقل يحتاج إليه أحاديث وأقوال وآراء تتعلق بمواضيع الكتاب ومع ذلك فقد ضمن كتابه نبوية الصحاح والسنن والمعاجم والسير وأثبت كل حديث الموضوع الذي يخصه مع العلم أن القيم مسند الإمام أحمد بن حنبل يضم أكثر ثلاثين
❞ 🔸️الخاصة الحادية عشر : أنه لا يكره فعل الصلاة فيه وقت الزوال ، عند الشافعي رحمه الله ومن وافقه . 🔸️ الخاصة الثانية عشر : قراءة سورة الجمعة والمنافقين ، أو سبح والغاشية في صلاة الجمعة ، فقد كان رسول الله ﷺ يقرأ بهن في الجمعة . 🔸️الثالثة عشر : أنه يوم عيد متكرّر في الأسبوع . 🔸️الرابعة عشر : أنه يُستحب أن يلبس فيه أحسن الثياب التي يقدر عليها . 🔸️الخامسة عشر : أنه يستحب فيه تجميرُ المسجد ، فقد ذكر سعيد بن منصور ، عن نعيم بن عبد الله المُجْمِر ، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أمر أن يُجمر مسجد المدينة كُل جمعة حين ينتصف النهار ، قلت : ولذلك سمي نعيم المُجْمِر . 🔸️السادسة عشرة : أنه لا يجوز السفر في يومها لمن تلزمه الجمعة قبل فعلها بعد دخول وقتها ، وأما قبله فللعلماء ثلاثة أقوال وهي روايات منصوصات عن أحمد ، أحدها : لا يجوز ، والثاني : يجوز ، والثالث : يجوز للجهاد خاصة .🔸️ السابعة عشر : أن للماشي إلى الجمعة بكل خُطوة أجر سنة صيامها وقيامها ، قال رسول الله ﷺ ( من غَسَّلَ واغْتَسَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، وبَكَّرَ وابْتَكَرَ، وَدَنَا مِنَ الإمام ، فأَنْصَت، كانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوها صِيامُ سَنَةٍ وقيامها ، وذلِكَ على الله يسير ) . ورواه الإمام أحمد في مسنده . 🔸️الثامنة عشر : إنه يوم تكفير السيئات ، فقد روى الإمام أحمد في مسنده عن سلمان بأن رسول الله ﷺ قال له : أَتَدْري ما يَوْمُ الجُمُعة ؟ قلت : هُوَ اليوم الذي جَمعَ اللَّهُ فيه أَباكُم آدم ، قال : ولكنّي أَدْري ما يَومُ الجُمُعة ، لا يَتَطَهَّرُ الرَّجُلُ فَيُحْسِنُ طُهُورَهُ ، ثُمَّ يَأْتي الجُمُعة ، فَيُنْصِتُ حَتَّى يَقْضِيَ الإمامُ صَلاتَهُ ، إلا كانت كَفَّارَةً لما بَيْنَه وبَيْنَ الجُمُعَةِ المُقْبِلَة ما اجْتَنِبَتِ
المَقْتَلةُ . 🔸️التاسعة عشر : أن جهنم تُسجر كل يوم إلا الجمعة . 🔸️العشرون : أن فيه ساعة الإجابة ، وهي الساعة التي لا يسأل الله عبد مسلم فيها شيئاً إلا أعطاه ، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله ﷺ ( إِنَّ في الجُمُعَةِ لَسَاعَةً لا يُوافِقُها عبدٌ مُسلم وهو قائم يُصلِّي يسألُ الله شَيْئًا إِلا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ ، وقال : بيده يُقللها ) .
وعندي ( وهذا رأي إبن قيم رحمه الله تعالى وغفر له ) أن ساعة الصلاة ساعة تُرجى فيها الإجابة أيضاً ، فكلاهما ساعة إجابة ، وإن كانت الساعة المخصوصة هي آخِرُ ساعة بعد العصر ، فهي ساعة معينة من اليوم لا تتقدم ولا تتأخر ، وأما ساعة الصلاة فتابعة للصلاة تقدمت أو تأخرت ، لأن لاجتماع المسلمين وصلاتهم وتضرُّعهم وابتهالهم إلى الله تعالى تأثيراً في الإجابة ، فساعة اجتماعهم ساعةٌ تُرجى فيها الإجابة ، وعلى هذا تتفق الأحاديث كلها ، ويكون النبي ﷺ قد حضَّ أمته على الدعاء والابتهال إلى الله تعالى في هاتين الساعتين ، والله أعلم . ❝
❞ في سياق هديه ﷺ في الحج
