📘 ❞ مناقب عمر بن عبد العزيز ❝ كتاب ــ أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي

التراجم والأعلام - 📖 كتاب ❞ مناقب عمر بن عبد العزيز ❝ ــ أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي 📖

█ _ أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي 0 حصريا كتاب ❞ مناقب عمر العزيز ❝ 2024 العزيز: حفص مروان الحكم الأموي القرشي (61هـ681م 101هـ720م) هو ثامن الخلفاء الأمويين الثاني ولد سنة 61هـ المدينة المنورة ونشأ فيها عند أخواله من آل الخطاب فتأثر بهم وبمجتمع الصحابة وكان شديد الإقبال طلب العلم وفي 87هـ ولّاه الخليفة الوليد الملك إمارة ثم ضم إليه ولاية الطائف 91هـ فصار واليًا الحجاز كلها عُزل عنها وانتقل إلى دمشق فلما تولى سليمان الخلافة قرّبه وجعله وزيرًا ومستشارًا له جعله ولي عهده مات 99هـ تميزت خلافة بعدد المميزات منها: العدلُ والمساواة وردُّ المظالم التي كان أسلافه بني أمية قد ارتكبوها وعزلُ جميع الولاة الظالمين ومعاقبتُهم كما أعاد العمل بالشورى ولذلك عدّه كثير العلماء خامس الراشدين اهتم بالعلوم الشرعية وأمر بتدوين الحديث النبوي الشريف استمرت سنتين وخمسة أشهر وأربعة أيام حتى قُتل مسمومًا 101هـ فتولى يزيد بعده طلبه للعلم عاش زمن ساد فيه مجتمعُ التقوى والإقبال فقد عدد لا يزالون بالمدينة حدث عن الله جعفر أبي طالب والسائب وسهل سعد واستوهب منه قدحاً شرب النبي محمد أمّ بأنس مالك فقال: «ما رأيت أحداً أشبه صلاة برسول صلى عليه وسلم هذا الفتى» تربى أيدي كبار فقهاء وعلمائها اختار (والد عمر) صالح كيسان ليكون مربياً لعمر تأديبه يُلزم الصلوات المفروضة المسجد فحدث يوماً أن تأخر الصلاة مع الجماعة فقال كيسان: يشغلك؟» قال: «كانت مرجّلتي (مسرحة شعري) تسكن شعري» «بلغ منك حبك تسكين شعرك تؤثره الصلاة؟» فكتب يذكر ذلك فبعث أبوه رسولاً فلم يكلمه حلق رأسه ولمّا حج ومرّ سأل ابنه خبرت أعظم صدره الغلام» يحرص التشبه بصلاة أشد الحرص فكان يُتمُّ الركوع والسجود ويخفِّف القيام والقعود رواية صحيحة: أنّه يسبِّح عشراً ومن شيوخ الذين تأثر بهم: عبيد عتبة مسعود يجله كثيراً ونهل علمه وتأدب بأدبه وتردد وهو أمير ولقد عبّر إعجابه بشيخه وكثرة التردد مجلسه «لَمجلسٌ الأعمى أحب إليّ ألف دينار» يقول خلافته لمعرفته بما شيخه علم غزير: «لو حياً ما صدرت إلا رأيه ولوددت لي بيوم واحد كذا وكذا» مفتي زمانه وأحد الفقهاء السبعة قال عنه الزهري: «كان بحراً بحور العلم» شيوخه أيضاً سعيد المسيب يأتي الأمراء غير ومنهم سالم الذي المسيب: به به» وذات يوم دخل وعلى ثياب غليظة رثَّة يزل يرحب ويرفعه أقعده معه سريره وعمر المجلس رجل أُخريات الناس: استطاع خالك يلبس ثياباً فاخرة أحسن هذه يدخل المؤمنين؟» المتكلم سريَّة لها قيمة عمر: الثياب خالي وضعته مكانك ولا ثيابك رفعتك مكان ذاك» وتربى وتعلم والفقهاء وقد بلغ ثلاثة وثلاثين؛ ثمانية منهم وعشرون التابعين في عهد الملك كان أثر كبير نصح وتوجيه سياستهم بالرأي والمشورة إذ يحتل مكانة متميزة البيت