❞ الحب قصة جميلة .. الموت مؤلفها..
الحياة حرارة .. و احتراق .. الموت نسيجها .. و الهلاك صميمها.
أجسادنا تتساقط و هي تمشي .. في كل لحظة هناك شيء يتساقط منها..
و كلما حياتنا كلما تآكلت في نفس الوقت..
العدم كامن في الوجود .. كامن في أجسادنا .. كامن في إحساساتنا و مشاعرنا..
الخوف .. الشك .. التردد .. القلق .. الكسل .. التراخي .. اليأس .. القنوط .. كل هذه علامات
سكون في الشعور .. كلها إحساسات عدمية تفسيرها الوحيد أن هناك فجوة في تكويننا .. فجوة نراها
بعين الشعور فنخاف و نجزع و نقلق..
فجوة نطل عليها من داخلنا و إن كنا لا نراها بعيننا الواعية .. و لا نتذكرها إلا حينما يقال لنا .. فلان
مات.
مات .. ؟! مات ازاي ده كان لسه سهران معانا امبارح لنص الليل .. شيء عجيب..
و نمصمص شفاهنا .. ثم ننسى كل شيء و نعود إلى حياتنا الآلية .. و لكن عيننا الداخلية تظل مطلة
على هذه الفجوة .. و باطننا يظل يرتجف .ذا القلق المبهم..
الموت بالنسبة لكل منا .. أزمة .. و سؤال .. يبعث على الدهشة و القلق .. والذعر.
و لكنه بالنسبة للكون شيء آخر.
إنه بالنسبة للكون ضرورة و فضيلة .. و خير..
الموت و الحياة حينما ننظر لهما من بعيد .. و هما يعملان في الكون يظهران و هما يخلقان الواقع.
الموت يبدو مكملاً للحياة .. يبدو كالبستاني الذي يقتلع النباتات الفاسدة و يسوي الأرض و يحرثها
ليفسح ا.ال للبذور الصغيرة الرقيقة لتطرح ثمارها.
يبدو كالرسام الذي يمحو بفرشاته خطاً ليثبت على اللوحة خطاً جديد أفضل منه.
يبدو خالقاً في ثوب هدام .. فهو يهدم حائط الجسد .. لأن خلف الحائط يوجد ماء الحياة الجاري.
حاول أن تتخيل الدنيا بلا موت .. الدنيا من أيام آدم .. و المخلوقات و هي تتراكم فيها .. و لا تموت
.
الناس .. و الذباب .. و الضفادع .. و الحشائش .. و الديدان .. و هي تتراكم .. و يصعد بعضها على
أكتاف بعض .. حتى تسد عين الشمس..
إن الحياة تبدو شيئاً كالاختناق..
إن الكائن الحي يحب نفسه فقط .. و يحب اللحظة الصغيرة التي يعيشها و لهذا يكره الموت .. و لكن
الموت يحب كل اللحظات و يحب الزمن .. و يحب المستقبل .. و لهذا يتساقط الناس من غرباله كالنشارة
ليقوم على أشلائهم ناس آخرون أحسن منهم و هكذا دواليك.
الموت هو عملية المونتاج التي تعمل في الشريط الوجودي كله فتقصه إلى عدة لقطات واقعية .. كل منها
له عمر محدود..
و الموت يخلق واقع الأشياء الجامدة أيضاً كما يخلق واقع المخلوقات الحية.
الأشياء الجامدة لها .اية .. و العين تدركها لأن لها .اية .. .اية في الطول و العرض و العمق .. و لو
كانت لا .ائية في طولها و عرضها و عمقها لاختفت .. و لأصبحت عالية في الإدراك .. غير موجودة
..
إن التناهي هو الذي يوجدها..
و التناهي هو الموت.
كل ما في الكون من إنسان و حيوان و نبات و جماد إذن متناهٍ له حدود .. الموت يأكل أطرافه .. و
يقص حواشيه .. و يبرزه .. و يوجده و يخلقه في نفس الوقت..
الموت فضيلة و خير بالنسبة للكون كله لأن به تكون الأشياء موجودة و تكون المخلوقات مضطربة
بالشعور و الحياة.
و لكنه شر الرذائل بالنسبة للإنسان الفرد .. بالنسبة لك أنت .. و لي أنا .. لأنه ينفقنا كضرائب إنشاء
و تعمير .. و يقدمنا قرابين على مذبح الوجود.
و نحن لا نفهم هذا النوع من القربان .. و لا نستطيع أن نفهمه لأنه قربان فظيع .. و تضحية معناها أن
نموت و ذلك.
نحن نعيش في مأساتنا الشخصية .. و نرى الموت كفجوة تفغر فاها تحت أقدامنا فنتشبث بأي شيء نجده
حولنا .. و نتشبث بها و نحتمي من الجرف الذي ينهار تحتنا.
و نبصر بالمرأة تمد لنا يديها و قلبها و جسدها .. و تتراقص مثل كوبري عائم على نهر الفناء .. فنهرع
إليها محاولين النجاة .. و نشعر بجنون اللذة و السرور و الفرح و نحن بين ذراعيها .. نشعر بأننا نولد من
جديد .. و نبعث .. و نهرب من المصير..
و نموت .. و لكن بعد أن نكون قد زرعنا صورتنا في جسدها و قمنا بتهريب جزء من وجودنا عبر هذا
الكوبري الجميل من اللحم و الدم .. الذي مدته لنا مع ابتسامتها.
إن الحب كله قصة جميلة .. مؤلفها الموت نفسه .. و ليس الحب فقط .. بل كل العواطف و التروات و
المخاوف و الآمال و شطحات الخيال و الفكر و الفن و الأخلاق .. كل هذه القيم العظيمة تدين
للموت بوجودها.
أعطني أي مثال أخلاقي .. و أنا أكشف لك عن الموت في مضمونه.
الشجاعة قيمتها في أنها تتحدى الموت.
و الإصرار قيمته في أنه يواجه الموت .. و هكذا كل مثل أخلاقي .. قوته في أنه يواجه مقاومة .. و هو
ينهار .. و ينهار مضمونه حينما لا تكون هناك مقاومة في مواجهته.
الفنان و الفيلسوف و رجل الدين ثلاثة يقفون على بوابة الموت..
الفيلسوف يحاول أن يجد تفسيراً..
و رجل الدين يحاول أن يجد سبيلاً للاطمئنان..
و الفنان يحاول أن يجد سبيلاً إلى الخلود .. يحاول أن يترك مولوداً غير شرعي على الباب يخلد اسمه ..
قطعة موسيقية أو تمثالاً أو قصة أو قصيدة.
كلنا يخلقنا الموت .. الموت المدهش.
