█ قراءة نقدية لرواية أسموديوس كتبها محمد كامل كتاب مجاناً PDF اونلاين 2024 مدن غارقة الظلام لا نرى منها سوى الأرصفة وجدائل الحكايات التي تروى عنها فنجلس أبواب الصفحات الفارغة ننتظر أن يأتي إلينا صاحب الحكاية فننصت له ونحنُ متأهبين متى يسدل الأخير ونعلم نهاية قصة الشيطان
❞ صرخت هاله مستغيثة، فالظلام حالك والرؤية تكاد تكون معدومة، ظلت تهرول ممسكة ببطنها المنفوخ والدماء تسيل من بين قدميها بغزارة وكلما حاولت الوصول لنقطة ضوء وجدت نفسها تسير في متاهة ليس لها نهاية، ازداد عليها ألم الولادة، راحت تتأوه بشدة. انحنت بجسدها، لتلقي بثُقلها على الأرض، حملها الألم على الصراخ بقوة
جاءها صوت غريبا، رفعت رأسها تبحث عن مصدره، الطريق فارغ، عادت تتلوى ممددة جسدها أرضا، شعرت بوخزة أسفل بطنها، أخذت تغرس أظافرها في الأرض دقائق معدودة حتى استمعت لصرخات طفل صغير.. استلقت على ظهرها مستسلمة، تهادت حركتها محاولة التقاط أنفاسها، نظرت جانبها كي تحمل الطفل لكنها تفاجأت إنه غير موجود، تحاملت على جسدها، لتقف فازعة، أخذت تبحث عنه، لكن عينيها لا تراه وفجأة رأت نورا يشع أمامها وعبر منه جسدا ضخما، يحمل الطفل بين يده ، يزأر بصوت عال، اقترب منها، أمسك بذراعيه وما أن فعل حتى أشتعل جسدها بين يديه واختفت على أثر الصرخات التي دوت في المكان . ❝
❞ أفاقت (هالة) في صباح اليوم التالي وهي محملة بمشاعر متخبطة، لا تعلم ماذا حدث لها ليلة أمس، الغريب في الأمر أنّها وجدت نفسها نائمةً فوق فراشها، وقد تبدلت ملابسها التي أخرجتها من خزانتها، وقفت فزعةً لا تعلم ماذا يحدث معها، أسرعت نحو غرفة والدتها لتجدها مازالت نائمة، نظرت لأضواء الشقة وجدتها مُطفأة وهي قد أشعلتها ليلة أمس حتى الصورة هرولت نحوها، رأتها معلقة على الحائط دون أي خدش.
بدأت تتنفس جاهدة أنْ تقنع نفسها أنّ ما رأته ليس سوى كابوسٍ جديدٍ، ولكنها بدأت تشعر بالوهن لما يحدث فالأمر لم يبدأ إلا بعد أن قررت الارتباط براجي، فهل تلك مصادفة أم هناك طرفٌ خفيٌ لم يظهر بعد وهو من يحاول اخافتها . ❝
❞ وقفت (هالة) قبالة النافذة تمسح دموعها التي تهطل على وجنتيها بغزارة، أخذت نفساً عميقاً وهي تحاول أن تستحضر صورة شقيقها مصطفى فهو الوحيد القادر على إزالة همومها، يعتصر قلبها حزناً على رحيله الذي كانت سبباً فيه، فبعد ما فعله والدها راحت تدفع الثمّن غالياً وإلى الآن ما زالت تفعل. تلك اللحظة راقدة في مخيلتها تأبى أن تتركها وترحل، وكلما حاولت التشبث بذكرياته، أغرقت روحها في بحرٍ من التيه والألم. أغمضت عينيها، ثمّ أخذت نفساً عميقاً وعادت إلى الداخل، جذبت المقعد ووضعته بجانب فراش والدتها، ثمّ جلست واضعةً قدماً فوق الأخرى، وبنظرات مملوءة بالغضب أخذت تردد:
ـ ليتك تستطيعين التحدث ولو لمرة واحدة وتخبرينني كيف أمحو هذا الخطأ الذي ارتكبه أبي، أخبريني كيف أتراجع عما أنوي فعله يا أمي. وضعت يدها على وجهها وهي تجهش بالبكاء وتردد: ˝كم أكرهكِ عما فعلتِه بي˝، أتمنى لو يمكنني أن أفعل بكِ ما سأفعله براجي ولكنك في نهاية الأمر أمي.
طرقات متتالية على الباب وصوت صديقاتها يستدعينها لكي ينهين اللمسات الأخيرة لها كعروس، وقفت وجففت دموعها، ثمّ راحت تستقبلهن بوجه بشوش وتركت خلفها زوبعة من الصراعات التي تجتاح والدتها والتي كانت في تلك اللحظة ترى كياناً مظلماً يطارد ابنتها، ولكن لا يراه أحد سواها فهي تعلم أنها لن تنجو بفعلتها . ❝