عمه ويعجب بنباهته أثناء شبابه مما يقدمه أبنائه ويزوجه ابنته ولكن لم يكن مشاركات بسبب صغر سنه واشتغاله بطلب ومع أورد ابن أنه كتب كتاباً يذكّره بالمسؤولية الملقاة عاتقه جاء فيها: «أما بعد فإنك راعٍ وكلٌّ مسؤولٌ رعيته حدثنا أنس سمع رسول يقول: كل مسؤول Ra bracket png اللّهُ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثًا Aya 87 La » ويقال بأن ولّى "خناصره" ليتدرب الأعمال القيادية وقت مبكر ويقال إن ولاه عليها لموت وحزن حزناً عظيماً خاطب مسلمة له: «يا إني حضرت أباك لما دفن فحملتني عيني قبره فرأيته أفضى أمر راعني وهالني فعاهدت ألا أعمل بمثل عمله وليت اجتهدت ذلك» إمارته المنورة في ربيع الأول عام عمرَ وبذلك صار والياً واشترط لتوليه الإمارة شروط: الشرط الأول: يعمل الناس بالحق والعدل يظلم يجور أحد أخذ حقوق لبيت المال ويترتب يقل يرفع للخليفة الأموال الشرط الثاني: يسمح بالحج أول سنة؛ لأن الوقت يحج الثالث: بالعطاء يُخرجه للناس فوافق الشروط وباشر وفرح فرحاً شديداً وقام بتكوين مجلس للشورى سمي بـ"مجلس العشرة" فعندما للسلام الجديد وصلّى دعا عشرة وهم: عروة الزبير وعبيد وأبو بكر الحارث هشام خيثمة وسليمان يسار والقاسم وسالم وأخوه وعبد عامر ربيعة وخارجة زيد ثابت فدخلوا فجلسوا فحمد وأثنى أهله «إني دعوتكم لأمر تؤجرون وتكونون أعواناً الحق أريد أقطع أمراً برأيكم أو برأي حضر منكم فإن رأيتم يتعدى بلغكم عامل ظلامة فأحرّج بلغه أبلغني» وفي إمارته وسّع بأمر مئتي ذراع وزخرفه يكره زخرفة المساجد أي فاستقبله استقبال وشاهد بأم عينيه الإصلاحات العظيمة حققها عزله المدينة ذكر استعفى ففي 92هـ عقد لواء الحج للحجاج يوسف الثقفي أميراً ولما بذلك يستعفيه يمرَّ الحجاج الحجّاج يطيق يراه الظلم فامتثل لرغبة وكتب الحجّاج: «إن إليَّ يستعفيني ممرك فلا عليك تمر بمن كرهك فتنحّ المدينة» وقد والٍ يخبره عما وصل حال العراق والضيم والضيق ظلم وغشمه جعل يحاول الانتقام لاسيما أصبح ملاذاً للفارين عسف وظلمه حيث الوليد: قبلي مُرّاق أهل وأهل الثقاف جلوا ولجأوا ومكة وإن وهن» يشير بعثمان حبان وخالد القسري وعزل ميول لسياسة واضحاً يظن سياسة الشدة والعسف هي السبيل الوحيد لتوطيد أركان الدولة وهذا بينه وبين الأخذ بآراء ونصائحه أثبتت الأحداث فيما أفضل يسير وذلك تولي وتطبيقه انتقاله دمشق خرج يبكي ومعه خادمه مزاحم فالتفت وقال: نخشى نكون نفت قول وسلم: «ألا كالكير تخرج الخبيث تقوم الساعة تنفي شرارها ينفي الكير خبث الحديد» وسار السويداء بيت ومزرعة فنزل فأقام مدة يرقب الأوضاع رأى مصلحة المسلمين تقتضي تكون إقامته بجوار لعله يستطيع يمنع ظلماً يشارك إحقاق حق فانتقل بها ولم وفاق تام تخلُ مشاكل فالوليد يعتمد تثبيت حكمه ولاة أقوياء قساة يهمهم إخضاع بالقوة رافق بينما يرى إقامة العدل بين كفيل باستقرار وائتمارهم السلطان «الوليد بالشام والحَجّاج بالعراق ومحمد (أخو الحجّاج) اليمن وعثمان حيان بالحجاز وقرة شريك مصر امتلأت والله الأرض جوراً» الملك في تهيأت الفرص بقدر