❞ وبكل مقاييس العسكرية المعروفة كانت محاولة اريل شارون إنشاء رأس كوبري مأساة ومخاطرة ؛ فمع أنه بدأ هجومه بما يساوى فرقة مدرعة ، فلم يتمكن خلال معركة 16 ساعة إلا من عبور ما لا يزيد عن كتيبة مدعمة بعدد من الدبابات ، ولم يكن هناك كوبري قد أنشئ ، وإذا نظرنا إلى كمية النيران التي ألقتها المدفعية المصرية على المثلث ( الطاسة – البحيرات – الإسماعيلية ) فان الموقف لم يكن يعطى أي بادرة أمل فى نجاح. ❝ ⏤محمد عبد الحليم أبوغزالة
❞ وبكل مقاييس العسكرية المعروفة كانت محاولة اريل شارون إنشاء رأس كوبري مأساة ومخاطرة ؛ فمع أنه بدأ هجومه بما يساوى فرقة مدرعة ، فلم يتمكن خلال معركة 16 ساعة إلا من عبور ما لا يزيد عن كتيبة مدعمة بعدد من الدبابات ، ولم يكن هناك كوبري قد أنشئ ، وإذا نظرنا إلى كمية النيران التي ألقتها المدفعية المصرية على المثلث ( الطاسة – البحيرات – الإسماعيلية ) فان الموقف لم يكن يعطى أي بادرة أمل فى نجاح. ❝
❞ وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا (47)
قوله تعالى : ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا قوله تعالى : ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة قال بعض النحويين : التقدير والباقيات الصالحات خير عند ربك يوم نسير الجبال . قال النحاس : وهذا غلط من أجل الواو وقيل : المعنى واذكر يوم نسير الجبال ، أي نزيلها من أماكنها من على وجه الأرض ، ونسيرها كما نسير السحاب ; كما قال في آية أخرى وهي تمر مر السحاب . ثم تكسر فتعود إلى الأرض ; كما قال : وبست الجبال بسا فكانت هباء منبثا . وقرأ ابن كثير والحسن وأبو عمرو وابن عامر " ويوم تسير " بتاء مضمومة وفتح الياء . و " الجبال " رفعا على الفعل المجهول . وقرأ ابن محيصن ومجاهد " ويوم تسير الجبال " بفتح التاء مخففا من سار . " الجبال " رفعا . دليل قراءة أبي عمرو وإذا الجبال سيرت . ودليل قراءة ابن محيصن وتسير الجبال سيرا . واختار أبو عبيد القراءة الأولى نسير بالنون لقوله وحشرناهم . ومعنى " بارزة " ظاهرة ، وليس عليها ما يسترها من جبل ولا شجر ولا بنيان ; أي قد اجتثت ثمارها وقلعت جبالها ، وهدم بنيانها ; فهي بارزة ظاهرة . وعلى هذا القول أهل التفسير . وقيل : وترى الأرض بارزة أي برز ما فيها من الكنوز والأموات ; كما قال وألقت ما فيها وتخلت وقال وأخرجت الأرض أثقالها وهذا قول عطاء .
وحشرناهم أي إلى الموقف .
فلم نغادر منهم أحدا أي لم نترك ; يقال : غادرت كذا أي تركته . قال عنترة :
غادرته متعفرا أوصاله والقوم بين مجرح ومجدل
أي تركته . والمغادرة الترك ; ومنه الغدر ; لأنه ترك الوفاء . وإنما سمي الغدير من الماء غديرا لأن الماء ذهب وتركه . ومنه غدائر المرأة لأنها تجعلها خلفها . يقول : حشرنا برهم وفاجرهم وجنهم وإنسهم .. ❝ ⏤محمد بن صالح العثيمين
❞ وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا (47)
قوله تعالى : ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا قوله تعالى : ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة قال بعض النحويين : التقدير والباقيات الصالحات خير عند ربك يوم نسير الجبال . قال النحاس : وهذا غلط من أجل الواو وقيل : المعنى واذكر يوم نسير الجبال ، أي نزيلها من أماكنها من على وجه الأرض ، ونسيرها كما نسير السحاب ; كما قال في آية أخرى وهي تمر مر السحاب . ثم تكسر فتعود إلى الأرض ; كما قال : وبست الجبال بسا فكانت هباء منبثا . وقرأ ابن كثير والحسن وأبو عمرو وابن عامر " ويوم تسير " بتاء مضمومة وفتح الياء . و " الجبال " رفعا على الفعل المجهول . وقرأ ابن محيصن ومجاهد " ويوم تسير الجبال " بفتح التاء مخففا من سار . " الجبال " رفعا . دليل قراءة أبي عمرو وإذا الجبال سيرت . ودليل قراءة ابن محيصن وتسير الجبال سيرا . واختار أبو عبيد القراءة الأولى نسير بالنون لقوله وحشرناهم . ومعنى " بارزة " ظاهرة ، وليس عليها ما يسترها من جبل ولا شجر ولا بنيان ; أي قد اجتثت ثمارها وقلعت جبالها ، وهدم بنيانها ; فهي بارزة ظاهرة . وعلى هذا القول أهل التفسير . وقيل : وترى الأرض بارزة أي برز ما فيها من الكنوز والأموات ; كما قال وألقت ما فيها وتخلت وقال وأخرجت الأرض أثقالها وهذا قول عطاء .
