█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ “لا يوجد وجعٌ أشد من معاناة الأم ألم الولادة. هذا حالٌ ميري لن تعرفه الفتيات الحالمات بالأمومة، حتى يلدن، ولن يعرفه الرجال أبداً. ولذلك يتوهَّمون أنهم أكثر احتمالا من النساء، ويظنون المرأة رقيقة. مساكين. الرقة الأنوثية حيلةُ بقاءٍ أو رغبةٌ في منح المحبوب، لا غير” . ❝
❞ كان بطل الفيلم يمسك بشاب أجنبي ويوشك على
ضربه لأنه عاكس حبيبته، لولا أن قال له الشاب بالإنجليزية:
- آي آم جاي..! يعني (أنا شاذ)
هنا ارتفع في ظلام السينما صوت ابنتي البريء يقول:
- بابا.. ما معنى آي أم جاي؟
ساد الصمت السينما كلها وحبس كل الناس أنفاسهم
انتظاراً لما سأقول. طبعاً فعلت الشيء الوحيد الممكن:
-لم أسمع ما قال.
عاد صوتها الرقيق يسأل بصوت عال:
- قال له آي آم جاي فتركه.. ما هو السبب؟
قلت في حكمة:
- لا أعرف.. ربما لو سمعت لفهمت.
من جديد عادت أحداث الفيلم تتكرر وعادت أنفاسي تدخل وتخرج
في صدري، إلى أن تكرر على الشاشة نفس الموقف
حرفيا.. ومن جديد دوى صوت صديقة ابنتي:
- عمو.. ما معنى آي آم جاي؟
-هه؟
- لقد قالوها ثانية..
فكرت لربع ثانية، ثم قلت على الفور:
- معناها أنه مصاب بصداع.. نعم.. البطل لم يضربه لأنه مصاب بصداع.
هنا قال واحد جالس خلفي في السينما بلهجة معلم الأجيال
الذي لا يطيق أن يسمع أحدا يهذي بما لا يعلم:
- لا مؤاخذة يا أستاذ.. جاي ليس معناها أنه مصاب بصداع.. بل معناها..
استدرت له موشكا على لكم فمه، وقلت بغلظة:
-بل هي كذلك. ولتعن بشئونك الخاصة من فضلك.
هنا قالت ابنتي بصوتها الرفيع العالي:
- ما معناها إذن؟ هذا الرجل الجالس خلفنا يقول أنها لا تعني الصداع.
- سوف أشرح لك فيما بعد.. تابعي الفيلم.. تابعن الفيلم يا بنات وإلا
هشمت رءوسكن.. لن تتأثر حبكة الفيلم أو يفسد لو عرفتن معنى كل كلمة.
- ولكن..
- ش ش ش ش!!.. لو سمعت كلمة أخرى لغادرت السينما..
هكذا ظللن يشاهدن الفيلم في تعاسة شاعرات أن الكلمة التي لم يفهمنها
هي ذروة الفيلم وحلاوته وأجمل ما قيل فيه. أما أنا فتمنيت لو أحضرت الأخ كاتب السيناريو
من عنقه لأسدد له بعض اللكمات.. ألم تقل يا أخ إن الفيلم كوميدي ومناسب
للأطفال؟.. إذن لماذا تحشر فيه هذه الألفاظ؟ سوف أحطم رأسه حتى لو قال لي آي آم جاي ألف مرة..
انتهي الفيلم فخرجنا.. كان رأسي ينبض كالطبل وأصاب ضوء الشارع شبكيتي
بشلل تام، تحسست رأسي وقلت لابنتي:
- صداع عنيف فعلا.
