█ _ محيي الدين بن عربي 0 حصريا كتاب شجون المسجون وفنون المفتون 2023 المفتون: جاء فيه: بسم الله الرحمن الرحيم وبه ثقتي ورجائي وَصلى سيدنا محمد وآله وسلم الحمد لله الذي خلق الإنسان من طين وجعل نسله سلالة ماء مهين ثم وهب البالغين العاقلين قدرةً واختياراً ليمتحنهم كل حين فهُم بالخير والشرّ مختبرون ليجزيهم بما كانو يعملون وقال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} ( ) تقديره: فنجازيكم كنتم تكسبون فكل مَن يقعُ عليه الجزاءُ فهو داخِلٌ تحتَ الفِتنة مُعامَلٌ سائر أوقاته بالمِحنة؛ كافر شقيّ ومؤمن تقيّ وصدِّيقٍ ونبيّ وإلى هذا الثلاثة أقسام تنقسم الأنام… أما بعد؛ فإني لما رأيتُ العالم بأسرهم مفتونين وبكسبهم مثابين ومعاقبين ورأيت تمام النعمة عليهم أن فُتنوا بكل ما أيديهم وفوّض أمرهم الاكتساب إليهم اعتراني دهشٌ طرب وعجبٌ عجب فكنت حالة أظن الفراق ولا أحد لي راقٍ فأوصيتُ حضر يكتب خطر… بعد ذلك شفاني تعالى المرض فعدتُ إلى أعتقد أنه نهاية الغرض وهو الاجتهادُ فهْم معاني عزّ وجلّ غير عدولٍ تقليدٍ أو ميل عنه سواه… وسمّيتُها: وفتون ولم أقيّد الترتيب فيها وفق الواجب بل جمعتها جمع الحاطب ليكون باب مختص بنفسه يستفيد الناظر إليه بحسب فَهْمِهِ وحدسِهِ وجعلتها ثلاثة أبواب لأنها زبدة الكتاب فالباب الأول العمل والباب الثاني العامل الثالث المعمول وكلّ بابٍ فيه مما قبله وبذلتُ لكم جهدي كشف عندي… آخره:… وهنا بداية النهاية دونه؛ غيره السر الاجتهاد وله تعاليه به عنه؛ فقُم بالأمر واسجدْ سجدة الإقرار خاتمة الكتاب: تعرَّف بالتنكُّر المظاهرْ ليشهد البواطن والظواهرْ عَلا ودنا بلا محالٍ فأصبحَ خاطراً كلّ خاطرْ… بدا بالكل محتجباً بكشفٍ فكلٌّ كاشِفٌ والكلُّ ساترْ وأحْضَرَهم وغابوا سِواه غائبٌ حاضرْ وهذا حدُّهُم والرَّسْمُ باقٍ ذاهبٌ ناظِرْ وإنْ رفع الزمان فلا حُدودٌ أوَّلٌ آخرْ تم بحمد وعونه وعلى آله وصحبه والحمد رب العالمين كتب الزهد والتصوف وتزكية النفس مجاناً PDF اونلاين ركن خاص بكتب مجانيه للتحميل تصوف الصوفية التصوف هو مذهب إسلامي لكن الرؤية الصوفية ليست مذهبًا وإنما أركان (الإسلام الإيمان الإحسان) فمثلما اهتم الفقه بتعاليم شريعة الإسلام وعلم العقيدة بالإيمان فإن بتحقيق مقام الإحسان التربية والسلوك تربية والقلب وتطهيرهما الرذائل وتحليتهما بالفضائل الركن الإسلامي الكامل ركني والإيمان وقد جمعها حديث جبريل السلام وذكرها ابن عاشر منظومته (المرشد المعين الضروري علوم الدين) وحث أكثر له عظيم القدر والشأن قال العارف بالله أحمد عجيبة: "مقام يُعبّر بالشريعة ومقام بالطريقة بالحقيقة فالشريعة: تكليف الظواهر والطريقة: تصفية الضمائر والحقيقة: شهود الحق تجليات المظاهر فالشريعة تعبده والطريقة تقصده والحقيقة تشهده" أيضاً: "مذهب الصوفية: إذا كان حدّه الجوارح الظاهرة يُسمى وإذا انتقل لتصفية بالرياضة والمجاهدة فتح العبد بأسرار الحقيقة الإحسان" والإحسان كما تضمنه هو: (أن تعبد كأنك تراه لم تكن فإنه يراك) منهج طريق