فظهرت آثاره مختلف الجوانب فبمجرد قرّب وأفسح المجال واسعاً أبا إنا ولينا ترى (ولم بتدبيره علم) فما رأيتَ العامة فمر وزيراً ومستشاراً ملازماً وسفره محتاج صغيره وكبيره يغيب عني الرجل أجد يفقه عني» وقال موضع آخر: اغتممت أكربني خطرت بالي» كتاب سيرة ومناقب عبدالعزيز الزاهد جمع لنا آثار وأخباره لأنها تنبه أولي الأمر وتعين الدنيا حمل أعباء الصبر ولعلها تجمع لقائها شمل دينه ويقوى تكرارها فكره أزر يقينه قدوة لأرباب الولايات أرض الآيات التراجم والأعلام مجاناً PDF اونلاين يتناول سير حياة الأعلام عبر العصور المختلفة دقيق يبحث أحوال الشخصيات والأفراد تركوا آثارا المجتمع ويتناول كافة طبقات الأنبياء والخلفاء والملوك والأمراء والقادة والعلماء شتى المجالات والأدباء والشعراء والفلاسفة وغيرهم ويهتم بذكر حياتهم الشخصية ومواقفهم وأثرهم الحياة وتأثيرهم ويعتبر عموما فرعا فروع التاريخ اهتم المسلمون بعلم اهتماما كبيرا بدأت العناية بهذا عندهم الرسول بزمن حرص حماية وصيانة المصدر مصادر التشريع الإسلام حرصوا صيانته الكذب والتزوير والغش والتلفيق والدس فنشأ كقاعدة تلقّي الأخبار وبالأخص يتعلق بالحديث أولا ومن الآثار المروية والتابعين وباقي خصوصا والناس روى مسلم صحيحه مجاهد «جاء بشير العدوي عباس فجعل يحدث ويقول: يأذن لحديثه ينظر يا مالي أراك تسمع لحديثي؟ أحدثك تسمع؟ عباس: كنا مرة إذا سمعنا رجلا ابتدرته أبصارنا وأصغينا بآذاننا ركب الصعب والذلول نأخذ نعرف » واستمر القاعدة ضرورة معرفة الرجال ناقلي نقلة النبوية ينبني المعرفة قبول والتعبد لله تعالى رد تلك والحذر اعتبارها ديناً وروى سيرين «لم يكونوا يسألون الإسناد وقعت الفتنة قالوا سموا رجالكم فينظر السنة فيؤخذ حديثهم وينظر البدع يؤخذ حديثهم» وجاءت عبارات الأئمة بيان أهمية الرواة صريحة وواضحة الأهمية بمكان البحث نواح تفصيلية الراوي ونواح استنتاجية (تُستنتج حديثه وطريقته التحديث) مباحث العلم: تاريخ ميلاد وتاريخ طلبه للعلم وممن سِنِيِّ هم الشيوخ عنهم (من سماعاً دلس شيئاً أرسل عنه) وما ملازمته لكلّ شيخ وكيف ذاك وكم الأحاديث والآثار روى ذلك؛ وهل الضعفاء والمجاهيل؟ ورحلاته العلمية حدّث به؛ ومتى يحدِّث؟ حفظه أم كتابه؛ سماعٌ عرض؛ المستملون والوراقون استخدمهم؟) إقبال الحاضرين عنده؟ الأوهام وقع والسَّقطات أُخذت عليه؟ أخلاق وعبادته ومهنته؛ يأخذ أجراً التحديث؟ عسِراً التحديث سمحاً بعلمه متساهلاً ؟ وتفرّع وانبثق علوم كثيرة متعلّقة الباب منها تفرّدته الأمة الإسلامية باقي الأمم وعلم مصطلح ناحية العدالة والتوثيق والضبط العلل الجرح والتعديل وغيرها أقسام التراجم هنالك تقسيمات متنوعة لعلم والكتب العديدة المؤلفة فمنها: التراجم الطبقات التراجم الحروف الوفيات القرون البلدان وقسّمهم البعض الآخر أبواب مختلفة منها: التراجم المتعلقة معيّن المتعلّقة بمذهب بفنّ بشخص الترجمة الذاتية أسهب التأليف الأبواب يكاد يخلوا باب وصنّفت عشرات الكتب وهذا ركن خاص بكتب مجانيه للتحميل وتراجم ومذكرات فيشمل الكثير حول