لو لم نكن نموت لما شعرنا بالحب .. فما الحب إلا هيستريا التشبث و التعلق بالحياة .. و محاولة تهريبها
كالمخدرات في بطون الأمهات.
و ما الداعي إلى أخلاق في مجتمع من الخالدين .. إن الأخلاق هي الخرسانة و المسلح الذي ندعم به
بيوتنا المنهارة .. و نمسك به هياكلنا الفانية .. فإذا كنا من الخالدين لا نمرض و لا نموت و لا نضعف و
لا يصيبنا شر فما لزوم الأخلاق.
إن كل ما هو جميل و خير و حسن في مجتمعنا خارج من هذه الفجوة .. الموت.
و كل ما هو جميل في إنسانيتنا خارج من هذه الفجوة أيضاً.
إن حياتنا غير منفصلة عن موتنا .. فكل منهما مشروط بالآخر.
و الأصدق أن نقول أنه لا توجد حالتان .. حياة و موت .. و لكن حالة واحدة هي الصيرورة .. حالة
متناقضة في داخلها و محتوية على الاثنين معاً : الحياة و الموت..
حالة متحركة نابضة صائرة من حياة إلى موت و من موت إلى حياة و في كل لحظة منها تحمل
الجرثومتين , جرثومة نموها و جرثومة فنائها في نفس الوقت.
و هما جرثومتان لا هدنة بينهما .. و لا تعادل و إنما صراع و توتر و تمزق و شرر متطاير مثل الشرر
الذي يتطاير من قطبي الكهرباء السالب و الموجب حينما يلتقيان .. و هما مثلهما أيضاً .. تبعثان حرارة
و نوراً .. هما العاطفة و الوعي اللذان يندلعان في عقل الإنسان الذي يعيش هذا الصراع بسالبه و موجبه
..
و هو الصراع يبدو فيه العنصر الموجب أقوى من السالب .. و تبدو الحياة غلابة صاعدة منتصرة..
* * *
كلام جميل .. و لكنه مع هذا كله لا يجعل الموت جميلاً في عيوننا.
إنه يفشل حتى في الاعتذار لنا عن عزرائيل و أفعاله .. حتى و لو كانت في صالح الكون .. فمالنا و
الكون .. نحن كون في ذاتنا .. و عزرائيل ينتهك أطهر حرماتنا , نفوسنا .. أنا .. و أنت.
إن أجمل اللحظات في حياتي هي التي أقول فيها .. أنا فعلت .. أنا قدمت .. أنا أنجزت .. أنا اخترعت
..أنا .. أنا..
لا يوجد شيء في وجودي .. أو وجودك .. أغلى من هذه الكلمة الصغيرة .. أنا .. فكيف يمكن أن
أتصور أن أموت..
إني أستطيع إحداث الموت .. أستطيع أن أقتل و أن أنتحر..
كيف يكون الموت أحد اختراعاتي ؟؟ ..وأكون أنا أحد ضحاياه في نفس الوقت.
أين اللغز الحقيقي .. أهو الموت .. أم هو هذه الكلمة الصغيرة .. أنا ؟..
..
مقال / عملية تهريب
من كتاب / لغز الموت
للدكتور مصطفي محمود (رحمه الله). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ الحب قصة جميلة . الموت مؤلفها.
الحياة حرارة . و احتراق . الموت نسيجها . و الهلاك صميمها.
أجسادنا تتساقط و هي تمشي . في كل لحظة هناك شيء يتساقط منها.
و كلما حياتنا كلما تآكلت في نفس الوقت.
العدم كامن في الوجود . كامن في أجسادنا . كامن في إحساساتنا و مشاعرنا.
الخوف . الشك . التردد . القلق . الكسل . التراخي . اليأس . القنوط . كل هذه علامات
سكون في الشعور . كلها إحساسات عدمية تفسيرها الوحيد أن هناك فجوة في تكويننا . فجوة نراها
بعين الشعور فنخاف و نجزع و نقلق.
فجوة نطل عليها من داخلنا و إن كنا لا نراها بعيننا الواعية . و لا نتذكرها إلا حينما يقال لنا . فلان
مات.
مات . ؟! مات ازاي ده كان لسه سهران معانا امبارح لنص الليل . شيء عجيب.
و نمصمص شفاهنا . ثم ننسى كل شيء و نعود إلى حياتنا الآلية . و لكن عيننا الداخلية تظل مطلة
على هذه الفجوة . و باطننا يظل يرتجف .ذا القلق المبهم.
الموت بالنسبة لكل منا . أزمة . و سؤال . يبعث على الدهشة و القلق . والذعر.
و لكنه بالنسبة للكون شيء آخر.
إنه بالنسبة للكون ضرورة و فضيلة . و خير.
الموت و الحياة حينما ننظر لهما من بعيد . و هما يعملان في الكون يظهران و هما يخلقان الواقع.
الموت يبدو مكملاً للحياة . يبدو كالبستاني الذي يقتلع النباتات الفاسدة و يسوي الأرض و يحرثها
ليفسح ا.ال للبذور الصغيرة الرقيقة لتطرح ثمارها.
يبدو كالرسام الذي يمحو بفرشاته خطاً ليثبت على اللوحة خطاً جديد أفضل منه.
يبدو خالقاً في ثوب هدام . فهو يهدم حائط الجسد . لأن خلف الحائط يوجد ماء الحياة الجاري.
حاول أن تتخيل الدنيا بلا موت . الدنيا من أيام آدم . و المخلوقات و هي تتراكم فيها . و لا تموت
.
الناس . و الذباب . و الضفادع . و الحشائش . و الديدان . و هي تتراكم . و يصعد بعضها على
أكتاف بعض . حتى تسد عين الشمس.
إن الحياة تبدو شيئاً كالاختناق.
إن الكائن الحي يحب نفسه فقط . و يحب اللحظة الصغيرة التي يعيشها و لهذا يكره الموت . و لكن
الموت يحب كل اللحظات و يحب الزمن . و يحب المستقبل . و لهذا يتساقط الناس من غرباله كالنشارة
ليقوم على أشلائهم ناس آخرون أحسن منهم و هكذا دواليك.
الموت هو عملية المونتاج التي تعمل في الشريط الوجودي كله فتقصه إلى عدة لقطات واقعية . كل منها
له عمر محدود.
و الموت يخلق واقع الأشياء الجامدة أيضاً كما يخلق واقع المخلوقات الحية.
الأشياء الجامدة لها .اية . و العين تدركها لأن لها .اية . .اية في الطول و العرض و العمق . و لو
كانت لا .ائية في طولها و عرضها و عمقها لاختفت . و لأصبحت عالية في الإدراك . غير موجودة
.
إن التناهي هو الذي يوجدها.
و التناهي هو الموت.
