█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ قال معاوية رضي الله عنه لو أن بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت، قيل وكيف قال لأنهم إن مدوها خليتها، وإن خلوا مددتها . ❝
❞ وأما البلاغة فإنها من حيث اللغة هي أن يقال: بلغت المكان إذا أشرفت عليه وإن لم تدخله. قال الله تعالى:
فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ
«2» . وقال بعض المفسرين في قوله تعالى: أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ
«3» .
أي وثيقة كأنها قد بلغت النهاية.
وقال اليوناني: البلاغة وضوح الدلالة، وانتهاز الفرصة، وحسن الإشارة. وقال الهندي: البلاغة تصحيح الأقسام، واختيار الكلام.
وقال الكندي: يجب للبليغ أن يكون قليل اللفظ كثير المعاني.
وقيل: إن معاوية سأل عمرو بن العاص من أبلغ الناس؟ فقال: أقلهم لفظا، وأسهلهم معنى، وأحسنهم بديهة. ولو لم يكن في ذلك الفخر الكامل لما خص به سيد العرب والعجم صلى الله عليه وسلم وافتخر به حيث يقول: «نصرت بالرّعب وأوتيت جوامع الكلم» . وذلك أنه كان عليه الصلاة والسلام يتلفظ باللفظ اليسير الدال على المعاني الكثيرة.
وقيل: ثلاثة تدل على عقول أصحابها، الرسول على عقل المرسل، والهدية على عقل المهدي، والكتاب على عقل الكاتب.
وقال أبو عبد الله وزير المهدي: البلاغة ما فهمته العامة ورضيت به الخاصة. وقال البحتري: خير الكلام ما قل وجل ودل ولم يمل.
وقالوا: البلاغة ميدان لا يقطع إلا بسوابق الأذهان، ولا يسلك إلا ببصائر البيان.
وقال الشاعر:
لك البلاغة ميدان نشأت به ... وكلّنا بقصور عنك نعترف
مهّد لي العذر في نظم بعثت به ... من عنده الدرّ لا يهدى له الصّدف
وروي أن ليلى الأخيلية مدحت الحجاج فقال يا غلام:
اذهب إلى فلان، فقل له يقطع لسانها، قال: فطلب حجاما فقالت: ثكلتك أمك إنما أمرك أن تقطع لساني بالصلة، فلولا تبصرها بأنحاء الكلام ومذاهب العرب والتوسعة في اللفظ ومعاني الخطاب لتم عليها جهل هذا الرجل.
وقال الثعالبي: البليغ من يحول الكلام على حسب الأمالي، ويخيط الألفاظ على قدر المعاني. والكلام البليغ ما كان لفظه فحلا، ومعناه بكرا.
وقال الإمام فخر الدين الرازي رحمة الله تعالى عليه في حد البلاغة: إنها بلوغ الرجل بعبارته كنه ما في قلبه مع الاحتراز عن الإيجاز المخل، والتطويل الممل، ولهذه الأصول شعب وفصول لا يحتمل كشفها هذا المجموع ويحصل الغرض بهذا القدر وبالله التوفيق إلى أقوم طريق . ❝
❞ وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَىٰ إِسْحَاقَ ۚ وَمِن ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ مُبِينٌ (113)
وباركنا عليه وعلى إسحاق أي ثنينا عليهما النعمة ، وقيل كثرنا ولدهما ، أي : باركنا على إبراهيم وعلى أولاده ، وعلى إسحاق حين أخرج أنبياء بني إسرائيل من صلبه . وقد قيل : إن الكناية في " عليه " تعود على إسماعيل وأنه هو الذبيح . قال المفضل : الصحيح الذي يدل عليه القرآن أنه إسماعيل ، وذلك أنه قص قصة الذبيح ، فلما قال في آخر القصة : وفديناه بذبح عظيم ثم قال : سلام على إبراهيم . كذلك نجزي المحسنين قال : وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين . وباركنا عليه أي : على إسماعيل " وعلى إسحاق " كنى عنه ; لأنه قد تقدم ذكره . ثم قال : " ومن ذريتهما " فدل على أنها ذرية إسماعيل وإسحاق ، وليس تختلف الرواة في أن إسماعيل كان أكبر من إسحاق بثلاث عشرة سنة .
قلت : قد ذكرنا أولا ما يدل على أن إسحاق أكبر من إسماعيل ، وأن المبشر به هو إسحاق بنص التنزيل ، فإذا كانت البشارة بإسحاق نصا فالذبيح لا شك هو إسحاق ، وبشر به إبراهيم مرتين ، الأولى بولادته والثانية بنبوته ، كما قال ابن عباس . ولا تكون النبوة إلا في حال الكبر و " نبيا " نصب على الحال ، والهاء في عليه عائدة إلى إبراهيم وليس لإسماعيل في الآية ذكر حتى ترجع الكناية إليه . وأما ما روي من طريق معاوية قال : سمعت رجلا يقول للنبي - صلى الله عليه وسلم - : يا ابن الذبيحين ، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم . ثم قال معاوية : إن عبد المطلب لما حفر بئر زمزم ، نذر لله إن سهل عليه أمرها ليذبحن أحد ولده لله ، فسهل الله عليه أمرها ، فوقع السهم على عبد الله ، فمنعه أخواله بنو مخزوم ، وقالوا : افد ابنك ، ففداه بمائة من الإبل وهو الذبيح ، وإسماعيل هو الذبيح الثاني فلا حجة فيه ; لأن سنده لا يثبت على ما ذكرناه في كتاب الأعلام في معرفة مولد المصطفى عليه الصلاة والسلام ، ولأن العرب تجعل العم أبا ، قال الله تعالى : قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق وقال تعالى : ورفع أبويه على العرش وهما أبوه وخالته . وكذلك ما روي عن الشاعر الفرزدق عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لو صح إسناده ، فكيف وفي الفرزدق نفسه مقال .
قوله تعالى : ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين لما ذكر البركة في الذرية والكثرة قال : منهم محسن ومنهم مسيء ، وإن المسيء لا تنفعه بنوة النبوة ، فاليهود والنصارى ، وإن كانوا من ولد إسحاق ، والعرب وإن كانوا من ولد إسماعيل ، فلا بد من الفرق بين المحسن والمسيء والمؤمن والكافر ، وفي التنزيل : وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه الآية ، أي : أبناء رسل الله ، فرأوا لأنفسهم فضلا . وقد تقدم . ❝
❞ هو: معاوية بن صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر وهو قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
وأمّه: هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف العبشمية القرشية.
يلتقي نسبه بنسب الرسول محمد في عبد مناف.
ولد قبل البعثة بخمس سنين، وقيل بسبع، وقيل: بثلاث عشرة، والأول أشهر. وقد تفرس فيه أبوه وأمه منذ الطفولة بمستقبل كبير، فروي أن أبا سفيان نظر إليه وهو طفل فقال: «إن إبني هذا لعظيم الرأس، وإنه لخليق أن يسود قومه»، فقالت هند: «قومه فقط؟ ثكلته إن لم يسد العرب قاطبة.» وعن أبان بن عثمان قال: «كان معاوية يمشي وهو غلام مع أمه هند فعثر فقالت قم لا رفعك الله وأعرابي ينظر إليه فقال لم تقولين له فوالله إني لأظنه سيسود قومه فقالت لا رفعه الله إن لم يسد إلا قومه.» . ❝