و كان اليوم جمعة في شتاء قارص من يناير و قد صحا من نومه... 💬 أقوال مصطفى محمود 📖 كتاب نقطة الغليان

- 📖 من ❞ كتاب نقطة الغليان ❝ مصطفى محمود 📖

█ كان اليوم جمعة شتاء قارص من يناير قد صحا نومه مُتأخِراً بعد ليلة عب فيها اللذة ما شاء اعتصر ضرع الحياة أقصى استطاعت أن تعطيه أغفَى حضن امرأة ذاق أحلى قبلة استمتع بأجمل عِناق أمام إغراء المال قل كُنَّ يستطعن الصمود حسن حظه أكثر الجميلات المُترَفات النساء مثله متخصصات نفس فنه الرفيع هو كيف يأخذن خلاصتها دون يشغلن أنفسهن بأن يعطينها شيئاً لهذا كانت الصفقة دائماً طيبة رابحة لم يُخطئ تقديره مرة واحدة عادته تلك الأيام يلتهم إفطاره الدَسِم يمضي يفتش مَناحِله يقضي الساعات يتأمل ذلك السعي الدءوب لألوف النحلات الشغالة هي تمضي إلى الحقول لتعمل دأب صمت جمع الرحيق الزهور لتعود مُحَمَّلة بمحصولها الوافر قبل الغروب تعمل تحويل هذا بطونها شهد ثم تصبه الخلايا لتخزنه تختم عليه بالشمع توزع بينها الوظائف البعض يرعى البيض يُطعِم اليرقات الضغيرة التي خرجت الفقس يطعم الملكة بالغذاء الملكي ينظفها يغسلها يمرح بأجنحته باب الخلية ليكيف هواءها يحرس الباب الأعداء ينتشر حول كتاب نقطة الغليان مجاناً PDF اونلاين 2024 تأليف الدكتور مصطفى محمود وهو عبارة عن مجموعة قصصية يدور محورها الرئيس الهداية والإيمان بالله العلي القدير وبأقداره وبما قسمه للإنسان صورت هذه القصص يشعر به الإنسان المعاصر ضياع وعدمية وفقدان لمعنى وجوهرها وقدمت لا يكون سعيدا بغير هداية الله له الطريق الصحيح؛ فلا سعادة بمال أو حب سلطة التوجه تعالى والتقرب منه وإليه

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
❞ و كان اليوم جمعة في شتاء قارص من يناير و قد صحا من نومه مُتأخِراً بعد ليلة عب فيها من اللذة ما شاء و اعتصر من ضرع الحياة أقصى ما استطاعت الحياة أن تعطيه , و أغفَى في حضن امرأة و ذاق أحلى قبلة و استمتع بأجمل عِناق .

و أمام إغراء المال قل من كُنَّ يستطعن الصمود .. و من حسن حظه أن أكثر الجميلات

المُترَفات من النساء كُنَّ مثله متخصصات في نفس فنه الرفيع .. و هو كيف يأخذن من الحياة خلاصتها دون أن يشغلن أنفسهن بأن يعطينها شيئاً .

و لهذا كانت الصفقة دائماً طيبة .. و كانت دائماً رابحة .

و لم يُخطئ تقديره مرة واحدة .

و كانت عادته في تلك الأيام بعد أن يلتهم إفطاره الدَسِم أن يمضي يفتش مَناحِله , و أن يقضي الساعات يتأمل ذلك السعي الدءوب لألوف النحلات الشغالة و هي تمضي إلى الحقول لتعمل في دأب و صمت في جمع الرحيق من الزهور لتعود مُحَمَّلة بمحصولها الوافر قبل الغروب .

و في صمت تعمل في تحويل هذا الرحيق في بطونها إلى شهد .. ثم تصبه في الخلايا لتخزنه ثم تختم عليه بالشمع .. ثم توزع بينها الوظائف ..

البعض يرعى البيض .. و البعض يُطعِم اليرقات الضغيرة التي خرجت من الفقس .. و البعض يطعم الملكة بالغذاء الملكي و ينظفها و يغسلها .. و البعض يمرح بأجنحته على باب الخلية ليكيف هواءها .. و البعض يحرس الباب من الأعداء و ينتشر حول الخلية ليستطلع أخبار أي عدو ..

