❞ يقول القانون: عندما يقتل أحدهم الآخر، يُعاقب القاتل ويُسجن، حتى وإن كان المقتول قد استخدم أبشع وسائل التعذيب معه او مع غيرة. ويظل الناس يهتفون:
\"إنه مجرم وقاتل، ويجب أن يُعاقب!\"
وتبعًا لاختلاف القوانين، قد يُحكم على القاتل بالسجن المؤبد، فيقضي بقية حياته يدفع الثمن،
وقد يُحكم عليه بالإعدام شنقًا، ويُقال حينها:
\"من قتل يُقتل!\"
عبارة جميلة، أليس كذلك؟
نحن لا نقول إن من يقتل لا يُعاقب،
لكن، لماذا لا ينص القانون — أو يشترط — أن من يقتل مجرمًا يعيث في الأرض فسادًا، لا يُعد مجرمًا؟
وجهة نظر، أليس كذلك؟
ويبقى السؤال:
«هل مَن يقتل شخصًا قد نسي معنى الإنسانية، وأصبح اليد العُليا لإبليس على وجه الأرض… هل يكون مجرمًا؟!»
_______________________
أولًا:
مدّ يده نحو قبضة الباب، فتحه بهدوء ودخل إلى المكتب، ليجده جالسًا في سكينة، يقرأ كتابًا جديدًا بنظرات غارقة في التأمل. التفت إليه بطرف عينه وقال بنبرة خافتة:
– احكى.
– دي القضية الجديدة
ظل عثمان يقلب صفحات الكتاب بمللٍ خافت، دون أن تظهر عليه علامات الدهشة، تلك التي كانت ترافقه في الماضي، ثم قال بتنهيدةٍ ثقيلة:
– وبعدين؟
تحدّث رائد بحماسة مشتعلة:
– أيوه يا \"كينج بيه\"، دي قضية السفاح لغايت دلوقتي الضحايا عشرة!
لم يُعره عثمان انتباهًا، اكتفى برفع حاجبيه دون أي أثرٍ من اندهاش، ثم كرر:
– وبعدين؟
عقد رائد حاجبيه باستغراب.
– وبعدين اي؟!
تنفس عثمان بعمق، وزفره بضيق، ثم أغلق كتابه ونهض مغادرًا المكتب. لم يتفاجأ رائد، فقد اعتاد على هذا الطبع؛ فذاك الرجل، بخبرته ودهائه، لم يخسر قضية في حياته، حتى بات لا يأبه لشيء، وكأن الأحداث تمر من حوله دون أن تمسّه.
---
جلس الشباب حول أوراقهم المتناثرة، يدرسون في جوف الليل استعدادًا لامتحان الغد.
– السؤال ده مش هييجي في الامتحان، قالها أحدهم بتكاسل.
ضحك\" هشام\" بسخريةٍ ممزوجة بشفقة على نفسه...
– آه، مش بييجي غيره في الامتحان اسكت يا كامل، خليك ساكت أحسن!
نظر كامل إلى صديقه الجالس في أحد الأركان، منشغلًا بلعبته يصدر ضجيجًا طفوليًا، ثم صرخ بعينين متسعتين:
– ماهيييير!
ردّ ماهر متمايعًا مثل الراقصات:
– يا نعاااام؟
_ ذاكر يا حبيبي.
لوى ثغرة بانزعاج و تجاهل:
– ماشي، ماشي..
في ليلة الامتحان
التفت حوله بحذر، ليتأكد من خلو المكان من المراقبة، ثم همس لهشام الذي بدا مستغرقًا في ورقته بعينين متوترتين:
– هشام... ولا يا هشام...
التفت إليه هشام بحذر و صوت هامس:
– ماااهر، سيبني في حالي.
– طب قوللي دي صح ولا غلط بس.
قالها ماهر متوسلًا، لكن هشام انزعج أكثر، وردّ وهو يجز على أسنانه:
– يعني \"صح وغلط\" هي اللي عاملالك أزمة؟ Are you crazy?
لاحظ المراقب حركتهما، فتوجّه إلى هشام:
– في حاجة يا هشام؟
أجاب هشام وهو يحاول السيطرة على ملامحه:
– لا..لا... خالص.
رفع المراقب صوته محذرًا:
– فاضل عشر دقايق على نص الوقت، اللي خلص يراجع.
_________________
خرج كامل إلى الساحة يبحث عن أصدقائه:
– عملتوا إيه؟
أجابه ماهر بثقة وسذاجة:
– يا عم ده امتحان أحياء!
رفع هشام حاجبه باستنكار:
– آه، عشان بيغش مني.
التفت له كامل متفهمًا:
– أمم... ماهر؟
– نعم؟
– Go to hell.
– وأنا وأنت إن شاء الله!
ضحكت لينا على سذاجتهما:
– استغفر الله العظيم يا رب...
ثم أغمضت عينيها بخبث وقالت:
– والسؤال الأخير؟
– ماله؟
قالت رنا وقد رفعت حاجبيها:
– آه، عملت فيه إيه؟ أكيد هتقولي يا عمتو \"ده عليه خمس نقط بس، مش هيفرق\"... صح؟
اتّكأ ماهر على كتف كامل، وظل يحكّ أنفه وهو يحاول تغيير الموضوع:
– بصراحة... استحي أقولك \"يا عمتي\"، لأنك أكبر منها.
اتسعت عيناها صدمة، وانفجرت ضاحكة مع من حولها:
– إيييييييييييه! عمّتك مين اللي أنا أكبر منها؟!
زفر كامل بضيق:
– بس بقى، عايزين نمشي!
نظر هشام جانبًا، فرأى صديقه \"كريم\" يلوّح له بعد أن أنهى امتحان التاريخ. ذهب إليه تاركًا رفاقه خلفه.
ظل كامل يراقب كريم بعينٍ يملؤها الحقد، فلاحظ ماهر نظرته وقال:
– مالك؟
أجابه كامل بنبرة حاقده:
– مفيش
نظرت لينا إليه متعجبة،
ثم انتبه ماهر فجأة:
– استنى... السؤال الأخير عليه خمس درجات؟!
---
– التاريخ كان حلو.
– كان عادي.
ثم وجه أنظاره لأصدقاء هشام، وحدّق في كامل ثم عاد لينظر إلى هشام، وقال بسخرية:
– أخبار كامل إيه؟ حل كويس؟
تعجب هشام من نبرته الجديدة:
– آه، حل كويس.
وصلت سيارة هشام، ركبها ليجد شقيقه الأصغر جالسًا:
– إنت بتعمل إيه هنا؟ كنت فاكر إنك لسه نايم!
نظر إليه آدم بخبث:
– إزاي أنام وأخويا في الامتحان؟ جيت أطمن عليك... عملت إيه؟
ابتسم هشام بسخرية وهو يتذكر إزعاجه المعتاد:
– يا سلام على الكرم...
ثم تمتم وهو يلتفت عنه:
– عيل بارد.
ابتسم آدم ابتسامة صفراء:
– بتقول حاجة يا ميشو؟
– لا... سلمتك، ده أنا بكح.
_________________________
– لسه بتغلبني زي زمان يا عثمان.
قالها \"جاسر\" وهو يحرّك قطعة الشطرنج، مسلِّمًا بالخسارة.
اعتدل عثمان في جلسته بعد فوزه، وسأل بهدوء:
– الأولاد عملوا إيه في الامتحان؟
تمتم \"جاسر\" بنبرة منزعجة:
– هو أنا لسه ما كبرت على الخسارة ولا إيه؟
– بتقول إيه؟
– هاا. هشام بعتلي وقال إن الامتحان كان سهل... هتعمل إيه في القضية؟
ردّ عثمان بانزعاج:
– طيب ما هي في إيدك إنت ويحيى... أنا هعمل فيها إيه؟
نظر له \"جاسر\" بتوسُّل:
– يا عثمان، أنا مقدرش أعمل حاجة من غيرك، ولا من غير يحيى.
مال عثمان برأسه إلى الخلف، لا يزال متردِّدًا.
أعاد \"جاسر\" قطع الشطرنج إلى مكانها، وقال كأنه يسترجع زمنًا مضى:
– فاكر لما كنا إحنا الأربعة دايمًا سوا؟ أنا وإنت ويحيى وجودات؟
تغيّرت ملامح عثمان، ونظر إليه بعين مليئة بالحزن والغضب:
– أنا دلوقتي مش فارق معايا غير حاجة واحدة... عايز أعرف بنتي فين.
اتّسعت عينا \"جاسر\" من الصدمة، فتابع عثمان وهو ينهض:
– سلّملي على أريج والعيال.
خرج من الغرفة، ثم جلس علي مكتبه مغمضً عينيه، وتنهد بتعب. غرق في الذكريات...
– هي \"آرين\" لسه ما رجعتش من الامتحان؟
سأل عثمان زوجته \"سيرين\" بقلق.
– لأ... اتأخرت شوية.
بعد دقائق، فُتح الباب، ودخلت فتاة بشعر قصير وعيون بُنِّية لامعة، تقول بمرح:
– أنا جِيييييت!
ابتسمت \"سيرين\" براحة:
– تعالي، عملتي إيه؟
جلست \"آرين\" على الأريكة وسط والديها، السعادة واضحة على ملامحها، وهي تمسك ورقه الامتحان قائلة
– كان سهل!
أخذ عثمان الورقة وهو يبتسم، ثم بدأ يضحك ويدغدغها:
– يعني كان سهل وسايبانا قلقانين عليكِ؟! وامبارح كنتِ بتعيطي ومش عارفة تحلي حاجة!
توقفت ذكرياته فجأة لتعد به لليوم الذي انتهى فيه كل شيء
في سنة 2020، بعد فكّ الحظر التجول، كان عثمان يقود السيارة وبجواره سيرين وخلفه آرين.
لاحظ عثمان ان هناك سيارة لونها اسود تدبعهم منذ مده، ثم غيّر طريقه ليتأكّد من شكوكه.
– الطريق ده مش طريقنا!
قالتها سيرين بقلق.
– عارف.
اتكأت سيرين علي نافذة السيارة لتنظر في المرآة ملاحظه ان هناك سيارة خلفهم، فهمت سيرين مايحدث ثم تساءلت:
– مين دول؟
– مش عارف.
قالتها وهو يضغط على البنزين، لكن السيّارة لم تستجب.
وضعت آرين قدميها علي مقعد السيارة ونظرت من الزجاج الخلفي:
– بابا، العربيّة دي ماشيه ورانا ليه؟
– مش بتمشي ورانا ياحببتي اقعدي كويس بس. اجابتها\" سيرين\" وهي تنظر لزوجها محاولة فهم شيء
– بس أنا شايفاها من ساعة ما كنا في المول!
نظرت سيرين لعثمان قائلة بصوت غاضب:
– ايييه...و إزاي ما خدتش بالك من حاجة زي دي؟
وفجأة، ظهرت سيارات أخرى، وحاصرتهم. ضغط عثمان على البنزين بكل قوّته... لكنه لم يعمل.
أدركت سيرين خطورة الموقف، فالتفتت لابنتها:
– اربطي الحزام كويس، يلا يا حبيبتي.
همّت بالكلام وهي تنظر له بقلق ، فقاطعها عثمان:
– متقلقيش؟!
رفعت سيرين صوتها بغض:
_ مقلقش! مقلقش ازي؟
– بنتك قعدة ورا... ما تخوّفيهاش!
مدّت سيرين يدها لأرين، لكن لم تمر لحظات...
واصطدمت سيارتهم بسيارة من الجهة المقابلة، اتنهى الحادث بنقلاب سيارة عثمان من اعلى المنحدر، ذهبت تلك السيارات بعد ان نفذت مخططها
بعد دقائق قليله
فتحت آرين عينيها ببطء، لتنصدم من مشهد ابويها الملطخين بالدماء، ارتجف جسدها، ثم نادت:
– با. بابا... ماما...
وظلت تحاول ايقاظهم، ترقرقت الدموع في عينيها، ثم انفجرت بالبكاء، في تلك اللحظة فتح عثمان عينه بتعب شديد ينظر لأبنتة التي تبكي بشدة وزوجتة الملطخه بالدماء ساكنة في مكانها بلا حركه
حاول التحدث معها لتهدئتها
_ ا. ارين
توقفت ارين عن البكاء بعد سماع صوت ابيها قائله بلهفه:
– با. بابا بابا أنت كويس
ثم بكت مجدداً قائله
– بابا، ماما مش بتتنفس
حاول عثمان أن يعتدل، لكن جسده لا يساعده، مسح دموعها بصعوبة، وقال:
– متخافيش يا حبيبتي... ماما كويسة...
بدأت عينيها تغلق ببطء، ثم فسقطت أمامه. صرخ عثمان قلقاً عليها :
– آرين... آرييييييين!
لم يشعر عثمان بنفسه إلا وهو يفتح عينيه ليجد نفسه في المشفى، غير قادر علي الحراك بسبب جسده مثقّل بالجبائر، ثم وجد امامه رئيس الاطباء بنفسه، اللذي ابتسم عندما افاق من مفعول المخدر
– حمدالله على السلامة، عثمان بيه.
أول ما خطر بباله هو مشهد زوجته وابنته،ثم قال بلهفه:
– سيرين و آرين هما كويسين صح؟
– مدام سيرين لسه خارجة من العمليات، حالتها مستقرة.
تعجب عثمان عندما لم يذكر ابنته قائلاً بتوتر
– وبنتي؟
سكت الطبيب، ثم قال:
– آسف عثمان بيه بس بنت حضرتك ماكنتش موجودة معاكم.
اتسعت عينا عثمان بصدمه بمحاوله النهض:
– إيييه؟! يعني إيه ماكنتش معانا؟!
حاول الطبيب تهدئته:
– اهدى عثمان بيه هتأزي نفسك.
تنهد بصعوبه وتعب ومشاعر ممزوجه بالعجز
– آرين...!
\"الحاضر\"
عاد \"عثمان\" من محيط الذكرياته الاليم، وهو يتنفس بصعوبة، ثم وضع يديه على وجهه، غير مُصدّق أن ابنته الوحيدة قد ضاعت من بين يديه، قطع كل تلك الافكار دخول \"رائد\" علية ليُخبره بشيء يخص القضية:
– كينغ بيه...
لكن عثمان أمسك بيده، وقال بثبات:
– أنا موقّف.
بين لينا ورنا:
– شايفة كان بيبص إزاي؟!
لكن \"رنا\" لم ترفع عينها عن الهاتف:
– أول مرة أشوف كامل كده، بس عادي... إيه المشكلة؟
سحبت لينا هاتف رنا بنزعاج:
– يابنتِ كامل مش حقود.
ضحكت \"رنا\" من كلامها وقالت بخبث:
– بتقولي إيه؟! كامل مالو؟!
احرجت لينا مردفه
– الغلط غلطتي إني كلمتك أصلاً.
– غوري يابت أنتِ عارفه تعملي حاجه، روحي شوفي الاكل اللي حرقتيه جوه.
ظلت \"جيدا\" تشير بعينيها لآرين مراراً وتكراراً:
– مش بتاكلي ليه؟
– أنا اللي مش باكل برضو؟!
– عملتي إيه في الامتحان؟
– الحمد لله.
اتجهت جيدآ بالموضوع لمكان اخر
– حاولتي تفتكري حاجة؟
– حاجه زي إيه؟
– زي... أمك وأبوك مثلاً؟
وضعت \"آرين\" الملعقة، وقالت بغضب:
– لأ!.. وبلاش تفتحي الموضوع ده تاني.
– أنا بس عايزة مصلحتك... انتِ لو مكنتيش عرفتيني اسمك اليوم ده كان زمانك متعرفهوش أصلاً .
– واسمي ساعدني في إيه يعني؟
وقفت، تركت الطعام. حاولت جيدَا تهدئتها:
– طب اقعدي كمّلي أكلك.
– لا شكرًا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في نهارٍ قائظ، وتحت شمسٍ تلسع الأجساد، وقف كلٌّ من عثمان وجاسر ومساعديهما عند موقع أول جريمة. كان الحرُّ يذيب الصبر، والعرق يتصبب من الوجوه. أمسك فارس، مساعد جاسر، بالأوراق وبدأ يرتّبها بعناية وهو يقرأ:
• حسين محمد أبو زيد، أول الضحايا.
قُتل يوم السبت، 29 أبريل 2023، وكان يعمل موظفًا في بنك.
عقد رائد حاجبيه، وأمال رأسه بتعجب:
_ موظف؟! إيه اللي يخلي حد يقتل موظف؟!
رفع فارس عينيه ببطء، ونظر إليه بنظرة ازدراء خالية من الكلمات، وكأن حديثه لم يستحق الرد. تبادل جاسر وعثمان الحديث بانزعاج، فالحرُّ كاد يخرس أفواههم، والعرق لم يترك بقعة في أجسادهم إلا واحتلها.
قال جاسر، متنهدًا:
_ ليه لازم نروح كل الأماكن اللي حصلت فيها جرائم القتل؟ إيه لازمتها؟!
كان عثمان ينظر للأرض، يتأمل رسم الطباشير حول جسد الضحية، ثم قال بنبرة خافتة، وبدن منحنٍ إلى الأمام كأنّه يلاحق خيطًا خفيًا:
_ عايز أعرف إيه الرابط بين الأماكن دي... مش عايزين نطبّق حظر تجول والسلام، إحنا بندوّر على نمط، على دليل!
_ يعني هنلف على الكل؟
_ آه.
تمتم جاسر متذمرًا:
_ أهوه... وأنا ذنبي إيه في الحر ده؟
رمقه عثمان بنظرة جانبية وقال ببرود:
_ حد قالك تجيبني معاك؟ لو مش عاجبك... روح.
واصل فارس قراءة الأوراق:
• عماد ياسر ال. ال. الزهدي، ثاني ضحايا السفاح.
قُتل يوم الأحد، 30 أبريل.
ضحك رائد بسخرية:
_ مش عارف تقرأ ولا إيه؟!
نظر له فارس بنفاد صبر وهمّ بالرد، لكن عثمان قاطعه فجأة:
_ الساعة كام؟
رفع فارس رأسه بتساؤل:
_ نعم؟
_ يعني اتقتل الساعة كام؟
بدأ فارس يقلّب في الأوراق، يبحث عن الوقت المحدد:
_ مش مكتوب...
نظر إليه عثمان بعينين ضيّقتين ونبرة منزعجة:
_ يعني إيه \"مش مكتوب\"؟!
_ آسف، كينج، بس مقدرتش أوصل للمعلومة دي.
نظر أمامه نحو موقع الجريمة، ثم تابع:
_ رائد، عايز منك تقرير مفصّل عن كل ضحية. الميلاد، العيلة، علاقاتهم، أصدقاؤهم... كل حاجة.
ابتسم رائد ابتسامة جانبية فيها خُبث، ثم نظر إلى فارس من رأسه إلى قدمه:
_ حاضررر...
لكن فارس، وقد احمرّ وجهه من الغضب، انفجر صائحًا:
_ إهدى شوية! هو إيه اللي جابك أصلاً؟!
التفت الجميع نحوه بدهشة... فارس الهادئ دومًا، ما الذي أخرجه عن طوره؟
قال جاسر بنبرة حذرة:
_ مالك؟ إنت كويس؟
ردّ فارس وهو يحاول ضبط أعصابه:
_ لو سمحت يا جاسر بيه... أنا مبحبش أشتغل مع \"الكائن\" ده!
قهقه رائد ساخرًا:
_ كائن؟! بتجيب الألفاظ دي منين؟!
صرخ عثمان، وقد بلغ الغضب حنجرته:
_ إحنا جايين نتحقق ولا نهزر؟ رائد... استناني في العربية!
ثم التفت إلى فريقه، وقال بجديّة:
_ فرغتوا الكاميرات؟
رد جاسر:
_ لسه.
تغيّرت ملامح عثمان فجأة، وقال بنبرة حاسمة:
_ بسرعة.
ارتبك فارس، وردّ متلعثمًا:
_ حاضر... حاضر.
انتقلوا بعدها إلى كل موقع وُجدت فيه جثة، يبحثون بعناء عن أي خيط قد يرشدهم للسفاح.
زفر فارس بإرهاق وهو يقرأ آخر سطر:
_ عصام أسامة... آخر ضحية للسفاح حتى الآن.
أخذ نفسًا عميقًا، وأخرجه براحة، بينما رائد يربت على كتفه بقوة:
_ شكرًا على تعبك معانا.
في تلك اللحظة، كان مسجد مجاور يصدح بأذان العشاء. أخرج عثمان البوصلة الصغيرة من جيبه، وجعلها تشير باتجاه رأس الضحية، فوجدها تتجه إلى الجنوب الشرقي، حيث القبلة تمامًا.
ترك الجميع خلفه، واتجه نحو المسجد.
لحق به جاسر مستنكرًا:
_ رايح فين؟!
_ هصلّي العشا.
وبعد يوم طويل من التعب، توقفت سيارة عثمان أمام أحد البيوت. خرج رائد وهو يتثاءب من شدة النعاس، يحمل أوراق القضية:
_ تصبح على خير.
تنهد عثمان، وردّ بصوت متعب:
_ وإنت من أهله.
أدار المحرك، وعيناه غارقتان في تفكير. كانت خيبة الأمل تعتصر قلبه... فقد اعتاد أن ينهي القضايا بمفرده، بلا شركاء، بلا فوضى. لكن بعد تلك الحادثة المؤلمة، وبعد عزوفه عن المهنة، دفعه والده للعودة، على أمل أن يستعيد ما ضاع منه.
لكنه كان يتساءل: كيف لذلك الأخرق —رائد— أن يعيده إلى مجده؟!
---
أمام \"فيلا آل نصر\"...
فتحت الخادمة الباب فور توقّف السيارة، وانحنت قليلًا وهي تقول باحترام:
_ الحمد لله على السلامة، عثمان بيه.
أومأ لها بإيماءة خفيفة، وسألها وهو يخلع سترته:
_ سيرين جت؟
_ مدام سيرين فوق في الأوضة.
همّ بالصعود على السُلّم، لكن صوت الخادمة أوقفه:
_ عثمان بيه...
توقف ونظر لها باستفهام:
_ أمجد بيه طالب حضرتك في المكتب.
لم يلتفت، بل واصل صعوده قائلاً ببرود:
_ قولي له مش فاضي... عندي شغل.
وقبل أن يُنهي عبارته، فُتح باب المكتب ليظهر والده، صوته جهوري ونبرته آمرة:
_ عثمان... خمس دقايق، والقيك عندي.
لم يرد، بل واصل صعوده بصمت.
دخل غرفته بهدوء، ليجد سيرين، زوجته، جالسة على الأرض بجانب السرير، تحدّق في هاتفها بعينين مثقلتين بالحزن. جلس إلى جوارها، محاولًا رسم ابتسامة هادئة:
_ عاملة إي؟
ردّت دون أن ترفع عينيها عن الشاشة:
_ كويسة.
كانت تقلب صورًا قديمة... لابنتهما، ثم توقفت عند فيديو كانت فيه الصغيرة تخطو خطواتها الأولى، تتمايل بين ضحكاتهم...
ترقّر الدمع في عيني سيرين، وبدت على وشك الانهيار.
مدّ عثمان يده ليضعها على كتفها مواسيًا، لكنّها أبعدت يده سريعًا وهي تقول بنبرة منكوبة:
_ كانت أيام حلوة... صح؟
كانت.
تنهّد عثمان بحسرة:
_ آه، سيري...
لكنها لم تدعه يُكمل، فنهضت وأشاحت بوجهها قائلة:
_ مش مستنياك تشفق عليّ، عثمان.