هنا رأيتها تفكر قليلا.. تستعمل الضمائر كما تعلمتها في المدرسة
وتحاول تكوين جملة جديدة. ثم صاحت في مرح بصوت سمعه كل الخارجين من السينما:
- بابا.. أنت عندك صداع.. إذن.. يو آر جاي . ❝
❞ مسرحية
لم يدخل قلبي الضعف أنا قوية... أرددها لتسمعها أذني ، و لا أتوه في رحى الأيام. حتى الحزن والدمع، تزيد في عيني بريق يلفت الأنظار و أسند قلبي دوما على ابتساماتي التي انثرها و افرد أشرعة الذكريات و أجهز حقائبي و املأ قلبي بوقود و أزهار انمقها في حقائب سفري و دائما على ذكر الذكريات تقفز بنا إلى أنقى البقع و أجمل حكايات واه من الحكايات تؤلمنا تارة،و فجأة ترسم فوق شفاهنا مجموعه متلاحقة من بسمات، و تقفز ذكرى على أنغام قلبي لتحرك كل ما في لرقصة و أنا احتضن الفكر و الحلم والأمنيات، و تنورتي الوردية تتساقط منها الأزهار فوق البساط، لون السماء يزين الذكرى ببريق نجومه، يتسرب عمري، تقع السنوات، لا يتبقى سوي الرقصة و فتاة تتدحرج على النغمات، اتركيني هنا أيتها الذكرى
آه من تلك الأيام، اقلد النسيان، و اضحك على نفسي، أنا التي ترسم تفاصيل كل شئ، و يهرب مني النسيان، تكحلت عيناي، بليل المساء، و هجم النعاس، ينازل اليقظة و أشد أزره بتلك الكلمات التي أرددها لنفسي فتسلم أمامها الهجمات، لأنني قوية أو ربما تلك مسرحية أبطالها أنا و الأيام
مرفت شتلة . ❝
❞ لكنها عصبيَّة..!
قلتُ: نعم، هي كذلك، ولا أحد يُنكر ذلك البَتَّة؛ لذلك.. دعني أخبرك أن "العصبية" هذه.. هي نفسها تكرهها، وتنزعج منها، وتُعكِّر صفوها!
ولكنَّ المشكلة تكمن فيمَن حولها.. فهُم مَن وضعوها داخل دائرة مُغلَقة من الشدِّ والجذبِ وحُرقة الأعصاب؛ فتراها تهتم بأتفه الأشياء، وتنشغل بأدقِّ التفاصيل، وتفكِّر في الكلمة آلاف المرات؛ فتجدها تُفتِّش في حروفها ماذا قُصِدَ بها؟ وماذا وراءها؟ وما الهدف منها؟ تراها في صراعٍ قائم بين الماضي وحسراته، واليوم وخيباته، والغَدِ باضطراباته؛ كيف يأتي؟! وكيف سيرحل؟!
هي "عصبية" لكنها طيبةٌ إلى اللا حد؛ يكفي أنها تنفعِل وقتيًّا، وتُخرِج ما في قلبها وقتيًّا، وتبوح بما في صدرها وقتيًّا، لا تعرف التلوُّن، ولا النفاق، ولا تكتم في نفسها شيئًا ودَّت قوله، تملِك قلبًا أبيضَ، وروحًا نقيَّة، وصفاتٍ بريئة عفوية؛ فلوهلةٍ.. تشعُر وكأنها طفلة تغضب، وتنفعِل، وتثور!
-ولكن.. هذا يجعل الناس يأخذون عليها المآخذ!
=الناس! أيُّ ناس؟! يا عزيزي، لو أن ملَكًا مِن السماء هبط إلى الأرض.. لَعابَهُ الناس، ولأخرجوا منه العِبَر، الناس لا يرضون عن خالقهِم.. فكيف بالناسِ عن الناس؟!
الناس! هُم مَن أوصلوها للعصبيةِ بسوء ظنونهم فيها، وإفلات أياديهم منها، وإقصاء الكلمة الطيبة الرقيقة عنها، كأنها جماد؛ لا تشعُر ولا تحس، الناس هم مَن سلبوها الطُّمأنينة، وحرموها أن تكون في الحوار آمنة، أو في السؤالِ راضية، أو في الغياب مُعرَضًا عن النهشِ في عِرضها.. إنَّ عصبيتها داءٌ مُكتسَب مِن أفعال الآخرين تجاهها، ولولاهُم.. لكانت مرنة مُتزنة هادئة، لا تُلقي للأمورِ بالاً هكذا!
تلك "العصبية" هي أرحمُ مَن تكونُ بك، وألطفُ مَن تلجأ إليها، وأحنُّ مَن تواسيك، وأكرمُ مَن تُسانِدكَ في شدَّةٍ أو ضيق، فقط.. ألقِ على قلبِها السلام، وقل لها: "سلامًا لسلام"، أهدِها هديةً بسيطة، وقل لها: "هذهِ من أجلكِ"، قَدِّم لها وردةً، وقُل لها: "هذهِ تُشبِهكِ"، طَمئِنها بجملةٍ حانيةٍ، وقل لها: "أنا أمانُكِ"؛ حينها.. لن تجد فيها عصبيةً قطّ؛ سترى امرأةً لا تُضاهيها في اللُّطفِ نساءُ العالمين . ❝