📘 ❞ الإسلام حضارة الغد ❝ كتاب ــ يوسف القرضاوي اصدار 1993

فكر إسلامي - 📖 كتاب ❞ الإسلام حضارة الغد ❝ ــ يوسف القرضاوي 📖

█ _ يوسف القرضاوي 1993 حصريا كتاب ❞ الإسلام حضارة الغد ❝ عن المكتب الإسلامي للطباعة والنشر 2024 الغد: مقـدمــة ربنا لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك وصلاة وسلامًا صفوة خلقك وخاتم أنبيائك ورسلك سيدنا وإمامنا وأسوتنا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار دربه أما بعد فقد شهد العالم حضارات متعددة بقاع مختلفة المكان وفي عصور الزمان ازدهرت حينًا ثم ذبلت وأشرقت غربت وأقبلت أدبرت بعضها كان الشرق وبعضها الغرب شمل قطرًا أو قطرين أقطارًا بقى قرنًا قرنين دام قرونًا وأعصارًا ولكن لم يشهد مثل الحضارة السائدة اليوم فقد اتسع نطاقها حتى أثرت أقطار الأرض كلها شرقيها وغربيها باديها وحاضرها ولذا غدت توصف بـ «العالمية» وإن أباها وصانعها أنها ملكت الإنسان من القدرات والوسائل ما تملكه قبل وهيأت له أسباب الرفاهية ومظاهر التنعم يتهيأ تاريخه الطويل بل وما يكن يحلم به يدور بخاطره ومع هذه المكنة والقدرة الهائلة تراع فطرة الله ولم تحافظ الخصائص الذاتية للإنسان تبال بمستقبل ومصير غدا علم وتقدمها ذاته خطرًا عليها وكاد ينطبق وأهلها ذكره القرآن: {حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (يونس:24) كان عيب استغنت وعزلته الحكم ملكه وتصرفت كأنها صاحبة الخلق والأمر هذا وعظمت كل هو مادي وهونت معنوي واعتبرت التقدم إنتاج أكبر كم السلع والخدمات وإشباع قدر اللذات والشهوات ولو ذلك حساب القيم والأخلاق فلا عجب أن ضمرت روحها كبر جسمها وانطفأ نورها بقيت نارها فأصبحت دنيا لا دين وعلمًا بلا إيمان وتمثالًا روح وهذا حكم الغالب والسائد غير شك توجد بذور خير ومصابيح هداية هنا وهناك سنة خلقه ولعلها هي التي تؤخر سقوط ولكن العبرة بالغلبة وللأكثر الكل قال فقهاؤنا قديم الذي أقلق المخلصين أهل العلم والفكر والأدب والسياسة: يصيب أصاب سبقها الحضارات ويجري القانون الإلهي يحابى ولا يحيف ونحن المسلمين نخاف يخافه النقاد المخلصون أهلها لأن فيها ينتفع الجميع شر خطر ويهمنا نستبقى خيرها وأن نتفادى شرها ولن يكون إلا خلال الرسالة الحضارية يحملها المسلمون للعالم وهي رسالة ربانية إنسانية أخلاقية تتميز بالتوازن والتكامل وتهيئ ليقوم بعمارة وخلافة وعبادته تعالى: بالعلم النافع والإيمان الصادق والعمل الصالح والتواصي بالحق والصبر إننا نريد نهدم المعاصرة لأنها ستنهدم رؤوس وإنما نحميها نفسها نقدم لها طوق النجاة غرق يهددها ويهدد البشرية معها وحدنا نملك البديل وهو بعث جميع رسله وأنزل كتبه وارتضاه منهاجًا لجميع نحسن نحن الفهم والدعوة إليه نقدمه للناس نموذجًا يرى كلامًا يقال وبذلك نكون الأمة أرادها بقوله: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ} (البقرة:143) {رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا} (الكهف:10) أصل الكتاب بحث قدم للمجمع الملكي لبحوث الإسلامية بعمان دورته التاسعة المنعقدة صيف ولكني كنت حذفت منه الفصل الثاني اختصارًا والآن أعيده ليكتمل البحث أضفت بعض الفقرات المواضع تتميمًا للصورة وخصوصًا انعقاد مؤتمر السكان بالقاهرة سبتمبر 1994 فكر إسلامي مجاناً PDF اونلاين ركن خاص بكتب مجانيه للتحميل اسلامي

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
الإسلام حضارة الغد
كتاب

الإسلام حضارة الغد

ــ يوسف القرضاوي

صدر 1993م عن المكتب الإسلامي للطباعة والنشر
الإسلام حضارة الغد
كتاب

الإسلام حضارة الغد

ــ يوسف القرضاوي

صدر 1993م عن المكتب الإسلامي للطباعة والنشر
مجاني للتحميل
حول
قراءة أونلاين 📱 PDF تحميل مجاناً
يوسف القرضاوي ✍️ المؤلف
المكتب الإسلامي للطباعة والنشر 🏛 الناشر
مناقشات ومراجعات
QR Code
عن كتاب الإسلام حضارة الغد:
مقـدمــة

ربنا لك الحمد، كما ينبغي لجلال وجهك، وعظيم سلطانك، وصلاة وسلامًا على صفوة خلقك، وخاتم أنبيائك ورسلك، سيدنا وإمامنا وأسوتنا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن سار على دربه. أما بعد..

