❞ \"الغلاء\"
في خضم الحياة اليومية، حيث تتزاحم مشاغلنا وأحلامنا، نجد أنفسنا نعيش في زمن صار الغلاء فيه صديقًا غير مرغوب فيه، يتحرك كل شيء حولنا بسلاسة، باستثناء الأسعار التي ترتفع كأمواج بحر هائج، تجعلنا نتأرجح بين الحاجة والقدرة،
أذكر أنني كنت أتجول في السوق، أبحث عن ما يسد حاجة أسرتي، فإذا بي أجد أن ثمن الرغيف الذي اعتدنا عليه قد تضاعف، والفاكهة التي كانت تزين موائدنا باتت حلماً بعيد المنال، كم هي مؤلمة تلك اللحظات التي نرى فيها البساطة تجسد آلام الواقع، عندما يصبح كيلو من الأرز ككنز يُبحث عنه في كهوف التاريخ!
الغلاء ليس مجرد أرقام تطبع على لافتات المحلات، بل هو شعور يعصف بالقلوب، هو الحزن الذي يحمل جعبة من الألم، هو القلق الذي يساكن الآباء والأمهات، عندما يتساءلون: كيف سنؤمن لقمة العيش لأبنائنا؟ كيف سنوفر لهم ما يحتاجون إليه من تعليم وصحة في زمن تتسارع فيه التكلفة كسباق محموم؟
لكن رغم كل هذا تبقى لكثير من القلوب البسيطة قدرة على الأمل، القدرة على التحمل والتكيف، نحن مخلوقات تتجاوز عواصف الحياة، قد نتعرض للانكسار، لكننا نعيد بناء أنفسنا نكتشف في زوايا البيت أشياء كانت تُعتبر تافهة، فنصنع منها وجبات مبهجة لأحبتنا.
إن الغلاء رغم قسوته، يعيد تشكيل أولوياتنا، إننا نتعلم أن البساطة قد تكون أغنى من التعقيد، أن الألفة والمحبة هما أغلى ما يمكن أن نملكه في زمن تتزايد فيه الأثمان، في النهاية نخرج من بين أنقاض المعاناة لنزرع الأمل، لنبني مجتمعًا يتحدى الصعوبات، نسعى جميعًا للعيش بكرامة مهما كانت الظروف.
فليكن همنا أن نتكاتف أن نبني عالماً يملؤه التفاهم ودعم بعضنا البعض، فالأوقات الصعبة تحتاج إلى قلوب متلاحمة، وأيادٍ تتعاون لتخطو نحو الغد الأفضل.
ك/نورهان محمد. ❝ ⏤𝓝𝓞𝓤𝓡𝓗𝓐𝓝 𝓜𝓞𝓗𝓐𝓜𝓔𝓓
❞ ˝الغلاء˝
في خضم الحياة اليومية، حيث تتزاحم مشاغلنا وأحلامنا، نجد أنفسنا نعيش في زمن صار الغلاء فيه صديقًا غير مرغوب فيه، يتحرك كل شيء حولنا بسلاسة، باستثناء الأسعار التي ترتفع كأمواج بحر هائج، تجعلنا نتأرجح بين الحاجة والقدرة،
أذكر أنني كنت أتجول في السوق، أبحث عن ما يسد حاجة أسرتي، فإذا بي أجد أن ثمن الرغيف الذي اعتدنا عليه قد تضاعف، والفاكهة التي كانت تزين موائدنا باتت حلماً بعيد المنال، كم هي مؤلمة تلك اللحظات التي نرى فيها البساطة تجسد آلام الواقع، عندما يصبح كيلو من الأرز ككنز يُبحث عنه في كهوف التاريخ!
