█ حصريا تحميل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024
❞ وكان هديه ﷺ أنه إذا صالح قوماً فَنَقَضَ بعضُهم عهده ، وصلحه ، وأقرهم البَاقُونَ ، ورضُوا به ، غزا الجميع ، وجعلهم كلهم ناقضين ، كما فعل بقريظة ، والنضير ، وبني قينقاع ، وكما فعل في أهل مكة ، فهذه سنته في أهل العهد ، وعلى هذا ينبغي أن يَجرِيَ الحُكْمُ في أهل الذمة كما صرح به الفقهاء من أصحاب أحمد وغيرهم ، وخالفهم أصحاب الشافعي ، فخصوا نقض العهد بمن نقضه خاصةً دون من رَضِيَ به ، وأقر عليه ، وفرَّقُوا بينهما بأن عقد الذمة أقوى وآكد ، ولهذا كان موضوعاً على التأبيد ، بخلاف عقد الهدنة والصلح ، وكان هديه وسنته ﷺ إذا صالح قوماً وعاهدهم ، فانضاف إليهم عدو له سواهم ، فدخلوا معهم في عقدهم ، وانضاف إليه قوم آخرون ، فدخلوا معه في عقده ، صار حُكم من حارب من دخل معه في عقده من الكفار حكم من حاربه ، وبهذا السبب غزا أهل مكة ، فإنه لما صالحهم على وضع الحرب بينهم وبينه عشر سنين ، تواثبت بنو بكر بن وائل ، فدخلت في عهد قريش ، وعقدها ، وتواثبت خُزاعة ، فدخلت في عهد رسول الله ﷺ وعقده ، ثم عدت بنو بكر على خزاعة فبيتتهم وقتلت منهم ، وأعانتهم قريش في الباطن بالسلاح ، فعد رسول الله ﷺ قريشاً ناقضين للعهد بذلك ، واستجاز غزو بني بكر بن وائل لتعديهم على حلفائه ، وبهذا أفتى شيخ الإسلام ابن تيمية بغزو نصارى المشرق لما أعانُوا عدوّ المُسلمين على قتالهم ، فأمدوهم بالمال والسلاح ، وإن كانوا لم يغزونا ولم يُحاربونا ، ورآهم بذلك ناقضين للعهد ، كما نقضت قريش عهد النبي بإعانتهم بني بكر بن وائل على حرب حلفائه ، فكيف إذا أعان أهل الذمة المشركين على حرب المسلمين . والله أعلم . ❝