تجمّدت ملامحه، وهمس:
_ أشفق عليكِ؟ سيرين، أنا...
قاطعته مجددًا:
_ إنت إيه؟ إيه الجديد؟ لو في حاجة جديدة، قولي...
بس مفيش، ومش هيبقى في بعد ٣ سنين، صح؟
وقف عثمان ببطء، وفتح باب الغرفة، متنهدًا:
_ معاكِ حق...
معاكِ حق.
---
دخل مكتب والده بهدوء، وجلس واضعًا ساقًا فوق الأخرى:
_ اتفضل، أمجد بيه... كنت عايزني؟
كان أمجد يتصفح بعض الملفات، عابس الوجه، وقال بنبرة حادة:
_ أخبار القضية إيه؟ خلصت؟
رد عثمان بصوت خافت، فيه ضيق:
_ خلصت، آه...
ثم رفع صوته، ساخرًا وهو يلوّح بقدمه:
_ جاسر اللي بيشتغل فيها... أنا لسه ما وافقتش أصلًا.
أغلق أمجد الملف بعنف، وانفجر صائحًا:
_ بس اللي أعرفه إنك وافقت! ده حتى إنت اللي أصريت تروح كل مكان حصلت فيه الجريمة!
ابتسم عثمان ابتسامة جانبية، وقال ساخرًا:
_ باين اللي بيوصّلك معلوماتي... ممتاز أوي.
ثم وقف وهو يتوجه إلى الباب بملل:
_ كان نفسي تكرّس ذكاءك ده لحاجات تستحق.
_ زي مكان بنتك، مثلًا.
توقف عثمان فورًا، يده معلّقة على مقبض الباب، صوته انخفض:
_ تقصد إيه؟
أجابه أمجد، ونبرته تضغط على أضعف موضع في قلب ابنه:
_ والله، أنا بحاول أكون أب مسؤول...
الدور على اللي مش قادر يعمل كده.
ولا إنت خلاص؟ بنتك ضاعت من زمان؟ إيه لازمة...
قاطعته قبضة عثمان التي اشتدت على مقبض الباب، وصدره يعلو وينخفض، أنفاسه متسارعة...
لكنه خرج بصمت، يهرب من الحديث كما يهرب الجريح من سكينٍ تُدار في جرحٍ قديم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اجتمعت أسرة جاسر في غرفة المعيشة، وسط سكون الليل، لا صوت يعلو فوق صوت الصغار يتشاجرون على جهاز التحكم.
كان هشام وآدم يخوضان معركة شرسة بالوسائد.
صاح آدم وهو يحاول انتزاع الريموت من يد أخيه:
_ يا بابا، خليه يديني الريموت!
ضحك هشام بوقاحة، ثم قفز على أخيه واضعًا الوسادة فوق وجهه:
_ لاااا، كان معاك طول النهار!
بدأت ملامح الانزعاج تظهر على وجه أريج، بينما رفع جاسر صوته بحزم:
_ هشام! آدم! كفاية!
تجمّد الطفلان في مكانيهما، وساد الصمت لبضع ثوانٍ، قبل أن ينغز هشام أخاه في جنبه بنظرة غيظ مكبوتة.
أدار جاسر بصره عن ولديه، ثم نظر لزوجته التي كانت مستلقية على الأريكة، وذهنها شارد:
_ هما ناويين يفرضوا حظر تجوّل صح؟
ردّت أريج بنبرة قلقة:
_ قرار مالوش معنى... هيمنع إيه؟
أسندت خدّها على يدها، وأغمضت عينيها بتفكير عميق:
_ سمعت إن عثمان وافق.
فتح جاسر عينيه باستغراب:
_ آه.
رفعت حاجبها بدهشة ممزوجة بعدم التصديق:
_ واو... عثمان وافق؟ بجد؟
وفي الطرف الآخر من الغرفة، همس آدم في أذن هشام:
_ بقلك إي؟
_ إيه؟
_ ما تيجي نلعب Basketball بدل ما إحنا قاعدين كده نتفرج على بابا وماما والشاشة مطفية؟
ضحك هشام:
_ ممم، ماشي.
لكن آدم استغل موافقته فورًا:
_ لو خسرت... هتعزمني على إندومي!
رفع هشام حاجبه بدهاء:
_ وإيه اللي يضمن لي إنك مش هتقول لماما؟
ابتسم آدم ببراءة وهو يغمز له:
• No comment.
وقف هشام فجأة، وجذب آدم من يده:
_ ماشي، بس ما تتعودش أوي على كده!
---
وفي تلك الليلة، بينما أغمض البيت أجفانه ونام كل من فيه، فُتح الباب الأمامي للمنزل بهدوء، ودخلت فتاة بخطوات متسللة، تلتفت يمينًا ويسارًا كمن يخشى أن يُضبط.
همست لنفسها بارتياح:
_ الحمد لله... نامت.
لكن صوتًا ناعمًا ممتزجًا بالغضب انبعث من الظلام:
_ كنتِ فين لحد دلوقتي؟
ارتجفت أرين، واضعة يدها على صدرها بفزع:
_ جِ... جِيدا! إنتِ لسه صاحيّة؟
أضاءت جِيدا الأنوار بضغطة سريعة، ووقفت تنظر إليها بنظرة تحمل ألف سؤال:
_ وهو مين اللي المفروض يسأل السؤال ده؟!
صمتت أرين قليلًا، تفكر في مخرج لتغيير الموضوع... ثم تهلّلت فجأة وقالت:
_ أداااا...
رمشت جِيدا باستغراب:
_ أدا إيه؟!
تقدّمت أرين وأمسكت يد جِيدا، ثم أدارتها برفق لتُظهر لها ما ترتديه:
_ إيه البيجامة الحلوة دي؟!
ابتسمت جِيدا، ورفعت يدها كأنها تعرض تحفة فنية:
_ آه شُفتي؟! أنا حلوة إزاي!
ضحكت أرين، ثم مالت بجديّة مصطنعة:
_ طب... ينفع كده؟
تغيّرت ملامح جِيدا:
_ ينفع إيه؟
• ينفع الحلوة تقعد لحد دلوقتي سهرانة؟!
أومأت جِيدا برأسها، وقد فهمت مقصدها هذه المرة:
_ صح، معاكي حق... لازم أنام.
_ برافو، حبيبتي... يلا، تصبحي على خير.
ابتسمت أرين ابتسامة المنتصر، بينما دخلت جِيدا إلى غرفتها كمن قُيّد بمكر طفولي ساحر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خرج من المصعد ووقف أمام باب الشقة، يطرق عليه وكأنه يدق طبول مهرجان.
استيقظ كامل متثاقلاً، وهو يلعن في سرّه هذا الصوت الذي اقتحم عليه أجمل أحلامه.
فتح الباب، ليجد أمامه ماهر، مبتسمًا ببلاهة، يدخل بلا استئذان وكأن البيت بيته:
_ زيك يا أبو الصحااااب!
رمش كامل، ما زال غير مستوعب:
_ إنت بتعمل إيه هنا؟
جلس ماهر على الأريكة، ممددًا ذراعيه بتراخٍ:
_ وحشتني، قلت مقدرش أقضي الإجازة من غيرك... وبعدين في سفاح، وأنا بخاف.
رفع كامل حاجبيه:
_ نعم؟!
_ بخاااف.
نظر كامل إليه باستغراب أكبر:
_ طب... أبوك عارف إنك عندي؟
تفكّر ماهر لحظة، ثم هز رأسه نافيًا:
_ أمم... لا.
تنهد كامل بضيق، يحاول أن لا يصرخ:
_ طب رنا قاعدة عند لينا عشان مامتها مسافرة، إنما إنت جاي تتنطط فوق دماغ أمي ليه؟!
وقف ماهر ممسكًا رأسه وكأنه يقبّلها، وقال بصوت درامي:
_ ألف سلامة على دماغك يا حاجة أم كامل.
أبعده كامل عنه، وقال بنفاد صبر:
_ يلا بقى، مش هتحاضر أوضة؟ ولا هتبات على الكنبة؟
تحرك ماهر كأن الأمر نصرٌ عظيم، وأطلق همسة بصوت منخفض وهو يبتسم بخبث:
_ ابقى وريني هتنزل إزاي.
رن هاتفه، فظهر اسم \"رنا\". أجاب بكسل:
_ ألو؟
في مكانٍ آخر، كانت رنا تجلس بمفردها في أحد المقاهي، تشرب العصير وهي تنظر للشارع:
_ أنا وصلت على فكرة.
رد ماهر:
_ ماناااا مش هعرف أجي.
_ ليه؟
قال وهو يتحرك في أنحاء الشقة بخفة حتى لا يوقظ أحدًا:
_ أنا عند كامل.
زفرت رنا بغيظ، وارتدت حقيبتها بتوتر:
_ ماشي يا ماهر، برحتك.
أغلقت المكالمة بعصبية، ثم فتحت باب السيارة وألقت بالحقيبة على المقعد الآخر، تتمتم بغيظ:
_ مش عارفة كامل اي اللي قرفني بيه كل شويه !
أما ماهر، فنظر لهاتفه بعد أن أغلقت الخط، وحدّث نفسه:
_ متعرفيش تصبري شوية!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في صباح اليوم التالي، عند الفجر...
استيقظ عثمان على صوت هاتفه، أجاب بنعاس وصوت مبحوح:
_ إيه الحاجة المهمة اللي مش قادرة تستنى لحد ما أجي تقولها لي؟
جاءه صوت رائد، متوترًا وهو يجهّز حقيبته:
_ آسف، كينج بيه، بس في حاجة مفهمتهاش في الورق.
تقلب عثمان على الأريكة بضيق:
_ إيه هي؟
_ الورق بيقول إن الجرح... في \"صدى\".
رفع عثمان حاجبه باستغراب:
_ صدى؟ يعني إيه صدى؟
_ صدى... صدى حديد.
حك عثمان جبهته وهو يفكر:
_ تمام... في حاجة تانية؟
_ آه... كل التقارير بتاعة الضحايا العشرة بتقول إن الجرح في نفس المكان: أسفل يمين المعدة، يبعد عن الكبد بحوالي خمسة سنتي، والجرح هو اللي سبب الوفاة...
بس الأغرب... مفيش أي آثار خدوش، ولا مقاومة، ولا تعذيب...
يعني مش زي ما الناس قالت، ده... سفاح فعلًا.
ابتسم عثمان ابتسامة جانبية، وعيناه تحملان بريق حماسة قديمة...
كأن شيئًا ما في صدره اشتعل من جديد:
_ تمام... أنا جاي لك.
أغلق الهاتف، ونظر لزوجته النائمة.
تقدّم نحوها، وركع على ركبتيه بجوار السرير، يمرر يده على شعرها ببتسامه مكسوره، ثم نهض، وفتح الباب ليجد والدته أمامه.
_ صباح الخير، يا بني.
ابتسم، لكنه لم يخفِ التعب في صوته:
_ صباح النور... إيه اللي مصحيكي دلوقتي؟
_ كنت بصلي الفجر... إنت رايح فين؟
_ رايح الشغل.
نظرت إليه بعين قلقة:
_ إنت كويس؟
قطّب جبينه:
_ آه، كويس... ليه؟
_ سمعتك إنت وأمجد إمبارح.
تهرّب من نظراتها، وختم الحديث بجفاف:
_ سلام، يا ماما... عندي شغل.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خرج كامل من غرفته، يحك عينيه بنعاس وانزعاج من ذلك الصوت العالي الذي شقّ سكون الصباح.
وقف مذهولًا أمام صديقه ماهر، الذي كان يشغل الموسيقى بأقصى صوت، يغني ويرقص وكأنه في حفلة.
صرخ فيه كامل، غاضبًا:
_ ماهييييييييير!
لكن ماهر لم يكن يسمعه، مستغرقًا في طربه، يهز رأسه مع النغمات.
اندفع كامل نحو الهاتف، أوقف الموسيقى وهو يصرخ بوجهه:
_ إنت اتجننت؟! الساعة سبعة الصبح! الناس نايمة، وإنت مشغّل أغاني وبتغني؟!
لوى ماهر شفتيه بانزعاج طفولي:
_ نايمين؟! النهاردة الاتنين...
قاطعته نظرات كامل، التي كانت كافية لإشعال النار.
اقترب منه بصوت مهدد:
_ ماهر، متختبرش صبري... لمّ حاجتك، واطلع برّا.
وضع ماهر يده على صدره، وبدأ يتحدث بصوت متهدّج كأنه يمثل مأساة على مسرح:
_ بتطردني؟ من بيتك؟!
بتعيرني عشان معنديش بيت اعيش فيه، وانا يتيم؟!
أبويا وأمي ماتوا في حادث توكتوك!
أخص عليك يا كامل...
ثم بدأ في البكاء الزائف، يمسح دموعًا وهمية وهو يجمع أشيائه.
نظر له كامل بدهشة، فاغرًا فمه:
_ يخرب بيتك... ده أنا صدّقتك!
وبعدين... يحيى الصياد يركب توكتوك؟!
رفع ماهر حاجبه:
_ هو ده اللي فارق معاك؟ مش فارق معاك إني يتمت؟!
أمسك كامل بيده، ساحبًا إياه للداخل:
_ خلاص، متِمشيش.
أنزل ماهر رأسه، ينظر إلى الأرض بانكسار:
_ مش هقدر... كرامتي مش هتسمحلي.
ذهب كامل إلى الثلاجة، يتمتم بغيظ:
_ كرامتك... خش اقعد يا عم.
عاد ماهر مبتسمًا بسعادة طفولية، يحتضنه:
_ حبيبي... هي دي الصداقة!
يلا روح اعملي فطار.
أبعده كامل عنه، يتنهّد من تصرفاته:
_ خايف أندم إني خليتك تبات.
مرت الساعات، وكامل لا يزال في غرفته، ينتظر نوم ماهر كمن ينتظر معجزة.
وبالفعل، دخل ماهر إلى الغرفة، جلس على طرف السرير وهو يتثاءب:
_ بقلك إيه... أنا هنام... تصبح على خير.
ابتسم له كامل بخبث:
_ وانت من أهله... يا حبيبي.
أغمض ماهر عينيه، وما إن تأكّد كامل من نومه، حتى تسلّل بهدوء وفتح باب البيت، يتمتم لنفسه:
_ نوم الظالم عبادة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في مكتب التحقيقات، جلس جاسر على مقعده ينتظر عثمان، الذي كان يقلب في الأوراق التي أتى بها رائد.
وقف عثمان خلفه، يضع يده على كتفه وهو يبتسم:
_ باين عليه من هيرفدك.
تغيّرت ملامح رائد، وكأن سطل ماء بارد سُكب عليه:
_ إنت كنت هترفدني؟!
ضحك جاسر، بينما وضع عثمان مفاتيح سيارته على المكتب وجلس:
_ فرغتوا الكاميرات؟
فتح جاسر الحاسوب:
_ أيوه.
_ كام ساعة؟
قالها عثمان بنبرة محبطة.
رد جاسر بابتسامة ساخرة:
_ عشر كاميرات، كل كاميرا خمس ساعات.
رفع عثمان حاجبه:
_ انت بتهزر؟!
_ لا، اظن احنا متعودين علي اكتر من كده!
تنهد عثمان:
_ طب شغل.
فتح رائد الفيديوهات، ومرّ الوقت دون أي نتيجة.
نظر عثمان إلى ساعته:
_ سرّع الفيديو.
ذهب رائد لجلب القهوة، والفيديوهات تتابع... بلا جدوى.
انتهى كل شيء... بلا دليل.
نظر جاسر إلى عثمان، يبتسم بمرارة:
_ باين علينا هنتعب شوية.
لكن صوت فارس اقتحم عليهم فجأة، وهو يلهث:
_ في جريمة قتل جديدة حصلت!
نظر عثمان إلى جاسر بدهشة:
_ شوية؟!
---
اتجهوا جميعًا إلى موقع الحادث.
كانت سيارات الإسعاف والصحافة تطوّق المكان، والأضواء تومض، والوجوه مضطربة.
نظر عثمان إلى السماء وهو يمرر يده على رقبته:
_ ظابت... صح.
أومأ جاسر برأسه:
_ أيوه.
بس احنا كده مش هنعرف نشتغل، حوالينا ناس كتير.
راقب فارس صديقه رائد، الذي كان واقفًا شاردًا:
_ مالك؟
ردّ رائد، وهو يراقب الأطباء ينقلون الجثة:
_ بصراحة... في ناس تستحق تموت.
توسّعت عينا فارس، مستنكرًا:
_ إنت عبيط؟!
سفاح إيه اللي معاه حق؟!
في تلك اللحظة، كانت أرين عاجزة عن التحرّك وسط الزحام، بينما الشرطة تمنع الصحفيين من التقدم.
قال أحد الواقفين بجوارها:
_ بيقولوا في ظابط اتقتل.
أما عثمان، فكان يدور ببصره في المكان، ثم فجأة... تجمّدت عيناه.
رآها.
وجهٌ مألوف...
ملامح ابنته... نفس العينين، نفس الملامح، نفس النظرة التي لم تفارقه في الكوابيس.
تحرك نحوها كالمسحور، رافعًا الشريط الأمني، لا يشعر بأحد، لا يسمع أحدًا.
شقت أرين طريقها وسط الزحام...
لكنها اختفت.
توقف عثمان في مكانه، يضع يده على رأسه، يسحب خصلات شعره بتوتر، يتنهّد بصوتٍ ثقيلٍ يخرج من قاع قلبه، ولسانه عاجز عن البوح بما في صدره.
غابت الشمس، وغاب معها عثمان...
لاحظ جاسر تأخّره، اتصل به، لكن الهاتف لا يجيب...
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كانت جِيدا قد وضعت طفلتها على السرير، وذهبت لتجلس أمام التلفاز، تبحث عن لحظة هدوء بعد يومٍ طويل.
استندت بيدها إلى ذراع المقعد، فسقط سوار على الأرض، سوار تعرفه جيدًا... إنه سوار أرين.
انحنت تلتقطه، وعيناها تتأمله بدهشة، ثم تقلّب السوار بين أصابعها...
كان هناك شيء غريب... نقش لم تلاحظه من قبل.
ضاقت عيناها وهي تهمس في نفسها:
_ إيه ده؟.
شعور غريب تسلل إلى قلبها...
هل أخفت أرين شيئًا؟
هل هناك ما لا تعرفه عنها بعد؟
____________________
استيقظ ماهر وهو يشعر بجفاف في حلقه، يتمتم وهو مغمض العينين:
_ كاااامل... كاااامل هاتلي كوباية ميه...
لم يرد أحد.
جلس على السرير، يتلمس الظلام، وخرج من الغرفة نحو المطبخ، فتح الثلاجة، شرب الماء، ثم بدأ يبحث في أنحاء الشقة... لكن كامل لم يكن موجودًا.
بدأ التوتر يتسلل إلى نبرته:
_ كاااامل؟... إنت فين؟!
ظل يبحث في كل الغرف، حتى فقد صبره، ألقى كوب الماء بقوة على الأرض، وتحطّم.
صرخ بعصبية:
_ ياااا حيوان!
خرج من الشقة، يغلي غيظًا، يبحث عن صديقه في كل مكان، حتى قادته قدماه إلى شارعٍ مظلم، لا يضيئه سوى مصباح يتيم يخفت ضوؤه كأنّه يلفظ أنفاسه الأخيرة.
بدأ ماهر في الغناء، يقتل بها صمت الليل المُرعب:
_ كنت ماشي في الطريق... نانانا...
توقف فجأة، يضرب رأسه:
_ إيه الهبل اللي أنا فيه ده؟!
ثم أكمل بابتسامة ساخرة:
_ كنت ماشي في الطريق... نانانا... عديت علـ—
وقبل أن يكمل...
اصطدم بأحد المارّة.
وقع على الأرض، يرفع عينيه متأففًا:
_ مش تحاسب يا عم إنت؟!
لكن الكلمات تحجّرت في حلقه...
تحت الضوء الخافت... رأى سكينًا في يد الرجل، سكين ملطّخة بالدماء.
تراجع بجسده، وأدرك على الفور...
تحوّلت عينيه إلى جمرتين من الرعب، تجمّد الدم في عروقه.
لكن فجأة...
انفجر في الركض!
ركض بأقصى ما يملك، يتلفت خلفه، والسفاح يسير بخطى هادئة، لا يركض... كأنه يعلم أن فريسته لن تنجو.
ماهر يلهث، يرتعش، يركض بين الأزقة، إلى أن...
تعثر.
سقط على الأرض، قدمه تلتوي تحت جسده، يصرخ بألم:
_ لاااا... مش وقتك خالص!!
يحاول الوقوف... ولكن القدم لا تساعده.
نظر خلفه... السفاح يقترب... وببطءٍ قاتل.
السكين تلمع تحت الضوء، ووجه السفاح يختفي في الظلال.
اقترب منه السفاح، السكين ترتفع في الهواء...
واااااا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يتبع.... ❝ ⏤
❞ يقول القانون: عندما يقتل أحدهم الآخر، يُعاقب القاتل ويُسجن، حتى وإن كان المقتول قد استخدم أبشع وسائل التعذيب معه او مع غيرة. ويظل الناس يهتفون:
˝إنه مجرم وقاتل، ويجب أن يُعاقب!˝
وتبعًا لاختلاف القوانين، قد يُحكم على القاتل بالسجن المؤبد، فيقضي بقية حياته يدفع الثمن،
وقد يُحكم عليه بالإعدام شنقًا، ويُقال حينها:
˝من قتل يُقتل!˝
عبارة جميلة، أليس كذلك؟
نحن لا نقول إن من يقتل لا يُعاقب،
لكن، لماذا لا ينص القانون — أو يشترط — أن من يقتل مجرمًا يعيث في الأرض فسادًا، لا يُعد مجرمًا؟
وجهة نظر، أليس كذلك؟
ويبقى السؤال:
«هل مَن يقتل شخصًا قد نسي معنى الإنسانية، وأصبح اليد العُليا لإبليس على وجه الأرض… هل يكون مجرمًا؟!»
______________________
أولًا:
مدّ يده نحو قبضة الباب، فتحه بهدوء ودخل إلى المكتب، ليجده جالسًا في سكينة، يقرأ كتابًا جديدًا بنظرات غارقة في التأمل. التفت إليه بطرف عينه وقال بنبرة خافتة:
– احكى.
– دي القضية الجديدة
ظل عثمان يقلب صفحات الكتاب بمللٍ خافت، دون أن تظهر عليه علامات الدهشة، تلك التي كانت ترافقه في الماضي، ثم قال بتنهيدةٍ ثقيلة:
– وبعدين؟
تحدّث رائد بحماسة مشتعلة:
– أيوه يا ˝كينج بيه˝، دي قضية السفاح لغايت دلوقتي الضحايا عشرة!
لم يُعره عثمان انتباهًا، اكتفى برفع حاجبيه دون أي أثرٍ من اندهاش، ثم كرر:
– وبعدين؟
عقد رائد حاجبيه باستغراب.
– وبعدين اي؟!
تنفس عثمان بعمق، وزفره بضيق، ثم أغلق كتابه ونهض مغادرًا المكتب. لم يتفاجأ رائد، فقد اعتاد على هذا الطبع؛ فذاك الرجل، بخبرته ودهائه، لم يخسر قضية في حياته، حتى بات لا يأبه لشيء، وكأن الأحداث تمر من حوله دون أن تمسّه.
-
جلس الشباب حول أوراقهم المتناثرة، يدرسون في جوف الليل استعدادًا لامتحان الغد.
