█ من لم يؤدب شبابه لن يستطيع أن شيخوخته يتمرس كبح نفسه صبيا يقدر ذلك كهلا سوف تتحول لذته فتصبح عين مهانته إذا طال به الأجل لهذا نرى الله يطيل آجال بعض المسرفين ليكونوا مهزلة عصورهم ليصبحوا حكاية نكتة تتندر بها الأجيال للإعتبار حينما يتحول الفجار الفساق العتاة فيصبح الواحد منهم طفلا يتبول كسيحا يحبو معوقا يفأفئ يتهته تسقط أسنانه التي سبق نبتت بالألم فينخرها السوس لتقع مرة أخرى تعود أطرافه درجت مشاية فتدرج عكازين الوجيه الذي كان مقصودا الكل إلى عالة شيئا ثقيلا كومة القمامة يتهرب منها ثم لا يعود يزوره أحد يموت فلا يشيعه مخلوق و تبكيه تفتقده أذن يذكره إنسان كأنه دابة نفقت حفرة فذلك هو التنكيس ذكره القرآن ( نعمره ننكسه الخلق أفلا يعقلون ) ( 68 يس و السر هذه المأساة النفس تشيخ تهرم تجري عليها طوارئ الزمان الجسد فهي جوهر آخر فالسائق مايزال محتفظا بجميع لياقاته سيظل شابا الدوام إن كانت العربة الشيفروليه الفاخرة قد صدأت آلاتها أصابها التلف عجزت عن الحركة تعد للسائق حيلة سوى يسحبها كتاب الاسلام ماهو؟ مجاناً PDF اونلاين 2024 الإسلام: ما هو؟ تأليف الدكتور مصطفى محمود يتحدث فيه مشكلة المسلمين اليوم وأنَّ علاقتهم فاترة بعقيدتهم أكثرنا " مسلم بطاقته الشخصية وعباداته الباردة فقط ننظر ممارساتنا وشعائرنا الدينية كواجبٍ ليس له طعم ولا روح صلاتنا أصبحت مجرد حركاتٍ رياضية نؤديها لأننا نريد يسخط علينا علاقتنا بالقرآن الكريم تشبه بأي كتابٍ نقرأه أحيانًا ونتأثر نتركه ونمضي دون جعله دستوراً حقيقيًا هذا الكتاب يخاطب روحك وعقلك وسواء كنت مسلمًا أم فأنتَ بحاجةٍ لقراءته كي تفهم الإسلام صدقًا ولماذا نصلي ؟ وما هي الروحية بالسماء
❞ وصف الله نفسه بأنه المَلك وبأن له مُلكاً وملكوتاً وجنداً مجندة وملأً أعلى وأنه قد وَكّل إلى كل فرد من هذا الملأ الأعلى مهمة يقوم بها فجبريل الروح الأمين هو رسول الوحي وهو الواسطة بين الله وجميع أنبيائه وميكائيل مُكَّلف بالأرزاق وإسرافيل نَافِخ الصّور يوم تقوم الساعة وعزرائيل قابض الأرواح.
"قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم "( السجده ـ11)
ذلك ملك الموت.. وهم كثير ..
"توفته رسلنا وهم لا يفرطون" ( الانعام ـ61)
ثم هناك الملائكه الحفظة
"إن كل نفس لمّا عليها حافظ "( الطارق ـ4)
والملائكة الكاتبون
"وإن عليكم لحافظين كراماً كاتبين يعلمون ما تفعلون" ( الانفطار10 ـ11 ـ12)
والملائكة الصافّون والملائكة المُسَبِّحون والملائكة الحافّون بالعرش والملائكة الحاملون للعرش والملائكة العالون وملائكة التصريف.
ملك عظيم من فوق سبع سموات لا يتناهى.
والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن..
