[اقتباسات] 📘 ❞ سيرة السيدة عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها ❝ كتاب ــ سيد سليمان الندوي اصدار 2003

التراجم والأعلام - 📖 اقتباسات ❞ كتاب سيرة السيدة عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها ❝ ــ سيد سليمان الندوي 📖

█ _ سيد سليمان الندوي 2003 حصريا كتاب سيرة السيدة عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها عن دار القلم للنشر والتوزيع 2024 عنها: رضي : عائشة هي بنت أبي بكر الصديق بن قحافة عثمان عامر عمر كعب سعد تيم مرة لؤي فهر مالك كنانة وهي وزوجة نبي الأمة محمد صلّى عليه وسلّم ولدت السنة التاسعة قبل الهجرة النبوية ووالدتها رومان عويمر الكنانية وعرفت بعدة ألقاب ومنها: الصِّديقة وأم والحميراء؛ وذلك لغلبة الأبيض لونها نشأة : نشأت بيت إيمانيّ ومليء بأجواء الحكمة والعلم والكرم والشرف والنبل والإيمان وترعرعت أحضان والديها الكريمين وبين أخوتها وكانت التربية قائمة الأدب وحسن الخُلُق إذ تعلّمت من أبيها أشعار العرب وتعرّفت أيامهم وأنسابهم وتُعدُّ أعظم تربّى مدرسة النبوة فمنذ طفولتها سمعت آيات القرآن الكريم والحكمة وعندما وصلت العقد الثاني عمرها كانت مستوعبة لكافة ثقافات مجتمعها وتمكنت التفوق الآخرين مختلف مجالات علوم عصرها فرضي وأرضاها وفاة النبي محمد لما مرض مرضه الأخير رغبته أن يُمرّض فأذنت له زوجاته وفي فترة تلك جاءه بلال يؤذنه بالصلاة فقال محمد: «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ» فقالت عائشة: «يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ رَجُلٌ أَسِيفٌ(2) وَمَتَى مَا يَقُومُ مَقَامَكَ يَبْكِي فَلا يَسْتَطِيعُ فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ فَصَلَّى فقال: بِالنَّاسِ فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِبَاتُ يُوسُفَ» وقالت بعد ذلك: «فَوَاللَّهِ حَمَلَنِي حِينَئِذٍ أَنْ أُكَلِّمَهُ فِي ذَلِكَ إِلا كَرَاهِيَةَ يَشْأَمَ النَّاسُ بِأَوَّلِ رَجُلٍ مَقَامَ رَسُولِ أَبَدًا» يوم الوفاة دخل عبد الرحمن وبيده السواك وعائشة مسندة إلى صدرها فرأته ينظر فعرفت أنه يحب فقالت: «آخذه لك» فأشار برأسه نعم فناولته فاشتد «ألينه لك؟» فلينته ثم حضرت فتذكر ذلك قائلة: «فَمَاتَ الْيَوْمِ الَّذِي كَانَ يَدُورُ عَلَيَّ فِيهِ بَيْتِي فَقَبَضَهُ اللَّهُ وَإِنَّ رَأْسَهُ لَبَيْنَ نَحْرِي وَسَحْرِي وَخَالَطَ رِيقُهُ رِيقِي» ودفن حجرة المكان الذي توفي فيه ويروي سعيد المسيب أنها رأت منامها كأن ثلاثة أقمار سقطت حجرتي فسألت أباها عَائِشَةُ إِنْ تَصْدُقْ رُؤْيَاكِ يُدْفَنُ بَيْتِكِ خَيْرُ أَهْلِ الأَرْضِ ثَلاثَةٌ» فلما ودفن قال لها أبو بكر: « يَا هَذَا أَقْمَارِكِ وَهُوَ أَحَدُهَا» دُفن حجرتها وعمر الخطاب فكان تمام الثلاثة بعد وفاة محمد بعد واختيار خليفة للمسلمين لزمت ولما أراد أزواج يرسلن يسألنه ميراثهن استنكرت لهن: «أَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ صلى وسلم لَا نُورَثُ تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ» ولم تطل خلافة فحضرته سنتين وثلاثة أشهر وعشر ليال خلافته وقد أشرفت فكانت تعزي نفسها ببيت شعر قائلة: لعمرك ما يغني الثراء الفتى إذا حشرجت يوماً وضاق بها الصدر فنهاها وأمرها بتلاوة وقال لها: لا تَقُولِي هَكَذَا بُنَيَّةُ وَلَكِنْ قُولِي Ra bracket png وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ Aya 19 La png» فعادت وأنشدت: وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ربيع اليتامى عصمة الأرامل فقال «ذَاكَ رَسُوْلُ وسلم» أوصى يدفن بجوار حفر وجُعل رأسه عند كتفي كرّست حياتها لنشر الدين الإسلامي تروي الحديث وتفتي أمور وكان يرسلان إليها فيسألانها طُعن أرسل ابنه ليستأذن جوار وأبي «قَدْ كُنْتُ أُرِيدُهُ لِنَفْسِي وَلأُوثِرَنَّهُ الْيَوْمَ عَلَى نَفْسِي» فعاد بالخبر أبيه «الْحَمْدُ لِلَّهِ شَيْءٌ أَهَمَّ إِلَيَّ مِنْ فَإِذَا أَنَا قُبِضْتُ فَاحْمِلُونِي ثُمَّ سَلِّمْ وَقُلْ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ فَإِنْ أَذِنَتْ لِي فَأَدْخِلُونِي وَإِنْ رَدَّتْنِي فَرُدُّونِي إِلَى مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ» وبعد وفاته عاد فاستأذن ثالث دفنوا رسم تُركي عُثماني لموقعة الجمل غُطي وجه كلًا وعليّ باللون وفي عهد حجّ بأمهات وفيهم فأكرم منزلتهن فجعل عوف مقدمة قاطرتهن وسعيد زيد مؤخرة القاطرة وظلت علاقة طيبة بعثمان حتى مقتله أوائل طالب بدمه والقصاص قتلته والثائرين مكة وقت وبلغها الخبر طريق عودتها للمدينة فقفلت راجعة واجتمع الناس «يا أيها إن الغوغاء أهل الأمصار وأهل المياه وعبيد المدينة اجتمعوا عاب هذا المقتول بالأمس الإرب واستعمال حدثت سنه استعمل أسنانهم قبله ومواضع مواضع الحمى حماها لهم قد سبق يصلح غيرها فتابعهم ونزع استصلاحا لم يجدوا حجة ولا عذرًا خلجوا وبادوا بالعدوان ونبا فعلهم قولهم فسفكوا الدم الحرام واستحلوا البلد وأخذوا المال الشهر والله لإصبع خير طباق الأرض أمثالهم فنجاة اجتماعكم عليهم ينكل بهم غيرهم ويشرد بعدهم ووالله لو اعتدوا به كان ذنبًا لخلص منه كما يخلص الذهب خبثه أو الثوب درنه ماصوه يماص بالماء» ترى بمظلومية دعوى الثائرين خاصة التي روت حديث وصية لعثمان لكي يتنازل الخلافة وليها مهما طلبوا فقد روى النعمان بشير قالت: «قَالَ وسلم: عُثْمَانُ وَلَّاكَ الْأَمْرَ يَوْمًا فَأَرَادَكَ الْمُنَافِقُونَ تَخْلَعَ قَمِيصَكَ قَمَّصَكَ فَلَا تَخْلَعْهُ يَقُولُ: ثَلَاثَ مَرَّاتٍ» فقلت لعائشة: «مَا مَنَعَكِ تُعْلِمِي النَّاسَ بِهَذَا؟» «أُنْسِيتُهُ وَاللَّهِ» بل وغضبت أخيها لما دور حصار مبايعة علي بالخلافة قصدت وطلحة عبيد والزبير العوام رأس جيش جرار البصرة وطالبوا عليًا بمعاقبة قتلة فأعد جيشًا رجال الكوفة وإتجه لملاقاتهم وحسب رواية بضع رجاله يدعوهم للتريّث تهدأ الأمور فيتسنّى القبض وتنفيذ القصاص فيهم فالأمر يحتاج الصبر فاقتنعوا بفكرة جاءهم القعقاع عمرو التميمي وباتوا ليلتهم غير هناك دبّر للفتنة بين الفريقين الليل فدسوا كلا المعسكرين يقتل بعض الجنود ليتأجج القتال يظن الطرفين الطرف الآخر غدر وبحسب أخرى جاء ليواجه ومن معها جدال مع قادة الجيش أمر بأن يتقدم أحد الفتية نحو حاملاً ويدعوهم إليه فقطعوا يداه فحمل بأسنانه قتلوه فانتفض بجيشه ليهاجم واندلعت المعركة وقع فيها طلحة قتلى يجري قتال ناولت سور الأزدي يُمسك بلجام ناقتها مصحفًا وأمرته يدعوا للكف قائلةً: «خل يا البعير وتقدم بكتاب فادعهم إليه» فرمي بعضهم بسهم قتله وأصيبت يدها طائش اخترق هودجها استحرّ حول يحمل هودج عُقر وانتهت بانتصار أصحاب بتنحية وأرسل أخاها لتفقُّد حالها اطمئن جهّزها بالزاد وأعادها برفقة وابنيه الحسن والحسين وأربعين امرأة نساء المعروفات وفاتها بعد موقعة عادت فلزمت بيتها حضرتها ليلة الثلاثاء 17 رمضان 57 هـ وقيل 58 59 وصلى عليها هريرة صلاة الوتر ونزل قبرها وعروة ابنا الزبير أختها أسماء والقاسم وعبد ابني ودفنت البقيع مكانة عائشة عند والجماعة تعُجّ كتب والجماعة بالأحاديث وفضائل مكانة فهي وأحب الترمذي سننه حديثًا سُأل أحب إليك؟ «عائشة» سُأل: «من الرجال؟» قال: «أبوها» ويرى زمن كانوا يعرفون محبتها فكانوا يتحرون بهداياهم مما أثار غيرة أمهات وسألن سلمة تطلب يأمر يهدوا حيثما أُمَّ سَلَمَةَ تُؤْذِينِي عَائِشَةَ فَإِنَّهُ وَاللَّهِ نَزَلَ الْوَحْيُ وَأَنَا لِحَافِ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ غَيْرِهَا» المبرأة حادثة الإفك بآيات أُنزلن فوق سبع سماوات فضلها نزل الوحي وهو لحافها دون وأن حين اختار يُمضي أيامه الأخيرة نسائه التراجم والأعلام مجاناً PDF اونلاين علم هو العلم يتناول سير حياة الأعلام عبر العصور المختلفة دقيق يبحث أحوال الشخصيات والأفراد الذين تركوا آثارا المجتمع ويتناول كافة طبقات الأنبياء والخلفاء والملوك والأمراء والقادة والعلماء شتى المجالات والفقهاء والأدباء والشعراء والفلاسفة وغيرهم ويهتم بذكر حياتهم الشخصية ومواقفهم وأثرهم الحياة وتأثيرهم ويعتبر عموما فرعا فروع التاريخ اهتم المسلمون بعلم اهتماما كبيرا بدأت العناية بهذا عندهم الرسول بزمن يسير حيث حرص العلماء حماية وصيانة المصدر مصادر التشريع الإسلام النبوي حرصوا صيانته الكذب والتزوير والغش والتلفيق والدس فنشأ كقاعدة تلقّي الأخبار وبالأخص فيما يتعلق بالحديث أولا الآثار المروية الصحابة والتابعين وباقي خصوصا والناس روى مسلم صحيحه مجاهد «جاء العدوي ابن عباس يحدث ويقول: رسول يأذن لحديثه مالي أراك تسمع لحديثي؟ أحدثك تسمع؟ عباس: إنا كنا إذا سمعنا رجلا يقول ابتدرته أبصارنا وأصغينا بآذاننا ركب الصعب والذلول نأخذ إلا نعرف » واستمر العمل هذه القاعدة ضرورة معرفة الرجال ناقلي بسبب حال نقلة ينبني المعرفة قبول والتعبد بما لله تعالى رد والحذر اعتبارها ديناً وروى سيرين «لم يكونوا يسألون الإسناد وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم فينظر فيؤخذ حديثهم وينظر البدع فلا يؤخذ حديثهم» وجاءت عبارات الأئمة بيان أهمية الرواة صريحة وواضحة الأهمية بمكان البحث نواح تفصيلية الراوي ونواح استنتاجية (تُستنتج حديثه وطريقته التحديث) مباحث العلم: تاريخ ميلاد وتاريخ طلبه للعلم وممن سمع سِنِيِّ هم الشيوخ عنهم (من منهم حدث عنه سماعاً دلس شيئاً عنه) وما مدة ملازمته لكلّ شيخ شيوخه وكيف ذاك وكم الأحاديث والآثار ذلك؛ وهل كثير الضعفاء والمجاهيل؟ ورحلاته العلمية حدّث به؛ ومتى يحدِّث؟ حفظه كتابه؛ سماعٌ عرض؛ المستملون والوراقون استخدمهم؟) إقبال عدد الحاضرين عنده؟ الأوهام والسَّقطات أُخذت عليه؟ أخلاق وعبادته ومهنته؛ يأخذ أجراً التحديث؟ عسِراً التحديث سمحاً بعلمه متساهلاً ؟ وتفرّع وانبثق كثيرة متعلّقة الباب منها تفرّدته الإسلامية باقي الأمم وعلم مصطلح ناحية العدالة والتوثيق والضبط العلل الجرح والتعديل وغيرها أقسام التراجم هنالك تقسيمات متنوعة لعلم والكتب العديدة المؤلفة فمنها: التراجم الطبقات التراجم الحروف الوفيات القرون البلدان وقسّمهم البعض أبواب مختلفة منها: التراجم المتعلقة معيّن المتعلّقة بمذهب بفنّ بشخص الترجمة الذاتية وقد أسهب التأليف الأبواب يكاد يخلوا باب وصنّفت عشرات الكتب وهذا ركن خاص بكتب مجانيه للتحميل وتراجم ومذكرات فيشمل الكثير المجال