❞ فلما فرغ ﷺ من صلاته ، ركب حتى أتى الموقف ، فوقف في ذيل الجبل عند الصَّخَراتِ ، واستقبل القبلة ، وجعل حَبْلَ المُشاة بين يديه ، وكان على بعيره فأخذ في الدعاء والتضرع والابتهال إلى غروب الشمس ، وأمر الناس أن يرفعوا عن بطن عُرَنَةً ، وأخبر أن عرفة لا تختص بموقفه ذلك ، بل قال ( وقَفْتُ هاهنا وعَرَفَةُ كُلَّها مَوْقِفٌ ) ، وأرسل إلى الناس أن يكونوا على مشاعرهم ويقفوا بها ، فإنها من إرث أبيهم إبراهيم ، وهنالك أقبل ناس من أهل نجد ، فسألوه عن الحج ، فقال ( الحَج عَرَفَةُ ، مِن جَاءَ قَبْلَ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ لَيْلَةِ جَمْعِ ، تَمَّ حَجَّهُ ، أَيَّامُ مِنَى ثَلَاثَةٌ ، فَمَنْ تَعَجِّلَ فِي يَوْمَيْن ، فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ ، وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عليه ) ، ومما ذُكِرَ من دعائه في عرفة( اللَّهُمَّ تَسْمَعُ كَلامي ، وتَرَى مَكَاني ، وتَعْلَمُ سرِّي وعلانيتي ، لا يخفى عليك شَيءٌ مِنْ أَمْري أنا البائس الفقيرُ المُسْتَغِيتُ المُسْتَجيرُ ، وَالوَجلُ المُشْفِقُ ، المقر المعترفُ بِذُنُوبِي ، أَسْأَلكَ مَسْأَلةَ المِسْكِين ، وأبْتَهِلُ إِلَيْكَ ابتهال المُذْنِبِ الذُّلِيلِ ، وأَدْعُوكَ دُعَاءَ الخَائِفِ الضرِيرِ ، مَنْ خَضَعَتْ لَكَ رَقَبَتُهُ ، وفَاضَتْ لَكَ عَيْنَاهُ ، وذلَّ جَسَدُهُ ، ورَغِمَ أَنْفُهُ لَكَ ، اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلَنِي بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِياً ، وكُن رؤوفاً رحيماً ، يا خيرَ المَسْؤُولين ، ويَا خَيْرَ المُعْطِينَ ) وكان في دعائه رافعاً يديه إلى صدره كاستطعام المسكين ، وأخبرهم أَنَّ خَيْرَ الدَّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ ، وذكر من دعائه في الموقف أيضا ( اللَّهُمَ لَكَ الحَمْدُ كَالَّذِي نَقُولُ ، وخَيْراً مِمَّا نَقُولُ ، اللَّهُمَّ لَكَ صَلاتِي وَنُسُكي ، ومَحْيَايَ وَمَمَاتِي ، وَإِلَيْكَ مَآبِي ، ولَكَ رَبِّي تُراثي ، اللهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابٍ القَبْرِ ، وَوَسْوَسَةِ الصَّدْرِ ، وَشَتَاتِ الأمْر ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تِجِيء به الريح ) ، وذكر الإمام أحمد من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : كان أكثرُ دُعاءِ النَّبِيِّ ﷺ يَوْمَ عرفة ( لا إله إلا الله وحْدَهُ لا شَريكَ لَهُ ، لَهُ المُلْكُ ولَهُ الحَمدُ ، بِيَدِهِ الخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيء قَدِير ) ، وهناك أُنزِلَتْ عليه ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) ، وهناك سقط رجل من المسلمين عن راحلته وهو محرم فمات ، فأمر رسول الله ﷺ أَن يُكَفَّنَ فِي ثَوْبَيْهِ ، ولا يُمَسَّ بِطيبٍ ، وأن يُغسل بِمَاءٍ وَسِدْرٍ ، ولا يُغَطَّى رَأْسُه ، ولا وَجْهُهُ ، وأَخْبَرَ أَنَّ الله تَعَالى يَبْعَتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ يُلبي . ❝
❞ هديه ﷺ في الذكر عند دخوله الخلاء .
ثبت عنه ﷺ في الصحيحين أنه كان يقول عند دخوله الخلاء ( اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْخُبُثِ وَالخَبَائِثِ) ، وذكر أحمد عنه ﷺ أنه أمر مَنْ دخل الخلاء أن يقول ذلك ، ويُذكر عنه ﷺ قوله ( لَا يَعْجِرُ أَحَدُكُم إِذَا دَخَلَ مَرْفِقَهُ أَنْ يَقُول : اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الرِّجْسِ النَّجِسِ ، الخَبِيثِ المُخْبِثِ الشَّيْطَانِ الرَّحِيم ) ، ويذكر عنه ﷺ أنه قال ( سَتْرُ مَا بَيْنَ الْجِنِّ وَعَوْرَاتِ بَنِي آدَمَ إِذَا دَخَلَ أَحَدُكُمُ الكَنِيفَ أَنْ يَقُولَ : بِسْمِ اللَّهِ ) ، وثبت عنه ﷺ أن رجلاً سَلَّمَ عَلَيْهِ وَهُوَ يَبُولُ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ ، وأخبر أن الله سبحانه يمقت الحديث على الغائط ، فَقَالَ ﷺ ( لَا يَخْرُج الرَّجُلَانِ يَضْرِبَانِ الغَائِط كَاشِفِينِ عَنْ عَوْرَاتِهِمَا يَتَحَدَّثَانِ ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَمْقُتُ عَلَى ذَلِكَ ، وقد تقَدَّمَ أنه ﷺ كان لا يستقبل القبلة ولا يستديرها ببول ولا بغائط ، وأنه نهى عن ذلك ، وكان ﷺ إذا خرج من الخلاء قال ( غُفرانك ) . ❝