الغلاء ليس مجرد أرقام تطبع على لافتات المحلات، بل هو شعور يعصف بالقلوب، هو الحزن الذي يحمل جعبة من الألم، هو القلق الذي يساكن الآباء والأمهات، عندما يتساءلون: كيف سنؤمن لقمة العيش لأبنائنا؟ كيف سنوفر لهم ما يحتاجون إليه من تعليم وصحة في زمن تتسارع فيه التكلفة كسباق محموم؟
لكن رغم كل هذا تبقى لكثير من القلوب البسيطة قدرة على الأمل، القدرة على التحمل والتكيف، نحن مخلوقات تتجاوز عواصف الحياة، قد نتعرض للانكسار، لكننا نعيد بناء أنفسنا نكتشف في زوايا البيت أشياء كانت تُعتبر تافهة، فنصنع منها وجبات مبهجة لأحبتنا.
إن الغلاء رغم قسوته، يعيد تشكيل أولوياتنا، إننا نتعلم أن البساطة قد تكون أغنى من التعقيد، أن الألفة والمحبة هما أغلى ما يمكن أن نملكه في زمن تتزايد فيه الأثمان، في النهاية نخرج من بين أنقاض المعاناة لنزرع الأمل، لنبني مجتمعًا يتحدى الصعوبات، نسعى جميعًا للعيش بكرامة مهما كانت الظروف.
فليكن همنا أن نتكاتف أن نبني عالماً يملؤه التفاهم ودعم بعضنا البعض، فالأوقات الصعبة تحتاج إلى قلوب متلاحمة، وأيادٍ تتعاون لتخطو نحو الغد الأفضل.
❞ الدين ماهو الدين ليس حرفه و لا يصلح أن يكون حرف.. و لا يوجد في الاسلام وظيفه أسمها رجل دين و مجموعه المناسك و الشعائر التي يؤديها المسلم يمكن أن تؤدي في روتينيه مكرره فاتره خاليه من الشعور فلا تكون من الدين في شئ و ليس عندنا زي اسمه زي إسلامي .. و الجلباب و السروال و الشمروخ و اللحيه و أعراف و عادات يشترك فيها المسلم والبوذي و المجوسي و الترزي و مطربو الديسكو و الهيبي لحاهم اطول و أن يكون أسمك محمداً أو علياً أو عثمان لا يكفي ان تكون مسلماً و ديانتك علي البطاقه هي الاخري مجرد كلمه و السبحه و التمتمه و الحمحمه و سمت الدراويش و تهليله المشايخ أحيانا يباشرها الممثلون بأجاده اكثر من أصحابها و الرايات و اللافتات و المجامر و المباخر و الجماعات الدينيه أحيانا يختفي ورائها التأمر و المكر السياسي و الفتن و الثورات التي لا تمت إلي الدين بسبب ماهو الدين اذن . ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ الدين ماهو الدين ليس حرفه و لا يصلح أن يكون حرف. و لا يوجد في الاسلام وظيفه أسمها رجل دين و مجموعه المناسك و الشعائر التي يؤديها المسلم يمكن أن تؤدي في روتينيه مكرره فاتره خاليه من الشعور فلا تكون من الدين في شئ و ليس عندنا زي اسمه زي إسلامي . و الجلباب و السروال و الشمروخ و اللحيه و أعراف و عادات يشترك فيها المسلم والبوذي و المجوسي و الترزي و مطربو الديسكو و الهيبي لحاهم اطول و أن يكون أسمك محمداً أو علياً أو عثمان لا يكفي ان تكون مسلماً و ديانتك علي البطاقه هي الاخري مجرد كلمه و السبحه و التمتمه و الحمحمه و سمت الدراويش و تهليله المشايخ أحيانا يباشرها الممثلون بأجاده اكثر من أصحابها و الرايات و اللافتات و المجامر و المباخر و الجماعات الدينيه أحيانا يختفي ورائها التأمر و المكر السياسي و الفتن و الثورات التي لا تمت إلي الدين بسبب ماهو الدين اذن. ❝
❞ الدين ليس حرفة و لا يصلح لأن يكون حرفة .
و لا توجد في الإسلام وظيفة اسمها رجل دين .
و مجموعة الشعائر و المناسك التي يؤديها المسلم يمكن أن تؤدى في روتينية مكررة فاترة خالية من الشعور ، فلا تكون من الدين في شيء .