كل ما في الكون من إنسان و حيوان و نبات و جماد إذن متناهٍ له حدود . الموت يأكل أطرافه . و
يقص حواشيه . و يبرزه . و يوجده و يخلقه في نفس الوقت.
الموت فضيلة و خير بالنسبة للكون كله لأن به تكون الأشياء موجودة و تكون المخلوقات مضطربة
بالشعور و الحياة.
و لكنه شر الرذائل بالنسبة للإنسان الفرد . بالنسبة لك أنت . و لي أنا . لأنه ينفقنا كضرائب إنشاء
و تعمير . و يقدمنا قرابين على مذبح الوجود.
و نحن لا نفهم هذا النوع من القربان . و لا نستطيع أن نفهمه لأنه قربان فظيع . و تضحية معناها أن
نموت و ذلك.
نحن نعيش في مأساتنا الشخصية . و نرى الموت كفجوة تفغر فاها تحت أقدامنا فنتشبث بأي شيء نجده
حولنا . و نتشبث بها و نحتمي من الجرف الذي ينهار تحتنا.
و نبصر بالمرأة تمد لنا يديها و قلبها و جسدها . و تتراقص مثل كوبري عائم على نهر الفناء . فنهرع
إليها محاولين النجاة . و نشعر بجنون اللذة و السرور و الفرح و نحن بين ذراعيها . نشعر بأننا نولد من
جديد . و نبعث . و نهرب من المصير.
و نموت . و لكن بعد أن نكون قد زرعنا صورتنا في جسدها و قمنا بتهريب جزء من وجودنا عبر هذا
الكوبري الجميل من اللحم و الدم . الذي مدته لنا مع ابتسامتها.
إن الحب كله قصة جميلة . مؤلفها الموت نفسه . و ليس الحب فقط . بل كل العواطف و التروات و
المخاوف و الآمال و شطحات الخيال و الفكر و الفن و الأخلاق . كل هذه القيم العظيمة تدين
للموت بوجودها.
أعطني أي مثال أخلاقي . و أنا أكشف لك عن الموت في مضمونه.
الشجاعة قيمتها في أنها تتحدى الموت.
و الإصرار قيمته في أنه يواجه الموت . و هكذا كل مثل أخلاقي . قوته في أنه يواجه مقاومة . و هو
ينهار . و ينهار مضمونه حينما لا تكون هناك مقاومة في مواجهته.
الفنان و الفيلسوف و رجل الدين ثلاثة يقفون على بوابة الموت.
الفيلسوف يحاول أن يجد تفسيراً.
و رجل الدين يحاول أن يجد سبيلاً للاطمئنان.
و الفنان يحاول أن يجد سبيلاً إلى الخلود . يحاول أن يترك مولوداً غير شرعي على الباب يخلد اسمه .
قطعة موسيقية أو تمثالاً أو قصة أو قصيدة.
كلنا يخلقنا الموت . الموت المدهش.
لو لم نكن نموت لما شعرنا بالحب . فما الحب إلا هيستريا التشبث و التعلق بالحياة . و محاولة تهريبها
كالمخدرات في بطون الأمهات.
و ما الداعي إلى أخلاق في مجتمع من الخالدين . إن الأخلاق هي الخرسانة و المسلح الذي ندعم به
بيوتنا المنهارة . و نمسك به هياكلنا الفانية . فإذا كنا من الخالدين لا نمرض و لا نموت و لا نضعف و
لا يصيبنا شر فما لزوم الأخلاق.
إن كل ما هو جميل و خير و حسن في مجتمعنا خارج من هذه الفجوة . الموت.
و كل ما هو جميل في إنسانيتنا خارج من هذه الفجوة أيضاً.
إن حياتنا غير منفصلة عن موتنا . فكل منهما مشروط بالآخر.
و الأصدق أن نقول أنه لا توجد حالتان . حياة و موت . و لكن حالة واحدة هي الصيرورة . حالة
متناقضة في داخلها و محتوية على الاثنين معاً : الحياة و الموت.
حالة متحركة نابضة صائرة من حياة إلى موت و من موت إلى حياة و في كل لحظة منها تحمل
الجرثومتين , جرثومة نموها و جرثومة فنائها في نفس الوقت.
و هما جرثومتان لا هدنة بينهما . و لا تعادل و إنما صراع و توتر و تمزق و شرر متطاير مثل الشرر
الذي يتطاير من قطبي الكهرباء السالب و الموجب حينما يلتقيان . و هما مثلهما أيضاً . تبعثان حرارة
و نوراً . هما العاطفة و الوعي اللذان يندلعان في عقل الإنسان الذي يعيش هذا الصراع بسالبه و موجبه
.
و هو الصراع يبدو فيه العنصر الموجب أقوى من السالب . و تبدو الحياة غلابة صاعدة منتصرة.
**
كلام جميل . و لكنه مع هذا كله لا يجعل الموت جميلاً في عيوننا.
إنه يفشل حتى في الاعتذار لنا عن عزرائيل و أفعاله . حتى و لو كانت في صالح الكون . فمالنا و
الكون . نحن كون في ذاتنا . و عزرائيل ينتهك أطهر حرماتنا , نفوسنا . أنا . و أنت.
إن أجمل اللحظات في حياتي هي التي أقول فيها . أنا فعلت . أنا قدمت . أنا أنجزت . أنا اخترعت
.أنا . أنا.
لا يوجد شيء في وجودي . أو وجودك . أغلى من هذه الكلمة الصغيرة . أنا . فكيف يمكن أن
أتصور أن أموت.
إني أستطيع إحداث الموت . أستطيع أن أقتل و أن أنتحر.
كيف يكون الموت أحد اختراعاتي ؟؟ .وأكون أنا أحد ضحاياه في نفس الوقت.
أين اللغز الحقيقي . أهو الموت . أم هو هذه الكلمة الصغيرة . أنا ؟.
.
مقال / عملية تهريب
من كتاب / لغز الموت
للدكتور مصطفي محمود (رحمه الله). ❝
❞ شروق وغروب
فرحة عارمة تعم منزل الحاج (عدلي) ، رجل الأعمال المعروف .. الأنوار والزينات تحيل الليل نهارا .. وقد امتلأت الموائد داخل سرادق ضخم بألوان الطعام والحلوى والمشروبات المثلجة .. ووزعت علب (الملبس) المليئة بالحمص واللوز وأغلى أنواع الشيكولاتة ، على كل الحاضرين صغارا وكبارا .. فقد رزقه الله بعد عشر سنين عجاف طفلتين توأم .. ( شمس وقمر) كانتا ريحانتي العائلة كلها .