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
مناقب عمر بن عبد العزيز
كتاب

مناقب عمر بن عبد العزيز

ــ أَبُو الْفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْجَوْزِيِّ

مناقب عمر بن عبد العزيز
كتاب

مناقب عمر بن عبد العزيز

ــ أَبُو الْفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْجَوْزِيِّ

حول
أبو الفرج عبد الرحمن بن الجوزي ✍️ المؤلف
المتجر أماكن الشراء
مناقشات ومراجعات
QR Code
عن كتاب مناقب عمر بن عبد العزيز:
أبو حفص عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي القرشي (61هـ681م - 101هـ720م)، هو ثامن الخلفاء الأمويين، عمر الثاني. ولد سنة 61هـ في المدينة المنورة، ونشأ فيها عند أخواله من آل عمر بن الخطاب، فتأثر بهم وبمجتمع الصحابة في المدينة، وكان شديد الإقبال على طلب العلم. وفي سنة 87هـ، ولّاه الخليفة الوليد بن عبد الملك على إمارة المدينة المنورة، ثم ضم إليه ولاية الطائف سنة 91هـ، فصار واليًا على الحجاز كلها، ثم عُزل عنها وانتقل إلى دمشق. فلما تولى سليمان بن عبد الملك الخلافة قرّبه وجعله وزيرًا ومستشارًا له، ثم جعله ولي عهده، فلما مات سليمان سنة 99هـ تولى عمر الخلافة.

تميزت خلافة عمر بن عبد العزيز بعدد من المميزات، منها: العدلُ والمساواة، وردُّ المظالم التي كان أسلافه من بني أمية قد ارتكبوها، وعزلُ جميع الولاة الظالمين ومعاقبتُهم، كما أعاد العمل بالشورى، ولذلك عدّه كثير من العلماء خامس الخلفاء الراشدين، كما اهتم بالعلوم الشرعية، وأمر بتدوين الحديث النبوي الشريف. استمرت خلافة عمر سنتين وخمسة أشهر وأربعة أيام، حتى قُتل مسمومًا سنة 101هـ، فتولى يزيد بن عبد الملك الخلافة من بعده.

طلبه للعلم
عاش عمر بن عبد العزيز في زمن ساد فيه مجتمعُ التقوى والإقبال على طلب العلم، فقد كان عدد من الصحابة لا يزالون بالمدينة، فقد حدث عمر بن عبد العزيز عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، والسائب بن يزيد، وسهل بن سعد، واستوهب منه قدحاً شرب منه النبي محمد، كما أمّ بأنس بن مالك فقال: «ما رأيت أحداً أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الفتى».

تربى عمر بن عبد العزيز على أيدي كبار فقهاء المدينة وعلمائها، فقد اختار عبد العزيز (والد عمر) صالح بن كيسان ليكون مربياً لعمر، فتولى صالح تأديبه، وكان يُلزم عمر الصلوات المفروضة في المسجد، فحدث يوماً أن تأخر عمر عن الصلاة مع الجماعة، فقال له صالح بن كيسان: «ما يشغلك؟»، قال: «كانت مرجّلتي (مسرحة شعري) تسكن شعري»، فقال: «بلغ منك حبك تسكين شعرك أن تؤثره على الصلاة؟»، فكتب إلى عبد العزيز يذكر ذلك، فبعث أبوه رسولاً فلم يكلمه حتى حلق رأسه. ولمّا حج أبوه ومرّ بالمدينة سأل صالح بن كيسان عن ابنه فقال: «ما خبرت أحداً الله أعظم في صدره من هذا الغلام». وكان يحرص على التشبه بصلاة النبي محمد أشد الحرص، فكان يُتمُّ الركوع والسجود ويخفِّف القيام والقعود، وفي رواية صحيحة: أنّه كان يسبِّح في الركوع والسجود عشراً عشراً.