– السؤال ده مش هييجي في الامتحان، قالها أحدهم بتكاسل.
ضحك˝ هشام˝ بسخريةٍ ممزوجة بشفقة على نفسه..
– آه، مش بييجي غيره في الامتحان اسكت يا كامل، خليك ساكت أحسن!
نظر كامل إلى صديقه الجالس في أحد الأركان، منشغلًا بلعبته يصدر ضجيجًا طفوليًا، ثم صرخ بعينين متسعتين:
– ماهيييير!
ردّ ماهر متمايعًا مثل الراقصات:
– يا نعاااام؟
_ ذاكر يا حبيبي.
لوى ثغرة بانزعاج و تجاهل:
– ماشي، ماشي.
في ليلة الامتحان
التفت حوله بحذر، ليتأكد من خلو المكان من المراقبة، ثم همس لهشام الذي بدا مستغرقًا في ورقته بعينين متوترتين:
– هشام.. ولا يا هشام..
التفت إليه هشام بحذر و صوت هامس:
– ماااهر، سيبني في حالي.
– طب قوللي دي صح ولا غلط بس.
قالها ماهر متوسلًا، لكن هشام انزعج أكثر، وردّ وهو يجز على أسنانه:
– يعني ˝صح وغلط˝ هي اللي عاملالك أزمة؟ Are you crazy?
لاحظ المراقب حركتهما، فتوجّه إلى هشام:
– في حاجة يا هشام؟
أجاب هشام وهو يحاول السيطرة على ملامحه:
– لا.لا.. خالص.
رفع المراقب صوته محذرًا:
– فاضل عشر دقايق على نص الوقت، اللي خلص يراجع.
________________
خرج كامل إلى الساحة يبحث عن أصدقائه:
– عملتوا إيه؟
أجابه ماهر بثقة وسذاجة:
– يا عم ده امتحان أحياء!
رفع هشام حاجبه باستنكار:
– آه، عشان بيغش مني.
التفت له كامل متفهمًا:
– أمم.. ماهر؟
– نعم؟
– Go to hell.
– وأنا وأنت إن شاء الله!
ضحكت لينا على سذاجتهما:
– استغفر الله العظيم يا رب..
ثم أغمضت عينيها بخبث وقالت:
– والسؤال الأخير؟
– ماله؟
قالت رنا وقد رفعت حاجبيها:
– آه، عملت فيه إيه؟ أكيد هتقولي يا عمتو ˝ده عليه خمس نقط بس، مش هيفرق˝.. صح؟
اتّكأ ماهر على كتف كامل، وظل يحكّ أنفه وهو يحاول تغيير الموضوع:
– بصراحة.. استحي أقولك ˝يا عمتي˝، لأنك أكبر منها.
اتسعت عيناها صدمة، وانفجرت ضاحكة مع من حولها:
– إيييييييييييه! عمّتك مين اللي أنا أكبر منها؟!
زفر كامل بضيق:
– بس بقى، عايزين نمشي!
نظر هشام جانبًا، فرأى صديقه ˝كريم˝ يلوّح له بعد أن أنهى امتحان التاريخ. ذهب إليه تاركًا رفاقه خلفه.
ظل كامل يراقب كريم بعينٍ يملؤها الحقد، فلاحظ ماهر نظرته وقال:
– مالك؟
أجابه كامل بنبرة حاقده:
– مفيش
نظرت لينا إليه متعجبة،
ثم انتبه ماهر فجأة:
– استنى.. السؤال الأخير عليه خمس درجات؟!
-
– التاريخ كان حلو.
– كان عادي.
ثم وجه أنظاره لأصدقاء هشام، وحدّق في كامل ثم عاد لينظر إلى هشام، وقال بسخرية:
– أخبار كامل إيه؟ حل كويس؟
تعجب هشام من نبرته الجديدة:
– آه، حل كويس.
وصلت سيارة هشام، ركبها ليجد شقيقه الأصغر جالسًا:
– إنت بتعمل إيه هنا؟ كنت فاكر إنك لسه نايم!
نظر إليه آدم بخبث:
– إزاي أنام وأخويا في الامتحان؟ جيت أطمن عليك.. عملت إيه؟
ابتسم هشام بسخرية وهو يتذكر إزعاجه المعتاد:
– يا سلام على الكرم..
ثم تمتم وهو يلتفت عنه:
– عيل بارد.
ابتسم آدم ابتسامة صفراء:
– بتقول حاجة يا ميشو؟
– لا.. سلمتك، ده أنا بكح.
________________________
– لسه بتغلبني زي زمان يا عثمان.
قالها ˝جاسر˝ وهو يحرّك قطعة الشطرنج، مسلِّمًا بالخسارة.
اعتدل عثمان في جلسته بعد فوزه، وسأل بهدوء:
– الأولاد عملوا إيه في الامتحان؟
تمتم ˝جاسر˝ بنبرة منزعجة:
– هو أنا لسه ما كبرت على الخسارة ولا إيه؟
– بتقول إيه؟
– هاا. هشام بعتلي وقال إن الامتحان كان سهل.. هتعمل إيه في القضية؟
ردّ عثمان بانزعاج:
– طيب ما هي في إيدك إنت ويحيى.. أنا هعمل فيها إيه؟
نظر له ˝جاسر˝ بتوسُّل:
– يا عثمان، أنا مقدرش أعمل حاجة من غيرك، ولا من غير يحيى.
مال عثمان برأسه إلى الخلف، لا يزال متردِّدًا.
أعاد ˝جاسر˝ قطع الشطرنج إلى مكانها، وقال كأنه يسترجع زمنًا مضى:
– فاكر لما كنا إحنا الأربعة دايمًا سوا؟ أنا وإنت ويحيى وجودات؟
تغيّرت ملامح عثمان، ونظر إليه بعين مليئة بالحزن والغضب:
– أنا دلوقتي مش فارق معايا غير حاجة واحدة.. عايز أعرف بنتي فين.
اتّسعت عينا ˝جاسر˝ من الصدمة، فتابع عثمان وهو ينهض:
– سلّملي على أريج والعيال.
خرج من الغرفة، ثم جلس علي مكتبه مغمضً عينيه، وتنهد بتعب. غرق في الذكريات..
– هي ˝آرين˝ لسه ما رجعتش من الامتحان؟
سأل عثمان زوجته ˝سيرين˝ بقلق.
– لأ.. اتأخرت شوية.
بعد دقائق، فُتح الباب، ودخلت فتاة بشعر قصير وعيون بُنِّية لامعة، تقول بمرح:
– أنا جِيييييت!
ابتسمت ˝سيرين˝ براحة:
– تعالي، عملتي إيه؟
جلست ˝آرين˝ على الأريكة وسط والديها، السعادة واضحة على ملامحها، وهي تمسك ورقه الامتحان قائلة
– كان سهل!
أخذ عثمان الورقة وهو يبتسم، ثم بدأ يضحك ويدغدغها:
– يعني كان سهل وسايبانا قلقانين عليكِ؟! وامبارح كنتِ بتعيطي ومش عارفة تحلي حاجة!
توقفت ذكرياته فجأة لتعد به لليوم الذي انتهى فيه كل شيء
في سنة 2020، بعد فكّ الحظر التجول، كان عثمان يقود السيارة وبجواره سيرين وخلفه آرين.
لاحظ عثمان ان هناك سيارة لونها اسود تدبعهم منذ مده، ثم غيّر طريقه ليتأكّد من شكوكه.
– الطريق ده مش طريقنا!
قالتها سيرين بقلق.
– عارف.
اتكأت سيرين علي نافذة السيارة لتنظر في المرآة ملاحظه ان هناك سيارة خلفهم، فهمت سيرين مايحدث ثم تساءلت:
– مين دول؟
– مش عارف.
قالتها وهو يضغط على البنزين، لكن السيّارة لم تستجب.
وضعت آرين قدميها علي مقعد السيارة ونظرت من الزجاج الخلفي:
– بابا، العربيّة دي ماشيه ورانا ليه؟
– مش بتمشي ورانا ياحببتي اقعدي كويس بس. اجابتها˝ سيرين˝ وهي تنظر لزوجها محاولة فهم شيء
– بس أنا شايفاها من ساعة ما كنا في المول!
نظرت سيرين لعثمان قائلة بصوت غاضب:
– ايييه..و إزاي ما خدتش بالك من حاجة زي دي؟
وفجأة، ظهرت سيارات أخرى، وحاصرتهم. ضغط عثمان على البنزين بكل قوّته.. لكنه لم يعمل.
أدركت سيرين خطورة الموقف، فالتفتت لابنتها:
– اربطي الحزام كويس، يلا يا حبيبتي.
همّت بالكلام وهي تنظر له بقلق ، فقاطعها عثمان:
– متقلقيش؟!
رفعت سيرين صوتها بغض:
_ مقلقش! مقلقش ازي؟
– بنتك قعدة ورا.. ما تخوّفيهاش!
مدّت سيرين يدها لأرين، لكن لم تمر لحظات..
واصطدمت سيارتهم بسيارة من الجهة المقابلة، اتنهى الحادث بنقلاب سيارة عثمان من اعلى المنحدر، ذهبت تلك السيارات بعد ان نفذت مخططها
بعد دقائق قليله
فتحت آرين عينيها ببطء، لتنصدم من مشهد ابويها الملطخين بالدماء، ارتجف جسدها، ثم نادت:
– با. بابا.. ماما..
وظلت تحاول ايقاظهم، ترقرقت الدموع في عينيها، ثم انفجرت بالبكاء، في تلك اللحظة فتح عثمان عينه بتعب شديد ينظر لأبنتة التي تبكي بشدة وزوجتة الملطخه بالدماء ساكنة في مكانها بلا حركه
حاول التحدث معها لتهدئتها
_ ا. ارين
توقفت ارين عن البكاء بعد سماع صوت ابيها قائله بلهفه:
– با. بابا بابا أنت كويس
ثم بكت مجدداً قائله
– بابا، ماما مش بتتنفس
حاول عثمان أن يعتدل، لكن جسده لا يساعده، مسح دموعها بصعوبة، وقال:
– متخافيش يا حبيبتي.. ماما كويسة..
بدأت عينيها تغلق ببطء، ثم فسقطت أمامه. صرخ عثمان قلقاً عليها :
– آرين.. آرييييييين!
لم يشعر عثمان بنفسه إلا وهو يفتح عينيه ليجد نفسه في المشفى، غير قادر علي الحراك بسبب جسده مثقّل بالجبائر، ثم وجد امامه رئيس الاطباء بنفسه، اللذي ابتسم عندما افاق من مفعول المخدر
– حمدالله على السلامة، عثمان بيه.
أول ما خطر بباله هو مشهد زوجته وابنته،ثم قال بلهفه:
– سيرين و آرين هما كويسين صح؟
– مدام سيرين لسه خارجة من العمليات، حالتها مستقرة.
تعجب عثمان عندما لم يذكر ابنته قائلاً بتوتر
– وبنتي؟
سكت الطبيب، ثم قال:
– آسف عثمان بيه بس بنت حضرتك ماكنتش موجودة معاكم.
اتسعت عينا عثمان بصدمه بمحاوله النهض:
– إيييه؟! يعني إيه ماكنتش معانا؟!
حاول الطبيب تهدئته:
– اهدى عثمان بيه هتأزي نفسك.
تنهد بصعوبه وتعب ومشاعر ممزوجه بالعجز
– آرين..!
˝الحاضر˝
عاد ˝عثمان˝ من محيط الذكرياته الاليم، وهو يتنفس بصعوبة، ثم وضع يديه على وجهه، غير مُصدّق أن ابنته الوحيدة قد ضاعت من بين يديه، قطع كل تلك الافكار دخول ˝رائد˝ علية ليُخبره بشيء يخص القضية:
في نهارٍ قائظ، وتحت شمسٍ تلسع الأجساد، وقف كلٌّ من عثمان وجاسر ومساعديهما عند موقع أول جريمة. كان الحرُّ يذيب الصبر، والعرق يتصبب من الوجوه. أمسك فارس، مساعد جاسر، بالأوراق وبدأ يرتّبها بعناية وهو يقرأ:
• حسين محمد أبو زيد، أول الضحايا.
قُتل يوم السبت، 29 أبريل 2023، وكان يعمل موظفًا في بنك.
عقد رائد حاجبيه، وأمال رأسه بتعجب:
_ موظف؟! إيه اللي يخلي حد يقتل موظف؟!
رفع فارس عينيه ببطء، ونظر إليه بنظرة ازدراء خالية من الكلمات، وكأن حديثه لم يستحق الرد. تبادل جاسر وعثمان الحديث بانزعاج، فالحرُّ كاد يخرس أفواههم، والعرق لم يترك بقعة في أجسادهم إلا واحتلها.
قال جاسر، متنهدًا:
_ ليه لازم نروح كل الأماكن اللي حصلت فيها جرائم القتل؟ إيه لازمتها؟!
كان عثمان ينظر للأرض، يتأمل رسم الطباشير حول جسد الضحية، ثم قال بنبرة خافتة، وبدن منحنٍ إلى الأمام كأنّه يلاحق خيطًا خفيًا:
_ عايز أعرف إيه الرابط بين الأماكن دي.. مش عايزين نطبّق حظر تجول والسلام، إحنا بندوّر على نمط، على دليل!
_ يعني هنلف على الكل؟
_ آه.
تمتم جاسر متذمرًا:
_ أهوه.. وأنا ذنبي إيه في الحر ده؟
رمقه عثمان بنظرة جانبية وقال ببرود:
_ حد قالك تجيبني معاك؟ لو مش عاجبك.. روح.
واصل فارس قراءة الأوراق:
• عماد ياسر ال. ال. الزهدي، ثاني ضحايا السفاح.
قُتل يوم الأحد، 30 أبريل.
ضحك رائد بسخرية:
_ مش عارف تقرأ ولا إيه؟!
نظر له فارس بنفاد صبر وهمّ بالرد، لكن عثمان قاطعه فجأة:
_ الساعة كام؟
رفع فارس رأسه بتساؤل:
_ نعم؟
_ يعني اتقتل الساعة كام؟
بدأ فارس يقلّب في الأوراق، يبحث عن الوقت المحدد:
_ مش مكتوب..
نظر إليه عثمان بعينين ضيّقتين ونبرة منزعجة:
_ يعني إيه ˝مش مكتوب˝؟!
_ آسف، كينج، بس مقدرتش أوصل للمعلومة دي.
نظر أمامه نحو موقع الجريمة، ثم تابع:
_ رائد، عايز منك تقرير مفصّل عن كل ضحية. الميلاد، العيلة، علاقاتهم، أصدقاؤهم.. كل حاجة.
ابتسم رائد ابتسامة جانبية فيها خُبث، ثم نظر إلى فارس من رأسه إلى قدمه:
_ حاضررر..
لكن فارس، وقد احمرّ وجهه من الغضب، انفجر صائحًا:
_ إهدى شوية! هو إيه اللي جابك أصلاً؟!
التفت الجميع نحوه بدهشة.. فارس الهادئ دومًا، ما الذي أخرجه عن طوره؟
قال جاسر بنبرة حذرة:
_ مالك؟ إنت كويس؟
ردّ فارس وهو يحاول ضبط أعصابه:
_ لو سمحت يا جاسر بيه.. أنا مبحبش أشتغل مع ˝الكائن˝ ده!
قهقه رائد ساخرًا:
_ كائن؟! بتجيب الألفاظ دي منين؟!
صرخ عثمان، وقد بلغ الغضب حنجرته:
_ إحنا جايين نتحقق ولا نهزر؟ رائد.. استناني في العربية!
ثم التفت إلى فريقه، وقال بجديّة:
_ فرغتوا الكاميرات؟
رد جاسر:
_ لسه.
تغيّرت ملامح عثمان فجأة، وقال بنبرة حاسمة:
_ بسرعة.
ارتبك فارس، وردّ متلعثمًا:
_ حاضر.. حاضر.
انتقلوا بعدها إلى كل موقع وُجدت فيه جثة، يبحثون بعناء عن أي خيط قد يرشدهم للسفاح.
زفر فارس بإرهاق وهو يقرأ آخر سطر:
_ عصام أسامة.. آخر ضحية للسفاح حتى الآن.
أخذ نفسًا عميقًا، وأخرجه براحة، بينما رائد يربت على كتفه بقوة:
_ شكرًا على تعبك معانا.
في تلك اللحظة، كان مسجد مجاور يصدح بأذان العشاء. أخرج عثمان البوصلة الصغيرة من جيبه، وجعلها تشير باتجاه رأس الضحية، فوجدها تتجه إلى الجنوب الشرقي، حيث القبلة تمامًا.
ترك الجميع خلفه، واتجه نحو المسجد.
لحق به جاسر مستنكرًا:
_ رايح فين؟!
_ هصلّي العشا.
وبعد يوم طويل من التعب، توقفت سيارة عثمان أمام أحد البيوت. خرج رائد وهو يتثاءب من شدة النعاس، يحمل أوراق القضية:
_ تصبح على خير.
تنهد عثمان، وردّ بصوت متعب:
_ وإنت من أهله.
أدار المحرك، وعيناه غارقتان في تفكير. كانت خيبة الأمل تعتصر قلبه.. فقد اعتاد أن ينهي القضايا بمفرده، بلا شركاء، بلا فوضى. لكن بعد تلك الحادثة المؤلمة، وبعد عزوفه عن المهنة، دفعه والده للعودة، على أمل أن يستعيد ما ضاع منه.
لكنه كان يتساءل: كيف لذلك الأخرق —رائد— أن يعيده إلى مجده؟!
-
أمام ˝فيلا آل نصر˝..
فتحت الخادمة الباب فور توقّف السيارة، وانحنت قليلًا وهي تقول باحترام:
_ الحمد لله على السلامة، عثمان بيه.
أومأ لها بإيماءة خفيفة، وسألها وهو يخلع سترته:
_ سيرين جت؟
_ مدام سيرين فوق في الأوضة.
همّ بالصعود على السُلّم، لكن صوت الخادمة أوقفه:
_ عثمان بيه..
توقف ونظر لها باستفهام:
_ أمجد بيه طالب حضرتك في المكتب.
لم يلتفت، بل واصل صعوده قائلاً ببرود:
_ قولي له مش فاضي.. عندي شغل.
وقبل أن يُنهي عبارته، فُتح باب المكتب ليظهر والده، صوته جهوري ونبرته آمرة:
_ عثمان.. خمس دقايق، والقيك عندي.
لم يرد، بل واصل صعوده بصمت.
دخل غرفته بهدوء، ليجد سيرين، زوجته، جالسة على الأرض بجانب السرير، تحدّق في هاتفها بعينين مثقلتين بالحزن. جلس إلى جوارها، محاولًا رسم ابتسامة هادئة:
_ عاملة إي؟
ردّت دون أن ترفع عينيها عن الشاشة:
_ كويسة.
كانت تقلب صورًا قديمة.. لابنتهما، ثم توقفت عند فيديو كانت فيه الصغيرة تخطو خطواتها الأولى، تتمايل بين ضحكاتهم..
ترقّر الدمع في عيني سيرين، وبدت على وشك الانهيار.
مدّ عثمان يده ليضعها على كتفها مواسيًا، لكنّها أبعدت يده سريعًا وهي تقول بنبرة منكوبة:
_ كانت أيام حلوة.. صح؟
كانت.
تنهّد عثمان بحسرة:
_ آه، سيري..
لكنها لم تدعه يُكمل، فنهضت وأشاحت بوجهها قائلة:
_ مش مستنياك تشفق عليّ، عثمان.
تجمّدت ملامحه، وهمس:
_ أشفق عليكِ؟ سيرين، أنا..
قاطعته مجددًا:
_ إنت إيه؟ إيه الجديد؟ لو في حاجة جديدة، قولي..
بس مفيش، ومش هيبقى في بعد ٣ سنين، صح؟
وقف عثمان ببطء، وفتح باب الغرفة، متنهدًا:
_ معاكِ حق..
معاكِ حق.
-
دخل مكتب والده بهدوء، وجلس واضعًا ساقًا فوق الأخرى:
_ اتفضل، أمجد بيه.. كنت عايزني؟
كان أمجد يتصفح بعض الملفات، عابس الوجه، وقال بنبرة حادة:
_ أخبار القضية إيه؟ خلصت؟
رد عثمان بصوت خافت، فيه ضيق:
_ خلصت، آه..
ثم رفع صوته، ساخرًا وهو يلوّح بقدمه:
_ جاسر اللي بيشتغل فيها.. أنا لسه ما وافقتش أصلًا.
أغلق أمجد الملف بعنف، وانفجر صائحًا:
_ بس اللي أعرفه إنك وافقت! ده حتى إنت اللي أصريت تروح كل مكان حصلت فيه الجريمة!
ابتسم عثمان ابتسامة جانبية، وقال ساخرًا:
_ باين اللي بيوصّلك معلوماتي.. ممتاز أوي.
ثم وقف وهو يتوجه إلى الباب بملل:
_ كان نفسي تكرّس ذكاءك ده لحاجات تستحق.
_ زي مكان بنتك، مثلًا.
توقف عثمان فورًا، يده معلّقة على مقبض الباب، صوته انخفض:
_ تقصد إيه؟
أجابه أمجد، ونبرته تضغط على أضعف موضع في قلب ابنه:
_ والله، أنا بحاول أكون أب مسؤول..
الدور على اللي مش قادر يعمل كده.
ولا إنت خلاص؟ بنتك ضاعت من زمان؟ إيه لازمة..
قاطعته قبضة عثمان التي اشتدت على مقبض الباب، وصدره يعلو وينخفض، أنفاسه متسارعة..
لكنه خرج بصمت، يهرب من الحديث كما يهرب الجريح من سكينٍ تُدار في جرحٍ قديم.
اجتمعت أسرة جاسر في غرفة المعيشة، وسط سكون الليل، لا صوت يعلو فوق صوت الصغار يتشاجرون على جهاز التحكم.
كان هشام وآدم يخوضان معركة شرسة بالوسائد.
صاح آدم وهو يحاول انتزاع الريموت من يد أخيه:
_ يا بابا، خليه يديني الريموت!
ضحك هشام بوقاحة، ثم قفز على أخيه واضعًا الوسادة فوق وجهه:
_ لاااا، كان معاك طول النهار!
بدأت ملامح الانزعاج تظهر على وجه أريج، بينما رفع جاسر صوته بحزم:
_ هشام! آدم! كفاية!
تجمّد الطفلان في مكانيهما، وساد الصمت لبضع ثوانٍ، قبل أن ينغز هشام أخاه في جنبه بنظرة غيظ مكبوتة.
أدار جاسر بصره عن ولديه، ثم نظر لزوجته التي كانت مستلقية على الأريكة، وذهنها شارد:
_ هما ناويين يفرضوا حظر تجوّل صح؟
ردّت أريج بنبرة قلقة:
_ قرار مالوش معنى.. هيمنع إيه؟
أسندت خدّها على يدها، وأغمضت عينيها بتفكير عميق:
_ سمعت إن عثمان وافق.
فتح جاسر عينيه باستغراب:
_ آه.
رفعت حاجبها بدهشة ممزوجة بعدم التصديق:
_ واو.. عثمان وافق؟ بجد؟
وفي الطرف الآخر من الغرفة، همس آدم في أذن هشام:
_ بقلك إي؟
_ إيه؟
_ ما تيجي نلعب Basketball بدل ما إحنا قاعدين كده نتفرج على بابا وماما والشاشة مطفية؟
ضحك هشام:
_ ممم، ماشي.