و ليس عندنا زي اسمه زي إسلامي .. و الجلباب و السروال و الشمروخ و اللحية أعراف و عادات يشترك فيها المسلم و البوذي و المجوسي و الدرزي .. و مطربو الديسكو و الهيبي لحاهم أطول .. و أن يكون اسمك محمدا أو عليا أو عثمان ، لا يكفي لتكون مسلما .
و ديانتك على البطاقة هي الأخرى مجرد كلمة .
و السبحة و التمتمة و الحمحمة ، و سمت الدراويش و تهليلة المشايخ أحيانا يباشرها الممثلون بإجادة أكثر من أصحابها .
و الرايات و اللافتات و المجامر و المباخر و الجماعات الدينية أحيانا يختفي وراءها التآمر و المكر السياسي و الفتن و الثورات التي لا تمت إلى الدين بسبب.
ما الدين إذن ... ؟!
الدين حالة قلبية .. شعور .. إحساس باطني بالغيب .. و إدراك مبهم ، لكن مع إبهامه شديد الوضوح بأن هناك قوة خفية حكيمة مهيمنة عليا تدبر كل شيء .
إحساس تام قاهر بأن هناك ذاتا عليا .. و أن المملكة لها ملك .. و أنه لا مهرب لظالم و لا إفلات لمجرم .. و أنك حر مسئول لم تولد عبثا و لا تحيا سدى و أن موتك ليس نهايتك .. و إنما سيعبر بك إلى حيث لا تعلم .. إلى غيب من حيث جئت من غيب .. و الوجود مستمر .
و هذا الإحساس يورث الرهبة و التقوى و الورع ، و يدفع إلى مراجعة النفس و يحفز صاحبه لأن يبدع من حياته شيئا ذا قيمة و يصوغ من نفسه وجودا أرقى و أرقى كل لحظة متحسبا لليوم الذي يلاقي فيه ذلك الملك العظيم .. مالك الملك .
هذه الأزمة الوجودية المتجددة و المعاناة الخلاقة المبدعة و الشعور المتصل بالحضور أبدا منذ قبل الميلاد إلى ما بعد الموت .. و الإحساس بالمسئولية و الشعور بالحكمة و الجمال و النظام و الجدية في كل شيء .. هو حقيقة الدين .
إنما تأتي العبادات و الطاعات بعد ذلك شواهد على هذه الحالة القلبية .. لكن الحالة القلبية هي الأصل .. و هي عين الدين و كنهه و جوهره .
و ينزل القرآن للتعريف بهذا الملك العظيم .. ملك الملوك .. و بأسمائه الحسنى و صفاته و أفعاله و آياته و وحدانيته .
و يأتي محمد عليه الصلاة و السلام ليعطي المثال و القدوة .
و ذلك لتوثيق الأمر و تمام الكلمة .
و لكن يظل الإحساس بالغيب هو روح العبادة و جوهر الأحكام و الشرائع ، و بدونه لا تعني الصلاة و لا تعني الزكاة شيئا .
و لقد أعطى محمد عليه الصلاة و السلام القدوة و المثال للمسلم الكامل ، كما أعطى المثال للحكم الإسلامي و المجتمع الإسلامي .. لكن محمدا عليه الصلاة و السلام و صحبه كانوا مسلمين في مجتمع قريش الكافر .. فبيئة الكفر ، و مناخ الكفر لم يمنع أيا منهم من أن يكون مسلما تام الإسلام .
و على المؤمن أن يدعو إلى الإيمان ، و لكن لا يضره ألا يستمع أحد ، و لا يضره أن يكفر من حوله ، فهو يستطيع أن يكون مؤمنا في أي نظام و في أي بيئة .. لأن الإيمان حالة قلبية ، و الدين شعور و ليس مظاهرة ، و المبصر يستطيع أن يباشر الإبصار و لو كان كل الموجودين عميانا ، فالإبصار ملكة لا تتأثر بعمى الموجودين ، كما أن الإحساس بالغيب ملكة لا تتأثر بغفلة الغافلين و لو كثروا بل سوف تكون كثرتهم زيادة في ميزانها يوم الحساب .
إن العمدة في مسألة الدين و التدين هي الحالة القلبية .
