❞ سوف أكتب عن هيام.. هيام التي تأبى أن تتزوج لسبب يمكنني فهمه..
زجاجة المياه الغازية تظل باردة جذابة إلى أن تُشرب.. بعدها تصير مجرد زجاجة خاوية مهملة يركلها الأطفال ويغطيها الغبار، وتحملها (سعدية) الخادمة إلى (عبده) البقال في إهمال فيتشاجر معها مؤكدًا أنها أخذت خمس زجاجات لا زجاجة واحدة..
من المهين أن تعتبر نفسها زجاجة مياه غازية.. هذا يوحي بالالتهام وبأنها مجرد سلعة، لهذا كانت تختار تشبيهًا أقل صدمة: ديوان شعر لم يُقرأ بعد.. زهرة لم تُقطف بعد..
الزواج يفقد المرأة كل أسرارها وكل غموضها، وهو ذات ما فطن له رجال الساموراي في الماضي عندما اعتبروا أن الزواج يفقد الفارس قدراته. هيام تؤمن بهذا، ويسرها جدًا أن تسمع العروض تنهال عليها.. لو تزوجت فلا عروض.. أما اليوم فسوف يقترب منها زميل العمل هذا أو ذاك مرتبكًا.. يعطي تلميحات خفيضة باهتة.. يتكلم عن الكفاح المشترك والحاجة لأن يمضي المرء حياته مع شخص يفهمه، ثم يتجرأ ويلقي بالعرض:
ـ ˝هل لي أن أقابل بابا؟˝
سوف تنظر له كأنه أكبر غبي رأته في حياتها، وسوف تنظر للسقف بما معناه (يا ربي).. ثم تخبره أن أباها توفي وأن عليه مقابلة خالها وأمها. يسرها جدًا أن ترى الأمل في عينيه.. اللورد البريطاني المتأنق يعطي الثعلب فرصة للفرار وأملاً، ثم يشعل سيجارة وينظر لرفاقه وكلابه ويصيح: واصلوا المطاردة!!
هذا شاب مجيد، ربّاه أهلُه جيدًا وحرص على أن ينال حظًا من العلم والخلق والدين وربما الوسامة... شاب ناجح بكل المقاييس.. وهي سترفضه!! ستهز ثقته بنفسه، وبالتأكيد لن يشعر بالراحة أبدًا بعد اليوم وهو يرمق صورته في المرآة..
ربما أنا أسخف أو أفقر أو أقبح أو أغبى مما ظننت بنفسي؟؟ أمه سوف تقول له: إنه طن من الذهب يمشي على قدمين؛ لكنه لن يصدق.. لابد لأمي أن تقول هذا...
هذه الانفعالات تعطي (هيام) لذة لا يمكن وصفها.. لذة تفوق الزواج والأسرة بكثير..
سوف يأتي الشاب ليلاً مع أبيه وأخيه وأمه، ولسوف يحاول الجميع أن يكونوا في غاية الظرف.. أما هي فلسوف تراقب الفتى تبحث عن خطأ ما، شاعرة بأنها قاض على وشك إصدار حكم الإعدام.. الفتى يهز ركبته كثيرًا.. إنه غير واثق من نفسه إذن.. يحك أنفه أي أنه كذوب.. مجلة (حواء) قالت: إن الدم يحتشد في أنف الكذابين فيشعرون بحكاك قوي.. يا لك من وغد كذوب ضعيف الشخصية إذن..!
في النهاية تخبر خالها في حزن مصطنع أنه: مفيش نصيب. ❝ ⏤أحمد خالد توفيق
❞ سوف أكتب عن هيام.. هيام التي تأبى أن تتزوج لسبب يمكنني فهمه..
زجاجة المياه الغازية تظل باردة جذابة إلى أن تُشرب.. بعدها تصير مجرد زجاجة خاوية مهملة يركلها الأطفال ويغطيها الغبار، وتحملها (سعدية) الخادمة إلى (عبده) البقال في إهمال فيتشاجر معها مؤكدًا أنها أخذت خمس زجاجات لا زجاجة واحدة..
من المهين أن تعتبر نفسها زجاجة مياه غازية.. هذا يوحي بالالتهام وبأنها مجرد سلعة، لهذا كانت تختار تشبيهًا أقل صدمة: ديوان شعر لم يُقرأ بعد.. زهرة لم تُقطف بعد..
الزواج يفقد المرأة كل أسرارها وكل غموضها، وهو ذات ما فطن له رجال الساموراي في الماضي عندما اعتبروا أن الزواج يفقد الفارس قدراته. هيام تؤمن بهذا، ويسرها جدًا أن تسمع العروض تنهال عليها.. لو تزوجت فلا عروض.. أما اليوم فسوف يقترب منها زميل العمل هذا أو ذاك مرتبكًا.. يعطي تلميحات خفيضة باهتة.. يتكلم عن الكفاح المشترك والحاجة لأن يمضي المرء حياته مع شخص يفهمه، ثم يتجرأ ويلقي بالعرض:
ـ ˝هل لي أن أقابل بابا؟˝
سوف تنظر له كأنه أكبر غبي رأته في حياتها، وسوف تنظر للسقف بما معناه (يا ربي).. ثم تخبره أن أباها توفي وأن عليه مقابلة خالها وأمها. يسرها جدًا أن ترى الأمل في عينيه.. اللورد البريطاني المتأنق يعطي الثعلب فرصة للفرار وأملاً، ثم يشعل سيجارة وينظر لرفاقه وكلابه ويصيح: واصلوا المطاردة!!