وحشرناهم أي إلى الموقف .
فلم نغادر منهم أحدا أي لم نترك ; يقال : غادرت كذا أي تركته . قال عنترة :
غادرته متعفرا أوصاله والقوم بين مجرح ومجدل
أي تركته . والمغادرة الترك ; ومنه الغدر ; لأنه ترك الوفاء . وإنما سمي الغدير من الماء غديرا لأن الماء ذهب وتركه . ومنه غدائر المرأة لأنها تجعلها خلفها . يقول : حشرنا برهم وفاجرهم وجنهم وإنسهم. ❝
❞ حريتي
جلست أمامه وساقيها إحداهما تعانق الأخرى في محاولة للتحكم بأعصابها، تجاهلت نظراته التي تخترقها كمثقاب كهربائي، وجمعت شتات نفسها، تذكرت ما كان منه معها، من إهانات ومعاملة دونية، حرمان من كل حقوقها الشرعية، تذكرت كونها ما زالت عذراء، رغم مرور عام على زواجهما، رن صدى كلماته في أذنها من أنها مجرد واجهة اجتماعية لإكمال مظهره الاجتماعي والسياسي، وحدتها طوال الليالي، بينما هو يمسك بهاتفه أو يجلس أمام جهاز الكومبيوتر، سهراته التي لم تكتشف مدى قذارتها إلا من مدة وجيزة، بفضل الصدفة البحته، حين قادتها قدماها في منتصف الليل لتجده بدورة المياه تاركًا جهاز الكومبيوتر مفتوحًا على صفحة المحادثات، لتكتشف صدمة عمرها، التي لم تكن تتصورها، أو كانت تحاول عدم تصورها، إنه شاذ....
نفضت عن كاهلها كل الذكريات، وأخذت نفسًا عميقًا وبهدوء ينافس برودة الثلوج القطبية ألقت على مسامعه قنبلتها
\"طلقني، وإلا سأكشف حقيقتك القذرة للجميع، لقد صبرت وسجلت كل شيء، مكالماتك الغرامية مع صديقك، وصور محادثاتك معه، لا أعتقد أن وزيرًا بمكانتك يتحمل مثل هذه الفضيحة\"
تزلزل كيانه وتحطم جبروته أمامها، كقطع فسيفساء لا تجد من يجمعها
وخرجت الكلمة من بين شفتيه تحاول درء انكساره أمامها وتحمل بين طياتها حريتها
\"أنتِ طالق\"
#نشوه_أبوالوفا
#nashwa_aboalwafa. ❝ ⏤nashwaaboalwafa
❞ حريتي
جلست أمامه وساقيها إحداهما تعانق الأخرى في محاولة للتحكم بأعصابها، تجاهلت نظراته التي تخترقها كمثقاب كهربائي، وجمعت شتات نفسها، تذكرت ما كان منه معها، من إهانات ومعاملة دونية، حرمان من كل حقوقها الشرعية، تذكرت كونها ما زالت عذراء، رغم مرور عام على زواجهما، رن صدى كلماته في أذنها من أنها مجرد واجهة اجتماعية لإكمال مظهره الاجتماعي والسياسي، وحدتها طوال الليالي، بينما هو يمسك بهاتفه أو يجلس أمام جهاز الكومبيوتر، سهراته التي لم تكتشف مدى قذارتها إلا من مدة وجيزة، بفضل الصدفة البحته، حين قادتها قدماها في منتصف الليل لتجده بدورة المياه تاركًا جهاز الكومبيوتر مفتوحًا على صفحة المحادثات، لتكتشف صدمة عمرها، التي لم تكن تتصورها، أو كانت تحاول عدم تصورها، إنه شاذ..