يسلكه للوصول أي الوصول معرفته والعلم وذلك عن العبادات واجتناب المنهيات وتربية وتطهير القلب الأخلاق السيئة وتحليته بالأخلاق الحسنة وهذا المنهج يقولون يستمد أصوله وفروعه القرآن والسنة النبوية واجتهاد العلماء فيما يرد نص علم كعلم مذاهبه ومدارسه ومجتهديه وأئمته الذين شيدوا أركانه وقواعده كغيره العلوم جيلاً جيل حتى جعلوه علما سموه بـ التزكية السلوك السالكين فألفوا الكتب الكثيرة بينوا ومن أشهر هذه الكتب: الحِكَم العطائية لابن عطاء السكندري قواعد للشيخ زروق وإحياء للإمام الغزالي والرسالة القشيرية القشيري والتعرف لمذهب أهل أبي بكر الكلاباذي وغيرها ومعنى الحقيقي الصدر عصر الصحابة فالخلفاء الأربعة كانوا صوفيين معنى ويؤكد حلية الأولياء للحافظ نعيم الأصبهاني مشاهير المحدثين فقد بدأ كتابه الحلية بصوفية أتبعهم التابعين وهكذا انتشرت حركة القرن الهجري كنزعات فردية تدعو وشدة العبادة تطورت تلك النزعات صارت طرقا مميزة متنوعة معروفة باسم الطرق والتاريخ زاخر بعلماء مسلمين انتسبوا للتصوف مثل: الجنيد البغدادي وأحمد الرفاعي وعبد القادر الجيلاني وأبو الحسن الشاذلي مدين الغوث ومحي وشمس التبريزي وجلال الرومي والنووي والغزالي والعز عبد القادة صلاح الأيوبي ومحمد الفاتح والأمير وعمر المختار وعز القسام نتج كثرة دخول المتعلمين والجهلة طرق عدد الممارسات خاطئة عرّضها الماضي للهجوم باعتبارها ممثلة للثقافة الدينية التي تنشر الخرافات مع منتصف الهجوم قبل المدرسة السلفية بدعة دخيلة
❞ لا تتصور العلاقةَ بين المبدأ الإلهي والعالم إلا من منظور الاستمرارية الجوهرية أو الوجودية – وهذا غلط ينبذه كلُّ مذهب باطني نقلي بما لا لبس فيه ولا إبهام . ❝
❞ الشوق وجودُه، واسمُه ليس بمُحدَث ولا بقديم، بل هو هو، بلا حَدَثان. وقِدَمُ الشوق يصير في الابتداء عشقًا.
وصاحب الشوق، متى وصل إلى الانتهاء، يرى شوقه عشقًا، ويعرف أن شوقه كان وجود العشق، ولكنه لم يعرفه، ويرى جميع المكوَّنات وجودَ العشق والمعشوق والعاشق، ولا يرى بينه وبين جميع المخلوقات تفاوُتًا، ويرى جميع المخلوقات وجودَه، ولا يرجِّح نفسه بالوَصْل على مَن لم يشم رائحة الوصول قط. ولا فرق بينه وبين الحيوانات والجمادات، وبين الشيء وضده؛ وهذه صفة مَن يكون وجوده الموصول، لا صفة الواصل والوصال والوَصْل، ولا صفة العاشق والعشق، بل صفة المعشوق، لأن التفاوت بين هذه الأشياء يكون في نظر مَن ليس له نظرٌ بعدُ.
وأما مَن له نظر فلا تفاوُت بينها، بل الجميع سواء عند الله – والله أعلم بالصواب . ❝
❞ في بيان الطريق وبيان السالك والمسلوك إليه وبيان علاماتها: ابتداؤها السلوك، وانتهاؤها الأول في انتهاء السلوك وابتدائها الآخر. فإن لم تفهم هذه الإشارة ما شممتَ رائحة التوحيد. وأصل المقصود وجود الدائرة المدوَّرة، لا خارجها ولا داخلها. ابتداء الدائرة انتهاؤها، وانتهاؤها ابتداؤها. والدائرة طريق السير في الوجود. في معرفة النفس، الوجودُ هو المنزل سعةً. تبتدئ الطريق، ولكنه لا يعرف ولا يعلم، ويرى وجوده غير الله.