تمضي السنين وتصبحان فتاتين يافعتين جميلتين .. لا يستطيع أحد التفريق بينهما لتشابهما التام ! ، إلا إن شمس كانت أكثر نشاطا وخفة .. لا تكف عن الضحك والمزاح .. بينما كانت قمر رزينة هادئة ، تهوى القراءة والرسم ، تقضي معظم الوقت في البيت مما جعل (شمس) تطلق عليها (بيوتية) وكانت دائما ما تداعبها وتمازحها قائلة : أنتِ (قمر) .. والقمر لا يظهر إلا ليلًا !! أما أنا فأظهر نهارا لأنير الدنيا لأنني (شمس) !! وتنطلق ضاحكة مرحة .. بينما (قمر) تبتسم ساخرة منها .. ألا إن الحب يجمعهما .. ويتجسد هذا الحب عندما تجتمع الأسرة كلها .. في سعادة وبهجة
كانت شمس تعشق المغامرات ، تتدرب علي (الكونغو فو) وتلعب كرة القدم ، تخرج بصحبة أبيها تمارس هواية صيد السمك .. تركب الخيل .. تجوب بالدراجة أنحاء البلدة .. وتطارد الفراشات في الحدائق ، لا تدع لعبة أو هواية .. إلا مارستها ، وكأنها تسرق من العمر عمرا !! الشيء الوحيد الذي تمنت ممارسته .. هو السباحة ! وأخبرت أبيها بذلك .. لكنه رفض رفضًا تامًا خوفا عليها ، ولعدم وجود مكان مخصص لتعليم الفتيات السباحة بالنادي .
ظل هذا الحلم يراودها .. وأصرت .. في قرارة نفسها أن تحققه .. أثناء تنزهها مع أختها على شاطىء النيل .. غافلتها وأسرعت تتسلق إحدى الشجرات المطلة علي النيل ، مهددة بإلقاء نفسها في الماء ، إن لم يوافق أبوهما على تعلمها السباحة أخذت (قمر) الأمرعلى إنه مزحة لأنها تعرف أن (شمس) تعشق الحياة !! ولن تفعلها أبدا تصعد (قمر) إليها مرددة :ما دمتِ تصرين على ذلك .. فإما أن نموت معا أو نعيش معا !!
لم يتحمل فرع الشجرة ثقلهما فينكسر، وتسقط (قمر) في النيل ، بينما يعلق ثوب (شمس) بالشجرة ، تصرخ (شمس) تستغيث لعل أحدا ينقذهما ! فيهرع بعض المارة إليها .. منهم من ألقى بنفسه في الماء لإنقاذ (قمر) التي كانت تصارع الأمواج .. لكن الأمواج تصرعها وتغرق !! قبل أن يصل إليها أحد .. ويخرجونها جثة هامدة ، ومنهم من تسلق الشجرة لنجدة (شمس) و إنزالها .. وقد انهارت وخارت قواها وظلت تصرخ وتبكي وتولول في هيستريا مفزعة !!
يأتي الأب على صوت الضجيج والصراخ .. مستطلعا .. ليفاجأ بما حدث .. يصرخ دون وعي : ابنتي .. ابنتي !! ويسقط مغشيا عليه من هول الصدمة !
كان موت (قمر) صدمة مفجعة ( لشمس) ، وجميع أفراد الأسرة .. لا يصدقون أن (قمر) ماتت !! إلا إنهم في النهاية يسلمون الأمر لله .. فالموت حق .. ولكن الصدمة قوية .. وظلت (شمس) تعاني من نوبات بكاء وصراخ ، وكلما حاولت النوم يأتيها طيف شقيقتها .. تراها ممدة بجانبها تحاول احتضانها .. فلا تحتضن إلا الفراغ .. تصرخ : \" قمر .. قمر \" ! إلى أين ذهبتِ ..ارجعي يا قمر !! .. وتروح في نوبة بكاء حار !! إلى أن يغلبها النوم !!
خيم الظلام و الحزن علي المنزل ، الذي كان يشع ضوءً و حياة ، فقدغابت (قمر) وانطفأت (شمس) حزنًا عليها ..
تمر سنوات ولا جديد غير إن (شمس) علي قيد الحياة ، لكنها لم تعد (شمس) التي كانت قبل موت أختها ..تلجأ إلى الصمت وتعكف على القراءة كما كانت تفعل ( قمر) .. و دموعها لا تفارقها ليل نهار، تتوقف عن الدراسة .. تنعزل عن المجتمع ..تشعر بالذنب فلولا تهورها ما ماتت (قمر) !!
يحاول والدها التسرية عنها ، وإخراجها من تلك العزلة القاتلة .. لكن الحزن لا يغيب والجراح لا تبرأ !!
هدأت نفسها بعض الشيء .. قررت ان تكمل دراستها ، التحقت بمعهد الفنون لتعلم الرسم ، تتقمص شخصية (قمر) ، الهدوء والرزانة والرسم والقراءة فقط !!
مرت أيام و أيام .. وكل يوم كانت تتحسن حالة (شمس) .. الكل سعيد بعودتها للحياة .. ويدعون لها دائما براحة البال ، ودوام السعادة والاستقرار .
ذات يوم .. قلقت الأم عندما لم تخرج (شمس) من حجرتها لتناول العشاء .. نادتها .. لم تسمع إجابة .. ذهبت إلى الحجرة .. لم تجدها بالغرفة أصابها الخوف .. يطمئنها زوجها فلعلها خرجت للتنزه قليلا ، لا داعي للقلق ويجب ألا تضيقِ عليها بعد أن منَ الله عليها بالخروج من عزلتها ، و دعيها تكتشف الحياة بنفسها ! تنقضي ساعات وتعود (شمس) ، وقد بدا عليها الإجهاد و التعب ، وتحمل في يدها .. حقيبة ملابس .. عللت غيابها بأنها كانت تتسوق .. رفضت الطعام و أخبرت أمها بأنها تناولت بعض الشطائر .. وليست جائعة و توجهت لتستريح في غرفتها . في الصباح تفتح الحقيبة فتعتريها الدهشة .. وتتعجب مما تجده فيها .. ملابس مثيرة و اكسسوارات وأشياء لا تدري كيف وصلت لها !!؟ فهي لا تجرأ علي ارتدائها حتى داخل حجرتها .. فكيف وصلت إليها ؟! ومن أين ؟! ومتى ؟!
تحاول أن تتذكر ما حدث ليلة أمس ، تشعر بصداع رهيب ، تتناول الافطار مع والديها ، تشعر والدتها بحالتها وتعبها .. تسألها عما بها .. وهل تشعر بألم ما ؟! .. تجيبها بالنفي .. إلا إن أمها تعرض عليها الذهاب للطبيب ، ترفض وتطمئن أمها .. رغم أن صداعا شديدا وألما لا يطاق يلازمنها منذ فترة .. كما تعتريها نوبات دوار بين الحين والحين ..