لماذا لا يباشر الله جميع هذه الشئون بذاته ما دام بيده مقاليد كل شيء وإليه يرجع الأمر كله.. فلماذا لا يفعل بذاته وبدون وسائط ؟
وما الحاجه إلى كل هذا الملأ ؟ .. والجواب ...
أنها سُنّة الله في خلقه.. فهو يجري الشفاء على يد جراح وكان في قدرته أن يشفي بذاته وهو يجري الأرزاق من باب تجارة أو من باب صناعة وكان في قدرته أن يوصل المال إلى أصحابه مباشرة دون أسباب.. وهو يوصل إلينا العلم بوسائط الكليات والجامعات والمدارس.. بل هو يوصل العلم إلى أنبيائه عن طريق جبريل.. وكان بالإمكان أن يلقيه في روعنا مباشرة..
حتى المعجزة الخارقة فإنه يُجريها بواسطة فيقول عن الحمل الخارق لمريم :
" فأرسلنا إليها روحنا فتمثّل لها بشراً سوياً "
ويقول جبريل لمريم:
" إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكياً "
وهو أمر كان يمكن أن يفعله الله مباشرة.
تلك إذن سُنّته في الدنيا وتلك أيضاً سُنّته في الآخره حيث يُقيم على النار زبانية لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمَرون وحيث يُقيم على أبواب الجنة ملائكة الرضوان حتى عرشه العظيم سبحانه يقول لنا القرآن أنه محمول يحمله ثمانية
"ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية"
وهم يحملونه ولا شك بقوة الله ذاته فما ضرورتهم..؟؟!!
والجواب ...
لا ضرورة له سوى كرمه هو .. حيث شاء بكرمه أن يعطي صفاته الشافيه للطبيب ويتجلى بأحكام إسمه العليم على العالم ويتجلى بإسمه الرزّاق على التاجر وبإسمه البديع على الفنان ويتكرم بقوته على حاملي عرشه فتلك كلها شواهد كرم منه لا شواهد حاجه إلينا.
ثم إن الوسائط أيضا هي سنتّه.. فهو إذا أراد أن يعالج الجبل سلّط عليه وسائط ماديه مثله لتشكيله.. سلّط عليه الرياح والأمطار والسيول تنحته وتشكّله أو سلّط عليه كائناً مادياً مثل الإنسان ينحت فيه الكهوف والسدود.. ولو أنه سبحانه تجلّى على الجبل مباشرة لجعله دكاً.
وحينما ظهر جبريل على صورته الحقيقية لمحمد عليه الصلاة والسلام خرّ مغشيًا عليه.
إن تفاوت المقامات بين الله وملائكته وبين ملائكته وخلقه من البشر وبين البشر وسائر صنوف المادة الجامدة إستدعى وجود البرازخ والوسائط.. فلا يطيق الأسفل أن يتجلّى عليه الأعلى مباشرة دون واسطة برزخية.
إننا نقذف نواة الذّرة وهي شيء غير منظور بشيء آخر غير منظور وهي قذائف النيوترون فنتخذ وسائط من جنس ما نتعامل معه.. فنحاول الوصول إلى الشيء الخفي باتخاذ برزخ خفي.. وهو مثال من عالمنا.
وجبريل هو البرزخ بين الله وبين محمد عليه الصلاة والسلام في عالم الملكوت وهو أيضًا البرزخ بين الله وبين جميع أنبيائه.. لأنه لا أحد من الانبياء يُطيق الحضرة الإلهية الذاتية مباشرة.. فإن تجلِّي هذه الحضرة يؤدي إلى سحق ومحق كل شيء .. تماماً كما رأينا من حال الجبل الذي أصبح دكاً وموسى الذي خر صعقًا.
إننا بحكم طبيعتنا البشرية لا نحتمل أنوار الذات الإلهية فاستدعى التواصل بين الطبيعتين إلى إتخاذ البرازخ.