نفضت عن كاهلها كل الذكريات، وأخذت نفسًا عميقًا وبهدوء ينافس برودة الثلوج القطبية ألقت على مسامعه قنبلتها
˝طلقني، وإلا سأكشف حقيقتك القذرة للجميع، لقد صبرت وسجلت كل شيء، مكالماتك الغرامية مع صديقك، وصور محادثاتك معه، لا أعتقد أن وزيرًا بمكانتك يتحمل مثل هذه الفضيحة˝
تزلزل كيانه وتحطم جبروته أمامها، كقطع فسيفساء لا تجد من يجمعها
وخرجت الكلمة من بين شفتيه تحاول درء انكساره أمامها وتحمل بين طياتها حريتها
˝أنتِ طالق˝
#نشوه_أبوالوفا #nashwa_aboalwafa. ❝
❞ \"بين يدايَّ حبيبي، أصبحتُ طفلة\"
تجلس خيوط اللحظات المعلقة في الهواء، حينما ألقت نظرة على عينيه، كانت هناك لحظة سحرية، حيث انسكبت البراءة في روحها، وأصبحت تتأرجح بين يديه كطفلة صغيرة، حبهما أخذها في رحلة إلى عالم الأحلام، حيث تتسابق الضحكات والأماني.
في ذلك اليوم، اكتشفت سحر اللحظات البسيطة، حينما يكون الحب هو اللغة الوحيدة التي تتحدثها أرواحهما، كأنها طفلة صغيرة تلعب بأحلامها في فضاء يمتلئ بألوان الفرح والسعادة.
وبين يدي حبيبها أشرقت عيناها ببريق الأمل، واكتشفت أن الحياة يمكن أن تكون مليئة بالسعادة حينما نحتضن بريئة الأحاسيس، كانت تلك اللحظة مليئة بالعجب والدهشة؛ حيث اندمجت في عالم الطفولة بين يديّ حبيبها، أصبحت طفلة تمتلك كل الأمان والسعادة في هذه اللحظة الساحرة.
ڪ/شادن خالد\"لــيـــلاف\"⌯💙❄️·̇⤹⋆. ❝ ⏤الكاتبة شادن خالد\"ليلاف\"
❞ ˝بين يدايَّ حبيبي، أصبحتُ طفلة˝
تجلس خيوط اللحظات المعلقة في الهواء، حينما ألقت نظرة على عينيه، كانت هناك لحظة سحرية، حيث انسكبت البراءة في روحها، وأصبحت تتأرجح بين يديه كطفلة صغيرة، حبهما أخذها في رحلة إلى عالم الأحلام، حيث تتسابق الضحكات والأماني.
في ذلك اليوم، اكتشفت سحر اللحظات البسيطة، حينما يكون الحب هو اللغة الوحيدة التي تتحدثها أرواحهما، كأنها طفلة صغيرة تلعب بأحلامها في فضاء يمتلئ بألوان الفرح والسعادة.
وبين يدي حبيبها أشرقت عيناها ببريق الأمل، واكتشفت أن الحياة يمكن أن تكون مليئة بالسعادة حينما نحتضن بريئة الأحاسيس، كانت تلك اللحظة مليئة بالعجب والدهشة؛ حيث اندمجت في عالم الطفولة بين يديّ حبيبها، أصبحت طفلة تمتلك كل الأمان والسعادة في هذه اللحظة الساحرة.
❞ لي صديق كان زميلي أيام الدراسة الثانوية .. ثم افترقنا وألقت بنا الدنيا كل واحد في طريق ثم عدنا بعد سنوات لنلتقي ..
وأصبح من عادته كلما لقيني أن يشكو .. وأصبح من عادتي أن أستمع .. وأنظر إلى وجهه الشاحب وشفتيه المزمومتين دائماً كأنما على ثأر بايت ..
وشكواه دائما هي .. هي .. لا تتغير .. حتى نبراته .. حتى كلماته التي يقولها وهو يطحن أضراسه ..
