█ أن القلب الذاكر كالحي بيوت الأحياء والغافل الميت الأموات ولا ريب أبدان الغافلين قبور لقلوبهم وقلوبهم فيها كالأموات القبور ابن القيم كتاب زاد المعاد هدي خير العباد (كامل) مجاناً PDF اونلاين 2024 من تأليف قيم الجوزية خمسة مجلدات يتناول الفقه وأصوله والسيرة والتاريخ وذكر فيه سيرة الرسول غزواته وحياته وبيّن هديه معيشته وعباداته ومعاملته لأصحابه وأعدائه وقد ألف هذا الكتب أثناء السفر ولم تكن معه أية مصادر ينقل منها ما يحتاج إليه أحاديث وأقوال وآراء تتعلق بمواضيع الكتاب ومع ذلك فقد ضمن كتابه نبوية الصحاح والسنن والمعاجم والسير وأثبت كل حديث الموضوع الذي يخصه مع العلم كان يحفظ مسند الإمام أحمد بن حنبل يضم أكثر ثلاثين
❞ هديه ﷺ في الذِكر .
كان النبي ﷺ أكمل الخلق ذِكْراً لله عز وجل ، بل كان كلامه كُلُّهُ في ذِكر الله وما والاه ، وكان أمره ونهيه وتشريعه للأمة ذكراً منه لِلَّهِ ، وإخباره عن أسماء الرب وصِفَاتِهِ ، وأحكامه وأفعاله ، ووعده ووعيده ، ذكراً منه له ، وثناؤه عليه بآلائه ، وتمجيده وحمده ، وتسبيحه ذكراً منه له ، وسؤاله ودعاؤه إياه ، ورغبته ورهبته ذكراً منه له ، وسكوته وصمته ذكراً منه له بقلبه ، فكان ذاكراً الله في كل أحيانه ، وعلى جميع أحواله ، وكان ذِكْرُهُ لِلَّهِ يجري مع أنفاسه ، قائماً وقاعداً وعلى جنبه ، وفي مشيه وركوبه ومسيره ، ونزوله وظعنه وإقامته . ❝
❞ وكان ﷺ إذا فرغ من القراءة ، سكت بقدر ما يتراد إليه نفسه ، ثم رفع يديه كما تقدم ، وكبر راكعاً ، ووضع كفيه على ركبتيه كالقابض عليهما ، ووتر يديه ، فنحاهما عن جنبيه ، وبسط ظهره ومده ، واعتدل ، ولم ينصب رأسه ، ولم يخفضه ، بل يجعله حيال ظهره معادلاً له ، وكان يقول (سبحان ربي العظيم) وتارة يقول مع ذلك ، أو مقتصراً عليه (سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، اللهم اغفر لي) ، وكان ركوعه المعتاد مقدار عشر تسبيحات ، وسجوده كذلك ، ثم كان يرفع رأسه بعد ذلك قائلاً (سمع الله لمن حمده) ويرفع يديه كما تقدم ، وروى رفع اليدين عنه في هذه المواطن الثلاثة نحو من ثلاثين نفساً ، واتفق على روايتها العشرة ، ولم يثبت عنه خلاف ذلك البتة ، بل كان ذلك هديه دائماً إلى أن فارق الدنيا ، وكان دائماً يقيم صلبه إذا رفع من الركوع ، وبين السجدتين ، ويقول (لا تجزىء صلاة لا يقيم فيها الرجل صلبة في الركوع والسجود) ، وكان إذا استوى قائماً ، قال (ربنا ولك الحمد) وربما قال (ربنا لك الحمد) وربما قال (اللهم ربنا لك الحمد) صح ذلك عنه ، وأما الجمع بين (اللهم) و الواو ، فلم يصح ، وكان من هديه ﷺ إطالة هذا الركن بقدر الركوع والسجود ، فصح عنه أنه كان يقول (سمع الله لمن حمده ، اللهم ربنا لك الحمد ، ملء السماوات ، وملء الأرض ، وملء ما شئت من شيء بعد ، أهل الثناء والمجد ، أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد ، لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد) وصح عنه أنه كان يقول فيه (اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد ، ونقني من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، وباعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب) وصح عنه أنه كرر فيه قوله (لربي الحمد ، لربي الحمد) حتى كان بقدر الركوع ، وصح عنه إنه كان إذا رفع رأسه من الركوع يمكث حتى يقول القائل : قد نسي ، من إطالته لهذا الركن ، وذكر مسلم عن أنس : كان رسول الله ﷺ إذا قال (سمع الله لمن حمده ) قام حتى نقول : قد أُوهَمِّ ، ثم يسجد ثم يقعد بين السجدتين ، حتى نقول قد أُوهم ، وصح عنه في صلاة الكسوف أنه أطال هذا الركن بعد الركوع حتى كان قريبا من ركوعه ، وكان ركوعه قريبا من قيامه ، فهذا هديه المعلوم الذي لا معارض له بوجه . ❝
❞ كان كعب بن الأشرف رجلا من اليهود ، وأمه من بني النظير ، وكان شديد الأذى لرسول الله ، وكان يُشَبِّبُ في أشعاره بنساء الصحابة ، فلما كانت وقعة بدر ، ذهب إلى مكة ، وجعل يُؤَلِّبُ على رسول الله ﷺ وعلى المؤمنين ، ثم رجع إلى المدينة على تلك الحال ، فقال رسولُ اللهِ ﷺ ( مَنْ لِكَعْبِ بْنِ الأَشْرَفِ ، فَإِنَّهُ قَدْ آذَى الله ورَسُولَهُ ) ، فانتدب له محمدُ بنُ مَسْلَمَة ، وعَبَّادُ بْنُ بِشْر ، وأبو نَائِلة ، واسمه سِلْطَانُ بْنُ سلامة ، وهو أخو كعب من الرضاع ، والحارث بن أوس ، وأبُو عَبْسِ بنُ جَبر ، وأذن لهم رسول الله ﷺ أن يقولوا ما شاؤوا مِنْ كلام يخدعونه به ، فذهبوا إليه في ليلة مُقْمِرَةٍ ، وشيعهم رسول الله ﷺ إلى بقيع الغَرْقَدِ ، فلما انتهوا إليه ، قَدَّموا سِلْكَانَ بْنَ سَلَامة إليه ، فأظهر له موافقته على الانحراف عن رسول الله ﷺ ، وشَكا إليه ضِيقَ حاله ، فكلَّمَهُ في أن يبيعه وأصحابه طعاماً ، ويَرْهَنُونَه سِلَاحَهم ، فأجابهم إلى ذلك ، وَرَجَع سِلْكَان إلى أصحابه ، فأخبرهم ، فأتوه ، فخرج إليهم كعب من حصنه ، فَتَماشَوْا ، فَوضَعُوا عليه سُيُوفَهم ، ووضع محمد بن مَسْلَمَة مِغْولاً كان معه في ثنته ، فقتله ، وصاح عدو الله صيحة شديدة أفزعت من حوله ، وأوقدوا النيران وجاء الوفد حتى قَدِمُوا على رسول الله ﷺ من آخر الليل ، وهو قائم يصلي ، وجُرحَ الحارث بن أوس ببعض سيوف أصحابه ، فتفل عليه رسول الله ﷺ فبرىء ، فَأَذِنَ رسول الله ﷺ في قتل من وجد من اليهود لنقضهم عهده ومحاربتهم الله ورسوله . ❝