إنضم الآن وتصفح بدون إعلانات
سيرة السيدة عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها
كتاب

سيرة السيدة عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها

ــ سيد سليمان الندوي

صدر 2003م عن دار القلم للنشر والتوزيع
سيرة السيدة عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها
كتاب

سيرة السيدة عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها

ــ سيد سليمان الندوي

صدر 2003م عن دار القلم للنشر والتوزيع
عن كتاب سيرة السيدة عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها:
عائشة رضي الله عنها :

عائشة هي عائشة بنت أبي بكر الصديق بن أبي قحافة بن عثمان بن عامر بن عمر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن فهر بن مالك بن كنانة،وهي أم المؤمنين، وزوجة نبي الأمة محمد صلّى الله عليه وسلّم، ولدت في السنة التاسعة قبل الهجرة النبوية، ووالدتها هي أم رومان بنت عامر بن عويمر الكنانية رضي الله عنها، وعرفت عائشة رضي الله عنها بعدة ألقاب، ومنها: الصِّديقة، وأم المؤمنين، والحميراء؛ وذلك لغلبة الأبيض على لونها.

نشأة عائشة رضي الله عنها :

نشأت عائشة رضي الله عنها في بيت إيمانيّ، ومليء بأجواء الحكمة، والعلم، والكرم، والشرف، والنبل، والإيمان، وترعرعت في أحضان والديها الكريمين وبين أخوتها، وكانت التربية قائمة على الأدب، وحسن الخُلُق، إذ تعلّمت من أبيها أشعار العرب، وتعرّفت على أيامهم وأنسابهم، وتُعدُّ عائشة رضي الله عنها من أعظم من تربّى في مدرسة النبوة، فمنذ طفولتها سمعت آيات القرآن الكريم، والحكمة، وعندما وصلت العقد الثاني من عمرها كانت مستوعبة لكافة ثقافات مجتمعها، وتمكنت من التفوق على الآخرين في مختلف مجالات علوم عصرها، فرضي الله عنها وأرضاها.