إلى أن يزداد الأمر سوءً عندما سقطت مغشيا عليها ذات صباح .. يفزع والدها ويستدعي الطبيب ، الذى يطلب نقلها فورا للمستشفى ، فهي في حالة وهن شديد ، تحتاج لعلاج ورعاية خاصة لا توجدان بالمنزل ..وقد تحتاج لنقل دم ويجب إدخالها الرعاية المركزة ..
يمر يومان و(شمس) ترقد في الإنعاش غائبة عن الوعي تماما ، تظهر نتيجة التحاليل والأشعة ، لتُصعق الجميع : \" شمس حامل \" !!!؟
يصاب والدها بارتفاع الضغط الدم وأمها تسقط أرضا ، يتم اسعافهما وينصحهما الطبيب بوجوب الهدوء والتعامل بحكمة مع الأمر ! فهي بالإضافة إلى الحمل ، تعاني من انفصام الشخصية ، تجعلها تتقمص شخصيتين معا !
تتذكر والدتها خروجها ليلا .. والألم والصداع الذي كانت تعاني منهما منذ فترة . تستعيد (شمس) وعيها ، يحاول والديها تمالك نفسهما ، والتماسك من أجلها ، فهي لا تتذكر شيئا .
تظل أيامًا بالمستشفى تخضع فيها للعلاج جسديًا .. وبعدما تحسنت حالتها قليلا .. بدأ العلاج النفسي .. تروي (شمس) للطبيبة النفسية ما حدث منذ غرق (قمر) وإحساسها بالذنب ، فهي تتصور إنها القاتلة لذلك تعاقب نفسها بعزلتها عن كل متع الحياة ، وكل ما تحب و تتقمص شخصية (قمر) وتكبت شخصية (شمس) التي هي عكس (قمر) تحب الخروج والانطلاق !! عاشت صراعًا دائمًا وشديدًا داخلها بين (شمس) و(قمر) .. بين الشروق والغروب ، الهدوء والصخب ، بين الموت والحياة ، هذا الكبت سبب انفجارا لديها ، تأتي بتصرفات لا تدري عنها شيئا ..
هدأت الطبيبة من روعها .. وطمأنتها .. فهي في طريقها إلى الشفاء بإذن الله .. تلتقي الطبيبة بوالديها .. تطالبهما بالتروي في معاملتها .. فهي .. نتيجة إحساسها بالذنب .. أصبحت تعيش في النهار قمر وفي الليل شمس . بل إن زيادة إحساسها بهذا الذنب .. وهي لم ترتكبه .. تعاقب نفسها .. فانحرفت وارتادت الملاهي الليلية و اصطياد الرجال ، ممارسة الرذيلة معهم .. لذلك فلابد من التريث والصبر ، وعدم إخبارها بالحمل
ويستمر علاج (شمس) .. ويلجأ الوالدان إلى الله يدعوان لها .. بعدما عرفا إنها غير مسئولة عن تصرفاتها !!
٢٠٢١/٥/٨. ❝ ⏤صفاء فوزى
❞ شروق وغروب
فرحة عارمة تعم منزل الحاج (عدلي) ، رجل الأعمال المعروف . الأنوار والزينات تحيل الليل نهارا . وقد امتلأت الموائد داخل سرادق ضخم بألوان الطعام والحلوى والمشروبات المثلجة . ووزعت علب (الملبس) المليئة بالحمص واللوز وأغلى أنواع الشيكولاتة ، على كل الحاضرين صغارا وكبارا . فقد رزقه الله بعد عشر سنين عجاف طفلتين توأم . ( شمس وقمر) كانتا ريحانتي العائلة كلها .
تمضي السنين وتصبحان فتاتين يافعتين جميلتين . لا يستطيع أحد التفريق بينهما لتشابهما التام ! ، إلا إن شمس كانت أكثر نشاطا وخفة . لا تكف عن الضحك والمزاح . بينما كانت قمر رزينة هادئة ، تهوى القراءة والرسم ، تقضي معظم الوقت في البيت مما جعل (شمس) تطلق عليها (بيوتية) وكانت دائما ما تداعبها وتمازحها قائلة : أنتِ (قمر) . والقمر لا يظهر إلا ليلًا !! أما أنا فأظهر نهارا لأنير الدنيا لأنني (شمس) !! وتنطلق ضاحكة مرحة . بينما (قمر) تبتسم ساخرة منها . ألا إن الحب يجمعهما . ويتجسد هذا الحب عندما تجتمع الأسرة كلها . في سعادة وبهجة
كانت شمس تعشق المغامرات ، تتدرب علي (الكونغو فو) وتلعب كرة القدم ، تخرج بصحبة أبيها تمارس هواية صيد السمك . تركب الخيل . تجوب بالدراجة أنحاء البلدة . وتطارد الفراشات في الحدائق ، لا تدع لعبة أو هواية . إلا مارستها ، وكأنها تسرق من العمر عمرا !! الشيء الوحيد الذي تمنت ممارسته . هو السباحة ! وأخبرت أبيها بذلك . لكنه رفض رفضًا تامًا خوفا عليها ، ولعدم وجود مكان مخصص لتعليم الفتيات السباحة بالنادي .
ظل هذا الحلم يراودها . وأصرت . في قرارة نفسها أن تحققه . أثناء تنزهها مع أختها على شاطىء النيل . غافلتها وأسرعت تتسلق إحدى الشجرات المطلة علي النيل ، مهددة بإلقاء نفسها في الماء ، إن لم يوافق أبوهما على تعلمها السباحة أخذت (قمر) الأمرعلى إنه مزحة لأنها تعرف أن (شمس) تعشق الحياة !! ولن تفعلها أبدا تصعد (قمر) إليها مرددة :ما دمتِ تصرين على ذلك . فإما أن نموت معا أو نعيش معا !!
لم يتحمل فرع الشجرة ثقلهما فينكسر، وتسقط (قمر) في النيل ، بينما يعلق ثوب (شمس) بالشجرة ، تصرخ (شمس) تستغيث لعل أحدا ينقذهما ! فيهرع بعض المارة إليها . منهم من ألقى بنفسه في الماء لإنقاذ (قمر) التي كانت تصارع الأمواج . لكن الأمواج تصرعها وتغرق !! قبل أن يصل إليها أحد . ويخرجونها جثة هامدة ، ومنهم من تسلق الشجرة لنجدة (شمس) و إنزالها . وقد انهارت وخارت قواها وظلت تصرخ وتبكي وتولول في هيستريا مفزعة !!
يأتي الأب على صوت الضجيج والصراخ . مستطلعا . ليفاجأ بما حدث . يصرخ دون وعي : ابنتي . ابنتي !! ويسقط مغشيا عليه من هول الصدمة !