لكن آدم استغل موافقته فورًا:
_ لو خسرت.. هتعزمني على إندومي!
رفع هشام حاجبه بدهاء:
_ وإيه اللي يضمن لي إنك مش هتقول لماما؟
ابتسم آدم ببراءة وهو يغمز له:
• No comment.
وقف هشام فجأة، وجذب آدم من يده:
_ ماشي، بس ما تتعودش أوي على كده!
-
وفي تلك الليلة، بينما أغمض البيت أجفانه ونام كل من فيه، فُتح الباب الأمامي للمنزل بهدوء، ودخلت فتاة بخطوات متسللة، تلتفت يمينًا ويسارًا كمن يخشى أن يُضبط.
همست لنفسها بارتياح:
_ الحمد لله.. نامت.
لكن صوتًا ناعمًا ممتزجًا بالغضب انبعث من الظلام:
_ كنتِ فين لحد دلوقتي؟
ارتجفت أرين، واضعة يدها على صدرها بفزع:
_ جِ.. جِيدا! إنتِ لسه صاحيّة؟
أضاءت جِيدا الأنوار بضغطة سريعة، ووقفت تنظر إليها بنظرة تحمل ألف سؤال:
_ وهو مين اللي المفروض يسأل السؤال ده؟!
صمتت أرين قليلًا، تفكر في مخرج لتغيير الموضوع.. ثم تهلّلت فجأة وقالت:
_ أداااا..
رمشت جِيدا باستغراب:
_ أدا إيه؟!
تقدّمت أرين وأمسكت يد جِيدا، ثم أدارتها برفق لتُظهر لها ما ترتديه:
_ إيه البيجامة الحلوة دي؟!
ابتسمت جِيدا، ورفعت يدها كأنها تعرض تحفة فنية:
_ آه شُفتي؟! أنا حلوة إزاي!
ضحكت أرين، ثم مالت بجديّة مصطنعة:
_ طب.. ينفع كده؟
تغيّرت ملامح جِيدا:
_ ينفع إيه؟
• ينفع الحلوة تقعد لحد دلوقتي سهرانة؟!
أومأت جِيدا برأسها، وقد فهمت مقصدها هذه المرة:
_ صح، معاكي حق.. لازم أنام.
_ برافو، حبيبتي.. يلا، تصبحي على خير.
ابتسمت أرين ابتسامة المنتصر، بينما دخلت جِيدا إلى غرفتها كمن قُيّد بمكر طفولي ساحر.
خرج من المصعد ووقف أمام باب الشقة، يطرق عليه وكأنه يدق طبول مهرجان.
استيقظ كامل متثاقلاً، وهو يلعن في سرّه هذا الصوت الذي اقتحم عليه أجمل أحلامه.
فتح الباب، ليجد أمامه ماهر، مبتسمًا ببلاهة، يدخل بلا استئذان وكأن البيت بيته:
_ زيك يا أبو الصحااااب!
رمش كامل، ما زال غير مستوعب:
_ إنت بتعمل إيه هنا؟
جلس ماهر على الأريكة، ممددًا ذراعيه بتراخٍ:
_ وحشتني، قلت مقدرش أقضي الإجازة من غيرك.. وبعدين في سفاح، وأنا بخاف.
رفع كامل حاجبيه:
_ نعم؟!
_ بخاااف.
نظر كامل إليه باستغراب أكبر:
_ طب.. أبوك عارف إنك عندي؟
تفكّر ماهر لحظة، ثم هز رأسه نافيًا:
_ أمم.. لا.
تنهد كامل بضيق، يحاول أن لا يصرخ:
_ طب رنا قاعدة عند لينا عشان مامتها مسافرة، إنما إنت جاي تتنطط فوق دماغ أمي ليه؟!
وقف ماهر ممسكًا رأسه وكأنه يقبّلها، وقال بصوت درامي:
_ ألف سلامة على دماغك يا حاجة أم كامل.
أبعده كامل عنه، وقال بنفاد صبر:
_ يلا بقى، مش هتحاضر أوضة؟ ولا هتبات على الكنبة؟
تحرك ماهر كأن الأمر نصرٌ عظيم، وأطلق همسة بصوت منخفض وهو يبتسم بخبث:
_ ابقى وريني هتنزل إزاي.
رن هاتفه، فظهر اسم ˝رنا˝. أجاب بكسل:
_ ألو؟
في مكانٍ آخر، كانت رنا تجلس بمفردها في أحد المقاهي، تشرب العصير وهي تنظر للشارع:
_ أنا وصلت على فكرة.
رد ماهر:
_ ماناااا مش هعرف أجي.
_ ليه؟
قال وهو يتحرك في أنحاء الشقة بخفة حتى لا يوقظ أحدًا:
_ أنا عند كامل.
زفرت رنا بغيظ، وارتدت حقيبتها بتوتر:
_ ماشي يا ماهر، برحتك.
أغلقت المكالمة بعصبية، ثم فتحت باب السيارة وألقت بالحقيبة على المقعد الآخر، تتمتم بغيظ:
_ مش عارفة كامل اي اللي قرفني بيه كل شويه !
أما ماهر، فنظر لهاتفه بعد أن أغلقت الخط، وحدّث نفسه:
استيقظ عثمان على صوت هاتفه، أجاب بنعاس وصوت مبحوح:
_ إيه الحاجة المهمة اللي مش قادرة تستنى لحد ما أجي تقولها لي؟
جاءه صوت رائد، متوترًا وهو يجهّز حقيبته:
_ آسف، كينج بيه، بس في حاجة مفهمتهاش في الورق.
تقلب عثمان على الأريكة بضيق:
_ إيه هي؟
_ الورق بيقول إن الجرح.. في ˝صدى˝.
رفع عثمان حاجبه باستغراب:
_ صدى؟ يعني إيه صدى؟
_ صدى.. صدى حديد.
حك عثمان جبهته وهو يفكر:
_ تمام.. في حاجة تانية؟
_ آه.. كل التقارير بتاعة الضحايا العشرة بتقول إن الجرح في نفس المكان: أسفل يمين المعدة، يبعد عن الكبد بحوالي خمسة سنتي، والجرح هو اللي سبب الوفاة..
بس الأغرب.. مفيش أي آثار خدوش، ولا مقاومة، ولا تعذيب..
يعني مش زي ما الناس قالت، ده.. سفاح فعلًا.
ابتسم عثمان ابتسامة جانبية، وعيناه تحملان بريق حماسة قديمة..
كأن شيئًا ما في صدره اشتعل من جديد:
_ تمام.. أنا جاي لك.
أغلق الهاتف، ونظر لزوجته النائمة.
تقدّم نحوها، وركع على ركبتيه بجوار السرير، يمرر يده على شعرها ببتسامه مكسوره، ثم نهض، وفتح الباب ليجد والدته أمامه.
خرج كامل من غرفته، يحك عينيه بنعاس وانزعاج من ذلك الصوت العالي الذي شقّ سكون الصباح.
وقف مذهولًا أمام صديقه ماهر، الذي كان يشغل الموسيقى بأقصى صوت، يغني ويرقص وكأنه في حفلة.
صرخ فيه كامل، غاضبًا:
_ ماهييييييييير!
لكن ماهر لم يكن يسمعه، مستغرقًا في طربه، يهز رأسه مع النغمات.
اندفع كامل نحو الهاتف، أوقف الموسيقى وهو يصرخ بوجهه:
_ إنت اتجننت؟! الساعة سبعة الصبح! الناس نايمة، وإنت مشغّل أغاني وبتغني؟!
لوى ماهر شفتيه بانزعاج طفولي:
_ نايمين؟! النهاردة الاتنين..
قاطعته نظرات كامل، التي كانت كافية لإشعال النار.
اقترب منه بصوت مهدد:
_ ماهر، متختبرش صبري.. لمّ حاجتك، واطلع برّا.
وضع ماهر يده على صدره، وبدأ يتحدث بصوت متهدّج كأنه يمثل مأساة على مسرح:
_ بتطردني؟ من بيتك؟!
بتعيرني عشان معنديش بيت اعيش فيه، وانا يتيم؟!
أبويا وأمي ماتوا في حادث توكتوك!
أخص عليك يا كامل..
ثم بدأ في البكاء الزائف، يمسح دموعًا وهمية وهو يجمع أشيائه.
نظر له كامل بدهشة، فاغرًا فمه:
_ يخرب بيتك.. ده أنا صدّقتك!
وبعدين.. يحيى الصياد يركب توكتوك؟!
رفع ماهر حاجبه:
_ هو ده اللي فارق معاك؟ مش فارق معاك إني يتمت؟!
أمسك كامل بيده، ساحبًا إياه للداخل:
_ خلاص، متِمشيش.
أنزل ماهر رأسه، ينظر إلى الأرض بانكسار:
_ مش هقدر.. كرامتي مش هتسمحلي.
ذهب كامل إلى الثلاجة، يتمتم بغيظ:
_ كرامتك.. خش اقعد يا عم.
عاد ماهر مبتسمًا بسعادة طفولية، يحتضنه:
_ حبيبي.. هي دي الصداقة!
يلا روح اعملي فطار.
أبعده كامل عنه، يتنهّد من تصرفاته:
_ خايف أندم إني خليتك تبات.
مرت الساعات، وكامل لا يزال في غرفته، ينتظر نوم ماهر كمن ينتظر معجزة.
وبالفعل، دخل ماهر إلى الغرفة، جلس على طرف السرير وهو يتثاءب:
_ بقلك إيه.. أنا هنام.. تصبح على خير.
ابتسم له كامل بخبث:
_ وانت من أهله.. يا حبيبي.
أغمض ماهر عينيه، وما إن تأكّد كامل من نومه، حتى تسلّل بهدوء وفتح باب البيت، يتمتم لنفسه:
في تلك اللحظة، كانت أرين عاجزة عن التحرّك وسط الزحام، بينما الشرطة تمنع الصحفيين من التقدم.
قال أحد الواقفين بجوارها:
_ بيقولوا في ظابط اتقتل.
أما عثمان، فكان يدور ببصره في المكان، ثم فجأة.. تجمّدت عيناه.
رآها.
وجهٌ مألوف..
ملامح ابنته.. نفس العينين، نفس الملامح، نفس النظرة التي لم تفارقه في الكوابيس.
تحرك نحوها كالمسحور، رافعًا الشريط الأمني، لا يشعر بأحد، لا يسمع أحدًا.
شقت أرين طريقها وسط الزحام..
لكنها اختفت.
توقف عثمان في مكانه، يضع يده على رأسه، يسحب خصلات شعره بتوتر، يتنهّد بصوتٍ ثقيلٍ يخرج من قاع قلبه، ولسانه عاجز عن البوح بما في صدره.
غابت الشمس، وغاب معها عثمان..
لاحظ جاسر تأخّره، اتصل به، لكن الهاتف لا يجيب..
كانت جِيدا قد وضعت طفلتها على السرير، وذهبت لتجلس أمام التلفاز، تبحث عن لحظة هدوء بعد يومٍ طويل.
استندت بيدها إلى ذراع المقعد، فسقط سوار على الأرض، سوار تعرفه جيدًا.. إنه سوار أرين.
انحنت تلتقطه، وعيناها تتأمله بدهشة، ثم تقلّب السوار بين أصابعها..
كان هناك شيء غريب.. نقش لم تلاحظه من قبل.
ضاقت عيناها وهي تهمس في نفسها:
_ إيه ده؟.
شعور غريب تسلل إلى قلبها..
هل أخفت أرين شيئًا؟
هل هناك ما لا تعرفه عنها بعد؟
___________________
استيقظ ماهر وهو يشعر بجفاف في حلقه، يتمتم وهو مغمض العينين:
_ كاااامل.. كاااامل هاتلي كوباية ميه..
لم يرد أحد.
جلس على السرير، يتلمس الظلام، وخرج من الغرفة نحو المطبخ، فتح الثلاجة، شرب الماء، ثم بدأ يبحث في أنحاء الشقة.. لكن كامل لم يكن موجودًا.
بدأ التوتر يتسلل إلى نبرته:
_ كاااامل؟.. إنت فين؟!
ظل يبحث في كل الغرف، حتى فقد صبره، ألقى كوب الماء بقوة على الأرض، وتحطّم.
صرخ بعصبية:
_ ياااا حيوان!
خرج من الشقة، يغلي غيظًا، يبحث عن صديقه في كل مكان، حتى قادته قدماه إلى شارعٍ مظلم، لا يضيئه سوى مصباح يتيم يخفت ضوؤه كأنّه يلفظ أنفاسه الأخيرة.
بدأ ماهر في الغناء، يقتل بها صمت الليل المُرعب:
_ كنت ماشي في الطريق.. نانانا..
توقف فجأة، يضرب رأسه:
_ إيه الهبل اللي أنا فيه ده؟!
ثم أكمل بابتسامة ساخرة:
_ كنت ماشي في الطريق.. نانانا.. عديت علـ—
وقبل أن يكمل..
اصطدم بأحد المارّة.
وقع على الأرض، يرفع عينيه متأففًا:
_ مش تحاسب يا عم إنت؟!
لكن الكلمات تحجّرت في حلقه..
تحت الضوء الخافت.. رأى سكينًا في يد الرجل، سكين ملطّخة بالدماء.
تراجع بجسده، وأدرك على الفور..
تحوّلت عينيه إلى جمرتين من الرعب، تجمّد الدم في عروقه.
لكن فجأة..
انفجر في الركض!
ركض بأقصى ما يملك، يتلفت خلفه، والسفاح يسير بخطى هادئة، لا يركض.. كأنه يعلم أن فريسته لن تنجو.
ماهر يلهث، يرتعش، يركض بين الأزقة، إلى أن..
تعثر.
سقط على الأرض، قدمه تلتوي تحت جسده، يصرخ بألم:
_ لاااا.. مش وقتك خالص!!
يحاول الوقوف.. ولكن القدم لا تساعده.
نظر خلفه.. السفاح يقترب.. وببطءٍ قاتل.
السكين تلمع تحت الضوء، ووجه السفاح يختفي في الظلال.
❞ \"كيف أعلم إبنى تحمل المسؤلية\"
(الجزء الأول):
أمهات كثيرات وآباء كثيرون يأتون إلىَّ، لتكون شكواهم من أبنائهم كالتالى:
عنده لا مبالاة رهيبة.
إحساس فظيع بعدم المسؤولية.
مش بيعمل حاجة فى البيت.
مش عاوز يساعد فى أى حاجة.
أنا اللى بعمل كل حاجة، حتى الدروس بتاعته أنا اللى بفكره بيها.
ده إيه الجيل ده؟! أنا خلاص زهقت ومش عارفة أعمل إيه!
ولدىَّ هنا سؤال مهم:
هذا المراهق تربى على يد من؟
هذا الناتج الذى نراه أمام أعيننا، من الذى علمه ورباه؟
إذًا ماذا يحدث؟
فلنتابع معًا تلك المواقف لنضع أيدينا على السبب..
:(1)
- متنزلش من غير ما توضب فراشك.
- حاضر يا ماما.
* ذهب إلى المدرسة، دلفت إلى غرفته فوجدت الغرفة كما هى لم ينفذ شيئًا مما قلتِه، فتُقِيمى أنتِ بالتالى تلقائيًا حوارًا داخليًا مع النفس أو خارجيًا:
\"أانا زهقت خلاص، لازم أنا اللى أعمل كل حاجة فى البيت ده!\".
ثم ترتبين غرفته نيابة عنه.
(2)
- انزل يا حبيبى هات العيش عشان السندوتشات الصبح.
- معلش يا ماما مش قادر بقى، خلِّى بابا يجيب وهو راجع.
- آلو.. ممكن يا حسن تجيب لنا عيش وإنت راجع؟
- العيش مش فى طريقى وهرجع متأخر أوى هيكونوا قفلوا خلاص.
- طب ما تحاول تيجى بدرى شوية يا حسن، وبعدين هو لازم يكون فى طريقك يعنى؟!
- وليه البيه اللى عندك مينزلش؟
- بيذاكر.
(3)
- حبيبى أنا رايحة لدكتور الباطنى النهارده، أعمل حسابك تيجى معايا عشان بتكسف وأنا لوحدى؟
- معلش يا ماما، خارج مع أصحابى.
هذه المواقف الثلاثة تحدث فى بيوتنا، لماذا تفعل الأم ذلك؟
لماذا ترتب الغرفة؟
لماذا تكذب على والده؟
لماذا تذهب إلى الطبيب بمفردها وقد أنجبت رجلاً مكتمل الرجولة؟
إذًا ما الحل؟
الحل أن يبدأ ولدك فى تحمُّل المسؤولية منذ الصغر.
أوكلى له مهامًا صغيرة تناسب عمره كما أسلفنا سابقًا.
يتعلم أن يكون مسؤولاً عن نفسه وأشيائه، ومسؤولاً كذلك عنك وعن إخوته، ويعرف أنه جزء من هذا المنزل. كما له حقوق يطالِب بها فإن عليه واجبات يجب أن ينفذها، حتى يتعلم أن السعادة ليست فى الأخذ فقط بل فى العطاء أيضًا. ❝ ⏤فاطمه المهدى
❞ ˝كيف أعلم إبنى تحمل المسؤلية˝
(الجزء الأول):
أمهات كثيرات وآباء كثيرون يأتون إلىَّ، لتكون شكواهم من أبنائهم كالتالى:
عنده لا مبالاة رهيبة.
إحساس فظيع بعدم المسؤولية.
مش بيعمل حاجة فى البيت.
مش عاوز يساعد فى أى حاجة.
أنا اللى بعمل كل حاجة، حتى الدروس بتاعته أنا اللى بفكره بيها.
ده إيه الجيل ده؟! أنا خلاص زهقت ومش عارفة أعمل إيه!
ولدىَّ هنا سؤال مهم:
هذا المراهق تربى على يد من؟
هذا الناتج الذى نراه أمام أعيننا، من الذى علمه ورباه؟
إذًا ماذا يحدث؟
فلنتابع معًا تلك المواقف لنضع أيدينا على السبب.
:(1)
- متنزلش من غير ما توضب فراشك.
- حاضر يا ماما.
ذهب إلى المدرسة، دلفت إلى غرفته فوجدت الغرفة كما هى لم ينفذ شيئًا مما قلتِه، فتُقِيمى أنتِ بالتالى تلقائيًا حوارًا داخليًا مع النفس أو خارجيًا:
˝أانا زهقت خلاص، لازم أنا اللى أعمل كل حاجة فى البيت ده!˝.
ثم ترتبين غرفته نيابة عنه.
(2)
- انزل يا حبيبى هات العيش عشان السندوتشات الصبح.
- معلش يا ماما مش قادر بقى، خلِّى بابا يجيب وهو راجع.
هذه المواقف الثلاثة تحدث فى بيوتنا، لماذا تفعل الأم ذلك؟
لماذا ترتب الغرفة؟
لماذا تكذب على والده؟
لماذا تذهب إلى الطبيب بمفردها وقد أنجبت رجلاً مكتمل الرجولة؟
إذًا ما الحل؟
الحل أن يبدأ ولدك فى تحمُّل المسؤولية منذ الصغر.
أوكلى له مهامًا صغيرة تناسب عمره كما أسلفنا سابقًا.
يتعلم أن يكون مسؤولاً عن نفسه وأشيائه، ومسؤولاً كذلك عنك وعن إخوته، ويعرف أنه جزء من هذا المنزل. كما له حقوق يطالِب بها فإن عليه واجبات يجب أن ينفذها، حتى يتعلم أن السعادة ليست فى الأخذ فقط بل فى العطاء أيضًا. ❝
❞ “يصلون كثيرًا من أجل النجاة من المجهول, يتوقفون ويبتسمون بمرارة, فتكون النهايات دومًا مريرة, لأن الصلاة وحدها لا تنقذ, فإن الله يساعد فقط من يساعدون أنفسهم”. ❝ ⏤عمرو الجندي
❞ يصلون كثيرًا من أجل النجاة من المجهول, يتوقفون ويبتسمون بمرارة, فتكون النهايات دومًا مريرة, لأن الصلاة وحدها لا تنقذ, فإن الله يساعد فقط من يساعدون أنفسهم”. ❝
❞ اعملوا ُ زماني عمياء
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
مع إشراقة الصباح، تشرق الشمس فتنير العالم وتجعل من كل شئ جميل، معها يشرق الأمل ببعض القلوب، والإرادة ببعضٍ آخر، وربما الهم والغم بالبعض الآخر، لا أحد يعرف ما بداخلنا، كلٌ منا بداخله العديد والعديد من الأحاسيس، لا أحد يعي كم القصص والحكايات التي مررنا بها، لا أحد يعي أي شئ، فحياة كل منا رواية كفاح ونجاح، حزن وفرح، لا يوجد من لم يذُق طعم مرارة النجاح، فلا شئ يأتي بسهولة، ولا نستطيع احضار شئ دون السعي له، ربما نواجه العديد من الصعوبات نتخطاها تارة ونسقط العديد من التارات، لكن الأبقى لصاحب العزيمة القوية، لمن امتلأ قلبه إيمانا وثقة بالله، تمر الأيام ونعيش كل يوم قصة جديدة بحُلوها ومرارتها، فهيا أقُص عليك قصه حياتي، وقصص أيامي:
ـــــــــــــــــــــ
لدينا اسرة مكونة من ولدين وبنتين و أب و أم
من صغري بحب اللعب وصحابي أكتر حاجة بحبها بحب الشارع
أمي كانت بتدعيلي كتير،
دائماً بتكون جنبيٰ، وأنا بذاكر وهّي جنبي، وعارف انها متعرفش تقرأ ولأ تکْتب كنت بقلب الكتاب وبلعب، دائماً أمي بتدعيلي أكون حاجة بالمستقبل دكتور أو مهندس، الظروف الماديه وحشة أوي، فقررت أشتغل لكن أمي رفضت كتير عشان الدراسة، اديتها وعد إني أحافظ على المذاكرة، بدأت أشتغل وأنا عندي عشر سنين، °أنا بتعصب° بسرعه، متهور جدًا، أختي الكبيرة ماتت بالكانسر تعبت جداً وفرحتي اتكسِرت إني اشغلت وعملت مبلغ كويس مروح لأمي أقولها تروح للدكتور عشان العمليه طبطبت عليا وقالت كل شئ مكتوب حضرت الأكل وحطتو على الطبلية، كل انواع اللحوم بصيت مستغرب عليها مين هياكل معايا في حد جاي؟!
أمي:- بصت عليا بضحكة جميلة ليك أنت لوحدك يا حبيبي أنا كنت بشيل نايبك كل طبخة، كًل عقبال ما أحضر ليك هدومك عشان تاخد دوش وتنام،
إسماعيل:- بقيت أفكر أمشي والدراسة مش مهمه، لازم أصرف على أمي وأخواتي، وأبويا مريض أخواتي صحيوا من النوم قطعوا حبل أفكاري فرحانين إني جيت، وفضلنا نلعب للصبح بوست على أيد أمي إني خلاص ماشي، أخواتي بيعطوا عليا جامد جداً بدأت أشرب سجاير وبقول كلام سيء، الشارع علمني حاجات كتير أوي، عدت أربع شهور ونص على وفاه نجلاء.