وفاة النبي محمد
لما مرض النبي محمد مرضه الأخير، كانت رغبته أن يُمرّض في بيت عائشة، فأذنت له زوجاته. وفي فترة مرضه تلك، جاءه بلال يؤذنه بالصلاة، فقال النبي محمد: «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ»، فقالت عائشة: «يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ أَسِيفٌ(2) وَمَتَى مَا يَقُومُ مَقَامَكَ يَبْكِي فَلا يَسْتَطِيعُ فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ»، فقال: «مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ، فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِبَاتُ يُوسُفَ». وقالت عائشة بعد ذلك: «فَوَاللَّهِ مَا حَمَلَنِي حِينَئِذٍ أَنْ أُكَلِّمَهُ فِي ذَلِكَ إِلا كَرَاهِيَةَ أَنْ يَشْأَمَ النَّاسُ بِأَوَّلِ رَجُلٍ يَقُومُ مَقَامَ رَسُولِ اللَّهِ أَبَدًا». وفي يوم الوفاة، دخل عبد الرحمن بن أبي بكر وبيده السواك، وعائشة مسندة النبي محمد إلى صدرها، فرأته ينظر إلى عبد الرحمن فعرفت أنه يحب السواك، فقالت: «آخذه لك»، فأشار برأسه أن نعم، فناولته فاشتد عليه، فقالت: «ألينه لك؟» فأشار برأسه أن نعم، فلينته. ثم حضرت النبي محمد الوفاة، فتذكر عائشة ذلك قائلة: «فَمَاتَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي كَانَ يَدُورُ عَلَيَّ فِيهِ فِي بَيْتِي فَقَبَضَهُ اللَّهُ وَإِنَّ رَأْسَهُ لَبَيْنَ نَحْرِي وَسَحْرِي وَخَالَطَ رِيقُهُ رِيقِي».

ودفن النبي محمد في حجرة عائشة في المكان الذي توفي فيه. ويروي سعيد بن المسيب عن عائشة أنها رأت في منامها كأن ثلاثة أقمار سقطت في حجرتي، فسألت أباها، فقال: «يَا عَائِشَةُ، إِنْ تَصْدُقْ رُؤْيَاكِ يُدْفَنُ فِي بَيْتِكِ خَيْرُ أَهْلِ الأَرْضِ ثَلاثَةٌ»، فلما توفي النبي محمد ودفن، قال لها أبو بكر: « يَا عَائِشَةُ، هَذَا خَيْرُ أَقْمَارِكِ، وَهُوَ أَحَدُهَا». ثم دُفن بعد ذلك في حجرتها أبو بكر وعمر بن الخطاب، فكان ذلك تمام الثلاثة أقمار.

بعد وفاة النبي محمد
بعد وفاة النبي محمد واختيار أبي بكر خليفة للمسلمين، لزمت عائشة حجرتها، ولما أراد أزواج النبي أن يرسلن عثمان إلى أبي بكر يسألنه ميراثهن من النبي محمد، استنكرت عائشة وقالت لهن: «أَلَيْسَ قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا فَهُوَ صَدَقَةٌ». ولم تطل خلافة أبي بكر، فحضرته الوفاة بعد سنتين وثلاثة أشهر وعشر ليال من خلافته. وقد أشرفت عائشة على مرض أبيها، فكانت تعزي نفسها ببيت شعر قائلة:

لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى إذا حشرجت يوماً وضاق بها الصدر

فنهاها أبو بكر عن ذلك وأمرها بتلاوة القرآن، وقال لها: « لا تَقُولِي هَكَذَا يَا بُنَيَّةُ، وَلَكِنْ قُولِي Ra bracket.png وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ Aya-19.png La bracket.png»، فعادت وأنشدت:

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ربيع اليتامى عصمة الأرامل
فقال أبو بكر: «ذَاكَ رَسُوْلُ الله صلى الله عليه وسلم». وقد أوصى أبو بكر عائشة أن يدفن بجوار النبي محمد، فلما توفي حفر له في حجرة عائشة، وجُعل رأسه عند كتفي النبي محمد.

بعد وفاة أبي بكر، كرّست عائشة حياتها لنشر الدين الإسلامي، فكانت تروي الحديث وتفتي في أمور الدين، وكان عمر ثم عثمان يرسلان إليها فيسألانها. ولما طُعن عمر، أرسل ابنه عبد الله ليستأذن عائشة في أن يدفن إلى جوار النبي محمد وأبي بكر. فقالت عائشة: «قَدْ كُنْتُ أُرِيدُهُ لِنَفْسِي وَلأُوثِرَنَّهُ الْيَوْمَ عَلَى نَفْسِي». فعاد عبد الله بالخبر إلى أبيه، فقال: «الْحَمْدُ لِلَّهِ، مَا كَانَ شَيْءٌ أَهَمَّ إِلَيَّ مِنْ ذَلِكَ، فَإِذَا أَنَا قُبِضْتُ فَاحْمِلُونِي، ثُمَّ سَلِّمْ، وَقُلْ: يَسْتَأْذِنُ عُمَرُ فَإِنْ أَذِنَتْ لِي فَأَدْخِلُونِي وَإِنْ رَدَّتْنِي فَرُدُّونِي إِلَى مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ». وبعد وفاته، عاد عبد الله فاستأذن عائشة، فأذنت له، فكان عمر ثالث ثلاثة دفنوا في حجرتها.


