█ وهل الدين كله إلا هذه الكلمة الصغيرة ذات الحروف القليلة العرفان طلب الله من نبيه سوى كتاب الاسلام ماهو؟ مجاناً PDF اونلاين 2024 الإسلام: ما هو؟ هو تأليف الدكتور مصطفى محمود يتحدث فيه عن مشكلة المسلمين اليوم وأنَّ علاقتهم فاترة بعقيدتهم أكثرنا " مسلم بطاقته الشخصية وعباداته الباردة فقط ننظر إلى ممارساتنا وشعائرنا الدينية كواجبٍ ليس له طعم ولا روح صلاتنا أصبحت مجرد حركاتٍ رياضية نؤديها لأننا لا نريد أن يسخط علينا علاقتنا بالقرآن الكريم تشبه بأي كتابٍ آخر نقرأه أحيانًا ونتأثر به ثم نتركه ونمضي دون جعله دستوراً حقيقيًا هذا الكتاب يخاطب روحك وعقلك وسواء كنت مسلمًا أم فأنتَ بحاجةٍ لقراءته كي تفهم الإسلام صدقًا ولماذا نصلي ؟ وما هي الروحية بالسماء
❞ و من لم يؤدب شبابه لن يستطيع أن يؤدب شيخوخته و من لم يتمرس على كبح نفسه صبيا لن يقدر على ذلك كهلا و سوف تتحول لذته فتصبح عين مهانته إذا طال به الأجل .
و لهذا نرى الله يطيل آجال بعض المسرفين ليكونوا مهزلة عصورهم و ليصبحوا حكاية و نكتة تتندر بها الأجيال للإعتبار حينما يتحول الفجار و الفساق و العتاة فيصبح الواحد منهم طفلا يتبول على نفسه و كسيحا يحبو و معوقا يفأفئ و يتهته ، و تسقط أسنانه التي سبق أن نبتت بالألم فينخرها السوس لتقع مرة أخرى بالألم و تعود أطرافه التي درجت على مشاية فتدرج على عكازين.
و يتحول الوجيه الذي كان مقصودا من الكل إلى عالة و شيئا ثقيلا و كومة من القمامة يتهرب منها الكل .ثم لا يعود يزوره أحد ثم يموت
فلا يشيعه مخلوق .......
و لا تبكيه عين ......
و لا تفتقده أذن ......
و لا يذكره إنسان و كأنه دابة نفقت في حفرة فذلك هو التنكيس الذي ذكره القرآن .
( و من نعمره ننكسه في الخلق أفلا يعقلون ) ( 68 - يس ).
و السر في هذه المأساة أن النفس لا تشيخ و لا تهرم و لا تجري عليها طوارئ الزمان التي تجري على الجسد فهي من جوهر آخر.
فالسائق مايزال محتفظا بجميع لياقاته و سيظل شابا على الدوام و إن كانت العربة الشيفروليه الفاخرة قد صدأت آلاتها و أصابها التلف و عجزت عن الحركة و لم تعد للسائق حيلة سوى أن يسحبها .
وتلك هي حادثةالشيخوخة نفس مازالت بكامل رغباتها و شهواتها و لكن لا حيلة لها مع جسد مشلول لم يعد يطاوعها لا حيلة لها سوى أن تسحبه و تجره على كرسي متحرك .
يقول أهل الله في شطحاتهم الصوفية الجميلة إزالة التعلقات بعد فناء الآلات من المحالات .
فهم قد فهموا شيئا أكثر من مجرد أن الأجسام آلات لتنفيذ رغبات النفس ، بل هي أشبه بالسلالم يمكن أن يستخدمها صاحبها في الصعود أو في الهبوط
فالمعدة عضو أكل و لكنها أيضا عضو صيام إذا تسلقت عليها .
و بالمثل الجهاز التناسلي عضو جماع و لكنه أيضا عضو عفة إذا حكمته بل إنه لا معنى للعفة بدون وجود نزوع شهواني للأعضاء تقابله بضبط إرادي من ناحية عقلك وتلك هي الفرصة التي أسموها إزالة التعلقات .
و سوف تضيع هذه الفرصة بالشيخوخة و انتهاء الأجل فلا أمل في إزالة التعلقات بعد فناء الآلات فذلك من المحالات .
و بذلك فهموا علاقة النفس بالجسد فهما جدليا فالنفس تؤدب الجسد و لكن الجسد أيضا يؤدب النفس و عملية الردع عملية متبادلة بين الإثنين .
الفرامل المادية مطلوبة لتربية الفرامل السلوكية و العكس صحيح و الأجل محدود يمكن أن يكون عملية إنفاق و تبديد أو عملية بناء و تشييد .
- د.مصطفى محمود
الإسلام ما هو؟ . ❝
❞ و أذكر فيما أذكر الآن ما كانوا يحكون لي عن جدي و أنا صغير و كيف أنه حج سبع حجات ، و كان الحج في ذلك الزمان البعيد منذ مائة سنة على الأقدام و على الإبل و بالبحر في سفن شراعية بدائية و في الحجة السابعة يروي الجد أهوالا .. عاصفة هبت على الحجيج و هم في عرض البحر و اقتلعت الشراع و حطمت الدفة ، و الكل يصرخ و يتضرع و يستنجد ، و المركب تدور في الدوامة كالفلك و الدوار ، و الموج المتلاطم يلف الجميع .