فقد شهد العالم حضارات متعددة في بقاع مختلفة المكان، وفي عصور مختلفة الزمان، ازدهرت حينًا ثم ذبلت، وأشرقت ثم غربت، وأقبلت ثم أدبرت، بعضها كان في الشرق، وبعضها كان في الغرب، وبعضها شمل قطرًا أو قطرين، وبعضها شمل أقطارًا، بعضها بقى قرنًا أو قرنين، وبعضها دام قرونًا وأعصارًا.

ولكن العالم لم يشهد حضارة مثل الحضارة السائدة اليوم، فقد اتسع نطاقها حتى أثرت في أقطار الأرض كلها، شرقيها وغربيها، باديها وحاضرها، ولذا غدت توصف بـ «العالمية» وإن كان الغرب أباها وصانعها، كما أنها ملكت الإنسان من القدرات والوسائل ما لم تملكه حضارة من قبل، وهيأت له من أسباب الرفاهية ومظاهر التنعم، ما لم يتهيأ له في تاريخه الطويل، بل وما لم يكن يحلم به أو يدور بخاطره.

ومع هذه المكنة والقدرة الهائلة، لم تراع هذه الحضارة فطرة الله في الإنسان، ولم تحافظ على الخصائص الذاتية للإنسان، ولم تبال بمستقبل الإنسان، ومصير الإنسان، حتى غدا علم الحضارة وتقدمها ذاته خطرًا عليها، وكاد ينطبق على هذه الحضارة وأهلها ما ذكره القرآن: ﴿حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (يونس:24).

كان عيب هذه الحضارة أنها استغنت عن الله، وعزلته عن الحكم في ملكه، وتصرفت كأنها صاحبة الخلق والأمر في هذا العالم، وعظمت كل ما هو مادي، وهونت كل ما هو معنوي، واعتبرت التقدم في إنتاج أكبر كم من السلع والخدمات، وإشباع أكبر قدر من اللذات والشهوات، ولو كان ذلك على حساب القيم والأخلاق. فلا عجب أن ضمرت روحها، وإن كبر جسمها، وانطفأ نورها، وإن بقيت نارها، فأصبحت دنيا لا دين، وعلمًا بلا إيمان، وتمثالًا بلا روح.

وهذا حكم على الغالب والسائد من غير شك، فقد توجد بذور خير، ومصابيح هداية، هنا وهناك، سنة الله في خلقه، ولعلها هي التي تؤخر سقوط هذه الحضارة. ولكن العبرة بالغلبة، وللأكثر حكم الكل، كما قال فقهاؤنا من قديم.

وهذا هو الذي أقلق المخلصين من أهل العلم والفكر والأدب والسياسة: أن يصيب هذه الحضارة ما أصاب ما سبقها من الحضارات، ويجري عليها القانون الإلهي الذي لا يحابى ولا يحيف.

ونحن المسلمين نخاف على هذه الحضارة ما يخافه النقاد المخلصون من أهلها، لأن ما فيها من خير ينتفع به الجميع، وما فيها من شر خطر على الجميع، ويهمنا أن نستبقى خيرها، وأن نتفادى شرها.

ولن يكون ذلك إلا من خلال الرسالة الحضارية التي يحملها المسلمون للعالم، وهي رسالة ربانية إنسانية أخلاقية، تتميز بالتوازن والتكامل، وتهيئ الإنسان ليقوم بعمارة الأرض وخلافة الله، وعبادته تعالى: بالعلم النافع، والإيمان الصادق، والعمل الصالح، والتواصي بالحق والصبر.

إننا لا نريد أن نهدم الحضارة المعاصرة، لأنها ستنهدم على رؤوس الجميع، وإنما نريد أن نحميها من نفسها، وأن نقدم لها طوق النجاة من غرق يهددها، ويهدد البشرية معها.

إننا وحدنا نملك البديل، وهو الإسلام، الذي بعث الله به جميع رسله، وأنزل به جميع كتبه، وارتضاه الله منهاجًا لجميع خلقه، على أن نحسن نحن الفهم له، والعمل به، والدعوة إليه، وأن نقدمه للناس نموذجًا يرى، لا كلامًا يقال، وبذلك نكون الأمة التي أرادها الله بقوله: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ﴾ (البقرة:143)، ﴿رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾ (الكهف:10).

أصل هذا الكتاب بحث قدم للمجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية بعمان في دورته التاسعة المنعقدة في صيف سنة 1993، ولكني كنت حذفت منه الفصل الثاني اختصارًا، والآن أعيده إليه ليكتمل البحث، كما أضفت إليه بعض الفقرات في بعض المواضع، تتميمًا للصورة، وخصوصًا بعد انعقاد مؤتمر السكان بالقاهرة في سبتمبر 1994 .
الترتيب:

#6K

0 مشاهدة هذا اليوم

#87K

5 مشاهدة هذا الشهر

#117K

431 إجمالي المشاهدات