بينما ألوف الذكور تأكل و تنام في كسل .. و تعيش بلا عمل في انتظار ذلك اليوم الوحيد من كل سنة حينما تغادر الملكة الخلية و تُحَلِق بأجنحتها في الجو .. فيتبعها سرب الذكور .. فتظل ترتفع و ترتفع .. و الذكور يتسابقون خلفها .. حتى يلحق بها أقواهم , و لهذا الذكر الأقوى من الجميع تترك الملكة نفسها ليلقحها ..

و بعد التلقيح تعود الملكة إلى الخلية لتبدأ دورة جديدة من التكاثر و وضع البيض ..

أما الذكور فيعودون إلى الخلية ليلاقوا حـتفهم .. إذ لم تعد لهم فائدة .. و أصبح تركهم يأكلون عالة على الجميع تبذيراً لا معنى له ..

و لهذا كانت النحلات الشغالة تستقبلهم عند الباب باللدغ و الضرب و الركل .. ثم تلقي بهم إلى الخارج ليتكفل البرد و الجوع بالقضاء على البقية الباقية منهم .

و كان حظ صاحبنا في ذلك اليوم البارد من يناير أن يرى هذه المجزرة الغريبة التي تجري أمام عينيه كأنها شريط سينمائي .

رأى الذكور العائدين بعد التلقيح تقتلهم النحلات الشغالة واحداً بعد الآخر .. و تُلقي بهم في البرد و العراء .

و كان غريباً أن يتأمل حال هذا المجتمع الحشري العجيب حيث لا تحتل العملية الجنسية إلا يوماً واحدا ..ً بل لحظة واحدة من يوم من عامٍ كامل يمضي كله في عمل دءوب مخلص للبناء و الإنتاج .

لحظة واحدة ذات يوم كل عام ينال ينال أحد الذكور حظاً من تلك اللذة .. ثم يجد بعد ذلك مَنْ يقتله على الباب و يقول له . . شـــكـراً . . لـقد أديــت وظيـفـتــك . . و لم يعد لنا بك حاجة ..

ثم تدور العجلة بعد ذلك لعام كامل .. لا يذكر أحد تلك اللذة و لا يفكر فيها و لا يسعى إليها .. و إنما ينقطع الكل للبناء و الإنتاج و تكوين الشهد .. الذي يأكله صاحبنا ..

صاحبنا الذي فرغ كل حياته و كل يوم و كل لحظة من سِني عمره في سعي دءوب مستمر لجني اللذة أينما وجدها .. في القاهرة أو روما أو باريس أو لندن أو آثينا .. و كل ما يأتي من أعمال إنما هو في خدمة تلك اللذات و لتكثيرها و تنويعها .

و ذلك هو الإنسان .. و تلك هي الحشرة .. التي نعتبرها في أدنى الدرك الحيواني .

هل كانت مصادفة في ذلك اليوم و صاحبنا يقلب الأمر في فكره .. و قد اعتمد رأسه بين يديه و غرق في التأمل .. أن مرقت رصاصة طائشة من ساحات التدريب القريبة و اخترقت ذلك الرأس .. و أسكتت ما فيه من الفِكر إلى الأبد .. !

أكانت رصاصة طائشة حقاً كما ذُكِر بعد ذلك في محضر البوليس .. أم كانت رصاصة من بندقية مخدوع عرف طريقه إلى رأس غريمه .. أم كانت رصاصة وَجَّهتها العناية الإلهية و قادها مَلَك الموت إلى ذلك الرأس .. هامِساً كعادته في أدب جَم كما يفعل كل الملائكة ..

شـــكـرا . . لـقــد أديــت وظيفـتــك . . و لـم تـعــد للدنيــا بــك حـاجــة .



قصة / شكراً لقد أديت وظيفتك

من كتاب / نقطة الغليان

للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله). ❝
0
0 تعليقاً 0 مشاركة
نتيجة البحث