أريد أن أحيا كما يحيا السعداء الأغنياء .. لا تقل لي إن معظم الأغنياء غير سعداء .. لا تحاول أن تفلسف لي الفقر .. وتشوه لي الغنى .. أنا عارف كلامكم يا أدباء ، أريد أن أكون غنياً .. ولست راضياً بالمرة عن نفسي .. وعن وضعي الحالي .. عايز فلوس .. فلوس .. عايز يكون عندي عربية وشقة فيها بوتوجاز وثلاجة وبيك أب وريكوردر .. عايز أسكن في عمارة فيها أسانسير .. ويكون عندي على الأقل خمس بدل جديدة .. عايز أدخل السينما وأقعد بنوار .. مش صالة ..
عايز أدخل الكباريهات والبارات .. عايز أعرف إيه الموجود داخل هذه العلب التي قرأت عنها حتى امتلأت رأسي كلاماً .. عايز أشوف بعيني وأسمع بودني .. عايز أعيش .. أعيش .
أنا عايش في حرمان .. إوعى تقوللي ربنا عايز كده .. ربنا مش عايز كده .. ربنا عايزني أعيش وخلقني عشان أعيش وأتحرك وأشعر وألمس وأحس بكل حاجة ..
لقد كفرت بالمثل العليا .. كفرت بالأخلاق .. والفضائل والمبادىء .. كلها كلمات جوفاء لا معنى لها عندي .. الحقيقة الوحيدة التي أعرفها أني فقير .. ليس لي فدان تِرك ولا بقرة شِرك . كل أملاكي هي ماهيتي .. ثلاثون جنيهاً فقط ..
موظف صغير حقير . والدي متوفي ويشاركني في هذا المبلغ أم وثلاثة إخوة .. وكلهم سعداء لأنهم لا يشعرون ... أما أنا فأشعر .. أشعر دائما أني ميت .. أشعر أني أتمنى أشياء لا أستطيع أن أحصل عليها .. وأشعر في لحظات أني على وشك أن أكون قاتلاً أو لصاً أو سفاحاً أو محتالاً أو مُهرِب مخدرات ..
في حلقي مرارة لا تطفئها إلا الخيالات المريضة .
لا تقل لي إبحث عن عمل آخر أو اشتغل بالتجارة ..
أين الوقت لكل هذا .. وعملي في المطار .. وسكَنى بشبرا ، وخروجى كل يوم في السابعة صباحاً وعودتي في الخامسة بعد الظهر مرهقاً .. مُتعباً .. لا أصلح لشيئ ..
لاتقل لي هناك ملايين مثلك وأقل منك وسعداء ..
هذا صحيح .. أنا أعلم هذا ولكنهم خُلقوا هكذا .. شعورهم هكذا .. و لكني أنا شيء آخر .. وشعوري شيء آخر .. والمهم هو أنا ..أنا ..
ومن عادته أن يكرر أنا .. أنا .. عدة مرات وهو شارد .. ينظر إليَّ بشفتيه المزمومتين كأنه يحاسبني .. وكأني أنا المسئول عن عذابه .. ثم يمضي إلى حاله وأمضي أنا إلى حالي ..
ولكن شبحه يظل يلاحقني .. شفتاه المزمومتان ..
ونبراته الحادة .. وكلماته التي ينطقها في مرارة ويضغطها بين أسنانه مرة .. بعد مرة .. أنا .. أنا ..
نعم هنا العذاب كله .. في هذه الكلمة .. أنا ..
ليس عذابه في ظروفه وفقره وإيراده الصغير .. وإنما عذابه في نفسه هو ..
هناك ملايين الفقراء يعيشون مثله وأقل منه ولا يحسون بهذه الإحساسات ..
إن عذابه في عناصر شخصيته التي تتأجج إلى جوار بعضها ويشعل كل واحد منها الآخر ..
رغبة حادة بلا عقل .. وشهوة بلا ضابط .. وأحلام بلا وسائل وأمنيات ملحة وإرادة عقيمة .. وإحساسات مرهفة وأفق ضيق .. ولهفة مشبوبة .. وصبر نافد ..
وكلها تصطدم في النهاية وتتحول إلى أسباب للشقاء والحقد .. ولا تتحول إلى عمل وفعالية أبداً .. وهو بعُودِهِ النحيل ووجهه الشاحب الهضيم يبدو دائماً كمشروع جريمة ..
