❞ وذكر ابن سعد عن شيبة بن عُثمان الحَجَبي ، قال : لما كان عام الفتح ، دخل رسول الله ﷺ مكة عِنوة ، فقلت لنفسي أسير مع قريش إلى هوازن بحُنين ، فعسى إن إختلطوا أن أصيب من محمد غِرَّةً ، فأثار منه ، فأكون أنا الذي قمتُ بثأر قريش كُلِّها ، وأقولُ : لو لم يبقَ مِن العرب والعجم أحد إلا اتبع محمداً ، ما تبعته أبداً ، وكنت مُرْصداً لِمّا خرجتُ له لا يزداد الأمر في نفسي إلا قوة ، فلما إختلط الناس في حُنين ، اقتحم رسول الله ﷺ عن بغلته ، فأصلت السيف ، فدنوت أريدُ ما أريد منه ، ورفعت سيفي حتى كدتُ أشعره إياه ، فرُفِعَ لي شُواظٌ من نار كالبرق كاد يمحشني ، فوضعت يدي على بصري خوفاً عليه ، فالتفت إلي رسول الله ﷺ ، فناداني ( يَا شَيْبُ ادْنُ مِنِّي ) ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ ، فَمَسَحَ صَدْرِي ، ثم قال ( اللَّهُمَّ أَعِذْهُ مِنَ الشَّيْطَانِ ) ، قال : فوالله لهو كان ساعتَئِذٍ أحِبَّ إِلَيَّ مِنْ سمعي ، وبصري ، ونفسي ، وأذهب الله ما كان في نفسي ، ثم قال ﷺ ( ادنُ فقاتل ) ، فتقدمت أمامه أضرب بسيفي ، الله يعلم أني أحب أن أقيه بنفسي كُل شيء ، ولو لقيتُ تلك الساعة أبي لو كان حياً لأوقعت به السيف ، فجعلت ألزمه فيمن لزمه حتى تراجع المسلمون فكروا كرة رجل واحد ، وقُرِّبَتْ بغلة رسول الله ، فاستوى عليها ، وخرج في أثرهم حتى تفرقوا في كُلِّ وجه ، ورجع إلى معسكره ، فدخل خباءه ، فدخلت عليه ، ما دخل عليه أحد غيري حباً لرؤية وجهه ﷺ ، وسروراً به ، فقال ﷺ ( يا شَيْبُ الذي أراد اللهُ بكَ خَيْرٌ مِمَّا أَرَدْتَ لِنَفْسِكَ ) ، ثم حدثني بكل ما أضمرت في نفسي ما لم أكن أذكره لأحد قط ، قال : فقلت : فإني أشهد أن لا إله إلَّا اللَّهُ ، وأنكَ رسول الله ، ثم قلت: استغفر لي يارسول الله ، فقال ﷺ ( غَفَرَ اللَّهُ لَكَ ). ❝ ⏤محمد ابن قيم الجوزية
❞ وذكر ابن سعد عن شيبة بن عُثمان الحَجَبي ، قال : لما كان عام الفتح ، دخل رسول الله ﷺ مكة عِنوة ، فقلت لنفسي أسير مع قريش إلى هوازن بحُنين ، فعسى إن إختلطوا أن أصيب من محمد غِرَّةً ، فأثار منه ، فأكون أنا الذي قمتُ بثأر قريش كُلِّها ، وأقولُ : لو لم يبقَ مِن العرب والعجم أحد إلا اتبع محمداً ، ما تبعته أبداً ، وكنت مُرْصداً لِمّا خرجتُ له لا يزداد الأمر في نفسي إلا قوة ، فلما إختلط الناس في حُنين ، اقتحم رسول الله ﷺ عن بغلته ، فأصلت السيف ، فدنوت أريدُ ما أريد منه ، ورفعت سيفي حتى كدتُ أشعره إياه ، فرُفِعَ لي شُواظٌ من نار كالبرق كاد يمحشني ، فوضعت يدي على بصري خوفاً عليه ، فالتفت إلي رسول الله ﷺ ، فناداني ( يَا شَيْبُ ادْنُ مِنِّي ) ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ ، فَمَسَحَ صَدْرِي ، ثم قال ( اللَّهُمَّ أَعِذْهُ مِنَ الشَّيْطَانِ ) ، قال : فوالله لهو كان ساعتَئِذٍ أحِبَّ إِلَيَّ مِنْ سمعي ، وبصري ، ونفسي ، وأذهب الله ما كان في نفسي ، ثم قال ﷺ ( ادنُ فقاتل ) ، فتقدمت أمامه أضرب بسيفي ، الله يعلم أني أحب أن أقيه بنفسي كُل شيء ، ولو لقيتُ تلك الساعة أبي لو كان حياً لأوقعت به السيف ، فجعلت ألزمه فيمن لزمه حتى تراجع المسلمون فكروا كرة رجل واحد ، وقُرِّبَتْ بغلة رسول الله ، فاستوى عليها ، وخرج في أثرهم حتى تفرقوا في كُلِّ وجه ، ورجع إلى معسكره ، فدخل خباءه ، فدخلت عليه ، ما دخل عليه أحد غيري حباً لرؤية وجهه ﷺ ، وسروراً به ، فقال ﷺ ( يا شَيْبُ الذي أراد اللهُ بكَ خَيْرٌ مِمَّا أَرَدْتَ لِنَفْسِكَ ) ، ثم حدثني بكل ما أضمرت في نفسي ما لم أكن أذكره لأحد قط ، قال : فقلت : فإني أشهد أن لا إله إلَّا اللَّهُ ، وأنكَ رسول الله ، ثم قلت: استغفر لي يارسول الله ، فقال ﷺ ( غَفَرَ اللَّهُ لَكَ ). ❝