█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ إذا أضناك هوي أو أعماك طموح أو أضلتك فتنة فأنظر تحت قدميك ، إِلي التراب الذي يطؤه حذائك ، وسل نفسك كم من رؤوس امتلأت بالفتن والأطماع والأهواء ثم غيبها ذلك التراب .. ذلك التراب عينه الذي تحت حذائك ..
وإنك لتوشك أن تكون تراباً أنت الآخر يطؤه ناس آخرون ، وإنما هي بُرهة والتفاتة ثم ينتهي كل شيء ..
فلا تضيع هذه البرهة الخاطفة في خسائس الأمور .. واختر لنفسك المحبوب الذي يليق بكمالك .. المحبوب الذي لا يضيع عنده معروف ولا تضيع مودة .. وذلك ربك خالِقك ..
ولئِن ضيعت ربك فابك ماشاء لك البكاء ، فلقد ضيعت كل شيء .. ولا يغرك علمك فقد أضل اللّه قوماً علي علم وأهلك أقواماً كانوا مستبصرين .. وعثرة العالم أسوأ بما لا يقاس من عثرة الجاهل ..
فلئِن تطمع في نجاة فتوسل إلي فضله وليس إلي علمك ، ولُذ بجنابِه ولا تعتّز بجنابك ، واسجد لتدخل من الباب الضيق والزم العبودية لتكون أهلاً لعطاء الربوبية ..
وإذا راودتك نفسك الأمّارة وسوّل لك شيطانك بأنك علي شئ فانظر مرة أخري إلي التراب الذي يطؤه حذاؤك ، فذلك التراب هو الملوك الذين غبروا قبلك وعروشهم وأمجادهم ومواكبهم وقد انطوي فيه التصفيق والهتاف وماتت الضجة وسكتت الأبواق ودفنت الرايات وعاد كل شئ ترابا ..
وموعدك مع هذا التراب وإن طال قريب ...
من كتاب / هل هو عصر الجنون
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله) . ❝
❞ يقول الله تعالى لمحمد عليه الصلاة و السلام في القرآن:
( و إنك لعلى خلق عظيم ) .. لم يقل له ( و إنك لعلى علم عظيم ) ..
فقد رأينا العلم في أمريكا و أوروبا و روسيا و ماذا يصنع بدون خلق .. و رأينا أن الصعود الصعب هو أن تصعد على نفسك و تملك ناصيتها و ليس أن تصعد إلى القمر و تمشي عليه ..
و لهذا تحدّث القرآن عن المؤشر الحقيقي و الأزلي للعظمة الإنسانية و هو العظمة الخُلقية .. أما الأمجاد الأخرى فهي أمجاد قابلة للتقليد ، ألم تقلد اليابان التكنولوجية الأمريكية في سنوات قليلة و تتفوق عليها و تزاحمها في جميع الأسواق ..
فمن استطاع أن يقلد النبي في كمالاته الخُلقية .. و من استطاع أن يفوقه..؟؟
ذلك هو المعراج المستحيل على عامة الناس و جماهيرهم.. لا يصعده إلا نبي.. و لا يقوى على السير فيه إلا أفراد هم الصدّيقون و الشهداء و الأبرار و الأولياء.. و هم معدودون في كل أمة و في كل عصر ..
بهم تقوم أركان الدنيا و يحفظ الله ببركتهم الأرض ..
و بانقطاعهم .. يهدم الله عمارة الكون.. و يقيم القيامة.. حينما لا تبقى إلا حثالة لا تستحق أن تطلع عليها شمس.
كتــاب " هل هو عصر الجنون " . ❝