█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ تكملة هديه ﷺ في الحج
فلما غربت الشمس ، واستحكم غروبها بحيث ذهبت الصُّفرة ، أفاض من عرفة ، وأردف أسامة بن زيد خلفه ، وأفاض بالسكينة ، وضم إليه زمام ناقته ، حتى إن رأسَها ليُصِيبُ طَرَفَ رَحْلِهِ وهُو يقول ( أَيُّها النَّاسُ عَلَيْكُم السَّكِينَةَ، فَإِنَّ البِرَّ لَيْسَ بالإيضاع ) أي : ليس بالإسراع ، وأفاض من طريق المَازِمَيْن ، ودخل عرفة من طريق ضَبّ ، وهكذا كانت عادته صلوات الله وسلامه في الأعياد ، أن يُخالف الطريق ، ثم جعل يسير العنق ، وهو ضرب من السير ليس بالسريع ، ولا البطيء ، فإذا وجد فَجُوةٌ وهو المتسعُ ، نص سيره ، أي : رفعه فوق ذلك ، وكلما أتى ربوة من تلك الربي ، أرخى للناقة زمامها قليلاً حتى تصعد ، وكان يلبي في مسيره ذلك ، لم يقطع التلبية ، فلما كان في أثناء الطريق ، نزل صلوات الله وسلامه عليه ، فبال وتوضأ وضوءاً خفيفاً ، فقال له أسامة الصلاة يا رسول الله ، فقال: (الصلاة) - أو المُصَلَّى أَمَامَك ) ، ثم سار حتى أتى المزدلفة ، فتوضأ وضوء الصلاة ، ثم أمر بالأذان ، فأذن المؤذِّنُ ، ثم أقام ، فَصَلَّى المغرب قبل حط الرِّحَال ، وتبريك الجمال ، فلما حطوا رحالهم ، أمر فأقيمتِ الصَّلاةُ ، ثم صلى عِشاء الآخرة بإقامة بلا أذان ، ولم يُصل بينهما شيئاً ، وقد رُوي أنه صلاهما بأذانين وإقامتين ، وروي بإقامتين بلا أذان ، والصحيح أنه صلاهما بأذان وإقامتين ، كما فعل بعرفة ، ثم نام حتى أصبح ، ولم يُحيي تلك الليلة ، ولا صح عنه في إحياء ليلتي العيدين شيئا ، وأَذِنَ في تلك الليلة لضعفة أهله أن يتقدَّمُوا إلى مِني قَبْلَ طُلوعِ الفجر ، وكان ذلك عند غيبوبةِ القَمَرِ ، وأمرهم أن لا يَرْمُوا الجَمْرَةَ حتى تطلُعَ الشَّمس ، فلما طلع الفجر صلاها في أول الوقت لا قبله ، قطعا بآذان وإقامة يوم النحر ، وهو يوم العيد ، وهو يوم الحج الأكبر ، وهو يوم الأذان ببراءة الله ورسوله مِن كُلِّ مشرك ، ثم ركب حتى أتى موقفه عند المَشْعَرِ الحَرَامِ ، فاستقبل القبلة ، وأخذ في الدعاء والتضرع ، والتكبير والتهليل ، والذكر، حتى أسفر جداً ، وذلك قبل طلوع الشمس . ❝