ماذا يشغل القلب .. و ماذا يجول بالخاطر ؟
و ما الحب الغالب على المشاعر ؟
و لأي شيء الأفضلية القصوى ؟
و ماذا يختار القلب في اللحظة الحاسمة ؟
و إلى أي كفة يميل الهوى ؟
تلك هي المؤشرات التي سوف تدل على الدين من عدمه .. و هي أكثر دلالة من الصلاة الشكلية ، و لهذا قال القرآن .. و لذكر الله أكبر .. أي أن الذكر أكبر من الصلاة .. برغم أهمية الصلاة .
و لذلك قال النبي عليه الصلاة و السلام لصحابته عن أبي بكر .. إنه لا يفضلكم بصوم أو بصلاة و لكن بشيء وقر في قلبه .
و بهذا الشيء الذي وقر في قلب كل منا سوف نتفاضل يوم القيامة بأكثر مما نتفاضل بصلاة أو صيام .
إنما تكون الصلاة صلاة بسبب هذا الشيء الذي في القلب .
و إنما تكتسب الصلاة أهميتها القصوى في قدرتها على تصفية القلب و جمع الهمة و تحشيد الفكر و تركيز المشاعر .
و كثرة الصلاة تفتح هذه العين الداخلية و توسع هذا النهر الباطني ، و هي الجمعية الوجودية مع الله التي تعبر عن الدين بأكثر مما يعبر أي فعل .
و هي رسم الإسلام الذي يرسمه الجسم على الأرض ، سجودا ، و ركوعا و خشوعا و ابتهالا ، و فناء .. يقول رب العالمين لنبيه :
(( اسجد و اقترب )) .
و بسجود القلب يتجسد المعنى الباطني العميق للدين ، و تنعقد الصلة بأوثق ما تكون بين العبد و الرب .
و بالحس الديني ، يشهد القلب الفعل الإلهي في كل شيء .. في المطر و الجفاف ، في الهزيمة و النصر ، في الصحة و المرض ، في الفقر و الغنى ، في الفرج و الضيق .. و على اتساع التاريخ يرى الله في تقلب الأحداث و تداول المقادير .
و على اتساع الكون يرى الله في النظام و التناسق و الجمال ، كما يراه في الكوارث التي تنفجر فيها النجوم و تتلاشى في الفضاء البعيد .
و في خصوصية النفس يراه فيما يتعاقب على النفس من بسط و قبض ، و أمل و حلم ، و فيما يلقى في القلب من خواطر و واردات .. حتى لتكاد تتحول حياة العابد إلى حوار هامس بينه و بين ربه طول الوقت ..
حوار بدون كلمات ..
لأن كل حدث يجري حوله هو كلمة إلهية و عبارة ربانية ، و كل خبر مشيئة ، و كل جديد هو سابقة في علم الله القديم .
و هذا الفهم للمشيئة لا يرى فيه المسلم تعطيلا لحريته ، بل يرى فيه امتدادا لهذه الحرية .. فقد أصبح يختار بربه ، و يريد بربه ، و يخطط بربه ، و ينفذ بربه .. فالله هو الوكيل في كل أعماله .
بل هو يمشي به ، و يتنفس به ، و يسمع به ، و يبصر به ، و يحيا به .. و تلك قوة هائلة و مدد لا ينفد للعابد العارف ، كادت أن تكون يده يد الله و بصره بصره ، و سمعه سمعه ، و إرادته إرادته .
إن نهر الوجود الباطني داخله قد اتسع للإطلاق .. و في ذلك يقول الله في حديثه القدسي :
(( لم تسعني سماواتي و لا أرضي و وسعني قلب عبدي المؤمن )) .
هذا التصعيد الوجودي ، و العروج النفسي المستمر هو المعنى الحقيقي للدين .. و تلك هي الهجرة إلى الله كدحا .
(( يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه )) .
و لا نجد غير الكدح كلمة تعبر عن هذه المعاناة الوجودية الخلاقة ، و الجهاد النفسي صعودا إلى الله .
هذا هو الدين .. و هو أكبر بكثير من أن يكون حرفة أو وظيفة أو بطاقة أو مؤسسة أو زيا رسميا
مقال/ الدين ما هو
من كتاب / الإسلام ما هو
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله ). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ الدين ليس حرفة و لا يصلح لأن يكون حرفة .