رسم تُركي عُثماني لموقعة الجمل، وقد غُطي وجه كلًا من عائشة وعليّ باللون الأبيض.
وفي عهد عثمان، حجّ عثمان بأمهات المؤمنين وفيهم عائشة، فأكرم منزلتهن فجعل عبد الرحمن بن عوف على مقدمة قاطرتهن، وسعيد بن زيد على مؤخرة القاطرة. وظلت عائشة على علاقة طيبة بعثمان حتى مقتله، فكانت من أوائل من طالب بدمه والقصاص من قتلته والثائرين عليه. كانت عائشة في مكة وقت مقتله، وبلغها الخبر في طريق عودتها للمدينة، فقفلت راجعة إلى مكة، واجتمع الناس إليها فقالت: «يا أيها الناس إن الغوغاء من أهل الأمصار وأهل المياه وعبيد أهل المدينة اجتمعوا أن عاب الغوغاء على هذا المقتول بالأمس الإرب واستعمال من حدثت سنه. وقد استعمل أسنانهم قبله، ومواضع من مواضع الحمى حماها لهم وهي أمور قد سبق بها لا يصلح غيرها، فتابعهم ونزع لهم عنها استصلاحا لهم.

فلما لم يجدوا حجة ولا عذرًا خلجوا وبادوا بالعدوان ونبا فعلهم عن قولهم فسفكوا الدم الحرام، واستحلوا البلد الحرام وأخذوا المال الحرام، واستحلوا الشهر الحرام. والله لإصبع عثمان خير من طباق الأرض أمثالهم فنجاة من اجتماعكم عليهم حتى ينكل بهم غيرهم ويشرد من بعدهم. ووالله لو أن الذي اعتدوا به عليه كان ذنبًا لخلص منه كما يخلص الذهب من خبثه أو الثوب من درنه إذ ماصوه كما يماص الثوب بالماء». كانت عائشة ترى بمظلومية عثمان في دعوى الثائرين عليه، خاصة وهي التي روت حديث وصية النبي محمد لعثمان لكي لا يتنازل عن الخلافة إن وليها مهما طلبوا منه ذلك، فقد روى النعمان بن بشير عن عائشة أنها قالت: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يَا عُثْمَانُ إِنْ وَلَّاكَ اللَّهُ هَذَا الْأَمْرَ يَوْمًا، فَأَرَادَكَ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تَخْلَعَ قَمِيصَكَ الَّذِي قَمَّصَكَ اللَّهُ، فَلَا تَخْلَعْهُ، يَقُولُ: ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ»، قال النعمان فقلت لعائشة: «مَا مَنَعَكِ أَنْ تُعْلِمِي النَّاسَ بِهَذَا؟»، قالت: «أُنْسِيتُهُ وَاللَّهِ». بل وغضبت عائشة من أخيها محمد لما كان له من دور في حصار عثمان.

بعد مبايعة علي بن أبي طالب بالخلافة، قصدت عائشة وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام على رأس جيش جرار البصرة، وطالبوا عليًا بمعاقبة قتلة عثمان، فأعد علي جيشًا من رجال الكوفة، وإتجه لملاقاتهم وحسب رواية أرسل لهم بضع رجاله يدعوهم للتريّث حتى تهدأ الأمور، فيتسنّى له القبض على قتلة عثمان، وتنفيذ القصاص فيهم، فالأمر يحتاج إلى الصبر. فاقتنعوا بفكرة علي التي جاءهم بها القعقاع بن عمرو التميمي، وباتوا ليلتهم على ذلك.