وأنا لا أؤمن بأن الإنسان عبد للظروف وأنه مُسيَّر ولا اختيار له إطلاقاً ..
ظروف الفقر والجهل والمرض والتربية السيئة لا تحتم الفشل في نظري .. بل هي أحياناً تؤدي إلى النبوغ والخير والعبقرية .. لأن العامل الحاسم هو دائماً الظرف الداخلي .. الظرف النفسي ..
وأخطر ظروف الجريمة ، هو المجرم نفسه .. وأخطر دوافع الجريمة هو المجرم نفسه ..
هي اللحظة الحاسمة التي تصل فيها شخصيته لدرجة الغليان وتفور عناصرها لتُفقده الصواب .
هذه العملية الداخلية المستترة في نفوسنا .. النية .. والإحساس .. والإنفعال .. والتصور .. والتردد .. والعزم .. والإندفاع .. هي مفتاح مصيرنا ..
وطالما سألت نفسي .. هل الإنسان يستطيع السيطرة على هذه العملية ..
هل يستطيع صاحبي أن يحكم غضبه .. ويسوس نفسه .. ويقود ثورته .. ويتحكم في انفعالاته .. ويتعقل حقده .. وحسده .
أعتقد أنه يستطيع ..
أعتقد أن حبل الحرية ممدود في نفوسنا وأننا نستطيع أن نلوذ به دائماً ..
يد الله تمد لنا هذا الحبل دائماً ولكنّا لا نراها ..
في أعماقنا طاقة ضوء نستطيع أن نطل منها ونستنجد .
لسنا حجرات مغلقة مظلمة .. تحتوي على الظروف . وتعكس مؤثرات البيئة فقط بدون حرية وبدون تصرف وبدون إرادة .. ولسنا حفراً تتجمع فيها الظروف والفقر والجهل والمرض والأبواب المسدودة ..
هناك الحرية دائماً في قاع المشكلة .. وهناك يد الله ورحمته .
لسنا كعيدان القش تحملنا الأمواج .. ويقذف بنا التيار .. وإنما نحن نستطيع أن نسير ضد الريح .. ونسبح ضد التيار .. وضد الظروف غير المواتية أحياناً .
إن الشجرة وهي نوع منحط من أنواع الحياة .. تنمو إلى فوق ضد الجاذبية الأرضية . والعصارة تجري فيها إلى فوق ضد الجاذبية الأرضية .. وضد قوانين السوائل والضغط الجوى .. وضد الظروف الفيزيقية ..
وهي تقف صلبة سامقة في وجه الريح . لا تنحني للطبيعة .. وهي شجرة عاجزة عمياء مزروعة في الأرض مقيدة بجذورها .. فما بال الإنسان سيد الكائنات الحية جميعها .. وله ساقان يجري بهما .. وعينان يبصر بهما .. وعقل يفكر به .. وقلب يحس به .
أنا لا أصدق أبداً خرافة المصير المحتوم .. والظروف التي تضرب على الناس الذِلّة والمسكنة .. فلا يُبقي لهم إلا الشكوى والسباب .. والجريمة ..
هناك حل دائماً .. هناك مَخرَج .. طالما أن هناك إيمان .
والمشكلة ليست الظروف ..
الظروف تتشابه في العائلة الواحدة .. ومع هذا يفترق الأخوة على طرق المصير .. واحد يَنبُغ .. والآخر يرتكب جريمة قتل .. والثالث يشحذ .. والرابع يدمن المخدرات .
المشكلة هي الانسان ..
الإنسان هو الظرف الحاسم .. والعامل المهم في الحياة .. وحينما تنسد كل الأبواب أمامه يظل هناك باب مفتوح في داخله .. هو الباب المفتوح على الرحمة الإلهية ..
وحينما يصرخ من اليأس .. فلأنه أغلق بيده هذا الباب أيضاً .. وأعطى ظهره لربه وخالقه .
وأنا أعتقد أن صاحبي يستطيع أن يفعل شيئاً .. يستطيع أن يكف عن الشروع في جريمة .. ويبدأ في الشروع في عمل آخر ناجح ..
مقال : مشروع جريمة
من كتاب / في الحب و الحياة
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله ). ❝ ⏤مصطفى محمود
❞ لي صديق كان زميلي أيام الدراسة الثانوية . ثم افترقنا وألقت بنا الدنيا كل واحد في طريق ثم عدنا بعد سنوات لنلتقي .