و لا توجد في الإسلام وظيفة اسمها رجل دين .
و مجموعة الشعائر و المناسك التي يؤديها المسلم يمكن أن تؤدى في روتينية مكررة فاترة خالية من الشعور ، فلا تكون من الدين في شيء .
و ليس عندنا زي اسمه زي إسلامي . و الجلباب و السروال و الشمروخ و اللحية أعراف و عادات يشترك فيها المسلم و البوذي و المجوسي و الدرزي . و مطربو الديسكو و الهيبي لحاهم أطول . و أن يكون اسمك محمدا أو عليا أو عثمان ، لا يكفي لتكون مسلما .
و ديانتك على البطاقة هي الأخرى مجرد كلمة .
و السبحة و التمتمة و الحمحمة ، و سمت الدراويش و تهليلة المشايخ أحيانا يباشرها الممثلون بإجادة أكثر من أصحابها .
و الرايات و اللافتات و المجامر و المباخر و الجماعات الدينية أحيانا يختفي وراءها التآمر و المكر السياسي و الفتن و الثورات التي لا تمت إلى الدين بسبب.
ما الدين إذن .. ؟!
الدين حالة قلبية . شعور . إحساس باطني بالغيب . و إدراك مبهم ، لكن مع إبهامه شديد الوضوح بأن هناك قوة خفية حكيمة مهيمنة عليا تدبر كل شيء .
إحساس تام قاهر بأن هناك ذاتا عليا . و أن المملكة لها ملك . و أنه لا مهرب لظالم و لا إفلات لمجرم . و أنك حر مسئول لم تولد عبثا و لا تحيا سدى و أن موتك ليس نهايتك . و إنما سيعبر بك إلى حيث لا تعلم . إلى غيب من حيث جئت من غيب . و الوجود مستمر .
و هذا الإحساس يورث الرهبة و التقوى و الورع ، و يدفع إلى مراجعة النفس و يحفز صاحبه لأن يبدع من حياته شيئا ذا قيمة و يصوغ من نفسه وجودا أرقى و أرقى كل لحظة متحسبا لليوم الذي يلاقي فيه ذلك الملك العظيم . مالك الملك .
هذه الأزمة الوجودية المتجددة و المعاناة الخلاقة المبدعة و الشعور المتصل بالحضور أبدا منذ قبل الميلاد إلى ما بعد الموت . و الإحساس بالمسئولية و الشعور بالحكمة و الجمال و النظام و الجدية في كل شيء . هو حقيقة الدين .
إنما تأتي العبادات و الطاعات بعد ذلك شواهد على هذه الحالة القلبية . لكن الحالة القلبية هي الأصل . و هي عين الدين و كنهه و جوهره .
و ينزل القرآن للتعريف بهذا الملك العظيم . ملك الملوك . و بأسمائه الحسنى و صفاته و أفعاله و آياته و وحدانيته .
و يأتي محمد عليه الصلاة و السلام ليعطي المثال و القدوة .
و ذلك لتوثيق الأمر و تمام الكلمة .
و لكن يظل الإحساس بالغيب هو روح العبادة و جوهر الأحكام و الشرائع ، و بدونه لا تعني الصلاة و لا تعني الزكاة شيئا .
و لقد أعطى محمد عليه الصلاة و السلام القدوة و المثال للمسلم الكامل ، كما أعطى المثال للحكم الإسلامي و المجتمع الإسلامي . لكن محمدا عليه الصلاة و السلام و صحبه كانوا مسلمين في مجتمع قريش الكافر . فبيئة الكفر ، و مناخ الكفر لم يمنع أيا منهم من أن يكون مسلما تام الإسلام .