وكما أن جبريل هو البرزخ بين الله وبين محمد فكذلك محمد عليه الصلاة والسلام هو برزخنا الأعظم وهو وسيلتنا وواسطتنا وبابنا إلى الفهم عن الله.. لأننا بحكم طبيعتنا المحدودة لا نستطيع أن نصل إلى حضرة الإطلاق دون دليل.
إن الضرورة هنا كانت قيداً علينا نحن، فنحن الضعفاء والله هو القوي ونحن الفقراء إليه وهو سبحانه الغني عنّا.
وكان تنزل الله بين البرازخ ليتواصل معنا كرماً منه ولطفاً وإيناسًا.. لا حاجةً منه إلينا فالله ليس فعالًا بنا بل نحن الذين نفعل به ونحن الذين نرى به ونسمع به ونفهم به ونمشي به ونحيا به.. بل إنه هو.. هو الظاهر بوجهه في كل شيء.
" أينما تولوا فثم وجه الله "
فهو الملك وهو جميع القوى الفعّاله في المملكه من حق وخير وجمال وعدل وكرم وحلم ورأفة ومودة ورحمة وسمع وبصر وعلم فتلك جميعاً أسماؤه تجّلت بأحكامها على ما في المملكة من خلائق.
فإذا سُحِب منا ربنا قيوميته عدنا عدماً واختفى مسرح الوجود كله ولم يبق إلا نوره فهو الحضور المستمر أبداً وأزلاً وهو الظاهر ابداً ونحن الغيب.. وهو الوجود ونحن العدم.. وهو الحُجّة على نفسه وهو برهان وجوده ودليل ذاته وهو ليس في حاجه إلى دليل يدل عليه.
ومن مبدأ القصة حينما كان الله ولا شيء معه.. إلى الآن حيث مازال ربنا هو هو.. على ما عليه كان.. لم يجِدَّ جديد.. فكل ما حدث كان تحصيل حاصل لما في علمه.. ومازال هو على ما عليه كان.. فالقول بحاجة الله إلى جنوده ومملكته يعكس القضية ويقلبها.. تعالى ربنا عن ذلك عُلواً كبيراً.. فلا شيء فعال في مُلكه ومَلكوته سواه إنما هي ثياب ألبسها لنا ومواهب أعطاها لنا وأرزاق وزّعها علينا بل إن لبسه الوجود ذاتها منه.. وليس لنا من ذواتنا إلاّ العدم.
بل اللغز الذي يُحيّرني.. هو ذاتي نفسها.
أنا.. من أكون.. وأنا لست إلاّ كلمة من كلماته ونفخة من روحه..؟!!
أما أحقية الله في كل شيء فهي أظهر من أن تكون محل شك أو مُسائلة.. وبالمثل وجوده وهيمنته وظهوره.
إنما أنا.. ذرة العدم.. التي هي نفسي.. ما أمرها.. وما خطبها وكيف تشخّصت من الأزل.. وكيف جاء بها الله ومعها سرّها وما تكتم ثم أوجدها ليُخرِج مكتومها وابتلاها بالشر والخير لتُفصِح عن سرها وتُفشي مكنونها.
أنا..؟
وهل لي هذه الأنا.. أم أني استعرتها مع ما استعرت من الله.. فهي ثوب ضمن ما ألبسني الله من ثياب.
ذلك هو السر الذي يحيرني رغم أنه لا شيء أقرب إليّ منها.. وهل هناك ما هو أقرب إليّ من نفسي التي بين جنبي.. ومع ذلك فهي الطلسم.. والتيه.. والمحال.
ثم إن اللغز يصل إلى ذروة استسراره حينما نرى الله يأمر ملائكته بالسجود لهذه النفس التي تشخّصت من عدم ويُسخّر لها ملكه وملكوته ويُخضِع لها الكون جميعه.