كان موت (قمر) صدمة مفجعة ( لشمس) ، وجميع أفراد الأسرة . لا يصدقون أن (قمر) ماتت !! إلا إنهم في النهاية يسلمون الأمر لله . فالموت حق . ولكن الصدمة قوية . وظلت (شمس) تعاني من نوبات بكاء وصراخ ، وكلما حاولت النوم يأتيها طيف شقيقتها . تراها ممدة بجانبها تحاول احتضانها . فلا تحتضن إلا الفراغ . تصرخ : ˝ قمر . قمر ˝ ! إلى أين ذهبتِ .ارجعي يا قمر !! . وتروح في نوبة بكاء حار !! إلى أن يغلبها النوم !!
خيم الظلام و الحزن علي المنزل ، الذي كان يشع ضوءً و حياة ، فقدغابت (قمر) وانطفأت (شمس) حزنًا عليها .
تمر سنوات ولا جديد غير إن (شمس) علي قيد الحياة ، لكنها لم تعد (شمس) التي كانت قبل موت أختها .تلجأ إلى الصمت وتعكف على القراءة كما كانت تفعل ( قمر) . و دموعها لا تفارقها ليل نهار، تتوقف عن الدراسة . تنعزل عن المجتمع .تشعر بالذنب فلولا تهورها ما ماتت (قمر) !!
يحاول والدها التسرية عنها ، وإخراجها من تلك العزلة القاتلة . لكن الحزن لا يغيب والجراح لا تبرأ !!
هدأت نفسها بعض الشيء . قررت ان تكمل دراستها ، التحقت بمعهد الفنون لتعلم الرسم ، تتقمص شخصية (قمر) ، الهدوء والرزانة والرسم والقراءة فقط !!
مرت أيام و أيام . وكل يوم كانت تتحسن حالة (شمس) . الكل سعيد بعودتها للحياة . ويدعون لها دائما براحة البال ، ودوام السعادة والاستقرار .
ذات يوم . قلقت الأم عندما لم تخرج (شمس) من حجرتها لتناول العشاء . نادتها . لم تسمع إجابة . ذهبت إلى الحجرة . لم تجدها بالغرفة أصابها الخوف . يطمئنها زوجها فلعلها خرجت للتنزه قليلا ، لا داعي للقلق ويجب ألا تضيقِ عليها بعد أن منَ الله عليها بالخروج من عزلتها ، و دعيها تكتشف الحياة بنفسها ! تنقضي ساعات وتعود (شمس) ، وقد بدا عليها الإجهاد و التعب ، وتحمل في يدها . حقيبة ملابس . عللت غيابها بأنها كانت تتسوق . رفضت الطعام و أخبرت أمها بأنها تناولت بعض الشطائر . وليست جائعة و توجهت لتستريح في غرفتها . في الصباح تفتح الحقيبة فتعتريها الدهشة . وتتعجب مما تجده فيها . ملابس مثيرة و اكسسوارات وأشياء لا تدري كيف وصلت لها !!؟ فهي لا تجرأ علي ارتدائها حتى داخل حجرتها . فكيف وصلت إليها ؟! ومن أين ؟! ومتى ؟!
تحاول أن تتذكر ما حدث ليلة أمس ، تشعر بصداع رهيب ، تتناول الافطار مع والديها ، تشعر والدتها بحالتها وتعبها . تسألها عما بها . وهل تشعر بألم ما ؟! . تجيبها بالنفي . إلا إن أمها تعرض عليها الذهاب للطبيب ، ترفض وتطمئن أمها . رغم أن صداعا شديدا وألما لا يطاق يلازمنها منذ فترة . كما تعتريها نوبات دوار بين الحين والحين .
إلى أن يزداد الأمر سوءً عندما سقطت مغشيا عليها ذات صباح . يفزع والدها ويستدعي الطبيب ، الذى يطلب نقلها فورا للمستشفى ، فهي في حالة وهن شديد ، تحتاج لعلاج ورعاية خاصة لا توجدان بالمنزل .وقد تحتاج لنقل دم ويجب إدخالها الرعاية المركزة .
يمر يومان و(شمس) ترقد في الإنعاش غائبة عن الوعي تماما ، تظهر نتيجة التحاليل والأشعة ، لتُصعق الجميع : ˝ شمس حامل ˝ !!!؟
يصاب والدها بارتفاع الضغط الدم وأمها تسقط أرضا ، يتم اسعافهما وينصحهما الطبيب بوجوب الهدوء والتعامل بحكمة مع الأمر ! فهي بالإضافة إلى الحمل ، تعاني من انفصام الشخصية ، تجعلها تتقمص شخصيتين معا !
تتذكر والدتها خروجها ليلا . والألم والصداع الذي كانت تعاني منهما منذ فترة . تستعيد (شمس) وعيها ، يحاول والديها تمالك نفسهما ، والتماسك من أجلها ، فهي لا تتذكر شيئا .
تظل أيامًا بالمستشفى تخضع فيها للعلاج جسديًا . وبعدما تحسنت حالتها قليلا . بدأ العلاج النفسي . تروي (شمس) للطبيبة النفسية ما حدث منذ غرق (قمر) وإحساسها بالذنب ، فهي تتصور إنها القاتلة لذلك تعاقب نفسها بعزلتها عن كل متع الحياة ، وكل ما تحب و تتقمص شخصية (قمر) وتكبت شخصية (شمس) التي هي عكس (قمر) تحب الخروج والانطلاق !! عاشت صراعًا دائمًا وشديدًا داخلها بين (شمس) و(قمر) . بين الشروق والغروب ، الهدوء والصخب ، بين الموت والحياة ، هذا الكبت سبب انفجارا لديها ، تأتي بتصرفات لا تدري عنها شيئا .
هدأت الطبيبة من روعها . وطمأنتها . فهي في طريقها إلى الشفاء بإذن الله . تلتقي الطبيبة بوالديها . تطالبهما بالتروي في معاملتها . فهي . نتيجة إحساسها بالذنب . أصبحت تعيش في النهار قمر وفي الليل شمس . بل إن زيادة إحساسها بهذا الذنب . وهي لم ترتكبه . تعاقب نفسها . فانحرفت وارتادت الملاهي الليلية و اصطياد الرجال ، ممارسة الرذيلة معهم . لذلك فلابد من التريث والصبر ، وعدم إخبارها بالحمل
ويستمر علاج (شمس) . ويلجأ الوالدان إلى الله يدعوان لها . بعدما عرفا إنها غير مسئولة عن تصرفاتها !!