فمتى وصل نفسه، أي وجوده، بلا شك ولا ارتياب، تبيَّن له سعةً أنه كان واصلاً في الابتداء أو موصولاً، ولكنه لا يعرف الوصول. ولذلك قال النبي – صلى الله عليه وسلم –: مَن عرف نفسَه فقد عرف ربَّه.
والنبي – صلى الله عليه وسلم – عرف في الابتداء، وسلك الطريق بالمعرفة. ولهذا ابتداؤه انتهاءُ الصدِّيقين، وانتهاءُ الصدِّيقين ابتداؤه، لأنهم عرفوا الأسرار في الانتهاء. – وشتَّان بين مَن تقدَّم في الابتداء ومَن تقدَّم في الانتهاء. فابتداء العشق وجود المقصود وشوق إرادة المقصود. العشق هو والشوق أنت. ابتداءُ العشق الشوق، وانتهاء الشوق العشق – فافهم ذلك.
ليس في المقام مقام أعلى وأجل في الابتداء من العشق، لأن جميع ما ذكرناه – وجود العشق، واسم العشق، وصورة العشق ومعناه –هو العشق ومقصود العشق. والدائرة، وجميع ما داخلها وخارجها، هي العشق: أعني العشق المعرَّى من العشق واسمه – فافهم . ❝
❞ فإنْ سأل سائل وقال: أنت أثبتَّ الله وتنفي كلَّ شيء، فما هذه الأشياء التي تراها؟
فالجواب: هذه المقالات مع مَن لا يرى سوى الله شيئًا. ومَن يرى شيئًا سوى الله فليس لنا معه جواب ولا سؤال؛ فإنه لا يرى غير ما يرى. ومَن عرف نفسَه لا يرى غير الله، ومَن لم يعرف نفسه لا يرى الله – تعالى –؛ وكل إناء يرشح بما فيه.
وقد شرحنا كثيرًا من قبلُ، وإنْ نشرح أكثر من ذلك فمَن لا يرى لا يرى ولا يفهم ولا يدرك، ومَن يَرَ يرَ ويفهم ويدرك.
فالواصل تكفيه الإشارة، وغير الواصل لا يصل، لا بالتعليم ولا بالتفهيم ولا بالتقرير ولا بالعقل ولا بالعلم – إلا بخدمة شيخ فاضل وأستاذ حاذق وسالك ليهتدي بنوره ويسلك بهمَّته ويصل به إلى مقصوده، إن شاء الله تعالى . ❝
❞ عـرفـتُ الـربَّ بالـربِّ * بلا نَـقْـصٍ ولا عـيـبِ
فـذاتــي ذاتُـه حــقًّا * بـلا شــكٍّ ولا ريــبِ
ولا صـيران بينـهـمـا * فنفسـي مظـهـرُ الغيبِ
ومنـذ عـرفتُـه نفسـي * بـلا مَـزْجٍ ولا شَــوْبِ
وصـلتُ وَصْلَ محبـوبـي * بـلا بُـعْـدٍ ولا قُــرْبِ
ونلـتُ عطـاءَ ذي فيـضٍ * بـلا مـنٍّ ولا سَــلْـبِ
ولا فـنـيـتْ له نفـسي * ولا يـبـقــى لـه ذوب . ❝
❞ فإنْ سأل سائل وقال: "قال الله تعالى: "لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير" [الأنعام 103]، وأنت تقول بخلافه، فما حقيقة ما تقول؟"، فالجواب: جميع ما قلنا هو معنى قوله: "لا تدركه الأبصارُ وهو يدرك الأبصارَ"، أي ليس أحدٌ في الوجود، ولا بصر مع أحد يدركه. فلو جاز أن يكون غيرُه، لجاز أن يدركه غيرُه. وقد نبَّه الله – سبحانه وتعالى – بقوله: "لا تدركه الأبصار" على أن ليس غيره سواه، يعني لا يدركه غيرُه، بل يدركه هو. فلا غيره إلا هو: فهو المدرِك لذاته لا غير؛ فلا تدركه الأبصار، إذ <ما> الأبصار إلا وجوده. ومَن قال إنها لا تدركه لأنها مُحدَثة، والمُحدَث لا يدرِك القديم الباقي، فهو بعدُ لم يعرف نفسه. إذ لا شيء ولا الأبصار إلا هو. فهو يدرك وجودَه بلا وجود الإدراك وبلا كيفية لا غير . ❝