█ إن أسباب الاختلاف تفسير القرآن الكريم متنوعة وكثيرة وعند النظر النماذج الأربعة المتقدمة يمكن أن نلاحظ النموذجين الأوليين يعرضان أقوالاً متعددة الآية ولكن مردّ هذه الأقوال كلها إلى النقل حين الأخيرين يحملان نوعاً آخر من التفسير المختلف فيه مرده العقل أو الرأي وقد أرجع شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أمرين اثنين فقال :"الاختلاف نوعين : منه ما مستنده فقط ومنه يُعلم بغير ذلك إذ العلم إما نقل مصدَّق وإما استدلال محقَّق"26 التأمل المعروضة آنفاً ملاحظة مستند هو مثلاً للنوع الثاني المستند والاستدلال وبكلام نقول تتباين باعتبار بالمأثور والتفسير بالرأي كتاب حقيقته وأسبابه مجاناً PDF اونلاين 2024 قام المؤلف هذا البحث الموجز باستعراض للوقوف ولقد عرض مسألة وقوع والاختلاف ثم أورد التحقيق حقيقة الواقع بنوعيه إن الناظر علم وكتب ليقف لا مفرَّ الإقرار به ألا وهو عز وجل ينكرها إلا مكابر عديم الاطلاع كتب والمفسرين يهمنا المقام تحرير جهتين أولاهما هي كون حقيقياً أم متوهماٌ وثانيهما مطعناً ونحن نعلم جواب الجهة الثانية السلب حتماً حيث قال تعالى :" أفلا يتدبرون ولو كان عند غير لوجدوا اختلافاً كثيراً"2 ولما يمثل مورداً موارد الشبهات التي يُلبِّس بها المغرضون المسلمين ويثيرون الفتن خلالها ويشككونهم ربهم واجباً علينا المسألة أجل الرد هؤلاء المغرضين حتى يفتتن بهم عامة طلاب ونحوه ولقد قمت عرضت المبحث الأول ثلاثة مطالب بينت معنى تعرضت المطلب لمراتب وقررت الثالث أما فقد تألف منها وتناولت وجاء تحقيقٌ وذيلت بالخاتمة فيها خلاصة وأهم نتائج
❞ إن فريقاً من الذين عمدوا إلى آيات القرآن الكريم يفسرونها باجتهاداتهم قد أسرتهم اعتقادات ومعان فسلطوها على ألفاظ القرآن الكريم مراعاةً لما اعتقدوه ولم ينظروا إلى ما تستحقه الألفاظ القرآنية من الدلالة والبيان. وإن لازم اتباع هذا المنهج تعددُ التفاسير بتعدد الاعتقادات والأهواء والمذاهب الفاسدة، وإذا عُلم هذا لم يعد للتعجب من اختلاف التفاسير بالرأي مكان، بل كان محل العجب فيما لو اتفقت هذه التفاسير الهوائية في شيئ البتة! قال الشيخ الزرقاني رحمه الله في سياق كلامه على التفسير بالرأي المذموم :" ومنها - أي الأمور التي يجب البعد عنها في التفسير بالرأي – حمل كلام الله على المذاهب الفاسدة.." . ❝
❞ الصنف الثاني تفسير القرآن بمجرد ما يسوغ أن يريده المتكلم بالعربية من غير نظر إلى المتكلم بالقرآن والمنزل وعليه والمخاطب به67 :
ومصدر الخلل عند هؤلاء أنهم نظروا إلى مجرد اللفظ ولم يراعوا سوى ما يمكن أن يكون مراداً للفظ من جهة اللغة دون أن ينتبهوا إلى أن هذا اللفظ هو كلام الرب سبحانه وتعالى وأنه أنزله على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم وأنه خطاب للإنس والجن عامة، وإن عدم مراعاة هذه الاعتبارات قد يفضي إلى تفسير اللفظ القرآني تفسيراً بعيداً عن الصواب، يقول الإمام الشاطبي رحمه الله في سياق الكلام عن أهمية معرفة أسباب التنزيل مثلاً وكيف أنه ضروري لصيانة فهم القرآن الكريم :" الوجه الثاني وهو أن الجهل بأسباب التنزيل مُوقع في الشبه والإشكالات ومورد للنصوص الظاهرة مورد الإجمال حتى يقع الاختلاف وذلك مظنة وقوع النزاع" ثم ذكر ما رواه إبراهيم التميمي قال:" خلا عمر ذات يوم فجعل يحدث نفسه : كيف تختلف هذه الأمة ونبيها واحد وقبلتها واحدة، فقال ابن عباس : يا أمير المؤمنين إنا أُنزل علينا القرآن فقرأناه وعلمنا فيم نزل، وإنه سيكون بعدنا أقوام يقرأون القرآن ولا يدرون فيم نزل، فيكون لهم فيه رأي فإذا كان لهم فيه رأي اختلفوا، فإذا اختلفوا اقتتلوا"68. ولعل مراعاة مقتضى الشرع في تفسير القرآن الكريم هي من جملة ما دعا به النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس في قوله :" اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل" . ❝
❞ قد تختلف القراءتان في لفظ قرآني فيفسر كل واحد اللفظ في كل قراءة بمعناه فينتج الاختلاف أيضاً، ومثال ذلك قوله تعالى :" لقالوا إنما سُكِّرت أبصارنا بل نحن قومٌ مسحورون"51، فقد قُرأت بتشديد الكاف "سُكِّرَت" وفي قراءة مجاهد والحسن : "سُكِرَت" بالتخفيف52، ففسرت الأولى بالسد وفسرت القراءة الثانية بالسحر، فالاختلاف في التفسير ناشئ عن تعدد القراءات، ويمكن اعتبار هذا أيضاً من اختلاف التنوع لا من اختلاف التعارض والتضاد . ❝