زعلان إني هنزل البلد وأختي مش موجودة، أمي وحشاني أوي، قلبًي واجعني، حًاسس بحاجة غريبة، بصت في التليفون الساعة تلاتة ونص الصبح أمي هتقلق لو رنيت دلوقتي، خلاص لما أقوم هرن، عملت الفون صامت لأني تعبان جداً وحيلي مهدود نمت وحلمت
( أن أمي زي القمر المنور وضحكتها جميلة، أول مرة أشوفها كدا، عيطت وخدتني في حضنها فضلت تلعبلي في شعري وتغنيلي وبتقولي عيزاك مبسوط مهما حصل)
سابتني ومشيت صحيت ع قلبًي بيقيد نار مسكت تلفوني خمسين رنه من البيت، خايف أرن، أنا هنزل بنفسي أشوف في أي، الفون رن وهو في إيدي فتحت وسمعت صوت صراخ وعياط شهد اختي جامد أوي، مش فاهم حاجة منها إلا كلمة أنزل بسرعة، قلبي بيوجعني أما جربت من باب البيت، من غير ما أعرف بحاجة لقيت نفسي بصرخ بقول يااااااااما بدخل البيت أمك بتحبك وفي آخر نفس كانت بتدعيلك، أكبر صدمة في حياتي ^نجلاء^
وبعدها ^أمي^، قعدت من الشغل شهرين أبويا فتح محل يتاجر كنت بنزل اقعد معاه أمي هي اللٍ كانت بتشيل حملي وبتهديني وبتدلني على الطريق الصح، بعد وفاتها محدش بيهتم بيا حتى كوباية الشُاي اللٍ بحبها محدش بيعملهالي، وإن شربتها بحس بسم، عدى سنة على وفاة أمي وأنا في الحالة دي لازم اعتمد على نفسي وأساعد أبويا فُيَ مصّاريف البيت بدوٌر غليَ شغل، وأنا منفعش في شغل بسبب تهوري، مبحبش الظلم والنصب وممكن أموت اللٍ قدامي لو ده حصل، ف أبويا قرر إني أشتغل معاه وأنا ما بحبش حد يتحكم فيا وأنا من الإعدادي حصلت خناقة كبيرة في ضحيه ومجرم ابويا قرر يسيب البلد وياخدنا معاه واتربينا في إسكندرية واشتغلت، وأبويا فتح محل فاكهة، فضلنا سنتين على الحالة دي، وصلت الثانوية وأخدت الشهادة ،مرضتش أكمل وفي نفس الوقت نفسي أحقق أمنيه أمي واحشني أمي، نزلت بلدنا من بعد خمس سنين، فتحت باب بيتنا، دخلت أوضتي، الدولاب مقلوب والأوضة كلها عناكب، الطبلية لونها بهتان، قعدت ثلاث أيام قافل على نفسي الباب ماسك هدوم أمي محتاج حضنها، ضحكتها وحشاني وهزار نجلاء، طعم الأكل
قومت افتح التلاجة وأنا ناسي إني لوحدي، التلاجة فاضية، فضلت أمشي في البيت وافتكرت كل شيء، حاسس أن قلبي بيطلع من جسمي، أبويا رن عليا
أنزل وحذرني
وقالي أوعى حد من أخوالك أو اعمامك يشوفوك مهما حصل أحسن يموتوك، قفلت مع أبويا، طيب أنا ذنبي أي في موضوع خناقة حصلت بين أخوالي وأعمامي، ياريت يموتوني، نفسي أكون جنب أمي وأختي، حاسس نفسي غريب لازم أمشي، ركبت القطار، مسافر، بفكر في الهموم مغمض عيني، جسمي عرقان ميه فتحت عيني على صوت جميل
نرمين:- ممكن اقعد جنبك ، بعد ازنك
إسماعيل:- طلعت منديل وقالت نرمين:-امسح جبينك
إسماعيل:- حسيت براحة، حبيتها من أول لحظة، قبل ما تمشي مسكت إيديها وطلبت منها رقمها واتكلمنا أيام وشهور ♡وسجلتها كل ما املك في هذه الحياة♡، بتحن وبتطبطب عليا وبتشيل همي زي أمي، كنت بغير عليها من الهوا لما بتتعب كان نفسي أكون أنا الدوا، لما تفتح عنيها كان نفسي أكون الميه اللٍ بتغسل بيها وشها، كان نفسي أكون معاها طول الوقت حبنا استمر ثلاثه سنين، أخوها عرف بحبنا، واتقدمت ليها بس الحاله المادية وحشة جدا، وكان أخوها رافض حاولت كتير وعملت المستحيل عشان يوافق، بردو عند قراره وجوزها أبن عمها غصب عنها ضاعت من إيدي، مقدرش أشوفها بتضيع مني، طيب هنساها إزاي، مشيت في طريق غلط واتصاحبت عٌلَيَ عيال بتحب كيف أمشي في الطريق دا هو الحًل الوحيد علشان انسى نرمين،
أخويا كبر وقدم على هندسة، متفوق وناجح وكل الناس بتحبو جداً بيساعدهم وبيوقف معاهم، كانه وآحد من أهلهم ، بيعرف عنهم كل حاجه عمرو ما طلع سِر حد فيهم صوت ضحكتو تجنن بيتعب كتير و دائماً مشاكل، مش بينام، حالته عن کْل يوم بتسوء، الناس بتاخد مش بتدي، بتكسر مش بتوفي، ساعد ناس كتير مين فكر يساعد بشمهندس، مفيش؛ بس ربنا موجود معاه، اللٍ بيحب الخير اتعرف على ناس كتير جداً، في راجل غلبان جداً محتاج مسِاعدة وفلوسِ كتير لأن عندو ورم في المخ حط إيدو ف أيد الناس اللٍ عندو، وساعدو راجل فقير وقف جنب بنتو ف جهازها، وعملو مشروع صغير يقدر يعيش منو مستعد يروح في داهيه عشان غيرو يكون مبسوط بيسمع كلام بيوجع وبيجرح راجل ده يستاهل كل خير ي بشر مش شر ورب الكون يستاهل يكون مبسوط وسعيد لانو احن وآحد في دنيا دي كلها هرجع قول كلمت امي كل شئ مكتوب
شهد:-أختي بقيت عسوله وبخدود ودخلت الكليه `الطب`
طيبه جداً في بنات كتير بتكرها عشان عندها اللٍ بيحبها اسمو هشام دائماً بيفرحها وينسيها حزنها ومخلي الفرحه علي وشها مش مخليها محتاجه لحد ولا تكلم حد هي مستغنية عننا خلاص ملك قلبها وأنا مشرفهاش قدام جوزها مش ذنبي إني ما دخلتش الكليه وحبيت كيف دنيا جاات عليا كتير حتي البنت اللي بحبها أخوها جوزها غصب عنها بس أنا مبسوط عشان شهد مبسوطة مع جوزها ماهي برده أختي
تعرفت علي بنت جميله جداً أوي بتحب تساعد كل الناس مًنِ غير مقابل حبيتها من كل قلبًي حكيتلها كل حاجه فيَ يومين
حبيت أكمل معاها حياتيَ
كانت روحها حلوه عرفتني عليَ صحابها وكانت بتحب سارة وشيماء ومي ونور عندها صحاب كتير جداً بس كانت دائماً مي ونور دائماً بتكلمني عن صحابها مفيش مره اتكلمت عني
°بغير°عليها جداً عايزها تتكلم عليا أنا لوحدي ابقا أنا كل حساباتها ما حدش يشاركني فيها عايزها ليا واحدي هي بتاعتي أنا وبس هي أمي وأختي ومراتي وكل حياتي بس بتبعد عني لأن اسلوبي فيَ الكلام عمره ما كان كويس معاها وثق لحبها ليا وأنا متاكد انها حاسه بيا مستحيل تهديني وعلي طول سارة وشيماء شغل استفزاز زهقت خلاص مفيش حل قدامي غير الموت عادي هيحصل اي أمي ماتت ما بقاليش حد يحس بيا،
أبويا علي طول زعيق علي الفاضي والدنيا جات عليا محدش مستحملني والموت هو الحل الوحيد هروح وأنا سكران ارمي نفسي في البًحر
عشان محسش ب العذاب كتر من كده شوفت وأحده لبسه أبيض شبه هاجر
هاجر:- لو بتحبني متعملش كده إسماعيل:- أنتي مالك دلوقتي ماأنتي سبتيني وده قراري أنا مبسوط
هاجر:- طيب وأنا وأمك عمرنا ما هنبقى مبسوطين
يعم والله أنا مش مهم المهم أمك لازم تتغير بلاش تعمل كده افتح صفحه جديد ف حياتك وكون إنسان جديد جميل وصّلي و أبدأ حياة من أول وجديد أعمل اللٍ علمتهولك وأمك اللٍ كانت بتقولهولك وأنت صغير يا إسماعيل
رجعت عن قراري وبالفعل غسِلت وشي وخدت دوش وصليت وطلبت من ربنا يهديني وابطل الكيف بقيت إنسان جديد وحافظ قران أنا نضيف من برا ومن جوه
«ربنا بيبتليك عشان يشوف صبرك وعمر حد ماهياخد نصيب حد والارزق حد وخلي كلمه يارب علي طول في لسانك وصلي واحكي لربك هيسمعك احسن من البشر» بدأت حياتي من جديد وخدت بشمهندس مثل وخدت اختي قدوة بدأت دراسه أنا إنسان هبداء حياتي من أول وهنسي الماضي هعمل حساب لبكره
قدمت علي الكليه وقربت من ربنا واهتميت بشغلي اشتغلت وبقيت ناجح وعلامة صلي ظهرت علَيَ جبيني ونجحت في الدراسه بقيت ناجح ف كل حاجة وبفرق نص فويد للفقراء ومسكين وحفظ القرآن الكريم
الفضل كله يرجع لهاجر هي للٍ علمتني ازاي اصلي وأنا مكنتش بعرف اتوضي ولأ أعرف العصر كام ركعه علمتني كل حاجه حلوه هي ليها الفضل كله انها فوقتني بس هي زعلانه مني لأني مزعلها كتير
كنت بقولها كلام ما ينفعش يتقال ♡الصلاء والصوم وكل حاجه هي كانت بتقولهالي لازم ارضيها♡
وأنا دلوقتي بقيت مدرس ألعاب زي مكنت بحلم واشرفها قدام اهلها كلمت أخواتي ودي كانت أول مكالمه ما بينا لانهم بكل بساطه مايعرفوش عني حاجة فضلت بيني وبين نفسي افكر كتير اجيبهم يعيشوا معايا
بيت كبير من لمه الحبايب حاجه ممله
خلاص أيام وهاجر تنور بيتها،
اتمنى تبقا اسره واحده وابويا وصينا الفلوس عمرها ما كانت كل حاجه فلوس
وبنيت جامع عاوز اكون اسعد إنسان كان نفسي أمي ونجلاء يكونو موجودين أنا اخواتي فاكرين إني لقيت كنز لأن حياتي اتغيرت بالشكل ده حياتي فضلت احكيلهم عن الرحله حياتي كانت ازاي
حقهم كانوا مستعرين مني علشان كده كملت الطريق من غير ما اطلب مساعدتهم في يوم
طلبتهم للمره التانيه يجو يعيشو معايا قبلو واخيرا قلبهم حن
جه اليوم يا اللٍ كنت بحلم بيه قعدت مع أخواتي وأبويا حكيتلهم عن هاجر كتير لبسنا وخلاص رايحين
على بيت هاجر وخدت شكولاته اللٍ بتحبها وخبطت علي الباب ثلاثه مرات فتح أبوها الباب وشربنا شاي ولسه هبداء في الكلام قال
حسين:- معندناش بنات للجواز إسماعيل:- بصيت مستغرب هو عشان دقن أنا مش إرهابي
حسين:- لا يبني أنا فعلاً معنديش بنات
إسماعيل:- هاجر هي اللٍ ادتني عن العنوان زمان هي فين مشيت ولأ إي هاجر راحت فين
حسين:-هاجر ماتت ليها سنتين
إسماعيل:-أنت كداب فقدت اعصابي لأ لأ أنت بتهز صح هي جوا فتحت باب الأوضه لقيت المصّحف علي سريرها وريحت البخور أبوها طبطب عليا بيقولي ادعيلها مسحت دموعي عينيا كنت عارف نفسها ف اي
في جامع وبيت كبير تاكل مسكين، أنا هعمل اللٍ كان نفسها فيه واللٍ كانت بتحلم بيه أنا تعبتها كتير، اديني ندمت
` هاخد أهلها يعيشوا معايا، أمها زي أمي أنا على إيد بنتها بقيت إنسان تاني، بتجيني في الأحلام، بتحكيلي خليني في ذكرياتك اوعي تنساني مهما طال الزمان.
أخويا سليم اتغير جدًا حياته بقيت رأسًا على عقل بدأ يتغير ومحدش مركز ولأ عارف في أي، قاعد على طول لوحده، و السواد بدأ يظهر بشكل بشع تحت عينه، بيتكلم بطريقه غريبه جداً نفس اللٍ كان بيحصل معايا في الماضي، حسيت إنه بيتعاطى ممنوعات؟ فكرت اتكلم معاه واشوف ماله وصل للحالة دي ازاي، وليه؟
اتعصب عليا وضربني وصل لمرحلة خطر، لازم يروح يتعالج، لازم أساعد سليم ، آه هو موقفش معايا زمان بس لو هاجر موجودة كانت وقفت معاه وعملت حاجات كتير،
دخلته أحسن مستشفيات بيتعالج مع أحسن دكاترة، عدت سنة وسليم بقى أحسن من الأول، بس ندمان إنه خسر شغله، ورجع من الصفر وإنه ساعد ناس كتير ومحدش وقف معاه ولا سأل عليه في محنته، كله بعد عنه، لازم أقف جنبه،
بدأ حياته من الأول، واشتغل، وفتح مصنع، وكل يوم اسمه بيكبر في السوق ، واختار شريكة حياته، بنوته زي القمر اسمها شروق،
وقفت معاه وعرفت كل حاجة عنه، تمسكت بيه أكتر، عدت ثمانيه سنوات على جوازهم معاه، رزان وعد بنتين حلوين أوي، كبرت رزان عندها ست سنوات وحفظت القرآن الكريم كامل، وعد بنوته عسولة عندها ثلاث سنوات هي اللٍ عاملة جو في البيت، حياته استمرت،
أبويا نفسه يسافر مكه بس سِنِهّ وحالته الصحية ما تسمحش لانه مريض قلب، مين هيهتم بيه هناك ؟!
وأخواتي ما فيهمش واحد فاضي ، وأنا عندي مشاكل كتير أوي،
لازم اتكلم معاه واقوله يقعد في البيت ويطلع فلوس، فتحت الباب سمعت وشفته رافع ايدو وبيصلي وبيدعي وبيبكي وبيطلب من ربنا أنه يموت في مكه ويغسل ذنوبه ، ويموت بعدها، قولت مش هسٰكر فرحته، وقررتي اني هسافر معاه، أيويا طول في سجوده، روحت بنادي يابه مالك فيك اي رد عليا هنسافر أنا وأنت قوم، حد يجيب الحكيم الدكتور
اوعي تكون هتروح زي نجلاء وأمي، أبويا «قطع النفس،»
اوعى تسبني وتمشي أنا مش ناقص وجع قلب أنا بتحطم
_دكتور أبويا مالوا؟
الضغط واطي صح؟
الدكتور:- للاسف البقاء لله شد حيلك يبني،
إسماعيل:- أنت بتضحك عليا اعمل أي حاجه وهديك الفلوس يا اللٍ أنت عايزها بس أبويا يعيش قول إنك كداب، يابه رد عليا هسفرك وهلففك بلدان العالم ، قوم أنت بتشوفني بحبك ولأ لأ، قوم قلبي هيموتني حرام عليك حقيقي الصدمه اخذتني إلى عالم آخر مين يصدق كلو ده بيحصل معايا هبعد عن الناس كلها، قفلت باب اوضتي وقعت لوحدي، مابكلمش حد جسمي بقي نحف جدًا، أنا مش إسماعيل الناس اللٍ تعرفوا أنا بقيت إنسان ضعيف وكمان أخواتي وقفت معاهم كتير ما كلفوش نفسهم يسالوا عليا، الدنيا جت عليا كتير أوي،
مبقتش قادر خلاص نفسي اصرخ باعلى صوت وانادي على أمي وأبويا وكل حبايبي ماتوووووووو يارب الصبر من عندك أنا عبدك، وقفت قدامك وبطلب منك الرحمه يا رحمن يا رؤوف على عبادك
انظر إلي القمر لا اجد احد اتحدث معه غير القمر والنجوم عندما رحلت أمي وأبي وأختي أيضا لأن اتحدث مع أحد غيرهما الآن اتحدث مع القمر ارسل اليهما رسائل كل ليله وكل الهموم الذي في وبين سرحاني اسمع صوت مرتفع للغايه وكان هذا الصوت لشهد
شهد:-كانت شهد وسليم. صوتهم جايب آخر الشارع دول ليهم خمس سنين محدش سمع صوتهم وفي منتصف الحديث،
لازم تطلقني دي أخرتها تاجر في الأسلحه وأنت محامي وعارف هتاخد كام سنة سجن أنت ازاي تعمل كدا طيب ما فكرتش في بنتنا لما تيجي هاقولها إي لما تسالني عن ابوها ؟
أن ابوها شغال تاجر في الأسلحة، اللٍ بيحصل دا حرام بجد،
إسماعيل:- شهد من صغرها لما تاخد قرار لازم يتنفذ،
اخذت سليم للتحدث معه
وبدأنا في الحديث
وكان في داخلي شيء غريب ثم بدأنا التحدث نظرت الى عيني اراه يرجف من الخوف
سليم:- ثم قال أنني اعشقها عشقا وكنت كل ليله اطلب من الله يديمها ليَ طوال الحياة عنيت كثيرا وكان قلبها من الصعب أحد يمتلكه وكانت شهد وقلبها أعظم انتصاراتي
انني لن استطيع إن اراها حزينه أعمل كل ذلك لانني اريد حمايتها كل ما افعله من اجلها أهل تصدقني ؟ شهد في خطر، لو متفصلناش أنا وشهد شهد هتموت،
وأنا بحب شهد يا إسماعيل لازم اضحي عشان جوهره حياتي، إسماعيل أنا بحبها عارف يعني أي بحبها، اقف جنبي أنا عارف إني كنت وحش معاك بس دا ميمنعش أنك تقف جنبي،
إسماعيل:- وقطع حديثنا صوت صراخ شهد
وكانت في الشهور الاخيره من الحمل
\"ربنا يقومها بالسلامة\"، دكتورة `طمنينا` جابت إي
الدكتورة:- بنتين توأم،
شهد:- إسماعيل انت اللٍ سليم:-هتسميهم أنت من حقك يا إسماعيل هتسميهم أي؟
جنات، وأحلام،
شهد:-الله حلوين خالص.
لازم سليم يطلع من المصيبة اللٍ وقع فيها، فضلت مع سليم للصبح نفكر إزاي يطلع من المصيبة دي، واعطيت سليم وعد إنه هيطلع منها، وبالفعل طلع وبعدها ب يومين ساب الشغل، وقرر ياخد شهد والبنات ويسافر برا البلد، محبتش أقف قدام سعادتهم، وعدني إنه هينزل كل سنين هو والعيال وهيكلموني كل يوم، خلاص يا شهد هتسبيني وتمشي؟
شهد:- متزعلش يا إسماعيل أنا هسافر باريس وكل سنتين هنزل وهرن عليك كل يوم عمري ما هنساك يا حبيبي خلي بالك من نفسك باي
. تسع شهور
ولا سليم ولا شهد سألوا عليا، نسيوني باين كدا سنة ورا سنة بقول هيسألوا عليا عددت 14 عام و رزان كبرت وبقيت مهندسة ناجحة، ووعد بتحب البزنس فتحت أكبر شركة في الإسكندرية، فرحة هشام متتوصفش بناته كبروا، عدت 15 سنة شهد و سليم ولا حس ولا خبر، وأنا معرفش أي عناوين عنهم، ووعد إتجوزت إياد وبعدها بخمس شهور رزان إتجوزت أدهم، وبعدها هشام قرر يسيب البيت هو وشروق، حضَّر الشنطة، قررت أوصل هشام وشروق هشام:- رفضوا كفاية عليك لحد كدا، متزعلش مش عايزين نتعبك أكتر من كداا، إسماعيل:- ابتسم ابتسامة خفيفة ابقوا طمنوني عليكم، بعدها ب ساعتين سمعت خبر هشام العربية عملت حادثة، ماتوا؟
مات هشام وشروق دموعي نشفت وصوتي راح مفيش حيل اقول اااااه، روحت استريح شوية سمعت الباب بيخبط قومت ب لهفة حاسس إن في حاجة حلوة هتحصل، شهد وسليم ده بجد جنات أحلام ما مصدقش عيني، انتوا قدامي بجد كبرتوا يا عيال بقيتي عروسة يا جنات وأنتِ كمان يا أحلام، هو ده الوعد يا سليم؟
سليم:- الصراحة مش عارف أودي وشي منك فين بس الظروف كانت متلخبطة معانا جدًا،
شهد:- إسماعيل سيبك من سليم ومني دلوقتي جنات إتجوزت وبقيت دكتورة قلب ومعاها فارس ومصطفي وأحلام بردو اتجوزت وبقيت محامية، ومعاها مؤمن و إسماعيل وخلاص سليم خدت قرار اننا هنعيش معاك تاني يارب توافق،
إسماعيل:- أكيد ده برده كلام البيت بيتكم
شهد باين عليها إنها تعبانة جدًا، طلبت منها إنها تروح عند دكتور مرضيتش، رفضت أكتر من مرة، وكانت عصبيه جداً وبعد سنة اكتشفت إنها عندها الكانسر في الدم، زعلت عليها جااااامد بس أرجع أقول كلمت أمي كل شيء مكتوب عندي 80 سنة مشتاق لهاجر حبيت اكلم حد من صحابها نروح مع بعض نزورها، واكيد هتفرح، رنيت على شيماء،
شيماء الوو شيماء سمعاني أنا إسماعيل فاكراني
لو سمعاني ردي عليا خلاص على راحتك بس أنا حبيت أرن واقولك إن هاجر وحشااااني ونفسي نروح المقابر
حبيت افرحها ،
شيماء: •إسماعيل استني وأنا كمان وحشاني جدًا موافقة، هرن على سارة ومي لو حبو يجو معانا،
إسماعيل:- خلاص تمام عدى ساعة وشيماء ولا أي حد رن عليا يمكن ناصر رفض، هرن على سارة بنفسي بس يارب متكنش غيرت رقمها، رنيت وكان في جرس
الووو السلام عليكم
ممكن اكلم ساره،
عمر:-أنت مين؟
إسماعيل:- أنا إسماعيل
وأنت مين؟
عمر:-أنا جوز سارة اسمي عمر
إسماعيل:- معلش آسف اوعي تفهم غلط أنا كنت عايز سارة عمر:-لالا مفيش داعي إنك تتاسف عارف أنت رنيت ليه سارة قالتلي على كل حاجه وهي هتيجي إن شاء الله، إسماعيل:-بجد؟
عمر:- اه
إسماعيل:-شكرًا
عمر:- إسماعيل نعم تاكد إن كلنا هنكون هناك،
إسماعيل:-بجد مش عارف اقولك إي؟
عمر:-ولا أي حاجة خلي بالك من نفسك بكرا إن شاء الله الساعة 4 العصر هنستناك بإذن الله سلام إسماعيل:-مش قادر استني لحد بكرا امتا الليل يجي، خلاص دقت الساعه وظهرت الشمس قومت خدت دوش ولبست أحسن لبس وحطيت برفان كأنه يوم فرحي روحت شوفت شيماء وكل صحاب هاجر كانو هناك، فرحت أكيد هاجر مبسوطة دلوقتي قعدت احكي كل حاجة وجعاني ليها حبست دموعي، اعتذرت لهاجر قدام صحابها، قلتلها مفيش حد من بعدك دخل قلبي خديني جمبك قومت بوست تراب قبرها وأنا عارف إنه حرام وأنا أكتر حاجة ندمان عليها إني زعلتك وضيعتك من إيدي بطلب منك السماح، نفسي أكون جنبك، روحوني البيت و تمنولي أكون بخير حاسس إني مخنوق، قومت صليت ونمت مرتاح نفسي راحت وروحي . السابع السماوات
ـــــــــــــــــــ
ملخص للقصة
اذا اردت ان تعيش سعيدا
لا تقارن نفسك بغيرك
واعلم ان لديك حياة وظروف
وفكر وشخصيه مختلفه
عن الاخرين
ونصيب وقدر خاص بك
لا يشبه احد غيرك
فارضي بما قسم الله
وقل رضيت ي الله ..