ثم يروي كيف تفسخت المركب إلى ألواح ابتلعتها اللجة في لحظات ، و كيف أفاق ليجد نفسه سابحا على طوف خشبي و أمامه جراب الزاد ، و كانوا يسمونه في تلك الأيام (( الذهاب )) .. كل حاج كان يطلع إلى الحج و معه ذهابه الخاص و به ما يلزم من المئونة و الأدوات و الثياب .
و كان أمرا عجيبا أن يهدأ البحر و تقلع الرياح و تنتهي العاصفة ، و ينجو وحده و معه ذهابه بهذه الطريقة التي تبدو كالمعجزة .
و تدمع عينا الجد و يومض بصره الكليل ، و كأنما يرى شريطا سريعا من اللقطات الرهيبة .. و يروي كيف قضى ليلتين في البحر ثم انتشله مركب شراعي آخر قاصدا إلى الحج .. و كيف أتم حجته السابعة ثم عاد بسلام .
و يروي كيف كان الموت يترصد الحاج في كل خطوة في البحر و في البر و في الصحارى .. و بين الحر المحرق و الرمال و العطش إذا ضل طريقه أو ماتت راحلته .. و على أيدي قطاع الطرق إذا ألقى به سوء حظه إلى عصبة من عصاباتهم .. أو بمرض معدٍ في زمان لم يكن يعرف شيئا اسمه طب وقائي أو يسمع عن لقاح للكوليرا أو التيفود .. و كانت الرحلة تطول إلى ستة شهور و سبعة شهور و سنة ، و كان الخارج إليها مفقودا و العائد مولودا .
و كان يختم قصته مبتسما بفمه الخالي من الأسنان ..
و برغم كل هذه الأهوال فقد حجيت سبع مرات و هاأناذا أموت بينكم في الفراش كما يموت الكسالى من العجائز ، لتعلموا يا أولادي أن كل شيء بأمر الله .. و أنه لا البحر يغرق و لا المرض يهلك و لا نار الصحارى تحرق ، و إنما هو الله وحده الذي يصرف الآجال كيف يشاء .
و أذكر الآن قصة هذا الجد الطيب و تطوف بذهني تلك الصور و أنا أضع قدمي في الطائرة لأصل جدة في ساعتين ، و في ساعة ثالثة أكون في الحرم أطوف بالكعبة ثم في الساعة التالية أكون صاعد إلى عرفات ، و بعد غروب الشمس أكون نازلا إلى منى لرمي الجمرات ثم طواف الإفاضة ثم تنتهي كل المناسك في أمان .
و أتذكر السرب الطويل من خمسين ألف عربة تحمل نصف مليون حاج و تصعد كلها في وقت واحد في عدة طرق دائرية حديثة الرصف .. و كل شيء يتم في سرعة و نظام و دون حادث و قد تناثرت وحدات الكشافة لتنظيم المرور .. و على الجبل تراصت مستشفيات كاملة التجهيز لعلاج و عزل أي حالة اشتباه .. و طوال ساعات الليل و النهار تطوف الرشاشات لقتل الذباب و البعوض في أماكن توالده ، و تطوف فرق أخرى لجمع القمامة و حرقها .
و بين مكة و المدينة يمتد أوتوستراد أملس كالحرير تنزلق عليه العربات في نعومة ، و ينام الراكب في حضن كرسيه في استرخاء لذيذ .
ما أبعد اليوم من الأمس .
و ما أكثر ما نتقلب فيه من النعم .
و كلما أحاطتنا النعمة ازددنا لله هجرانا .
أين إيمان اليوم .. من إيمان النبي العظيم منذ ألف و أربعمائة سنة و هو خارج في غزوة تبوك على رأس اثنى عشر ألفا من المسلمين في شهور القيظ المحرق ، ليخوض في رياح السموم و الحرور القاتلة سبع ليال يتهدده العطش في كل خطوة .. و قد ترك من خلفه الأمان و الظل الظليل و الراحة في خيام زوجاته .. ليلقى الله و ليبلغ الرسالة .. و ليحارب من ؟! .. الروم .. الذين احتشدوا على الحدود بمئات الألوف .
و اليوم ترتفع حرارة الجو بضع درجات فندير جهاز التكييف و نغلق أبواب غرفنا لا نبرحها لأن الخروج إلى الشارع مجازفة غير مأمونة .
و ما أبعد اليوم من الأمس حقاً .
و ما أفدح ما خسرنا حينما خسرنا الإيمان
...
كتاب/ الإسلام ماهو
للــدكتور/ مصطفى محمود (رحمه الله ) . ❝
❞ إن السلالم إلى الأدوار العليا موجودة طول الوقت ، و لكن لا أحد يكلف نفسه بصعود الدرج و الأغلبية تعيش و تموت في البدروم ..
و لو كلف أحد منهم نفسه بالصعود .. و تحمل مشقة الصعود و شاهد المنظر من فوق ، لبكى ندما على عمر عاشه في البدروم بين لذات لا تساوي شيئا و لكنه الضعف الذي ينخر في الأبدان .
كتاب : الإسلام .. ما هو ؟
للدكتور /.مصطفى محمود (رحمه الله) . ❝