و على المؤمن أن يدعو إلى الإيمان ، و لكن لا يضره ألا يستمع أحد ، و لا يضره أن يكفر من حوله ، فهو يستطيع أن يكون مؤمنا في أي نظام و في أي بيئة . لأن الإيمان حالة قلبية ، و الدين شعور و ليس مظاهرة ، و المبصر يستطيع أن يباشر الإبصار و لو كان كل الموجودين عميانا ، فالإبصار ملكة لا تتأثر بعمى الموجودين ، كما أن الإحساس بالغيب ملكة لا تتأثر بغفلة الغافلين و لو كثروا بل سوف تكون كثرتهم زيادة في ميزانها يوم الحساب .
إن العمدة في مسألة الدين و التدين هي الحالة القلبية .
ماذا يشغل القلب . و ماذا يجول بالخاطر ؟
و ما الحب الغالب على المشاعر ؟
و لأي شيء الأفضلية القصوى ؟
و ماذا يختار القلب في اللحظة الحاسمة ؟
و إلى أي كفة يميل الهوى ؟
تلك هي المؤشرات التي سوف تدل على الدين من عدمه . و هي أكثر دلالة من الصلاة الشكلية ، و لهذا قال القرآن . و لذكر الله أكبر . أي أن الذكر أكبر من الصلاة . برغم أهمية الصلاة .
و لذلك قال النبي عليه الصلاة و السلام لصحابته عن أبي بكر . إنه لا يفضلكم بصوم أو بصلاة و لكن بشيء وقر في قلبه .
و بهذا الشيء الذي وقر في قلب كل منا سوف نتفاضل يوم القيامة بأكثر مما نتفاضل بصلاة أو صيام .
إنما تكون الصلاة صلاة بسبب هذا الشيء الذي في القلب .
و إنما تكتسب الصلاة أهميتها القصوى في قدرتها على تصفية القلب و جمع الهمة و تحشيد الفكر و تركيز المشاعر .
و كثرة الصلاة تفتح هذه العين الداخلية و توسع هذا النهر الباطني ، و هي الجمعية الوجودية مع الله التي تعبر عن الدين بأكثر مما يعبر أي فعل .
و هي رسم الإسلام الذي يرسمه الجسم على الأرض ، سجودا ، و ركوعا و خشوعا و ابتهالا ، و فناء . يقول رب العالمين لنبيه :
(( اسجد و اقترب )) .
و بسجود القلب يتجسد المعنى الباطني العميق للدين ، و تنعقد الصلة بأوثق ما تكون بين العبد و الرب .
و بالحس الديني ، يشهد القلب الفعل الإلهي في كل شيء . في المطر و الجفاف ، في الهزيمة و النصر ، في الصحة و المرض ، في الفقر و الغنى ، في الفرج و الضيق . و على اتساع التاريخ يرى الله في تقلب الأحداث و تداول المقادير .
و على اتساع الكون يرى الله في النظام و التناسق و الجمال ، كما يراه في الكوارث التي تنفجر فيها النجوم و تتلاشى في الفضاء البعيد .
و في خصوصية النفس يراه فيما يتعاقب على النفس من بسط و قبض ، و أمل و حلم ، و فيما يلقى في القلب من خواطر و واردات . حتى لتكاد تتحول حياة العابد إلى حوار هامس بينه و بين ربه طول الوقت .
حوار بدون كلمات .
لأن كل حدث يجري حوله هو كلمة إلهية و عبارة ربانية ، و كل خبر مشيئة ، و كل جديد هو سابقة في علم الله القديم .
و هذا الفهم للمشيئة لا يرى فيه المسلم تعطيلا لحريته ، بل يرى فيه امتدادا لهذه الحرية . فقد أصبح يختار بربه ، و يريد بربه ، و يخطط بربه ، و ينفذ بربه . فالله هو الوكيل في كل أعماله .
بل هو يمشي به ، و يتنفس به ، و يسمع به ، و يبصر به ، و يحيا به . و تلك قوة هائلة و مدد لا ينفد للعابد العارف ، كادت أن تكون يده يد الله و بصره بصره ، و سمعه سمعه ، و إرادته إرادته .
إن نهر الوجود الباطني داخله قد اتسع للإطلاق . و في ذلك يقول الله في حديثه القدسي :
(( لم تسعني سماواتي و لا أرضي و وسعني قلب عبدي المؤمن )) .