" سخر لكم ما في السماوات وما في الارض جميعًا منه "
يقول الله للعبد الكامل في كتاب المواقف والمخاطبات للنفري:
أنت مني.. أنت تليني.. وكل شيء في الوجود يأتي بعدك.. لا شيء يقدر عليك إذا عرفت مقامك ولزمت مقامك.. فأنت أقوى من الأرض والسماء أقوى من الجنه والنار أقوى من الحروف والأسماء.. أقوى من كل ما بدا في دنيا وآخره.
إذا تحققت بسرّك تحققت بي.. أنا الذي منه كل شيء أنا الذي أديت كل شيء.. أنا الذي هو أنا.
إلى هذه الذروه المذهله من التشريف تصل هذه الذره الوجوديه التي هي النفس الانسانيه.
فيقول عنها رب العالمين:
اأنت مني.. أنت تليني.. وكل شيء في الوجود يأتي بعدك.. لا شيء يقدر عليك إذا عرفت مقامك ولزمت مقامك.. فأنت أقوى من الأرض والسماء أقوى من الجنه والنار أقوى من الحروف والأسماء.. أقوى من كل ما بدا في دنيا وآخره ... ( وكل ما في الوجود باديات يبديها ربنا من خفاء ولا يبتديها).
ويقول للعبد الكامل:
إذا تحققت بسرّك تحققت بي.. أنا الذي منه كل شيء.
كيف يارب يتحقق الواحد منا بسره.
إذا عرفت مقامك ولزمت مقامك.
ليس فقط أن يبلغ مقام الكمال بل أيضًا أن يلزم هذا المقام فلا يحيد عنه.. وذلك هو غاية التمكين والتثبيت.
وذلك هو المعراج العظيم الذي لا يقدر عليه الا آحاد بل إن المُلك والملكوت ذاتهما مجرد معارج لهذه النفس الكاملة والدنيا والآخرة منازلها وهي تسير إلى ربها وقد أقدرها الله على الدنيا.. وعلى تجاوزها.. كما أقدرها على الآخرة وعلى تجاوزها في مراقي السير إليه.. تلك هي النفس الطلسم المطلسم.
وتلك هي إمكاناتها حيث اجتمع فيها أقصى العدم وأقصى الوجود.
وحيث هي مني أقرب إليّ من كل شيء وأخفى عليّ من كل شيء فهي التي بدأت من لا شيء وأصبحت أقوى من كل شيء.
وحيث يبلغ إبهامها بي إلى البهت والحيرة والذهول:
من أنا..؟!!!
ومن أكون..؟!!
أنا الذي أسجَد لي الله المُلك والملكوت وسخّر لي الكون أجمع.
أنا الذي أمرض وأشيخ وأموت ويفتك بي ميكروب لا يُرى لفرط تفاهته.
أنا الذي جئت من قطرة ماء مَهين وأنتهي إلى جيفة.
إلهي ... كم تكذب المظاهر وكم تُخفي جلودنا حقائق هائلة تحتها.
وكم تتشابه وجوهنا وتختلف منازلنا.. وكم يمشي في الأسمال والخرق من هم فوق الثريا منزله.
لهفي على ذلك اليوم الذي تهتك فيه الأستار وتفتضح الأسرار ويعرف كل منا من يكون.. ومقدار ما يكون.
وتُرفَع الحجب ويكشف الغطاء ويغدو البصر حديدًا ويُفاجأ كل منا من نفسه بما لا يعلم..
ويعرف كل منا حقيقته وخبيئته
يا له من يوم .. يا له من يوم ..
مقال : الملك والملكوت وانا
من كتاب/ الإسلام ما هو
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله) . ❝
❞ الحب و الهوى و الغرام خداع ألوان .. ما نراه في المحبوبة مثلما نراه في قوس قزح جمال ألوان قوس قزح ليس من قوس قزح نفسه و لكنه من فعل نور الشمس على رذاذ المطر المعلق فى الهواء .. فإذا غابت الشمس و جف المطر إختفت الألوان و ذهب الجمال .