هذا شاب مجيد، ربّاه أهلُه جيدًا وحرص على أن ينال حظًا من العلم والخلق والدين وربما الوسامة... شاب ناجح بكل المقاييس.. وهي سترفضه!! ستهز ثقته بنفسه، وبالتأكيد لن يشعر بالراحة أبدًا بعد اليوم وهو يرمق صورته في المرآة..
ربما أنا أسخف أو أفقر أو أقبح أو أغبى مما ظننت بنفسي؟؟ أمه سوف تقول له: إنه طن من الذهب يمشي على قدمين؛ لكنه لن يصدق.. لابد لأمي أن تقول هذا...
هذه الانفعالات تعطي (هيام) لذة لا يمكن وصفها.. لذة تفوق الزواج والأسرة بكثير..
سوف يأتي الشاب ليلاً مع أبيه وأخيه وأمه، ولسوف يحاول الجميع أن يكونوا في غاية الظرف.. أما هي فلسوف تراقب الفتى تبحث عن خطأ ما، شاعرة بأنها قاض على وشك إصدار حكم الإعدام.. الفتى يهز ركبته كثيرًا.. إنه غير واثق من نفسه إذن.. يحك أنفه أي أنه كذوب.. مجلة (حواء) قالت: إن الدم يحتشد في أنف الكذابين فيشعرون بحكاك قوي.. يا لك من وغد كذوب ضعيف الشخصية إذن..!
في النهاية تخبر خالها في حزن مصطنع أنه: مفيش نصيب . ❝
❞ طُردتُ من عملي للمرةِ السّابِعة.
خرجتُ حاملًا حقائبي مُستعدًا لرحيلي عن هُنا، فلقد أخفقتُ في جمع إيجار المنزل، بعدما سبّني المُؤجر وقام بتوبيخي لعدم قُدرتي على دفع النقود في الوقت.
خرجتُ أبحثُ عن مكانٍ يؤويني في الطُرقات والشوارع.
المكان يعمُّه الظلام والضيق، التشتُّت يملؤُ خلايا عقلي، الناس أصبحت غريبة، كلٌّ على وتيرة حياته يمضي، كُلٌّ في شأنه، كان الأمرُ مُحزنًا حقًا، لم أرَ الناس والعالم بوضوحٍ مثل هذه المرّة. جلستُ على الرصيف من صباح اليوم إلى حلول ظلام الليل وحقائبي من حوْلي، لم يهتم لأمري الناس، مكثتُ وحدي والتفكير لا يتركُ رأسي، رائحة التشتُّت في كُل مكانٍ من حولي، أيُّ لعنةٍ أصابتني؟
إلى أن رآني غريبٌ عجوزٌ، وقام بأخذي لمنزله بعد أن سمع قصّتي، ثم أخبرني قائلًا: ˝يا بُنيّ إن الحياة لن تمضي كيفما تشاء وتُحب، ستتعرقل وتقع أرضًا، لن يهتم لأمرك الناس، وستغلبُك الحياة مرارًا وتكرارًا، ولكن لا تنظر لكونك لن تستطيع فعل شيء، ولا لكونك وحيد لا يُساندك أحد، ولا لكُل طلاسم التفكير تلك، بل انظُر لنفسك واستند بنفسك، يُمكنُك صُنع المُستحيل بمُفردك˝.
1976
گ: هند إبراهيم
|ديلا. ❝ ⏤𝓗𝓐𝓝𝓓 𝓐𝓑𝓡𝓐𝓗𝓘𝓜
❞ طُردتُ من عملي للمرةِ السّابِعة.
خرجتُ حاملًا حقائبي مُستعدًا لرحيلي عن هُنا، فلقد أخفقتُ في جمع إيجار المنزل، بعدما سبّني المُؤجر وقام بتوبيخي لعدم قُدرتي على دفع النقود في الوقت.
خرجتُ أبحثُ عن مكانٍ يؤويني في الطُرقات والشوارع.
المكان يعمُّه الظلام والضيق، التشتُّت يملؤُ خلايا عقلي، الناس أصبحت غريبة، كلٌّ على وتيرة حياته يمضي، كُلٌّ في شأنه، كان الأمرُ مُحزنًا حقًا، لم أرَ الناس والعالم بوضوحٍ مثل هذه المرّة. جلستُ على الرصيف من صباح اليوم إلى حلول ظلام الليل وحقائبي من حوْلي، لم يهتم لأمري الناس، مكثتُ وحدي والتفكير لا يتركُ رأسي، رائحة التشتُّت في كُل مكانٍ من حولي، أيُّ لعنةٍ أصابتني؟
إلى أن رآني غريبٌ عجوزٌ، وقام بأخذي لمنزله بعد أن سمع قصّتي، ثم أخبرني قائلًا: ˝يا بُنيّ إن الحياة لن تمضي كيفما تشاء وتُحب، ستتعرقل وتقع أرضًا، لن يهتم لأمرك الناس، وستغلبُك الحياة مرارًا وتكرارًا، ولكن لا تنظر لكونك لن تستطيع فعل شيء، ولا لكونك وحيد لا يُساندك أحد، ولا لكُل طلاسم التفكير تلك، بل انظُر لنفسك واستند بنفسك، يُمكنُك صُنع المُستحيل بمُفردك˝.