عسي يعطيك ربك فترضي
وَلَسَوْف يُعْطِيگ رَبَّكَ فَتَرْضَى
نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُعْطِيَنَا وَإِيَّاكُمْ
خَيْرٌ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ
#زينب_االسيد الخولي. ❝ ⏤زينب السيد الخولي
❞ اعملوا ُ زماني عمياء
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
مع إشراقة الصباح، تشرق الشمس فتنير العالم وتجعل من كل شئ جميل، معها يشرق الأمل ببعض القلوب، والإرادة ببعضٍ آخر، وربما الهم والغم بالبعض الآخر، لا أحد يعرف ما بداخلنا، كلٌ منا بداخله العديد والعديد من الأحاسيس، لا أحد يعي كم القصص والحكايات التي مررنا بها، لا أحد يعي أي شئ، فحياة كل منا رواية كفاح ونجاح، حزن وفرح، لا يوجد من لم يذُق طعم مرارة النجاح، فلا شئ يأتي بسهولة، ولا نستطيع احضار شئ دون السعي له، ربما نواجه العديد من الصعوبات نتخطاها تارة ونسقط العديد من التارات، لكن الأبقى لصاحب العزيمة القوية، لمن امتلأ قلبه إيمانا وثقة بالله، تمر الأيام ونعيش كل يوم قصة جديدة بحُلوها ومرارتها، فهيا أقُص عليك قصه حياتي، وقصص أيامي:
ـــــــــــــــــــــ
لدينا اسرة مكونة من ولدين وبنتين و أب و أم
من صغري بحب اللعب وصحابي أكتر حاجة بحبها بحب الشارع
أمي كانت بتدعيلي كتير،
دائماً بتكون جنبيٰ، وأنا بذاكر وهّي جنبي، وعارف انها متعرفش تقرأ ولأ تکْتب كنت بقلب الكتاب وبلعب، دائماً أمي بتدعيلي أكون حاجة بالمستقبل دكتور أو مهندس، الظروف الماديه وحشة أوي، فقررت أشتغل لكن أمي رفضت كتير عشان الدراسة، اديتها وعد إني أحافظ على المذاكرة، بدأت أشتغل وأنا عندي عشر سنين، °أنا بتعصب° بسرعه، متهور جدًا، أختي الكبيرة ماتت بالكانسر تعبت جداً وفرحتي اتكسِرت إني اشغلت وعملت مبلغ كويس مروح لأمي أقولها تروح للدكتور عشان العمليه طبطبت عليا وقالت كل شئ مكتوب حضرت الأكل وحطتو على الطبلية، كل انواع اللحوم بصيت مستغرب عليها مين هياكل معايا في حد جاي؟!
أمي:- بصت عليا بضحكة جميلة ليك أنت لوحدك يا حبيبي أنا كنت بشيل نايبك كل طبخة، كًل عقبال ما أحضر ليك هدومك عشان تاخد دوش وتنام،
إسماعيل:- بقيت أفكر أمشي والدراسة مش مهمه، لازم أصرف على أمي وأخواتي، وأبويا مريض أخواتي صحيوا من النوم قطعوا حبل أفكاري فرحانين إني جيت، وفضلنا نلعب للصبح بوست على أيد أمي إني خلاص ماشي، أخواتي بيعطوا عليا جامد جداً بدأت أشرب سجاير وبقول كلام سيء، الشارع علمني حاجات كتير أوي، عدت أربع شهور ونص على وفاه نجلاء.
زعلان إني هنزل البلد وأختي مش موجودة، أمي وحشاني أوي، قلبًي واجعني، حًاسس بحاجة غريبة، بصت في التليفون الساعة تلاتة ونص الصبح أمي هتقلق لو رنيت دلوقتي، خلاص لما أقوم هرن، عملت الفون صامت لأني تعبان جداً وحيلي مهدود نمت وحلمت
( أن أمي زي القمر المنور وضحكتها جميلة، أول مرة أشوفها كدا، عيطت وخدتني في حضنها فضلت تلعبلي في شعري وتغنيلي وبتقولي عيزاك مبسوط مهما حصل)
سابتني ومشيت صحيت ع قلبًي بيقيد نار مسكت تلفوني خمسين رنه من البيت، خايف أرن، أنا هنزل بنفسي أشوف في أي، الفون رن وهو في إيدي فتحت وسمعت صوت صراخ وعياط شهد اختي جامد أوي، مش فاهم حاجة منها إلا كلمة أنزل بسرعة، قلبي بيوجعني أما جربت من باب البيت، من غير ما أعرف بحاجة لقيت نفسي بصرخ بقول يااااااااما بدخل البيت أمك بتحبك وفي آخر نفس كانت بتدعيلك، أكبر صدمة في حياتي ^نجلاء^
وبعدها ^أمي^، قعدت من الشغل شهرين أبويا فتح محل يتاجر كنت بنزل اقعد معاه أمي هي اللٍ كانت بتشيل حملي وبتهديني وبتدلني على الطريق الصح، بعد وفاتها محدش بيهتم بيا حتى كوباية الشُاي اللٍ بحبها محدش بيعملهالي، وإن شربتها بحس بسم، عدى سنة على وفاة أمي وأنا في الحالة دي لازم اعتمد على نفسي وأساعد أبويا فُيَ مصّاريف البيت بدوٌر غليَ شغل، وأنا منفعش في شغل بسبب تهوري، مبحبش الظلم والنصب وممكن أموت اللٍ قدامي لو ده حصل، ف أبويا قرر إني أشتغل معاه وأنا ما بحبش حد يتحكم فيا وأنا من الإعدادي حصلت خناقة كبيرة في ضحيه ومجرم ابويا قرر يسيب البلد وياخدنا معاه واتربينا في إسكندرية واشتغلت، وأبويا فتح محل فاكهة، فضلنا سنتين على الحالة دي، وصلت الثانوية وأخدت الشهادة ،مرضتش أكمل وفي نفس الوقت نفسي أحقق أمنيه أمي واحشني أمي، نزلت بلدنا من بعد خمس سنين، فتحت باب بيتنا، دخلت أوضتي، الدولاب مقلوب والأوضة كلها عناكب، الطبلية لونها بهتان، قعدت ثلاث أيام قافل على نفسي الباب ماسك هدوم أمي محتاج حضنها، ضحكتها وحشاني وهزار نجلاء، طعم الأكل
قومت افتح التلاجة وأنا ناسي إني لوحدي، التلاجة فاضية، فضلت أمشي في البيت وافتكرت كل شيء، حاسس أن قلبي بيطلع من جسمي، أبويا رن عليا
أنزل وحذرني
وقالي أوعى حد من أخوالك أو اعمامك يشوفوك مهما حصل أحسن يموتوك، قفلت مع أبويا، طيب أنا ذنبي أي في موضوع خناقة حصلت بين أخوالي وأعمامي، ياريت يموتوني، نفسي أكون جنب أمي وأختي، حاسس نفسي غريب لازم أمشي، ركبت القطار، مسافر، بفكر في الهموم مغمض عيني، جسمي عرقان ميه فتحت عيني على صوت جميل
نرمين:- ممكن اقعد جنبك ، بعد ازنك
إسماعيل:- طلعت منديل وقالت نرمين:-امسح جبينك
إسماعيل:- حسيت براحة، حبيتها من أول لحظة، قبل ما تمشي مسكت إيديها وطلبت منها رقمها واتكلمنا أيام وشهور ♡وسجلتها كل ما املك في هذه الحياة♡، بتحن وبتطبطب عليا وبتشيل همي زي أمي، كنت بغير عليها من الهوا لما بتتعب كان نفسي أكون أنا الدوا، لما تفتح عنيها كان نفسي أكون الميه اللٍ بتغسل بيها وشها، كان نفسي أكون معاها طول الوقت حبنا استمر ثلاثه سنين، أخوها عرف بحبنا، واتقدمت ليها بس الحاله المادية وحشة جدا، وكان أخوها رافض حاولت كتير وعملت المستحيل عشان يوافق، بردو عند قراره وجوزها أبن عمها غصب عنها ضاعت من إيدي، مقدرش أشوفها بتضيع مني، طيب هنساها إزاي، مشيت في طريق غلط واتصاحبت عٌلَيَ عيال بتحب كيف أمشي في الطريق دا هو الحًل الوحيد علشان انسى نرمين،
أخويا كبر وقدم على هندسة، متفوق وناجح وكل الناس بتحبو جداً بيساعدهم وبيوقف معاهم، كانه وآحد من أهلهم ، بيعرف عنهم كل حاجه عمرو ما طلع سِر حد فيهم صوت ضحكتو تجنن بيتعب كتير و دائماً مشاكل، مش بينام، حالته عن کْل يوم بتسوء، الناس بتاخد مش بتدي، بتكسر مش بتوفي، ساعد ناس كتير مين فكر يساعد بشمهندس، مفيش؛ بس ربنا موجود معاه، اللٍ بيحب الخير اتعرف على ناس كتير جداً، في راجل غلبان جداً محتاج مسِاعدة وفلوسِ كتير لأن عندو ورم في المخ حط إيدو ف أيد الناس اللٍ عندو، وساعدو راجل فقير وقف جنب بنتو ف جهازها، وعملو مشروع صغير يقدر يعيش منو مستعد يروح في داهيه عشان غيرو يكون مبسوط بيسمع كلام بيوجع وبيجرح راجل ده يستاهل كل خير ي بشر مش شر ورب الكون يستاهل يكون مبسوط وسعيد لانو احن وآحد في دنيا دي كلها هرجع قول كلمت امي كل شئ مكتوب
شهد:-أختي بقيت عسوله وبخدود ودخلت الكليه `الطب`
طيبه جداً في بنات كتير بتكرها عشان عندها اللٍ بيحبها اسمو هشام دائماً بيفرحها وينسيها حزنها ومخلي الفرحه علي وشها مش مخليها محتاجه لحد ولا تكلم حد هي مستغنية عننا خلاص ملك قلبها وأنا مشرفهاش قدام جوزها مش ذنبي إني ما دخلتش الكليه وحبيت كيف دنيا جاات عليا كتير حتي البنت اللي بحبها أخوها جوزها غصب عنها بس أنا مبسوط عشان شهد مبسوطة مع جوزها ماهي برده أختي
تعرفت علي بنت جميله جداً أوي بتحب تساعد كل الناس مًنِ غير مقابل حبيتها من كل قلبًي حكيتلها كل حاجه فيَ يومين
حبيت أكمل معاها حياتيَ
كانت روحها حلوه عرفتني عليَ صحابها وكانت بتحب سارة وشيماء ومي ونور عندها صحاب كتير جداً بس كانت دائماً مي ونور دائماً بتكلمني عن صحابها مفيش مره اتكلمت عني
°بغير°عليها جداً عايزها تتكلم عليا أنا لوحدي ابقا أنا كل حساباتها ما حدش يشاركني فيها عايزها ليا واحدي هي بتاعتي أنا وبس هي أمي وأختي ومراتي وكل حياتي بس بتبعد عني لأن اسلوبي فيَ الكلام عمره ما كان كويس معاها وثق لحبها ليا وأنا متاكد انها حاسه بيا مستحيل تهديني وعلي طول سارة وشيماء شغل استفزاز زهقت خلاص مفيش حل قدامي غير الموت عادي هيحصل اي أمي ماتت ما بقاليش حد يحس بيا،
أبويا علي طول زعيق علي الفاضي والدنيا جات عليا محدش مستحملني والموت هو الحل الوحيد هروح وأنا سكران ارمي نفسي في البًحر
عشان محسش ب العذاب كتر من كده شوفت وأحده لبسه أبيض شبه هاجر
هاجر:- لو بتحبني متعملش كده إسماعيل:- أنتي مالك دلوقتي ماأنتي سبتيني وده قراري أنا مبسوط
هاجر:- طيب وأنا وأمك عمرنا ما هنبقى مبسوطين
يعم والله أنا مش مهم المهم أمك لازم تتغير بلاش تعمل كده افتح صفحه جديد ف حياتك وكون إنسان جديد جميل وصّلي و أبدأ حياة من أول وجديد أعمل اللٍ علمتهولك وأمك اللٍ كانت بتقولهولك وأنت صغير يا إسماعيل
رجعت عن قراري وبالفعل غسِلت وشي وخدت دوش وصليت وطلبت من ربنا يهديني وابطل الكيف بقيت إنسان جديد وحافظ قران أنا نضيف من برا ومن جوه
«ربنا بيبتليك عشان يشوف صبرك وعمر حد ماهياخد نصيب حد والارزق حد وخلي كلمه يارب علي طول في لسانك وصلي واحكي لربك هيسمعك احسن من البشر» بدأت حياتي من جديد وخدت بشمهندس مثل وخدت اختي قدوة بدأت دراسه أنا إنسان هبداء حياتي من أول وهنسي الماضي هعمل حساب لبكره
قدمت علي الكليه وقربت من ربنا واهتميت بشغلي اشتغلت وبقيت ناجح وعلامة صلي ظهرت علَيَ جبيني ونجحت في الدراسه بقيت ناجح ف كل حاجة وبفرق نص فويد للفقراء ومسكين وحفظ القرآن الكريم
الفضل كله يرجع لهاجر هي للٍ علمتني ازاي اصلي وأنا مكنتش بعرف اتوضي ولأ أعرف العصر كام ركعه علمتني كل حاجه حلوه هي ليها الفضل كله انها فوقتني بس هي زعلانه مني لأني مزعلها كتير
كنت بقولها كلام ما ينفعش يتقال ♡الصلاء والصوم وكل حاجه هي كانت بتقولهالي لازم ارضيها♡
وأنا دلوقتي بقيت مدرس ألعاب زي مكنت بحلم واشرفها قدام اهلها كلمت أخواتي ودي كانت أول مكالمه ما بينا لانهم بكل بساطه مايعرفوش عني حاجة فضلت بيني وبين نفسي افكر كتير اجيبهم يعيشوا معايا
بيت كبير من لمه الحبايب حاجه ممله
خلاص أيام وهاجر تنور بيتها،
اتمنى تبقا اسره واحده وابويا وصينا الفلوس عمرها ما كانت كل حاجه فلوس
وبنيت جامع عاوز اكون اسعد إنسان كان نفسي أمي ونجلاء يكونو موجودين أنا اخواتي فاكرين إني لقيت كنز لأن حياتي اتغيرت بالشكل ده حياتي فضلت احكيلهم عن الرحله حياتي كانت ازاي
حقهم كانوا مستعرين مني علشان كده كملت الطريق من غير ما اطلب مساعدتهم في يوم
طلبتهم للمره التانيه يجو يعيشو معايا قبلو واخيرا قلبهم حن
جه اليوم يا اللٍ كنت بحلم بيه قعدت مع أخواتي وأبويا حكيتلهم عن هاجر كتير لبسنا وخلاص رايحين
على بيت هاجر وخدت شكولاته اللٍ بتحبها وخبطت علي الباب ثلاثه مرات فتح أبوها الباب وشربنا شاي ولسه هبداء في الكلام قال
حسين:- معندناش بنات للجواز إسماعيل:- بصيت مستغرب هو عشان دقن أنا مش إرهابي
حسين:- لا يبني أنا فعلاً معنديش بنات
إسماعيل:- هاجر هي اللٍ ادتني عن العنوان زمان هي فين مشيت ولأ إي هاجر راحت فين
حسين:-هاجر ماتت ليها سنتين
إسماعيل:-أنت كداب فقدت اعصابي لأ لأ أنت بتهز صح هي جوا فتحت باب الأوضه لقيت المصّحف علي سريرها وريحت البخور أبوها طبطب عليا بيقولي ادعيلها مسحت دموعي عينيا كنت عارف نفسها ف اي
في جامع وبيت كبير تاكل مسكين، أنا هعمل اللٍ كان نفسها فيه واللٍ كانت بتحلم بيه أنا تعبتها كتير، اديني ندمت
` هاخد أهلها يعيشوا معايا، أمها زي أمي أنا على إيد بنتها بقيت إنسان تاني، بتجيني في الأحلام، بتحكيلي خليني في ذكرياتك اوعي تنساني مهما طال الزمان.
أخويا سليم اتغير جدًا حياته بقيت رأسًا على عقل بدأ يتغير ومحدش مركز ولأ عارف في أي، قاعد على طول لوحده، و السواد بدأ يظهر بشكل بشع تحت عينه، بيتكلم بطريقه غريبه جداً نفس اللٍ كان بيحصل معايا في الماضي، حسيت إنه بيتعاطى ممنوعات؟ فكرت اتكلم معاه واشوف ماله وصل للحالة دي ازاي، وليه؟
اتعصب عليا وضربني وصل لمرحلة خطر، لازم يروح يتعالج، لازم أساعد سليم ، آه هو موقفش معايا زمان بس لو هاجر موجودة كانت وقفت معاه وعملت حاجات كتير،
دخلته أحسن مستشفيات بيتعالج مع أحسن دكاترة، عدت سنة وسليم بقى أحسن من الأول، بس ندمان إنه خسر شغله، ورجع من الصفر وإنه ساعد ناس كتير ومحدش وقف معاه ولا سأل عليه في محنته، كله بعد عنه، لازم أقف جنبه،
بدأ حياته من الأول، واشتغل، وفتح مصنع، وكل يوم اسمه بيكبر في السوق ، واختار شريكة حياته، بنوته زي القمر اسمها شروق،
وقفت معاه وعرفت كل حاجة عنه، تمسكت بيه أكتر، عدت ثمانيه سنوات على جوازهم معاه، رزان وعد بنتين حلوين أوي، كبرت رزان عندها ست سنوات وحفظت القرآن الكريم كامل، وعد بنوته عسولة عندها ثلاث سنوات هي اللٍ عاملة جو في البيت، حياته استمرت،
أبويا نفسه يسافر مكه بس سِنِهّ وحالته الصحية ما تسمحش لانه مريض قلب، مين هيهتم بيه هناك ؟!
وأخواتي ما فيهمش واحد فاضي ، وأنا عندي مشاكل كتير أوي،
لازم اتكلم معاه واقوله يقعد في البيت ويطلع فلوس، فتحت الباب سمعت وشفته رافع ايدو وبيصلي وبيدعي وبيبكي وبيطلب من ربنا أنه يموت في مكه ويغسل ذنوبه ، ويموت بعدها، قولت مش هسٰكر فرحته، وقررتي اني هسافر معاه، أيويا طول في سجوده، روحت بنادي يابه مالك فيك اي رد عليا هنسافر أنا وأنت قوم، حد يجيب الحكيم الدكتور
اوعي تكون هتروح زي نجلاء وأمي، أبويا «قطع النفس،» اوعى تسبني وتمشي أنا مش ناقص وجع قلب أنا بتحطم
_دكتور أبويا مالوا؟
الضغط واطي صح؟
الدكتور:- للاسف البقاء لله شد حيلك يبني،
إسماعيل:- أنت بتضحك عليا اعمل أي حاجه وهديك الفلوس يا اللٍ أنت عايزها بس أبويا يعيش قول إنك كداب، يابه رد عليا هسفرك وهلففك بلدان العالم ، قوم أنت بتشوفني بحبك ولأ لأ، قوم قلبي هيموتني حرام عليك حقيقي الصدمه اخذتني إلى عالم آخر مين يصدق كلو ده بيحصل معايا هبعد عن الناس كلها، قفلت باب اوضتي وقعت لوحدي، مابكلمش حد جسمي بقي نحف جدًا، أنا مش إسماعيل الناس اللٍ تعرفوا أنا بقيت إنسان ضعيف وكمان أخواتي وقفت معاهم كتير ما كلفوش نفسهم يسالوا عليا، الدنيا جت عليا كتير أوي،
مبقتش قادر خلاص نفسي اصرخ باعلى صوت وانادي على أمي وأبويا وكل حبايبي ماتوووووووو يارب الصبر من عندك أنا عبدك، وقفت قدامك وبطلب منك الرحمه يا رحمن يا رؤوف على عبادك
انظر إلي القمر لا اجد احد اتحدث معه غير القمر والنجوم عندما رحلت أمي وأبي وأختي أيضا لأن اتحدث مع أحد غيرهما الآن اتحدث مع القمر ارسل اليهما رسائل كل ليله وكل الهموم الذي في وبين سرحاني اسمع صوت مرتفع للغايه وكان هذا الصوت لشهد
شهد:-كانت شهد وسليم. صوتهم جايب آخر الشارع دول ليهم خمس سنين محدش سمع صوتهم وفي منتصف الحديث،
لازم تطلقني دي أخرتها تاجر في الأسلحه وأنت محامي وعارف هتاخد كام سنة سجن أنت ازاي تعمل كدا طيب ما فكرتش في بنتنا لما تيجي هاقولها إي لما تسالني عن ابوها ؟
أن ابوها شغال تاجر في الأسلحة، اللٍ بيحصل دا حرام بجد،
إسماعيل:- شهد من صغرها لما تاخد قرار لازم يتنفذ،
اخذت سليم للتحدث معه
وبدأنا في الحديث
وكان في داخلي شيء غريب ثم بدأنا التحدث نظرت الى عيني اراه يرجف من الخوف
سليم:- ثم قال أنني اعشقها عشقا وكنت كل ليله اطلب من الله يديمها ليَ طوال الحياة عنيت كثيرا وكان قلبها من الصعب أحد يمتلكه وكانت شهد وقلبها أعظم انتصاراتي
انني لن استطيع إن اراها حزينه أعمل كل ذلك لانني اريد حمايتها كل ما افعله من اجلها أهل تصدقني ؟ شهد في خطر، لو متفصلناش أنا وشهد شهد هتموت،
وأنا بحب شهد يا إسماعيل لازم اضحي عشان جوهره حياتي، إسماعيل أنا بحبها عارف يعني أي بحبها، اقف جنبي أنا عارف إني كنت وحش معاك بس دا ميمنعش أنك تقف جنبي،
إسماعيل:- وقطع حديثنا صوت صراخ شهد
وكانت في الشهور الاخيره من الحمل
˝ربنا يقومها بالسلامة˝، دكتورة `طمنينا` جابت إي
الدكتورة:- بنتين توأم،
شهد:- إسماعيل انت اللٍ سليم:-هتسميهم أنت من حقك يا إسماعيل هتسميهم أي؟
جنات، وأحلام،
شهد:-الله حلوين خالص.