غير أن هناك من دبّر للفتنة بين الفريقين في الليل، فدسوا في كلا المعسكرين من يقتل بعض الجنود ليتأجج القتال بين الفريقين بعد أن يظن كلا الطرفين أن الطرف الآخر غدر به. وبحسب رواية أخرى، جاء جيش علي ليواجه جيش عائشة ومن معها وبعد جدال مع قادة الجيش أمر علي بأن يتقدم أحد الفتية نحو جيش عائشة حاملاً القرآن ويدعوهم إليه، فقطعوا يداه فحمل القرآن بأسنانه حتى قتلوه، فانتفض علي بجيشه ليهاجم جيش عائشة. واندلعت المعركة التي وقع فيها طلحة والزبير قتلى.

ولما رأت عائشة ما يجري من قتال، ناولت كعب بن سور الأزدي الذي كان يُمسك بلجام ناقتها مصحفًا، وأمرته أن يدعوا الناس للكف عن القتال قائلةً: «خل يا كعب عن البعير، وتقدم بكتاب الله فادعهم إليه». فرمي بعضهم كعب بسهم قتله، وأصيبت عائشة نفسها في يدها بسهم طائش اخترق هودجها. ثم استحرّ القتال حول الجمل الذي يحمل هودج عائشة، حتى عُقر الجمل، وانتهت المعركة بانتصار أصحاب علي. ثم أمر علي بتنحية هودج عائشة، وأرسل أخاها محمد بن أبي بكر لتفقُّد حالها، فلما اطمئن على حالها، جهّزها بالزاد، وأعادها إلى المدينة برفقة أخيها محمد وابنيه الحسن والحسين وأربعين امرأة من نساء البصرة المعروفات.

وفاتها
بعد موقعة الجمل، عادت عائشة فلزمت بيتها حتى حضرتها الوفاة في ليلة الثلاثاء 17 رمضان 57 هـ وقيل 58 هـ وقيل 59 هـ، وصلى عليها أبو هريرة بعد صلاة الوتر، ونزل في قبرها عبد الله وعروة ابنا الزبير بن العوام من أختها أسماء بنت أبي بكر والقاسم وعبد الله ابني محمد بن أبي بكر، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر، ودفنت في البقيع.

مكانة عائشة
عند أهل السنة والجماعة
تعُجّ كتب أهل السنة والجماعة بالأحاديث وفضائل مكانة عائشة، فهي عند أهل السنة أم المؤمنين وأحب نساء النبي محمد إليه، فقد روى الترمذي في سننه حديثًا سُأل فيه النبي محمد عن أحب الناس إليك؟ فقال: «عائشة»، ثم سُأل: «من الرجال؟» قال: «أبوها». ويرى أهل السنة أن الناس في زمن النبي محمد كانوا يعرفون محبتها عند النبي محمد، فكانوا يتحرون بهداياهم يوم عائشة، مما أثار ذلك غيرة أمهات المؤمنين، وسألن أم سلمة أن تطلب من النبي أن يأمر الناس أن يهدوا إليه حيثما كان، فقال لها: «يَا أُمَّ سَلَمَةَ لَا تُؤْذِينِي فِي عَائِشَةَ فَإِنَّهُ وَاللَّهِ مَا نَزَلَ عَلَيَّ الْوَحْيُ وَأَنَا فِي لِحَافِ امْرَأَةٍ مِنْكُنَّ غَيْرِهَا». وهي عند أهل السنة المبرأة في حادثة الإفك بآيات من القرآن، أُنزلن من فوق سبع سماوات.

أنه من فضلها أنه نزل على النبي محمد الوحي وهو في لحافها دون غيرها. وأن النبي محمد حين مرض مرضه الأخير اختار أن يُمضي أيامه الأخيرة في حجرتها دون غيرها من نسائه.

الترتيب:

#16K

0 مشاهدة هذا اليوم

#5K

97 مشاهدة هذا الشهر

#820

127K إجمالي المشاهدات
عدد الصفحات: 374.
المتجر أماكن الشراء
سيد سليمان الندوي ✍️ المؤلف
مناقشات ومراجعات
دار القلم للنشر والتوزيع 🏛 الناشر
QR Code
أماكن الشراء: عفواً ، لا يوجد روابط مُسجّلة حاليا لشراء الكتاب من المتاجر الإلكترونية
نتيجة البحث