❞ الجزء الرابع
(عفتي والديوث )
أعطت ميمي الكاس للراجل الذي معاها وهي تتميل بدلع وانوثه طاغيه
ميمي:ممكن بقا اعرف اسمك ايه
الراجل: بصي انا مش هقولك اي اسم فاك لا هقولك اسمي الحقيقي علشان حاسك مش اللي انتي فيه ده خالص وأنك واحده تانيه مش عارف ليه
ميمي دمعت لانه لمس بكلماته قطعه من روحها مخباءه عن الكل
فأكمل وقال :انا محمود السيوفي
فنظرت له ميمي باستغراب شديد
ميمي:معقول انت محمود السيوفي اكبر راجل اعمال في الشرق الأوسط انت بتهزر ولا بتكلم جد
محمود:وانا ههزر معاكي ليه همحي شخصيتي ليه
ميمي:اصل الناس كلها بتقول انك راجل محترم ونعم الاخلاق مش لامؤاخذه بتاع هلس وكده وضحكت ضحكه خليعه
محمود:لا يا ستي انا فعلا كده بس يمكن لما شفتك مع أشهب غيرت رايي
ميمي :طيب اشرب اشرب بس
محمود :لا يا ستي وادي الكاس اهو وسكبه علي الارض
اطتشاءت ميمي غضبا ولكن حولت أنها ما تبين هذا ونظرت له بنصف عين
وقالت :لا انا ما حبكش وانت كده لازم تشرب هات اعملك كاس تاني
وأخذت الكاس وذهبت للمره الثانيه وكررت مافعلته اول مره دون أن يراها
اخذها وصعودا الي غرفه النوم
فاعطته الكاس حتي تستطيع أن تتم مهمتها
محمود:ياسلام علي احلي ايد في الدنيا وقبل طرف يديها صعودا لكتفها
حولت مريم الابتعاد عنه ولكن لم تستطيع فوقع الكاس فتهشم
فقالت:كده خلتني اكسر الكاس هات اجبلك واحد تاني ومش هسيبك الا لما تشربه
محمود:انتي ليه مصممه اني اشرب الكاس
وظل يقبل فيها حتي وصل إلي شفايفها
وهي تحول أن تبتعد أخذت قطعه من الكأس وهددته بها
ميمي:ابعد عني والا هموتك
نظر له محمود وهو يعرف ما تفعله جيدا ولكن حول استفززها لكي تتكلم
محمود:ليه بقا والفلوس اللي الباشا اخدها مني واستنيك يومين ليه بقا ان شاءالله
ميمي :وهي ترجع للخلف حتي اصطدمت في الحائط ابوس ايديك انا هديك الفلوس دي وزياده كمان بس ارجوك ما تجي ناحيتي
في هذه اللحظه جاء تليفون لمحمود فأشار لها أن تصمت
محمود :حبيبه بابا عامله ايه
المتصله:.....................
محمود:لا يا حبيبتي ما تعمليش حسابي علي العشاء انا هتاخر شوي كلي انتي واخواتك ما تستننيش
المتصله:....................
محمود:عندي شوي شغل وجاي علطول
المتصله:....................
محمود:ماشي يا حبيبتي سلام
واغلق الهاتف وهو ينظر لها وهي دموعها تسيل دون توقف فصرخ بها انتي بتعيطي له دلوقتي
ميمي:ومازال دموعها بالنزول انت عندك بنت وكنت بتكلمها صح
محمود:اه
ميمي :طيب تحب بنتك تبقا زيي
محمود:اخرسي بنتي عمرها ما تبقا زيك
ميمي:والكلام جرحها وكان سكين غرست بقلبها علي فكره انا مش وحشه بس ربنا وقعني في واحد ضحك عليا مش ضحك عليا ذي ما انت فاهم لا انا ليسه بنت
وكانت الصدمه هي سيد الموقف
محمود:ضحك ضحكه هيستريا حتي أنه كاد أن يتخانق
وفجرت مريم علي كوب المياه واعطيه له سريعا
فنظر لها نظره لم تفسرها وقال:انت بتساعدني وانا بضحك عليكي ازاي
ميمي :انا ما عرفش اصلا انا ازاي طلع مني الكلام ده بس حسيتك بجد اب حنين يمكن فاكرتني بوالدي الله يرحمه واللي لو كان هنا ما كنش زماني بقيت في الموقف ده
محمود:انتي شكلك حكايه وروايه وتمثيله كمان انتي ايه حكايتك بالضبط
ميمي:وهيفيدك في ايه انت واحد عاوز تقضي ليله وانا هتصلك بواحده حالا تجيلك بس سابني امشي قبل ما هي تجي علشان بس ما يحصلش مشاكل والنبي
محمود:انا لو عاوزك ولا عاوز غيرك انا عاوز اعرف ايه حكايتك والا مش هتخرجي من هنا
ميمي :امري لله هقولك
~~~~~~~~~~~
في هذه الأثناء كانت رونال مع والدتها تطعمها
فتحيه:قوللي يا بنتي اللي حصل حصلك ازاي
رونال:حبيبتي انا واحد خبطني بالعربيه بتاعته وانا رايحه المقابله والصدفه أنه يطلع المدير اللي رايحه اشتغل عنده وهو من كرم أخلاقه عطني اسبوع رجلي ترتاح وهبقا ابتدي شغل من الاسبوع الجاي
فتحيه :الله يباركله يا بنتي ويجزيه خير
رونال:اللهم امين يا حبيبتي يلا خدي علاجك وارتاحي يلا وانا هشوف الشقه لو محتاجه ترويقه وهبقا انام وقبل أن تخرج سمعت صوت طرقات علي الباب
فتحيه:خير ياربي مين هيجي دلوقتي
رونال:ما تخفيش انا هروح اشوف مين وظلت تحمل علي نفسها حتي تستطيع الخروج
رونال:مين بيخبط
اللي علي الباب انا جاي من طرف الاستاذ سيف السيوفي
فتحت الباب ووجدت اثنين شاب وراجل أربعيني
قال:انا الدكتور محمد خاطر جاي علشان اشوف رجلك الاستاذ سيف قلي علي عنوانك
رونال:انصدمت وقبل أن تجيب وجدت فتحيه تقول لهم اتفضلوا يا ابني بيتكم ومطرحكم
فتنحت رونال عن الباب فدخلوا الي الصالون الذي يسمي هذا لأنه عندهم مجرد كنبه وكرسي من طقم قديم
الدكتور محمد :اتفضلي يا بنتي وريني رجلك
رونال :لا مفيش داعي
فتحيه:يا بنتي وريه رجلك احسن يكون فيها حاجه لا قدر الله انتي مش قادره تمشي عليها
رونال :حاضر يا ماما امري لله
أخذت رونال محمد الي غرفتها وابتدا يكشف عليها وبعد فتره خرج وقال