وأصبح من عادته كلما لقيني أن يشكو . وأصبح من عادتي أن أستمع . وأنظر إلى وجهه الشاحب وشفتيه المزمومتين دائماً كأنما على ثأر بايت .
وشكواه دائما هي . هي . لا تتغير . حتى نبراته . حتى كلماته التي يقولها وهو يطحن أضراسه .
أريد أن أحيا كما يحيا السعداء الأغنياء . لا تقل لي إن معظم الأغنياء غير سعداء . لا تحاول أن تفلسف لي الفقر . وتشوه لي الغنى . أنا عارف كلامكم يا أدباء ، أريد أن أكون غنياً . ولست راضياً بالمرة عن نفسي . وعن وضعي الحالي . عايز فلوس . فلوس . عايز يكون عندي عربية وشقة فيها بوتوجاز وثلاجة وبيك أب وريكوردر . عايز أسكن في عمارة فيها أسانسير . ويكون عندي على الأقل خمس بدل جديدة . عايز أدخل السينما وأقعد بنوار . مش صالة .
عايز أدخل الكباريهات والبارات . عايز أعرف إيه الموجود داخل هذه العلب التي قرأت عنها حتى امتلأت رأسي كلاماً . عايز أشوف بعيني وأسمع بودني . عايز أعيش . أعيش .
أنا عايش في حرمان . إوعى تقوللي ربنا عايز كده . ربنا مش عايز كده . ربنا عايزني أعيش وخلقني عشان أعيش وأتحرك وأشعر وألمس وأحس بكل حاجة .
لقد كفرت بالمثل العليا . كفرت بالأخلاق . والفضائل والمبادىء . كلها كلمات جوفاء لا معنى لها عندي . الحقيقة الوحيدة التي أعرفها أني فقير . ليس لي فدان تِرك ولا بقرة شِرك . كل أملاكي هي ماهيتي . ثلاثون جنيهاً فقط .
موظف صغير حقير . والدي متوفي ويشاركني في هذا المبلغ أم وثلاثة إخوة . وكلهم سعداء لأنهم لا يشعرون .. أما أنا فأشعر . أشعر دائما أني ميت . أشعر أني أتمنى أشياء لا أستطيع أن أحصل عليها . وأشعر في لحظات أني على وشك أن أكون قاتلاً أو لصاً أو سفاحاً أو محتالاً أو مُهرِب مخدرات .
في حلقي مرارة لا تطفئها إلا الخيالات المريضة .
لا تقل لي إبحث عن عمل آخر أو اشتغل بالتجارة .
أين الوقت لكل هذا . وعملي في المطار . وسكَنى بشبرا ، وخروجى كل يوم في السابعة صباحاً وعودتي في الخامسة بعد الظهر مرهقاً . مُتعباً . لا أصلح لشيئ .
لاتقل لي هناك ملايين مثلك وأقل منك وسعداء .
هذا صحيح . أنا أعلم هذا ولكنهم خُلقوا هكذا . شعورهم هكذا . و لكني أنا شيء آخر . وشعوري شيء آخر . والمهم هو أنا .أنا .
ومن عادته أن يكرر أنا . أنا . عدة مرات وهو شارد . ينظر إليَّ بشفتيه المزمومتين كأنه يحاسبني . وكأني أنا المسئول عن عذابه . ثم يمضي إلى حاله وأمضي أنا إلى حالي .
ولكن شبحه يظل يلاحقني . شفتاه المزمومتان .
ونبراته الحادة . وكلماته التي ينطقها في مرارة ويضغطها بين أسنانه مرة . بعد مرة . أنا . أنا .
نعم هنا العذاب كله . في هذه الكلمة . أنا .
ليس عذابه في ظروفه وفقره وإيراده الصغير . وإنما عذابه في نفسه هو .
هناك ملايين الفقراء يعيشون مثله وأقل منه ولا يحسون بهذه الإحساسات .
إن عذابه في عناصر شخصيته التي تتأجج إلى جوار بعضها ويشعل كل واحد منها الآخر .
رغبة حادة بلا عقل . وشهوة بلا ضابط . وأحلام بلا وسائل وأمنيات ملحة وإرادة عقيمة . وإحساسات مرهفة وأفق ضيق . ولهفة مشبوبة . وصبر نافد .