ومن شيوخ عمر بن عبد العزيز الذين تأثر بهم: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، فقد كان عمر يجله كثيراً، ونهل من علمه وتأدب بأدبه وتردد عليه حتى وهو أمير المدينة، ولقد عبّر عمر عن إعجابه بشيخه وكثرة التردد إلى مجلسه فقال: «لَمجلسٌ من الأعمى عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أحب إليّ من ألف دينار». وكان يقول في أيام خلافته لمعرفته بما عند شيخه من علم غزير: «لو كان عبيد الله حياً ما صدرت إلا عن رأيه، ولوددت أن لي بيوم واحد من عبيد الله كذا وكذا». وكان عبيد الله مفتي المدينة في زمانه، وأحد الفقهاء السبعة، قال عنه الزهري: «كان عبيد الله بن عبد الله بحراً من بحور العلم».

ومن شيوخه أيضاً سعيد بن المسيب، وكان سعيد لا يأتي أحداً من الأمراء غير عمر. ومنهم سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب الذي قال فيه سعيد بن المسيب: «كان عبد الله بن عمر أشبه ولد عمر به، وكان سالم أشبه ولد عبد الله به». وذات يوم دخل سالم بن عبد الله على الخليفة سليمان بن عبد الملك، وعلى سالم ثياب غليظة رثَّة، فلم يزل سليمان يرحب به، ويرفعه حتى أقعده معه على سريره، وعمر بن عبد العزيز في المجلس، فقال له رجل من أُخريات الناس: «ما استطاع خالك أن يلبس ثياباً فاخرة أحسن من هذه يدخل فيها على أمير المؤمنين؟»، وعلى المتكلم ثياب سريَّة لها قيمة، فقال له عمر: «ما رأيت هذه الثياب التي على خالي وضعته في مكانك، ولا رأيت ثيابك هذه رفعتك إلى مكان خالي ذاك».

وتربى عمر وتعلم على أيدي كثير من العلماء والفقهاء، وقد بلغ عدد شيوخ عمر بن عبد العزيز ثلاثة وثلاثين؛ ثمانية منهم من الصحابة وخمسة وعشرون من التابعين.

في عهد الوليد بن عبد الملك
كان لعمر بن عبد العزيز أثر كبير في نصح الخلفاء وتوجيه سياستهم بالرأي والمشورة، إذ يحتل عمر مكانة متميزة في البيت الأموي، فقد كان عمه عبد الملك يجله ويعجب بنباهته أثناء شبابه، مما جعله يقدمه على كثير من أبنائه ويزوجه من ابنته، ولكن لم يكن له مشاركات في عهد عبد الملك بسبب صغر سنه واشتغاله بطلب العلم في المدينة، ومع ذلك فقد أورد ابن الجوزي أنه كتب إلى عبد الملك كتاباً يذكّره فيه بالمسؤولية الملقاة على عاتقه، وقد جاء فيها:

«أما بعد، فإنك راعٍ، وكلٌّ مسؤولٌ عن رعيته، حدثنا أنس بن مالك أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كل راعٍ مسؤول عن رعيته، Ra bracket.png اللّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثًا Aya-87.png La bracket.png.»
ويقال بأن عبد الملك قد ولّى عمر بن عبد العزيز على "خناصره" ليتدرب على الأعمال القيادية في وقت مبكر، ويقال إن سليمان بن عبد الملك هو الذي ولاه عليها. وقد تأثر عمر بن عبد العزيز لموت عمه عبد الملك وحزن عليه حزناً عظيماً، وقد خاطب عمر ابن عمه مسلمة بن عبد الملك فقال له: «يا مسلمة، إني حضرت أباك لما دفن، فحملتني عيني عند قبره فرأيته قد أفضى إلى أمر من أمر الله راعني وهالني، فعاهدت الله ألا أعمل بمثل عمله إن وليت، وقد اجتهدت في ذلك».