يتبع. ❝ ⏤داليا ماجد خاطر (ملكه زماني)
❞ الجزء الرابع
(عفتي والديوث )
أعطت ميمي الكاس للراجل الذي معاها وهي تتميل بدلع وانوثه طاغيه
ميمي:ممكن بقا اعرف اسمك ايه
الراجل: بصي انا مش هقولك اي اسم فاك لا هقولك اسمي الحقيقي علشان حاسك مش اللي انتي فيه ده خالص وأنك واحده تانيه مش عارف ليه
ميمي دمعت لانه لمس بكلماته قطعه من روحها مخباءه عن الكل
فأكمل وقال :انا محمود السيوفي
فنظرت له ميمي باستغراب شديد
ميمي:معقول انت محمود السيوفي اكبر راجل اعمال في الشرق الأوسط انت بتهزر ولا بتكلم جد
محمود:وانا ههزر معاكي ليه همحي شخصيتي ليه
ميمي:اصل الناس كلها بتقول انك راجل محترم ونعم الاخلاق مش لامؤاخذه بتاع هلس وكده وضحكت ضحكه خليعه
محمود:لا يا ستي انا فعلا كده بس يمكن لما شفتك مع أشهب غيرت رايي
ميمي :طيب اشرب اشرب بس
محمود :لا يا ستي وادي الكاس اهو وسكبه علي الارض
اطتشاءت ميمي غضبا ولكن حولت أنها ما تبين هذا ونظرت له بنصف عين
وقالت :لا انا ما حبكش وانت كده لازم تشرب هات اعملك كاس تاني
وأخذت الكاس وذهبت للمره الثانيه وكررت مافعلته اول مره دون أن يراها
اخذها وصعودا الي غرفه النوم
فاعطته الكاس حتي تستطيع أن تتم مهمتها
محمود:ياسلام علي احلي ايد في الدنيا وقبل طرف يديها صعودا لكتفها
حولت مريم الابتعاد عنه ولكن لم تستطيع فوقع الكاس فتهشم
فقالت:كده خلتني اكسر الكاس هات اجبلك واحد تاني ومش هسيبك الا لما تشربه
محمود:انتي ليه مصممه اني اشرب الكاس
وظل يقبل فيها حتي وصل إلي شفايفها
وهي تحول أن تبتعد أخذت قطعه من الكأس وهددته بها
ميمي:ابعد عني والا هموتك
نظر له محمود وهو يعرف ما تفعله جيدا ولكن حول استفززها لكي تتكلم
محمود:ليه بقا والفلوس اللي الباشا اخدها مني واستنيك يومين ليه بقا ان شاءالله
ميمي :وهي ترجع للخلف حتي اصطدمت في الحائط ابوس ايديك انا هديك الفلوس دي وزياده كمان بس ارجوك ما تجي ناحيتي
في هذه اللحظه جاء تليفون لمحمود فأشار لها أن تصمت
محمود :حبيبه بابا عامله ايه
المتصله:...........
محمود:لا يا حبيبتي ما تعمليش حسابي علي العشاء انا هتاخر شوي كلي انتي واخواتك ما تستننيش
المتصله:..........
محمود:عندي شوي شغل وجاي علطول
المتصله:..........
محمود:ماشي يا حبيبتي سلام
واغلق الهاتف وهو ينظر لها وهي دموعها تسيل دون توقف فصرخ بها انتي بتعيطي له دلوقتي
ميمي:ومازال دموعها بالنزول انت عندك بنت وكنت بتكلمها صح
محمود:اه
ميمي :طيب تحب بنتك تبقا زيي
محمود:اخرسي بنتي عمرها ما تبقا زيك
ميمي:والكلام جرحها وكان سكين غرست بقلبها علي فكره انا مش وحشه بس ربنا وقعني في واحد ضحك عليا مش ضحك عليا ذي ما انت فاهم لا انا ليسه بنت
وكانت الصدمه هي سيد الموقف
محمود:ضحك ضحكه هيستريا حتي أنه كاد أن يتخانق
وفجرت مريم علي كوب المياه واعطيه له سريعا
فنظر لها نظره لم تفسرها وقال:انت بتساعدني وانا بضحك عليكي ازاي
ميمي :انا ما عرفش اصلا انا ازاي طلع مني الكلام ده بس حسيتك بجد اب حنين يمكن فاكرتني بوالدي الله يرحمه واللي لو كان هنا ما كنش زماني بقيت في الموقف ده
محمود:انتي شكلك حكايه وروايه وتمثيله كمان انتي ايه حكايتك بالضبط
ميمي:وهيفيدك في ايه انت واحد عاوز تقضي ليله وانا هتصلك بواحده حالا تجيلك بس سابني امشي قبل ما هي تجي علشان بس ما يحصلش مشاكل والنبي
محمود:انا لو عاوزك ولا عاوز غيرك انا عاوز اعرف ايه حكايتك والا مش هتخرجي من هنا
ميمي :امري لله هقولك
~~~~~~~~~~~
في هذه الأثناء كانت رونال مع والدتها تطعمها
فتحيه:قوللي يا بنتي اللي حصل حصلك ازاي
رونال:حبيبتي انا واحد خبطني بالعربيه بتاعته وانا رايحه المقابله والصدفه أنه يطلع المدير اللي رايحه اشتغل عنده وهو من كرم أخلاقه عطني اسبوع رجلي ترتاح وهبقا ابتدي شغل من الاسبوع الجاي
فتحيه :الله يباركله يا بنتي ويجزيه خير
رونال:اللهم امين يا حبيبتي يلا خدي علاجك وارتاحي يلا وانا هشوف الشقه لو محتاجه ترويقه وهبقا انام وقبل أن تخرج سمعت صوت طرقات علي الباب
فتحيه:خير ياربي مين هيجي دلوقتي
رونال:ما تخفيش انا هروح اشوف مين وظلت تحمل علي نفسها حتي تستطيع الخروج
رونال:مين بيخبط
اللي علي الباب انا جاي من طرف الاستاذ سيف السيوفي
فتحت الباب ووجدت اثنين شاب وراجل أربعيني
قال:انا الدكتور محمد خاطر جاي علشان اشوف رجلك الاستاذ سيف قلي علي عنوانك
رونال:انصدمت وقبل أن تجيب وجدت فتحيه تقول لهم اتفضلوا يا ابني بيتكم ومطرحكم
فتنحت رونال عن الباب فدخلوا الي الصالون الذي يسمي هذا لأنه عندهم مجرد كنبه وكرسي من طقم قديم
الدكتور محمد :اتفضلي يا بنتي وريني رجلك
رونال :لا مفيش داعي
فتحيه:يا بنتي وريه رجلك احسن يكون فيها حاجه لا قدر الله انتي مش قادره تمشي عليها
رونال :حاضر يا ماما امري لله
أخذت رونال محمد الي غرفتها وابتدا يكشف عليها وبعد فتره خرج وقال