وكلها تصطدم في النهاية وتتحول إلى أسباب للشقاء والحقد . ولا تتحول إلى عمل وفعالية أبداً . وهو بعُودِهِ النحيل ووجهه الشاحب الهضيم يبدو دائماً كمشروع جريمة .
وأنا لا أؤمن بأن الإنسان عبد للظروف وأنه مُسيَّر ولا اختيار له إطلاقاً .
ظروف الفقر والجهل والمرض والتربية السيئة لا تحتم الفشل في نظري . بل هي أحياناً تؤدي إلى النبوغ والخير والعبقرية . لأن العامل الحاسم هو دائماً الظرف الداخلي . الظرف النفسي .
وأخطر ظروف الجريمة ، هو المجرم نفسه . وأخطر دوافع الجريمة هو المجرم نفسه .
هي اللحظة الحاسمة التي تصل فيها شخصيته لدرجة الغليان وتفور عناصرها لتُفقده الصواب .
هذه العملية الداخلية المستترة في نفوسنا . النية . والإحساس . والإنفعال . والتصور . والتردد . والعزم . والإندفاع . هي مفتاح مصيرنا .
وطالما سألت نفسي . هل الإنسان يستطيع السيطرة على هذه العملية .
هل يستطيع صاحبي أن يحكم غضبه . ويسوس نفسه . ويقود ثورته . ويتحكم في انفعالاته . ويتعقل حقده . وحسده .
أعتقد أنه يستطيع .
أعتقد أن حبل الحرية ممدود في نفوسنا وأننا نستطيع أن نلوذ به دائماً .
يد الله تمد لنا هذا الحبل دائماً ولكنّا لا نراها .
في أعماقنا طاقة ضوء نستطيع أن نطل منها ونستنجد .
لسنا حجرات مغلقة مظلمة . تحتوي على الظروف . وتعكس مؤثرات البيئة فقط بدون حرية وبدون تصرف وبدون إرادة . ولسنا حفراً تتجمع فيها الظروف والفقر والجهل والمرض والأبواب المسدودة .
هناك الحرية دائماً في قاع المشكلة . وهناك يد الله ورحمته .
لسنا كعيدان القش تحملنا الأمواج . ويقذف بنا التيار . وإنما نحن نستطيع أن نسير ضد الريح . ونسبح ضد التيار . وضد الظروف غير المواتية أحياناً .
إن الشجرة وهي نوع منحط من أنواع الحياة . تنمو إلى فوق ضد الجاذبية الأرضية . والعصارة تجري فيها إلى فوق ضد الجاذبية الأرضية . وضد قوانين السوائل والضغط الجوى . وضد الظروف الفيزيقية .
وهي تقف صلبة سامقة في وجه الريح . لا تنحني للطبيعة . وهي شجرة عاجزة عمياء مزروعة في الأرض مقيدة بجذورها . فما بال الإنسان سيد الكائنات الحية جميعها . وله ساقان يجري بهما . وعينان يبصر بهما . وعقل يفكر به . وقلب يحس به .
أنا لا أصدق أبداً خرافة المصير المحتوم . والظروف التي تضرب على الناس الذِلّة والمسكنة . فلا يُبقي لهم إلا الشكوى والسباب . والجريمة .
هناك حل دائماً . هناك مَخرَج . طالما أن هناك إيمان .
والمشكلة ليست الظروف .
الظروف تتشابه في العائلة الواحدة . ومع هذا يفترق الأخوة على طرق المصير . واحد يَنبُغ . والآخر يرتكب جريمة قتل . والثالث يشحذ . والرابع يدمن المخدرات .
المشكلة هي الانسان .
الإنسان هو الظرف الحاسم . والعامل المهم في الحياة . وحينما تنسد كل الأبواب أمامه يظل هناك باب مفتوح في داخله . هو الباب المفتوح على الرحمة الإلهية .
وحينما يصرخ من اليأس . فلأنه أغلق بيده هذا الباب أيضاً . وأعطى ظهره لربه وخالقه .
وأنا أعتقد أن صاحبي يستطيع أن يفعل شيئاً . يستطيع أن يكف عن الشروع في جريمة . ويبدأ في الشروع في عمل آخر ناجح .
مقال : مشروع جريمة
من كتاب / في الحب و الحياة
للدكتور / مصطفى محمود (رحمه الله ). ❝