لازم سليم يطلع من المصيبة اللٍ وقع فيها، فضلت مع سليم للصبح نفكر إزاي يطلع من المصيبة دي، واعطيت سليم وعد إنه هيطلع منها، وبالفعل طلع وبعدها ب يومين ساب الشغل، وقرر ياخد شهد والبنات ويسافر برا البلد، محبتش أقف قدام سعادتهم، وعدني إنه هينزل كل سنين هو والعيال وهيكلموني كل يوم، خلاص يا شهد هتسبيني وتمشي؟
شهد:- متزعلش يا إسماعيل أنا هسافر باريس وكل سنتين هنزل وهرن عليك كل يوم عمري ما هنساك يا حبيبي خلي بالك من نفسك باي
. تسع شهور
ولا سليم ولا شهد سألوا عليا، نسيوني باين كدا سنة ورا سنة بقول هيسألوا عليا عددت 14 عام و رزان كبرت وبقيت مهندسة ناجحة، ووعد بتحب البزنس فتحت أكبر شركة في الإسكندرية، فرحة هشام متتوصفش بناته كبروا، عدت 15 سنة شهد و سليم ولا حس ولا خبر، وأنا معرفش أي عناوين عنهم، ووعد إتجوزت إياد وبعدها بخمس شهور رزان إتجوزت أدهم، وبعدها هشام قرر يسيب البيت هو وشروق، حضَّر الشنطة، قررت أوصل هشام وشروق هشام:- رفضوا كفاية عليك لحد كدا، متزعلش مش عايزين نتعبك أكتر من كداا، إسماعيل:- ابتسم ابتسامة خفيفة ابقوا طمنوني عليكم، بعدها ب ساعتين سمعت خبر هشام العربية عملت حادثة، ماتوا؟
مات هشام وشروق دموعي نشفت وصوتي راح مفيش حيل اقول اااااه، روحت استريح شوية سمعت الباب بيخبط قومت ب لهفة حاسس إن في حاجة حلوة هتحصل، شهد وسليم ده بجد جنات أحلام ما مصدقش عيني، انتوا قدامي بجد كبرتوا يا عيال بقيتي عروسة يا جنات وأنتِ كمان يا أحلام، هو ده الوعد يا سليم؟
سليم:- الصراحة مش عارف أودي وشي منك فين بس الظروف كانت متلخبطة معانا جدًا،
شهد:- إسماعيل سيبك من سليم ومني دلوقتي جنات إتجوزت وبقيت دكتورة قلب ومعاها فارس ومصطفي وأحلام بردو اتجوزت وبقيت محامية، ومعاها مؤمن و إسماعيل وخلاص سليم خدت قرار اننا هنعيش معاك تاني يارب توافق،
إسماعيل:- أكيد ده برده كلام البيت بيتكم
شهد باين عليها إنها تعبانة جدًا، طلبت منها إنها تروح عند دكتور مرضيتش، رفضت أكتر من مرة، وكانت عصبيه جداً وبعد سنة اكتشفت إنها عندها الكانسر في الدم، زعلت عليها جااااامد بس أرجع أقول كلمت أمي كل شيء مكتوب عندي 80 سنة مشتاق لهاجر حبيت اكلم حد من صحابها نروح مع بعض نزورها، واكيد هتفرح، رنيت على شيماء،
شيماء الوو شيماء سمعاني أنا إسماعيل فاكراني
لو سمعاني ردي عليا خلاص على راحتك بس أنا حبيت أرن واقولك إن هاجر وحشااااني ونفسي نروح المقابر
حبيت افرحها ،
شيماء: •إسماعيل استني وأنا كمان وحشاني جدًا موافقة، هرن على سارة ومي لو حبو يجو معانا،
إسماعيل:- خلاص تمام عدى ساعة وشيماء ولا أي حد رن عليا يمكن ناصر رفض، هرن على سارة بنفسي بس يارب متكنش غيرت رقمها، رنيت وكان في جرس
الووو السلام عليكم
ممكن اكلم ساره،
عمر:-أنت مين؟
إسماعيل:- أنا إسماعيل
وأنت مين؟
عمر:-أنا جوز سارة اسمي عمر
إسماعيل:- معلش آسف اوعي تفهم غلط أنا كنت عايز سارة عمر:-لالا مفيش داعي إنك تتاسف عارف أنت رنيت ليه سارة قالتلي على كل حاجه وهي هتيجي إن شاء الله، إسماعيل:-بجد؟
عمر:- اه
إسماعيل:-شكرًا
عمر:- إسماعيل نعم تاكد إن كلنا هنكون هناك،
إسماعيل:-بجد مش عارف اقولك إي؟
عمر:-ولا أي حاجة خلي بالك من نفسك بكرا إن شاء الله الساعة 4 العصر هنستناك بإذن الله سلام إسماعيل:-مش قادر استني لحد بكرا امتا الليل يجي، خلاص دقت الساعه وظهرت الشمس قومت خدت دوش ولبست أحسن لبس وحطيت برفان كأنه يوم فرحي روحت شوفت شيماء وكل صحاب هاجر كانو هناك، فرحت أكيد هاجر مبسوطة دلوقتي قعدت احكي كل حاجة وجعاني ليها حبست دموعي، اعتذرت لهاجر قدام صحابها، قلتلها مفيش حد من بعدك دخل قلبي خديني جمبك قومت بوست تراب قبرها وأنا عارف إنه حرام وأنا أكتر حاجة ندمان عليها إني زعلتك وضيعتك من إيدي بطلب منك السماح، نفسي أكون جنبك، روحوني البيت و تمنولي أكون بخير حاسس إني مخنوق، قومت صليت ونمت مرتاح نفسي راحت وروحي . السابع السماوات
ـــــــــــــــــــ
ملخص للقصة
اذا اردت ان تعيش سعيدا
لا تقارن نفسك بغيرك
واعلم ان لديك حياة وظروف
وفكر وشخصيه مختلفه
عن الاخرين
ونصيب وقدر خاص بك
لا يشبه احد غيرك
فارضي بما قسم الله
وقل رضيت ي الله .
عسي يعطيك ربك فترضي
˝وَلَسَوْف يُعْطِيگ رَبَّكَ فَتَرْضَى
نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُعْطِيَنَا وَإِيَّاكُمْ
خَيْرٌ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ
#زينب_االسيد الخولي. ❝
❞ أنت سكني
الفصل الثاني
مرت الأيام
اقتربت عدة مها من الانتهاء
وكل يوم يمر يزداد سامر وصفا ضيقًا فهما يخشيان أن تتزوج مها وتحرمهما من رحمة وجنة
قالت صفا \"وبعدين يا سامر؟! مها لسه صغيره وألف مين يتمناها دي كفايه بس البصه في عنيها، هتسيبنا وتاخد البنات ونتحرم منهم، لازم تتصرف\"
قال بضيق \"اتصرف إزاي بس؟ إنتي عارفه هي اتظلمت مع ياسر عاوزاني أعمل إيه أقولها ما تتجوزيش والعريس اللي جاي لها ما يترفضش\"
قالت \"عريس عريس إيه؟\"
فقال \"كريم طلبها مني، ومستني العده تخلص عشان يفاتحها\"
قالت صفا \"لا، كريم لا، ده شديد وقلبه جامد\"
ثم صمتت قليلًا وقالت \"الوحيد اللي هيحط البنات في عنيه ويحافظ عليهم وهم كمان بيموتوا فيه هو إنت\"
فقال بعد فهم \" قصدك إيه مش فاهم؟\"
فقالت \"لا فاهم وأنا سمعت أم حسن وهي بتقولك وإنت زعقت لها\"
\"زعقت لها عشان هي ست مجنونه\"
\"لا مش مجنونه\"
فقال بهدوء \"صفا إنت فهمتي اللي سمعتيه؟!\"
\"آه فهمته يا سامر\"
قال بهدوء حذر \"يعني إنتي عاوزاني أتجوز مها؟\"
\"آه عشان البنات ما يسيبوناش، أنا روحي فيهم\"
فقال ضاربًا كفًا بكف \"والله شكلك اتجننتي\"
فقالت \"لا ما اتجننتش، من يوم ما العقربه اللي اسمها أم حسن دي جت وبخت سمها في ودان مها إنه ما يصحش تنزل لنا وإنها خلاص وحدانيه وما ينفعش تشوفك ولا تقعد معاك، ومها بطلت تنزل هنا حابسه نفسها في شقتها والبنات متشحططين بيني وبينها ومش عاوزين يسيبوها ولا يسيبوني وأنا سمعتها وهي بتقولهم ما ينزلوش، يبقي ده الحل الوحيد، وبعدين ده هيبقي جواز صوري عشان الناس بس\"
واستمرت صفا في محاولاتها لإقناع سامر وكذلك مها، إلى أن اقتنع واتفق مع مها على أن يكون الزواج صوريًا فقط، وتم عقد قرانهما.
أصبحت الحياة أسهل بالنسبة لسامر وصفا والفتاتين لكنها لم تصبح أسهل بالنسبة لمها، ظلمت بزواجها من عديم المشاعر ياسر وظلمت بزواجها من متقد المشاعر سامر، لكن تلك المشاعر المتقدة لم تكن متقدة لها كانت ترى المشاعر المتبادلة ما بين سامر وصفا، وتتحسر على نفسها تتصنع السعادة أمام الجميع، وبينها وبين نفسها لم تكن تشعر سوى بالمرارة، إنها تحب صفا ولكن تتمنى أن تحظى بزوج يعاملها كسامر.
بدأت تنعزل في شقتها وتترك لهما الفتاتين وتتحجج بأي حجه كي لا تنزل، إلى أن جاء ذلك اليوم الذي زارهم فيه الشيخ عبد المجيد شيخ الجامع في القرية التي ينحدر منها سامر وجلس وتحدث مع سامر
\"أنا مبسوط إنك خدت بنات أخوك ومراته تحت جناحك أهو تعوضهم\"
\"آه والله يا شيخنا البنات أنا وصفا بنموت فيهم وما نقدرش نعيش من غيرهم\"
\"وانت بقى عادل ما بين حريمك بتبات يوم هنا ويوم هنا والا ممشيها ازاي؟\"
\"انت عارف أنا ما اقدرش أخبي عنك يا شيخنا، الجواز ده صوري\"
\"صوري إزاي مش فاهم؟\"
\"عشان الناس يعني بس\"
\"عشان الناس! طب وربنا هترضيه ازاي؟\"
\"وأنا غضبت ربنا في إيه يا شيخ؟\"
\"يا راجل يا محترم، مش عارف غضبت ربنا في إيه؟ البنيه اللي على اسمك دي بالكدب وبس، إيه ما لهاش حقوق، تنبسط إنت ومراتك وهي تنام بالليل لوحدها والاسم متجوزه\"
\"بس يا شيخنا أنا مش مقصر في حاجه لا ليها ولا للبنات وهي راضيه\"
\"لا مقصر وهي مين يعفها والمفروض إنها متجوزاك حتى لو هي راضيه دي تعرفها إزاي دي ما جايز ساكته محرجه\"
ونادى على صفا ومها
\"الجوازه دي يا تبقي شرعي بما يرضي الله ورسوله يا تسيبوا بعض بالمعروف\"
فقالت صفا \"يعني إيه يا شيخنا؟\"
\"يعني الزواج يتم شرعي يا صفا ويبقى جوزها وهي مراته اللي حاصل ده ما يرضيش ربنا\"
تدخلت مها \"لا يبقى سامر يطلقني، وأنا هاخد بناتي وهنمشي من هنا منعًا لأي كلام ولاقلنا وقالوا\"
صرخت صفا \"لا البنات ما يمشوش\"
\"ما ينفعش يا صفا ما ينفعش، أنا ماشيه، ابعتلي ورقتي يا سامر\"
أمسكت صفا بملابس مها \"لا يا مها أنا روحي في البنات ما أقدرش على بعادهم\"
فردت مها \"وروحك كمان في سامر ما ينفعش اللي الشيخ ىبيقولوه مش هينفع، لازم أمشي\"
لتمسك صفا بقلبها وتصرخ ثم تقع
هرول سامر ناحيتها \"صفا، صفا\"
أمسك يدها فوقعت منه، لتصرخ مها \"لا، اصحي يا صفا، ما ليش غيرك، يا رب، لا يا رب، اصحي يا صفا هاسيبلك البنات يوم عندي ويوم عندك، قومي يا صفا، ما تسبينيش يا صفا، ده إنتي أختي اللي ما خلفنتهاش أمي\"
وأخذت تقبلها وتهز فيها ليبعدها عنها الشيخ
\"خلاص يا بنتي، راحت للي خلقها\"
فضربته مها \"أنت السبب، انت السبب، إنت مالك؟ كنا عايشيين مرتاحين، حرام عليك حرام عليك\"
وأخذت تصرخ حتى انهارت وسقطت ونقلت للمشفى
دفن سامر صفا وظل يتابع مها بالمشفى ويعتني بالفتاتين
بعد فترة بدأت مها تخرج من اكتئابها وتعود للعناية بابنتيها كانت في شقتها وسامر في شقته كانت تعد الطعام وتنزله له في شقته وعندما يذهب للعمل تنزل لترتب الشقة وتغسل الملابس.
إلى أن نزلت في يوم لتضع له الطعام فسمعت صوت أنات آتيه من غرفة النوم فدخلت لتجده على السرير في وضع الجنين فلمست جبينه لتجده يتقد نارًا
طلبت الطبيب وكتب له الدواء وقامت بعمل الكمادات وظلت معه هي والفتاتين في الشقة لتعتني به، كانت حرارته مرتفعة للغاية أعطته الحقنة وركبت المحلول وبه الخافض وقامت أيضًا بعمل الكمادات كانت بجواره على السرير إلى أن غفت.
كان سامر كلما فتح عينيه يراها بجواره على السرير كان يظن نفسه يهذي،
إلى أن انخفضت الحرارة فاستيقظ ليجدها نائمة بجواره كالملاك بشعرها الأسود الطويل الذي تحرر من تلك الربطة وجدها تتململ فتصنع النوم
فتحت مها عينياها البنيتين الساحرتين فهما أجمل ما فيها
ووضعت يديها على جبينه قائلة \"الحمد لله أخيرًا يا رب\"
ونهضت من على السرير واتجهت للمطبخ جهزت الإفطار وأيقظت الفتاتين وأوصلتهما للمدرسة، ثم عادت لتوقظه برفق نادت عليه لم يستجب خشيت أن تكون عاودته الحرارة فوضعت يدها على جبينه فوجدته طبيعيًا، نادت مرة أخرى ويديها تهزه برفق
\"سامر اصحى\"
فتح عينيه، هذه أول مره ترى عيناه من هذا القرب إنهما عينان ساحرتان قالت في نفسها (حقك يا صفا الله يرحمك كنتي تدوبي فيه)
\"صباح الخير\" قالها سامر
ردت بخجل \"صباح النور، الحمد لله أنت بقيت كويس، دي نزله حاده من أكلك بره\"
فقال لها وهو يعتدل على السرير \"ابطل آكل بره ازاي، أنا ما باعرفش آكل لوحدي، مش هاكل هنا بطولي زي أبوقردان\"
قالت وهي خارجة من الغرفة \"خلاص هانزل البنات ياكلوا معاك\" ثم عادت بعد قليل وهي تحمل صينية
فرد \" مش عاوز البنات بس\"
جلست بجواره فقال \"انتي مراتي يا مها وعاوزك انتي وبناتي جمبي وحواليا على طول، أومال إحنا اتجوزنا ليه؟\"
قالت بأسى \"يا ريتنا ما اتجوزنا، كان زمان صفا معانا ماليه البيت بضحكتها\"
ودمعت عينياها
\"ده قضاء ربنا يا مها، إيه هتكفري؟\"
\"لا، بس لولا اللي حصل\"
قال بحزم \"ما فيهاش لولا صفا كان قلبها ضعيف وإنتي عارفه كده وعشان كده ما كانش ينفع نخلف وأنا كنت باقي عليها وشاريها والشد والجذب اللي حصل يومها وخوفها إن البنات يسيبوها كان صعب على قلبها خصوصًا إن اللي اكتشفته إنها كانت بتضحك عليا وتقولي أخدت الدوا وهي ما أخدتوش، أنا لقيت شرايط الدوا كامله مع إن المفروض تكون خلصانه، كانت مخبياهم في دولابها، مع إني كنت بأكد عليها كل يوم تاخد الدوا والفيتامينات\"
تساءلت \"ما كانتش بتاخده ليه؟\"
\"في الفتره الاخيره بقى بيضايقها ما أعرفش ليه؟ والدكتور قال ما ينفعش نغيره، يعني موتها مش ذمب حد\"
\"خلاص افطر بقى عشان تاخد الدوا\"
أنهى إفطاره فقامت وأولته ظهرها
\"بتعملي إيه؟\"
\"باجهز الحقنه\"
\"أنا ما باحبش الحقن\"
ضحكت \"آه هنبدأ بقى في شغل العيال، أنا ما باحبش الدلع في الحقن خلاص، الدوا دوا\"
\"طيب ما تتنرفزيش بس وتقلبي وشك، مش لايق عليكي الزعل، العيون الحلوه دي ما يلقش عليها غير الضحكه\"
احمرت وجنتاها هذه أول مرة يتغزل في عينيها
\" اقلع\"
نظر لها باستغراب \"اقلع إيه؟\"
قالت بهدوء \"البنطلون عشان الحقنه\"
قال معترضًا ممسكًا سرواله \"لا كله إلا كده\"
قالت وهي تكتم ضحكتها \"بلاش دلع ما أنا اديتهالك إمبارح وإنت نايم، وبعدين إنت مش لسه قايل أنا مراتك\"
\"آه مراتي بس يعني ....\"
جلست بجواره تسايره كطفل صغير
وجعلته يستدير وأنزلت السروال قليلًا \"عشان تخف بقى وتقوم لنا بالسلامة البنات مرعوبين، وأنا أكتر منهم، ما لناش غيرك\"
\"طيب يالا اديني الحقنه بسرعه\"
ضحكت وهي ترفع البنطلون \"ما أنت أخدتها خلاص\"
قال متعجبًا \"لا والله\"
قالت وهي تفرد عليه الغطاء \"ادفي بقى وريح شويه لغايه ما أخلص اللي ورايا\"
أمسك يديها \"خليكي جمبي\"
سحبت يديها بهدوء \"بلاش دلع أنت كويس أهو، اتفرج على التلفزيون عشان أجهز الغدا قبل ميعاد البنات\"
كان سعيدًا بوجودها حوله، كانت تواليه بالمشروبات الدافئة أثناء تنظيفها المنزل، حان موعد مجيء البنات ليجدها ارتدت حجابها
\"إيه رايحه فين؟\"
\"نازله أجيب البنات\"
\"لا أنا هانزل\"
أجلسته مكانه \"لا تنزل فين، لما تبقي تمام نشوف الموضوع ده\"
نزلت وأحضرت رحمة وجنة
اللتان ما أن وجدتاه مستيقظًا وبخير حتى ارتميتا في حضنه
\"حبيبي يا بابا سامر، شكرًا يا رب إنه بقى كويس\" قالتها جنة
\"كنا خايفين عليك قوي يا بابا سامر لتروح لربنا زي بابا وزي ماما صفا\" قالتها رحمة
فقال وهو يضمهما بحنان \"الحمد لله ومن النهارده تقولولي بابا بس من غير بابا سامر\"
في نفس واحد \"حاضر يا بابا\"
جاء الليل ونامت رحمة وجنة، دخلت مها غرفته وأعطته دواءه والحقنة
\"يالا بقي تصبح على خير\" وتوجهت للباب
فقال \" انتي لسه هتسهري؟\"
ردت \"لا هاسهر إيه؟ أنا هلكانه وعاوزه أنام هاغير وأنام على طول\"
\"أومال راحه فين؟ ما الحمام أهو خشي غيري\"
\"لا هدومي عند البنات ما أنا هانام هناك\"
قام من على السرير واقترب منها وقال بهدوء
\"هو أنا ابقي لك إيه يا مها؟\"
ردت ونظرها في الأرض \"جوزي وكل ما ليا في الدنيا\"
فرفع عينيها له \"يبقى مكانك جمبي، على سريري\"
حاولت أن تهرب من عينيه ولكنهما كانتا تقيدانها \"بس ...أنا.... \"
\"من غير بسبسه يا مها، انتي مراتي\"
واقترب منها وقلبها يخفق بشدة \"مش هتنامي غير في سريري، لازم البنات تتعود تنام لوحدها\"
ثم أمسك يديها مقبلًا إياها \"عشان أنا ما أعرفش أنام لوحدي، روحي غيري وبكره تنقلي هدومك هنا، الدولاب فاضي حاجه صفا أنا اتبرعت بيها صدقه على روحها\"
\"حاضر\"
\"طيب روحي\"
ابتسمت \"طيب وسع عشان أروح\"
فضحك وابتعد عنها
جرت على غرفة بناتها وهي تشعر بسعادة لم يسبق لها مثيل
لم تجد ملابس أجمل من ذلك القميص القطني فارتدته وارتدت الرداء عليه ودخلت الغرفة
وصعدت على السرير
\"إيه هتنامي بالروب؟\"
\"لا هاقلعه أهو\"
ليصفر هو قائلًا \" اللهم صل على كامل النور\"
فخفضت رأسها خجلًا \"عليه الصلاة وأزكى السلام\"
فوضع يده على كتفها فانتفضت \"إيه ما تخافيش، وربنا أنا جوزك، أنا هروح أجيب مياه أجيب لك حاجه؟\"
\"خليك وأنا أجيبلك\"
أحضر الماء وعصير ودخل وأغلق الباب بالمفتاح
\"مش بكره برضه أجازه البنات؟\"
\"أيوه\"
\"يعني هيصحوا إمتى\"
\"يوم الاجازه ما بيصحوش قبل الظهر\"
\"طيب الحمد لله\"
\"ليه\"
\"عشان الكل ينام براحته\"
ثم سقطا في بحر الحب والرغبة واكتمل زواجهما
كانت تحس كأنها عروس جديده تعامل برقة وحنو، لم يدعها تنام بعيدًا عن ذراعه
استيقظا على طرقات الفتيات على الباب
انتفضت لتجد نفسها بين ذراعيه، انتبها للباب
لملمت ملابسها ودخلت الحمام مسرعة تلف الملاءة عليها
ضحك وقال \"حاضر يا بنات ثانيه واحده\" وارتدى ملابسه وفتح الباب
\"ماما فين ما كانتش نايمه معانا راحت فين؟\"
قال \" ماما في الحمام وتتعودوا بقى انتوا كبرتوا ماما مكانها مع بابا\"
كانت قد خرجت من الحمام
\" صباح الخير يا بنات\"
\"صباح الخير يا ماما، أنتي صحيح هتنامي هنا مع بابا؟\"
فأمسك سامر رحمة من أذنها برقة
\"أومال هاكدب عليكي يا مفعوصه\"
ثم صفق قائلًا
\"يالا كله يغير هدومه، مش فاضيين، عندنا ملاهي عاوزين نروحها\"
لتهتف رحمة وجنة في سرور
فقالت مها \"طب استنوا اجهز فطار وسندوتشات\"
\"ما فيش تجهيز كله من بره يالا بسرعه\"
خرجت الفتاتين وأغلق الباب فنظرت له مبتسمة وهي تبتعد عنه \"عاوز إيه؟\"
فرفع يديه \"برئ يا بيه، عاوز نغير هدومنا، وبالليل بقى هاعوز حاجات كتير\"
قالها وهو يحتضنها مقبلًا رأسها
\"ربنا يخليكم ليا يا رب وأعوضكم عن كل يوم وحش عشتوه\"
أحاطته بذراعيها بقوة \"ربنا ما يحرمنا منك والسعاده دي تدوم\"
مرت الأيام في سعادة يذهب سامر لعمله وهي في المنزل تهتم بالفتاتين إلى أن أتى ذلك اليوم
كانا يتناولان طعام الغداء ومها تحس بالغثيان هرولت إلى الحمام
تبعها هو
\"إيه مالك؟\"
\"مش عارفه، جايز برد\"
ثم فتحت عيناها على اتساعها \" النهارده كام في الشهر يا سامر\"
\" عشرين\"
جلست على السرير \"معقول يكون .....\"
جلس بجوارها \"إيه يا موها يكون إيه؟\"
قالت بخوف \"معقول أكون ....\"
\"انطقي يا مها\"
\"حامل يا سامر، معقول أكون حامل؟\"
وقف على الفور ولم يتحدث وخرج
عاد بعد قليل حاملًا كيسًا صغيرًا
\"خدي اتاكدي، ده اختبار حمل\"
دخلت وقامت بعمل الاختبار ووضعاه على الطاولة وجلسا ينتظران إلى أن بدأ خطان ورديان في الظهور
وضعت يدها على فمها لتمنع نفسها من الصراخ أما هو فصرخ بأعلى صوته \"هيييييييييييييه\"
واحتضنها يلف بها الغرفة
دخلت رحمة وجنة بسرعة \"فيه إيه يا بابا؟\"
\"فيه ايه يا ماما؟\"
رد وهو يضع مها على السرير
\"ماما إن شاء الله هتجيب لكم أخ أو أخت صغيرين تلعبوا بيهم\"
فرحت الفتاتين \"هيبقي عندنا نونو\"
قالت جنة \" هينام في حضني\"
قالت رحمة \"أنا اللي هاكله\"
قالت مها \"طب اصبروا نتأكد الأول\"
فقال سامر \"صح يالا بينا\"
وذهبوا سويًا للطبيب الذي أكد الحمل
كانوا في غاية السعادة
رزقهم الله بولد أسمياه ياسين
كان سامر نعم الزوج لمها ونعم الوالد لرحمة وجنة
ولم يفرق أبدًا بينهما وبين ياسين
شجع مها على أخذ كورسات لغات وأحضر لها من يساعدها بالمنزل،
عملت مها مترجمة للكتب من المنزل لتستطيع العناية بالأولاد،
وأصبحت من أدق المترجمين للكتب.
