█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ الصنف الثاني تفسير القرآن بمجرد ما يسوغ أن يريده المتكلم بالعربية من غير نظر إلى المتكلم بالقرآن والمنزل وعليه والمخاطب به67 :
ومصدر الخلل عند هؤلاء أنهم نظروا إلى مجرد اللفظ ولم يراعوا سوى ما يمكن أن يكون مراداً للفظ من جهة اللغة دون أن ينتبهوا إلى أن هذا اللفظ هو كلام الرب سبحانه وتعالى وأنه أنزله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وأنه خطاب للإنس والجن عامة، وإن عدم مراعاة هذه الاعتبارات قد يفضي إلى تفسير اللفظ القرآني تفسيراً بعيداً عن الصواب، يقول الإمام الشاطبي رحمه الله في سياق الكلام عن أهمية معرفة أسباب التنزيل مثلاً وكيف أنه ضروري لصيانة فهم القرآن الكريم :" الوجه الثاني وهو أن الجهل بأسباب التنزيل مُوقع في الشبه والإشكالات ومورد للنصوص الظاهرة مورد الإجمال حتى يقع الاختلاف وذلك مظنة وقوع النزاع" ثم ذكر ما رواه إبراهيم التميمي قال:" خلا عمر ذات يوم فجعل يحدث نفسه : كيف تختلف هذه الأمة ونبيها واحد وقبلتها واحدة، فقال ابن عباس : يا أمير المؤمنين إنا أُنزل علينا القرآن فقرأناه وعلمنا فيم نزل، وإنه سيكون بعدنا أقوام يقرأون القرآن ولا يدرون فيم نزل، فيكون لهم فيه رأي فإذا كان لهم فيه رأي اختلفوا، فإذا اختلفوا اقتتلوا"68. ولعل مراعاة مقتضى الشرع في تفسير القرآن الكريم هي من جملة ما دعا به النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس في قوله :" اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل" . ❝
❞ قد تختلف القراءتان في لفظ قرآني فيفسر كل واحد اللفظ في كل قراءة بمعناه فينتج الاختلاف أيضاً، ومثال ذلك قوله تعالى :" لقالوا إنما سُكِّرت أبصارنا بل نحن قومٌ مسحورون"51، فقد قُرأت بتشديد الكاف "سُكِّرَت" وفي قراءة مجاهد والحسن : "سُكِرَت" بالتخفيف52، ففسرت الأولى بالسد وفسرت القراءة الثانية بالسحر، فالاختلاف في التفسير ناشئ عن تعدد القراءات، ويمكن اعتبار هذا أيضاً من اختلاف التنوع لا من اختلاف التعارض والتضاد . ❝
❞ إن فريقاً من الذين عمدوا إلى آيات القرآن الكريم يفسرونها باجتهاداتهم قد أسرتهم اعتقادات ومعان فسلطوها على ألفاظ القرآن الكريم مراعاةً لما اعتقدوه ولم ينظروا إلى ما تستحقه الألفاظ القرآنية من الدلالة والبيان. وإن لازم اتباع هذا المنهج تعددُ التفاسير بتعدد الاعتقادات والأهواء والمذاهب الفاسدة، وإذا عُلم هذا لم يعد للتعجب من اختلاف التفاسير بالرأي مكان، بل كان محل العجب فيما لو اتفقت هذه التفاسير الهوائية في شيئ البتة! قال الشيخ الزرقاني رحمه الله في سياق كلامه على التفسير بالرأي المذموم :" ومنها - أي الأمور التي يجب البعد عنها في التفسير بالرأي – حمل كلام الله على المذاهب الفاسدة.." . ❝
❞ إن أسباب الاختلاف في تفسير القرآن الكريم متنوعة وكثيرة، وعند النظر في النماذج الأربعة المتقدمة يمكن أن نلاحظ أن النموذجين الأوليين يعرضان أقوالاً متعددة في تفسير الآية ولكن مردّ هذه الأقوال كلها إلى النقل، في حين أن النموذجين الأخيرين يحملان نوعاً آخر من التفسير المختلف فيه مرده إلى العقل أو الرأي، وقد أرجع شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أسباب الاختلاف في التفسير إلى أمرين اثنين، فقال :"الاختلاف في التفسير على نوعين : منه ما مستنده النقل فقط، ومنه ما يُعلم بغير ذلك، إذ العلم إما نقل مصدَّق، وإما استدلال محقَّق"26 وعند التأمل في النماذج المعروضة آنفاً يمكن ملاحظة أن مستند الاختلاف في النموذجين الأوليين هو النقل مثلاً، في حين أن النموذجين الأخيرين يعرضان للنوع الثاني من الاختلاف المستند على الرأي والاستدلال، وبكلام آخر نقول أسباب الاختلاف تتباين باعتبار التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي . ❝
❞ الخطأ الطبي حسب تعریف المعهد الطبي الأمريكي نجده ينص على أن الخطأ الطبي هو ˝ الفشل في إتمام عمل مقصود على الوجه المقصود ، أو استعمال عمل خاطئ لتحقيق هدف ما ˝ 37 ، وهذا يتفق مع ما قررناه إذ أن الطبيب لا يقصد فوات هدف العلاجي كما لا يقصد استعمال العمل الخاطئ لتحقيق هدفه العلاجي ، ولكن يجب التمييز هنا بين أمرين هما : 1.الخطأ الذي هو من جنس العمل الطبي : كأن يخطئ
في التشخيص ونحوه ، فهنا ينظر إلى العرف الطبي فإذا كان الخطأ ضمن الحدود المعتبرة من جهة أن هذا التشخيص أو العلاج ظني في الغالب فهنا لا مؤاخذة من جهة مخالفة أصول المهنة ، ويؤول الخطأ إلى النوع الثاني الذي نذكره ، وإن كان الخطأ غير مقبول في العرف الطبي كأن یخطئ في التشخيص لأنه لم يستعمل اختبارة مطلوبة في عرف المهنة ، فهنا يؤول الخطأ في الحقيقة إلى الموجب الأول وهو عدم اتباع أصول المهنة ، وكلاهما موجب للمسؤولية لكن الفرق في الآثار المترتبة على المسؤولية من جهة الضمان . ❝