هذا التصعيد الوجودي ، و العروج النفسي المستمر هو المعنى الحقيقي للدين . و تلك هي الهجرة إلى الله كدحا .
(( يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه )) .
و لا نجد غير الكدح كلمة تعبر عن هذه المعاناة الوجودية الخلاقة ، و الجهاد النفسي صعودا إلى الله .
هذا هو الدين . و هو أكبر بكثير من أن يكون حرفة أو وظيفة أو بطاقة أو مؤسسة أو زيا رسميا
مقال/ الدين ما هو
من كتاب / الإسلام ما هو
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله ). ❝
❞ كانت الساعة تقترب من التاسعة ، والشمس تغيب داخل كومة من السحاب الكثيف المائل إلى اللون البنفسجي عندما ضللت طريقي .. حين استدرت بالسيارة في الاتجاه المعاكس كي أعود مسافة نصف ميل إلى النقطة التي تشير إلى الاتجاهات الصحيحة مرة أخرى . كنت قد أمضيت الأربعة والعشرين ساعة الماضية مع أحد العملاء بالقرب من الساحل ، ثم قطعت طريقي عائدا إلى لندن ، لكنه كان تصرفا أحمق من دون شك أن أغادر الطريق الرئيسي وأسير في المقاطعات الداخلية للبلدة . أخذني الطريق فيما بين المنحدرات والتلال الشاحبة مصفرة اللون على كلا الجانبين ، ثم تحول إلى امتداد مستقيم تصطف على جانبيه الأشجار حتى مفترق الطرق ، كانت اللافتات التي تخبرك باتجاهات الطرق باهتة ، ولم تكن هناك لافتات حديثة العهد ، ولذلك عندما جاء المنعطف الأيمن كدت أن أتجاوزه ؛ لأنه لم يكن هناك أي علامة على الإطلاق ، فقط طريق ضيق وهضاب مرتفعة ، حيث تستقر جذور الأشجار المثبتة بعمق ، وتبدو كأسنان عتيقة ، لكنني اعتقدت أن هذا سيعيدني في النهاية إلى الطريق الأول ، ولكن الطريق بدأ يضيق. ❝ ⏤سوزان هيل
❞ كانت الساعة تقترب من التاسعة ، والشمس تغيب داخل كومة من السحاب الكثيف المائل إلى اللون البنفسجي عندما ضللت طريقي . حين استدرت بالسيارة في الاتجاه المعاكس كي أعود مسافة نصف ميل إلى النقطة التي تشير إلى الاتجاهات الصحيحة مرة أخرى . كنت قد أمضيت الأربعة والعشرين ساعة الماضية مع أحد العملاء بالقرب من الساحل ، ثم قطعت طريقي عائدا إلى لندن ، لكنه كان تصرفا أحمق من دون شك أن أغادر الطريق الرئيسي وأسير في المقاطعات الداخلية للبلدة . أخذني الطريق فيما بين المنحدرات والتلال الشاحبة مصفرة اللون على كلا الجانبين ، ثم تحول إلى امتداد مستقيم تصطف على جانبيه الأشجار حتى مفترق الطرق ، كانت اللافتات التي تخبرك باتجاهات الطرق باهتة ، ولم تكن هناك لافتات حديثة العهد ، ولذلك عندما جاء المنعطف الأيمن كدت أن أتجاوزه ؛ لأنه لم يكن هناك أي علامة على الإطلاق ، فقط طريق ضيق وهضاب مرتفعة ، حيث تستقر جذور الأشجار المثبتة بعمق ، وتبدو كأسنان عتيقة ، لكنني اعتقدت أن هذا سيعيدني في النهاية إلى الطريق الأول ، ولكن الطريق بدأ يضيق. ❝
❞ و الرايات و اللافتات و المجامر و المباخر و الجماعات الدينية أحيانا يختفي وراءها التآمر و المكر السياسي و الفتن و الثورات التي لا تمت إلى الدين بسبب .. ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ و الرايات و اللافتات و المجامر و المباخر و الجماعات الدينية أحيانا يختفي وراءها التآمر و المكر السياسي و الفتن و الثورات التي لا تمت إلى الدين بسبب. ❝