إمارته على المدينة المنورة
في ربيع الأول من عام 87هـ، ولّى الخليفة الوليد بن عبد الملك عمرَ إمارة المدينة المنورة، ثم ضم إليه ولاية الطائف سنة 91هـ، وبذلك صار والياً على الحجاز كلها. واشترط عمر لتوليه الإمارة ثلاثة شروط:

الشرط الأول: أن يعمل في الناس بالحق والعدل ولا يظلم أحداً، ولا يجور على أحد في أخذ ما على الناس من حقوق لبيت المال، ويترتب على ذلك أن يقل ما يرفع للخليفة من الأموال من المدينة.
الشرط الثاني: أن يسمح له بالحج في أول سنة؛ لأن عمر كان في ذلك الوقت لم يحج.
الشرط الثالث: أن يسمح له بالعطاء أن يُخرجه للناس في المدينة.
فوافق الوليد على هذه الشروط، وباشر عمر بن عبد العزيز عمله بالمدينة، وفرح الناس به فرحاً شديداً.

وقام عمر بتكوين مجلس للشورى بالمدينة سمي بـ"مجلس فقهاء المدينة العشرة"، فعندما جاء الناس للسلام على أمير المدينة الجديد وصلّى بهم، دعا عشرة من فقهاء المدينة وهم: عروة بن الزبير، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وأبو بكر بن سليمان بن أبي خيثمة، وسليمان بن يسار، والقاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله بن عمر، وأخوه عبد الله بن عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عامر بن ربيعة، وخارجة بن زيد بن ثابت، فدخلوا عليه فجلسوا، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: «إني دعوتكم لأمر تؤجرون عليه، وتكونون فيه أعواناً على الحق، إني لا أريد أن أقطع أمراً إلا برأيكم أو برأي من حضر منكم، فإن رأيتم أحداً يتعدى، أو بلغكم عن عامل لي ظلامة، فأحرّج الله على من بلغه ذلك إلا أبلغني».

وفي إمارته على المدينة المنورة وسّع المسجد النبوي بأمر من الوليد بن عبد الملك، حتى جعله مئتي ذراع في مئتي ذراع، وزخرفه بأمر الوليد أيضاً، مع أنه كان يكره زخرفة المساجد.

وفي سنة 91هـ، أي في أثناء إمارته على المدينة المنورة، حج الخليفة الوليد بن عبد الملك، فاستقبله عمر بن عبد العزيز أحسن استقبال، وشاهد الوليد بأم عينيه الإصلاحات العظيمة التي حققها عمر بن عبد العزيز في المدينة المنورة.

عزله عن إمارة المدينة
ذكر ابن الجوزي أن عمر بن عبد العزيز قد استعفى من المدينة، ففي سنة 92هـ عقد الخليفة الوليد لواء الحج للحجاج بن يوسف الثقفي ليكون أميراً على الحج، ولما علم عمر بن عبد العزيز بذلك، كتب إلى الخليفة يستعفيه أن يمرَّ عليه الحجاج بالمدينة المنورة، لأن عمر بن عبد العزيز كان يكره الحجّاج ولا يطيق أن يراه لما هو عليه من الظلم، فامتثل الوليد لرغبة عمر، وكتب إلى الحجّاج: «إن عمر بن عبد العزيز كتب إليَّ يستعفيني من ممرك عليه، فلا عليك أن لا تمر بمن كرهك، فتنحّ عن المدينة».

وقد كتب عمر بن عبد العزيز وهو والٍ على المدينة إلى الوليد بن عبد الملك يخبره عما وصل إليه حال العراق من الظلم والضيم والضيق بسبب ظلم الحجّاج وغشمه، مما جعل الحجّاج يحاول الانتقام من عمر، لاسيما وقد أصبح الحجاز ملاذاً للفارين من عسف الحجاج وظلمه، حيث كتب الحجّاج إلى الوليد: «إن من قبلي من مُرّاق أهل العراق وأهل الثقاف قد جلوا عن العراق، ولجأوا إلى المدينة ومكة، وإن ذلك وهن»، فكتب إليه يشير عليه بعثمان بن حبان، وخالد بن عبد الله القسري، وعزل عمر عبد العزيز.