و هكذا محبوبتك جمالها فيما يتجلى عليها من خالقها .. فإذا انقطع عنها التجلي شاخت و مرضت و ذبلت و عادت قبحاً لا جاذبية فيه .. إن ما كانت تملكه من جمال لم يكن ملكاً لها بالأصالة بل كان قرضاً و سلفة .
حتى السجايا الحلوة و النفوس العذبة و الخلال الكريمة هي بعض ما يتجلى فينا من أسماء خالقنا ، الكريم الحليم الودود الرؤوف الغفور الرحيم ..
أليست هذه أسماءه ..
و هل نحب حينما نحب إلا أسماءه الحسنى حيثما تحققت و أينما تحققت
و هل نحب حينما نحب إلا حضرته الإلهية في كل صورة من صورها
و الحكيم العارف من أدرك هذه الحقيقة فإتجه بحبه إلى الأصل .. إلى ربه و لم يلتفت إلى الوسائط و لم يدع بهرج الألوان يعطله .. و لم يقف عند الأشخاص .. فهو من أهل العزائم لا تعلق له إلا بربه .. لقد وفر على نفسه خيبة الأمل و انقطاع الرجاء و خداع الألوان
لقد أحب من لا يهجر و عشق من لا يفتر و تعلق بمن لا يغيب و ارتبط بمن لا يموت و صاحب من بيده الأمر كله و ساهم في البنك المركزى الذي يخرج منه النقد جميعه .. و هام بالودود حقاً ذاتاً و صفاتاً و أفعالاً
و ذلك هو مذهب العارفين فى الحب فهل عرفت ..
و إذا كنت عرفت .. فهل أنت بمستطيع
و ليس كل عارف بمستطيع
و مذهب العارفين ليس مجرد معرفة .. و لكنه همة و إقتدار و كدح و مغالبة .. و النفس لا تستطيع أن تعشق إلا ما ترى و لا أن تتعلق إلا بما تشهد بصراً و سمعاً و حواساً .
أما تعلق الفؤاد بالذي ليس كمثله شيىء فمرتبة عليا لا يوصل إليها إلا بالكدح و الكفاح و الهمة .. و قبل ذلك كله .. بالتوفيق و الرضا من صاحب الأمر كله ..
و لهذا أدرك العارفون أن هذا أمر لا يمكن الوصول إليه إلا ركوعاً و سجوداً و ابتهالاً و عبادة و طاعة و خضوعاً و خشوعاً و تذللاً و تجرداً .. و أن هذه مرتبة لا تنال بشهادة جامعية و لا بماجستير أو دكتوراه أو تحصيل عقلي .. و لكنه منزلة رفيعة لا مدخل إليها إلا بالإخلاص و سلامة القلب و طهارة اليد و القدم و العين و الأذن .. و لا سبيل إليها إلا بخلع النعلين .
تخلع جسدك و نفسك ..
و ليس مقصود القوم هنا هو الزهد الفارغ و التبطل .. و إنما أن تخلع حظك و أنانيتك و شهوتك و طمعك و شخصانيتك و أن ترتد إلى الطهارة الأولى اللاشخصانية التي تعطى فيها و تحب دون نظر إلى حظ شخصي أو عائد ذاتي .. فهي حالة عمل و عطاء وبذل و ليست حالة زهد فارغ و تبطل .. و هي في ذروتها حالة فداء و تضحية في سبيل إعلاء كلمة الله .. تضحية لا تنظر إلى نيشان أو نصب تذكاري .. و لكنها تبذل المال و الدم و النفس لوجه الله وحده .
و يقول العارفون أن مائدة الإستشهاد هي أعلى موائد التكريم و لا دخول إليها إلا ببطاقة دعوة من صاحبها .. و لا دخول إليها إقتحاماً أو قهراً و تبجحاً .. وانما هي دعوة من الكريم يتلقاها صاحب الحظ بالتلبية و الهرولة و يتلقاها المحروم بالتكاسل و التخاذل .. و التخلف ..
