█ وأما العشاء الآخرة فقرأ فيها ﷺ بـ (التين والزيتون) ووقت لمعاذ (الشمس وضحاها) (سبح اسم ربك الأعلى) (الليل إذا يغشى) ونحوها وأنكر عليه قراءته (البقرة) بعدما صلّى معه ثم ذهب إلى بني عمرو بن عوف فأعادها لهم مضى من الليل ما شاء الله وقرأ بهم ولهذا قال له : أفتان أنت يا معاذ فتعلق النّقارون بهذه الكلمة ولم يلتفتوا قبلها ولا بعدها الجمعة فكان يقرأ بسورتي (الجمعة) (المنافقين) كاملتين (سورة سبح) (الغاشية) الاقتصار قراءة أواخر السورتين (يا أيها الذين آمنوا ) آخرها فلم يفعله قط وهو مخالف لهديه الذي كان يحافظ الأعياد فتارة سورتي (ق) (اقتربت) کاملتين وتارة (سبح) وهذا هو الهدي استمر أن لقيَّ عز وجل لم ينسخه شيء كتاب زاد المعاد هدي خير العباد (كامل) مجاناً PDF اونلاين 2024 تأليف ابن قيم الجوزية خمسة مجلدات يتناول الفقه وأصوله والسيرة والتاريخ وذكر فيه سيرة الرسول غزواته وحياته وبيّن هديه معيشته وعباداته ومعاملته لأصحابه وأعدائه وقد ألف هذا الكتب أثناء السفر تكن أية مصادر ينقل منها يحتاج إليه أحاديث وأقوال وآراء تتعلق بمواضيع الكتاب ومع ذلك فقد ضمن كتابه نبوية الصحاح والسنن والمعاجم والسير وأثبت كل حديث الموضوع يخصه مع العلم القيم يحفظ مسند الإمام أحمد حنبل يضم أكثر ثلاثين
❞ فهذه ثلاثة أعداء للمسلم ،《النفس ، العدو الظاهر ، الشيطان 》أُمِرَ الله تعالى العبد بمحاربتها وجهادها ، وقد بُلي بمحاربتها في هذه الدار ، وسُلْطَتْ عليه امتحاناً من الله له وابتلاء ، فأعطى الله العبد مدداً وعُدَّةٌ وأعواناً وسلاحاً لهذا الجِهَادِ ، وأعطى أعداءه مدداً وعُدَّة وأعواناً وسلاحاً ، وبلا أحد الفريقين بالآخر ، وجعل بعضهم لبعض فتنة ليَبْلُوَ أخبارهم ، ويمتحِنَ من يَتولاه ، ويتولى رسُلَهُ ممن يتولى الشيطان وحزبه كما قال تعالى { وَجعلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةٌ أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بصيرا ) ، فأعطى عباده الأسماع والأبصار ، والعقول والقوى ، وأنزل عليهم كتبه ، وأرسل إليهم رسله ، وأمدهم بملائكته ، وقال لهم { أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِتُوا الَّذِينَ آمَنُوا } ، وأمرهم من أمره بما هو من أعظم العون لهم على حرب عدوهم ، وأخبرهم أنهم إن امتثلوا ما أمرهم به لم يزالوا منصورين على عدوه وعدوهم ، وأنه إن سلطه فلتركهم بعض ما أمروا به ، ولمعصيتهم له ، ثم لم يُؤيسهم ، ولم يقنظهُم ، بل أمرهم أن يسْتَقْبِلُوا أمرهم ، ويُداووا جرَاحَهُم ويَعُودوا إلى مُناهضة عدو فينصرهم عليه ويُظفرهم بهم ، فأخبرهم أنه مع المتقين منهم ، ومع المحسنين ، ومع الصابرين ، ومع المؤمنين ، وأنه يُدافع عن عباده المؤمنين ما لا يدافعون عن أنفسهم ، بل بدفاعه عنهم انتصروا على عدوهم ، ولولا دفاعه عنهم ، لتخطفهم عدوهم ، واجتاحهم ، وهذه المدافعة عنهم بحسب إيمانهم ، وعلى قَدْرِهِ ، فإن قَوِيَ الإيمانُ ، قويتِ المُدافعة ، فمن وجد خيراً ، فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك ، فلا يلومن إلا نفسه . ❝
❞ لما كان صلاح القلب واستقامته على طريق سيره إلى الله تعالى ، متوقفاً على جمعيته على الله تعالى ، ولَمِّ شعثه بإقباله بالكلية على الله تعالى ، فإن شَعَثَ القلب لا يلمه إلَّا الإقبال على الله تعالى ، وكان فضول الطعام والشراب ، وفُضول مخالطة الأنام ، وفضول الكلام ، وفضول المنام ، مما يزيدُه شَعَثاً ، ويُشَتُهُ في كُلِّ وادٍ ، ويقطعه عن سيره إلى الله تعالى ، أو يُضعِفُه ، أو يعوقه ويُوقفه ، اقتضت رحمة العزيز الرحيم بعباده أن شرع لهم من الصوم ما يُذهِبُ فضول الطعام والشراب ، ويستفرغ من القلب أخلاط الشهواتِ المعوقة له عن سيره إلى الله تعالى ، وشرعه بقدر المصلحة ، بحيث ينتفع به العبد في دنياه وأخراه ، ولا يضره ولا يقطعه مصالحه العاجلة والآجلة ، وشرع لهم الاعتكاف الذي مقصوده وروحه عكوف القلب على الله تعالى ، وجمعيته عليه ، والخلوة به ، والانقطاع عن الاشتغال بالخلق والاشتغال به وحده ، سبحانه ، بحيث يصير ذكره وحبه ، والإقبال عليه في محل هموم القلب وخطراته ، فيستولي عليه بدلها ، ويصير الهم كله به ، والخطرات كلها بذكره ، والتفكر في تحصيل مراضيه وما يقرب منه ، فيصيرُ أنسه بالله تعالى بدل أنسه بالخلق ، فيعده بذلك لأنسه به يوم الوحشة في القبور ، حين لا أنيس له ، ولا ما يفرح به سواه ، فهذا مقصود الاعتكاف الأعظم . ❝