سامر لم يقلل أبدًا من شأنها ولم يهمل أنوثتها أبدًا
وقف ورائها مشجعًا إياها لتحقق ما تطمح إليه،
أحسسها أنها الأنثى الأجمل من بين كل نساء الدنيا.
لم تخلو الحياة طبعًا من بعض الاختلافات أو المناوشات
لكن ما دام الاحترام والكلمة الطيبة هما السائدان تنزوي الخلافات حتى تتلاشى،
ولا يبق سوى الكلمة الطيبة والعشرة بالمعروف
قال تعالي ((وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21))
تمت بحمد الله
#نشوة_أبوالوفا
#nashwa_aboalwafa. ❝ ⏤nashwaaboalwafa
❞ أنت سكني
الفصل الثاني
مرت الأيام
اقتربت عدة مها من الانتهاء
وكل يوم يمر يزداد سامر وصفا ضيقًا فهما يخشيان أن تتزوج مها وتحرمهما من رحمة وجنة
قالت صفا ˝وبعدين يا سامر؟! مها لسه صغيره وألف مين يتمناها دي كفايه بس البصه في عنيها، هتسيبنا وتاخد البنات ونتحرم منهم، لازم تتصرف˝
قال بضيق ˝اتصرف إزاي بس؟ إنتي عارفه هي اتظلمت مع ياسر عاوزاني أعمل إيه أقولها ما تتجوزيش والعريس اللي جاي لها ما يترفضش˝
قالت ˝عريس عريس إيه؟˝
فقال ˝كريم طلبها مني، ومستني العده تخلص عشان يفاتحها˝
قالت صفا ˝لا، كريم لا، ده شديد وقلبه جامد˝
ثم صمتت قليلًا وقالت ˝الوحيد اللي هيحط البنات في عنيه ويحافظ عليهم وهم كمان بيموتوا فيه هو إنت˝
فقال بعد فهم ˝ قصدك إيه مش فاهم؟˝
فقالت ˝لا فاهم وأنا سمعت أم حسن وهي بتقولك وإنت زعقت لها˝
˝زعقت لها عشان هي ست مجنونه˝
˝لا مش مجنونه˝
فقال بهدوء ˝صفا إنت فهمتي اللي سمعتيه؟!˝
˝آه فهمته يا سامر˝
قال بهدوء حذر ˝يعني إنتي عاوزاني أتجوز مها؟˝
˝آه عشان البنات ما يسيبوناش، أنا روحي فيهم˝
فقال ضاربًا كفًا بكف ˝والله شكلك اتجننتي˝
فقالت ˝لا ما اتجننتش، من يوم ما العقربه اللي اسمها أم حسن دي جت وبخت سمها في ودان مها إنه ما يصحش تنزل لنا وإنها خلاص وحدانيه وما ينفعش تشوفك ولا تقعد معاك، ومها بطلت تنزل هنا حابسه نفسها في شقتها والبنات متشحططين بيني وبينها ومش عاوزين يسيبوها ولا يسيبوني وأنا سمعتها وهي بتقولهم ما ينزلوش، يبقي ده الحل الوحيد، وبعدين ده هيبقي جواز صوري عشان الناس بس˝
واستمرت صفا في محاولاتها لإقناع سامر وكذلك مها، إلى أن اقتنع واتفق مع مها على أن يكون الزواج صوريًا فقط، وتم عقد قرانهما.
أصبحت الحياة أسهل بالنسبة لسامر وصفا والفتاتين لكنها لم تصبح أسهل بالنسبة لمها، ظلمت بزواجها من عديم المشاعر ياسر وظلمت بزواجها من متقد المشاعر سامر، لكن تلك المشاعر المتقدة لم تكن متقدة لها كانت ترى المشاعر المتبادلة ما بين سامر وصفا، وتتحسر على نفسها تتصنع السعادة أمام الجميع، وبينها وبين نفسها لم تكن تشعر سوى بالمرارة، إنها تحب صفا ولكن تتمنى أن تحظى بزوج يعاملها كسامر.
بدأت تنعزل في شقتها وتترك لهما الفتاتين وتتحجج بأي حجه كي لا تنزل، إلى أن جاء ذلك اليوم الذي زارهم فيه الشيخ عبد المجيد شيخ الجامع في القرية التي ينحدر منها سامر وجلس وتحدث مع سامر
˝أنا مبسوط إنك خدت بنات أخوك ومراته تحت جناحك أهو تعوضهم˝
˝آه والله يا شيخنا البنات أنا وصفا بنموت فيهم وما نقدرش نعيش من غيرهم˝
˝وانت بقى عادل ما بين حريمك بتبات يوم هنا ويوم هنا والا ممشيها ازاي؟˝
˝انت عارف أنا ما اقدرش أخبي عنك يا شيخنا، الجواز ده صوري˝
˝صوري إزاي مش فاهم؟˝
˝عشان الناس يعني بس˝
˝عشان الناس! طب وربنا هترضيه ازاي؟˝
˝وأنا غضبت ربنا في إيه يا شيخ؟˝
˝يا راجل يا محترم، مش عارف غضبت ربنا في إيه؟ البنيه اللي على اسمك دي بالكدب وبس، إيه ما لهاش حقوق، تنبسط إنت ومراتك وهي تنام بالليل لوحدها والاسم متجوزه˝
˝بس يا شيخنا أنا مش مقصر في حاجه لا ليها ولا للبنات وهي راضيه˝
˝لا مقصر وهي مين يعفها والمفروض إنها متجوزاك حتى لو هي راضيه دي تعرفها إزاي دي ما جايز ساكته محرجه˝
ونادى على صفا ومها
˝الجوازه دي يا تبقي شرعي بما يرضي الله ورسوله يا تسيبوا بعض بالمعروف˝
فقالت صفا ˝يعني إيه يا شيخنا؟˝
˝يعني الزواج يتم شرعي يا صفا ويبقى جوزها وهي مراته اللي حاصل ده ما يرضيش ربنا˝
تدخلت مها ˝لا يبقى سامر يطلقني، وأنا هاخد بناتي وهنمشي من هنا منعًا لأي كلام ولاقلنا وقالوا˝
صرخت صفا ˝لا البنات ما يمشوش˝
˝ما ينفعش يا صفا ما ينفعش، أنا ماشيه، ابعتلي ورقتي يا سامر˝
أمسكت صفا بملابس مها ˝لا يا مها أنا روحي في البنات ما أقدرش على بعادهم˝
فردت مها ˝وروحك كمان في سامر ما ينفعش اللي الشيخ ىبيقولوه مش هينفع، لازم أمشي˝
لتمسك صفا بقلبها وتصرخ ثم تقع
هرول سامر ناحيتها ˝صفا، صفا˝
أمسك يدها فوقعت منه، لتصرخ مها ˝لا، اصحي يا صفا، ما ليش غيرك، يا رب، لا يا رب، اصحي يا صفا هاسيبلك البنات يوم عندي ويوم عندك، قومي يا صفا، ما تسبينيش يا صفا، ده إنتي أختي اللي ما خلفنتهاش أمي˝
وأخذت تقبلها وتهز فيها ليبعدها عنها الشيخ
˝خلاص يا بنتي، راحت للي خلقها˝
فضربته مها ˝أنت السبب، انت السبب، إنت مالك؟ كنا عايشيين مرتاحين، حرام عليك حرام عليك˝
وأخذت تصرخ حتى انهارت وسقطت ونقلت للمشفى
دفن سامر صفا وظل يتابع مها بالمشفى ويعتني بالفتاتين
بعد فترة بدأت مها تخرج من اكتئابها وتعود للعناية بابنتيها كانت في شقتها وسامر في شقته كانت تعد الطعام وتنزله له في شقته وعندما يذهب للعمل تنزل لترتب الشقة وتغسل الملابس.
إلى أن نزلت في يوم لتضع له الطعام فسمعت صوت أنات آتيه من غرفة النوم فدخلت لتجده على السرير في وضع الجنين فلمست جبينه لتجده يتقد نارًا
طلبت الطبيب وكتب له الدواء وقامت بعمل الكمادات وظلت معه هي والفتاتين في الشقة لتعتني به، كانت حرارته مرتفعة للغاية أعطته الحقنة وركبت المحلول وبه الخافض وقامت أيضًا بعمل الكمادات كانت بجواره على السرير إلى أن غفت.
كان سامر كلما فتح عينيه يراها بجواره على السرير كان يظن نفسه يهذي،
إلى أن انخفضت الحرارة فاستيقظ ليجدها نائمة بجواره كالملاك بشعرها الأسود الطويل الذي تحرر من تلك الربطة وجدها تتململ فتصنع النوم
فتحت مها عينياها البنيتين الساحرتين فهما أجمل ما فيها
ووضعت يديها على جبينه قائلة ˝الحمد لله أخيرًا يا رب˝
ونهضت من على السرير واتجهت للمطبخ جهزت الإفطار وأيقظت الفتاتين وأوصلتهما للمدرسة، ثم عادت لتوقظه برفق نادت عليه لم يستجب خشيت أن تكون عاودته الحرارة فوضعت يدها على جبينه فوجدته طبيعيًا، نادت مرة أخرى ويديها تهزه برفق
˝سامر اصحى˝
فتح عينيه، هذه أول مره ترى عيناه من هذا القرب إنهما عينان ساحرتان قالت في نفسها (حقك يا صفا الله يرحمك كنتي تدوبي فيه)
˝صباح الخير˝ قالها سامر
ردت بخجل ˝صباح النور، الحمد لله أنت بقيت كويس، دي نزله حاده من أكلك بره˝
فقال لها وهو يعتدل على السرير ˝ابطل آكل بره ازاي، أنا ما باعرفش آكل لوحدي، مش هاكل هنا بطولي زي أبوقردان˝
قالت وهي خارجة من الغرفة ˝خلاص هانزل البنات ياكلوا معاك˝ ثم عادت بعد قليل وهي تحمل صينية
فرد ˝ مش عاوز البنات بس˝
جلست بجواره فقال ˝انتي مراتي يا مها وعاوزك انتي وبناتي جمبي وحواليا على طول، أومال إحنا اتجوزنا ليه؟˝
قالت بأسى ˝يا ريتنا ما اتجوزنا، كان زمان صفا معانا ماليه البيت بضحكتها˝
ودمعت عينياها
˝ده قضاء ربنا يا مها، إيه هتكفري؟˝
˝لا، بس لولا اللي حصل˝
قال بحزم ˝ما فيهاش لولا صفا كان قلبها ضعيف وإنتي عارفه كده وعشان كده ما كانش ينفع نخلف وأنا كنت باقي عليها وشاريها والشد والجذب اللي حصل يومها وخوفها إن البنات يسيبوها كان صعب على قلبها خصوصًا إن اللي اكتشفته إنها كانت بتضحك عليا وتقولي أخدت الدوا وهي ما أخدتوش، أنا لقيت شرايط الدوا كامله مع إن المفروض تكون خلصانه، كانت مخبياهم في دولابها، مع إني كنت بأكد عليها كل يوم تاخد الدوا والفيتامينات˝
تساءلت ˝ما كانتش بتاخده ليه؟˝
˝في الفتره الاخيره بقى بيضايقها ما أعرفش ليه؟ والدكتور قال ما ينفعش نغيره، يعني موتها مش ذمب حد˝
˝خلاص افطر بقى عشان تاخد الدوا˝
أنهى إفطاره فقامت وأولته ظهرها
˝بتعملي إيه؟˝
˝باجهز الحقنه˝
˝أنا ما باحبش الحقن˝
ضحكت ˝آه هنبدأ بقى في شغل العيال، أنا ما باحبش الدلع في الحقن خلاص، الدوا دوا˝
˝طيب ما تتنرفزيش بس وتقلبي وشك، مش لايق عليكي الزعل، العيون الحلوه دي ما يلقش عليها غير الضحكه˝
احمرت وجنتاها هذه أول مرة يتغزل في عينيها
˝ اقلع˝
نظر لها باستغراب ˝اقلع إيه؟˝
قالت بهدوء ˝البنطلون عشان الحقنه˝
قال معترضًا ممسكًا سرواله ˝لا كله إلا كده˝
قالت وهي تكتم ضحكتها ˝بلاش دلع ما أنا اديتهالك إمبارح وإنت نايم، وبعدين إنت مش لسه قايل أنا مراتك˝
˝آه مراتي بس يعني ..˝
جلست بجواره تسايره كطفل صغير
وجعلته يستدير وأنزلت السروال قليلًا ˝عشان تخف بقى وتقوم لنا بالسلامة البنات مرعوبين، وأنا أكتر منهم، ما لناش غيرك˝
˝طيب يالا اديني الحقنه بسرعه˝
ضحكت وهي ترفع البنطلون ˝ما أنت أخدتها خلاص˝
قال متعجبًا ˝لا والله˝
قالت وهي تفرد عليه الغطاء ˝ادفي بقى وريح شويه لغايه ما أخلص اللي ورايا˝
أمسك يديها ˝خليكي جمبي˝
سحبت يديها بهدوء ˝بلاش دلع أنت كويس أهو، اتفرج على التلفزيون عشان أجهز الغدا قبل ميعاد البنات˝
كان سعيدًا بوجودها حوله، كانت تواليه بالمشروبات الدافئة أثناء تنظيفها المنزل، حان موعد مجيء البنات ليجدها ارتدت حجابها
˝إيه رايحه فين؟˝
˝نازله أجيب البنات˝
˝لا أنا هانزل˝
أجلسته مكانه ˝لا تنزل فين، لما تبقي تمام نشوف الموضوع ده˝
نزلت وأحضرت رحمة وجنة
اللتان ما أن وجدتاه مستيقظًا وبخير حتى ارتميتا في حضنه
˝حبيبي يا بابا سامر، شكرًا يا رب إنه بقى كويس˝ قالتها جنة
˝كنا خايفين عليك قوي يا بابا سامر لتروح لربنا زي بابا وزي ماما صفا˝ قالتها رحمة
فقال وهو يضمهما بحنان ˝الحمد لله ومن النهارده تقولولي بابا بس من غير بابا سامر˝
في نفس واحد ˝حاضر يا بابا˝
جاء الليل ونامت رحمة وجنة، دخلت مها غرفته وأعطته دواءه والحقنة
˝يالا بقي تصبح على خير˝ وتوجهت للباب
فقال ˝ انتي لسه هتسهري؟˝
ردت ˝لا هاسهر إيه؟ أنا هلكانه وعاوزه أنام هاغير وأنام على طول˝
˝أومال راحه فين؟ ما الحمام أهو خشي غيري˝
˝لا هدومي عند البنات ما أنا هانام هناك˝
قام من على السرير واقترب منها وقال بهدوء
˝هو أنا ابقي لك إيه يا مها؟˝
ردت ونظرها في الأرض ˝جوزي وكل ما ليا في الدنيا˝
فرفع عينيها له ˝يبقى مكانك جمبي، على سريري˝
حاولت أن تهرب من عينيه ولكنهما كانتا تقيدانها ˝بس ..أنا.. ˝
˝من غير بسبسه يا مها، انتي مراتي˝
واقترب منها وقلبها يخفق بشدة ˝مش هتنامي غير في سريري، لازم البنات تتعود تنام لوحدها˝
ثم أمسك يديها مقبلًا إياها ˝عشان أنا ما أعرفش أنام لوحدي، روحي غيري وبكره تنقلي هدومك هنا، الدولاب فاضي حاجه صفا أنا اتبرعت بيها صدقه على روحها˝
˝حاضر˝
˝طيب روحي˝
ابتسمت ˝طيب وسع عشان أروح˝
فضحك وابتعد عنها
جرت على غرفة بناتها وهي تشعر بسعادة لم يسبق لها مثيل
لم تجد ملابس أجمل من ذلك القميص القطني فارتدته وارتدت الرداء عليه ودخلت الغرفة
وصعدت على السرير
˝إيه هتنامي بالروب؟˝
˝لا هاقلعه أهو˝
ليصفر هو قائلًا ˝ اللهم صل على كامل النور˝
فخفضت رأسها خجلًا ˝عليه الصلاة وأزكى السلام˝
فوضع يده على كتفها فانتفضت ˝إيه ما تخافيش، وربنا أنا جوزك، أنا هروح أجيب مياه أجيب لك حاجه؟˝
˝خليك وأنا أجيبلك˝
أحضر الماء وعصير ودخل وأغلق الباب بالمفتاح
˝مش بكره برضه أجازه البنات؟˝
˝أيوه˝
˝يعني هيصحوا إمتى˝
˝يوم الاجازه ما بيصحوش قبل الظهر˝
˝طيب الحمد لله˝
˝ليه˝
˝عشان الكل ينام براحته˝
ثم سقطا في بحر الحب والرغبة واكتمل زواجهما
كانت تحس كأنها عروس جديده تعامل برقة وحنو، لم يدعها تنام بعيدًا عن ذراعه
استيقظا على طرقات الفتيات على الباب
انتفضت لتجد نفسها بين ذراعيه، انتبها للباب
لملمت ملابسها ودخلت الحمام مسرعة تلف الملاءة عليها
ضحك وقال ˝حاضر يا بنات ثانيه واحده˝ وارتدى ملابسه وفتح الباب
˝ماما فين ما كانتش نايمه معانا راحت فين؟˝
قال ˝ ماما في الحمام وتتعودوا بقى انتوا كبرتوا ماما مكانها مع بابا˝
كانت قد خرجت من الحمام
˝ صباح الخير يا بنات˝
˝صباح الخير يا ماما، أنتي صحيح هتنامي هنا مع بابا؟˝
فأمسك سامر رحمة من أذنها برقة
˝أومال هاكدب عليكي يا مفعوصه˝
ثم صفق قائلًا
˝يالا كله يغير هدومه، مش فاضيين، عندنا ملاهي عاوزين نروحها˝
لتهتف رحمة وجنة في سرور
فقالت مها ˝طب استنوا اجهز فطار وسندوتشات˝
˝ما فيش تجهيز كله من بره يالا بسرعه˝
خرجت الفتاتين وأغلق الباب فنظرت له مبتسمة وهي تبتعد عنه ˝عاوز إيه؟˝
فرفع يديه ˝برئ يا بيه، عاوز نغير هدومنا، وبالليل بقى هاعوز حاجات كتير˝
قالها وهو يحتضنها مقبلًا رأسها
˝ربنا يخليكم ليا يا رب وأعوضكم عن كل يوم وحش عشتوه˝
أحاطته بذراعيها بقوة ˝ربنا ما يحرمنا منك والسعاده دي تدوم˝
مرت الأيام في سعادة يذهب سامر لعمله وهي في المنزل تهتم بالفتاتين إلى أن أتى ذلك اليوم
كانا يتناولان طعام الغداء ومها تحس بالغثيان هرولت إلى الحمام
تبعها هو
˝إيه مالك؟˝
˝مش عارفه، جايز برد˝
ثم فتحت عيناها على اتساعها ˝ النهارده كام في الشهر يا سامر˝
˝ عشرين˝
جلست على السرير ˝معقول يكون ...˝
جلس بجوارها ˝إيه يا موها يكون إيه؟˝
قالت بخوف ˝معقول أكون ..˝
˝انطقي يا مها˝
˝حامل يا سامر، معقول أكون حامل؟˝
وقف على الفور ولم يتحدث وخرج
عاد بعد قليل حاملًا كيسًا صغيرًا
˝خدي اتاكدي، ده اختبار حمل˝
دخلت وقامت بعمل الاختبار ووضعاه على الطاولة وجلسا ينتظران إلى أن بدأ خطان ورديان في الظهور
وضعت يدها على فمها لتمنع نفسها من الصراخ أما هو فصرخ بأعلى صوته ˝هيييييييييييييه˝
واحتضنها يلف بها الغرفة
دخلت رحمة وجنة بسرعة ˝فيه إيه يا بابا؟˝
˝فيه ايه يا ماما؟˝
رد وهو يضع مها على السرير
˝ماما إن شاء الله هتجيب لكم أخ أو أخت صغيرين تلعبوا بيهم˝
فرحت الفتاتين ˝هيبقي عندنا نونو˝
قالت جنة ˝ هينام في حضني˝
قالت رحمة ˝أنا اللي هاكله˝
قالت مها ˝طب اصبروا نتأكد الأول˝
فقال سامر ˝صح يالا بينا˝
وذهبوا سويًا للطبيب الذي أكد الحمل
كانوا في غاية السعادة
رزقهم الله بولد أسمياه ياسين
كان سامر نعم الزوج لمها ونعم الوالد لرحمة وجنة
ولم يفرق أبدًا بينهما وبين ياسين
شجع مها على أخذ كورسات لغات وأحضر لها من يساعدها بالمنزل،
عملت مها مترجمة للكتب من المنزل لتستطيع العناية بالأولاد،
وأصبحت من أدق المترجمين للكتب.
سامر لم يقلل أبدًا من شأنها ولم يهمل أنوثتها أبدًا
وقف ورائها مشجعًا إياها لتحقق ما تطمح إليه،
أحسسها أنها الأنثى الأجمل من بين كل نساء الدنيا.
لم تخلو الحياة طبعًا من بعض الاختلافات أو المناوشات
لكن ما دام الاحترام والكلمة الطيبة هما السائدان تنزوي الخلافات حتى تتلاشى،
ولا يبق سوى الكلمة الطيبة والعشرة بالمعروف
قال تعالي ((وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21))
تمت بحمد الله
#نشوة_أبوالوفا #nashwa_aboalwafa. ❝