ذلك هو الحب في مذهب القوم
و هو غير الحب في مذهب منتجي أفلام السينما و مؤلفي الرومانتيكيات .. و هو أيضاً غير الحب عند الكثرة الغالبة من الناس .. حيث الحب هوى و نار و شهوة و جريمة و صدور عارية و مجوهرات .. و لحظات تتألق بالشعر ثم ما تلبث أن تخبو و تنطفىء و تترك رماداً من الأكاذيب .
و لكن أكثر الناس لا يعلمون – 21- يوسف
بل أكثرهم لا يعقلون – 63- العنكبوت
إن يتبعون إلا الظن – 116- الأنعام
و ما يتبع أكثرهم إلا ظنا –36- يونس
إن يتبعون إلا الظن و ما تهوى الأنفس – 23 – النجم
إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل – 44 – الفرقان
هكذا يعلمنا القرآن أن الكثرة لا تعرف أما العارفون فقليل ما هم و لكن الصحافة التى تخاطب الكثرة و السينما التي تتملق الجماهير و المؤلفين الذين يطمعون فى الرواج و الشعراء الذين يتبعهم الغاوون يتغنون بألوان أخرى من الحب و يتيهون بنا في أودية الغفلة التي تنتهي بنا إلى جنون قيس و انتحار جوليت و سقوط راهب تاييس و مباذل فالنتينو و جرائم الـ كابونى و موائد مونت كارلو
و المنتجون عندنا أكثر تواضعاً فهم يكتفون بكباريهات شارع الهرم
و هو أمر قديم قدم التاريخ منذ أيام بابل و منذ أيام أنطونيو و كيلوباتره و منذ أيام الفراعنة و الإغريق و الرومان .. و نقرأ في كتاب الموتى هذه السطور التي كتبها الحكيم المصري منذ خمسة آلاف عام
لا تنظر إلى أمراة جارك فقد إنحرف ألف رجل عن جادة الصواب بسبب ذلك .. إنها لحظة قصيرة كالحلم و الندم يتبعها
إنها معارف قديمة منذ أيام آدم .. و قصة بائدة منذ مقتل هابيل
و لكن لا أحد يذكر .. و لا أحد يعتبر .. و لا أحد يتعلم من الدرس
و أكثر الذين يعرفون لا تنفعهم معرفتهم بسبب ضعف الهمم و تخاذل الأنفس و غلبة الشهوات ...
إن السلالم إلى الأدوار العليا موجودة طول الوقت و لكن لا أحد يكلف نفسه بصعود الدرج و الأغلبية تعيش و تموت في البدروم ..
و لو كلف أحد منهم نفسه بالصعود .. و تحمل مشقة الصعود و شاهد المنظر من فوق لبكى ندماً على عمر عاشه فى البدروم بين لذات لا تساوي شيئاً و لكنه الضعف الذي ينخر في الأبدان
و البشرية تسير من الضعيف إلى الأضعف و الأجيال الجديدة أكثر ضعفاً و أكثر تهافتاً على العاجل البائد من اللذات و إقرأ المقال من أوله و إسال نفسك .. من أي مرتبة من البشر أنت .. هل أنت عارف .. و إذا كنت عارفاً .. فهل أنت بمستطيع
و إبك ما شئت من البكاء فلا شيء يستحق أن تبكيه .. لا فقرك و لا فشلك و لا تخلفك و لا مرضك .. فكل هذا يمكن تداركه أما الخطيئة التي تستحق أن تبكيها فهي خطيئة البعد عن إلهك ..
فإن ضيعت إلهك .. فلا شيء سوف يعوضك
و كل أحلام الشعراء لن تغنيك شيئاً.
مقال : الحب
من كتاب : الإسلام ما هو
الدكتور : مصطفى محمود (رحمه الله ) . ❝