وقد كان ميول الوليد لسياسة الحجّاج واضحاً، وكان يظن بأن سياسة الشدة والعسف هي السبيل الوحيد لتوطيد أركان الدولة، وهذا ما حال بينه وبين الأخذ بآراء عمر بن عبد العزيز ونصائحه، وقد أثبتت الأحداث فيما بعد أن ما كان يراه عمر أفضل مما كان يسير عليه الوليد، وذلك بعد تولي عمر الخلافة وتطبيقه لما كان يشير به.

انتقاله إلى دمشق
خرج عمر بن عبد العزيز من المدينة المنورة وهو يبكي، ومعه خادمه مزاحم، فالتفت إلى مزاحم وقال: «يا مزاحم، نخشى أن نكون من نفت المدينة»، يشير بذلك إلى قول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: «ألا إن المدينة كالكير تخرج الخبيث، لا تقوم الساعة حتى تنفي المدينة شرارها كما ينفي الكير خبث الحديد».

وسار عمر حتى وصل السويداء، وكان له فيها بيت ومزرعة، فنزل فيها فأقام مدة يرقب الأوضاع عن بعد، ثم رأى أن مصلحة المسلمين تقتضي أن تكون إقامته في دمشق بجوار الخليفة، لعله بذلك يستطيع أن يمنع ظلماً أو يشارك في إحقاق حق، فانتقل إلى دمشق فأقام بها. ولم يكن عمر بن عبد العزيز على وفاق تام مع الخليفة الوليد بن عبد الملك، ولذلك فإن إقامته في دمشق بجوار الوليد لم تخلُ من مشاكل، فالوليد يعتمد في تثبيت حكمه على ولاة أقوياء قساة، يهمهم إخضاع الناس بالقوة وإن رافق ذلك كثير من الظلم، بينما يرى عمر أن إقامة العدل بين الناس كفيل باستقرار الملك وائتمارهم بأمر السلطان، فكان يقول: «الوليد بالشام، والحَجّاج بالعراق، ومحمد بن يوسف (أخو الحجّاج) في اليمن، وعثمان بن حيان بالحجاز، وقرة بن شريك في مصر، امتلأت والله الأرض جوراً».

في عهد سليمان بن عبد الملك
في عهد سليمان تهيأت الفرص لعمر بن عبد العزيز بقدر كبير، فظهرت آثاره في مختلف الجوانب، فبمجرد تولي سليمان الخلافة قرّب عمرَ وأفسح له المجال واسعاً، حيث قال: «يا أبا حفص، إنا ولينا ما قد ترى (ولم يكن بتدبيره علم) فما رأيتَ من مصلحة العامة فمر به»، وجعله وزيراً ومستشاراً ملازماً له في إقامته وسفره. وكان سليمان يرى أنه محتاج له في صغيره وكبيره، فكان يقول: «ما هو إلا أن يغيب عني هذا الرجل فما أجد أحداً يفقه عني». وقال في موضع آخر: «يا أبا حفص، ما اغتممت بأمر ولا أكربني أمر إلا خطرت فيه على بالي».

كتاب سيرة ومناقب عمر بن عبدالعزيز الخليفة الزاهد قد جمع لنا آثار عمر بن عبدالعزيز وأخباره، لأنها تنبه أولي الأمر وتعين الزاهد في الدنيا على حمل أعباء الصبر، ولعلها تجمع لقائها شمل دينه، ويقوى تكرارها على فكره أزر يقينه، فإن هذا الرجل قدوة لأرباب الولايات، ولقد كان في أرض الله من الآيات.
الترتيب:

#556

0 مشاهدة هذا اليوم

#84K

8 مشاهدة هذا الشهر

#17K

13K إجمالي المشاهدات
عدد الصفحات: 206.